
نساء سودانيات يشاركن في صناعة السلام وإخماد نيران الفتن
قادت نساء سودانيات أدواراً محورية وغير مرئية في بناء وتهيئة مناخ السلام خلال فترات النزاعات المسلحة التي شهدتها البلاد، بخاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى وجود الدولة ومؤسساتها، وذلك بين مجموعات إثنية واجهت صراعات حادة ارتكزت على الحوار المجتمعي، من خلال تشكيل مجموعات محلية ودعوتها إلى حلقات نقاش غير رسمية تدور حول فنجان شاي أو قهوة، بهدف خلق مساحات آمنة للنقاش وتبادل الرؤى.
كذلك شملت تلك الأدوار تقديم الدعم النفسي والمساعدات الإنسانية (الإغاثة) وترميم النسيج الاجتماعي، فضلاً عن وقوف تلك القيادات النسوية في المساحات الفاصلة بين النزاع والسلام، إذ شكلن خط الدفاع الأول في وجه الانهيار بإطفاء نيران الفتن، وبذل كثير من الجهود من أجل استقرار آلاف الأسر.
صناعة السلام
رئيسة منظمة "زينب لتنمية وتطوير المرأة"، فاطمة أحمد، أشارت إلى أن "النساء المشاركات في عمليات فض النزاع يُخترن بعناية، وغالباً ما يكنّ من القياديات المؤثرات في مجتمعاتهن، ممن يحملن رغبة صادقة في إعادة الاستقرار وتعزيز التعايش السلمي". وتضيف "تلعب هؤلاء النساء دوراً محورياً في تسهيل الحوار والاستماع إلى مقترحات المشاركين والمشاركات وقيادة مسارات المصالحة".
وتابعت أحمد "من المؤكد أن وجود النساء في طليعة جهود بناء السلام يُحدث فارقاً كبيراً، لما يتمتعن به من صبر ومرونة وقدرة على الإصغاء وتقبّل الآخر. كذلك فإن التزامهن العالي يعزّز من فرص نجاح تلك المبادرات واستدامتها". وتشير إلى أن "معسكرات النزوح لم تكن بمعزل عن هذه الجهود، إذ نُفذت فيها برامج لفض النزاعات بمشاركة نساء نزحن من مناطق الصراع، على رغم التحديات المتعددة، وعلى رأسها تهميش بعض الجهات الرسمية لأدوار النساء أو تقليلها من شأنهن".
المشاركات في عمليات فض النزاع يُخترن بعناية وغالباً ما يكنّ من القياديات المؤثرات في مجتمعاتهن (أ ف ب)
وزادت رئيسة المنظمة بالقول "الحضور النسائي في لجان المصالحة يُسهم كذلك في تسريع الوصول إلى الحلول وتثبيتها على المدى الطويل، لما لديهن من وعي عميق بجذور النزاعات وطرق معالجتها. كذلك شاركن في برامج إعادة دمج للشباب والنساء المجندين سابقاً، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وبرنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج DDR Sudan".
وأشارت أحمد إلى أن "الحكومة لم تنجح في التواجد بفاعلية لتحقيق أهداف فض النزاعات وبسط الأمن، لكن على رغم غياب الدعم الحكومي، حصلت بعض المبادرات على دعم من منظمات دولية، بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة. بالتالي يظل السياق محفوفاً بالتحديات، أبرزها تصاعد خطاب الكراهية والتحريض القبلي، ما يهدد استقرار المجتمعات الهشة، وعليه لا بد من استمرار الجهود من خلال التواصل مع المؤثرين محلياً وإعلامياً لتعزيز ثقافة السلم الأهلي".
جهود إنسانية
في السياق، أكدت المتطوعة في مجال العمل الاجتماعي والخدماتي رميساء الباهي أن "النساء كنّ في طليعة الاستجابة الإنسانية منذ بداية الأزمة، وشاركن في تنظيم مراكز الإيواء وتقديم الدعم النفسي وتنسيق جهود الإغاثة".
وأضافت الباهي "لم تكن النساء مجرد مستفيدات من المساعدات، بل فاعلات أساسيات، تمكن من الاستجابة باحترافية لحاجات الأسر، خصوصاً النساء والأطفال. وتميّزت المبادرات النسائية بالمرونة والحساسية تجاه الحاجات الخاصة، وارتكزت على علاقات ثقة متبادلة داخل المجتمع".
وأردفت "النساء تولّين مسؤوليات إدارية وميدانية داخل مراكز الإيواء، شملت تنسيق الإقامات وتوزيع المواد الغذائية وتقديم التوعية والرعاية للفئات الأكثر هشاشة. كما قادت بعضهن لجاناً نسوية لإدارة العمل داخل عدد من المراكز بكفاءة".
ولفتت المتطوعة في العمل الاجتماعي والخدماتي إلى أن "التحديات كانت جسيمة... فثقافياً، واجهنا تحفظات مجتمعية على عمل المرأة في الميدان، ولوجستياً، عانينا من ضعف البنية التحتية وقلة الموارد وصعوبة التنقل. أما أمنياً، فتعرضنا لتهديدات مباشرة وقيود حالت دون الوصول إلى بعض المناطق".
تلعب النساء دوراً محورياً في تسهيل الحوار والاستماع إلى مقترحات المشاركين والمشاركات وقيادة مسارات المصالحة (أ ف ب)
تجارب ميدانية
من جانبها، أفادت الاختصاصية النفسية نفيسة آدم بأن "الدعم الذي قدمته المجموعات النسوية اتخذ أشكالاً متنوعة، منها جلسات جماعية للنساء لتبادل القصص، وأنشطة ترفيهية للأطفال كالرسم والغناء، وجلسات استماع فردية مع أمهات وناجيات من العنف، كذلك نظمت بعض النساء حلقات ذكر ودعاء، واستخدمن الحرف اليدوية كوسيلة للتفريغ النفسي. وعلى رغم أن هذه الجهود بدأت عفوية، فإنها تطورت إلى مبادرات منظمة".
وواصلت آدم "أنشأنا مجموعات دعم صغيرة داخل الأحياء، ثم لجاناً نسوية للتعامل مع المجتمع وتوفير بيئة مستقرة نفسياً". مشيرة إلى أن الفئات الأكثر هشاشة كانت الأطفال، ثم الأمهات والناجيات من العنف، وأحياناً حتى الرجال لجأوا إلى النساء للبوح في ظل غياب الدعم المؤسساتي".
وأكدت أن "النساء اعتمدن على خبراتهن الشخصية، وتبادلن المهارات مثل الإصغاء الفعّال وتقنيات التنفّس، واستخدمن الموروث الديني والثقافي لتعزيز الصمود".
ونوهت الاختصاصية النفسية إلى أن الحرب خلّفت آثاراً نفسية عميقة مثل القلق والأرق والاكتئاب. وأنه "على رغم كل ذلك، قاومت النساء هذه المشاعر بالقوة الجماعية وبمحاولات إعادة خلق حياة طبيعية وسط الفوضى"، محددة التحديات التي واجهتهن لتقديم هذا الدعم، في غياب التدريب وضغط المسؤوليات وغياب الخصوصية، فضلاً عن ضعف الوعي بأهمية الدعم النفسي، والذي عُدّ في بعض الأحيان ترفاً لا ضرورة له.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حق مهدور
في حين رأى الناشط السياسي حمد خليفة أن "الثقافة الذكورية في المشهد السياسي تُقصي النساء حتى عندما يكنّ في طليعة العمل المجتمعي، فيما تُغيّب أصواتهن في اتفاقيات السلام الرسمية على رغم كونهن الأكثر تأثراً بالحرب".
وأضاف خليفة "المجتمع السوداني لا يعترف بالمجهود المجتمعي كعمل سياسي، في حين أن التضامن المجتمعي والدعم النفسي والإغاثة، كلها أدوات نضال مدني تُسهم في الحفاظ على تماسك المجتمعات وتقدمها".
ومضى الناشط السياسي في القول "لا أحد ينكر جهود المرأة السودانية بخاصة الناشطات في العمل المجتمعي، وشاهدنا أدوارهن العظيمة خلال هذه الحرب، يمتلكن طاقة وحيوية وتفاعلاً غير محدود، ودائماً يعملن في صمت وتفاني وجودة في الأداء".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدينة
منذ 13 ساعات
- المدينة
بريطانيا وفرنسا وكندا تهدد باجراءات ضد إسرائيل
هدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، أمس، باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حملتها العسكرية التي استأنفتها على غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات.وجاء في بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية: أن منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي.وأضاف البيان: "نعارض أي محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية... ولن نتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف".وقال رئيس الوزراء الاسرائيليلي بنيامين نتانياهو إنه يعتزم السيطرة على كامل أراضي غزة، مع تكثيف الغارات الجوية والعملياته البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر حيث أعلن الدفاع المدني، أمس مقتل العشرات أسوة بكل يوم. وأشار نتانياهو الى أن على اسرائيل تفادي حدوث مجاعة في القطاع المحاصر «لأسباب دبلوماسية»، وذلك غداة إعلانه السماح بدخول «كمية أساسية» من الغذاء الى القطاع بعد شهرين من إطباق الحصار على سكانه البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.وقال نتانياهو في شريط مصوّر إن «القتال شديد ونحن نحقق تقدما. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع ... لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له».وأتت تصريحاته غداة تأكيد الجيش أن قواته بدأت عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار وتخفيف الأزمة الانسانية التي يشهدها القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 19 شهرا.وأفاد تقرير للأمم المتحدة، بأن قطاع غزة يواجه مستوى «حرجا» من خطر المجاعة فيما 22% من سكانه مهددون بالانزلاق إلى وضع «كارثي»، في ظل منع إسرائيل التام لدخول المساعدات الانسانية.وكان مكتب نتانياهو أعلن الأحد أن إسرائيل ستسمح بدخول «كمية أساسية» من الأغذية التي لن يسمح لحماس بالاستفادة منها.وأشار الى أن القرار جاء «بناء على توصية الجيش ونظرا إلى الحاجة العملياتية للسماح بتكثيف الحملة العسكرية لإلحاق الهزيمة بحماس».وقال الرئيس الاميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إن الكثيرين في غزة «يتضوّرون جوعا»، وأن بلاده تسعى إلى «معالجة» الوضع.وفي الفاتيكان، أكد البابا لاوون الرابع عشر الأحد أنه «يتألم بشكل كبير أمام ما يحدث في قطاع غزة».بدوره، ندد وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير باستئناف إدخال المساعدات، معتبرا عبر منصة إكس أن نتانياهو «يرتكب خطأ جسيما من خلال هذه الخطوة... حماس يجب أن تُسحق فقط، وليس أن تمد في الوقت ذاته بالأوكسجين للبقاء على قيد الحياة».أما وزير المال بتسلئيل سموطريتش فأكد أنه لن يسمح بوصول المساعدات إلى حماس.وقال إن «ما سيدخل في الأيام المقبلة سيكون الحد الأدنى فقط: بعض المخابز التي تُعد الخبز للناس، ومطابخ مجتمعية تقدم وجبة مطبوخة يوميًا. هذا سيسمح للمدنيين بتناول الطعام، ولأصدقائنا في العالم بمواصلة توفير الحماية الدبلوماسية لنا».وكانت فرنسا، قد طالبت إسرائيل بأن يكون استئناف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، فوريا وواسع النطاق ودون عوائق، وذلك في أعقاب إعلان تل أبيب السماح بإدخال «كمية أساسية» من الغذاء إلى القطاع، بهدف ضمان «عدم حدوث مجاعة».


Independent عربية
منذ 16 ساعات
- Independent عربية
22 دولة تطالب إسرائيل بالسماح مجددا بدخول فوري لمساعدات غزة
طالب وزراء خارجية 22 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا واليابان وأستراليا، اليوم الإثنين، إسرائيل بـ"السماح مجدداً بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري" إلى غزة تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. وجاء في بيان مشترك صدر عن وزارة الخارجية الألمانية أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية "لا يمكنها دعم" الآلية الجديدة لتسليم المساعدات في غزة التي اعتمدتها إسرائيل. وأعلن منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أنه سُمح لتسع شاحنات مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة بدخول قطاع غزة اليوم، متحدثاً عن "قطرة في محيط" بعد حصار للقطاع دام 11 أسبوعاً. في المقابل قالت إسرائيل إن خمس شاحنات تابعة للأمم المتحدة دخلت قطاع غزة المحاصر اليوم. وكتبت وزارات خارجية أستراليا وكندا والدنمارك وإستونيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وأيسلندا وإيرلندا وإيطاليا واليابان ولاتفيا وليتوانيا ولوكسمبورغ وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة أن سكان قطاع غزة "يواجهون المجاعة وعليهم الحصول على المساعدات التي يحتاجون إليها بشدة". ورأى الموقعون أن "نموذج التوزيع الجديد" الذي قررته إسرائيل "يعرض المستفيدين والعاملين في المجال الإنساني للخطر، ويقوض دور واستقلالية الأمم المتحدة وشركائنا الموثوقين، ويربط المساعدات الإنسانية بأهداف سياسية وعسكرية". وتقول الدول الموقعة "لا ينبغي تسييس المساعدات الإنسانية على الإطلاق، ويجب ألا تُقلص مساحة القطاع أو يخضع لأي تغيير ديموغرافي". تحذير ثلاثي حذر قادة بريطانيا وفرنسا وكندا من أن دولهم ستتخذ إجراءات إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الذي استأنفته على غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات. وذكر بيان مشترك للدول الثلاث نشرته الحكومة البريطانية "منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي". وأضاف البيان "نعارض أية محاولة لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية... ولن نتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات، بما في ذلك فرض عقوبات محددة الهدف". ترمب منخرط في المفاوضات قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يواصل الانخراط في المحادثات مع جانبي الصراع بين إسرائيل وغزة في وقت تتمسك حكومة بنيامين نتنياهو بسيطرة كاملة على القطاع. أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 22 شخصاً على الأقل في غارات إسرائيلية استهدفت، فجر اليوم الإثنين، مناطق في القطاع الفلسطيني حيث أعلنت تل أبيب توسيع هجماتها الجوية والبرية. وسجلت الحصيلة الأعلى في خان يونس بجنوب القطاع حيث أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لمقتل 12 شخصاً، بينهم خمسة قضوا في "استهداف منزل لعائلة أبو الروس في مدينة حمد" السكنية بغرب المدينة. وسقط خمسة قتلى وثلاثة مصابين في استهداف طال تجمعاً قرب سوق الفالوجا غرب مخيم جباليا في شمال القطاع، بحسب بصل الذي أكد نقل القتلى والمصابين إلى مستشفى كمال عدوان. نازحون فلسطينيون فارون من بيت لاهيا يصلون إلى جباليا في الـ18 من مايو 2025 (أ ب) الى ذلك، قتل ثلاثة من عائلة واحدة "في قصف من الطيران الحربي" على خيمة للنازحين في مخيم النصيرات (وسط)، بينما سقط شخصان على إثر "استهداف مسيرة إسرائيلية خيمة تؤوي نازحين" في منطقة اليرموك بمدينة غزة (شمال). كما تحدث بصل عن بلاغات بشأن عدد من القتلى سقطوا برصاص إسرائيلي في ساحة مستشفى "الإندونيسي" في شمال غزة، مؤكداً تعذر الوصول إليهم بسبب "استمرار حصار القوات الإسرائيلية للمستشفى وإطلاق النار عليه". "كمية أساسية" في هذا الوقت، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، أن إسرائيل سوف "تسيطر على كامل مساحة" غزة، مع توسيع قواتها غاراتها الجوية وعملياتها البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر. وقال نتنياهو في شريط مصور عبر قناته على "تيليغرام" "القتال شديد ونحن نحقق تقدماً. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع"، مضيفاً "لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له". وتابع نتنياهو أن على إسرائيل تفادي حدوث مجاعة في غزة "لأسباب دبلوماسية"، وذلك غداة إعلانه السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء إلى القطاع، بعد منع إدخال أي مساعدات منذ مارس (آذار). وأضاف "يجب ألا نسمح للسكان (في غزة) بالانزلاق نحو المجاعة، وذلك لأسباب عملية ودبلوماسية على السواء"، مشيراً إلى أن حتى الداعمين لإسرائيل لن يكونوا متسامحين مع "مشاهد المجاعة الجماعية". وكان مكتب نتنياهو أعلن، في بيان، أن إسرائيل ستسمح بدخول "كمية أساسية" من الأغذية إلى غزة، بعد أكثر من شهرين على منعها إدخال أي مساعدات إلى القطاع. وجاء في بيان للمكتب أنه "بناء على توصية الجيش ونظراً إلى الحاجة العملياتية للسماح بتكثيف الحملة العسكرية لإلحاق الهزيمة بـ(حماس)، ستسمح إسرائيل بدخول كمية أساسية من الغذاء للسكان لضمان عدم حدوث أزمة جوع في قطاع غزة"، ولفت البيان إلى أن إسرائيل "ستعمل على منع استيلاء (حماس) على هذه المساعدات الإنسانية". وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، أمس، بدء "عملية برية واسعة" في القطاع، غداة تأكيده تكثيف الضربات الجوية على القطاع الفلسطيني المحاصر حيث أعلن الدفاع المدني مقتل 50 شخصاً في الغارات. وأتى الإعلان بعد ساعات من إبداء نتنياهو انفتاحه على اتفاق "ينهي القتال" في القطاع، بشرط إقصاء "حماس" وجعل غزة منزوعة السلاح. جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ ب) وأفاد الجيش في بيان أن قواته "بدأت... عملية برية واسعة في شمال وجنوب قطاع غزة ضمن افتتاح عملية عربات جدعون"، وهو الاسم الذي أطلقه على الهجوم الأخير في القطاع. ورأى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان أمس الأحد، أنه "في هذه اللحظة، يعمل فريق التفاوض في الدوحة لاستنفاد كل فرصة من أجل التوصل إلى اتفاق، سواء وفقاً لخطة (المبعوث الأميركي ستيف) ويتكوف أو كجزء من إنهاء القتال". وشدد على أن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن الرهائن وإقصاء الحركة من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح. وكان المسؤول في حركة "حماس" طاهر النونو أفاد وكالة "الصحافة الفرنسية" ببدء مفاوضات غير مباشرة مع وفد إسرائيلي في الدوحة "ستكون مفتوحة حول كل القضايا من دون أي تحفظ أو شروط مسبقة". وأكد مصدر مطلع في الحركة، مساء الأحد، أن "(حماس) أبدت استعدادها لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة والفصائل (في غزة)، دفعة واحدة بشرط أن يتم التوصل لاتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار وهو ما يرفضه الاحتلال حتى الآن". وتابع أن إسرائيل تريد إطلاق سراح الرهائن دفعة واحدة أو على دفعتين مقابل هدنة موقتة من ستة إلى ثمانية أسابيع، مؤكداً أن هذا غير مقبول بالنسبة لـ"حماس" والفصائل الأخرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) دخول المساعدات فوراً دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، أمس الأحد، إسرائيل للسماح باستئناف دخول المساعدات إلى غزة على نحو "فوري وواسع النطاق ومن دون عوائق". وجاء في منشور لبارو على منصة "إكس" "بعد جهود دبلوماسية استمرت ثلاثة أشهر، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، أخيراً، إعادة فتح المجال أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة"، وشدد الوزير على وجوب أن يكون ذلك "فورياً وواسع النطاق ومن دون عوائق". متظاهرون يرتدون اللون الأحمر يحتجون على سياسة الحكومة الهولندية تجاه إسرائيل والحرب في غزة (أ ف ب) تظاهرة كبيرة في هولندا تظاهر عشرات آلاف الأشخاص، أمس الأحد، في لاهاي احتجاجاً على سياسة الحكومة الهولندية إزاء إسرائيل والحرب في غزة، في أكبر تجمع في البلد منذ 20 عاماً، بحسب القيمين على هذه المبادرة. وارتدى المتظاهرون الأحمر لرسم خط رمزي بهذا اللون وحض الحكومة على اتخاذ تدابير ضد إسرائيل التي ترتكب في نظرهم "إبادة جماعية" في غزة. وقدر القيمون على هذه المبادرة عدد المشاركين فيها بأكثر من 100 ألف، معتبرين أنها أهم تظاهرة تشهدها هولندا منذ 20 عاماً. ولم تقدم الشرطة بعد تقديراتها لعدد المتظاهرين. وقال الشاب ريك تيمرمانز (25 سنة) "أتظاهر احتجاجاً على الإبادة الجماعية في غزة وتواطؤ هولندا فيها". وأضاف "لا تزال هولندا تزود (إسرائيل) بقطع لطائرات أف-35، وترفض بشدة التنديد بأفعال إسرائيل، وذلك منذ أشهر وأشهر وأشهر". وجرت التظاهرة في أجواء سلمية جامعة أشخاصاً من أعمار مختلفة ارتدوا الأحمر ورفعوا لافتات كُتب عليها "أوقفوا الإبادة الجماعية". وقالت المدرسة يولاندا نيو (59 سنة)، "أشعر بعجز كبير لأننا نشهد على ظلم كبير، ولا يسعنا فعل شيء، ما عدا رفع الصوت". وأردفت، "أخجل أحياناً من الحكومة لأنها لا تريد وضع حدود. لكنني عندما أرى هذا (أي التظاهرة)، أفتخر مجدداً ببلدي". وعلى رغم من المناشدات الدولية، كثفت إسرائيل قصفها للقطاع بهدف التوصل إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين فيه والقضاء على حركة "حماس".

سعورس
منذ 18 ساعات
- سعورس
محمد بن سلمان...وجائزة نوبل للسلام
وفي المشهد الدولي المعاصر، برز الأمير محمد بن سلمان، كأحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في تحقيق الاستقرار العالمي، من خلال دوره المحوري في تهدئة مجموعة من أخطر الأزمات الجيوسياسية المعاصرة: الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا، والسلام مع إيران ، وإحياء الأمل والاستقرار في منطقة مضطربة برمتها، فضلاً عن إرساء التحول الاجتماعي والإنساني والتنموي في بلاده بما جعلها نموذج تحول نادر على المستوى العالمي، وفق البنك الدولي، التابع للأمم المتحدة. وسط تصاعد التوترات بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم، الولايات المتحدة وروسيا، وما رافق ذلك من استعراضات عسكرية وتهديدات نووية متبادلة، تدخل الأمير محمد بن سلمان بحكمة وهدوء، و قاد جهود وساطة دقيقة ومعقدة ساهمت بشكل مباشر في تقريب وجهات النظر، وتهدئة المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة كانت تلوح في الأفق. وقد أسهمت هذه الوساطة السعودية في دفع الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات، بعد فترة من الجمود والتصعيد، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين تحولًا محوريًا في مسار الأزمة، ونجاحًا دبلوماسيًا يُحسب للمملكة العربية السعودية ولقائدها الشاب. لم يتوقف دور الأمير محمد بن سلمان عند الوساطة بين واشنطن وموسكو، بل امتد إلى ملف سوريا ، حيث قاد مفاوضات مباشرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع، أفضت إلى رفع الحظر المفروض على سوريا منذ عقدين، وهو القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي نفسه، مؤكدًا أنه جاء استجابة لطلب رسمي من الأمير محمد بن سلمان. هذا الإنجاز يمثل تحولًا جذريًا في الملف السوري، ويعيد الأمل للشعب الذي عانى لأكثر من عقد من الحرب والدمار والعزلة الدولية. سبق القرار السياسي، مساعدات إنسانية غير مسبوقة قادتها المملكة إلى الشعب السوري، حيث تم تسيير جسور جوية وبرية مباشرة إلى دمشق ، محمّلة بالمواد الطبية، والغذائية، والإيوائية. وقد أشرفت على ذلك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في إطار دعم شامل ومستمر لتخفيف معاناة المدنيين. لم تكن تلك الجهود محصورة في الجانب المعلن فقط، بل تشير مصادر إلى أن هناك جهودًا غير معلنة بُذلت بهدوء وبعيدًا عن الأضواء، كان لها أثر بالغ في تسريع التهدئة وتحقيق الاستجابة الدولية. إن ما يقدمه الأمير محمد بن سلمان اليوم ليس مجرد أدوار تكتيكية في السياسة الدولية، بل يعكس رؤية استراتيجية تؤمن بأن السلام هو أساس التنمية والاستقرار العالمي. فجهوده لم تقتصر على المصالح الوطنية للمملكة، بل امتدت لتشمل العمل على إحلال السلم العالمي، وإنهاء النزاعات، وبناء جسور التواصل بين الأمم ، وتخفيف المعاناة الإنسانية في شتى المجالات، بما في ذلك عمليات "فصل التوائم" التي عرفت بها المملكة، والقوافل الطبية التي أعادت السمع والبصر لمئات المستفيدين حول العالم، فضلاً عن مشروع "مسام" لنزع مئات الالاف من الألغام التي زرعتها المليشيات في أنحاء اليمن، وأكثر ضحاياها من المدنيين ولا سيما النساء والأطفال. هذه الجهود مجتمعة، تعزز ترشيح الأمير محمد بن سلمان لنيل جائزة نوبل للسلام، وتضعه بين أبرز القادة العالميين الذين يستحقون هذا التكريم عن جدارة، على رغم ما يتردد عن تحيز الجائزة ضد العرب.