logo
في حضرة الحسن القول الحسن

في حضرة الحسن القول الحسن

عمونمنذ 2 أيام
تشير قصة العبد الصالح (سيدنا الخضر) في سورة الكهف والذي التحق به نبي الله ورسوله سيدنا موسى عليه السلام بهدف أن يتعلم منه الحكمة ويزداد بصيرة ورُشدا، إلى قيمة مهمة باتت غائبة عن وعينا الجمعي في الوقت الراهن، وأعني بها قيمة الاستفادة من أهل المعرفة الذين اكتسبوا بصيرة ورشدا جراء إيمانهم العميق بعمق ودلالة المعرفة التي تعلوا فوق كل أحد، ويصغر أمامها كل شيء، فاكتنزت نفوسهم بآدابها وسَمْتها وحقيقة صيرورتها، لتتبلور في مختلف أفكارهم العميقة التي يصعب إدراك كُنْهها، وتحتاج من الواقف عليها إلى وقفة تأمل وتدبر، وهو أمرٌ كبيرٌ في مشقته، ويحتاج إلى مجاهدة نَفس وتربية سلوك واسعة، والإيمان بقواعد علم الجهل مصداقا لقول الإمام الشافعي: كلما ازددت علما أيقنت بجهلي.
إنها الحكمة التي تصبح مصدر إلهام لكل من أراد اتخاذ قرار حكيم في حياته، وهم الحكماء الذين امتلكوا تجربة وخبرة حياتية واسعة ليصبحوا مصدرا رئيسا لذلك الإلهام بأقوالهم ونصائحهم ووعيهم التراكمي بطبيعة التحديات القائمة وكيفية التعامل معها بهدوء واتزان، وصدق الله القائل في محكم التنزيل: (يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا).
في هذا السياق يأتي مقالي الواصف لأحد أهم الشخصيات الحكيمة في وطننا العربي جملة، وأعني به الأمير الحكيم، والمفكر المدرك، صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، الذي اكتنز وعيه، وتشكلت بصيرته من تجربة وضيئة، جلّلها عمق معرفي تلقفها بتواضع العارفين المدركين لجوهر العلوم ودلالتها، فكان ولا يزال نورا يشع بضوئه في عتمة عربية كبيرة، وصوتا واعيا يصدح في محيط يعج بالضوضاء، ويموج بالصخب العشوائي، وهو ما كرس حالة التيه التي نعيشها، فحجب أبصارنا عن إدراك طبيعة وواقع وحيثيات محيطنا القائم، وتلك مصيبة المصيبات الحادثة.
في مجلس الحسن كان لقائي بالأمير الحسن على مدار يومين متتالين؛ يومان تلقيت فيهما معرفة تختزل كل السنين الماضية، وتستشرف كل السنين القادمة، وأحسب أني سأحتاج إلى وقت طويل للوعي بها، وكيف، وكل ما سمعته كان يهبط على مسامعي صَبَبا، فتختزن البصيرة بعضا منه في دهاليزها، ويتفلت في أروقة العقل البعض الآخر، وكم هو حزني شديد ألا يتم تعميم هذه الحكمة والاستفادة من تجربها، وبخاصة بين جيل الشباب، الذين ننادي بتمكينهم مع فقرهم الشديد بالوعي بقيمة التاريخ، ودلالة الجغرافيا، وطبيعة النفس البشرية، ويقيني أن مجلسا دوريا في حضرة الحسن تفي بفهم ووعي وإدراك كل ذلك وأكثر.
تذكرت وأنا أصغي إليه الحكمة الصينية التي تقول: "إذا أردت عامًا من الرخاء فازرع حبوبًا؛ وإذا أردت عشر سنوات من الرخاء فازرع أشجارًا؛ وإذا أردت مئة عام من الرخاء فازرع بشرًا"، وذلك حين وجدته مهموما بالإنسان وقيمة وجوده بكرامة وعدل، وحاجة الدول إلى تمكين الطبقة الوسطى وما دون ذلك، والحد من ظاهرة التهميش وما ينتج عنها من طبقة مهمشة؛ مشددا على العيش بمفهوم التكافل وليس التكافؤ، والذي ينساق أيضا على العلاقات بين الدول بعضها ببعض، وهو ما قدم فيه رؤية مهمة لبناء مجتمع عربي متماسك بمحيطه القومي الجامع للقومية الكردية والتركية والفارسية، الذين يشكلون مع العرب أعمدة رئيسة يمكن أن تقف في وجه العاصفة.
أخيرا، ما أحوجنا في ظل ما نعيشه من تيه على صعيد مجتمعنا العربي جملة، إلى أن نسمع لذوي التجربة، وقد قيل بأنها تُشترى، والمهم أن نُصغي لحكمائنا، وكم أرجو أن نشهد مجالس دورية لأهل التجربة والحكمة في كل بلد عربي، يحج إليها الراغبون في تجويد معرفتهم، والعازمون على تمتين مدركاتهم؛ كما كم أتوق إلى تأسيس مجلس للحكماء العرب، يكون برئاسة الأمير الحكيم، والمفكر الحصيف الأمير الحسن بن طلال، الذي جمع بين حذق السياسة وعمق المعرفة، فهل إلى ذلك سبيل؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الله يعين الملك
الله يعين الملك

عمون

timeمنذ 23 دقائق

  • عمون

الله يعين الملك

في زمنٍ تتقاطع فيه الأزمات، وتتداخل المصالح، وتختلط الحقائق بالأكاذيب، يجد القادة في الوطن العربي والعالم أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية غير مسبوقة. العالم اليوم لم يعد ساحة تحكمها قواعد واضحة أو منطق بسيط؛ بل صار أقرب إلى رقعة شطرنج تتحرك بيادقها من جهات متعددة، وبوتيرة متسارعة تجعل التنبؤ واستشراف المستقبل مغامرة محفوفة بالمخاطر. التقنيات تقفز بنا سنوات إلى الأمام، لكن القيم والأخلاق تتراجع بخطوات مقلقة إلى الخلف. السياسة تحوّلت إلى سباق محموم على النفوذ، والاقتصاد إلى ساحة صراع شرس بين القوى الكبرى، فيما تبقى الشعوب – دائمًا – هي من يدفع الثمن. في قلب هذا المشهد المعقّد، يقف الملك – أي ملكٍ يحمل همّ شعبه او رئيس دولة – أمام مسؤولية تتجاوز حدود إدارة الدولة، لتصبح مهمة الدفاع عن الوطن، وصون كرامة المواطن، والحفاظ على تماسك المجتمع وسط عواصف الفوضى العالمية. ولهذا نقول: الله يعين بعون الملك، فالمهمة لم تعد تقليدية، ولا الظروف عادية. اليوم، القائد لا يواجه ملفات داخلية فقط، بل يتعامل مع خريطة دولية مضطربة، تتبدل تحالفاتها وتُعاد صياغة قواعدها في لحظات. وفي خضم هذا الزخم، يبقى الأمل معقودًا على حكمة القيادة، وعلى وعي الشعوب بأن الأزمات لا تُواجه إلا بتكاتف الصفوف ووحدة الكلمة. وفي مشهد دولي لافت، يأتي لقاء الرئيس الأمريكي بالرئيس الروسي ليعكس طبيعة المرحلة: تفاوضٌ في العلن، صراعٌ في الكواليس، ومصالح متشابكة لا يعرف مآلها أحد. لقاء كهذا لا يُقرأ من زاوية السياسة فحسب، بل من زاوية تأثيره العميق على موازين القوى العالمية، وعلى مستقبل العلاقات الدولية، وعلى أمن واستقرار الشعوب. في عالمٍ يمضي على حافة الجنون، لا دواء له إلا عقلٌ راجح، وقلبٌ مخلص، وعزيمةٌ لا تلين. وإذا كانت الشعوب تتكئ على قادتها في المحن، فإن القادة يستمدون قوتهم من دعاء شعوبهم ووفائهم. الله يعين بعون الملك… عبد الله، أبو الحسين… وأنا، كمواطن بسيط، لا أملك إلا أن أقول: الله يعنيك ويحفظك. * مستشار التدريب والتطوير / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

في جاهة عائلتي أبو خليل والخطاطبة .. د. قشوع يرفض "التصريحات العدائية والمقيتة" التي تصدر عن الاحتلال الإسرائيلي.
في جاهة عائلتي أبو خليل والخطاطبة .. د. قشوع يرفض "التصريحات العدائية والمقيتة" التي تصدر عن الاحتلال الإسرائيلي.

أخبارنا

timeمنذ ساعة واحدة

  • أخبارنا

في جاهة عائلتي أبو خليل والخطاطبة .. د. قشوع يرفض "التصريحات العدائية والمقيتة" التي تصدر عن الاحتلال الإسرائيلي.

أخبارنا : دعا الوزير الأسبق، الدكتور حازم قشوع، إلى مسيرات مليونية في جميع محافظات المملكة، وذلك رفضًا "للتصريحات العدائية والمقيتة" التي تصدر عن الاحتلال الإسرائيلي. جاء ذلك خلال حديثه في جاهة عائلتي أبو خليل والخطاطبة، حيث أكد قشوع أن "التفافنا خلف قيادتنا الهاشمية هو الرسالة، وهو الرد، وهو التعبير عن فحوى 'كلنا الأردن' في مواجهة التحديات". وأضاف قشوع أن "كلنا الأردن في ردع الأطماع التوسعية لحكومة الاحتلال، وكلنا الأردن في الدفاع عن الأمة وقضيتها المركزية التي عنوانها فلسطين أيقونة الحرية". وفي السياق نفسه، أكد الوجيه خيرالدين هاكوز على الثوابت الوطنية، داعيًا إلى المحافظة على الأردن كبلد للأمن والأمان، ومباركًا للعروسين عماد جمال أبو خليل وتيماء عبد الرحمن الخطاطبة، سائلًا الله أن يبارك لهما ويجمع بينهما في خير.

قشوع يدعو لمسيرات مليونية لمواجهة التحديات الخارجية
قشوع يدعو لمسيرات مليونية لمواجهة التحديات الخارجية

عمون

timeمنذ 8 ساعات

  • عمون

قشوع يدعو لمسيرات مليونية لمواجهة التحديات الخارجية

عمون - دعا الوزير الأسبق، الدكتور حازم قشوع، إلى مسيرات مليونية في جميع محافظات المملكة، وذلك رفضًا "للتصريحات العدائية والمقيتة" التي تصدر عن الاحتلال الإسرائيلي. جاء ذلك خلال حديثه في جاهة عائلتي أبو خليل والخطاطبة، حيث أكد قشوع أن "التفافنا خلف قيادتنا الهاشمية هو الرسالة، وهو الرد، وهو التعبير عن فحوى 'كلنا الأردن' في مواجهة التحديات". وأضاف قشوع أن "كلنا الأردن في ردع الأطماع التوسعية لحكومة الاحتلال، وكلنا الأردن في الدفاع عن الأمة وقضيتها المركزية التي عنوانها فلسطين أيقونة الحرية". وفي السياق نفسه، أكد الوجيه خيرالدين هاكوز على الثوابت الوطنية، داعيًا إلى المحافظة على الأردن كبلد للأمن والأمان، ومباركًا للعروسين عماد جمال أبو خليل وتيماء عبد الرحمن الخطاطبة، سائلًا الله أن يبارك لهما ويجمع بينهما في خير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store