
ما بين لبنان والكيان الإٍسرائيلي
ربما يكون لبنان، من دون مبالغة، ثاني أكثر بلد عربي، بعد فلسطين المحتلة، قد تضرر وتأذى من "إسرائيل" على امتداد تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي وعلى امتداد المنطقة العربية، من مشرقها العربي، إلى مغربها العربي، مرورًا بخليجها العربي بطبيعة الحال.
فلبنان، من حيث الصيغة والنموذج والتجربة، وكذلك ماهية وطبيعة الدور الإقليمي، إنما هو نقيض "إسرائيل" بالوجود. تعي الأخيرة هذه الحقيقة وهذا الواقع. وهي تتعامل وتتعاطى معه على هذا الأساس ومن هذا المنطلق ومن هذه الزاوية. فماذا بين لبنان و"إسرائيل" سابقًا وحاضرًا ولاحقًا؟
بالنسبة إلى "إسرائيل"، يجب على لبنان، على طول الطريق وعلى امتداد تاريخ البلد والمنطقة، ألا يستقر أولًا، وألا ينتعش ثانيًا، وألا يزدهر ثالثًا وأخيرًا. ربما يظن البعض، في الداخل وفي الخارج، أنها لعنة التاريخ والجغرافيا! الثابت أن "إسرائيل" تنظر إلى لبنان على أنه المنافس الإقليمي لها في الموقع الاستراتيجي وفي الدور الاقتصادي.
هذا ما سوف نتناوله لاحقًا أدناه. المهم أن "إسرائيل" تعمل بشتى الأساليب والوسائل لمنع بناء الدولة في لبنان بكل معنى الكلمة. صحيح أن هناك أسبابًا ذاتية، وهي عوامل داخلية، أدت إلى هذا الفشل الذريع في لبنان على صعيد مشروع بناء الدولة؛ لكن "إسرائيل" حكمًا وحتمًا لا تريد أن يكون في لبنان دولة طبيعية وحقيقية، وأن تكون هذه الدولة قوية، قادرة ومقتدرة على الصعد العسكرية، والأمنية، والاستراتيجية، والمالية، والاقتصادية والتجارية. هذه نظرة "إسرائيل " إلى لبنان على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وهذا موقف "إسرائيل" من لبنان، وكذلك من أي مشروع وطني لبناء أو لإعادة بناء الدولة فيه. 25 حزيران 09:28
10 حزيران 08:50
بناء على نظرة "إسرائيل" إلى لبنان وموقفها منه أعلاه، وهما بالتأكيد جزء لا يتجزأ من العقيدة الصهيونية لـ"إسرائيل" وسياستها واستراتيجيتها حيال هذا البلد وضمن نطاق هذه المنطقة، فإن مخطط أو مشروع "إسرائيل" تجاه لبنان يحيلنا على ثلاثية التطبيع والتقسيم والتوطين، بصرف النظر عن كيفية ترتيب المقومات الثلاث في هذا المخطط وهذا المشروع لـ"إسرائيل" ضد لبنان.
فهي تريد من التطبيع التوقيع من قبل لبنان، أو لنقل حكومة لبنان، على وثيقة الاستسلام لـ"إسرائيل" والتسليم بشروطها السياسية، لا التطبيع بمعنى جعل العلاقات طبيعية بين "إسرائيل" ولبنان، مع العلم أن هذا الأمر مرفوض وغير مقبول، وهو مردود، بل إنه مستحيل.
وهي تريد أيضًا تقسيم البلد وتفتيته، بطريقة أو بأخرى، واقتطاع وابتلاع جنوب لبنان، على الأقل وبالحد الأدنى، وفق رؤيتها التوسعية، الاستيطانية والاستعمارية. كما أنها تريد توطين ما أمكن من لاجئين فلسطينيين ومهجرين ومهاجرين سوريين في لبنان، أو بالأحرى ما تبقى من لبنان، للقضاء عليه أو التخلص منه، لكونه وبوصفه لاعبًا إقليميًّا منافسًا، ذا مواصفات تنافسية.
احتدم في الآونة الأخيرة النقاش السياسي والإعلامي بين اللبنانيين بشأن قضية التطبيع مع "إسرائيل"، أو لنقل توقيع معاهدة السلام بين لبنان و"إسرائيل". وقد انقسم اللبنانيون بين مؤيد ومعارض، حول هذه القضية، بمن فيهم الرأي العام من عامة الناس والإنتليجنسيا السياسية، بعيدًا من الحسابات الراسيونالية والبراغماتية والتقديرات الواقعية والمنطقية لمصلحة الشعب والبلد.
من هنا، قد يكون من المبكر الإسراع والتسرع من قبل البعض في الداخل ومن الخارج بطرح قضية السلام والتطبيع مع "إسرائيل"، بُعَيد العدوان الأخير مباشرة. أكثر من ذلك: لا يجوز بميزان المسؤولية الوطنية، لا حاضرًا ولا مستقبلًا، التفكير في هذا المسار، ولا حتى الدعوة له، والترويج الإعلامي والتسويق السياسي له، من دون مراعاة مشاعر وأحاسيس وهواجس الكثير من اللبنانيين وعلى حساب حرمة دماء شهدائهم وجرحاهم! و"إسرائيل" لا تقبل بأن يستفيد لبنان بالذات وبالتحديد من الفرص الاستثمارية، المحتملة أو المفترضة، من السلام والتطبيع في الإقليم، على خلفية وأرضية الأسباب المتصلة بالنظرة الصهيونية، والموقف الصهيوني، والتناقض الوجودي والتنافس الوظيفي بين لبنان و"إسرائيل". وهنا الطامّة والفضيحة!
بالعودة في الزمن إلى الوراء، لقد أفادت "إسرائيل" من ضرب القطاع المصرفي في لبنان ومن تفجير المرفأ التجاري في بيروت، بل ربما تكون هي وراء المؤامرة الأولى وخلف الجريمة الثانية. في ميزان الأرباح والخسائر، "إسرائيل" استفادت، وما تزال تستفيد، من مفاعيل وتداعيات اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الأزمة في لبنان، والحصار ومن ثم العدوان عليه، والانهيار والانفجار فيه، والصفعات والضربات للمقاومة فيه، ولا سيما اغتيال السيد الشهيد حسن نصر الله. لبنان خسر دوره التاريخي والاقتصادي في المنطقة، كوسيط تجاري إقليمي بين الغرب والشرق، وكمركز مالي إقليمي للرساميل العربية. جاء كل ذلك في خدمة الحسابات والمصالح والخطط والمشاريع والبرامج والأطماع الإسرائيلية لدى لبنان وضمن نطاق المشرق العربي. فما هي حقيقة دور الكيان الإسرائيلي في لبنان وفي كل ما حدث في لبنان؟ وما هو واقع الحال بين لبنان و"إسرائيل"؟ وهل هي بمحض الصدفة؟
حالة العداء بين لبنان و"إسرائيل" أكبر وأبعد وأعمق من حالة الحرب واحتمالاتها، سواء بقيت الحرب العسكرية بينهما ساخنة أو حامية، أم عادت باردة، أم حتى انتقلت إلى وضعية الهدنة العسكرية، كما كانت سنة 1949. إن "إسرائيل" لا تدع لبنان وشأنه البتة. فهي لم تتركه في الماضي وشأنه، ولن تتركه في الحاضر ولا في المستقبل وشأنه. وعلى الطبقة السياسية عمومًا والطبقة الحاكمة خصوصًا، بما فيها القوى السياسية، والكتل النيابية، وقادة الرأي والنخب المثقفة، التفكير والتخطيط، ومن ثم التحرك والتصرف، على هذا الأساس، وفق مقتضيات المصالح الوطنية، من دون إنكار، ولا إغفال، أهمية وخطورة التهديدات الإسرائيلية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LBCI
منذ 39 دقائق
- LBCI
الملف اللبناني على الطاولة خلال اجتماع باراك وبن فرحان (الأنباء الإلكترونية)
كشفت مصادر مطلعة أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك اجتمع في الرياض مع الأمير يزيد بن فرحان في لقاء ثنائي امتد حتى ساعات متأخرة من الليل، وأن الملف اللبناني حضر على الطاولة خلال اجتماع باراك وبن فرحان. وأشارت المصادر لصحيفة " الأنباء الإلكترونية" الى أن الأوساط السياسية اللبنانية منكبة على دراسة ما سمي بورقة باراك التي تتناول موضوع سلاح حزب الله والسلاح الفلسطيني وتحديد آليات تسليمهم الى الجيش اللبناني والقرارات الإصلاحية المطلوب إقرارها، وموضوع ترسيم الحدود اللبنانية السورية، ورزنامة تنفيذ هذه العناوين. ولفتت المصادر إلى ان الرؤساء الثلاثة على تشاور دائم لإنجاز إجابات على رسالة باراك المتوقع عودته الى لبنان في السابع من تموز المقبل.


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
العدوان الإسرائيلي على غزة: شهداء ومصابون في استهداف النازحين في مناطق متفرقة
واصل "جيش" الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المكثّف على قطاع غزة، مستهدفاً بعدة غارات وقصف مدفعي مختلف المناطق السكنية، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى، بينهم مدنيون كانوا ينتظرون مساعدات إنسانية. وأفادت منصات إعلامية فلسطينية بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية شنّت غارات عنيفة على جباليا البلد شمالي القطاع، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف بلدة بيت لاهيا شمال غربي غزة، وحيّي الزيتون والشجاعية شرقي المدينة. وفي جنوب القطاع، استهدفت المدفعية والطائرات الإسرائيلية منطقة المواصي شمالي مدينة خانيونس، حيث قصفت خيمة تؤوي نازحين، ما أدى إلى استشهاد مواطنَين وإصابة آخرين، وفق ما أفاد به مصدر طبي في مستشفى ناصر. اليوم 02:04 26 حزيران وشنّ الاحتلال أيضاً قصفاً عنيفاً بالمدفعية والطائرات، إلى جانب إطلاق نار من الدبابات والمسيرات، على مناطق شمال غربي مدينة خان يونس. كما استهدفت طائرات الاحتلال محيط الكلية الجامعية جنوبي مدينة غزة، وسط استمرار التهديدات الأمنية للمنشآت التعليمية والصحية. الرمل ليس طعاماً... لكنّه آخر ما تبقّى لطفل في #غزة #الميادين #فلسطين مشهد مأساوي جديد، أفاد مستشفى العودة بوصول شهيد وأكثر من 30 مصاباً، جراء استهداف قوات الاحتلال مجموعة من المواطنين أثناء انتظارهم لتسلّم المساعدات على شارع صلاح الدين جنوبي منطقة وادي غزة، وسط القطاع. وفي وقت لاحق، أُعلن عن استشهاد اثنين من المواطنين في قصف مماثل استهدف خيمة للنازحين في المواصي. وفي السياق، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن الرئيس المصري شدّد في اتصال مع رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أمس الخميس، على ضرورة "إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته للوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق مقررات الشرعية الدولية، عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".


الميادين
منذ 6 ساعات
- الميادين
هآرتس: آلاف تظاهروا في "تل أبيب" مطالبين بإنهاء الحرب وإجراء تبادل أسرى
أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، بانطلاق عدد كبير من المتظاهرين، المطالبين بوقف الحرب في قطاع غزة وتبادل الأسرى، في مسيرة باتجاه شارع "نمير" في مدينة "تل أبيب"، حيث "أوقفتهم الشرطة بعد أن خرجوا عن المسار الذي صُودق لهم مسبقاً السير فيه". وأعلنت شرطة الاحتلال، بحسب "هآرتس"، أن "الاحتجاج غير قانوني"، وصادرت مكبرات الصوت والطبول من المتظاهرين، واعتقلت سبعة منهم بالقوة بتهمة "الإخلال بالنظام العام". 26 حزيران 26 حزيران وقالت "هآرتس" إن مجموعة من الأمهات لجنود من "الجيش" الإسرائيلي وجّهت نداءً لرئيس الأركان: "أخرج أولادنا من غزة، أنت تعرف أنهم كالبط في مرمى النيران". وأضافت: "إذا كان رئيس وزراء حماس، المذنب بفشله في 7 تشرين الأول/أكتوبر، يخشى القانون، فعليه القبول بصفقة إقرار بالذنب، والاعتراف بالعار، وترك السياسة". أزقّة #غزة تتحوّل إلى كمائن موت تحصد حياة جنود الجيش الإسرائيلي تقرير: منال إسماعيل #الميادين وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس الخميس، عن مصادر سياسية، أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، "يمارس ضغطاً شديداً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإنهاء الحرب على قطاع غزة". وأشارت الصحيفة إلى أنّ ضغط ترامب على نتنياهو "بدأ قبل الهجوم على إيران، واستؤنف فور انتهائه".