logo
من الحوثيين إلى الصين: كيف أنهت الصواريخ الفرط صوتية أسطورة الأسطول الأمريكي؟ #عاجل

من الحوثيين إلى الصين: كيف أنهت الصواريخ الفرط صوتية أسطورة الأسطول الأمريكي؟ #عاجل

جو 24١٠-٠٥-٢٠٢٥

جو 24 :
كتب أحمد عبدالباسط الرجوب
أود أن أوضح للقارئ الكريم أني لست عسكرياً محترفاً، ولا محللاً عسكرياً متخصصاً في رسم سيناريوهات المعارك. لكنني أتابع وأحلل مسار الأحداث من منظور استراتيجي يعتمد على أدوات علمية دقيقة. في هذا الصدد، أسعفني تكويني الأكاديمي خلال دراستي العليا – الماجستير – حيث كان متطلبا دراسة كورس في الرياضيات العالية وتحديدا نظريات الحروب (Linear Programming – Game Theory) وقد تتلمذت في هذا المجال على يد بروفيسور لواء بالفنية العسكرية المصرية في عام 1990. "جزاه الله خيرا " ... هذه الخبرة علمتني كيف نراقب ونحلل الصراعات عبر تطبيقات رياضية صارمة، بعيداً عن الاجتهادات الشخصية، معتمدين على تحليل الفرضيات والمصفوفات (Matrices) ووضع النتائج أمام متخذ القرار بشكل موضوعي.
(1)
التحول التاريخي في موازين القوة البحرية
المتابع للصراعات خلال المئة عام المنصرمة يلاحظ أن التنافس على التسابق في التسلح لصناعة الآلية التي تفتك بالبشر بلغ ذروته - من صناعة المدافع والصواريخ وحاملات الطائرات إلى القنابل النووية - خاصة بعد الحرب العالمية الثانية واندحار الجيش الألماني. فالحرب الباردة بين القوتين العظميين (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية) جعلت من صناعة الأسلحة هاجساً بينهما وبين الدول المتحالفة معهما (معسكر وارسو وحلف الناتو).
إلا أنه مع تقدم تكنولوجيا الأسلحة الهجومية بعيدة المدى، صارت "مدن الحرب العائمة" التي يتكلف تصنيعها مليارات الدولارات مهددة من قبل الصواريخ الفرط صوتية والصواريخ المضادة للسفن والمسيّرات رخيصة الثمن، وهي أسلحة أصبحت الآن في متناول يد أعداء واشنطن.
هذا الأمر دفع وزير الدفاع الأميركي " بيت هيغسيث " إلى التساؤل عن قيمة حاملات الطائرات، حيث صرح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بأن "15 صاروخاً فرط صوتياً بإمكانها إغراق 10 حاملات طائرات أميركية في غضون 20 دقيقة". هذه التصريحات تعكس التهديدات الحقيقية التي تحيق بحاملات الطائرات العملاقة التي تعد رمزاً للفخر الوطني الأميركي، حيث أن فقدان واحدة منها قد يشكل ضربة قاصمة للفخر والمعنويات العسكرية الأمريكية.
(2)
التحول الجذري في استراتيجيات القوة البحرية
لعقود طويلة، سيطرت حاملات الطائرات على المشهد الاستراتيجي البحري، حيث مثلت حجر الزاوية في القوة العسكرية الأمريكية وقدرتها على إبراز نفوذها عالمياً. لكن مع التطور التكنولوجي المتسارع، خاصة في مجال الصواريخ فرط الصوتية والمسيرات القتالية، بدأ هذا النموذج التقليدي يفقد بريقه. فهل نحن إزاء نهاية عصر حاملات الطائرات العملاقة كأداة رئيسية للهيمنة البحرية؟
(3)
الاستراتيجيات البديلة: الدروس السوفيتية والصينية
اتخذ الاتحاد السوفيتي - ووريثته روسيا الاتحادية - مساراً مختلفاً جذرياً عن النموذج الأمريكي. فبدلاً من الاستثمار الضخم في حاملات الطائرات، ركز السوفييت على تطوير ترسانة متقدمة من الصواريخ فرط الصوتية المضادة للسفن. هذا الخيار الاستراتيجي نبع من قناعة راسخة بأن حاملات الطائرات ستكون أهدافاً سهلة في أي صراع شامل مع القوات الأمريكية.
الصين، من جانبها، تبنت استراتيجية مماثلة لكن بأسلوب أكثر تطوراً عبر ما يعرف بـ"استراتيجية منع الوصول/حرمان المنطقة. " (Anti-Access – Area Denial) " ، هذه الاستراتيجية تعتمد على شبكة متكاملة من أنظمة الصواريخ المتطورة المصممة خصيصاً لحرمان الأساطيل الأمريكية من الاقتراب من السواحل الصينية.
(4)
اختبار الواقع: دروس البحر الأحمر وبحر العرب
أثبتت التطورات العسكرية الأخيرة في البحر الأحمر وبحر العرب أن حتى الفاعلين من غير الدول العظمى، مثل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أصبحوا قادرين على تهديد السفن الحربية الأمريكية باستخدام مزيج من الصواريخ الباليستية والمسيرات الهجومية. هذه التجربة العملية كشفت هشاشة غير متوقعة في مواجهة أسلحة أقل تكلفة بكثير، مما يطرح تساؤلات جوهرية حول الجدوى الاقتصادية والعسكرية للاستثمار الضخم في حاملات الطائرات.
(5)
القوة المستمرة: لماذا لا تزال الحاملات ذات قيمة؟
رغم هذه التهديدات المتزايدة، تحتفظ حاملات الطائرات بعدة مزايا استراتيجية مهمة:
1. السيطرة على مساحات بحرية شاسعة: تبقى الحاملات الوسيلة الأكثر فعالية للسيطرة على مساحات مائية واسعة
2. القواعد الجوية المتنقلة: توفر قدرة فريدة على إسقاط القوة الجوية في أي نقطة من العالم
3. الأثر النفسي والسياسي: تظل رمزاً للقوة والقدرة العسكرية
النظريات الرياضية والحرب: إطار تحليلي
في تحليلنا لهذا التحول الاستراتيجي، نعتمد على أداتين رئيسيتين من الرياضيات التطبيقية:
1. نظرية الألعاب (Game Theory): لتحليل التفاعلات الاستراتيجية بين القوى المتصارعة
2. البرمجة الخطية (Linear Programming): لتحسين توزيع الموارد العسكرية
هذه الأدوات تساعدنا في فهم أن التفوق العسكري لم يعد يعتمد فقط على حجم الأساطيل، بل على القدرة على تعطيل قدرات الخصم بأقل تكلفة ممكنة.
(6)
الخاتمة: نحو مستقبل جديد للقوة البحرية
بينما لا تزال حاملات الطائرات تحتفظ بقيمتها العسكرية، إلا أنها لم تعد تمتلك التفوق المطلق الذي تمتعت به خلال القرن العشرين. المشهد الاستراتيجي يتجه نحو:
الاعتماد المتزايد على الصواريخ بعيدة المدى
الاستثمار في أنظمة الذكاء الاصطناعي
تطوير أنظمة الدفاع المتطورة مثل الليزر القتالي
رؤية مستقبلية : في عالم يتجه نحو الحروب غير المتماثلة، قد تكون الصواريخ فرط الصوتية هي العامل الحاسم الذي يعيد رسم خريطة موازين القوى العالمية. هذا التحول لا يعني نهاية الحاملات، لكنه بالتأكيد يشير إلى بداية عصر جديد تتغير فيه أولويات الاستثمار العسكري والأولويات الاستراتيجية للقوى الكبرى.
السؤال المحوري: هل ستتمكن الولايات المتحدة من التكيف مع هذا التحول الجذري، أم أنها ستظل أسيرة النماذج التقليدية التي قد تكون تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها الاستراتيجية؟
تابعو الأردن 24 على

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د. امجد ابو جري آل خطاب يكتب: الهوية الوطنية والأمن المجتمعي
د. امجد ابو جري آل خطاب يكتب: الهوية الوطنية والأمن المجتمعي

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

د. امجد ابو جري آل خطاب يكتب: الهوية الوطنية والأمن المجتمعي

أخبارنا : أضحى الحديث عن الهوية الوطنية الأردنية حاضراً بكثافة في المشهد العام، ليس فقط في الأوساط السياسية بل أيضاً في جلسات الناس اليومية وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وهذا التكرار في الطرح لا يأتي من فراغ، بل يعكس اضطراباً في العلاقة بين المواطن والحكومة وقلقاً متنامياً من تآكل ما يفترض أن يكون رابطاً جامعاً لكل الأردنيين بغض النظر عن أصولهم أو مناطقهم أو خلفياتهم الاجتماعية. تطرقت في مقال سابق إلى العلاقة بين التعيينات الجائرة والأمن المجتمعي، وبينت كيف أن هذا النمط من السياسات خلق حالة من اللامساواة الفعلية والشعورية ادت إلى تصدع الثقة بين المواطن ومؤسسات الحكومة. ومع تكرار التجربة، بدأ الكثيرون يبحثون عن بدائل للهوية الوطنية، بدائل توفر الأمان أو تسهل الوصول إلى الفرص ولو كانت مبنية على العصبية المناطقية أو العشائرية. هذه الهويات البديلة ليست بالضرورة سلبية بالمطلق، لكنها تتحول إلى أدوات انقسام حين تضعف مؤسسات الحكومة أو تفقد قدرتها على تمثيل الجميع بعدالة. هنا تبرز مسألة في غاية الأهمية: العدالة الشعورية، وهي ليست فقط عدالة الأرقام أو القوانين، بل الإحساس الداخلي بأنك متساوٍ مع غيرك، بأنك موجود ومعترف بك، وبأن لك مكاناً في هذا الوطن يعامل فيه الناس على قدم المساواة. غياب هذا الشعور يجعل الحديث عن الهوية الوطنية مجرد خطاب شكلي لا يمت لواقع المجتمع بصلة. ولا يمكن فصل تراجع الهوية الوطنية عن ضعف الدور التربوي والإعلامي والثقافي ومؤسسات التنشئة في المجتمع. فالنظام التعليمي، حين يغفل عن ترسيخ الهوية الوطنية بمضامين عميقة تعكس تنوع المجتمع الأردني وتاريخه وتحولات الدولة الحديثة، سيخرج أجيال تفتقر إلى الشعور الحقيقي بالانتماء. والإعلام، عندما يكرس الصورة النمطية ويغذي الانتماءات الضيقة أو يتجاهل قضايا الناس الحقيقية، سيسهم بشكل مباشر في تشظي الوعي الجماعي. أما الثقافة السياسية، فحين تختزل الوطنية في الولاء لأشخاص مارسوا السلطة أو النفوذ على حساب المصلحة العامة، أو تدار الحكومة بعقلية التوازنات والمكاسب، فإنها تفرغ مفهوم المواطنة من مضمونه وتحوله إلى مجرد شعار يرفع عند الحاجة فقط. كذلك فإن غياب مشروع وطني جامع يسهم في تعميق الشعور بالفراغ، فالهويات الوطنية لا تبنى فقط على الذكريات، بل أيضاً على الأمل والايمان بالمستقبل، وعندما لا يشعر المواطن أن له دوراً في صناعة الغد، أو أن صوته لا يسمع، فإن الانتماء يصبح هشاً ومعرضاً للانكفاء والتراجع، وهذا ما أكده وأشار إليه جلالة الملك حفظه الله في أوراقه النقاشيه. إن الهوية الوطنية ليست منتجاً إدارياً أو قراراً سياسياً، بل هي نتاج عدالة عميقة، وتمثيل حقيقي، وتجربة معيشة يشعر فيها كل فرد أن له قيمة وكرامة وفرصة. وهي لا تزدهر في بيئة الإقصاء أو الزبائنية، بل تنمو في بيئة تحترم عقل المواطن، وتتعامل معه كشريك لا كمتلقي. عندما يتحقق الأمن المجتمعي من خلال عدالة الفرص، وشفافية القرار، وسيادة القانون، تتجذر قيم المواطنة وتستعاد الهوية الوطنية الأردنية كإطار جامع لا يستثني أحداً، ولا يشعر أحداً بأنه زائد عن الحاجة.

د محمد العزة يكتب : صوت الملك
د محمد العزة يكتب : صوت الملك

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

د محمد العزة يكتب : صوت الملك

أخبارنا : تصدّرت أنباء الزيارة الملكية للمنطقة الصناعية في الموقر الصفحة الرئيسية لموقع الديوان الملكي العامر، وحظيت بتغطية إعلامية شاملة على الصفحات الأولى للصحف اليومية والمواقع الإخبارية الإلكترونية الأردنية، التي استعرضت تفاصيل الزيارة بدقة متناهية، مبيّنة المواقع التي شملتها ومجالات الاختصاص لكل قطاع، بالأرقام والبيانات. هذا الزخم الإعلامي يشير إلى أن جلالة الملك أراد إرسال رسالة بالغة الأهمية من خلال توقيت هذه الزيارة، رغم أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ضمن جولاته الداخلية الديناميكية، أطال الله في عمره ورعاه. قبل أشهر، نُشر مقال بعنوان "الملفات الداخلية والمتابعة الملكية"، وأمس، تزامنًا مع الزيارة، صدر مقال آخر بعنوان "الملف الداخلي على طاولة اجتماع ملكي استثنائي". وكأن الصدفة شاءت أن أتلقى رسالة من الباشا الدكتور عادل الوهادنة، رئيس الخدمات الطبية الملكية الأسبق، يعلّق فيها على الزيارة، أنقلها كما وردت: > "سيدنا يرى الفعل، لا الصوت. الأثر الحقيقي لا يحتاج شرحًا. اعمل، ثم اختفِ... سيظهر كل شيء وحده. الضجيج لا يبني، الصمت المنتج يفعل. تقدَّم، ولا تشرح. النتائج هي البيان الوحيد. كان لي شرف العمل في خدمته عن قرب رئيسا للخدمات الطبية الملكية لمدة ٣٠ شهرًا في عملي الوظيفي، يحترم و يقدّر ويدعم من يقول اليوم ويفعل أمس." لذا يشعر المواطن الأردني دائما في نهج الملك حزما و حسما و تسامحا يميل للايجاز و الانجاز ، واذا شعر بتقصير من مسؤول ، يعالجه بصمت و يوعز بما يلزم ، ثم يتولى بنفسه موقع المسؤولية اذا لزم الامر . لذلك نراه رئيسًا للوزراء، وزيرًا، أمينًا عامًا، عسكريًا وجنديًا ميدانيًا. يراه أيضًا ربّ الأسرة، وهو ما عبّر عنه جلالته صراحة في افتتاحية إحدى دورات مجلس النواب التاسعة عشرة، حين قال إنه يشعر بما تشعر به كل أسرة أردنية من معاناة وتحديات وتزايد في أعباء المعيشة اليومية." هذا التسلسل في الأحداث المرتبطة بالزيارة الملكية ولّد صدى واسعًا وترددات عالية التأثير، اجتمعت لتشكّل "صوت الملك"، كصورة وإشارة وجسد داخل موجة تعبّر عن نفسها، وتنطبع في ذاكرة الأردنيين ومدوّنة الاهتمام الملكي بالشأن الداخلي، الذي لا يغيب عن أولويات جلالته، رغم ثقل الملفات الخارجية وحساسيتها، وما تتطلبه من دقة في إدارة العلاقات الدبلوماسية الدولية وضمان مخرجات تعود بالنفع على مختلف قطاعات الدولة. صوت الملك لا يختصر في تصريح أو خطاب، بل يمتد إلى المواقف السياسية في الجولات الدولية والمحلية، واللفتات الإنسانية، وحتى تعابير الوجه التي تُظهر الفرح عند الإنجاز أو الاستياء عند التقصير. كلها تمثل ضمير الملك ومشاعره وتطلعاته تجاه وطنه وشعبه، وتُرسل في الوقت ذاته رسالة واضحة إلى المسؤولين في مواقع السلطة التنفيذية والتشريعية. صوت الملك دائمًا يحمل رسالة واضحة: دعوة إلى الجدية، وترسيخ ميدانية العمل بدلًا من الغرق في التنظير والتخطيط دون تنفيذ، في وقت أفرطت فيه بعض الجهات بإقامة المؤتمرات والندوات والخلوات، التي استنزفت آلاف الدنانير من موازنة الدولة، تحت عناوين التمكين والتدريب والتأهيل، دون أن تُثمر عن أي مشروع وطني كبير أو حتى صغير. المفارقة أن الأردن، وقد دخل مئويته الثانية، يمتلك من الخبرات والكفاءات المتراكمة ما يكفي للانطلاق فورًا نحو تنفيذ المشاريع المؤجلة والمعطّلة، والتي تنتظر منذ سنوات في أدراج الوزارات، دون حاجة إلى مزيد من الإطار النظري. ختامًا، سيبقى صوت الملك صدى تلتقطه أسماعنا وأبصارنا، وتترجمه أقلامنا إلى رسالة واضحة مضمونها: على المسؤولين أن يرتقوا في أدائهم إلى مستوى هذا الصوت، وأن يكونوا على قدر الثقة الملكية، رجالات حول الملك، بناة نهضة ومشاريع إنتاجية، تضع أساسًا لاقتصاد مزدهر، ووطن أردني قوي، عزيز، كريم، آمن، مطمئن، ومستقر.

محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال
محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

محمد يونس العبادي : البيعة الذهبية ولحظة الاستقلال

أخبارنا : في الخامس والعشرين من عام ألف وتسعمائة وستة وأربعين؛ أعلن الاستقلال الكامل والناجز للبلاد الأردنية، في لحظة فارقة جاءت بعد نحو ربع قرن من التأسيس، وفي وقت كانت فيه دول الجوار تسعى لتكريس وجودها، وكان العالم يتغير مغادرا مرحلة الحرب العالمية الثانية. كانت اللحظة أردنية بامتياز، ووضع الأردن ذاته الجديدة المتمتعة بحرية قراره وسيادته، كعنوان كبير، وظل مستمسكا بما تأسس عليه من عناوين عروبية. يومها استهلّ الاحتفال بالقرار بدعوة المجلس التشريعي، وتقرر أن ترفع الأعلام على المؤسسات الرسمية، وتعطيل الدوائر الرسمية والمدارس ثلاثة أيام مدة فعاليات الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية. وتضمن اليوم الأول، مراسم هامة، بينها مراسم قاعة العرش، والتي بدأت أعمالها عقب الانتهاء من إعلان قرار المجلس على الجمهور، حيث "تتوجه هيئة الوزارة وكامل أعضاء المجلس التشريعي إلى القصر الملكي، ويحملون وثيقة البيعة، في سجلها الذهبي لتقدم إلى جلالة الملك حسب مراسم". وجرت هذه المراسم، باستلام الملك المؤسس، لوثيقة البيعة، إذ تذكر الوثائق أنه "في الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين، يتشرف جلالة الملك من داخل القصر (قاعة العرش) يحف به أصحاب السمو الأمراء وكبار رجال القصر فيقف الحاضرون في الحال تعزف الموسيقى العسكرية السلام الملكي، ثم يهتف فخامة رئيس المجلس التشريعي (يعيش جلالة الملك) ثلاثاً". ويتبع هذه المراسم، بأنه "يجلس جلالة الملك على الأريكة الملكية، ويقف فخامة رئيس المجلس التشريعي حاملاً "سجل البيعة الذهبي" متوجهاً بعد التحية الرسمية إلى حضرة صاحب الجلالة الملك، بكلمة المجلس، مهنئاً ومعلناً غبطة البلاد الأردنية والأمة العربية بهذا اليوم التاريخي. كما تضمنت المراسم، استلام الملك المؤسس، وثيقة البيعة الذهبية، "ثم يتناوله من يده الكريمة سماحة رئيس الديوان الملكي". لقد ربط الملك المؤسس، عبر هذا الإعلان بذات تاريخ الاستقلال الأول، الماضي بالحاضر، وتطلع بعد هذا الاستقلال إلى إكمال رسالته برفع شعار مشروع سوريا الكبرى، والهلال الخصيب، وكانت وحدة الضفتين مقدمة لمشروعه الواسع. لذا، فقد تطلعت إليه المنطقة العربية وشعوبها كرمزٍ للقيادة العربية القادرة على حمل عبء الوحدة، وتحقيق آمال الوحدة، وتحرير الإنسان العربي. وفي ذلك الزمان، كانت المنطقة العربية تعاني من غياب القيادات القومية القوية، والفاعلة، والتي تملك مشروعاً، إذ طغت سمة الزعامات المحلية وشيوخ العشائر، وكان الملك المؤسس يعبر عن نموذجٍ مختلف صاحب مشروع كبير، وهذا ما يمكن قراءته في برقيات التهنئة بالاستقلال من مختلف الأقطار العربية. أوجد الأردن حضوره كدولة عظيمة في إقليمه لها وزنها ودورها ورسالتها، وكانت مراسم الاحتفال تعبيرا عن هذا السعي، الذي استمرّت أدواره على مدار عقود وحتى اليوم. ــ الراي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store