logo
متاهات ترامب وحساباته الإيرانية

متاهات ترامب وحساباته الإيرانية

صحيفة الخليجمنذ 4 ساعات

عبدالله السناوي
تقاس الحروب بنتائجها السياسية وما يترتب عليها من معادلات جديدة في الصراع المحتدم على مصير الشرق الأوسط.
تكاد الكفة تميل إلى شيء من التعادل الاستراتيجي بين إيران وإسرائيل في الضربات الضارية المتبادلة من حيث حجم الأضرار الاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية والقدرة على تحمل الاستنزاف وتعطيل الحياة لفترة قد تطول.
رغم الضربات الإسرائيلية الموجعة للمشروع النووي الإيراني فإنه لم يتقوض تماماً وليس بوسع أحد أن يقول إن أمره انتهى.
السؤال الضاغط الآن ليس أن تتدخل أو لا تتدخل الولايات المتحدة لإتمام المهمة وإنقاذ حليفتها الأولى في الشرق الأوسط من خسارة فادحة محتملة.
الولايات المتحدة متدخلة فعلاً في الحرب تخطيطاً وخداعاً استراتيجياً وإمداداً بكل ما تتطلبه الحرب من معلومات استخباراتية وأسلحة وذخائر من دون أن تتورط مباشرة في عملياتها، لكن سير المواجهات لم يصادف التوقعات والحسابات المسبقة.
تبادل الطرفان المتحاربان المفاجآت. في الضربة الافتتاحية، قصفت إسرائيل عدداً كبيراً من المنشآت النووية، اغتالت مرة واحدة قيادات عسكرية وعلماء من الوزن الثقيل وبدا البلد كله مخترقاً ومنكشفاً.
رغم الهزة العنيفة في مراكز القيادة والسيطرة فاجأت إيران العالم كله بقدرتها على الإحلال القيادي وسرعة ردة الفعل في مساء نفس اليوم. ثم فاجأته بأجيال جديدة ومتنوعة من الصواريخ «فرط صوتية»، القادرة على اجتياز منظومات الدفاع الجوي والوصول إلى أهداف استراتيجية وأمنية وعسكرية واقتصادية حساسة.
استدعى ذلك إلحاحاً إسرائيلياً على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدخول المباشر في الحرب.
في البداية أعرب ترامب عن كامل استعداده للتدخل المباشر رغم نفيه أخيراً أن يكون قد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمثل هذا التدخل.
سحب حاملة الطائرات «يو إس إس نيميتز» من بحر الصين الجنوبي إلى الشرق الأوسط، لكنها أوقفت جهاز التتبع الخاص بها لأسباب غير معلومة.
منع استصدار بيان من قمة السبعة الكبار يدعو لوقف التصعيد. قال نصاً: «لقد نفذ صبرنا» ملوحاً باغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي.
لم يكن هناك معنى لذلك التصريح سوى أن التدخل العسكري وشيك لا محالة.
بعد وقت وجيز أطلق تصريحات عكسية تنفي أي استعداد لديه للانخراط المباشر في الحرب، فهو رجل سلام جاء إلى منصبه لإنهاء كل الحروب.
لم يخف تطلعه للحصول على جائزة نوبل للسلام، أو أن يكون خامس رئيس أمريكي في التاريخ يحصل عليها بعد ثيودور روزفلت ووودرو ويلسون وجيمي كارتر وباراك أوباما.
هو رجل مربك ومرتبك يصعب توقعه.. يقول الشيء وعكسه في خطاب واحد.
في البيت الأبيض فاجأ نتنياهو أمام الكاميرات بإعلان أنه قد فتح حواراً مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن المشروع النووي. كانت تلك إهانة بالغة لحليف استراتيجي مقرب، لكنه واصل التنسيق معه بأدق التفاصيل «إننا نتهاتف يومياً».
ذهب في مدح نتنياهو إلى حدود غير متخيلة، وهو يتراجع خطوات للخلف.
وصفه بعبارات يصعب أن يصدقها أحد في العالم، وداخل إسرائيل نفسها: «إنه رجل طيب وخير لا يجد الإنصاف من بلده».
بالتوصيف القانوني والسياسي فإنه يتحدث عن رجل متهم من المحاكم الدولية بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية. في الدعوة إلى إنصافه تبن لسياساته وجرائمه. إنه انتهاك كامل لأية قيمة إنسانية، وانتهاك آخر للصفات والمعاني.
بنفس اليوم وصف نتنياهو إصابة مستشفى في بئر السبع مخصص لعلاج الضباط والجنود المصابين في معارك غزة بأنها «جريمة حرب».
لا اهتز له جفن ولا خطر بباله القصف المنهجي المتعمد لمستشفيات غزة وقتل من فيها.
بدا التناقض فادحاً في تصريحات ترامب بين النوازع والروادع. بنوازعه المؤيدة على طول الخط لإسرائيل فهو أقرب للتدخل، غير أن الروادع منعته حتى الآن من إصدار هذا القرار.
الانخراط المباشر في الحرب يناقض تعهداته، التي انتخب على أساسها.. بالوقت نفسه فإنها تناقض رغبة أغلبية ناخبيه في التفاوض مع إيران.
وفق استطلاعات الرأي العام الحديثة، التي أجرتها شركة «يو جوف»، فإن (16%) فقط يؤيدون التدخل، فيما يعارضه (60%).. وداخل حزبه الجمهوري تبلغ نسبة المعارضة (51%) مقابل (23%).
النسب رادعة، والتقارير الاستخباراتية تحذر من الكلفة الاقتصادية الباهظة لأي تدخل، وهذه مسألة حاسمة مع رجل الصفقات وأولوية الاقتصاد.
وفق تقارير أخرى فإن المهمة الرئيسية للتدخل وهي تقويض منشأة فوردو النووية الحصينة ليست سهلة ولا من المؤكد نجاحها بضربة واحدة، فضلاً عن أن القنابل الخارقة الضخمة، التي سوف تستخدم في القصف لم يسبق مطلقاً استخدامها في ساحة معركة.
احتمال الفشل وارد تماماً، والحل السياسي قد يكون ناجعاً عن العمل العسكري.
بقوة الروادع أبلغ ترامب كبار معاونيه بموافقته على خطة التدخل، لكنه أرجأ القرار الأخير لأسبوعين حتى يمكنه التعرف إلى فرص تخلي طهران عن برنامجها النووي.
أفضت الروادع إلى فتح المجال واسعاً لاتصالات ورسائل دبلوماسية إلى إيران عبر قنوات شبه علنية: «أن الحل السياسي ما زال ممكناً». إيران متأهبة لذلك الخيار بشرط وحيد هو وقف الهجوم الإسرائيلي.
أشباح الفوضى تخيم على الشرق الأوسط، الذي يريد نتنياهو أن يرسم خرائطه من جديد من دون قدرة على حسم أية حرب، أو أن يمتلك أي تصور سياسي لليوم التالي في غزة، أو إيران.
كل سيناريو وارد وكل خطر ماثل في متاهات ترامب وتقلباته الحادة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"الرقابة النووية السعودية" تؤكد عدم رصد آثار إشعاعية في بيئة المملكة و دول الخليج
"الرقابة النووية السعودية" تؤكد عدم رصد آثار إشعاعية في بيئة المملكة و دول الخليج

الإمارات اليوم

timeمنذ 42 دقائق

  • الإمارات اليوم

"الرقابة النووية السعودية" تؤكد عدم رصد آثار إشعاعية في بيئة المملكة و دول الخليج

أكدت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية أنه لم يتم رصد أي آثار إشعاعية على بيئة المملكة أو دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة الاستهدافات التي نفذتها الولايات المتحدة على مرافق نووية في إيران. جاء ذلك في منشور لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية على حسابها الرسمي على منصة /إكس/. ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة نفذت "هجوماً ناجحاً للغاية" على ثلاثة مواقع نووية في إيران.

الرقابة النووية المصرية: الدولة لم تتأثر بعد الهجوم على منشآت اليورانيوم الإيرانية
الرقابة النووية المصرية: الدولة لم تتأثر بعد الهجوم على منشآت اليورانيوم الإيرانية

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

الرقابة النووية المصرية: الدولة لم تتأثر بعد الهجوم على منشآت اليورانيوم الإيرانية

كشف المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، أن القصف الأمريكي لمنشآت تخصيب اليورانيوم في إيران لم يؤثر في مصر. وأوضح المركز في بيان أن هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، تطمئن المصريين بشأن تداعيات استهداف منشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم في إيران، مؤكدة أنّ مصر بعيدة عن أي تأثير مباشر. وأكدت الهيئة عدم رصد أي تغير في مستويات الإشعاع بالدول المجاورة، مشيرة إلى أنّها تتابع الموقف على مدار الساعة بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والجهات الوطنية، إلى جانب الاعتماد على منظومة الرصد الإشعاعي والإنذار المبكر المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية. ودعت الهيئة المصريين إلى الاعتماد على البيانات الرسمية فقط كمصدر موثوق للمعلومات، في ظل تصاعد الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان الرئيس دونالد ترامب قد أكد أن الضربات الجوية الأمريكية على إيران، الأحد، «دمّرت بشكل تام وكامل» ثلاث منشآت نووية مستهدفة، وهدّد بضربات أخرى أشدّ إذا لم تسع طهران إلى السلام، أو إذا بادرت إلى الردّ. وتعهّدت إيران بالردّ على القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة إذا تدخلت واشنطن في الحرب.

قطر تعرب عن أسفها «للتدهور» في الصراع بعد قصف أمريكا لمواقع نووية إيرانية
قطر تعرب عن أسفها «للتدهور» في الصراع بعد قصف أمريكا لمواقع نووية إيرانية

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

قطر تعرب عن أسفها «للتدهور» في الصراع بعد قصف أمريكا لمواقع نووية إيرانية

قالت وزارة الخارجية القطرية على إكس اليوم الأحد: إن التوتر الخطير الذي تشهده المنطقة حالياً «سيقود إلى تداعيات كارثية على المستويين الإقليمي والدولي». وأعربت الوزارة عن أسفها «لتدهور الأمور» بعد القصف الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية. وكان الرئيس دونالد ترامب قد أكد أن الضربات الجوية الأمريكية على إيران، الأحد، «دمّرت بشكل تام وكامل» ثلاث منشآت نووية مستهدفة، وهدّد بضربات أخرى أشدّ إذا لم تسع طهران إلى السلام، أو إذا بادرت بالردّ. وفي خطاب متلفز من البيت الأبيض بعد انضمام بلاده إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية على إيران، وصف ترامب الهجمات الأمريكية بأنها «نجاح عسكري باهر». وكان ترامب أعلن قبيل ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن طائرات أمريكية ضربت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران. وتعهّدت إيران بالردّ على القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة إذا تدخلت واشنطن في الحرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store