
هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟
Getty Images
دائماً ما يُقال إن تناول تفاحة يومياً يُغنيك عن زيارة الطبيب، فهل لهذه الفاكهة البسيطة كل هذا التأثير الإيجابي حقّاً على صحتنا؟
يحب العالم التفاح. إذ يُنتج سنوياً ما يقارب 100 مليون طن منه. ولطالما عُرفت هذه الفاكهة، التي تتوفر بألوان ونكهات متنوعة، بإسهامها في الحفاظ على صحتنا.
تعود أصول العبارة الإنجليزية الشهيرة: "تفاحة واحدة يومياً، تُبقي الطبيب بعيداً"، إلى مثل ويلزي أطول قليلاً كُتب عام 1866: "تناول تفاحة قبل الذهاب إلى السرير وستحرم الطبيب من كسب قوت يومه".
ولكن هل ثمة حقيقة جوهرية وراء هذه الفكرة الراسخة لدى الناس؟ وهل التفاح صحيٌّ بشكلٍ خاص مقارنةً بالفواكه الأخرى؟
لنلقي أولاً نظرة على العناصر الغذائية التي يحتويها التفاح. فهو مصدر غني بالمركبات الكيميائية النباتية، بما في ذلك الفلافانول. وقد رُبطت هذه المركبات بالعديد من الفوائد الصحية، مثل الحفاظ على وزن صحي وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
يحتوي التفاح أيضاً على العديد من المركبات متعددة الفينول، بما في ذلك مركّبات الأنثوسيانين، التي تُكسب قشور التفاح لونها الأحمر، وترتبط بتحسين صحة القلب. ومن بين متعددات الفينول الأخرى الموجودة في التفاح، الفلوريدزين، الذي يُساعد في ضبط مستوى السكر في الدم.
يحتوي التفاح كذلك على الكثير من الألياف، وخاصةً البكتين، ما يقلل من كمية البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL) في الدم، وهي الشكل غير الصحي من الكوليسترول. كما يُقلل البكتين من كمية السكر والدهون التي نمتصها من الطعام، ما يُساعد على استقرار مستويات السكر في الدم.
ويبدو أن هذه العناصر الغذائية الموجودة في التفاح تُقدم فوائد صحية. فقد أشارت مراجعة لخمس دراسات أُجريت عام 2017 إلى أن تناول التفاح يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 18 في المئة. ووجدت مراجعة أخرى أُجريت عام 2022، وحللت 18 دراسة، أن تناول المزيد من التفاح، أو الأطعمة المشتقة منه مثل عصير التفاح، يُمكن أن يُخفض مستوى الكوليسترول، إذا واظب الشخص على ذلك لأكثر من أسبوع.
Getty Images
ويمكن أن يُقلل اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 40 في المئة، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى المركبات النشطة بيولوجياً، وهي المواد الكيميائية النباتية، الموجودة بكثرة في التفاح. بل إن بعض الدراسات ربطت بين تناول التفاح وانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
كما أن تناول التفاح بانتظام يرتبط بفوائد صحية متنوعة، ومن المعلوم أنه غني بالمركبات الصحية. ولكن هل التفاح تحديداً أكثر فعالية من غيره من الأطعمة النباتية في "تجنيبنا زيارة الطبيب"؟
تقول جانيت كولسون، أستاذة التغذية وعلوم الطعام في جامعة ولاية تينيسي الوسطى في الولايات المتحدة: "لا يحتوي التفاح على الكثير من فيتامين ج، وليس فيه حديد أو كالسيوم، ولكنه يحتوي على العديد من المكونات الأخرى التي تعزز الصحة وتقوم بأشياء رائعة للجسم".
وتقول فلافيا غوتسو، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء النباتية بجامعة فيرونا في إيطاليا، إن التفاح يحتوي على مركبات شائعة في الفواكه والخضروات الأخرى، بما في ذلك متعددات الفينول المفيدة.
ومتعددات الفينول هي جزيئات قوية مضادة للأكسدة، تساعد على موازنة نسبة مضادات الأكسدة إلى الجذور الحرة في أجسامنا. والجذور الحرة هي جزيئات أكسجين شديدة التفاعل، وقد تُلحق الضرر بالخلايا.
وبالسيطرة على الجذور الحرة، نقلل من خطر الإصابة بأمراض متعددة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب التي قد تنتج عن الالتهابات طويلة الأمد.
ويقول بعض الباحثين إن التفاح هو "الثاني من بين جميع الفواكه من حيثُ القوة المضادة للأكسدة".
ويحتوي التفاح أيضاً على الفلوريدزين، وهو مركب قلّما تجده في الفواكه الأخرى. وكما هو الحال مع البكتين، فإن الفلوريدزين يُقلل على ما يبدو من كمية السكر التي نمتصها من الطعام.
ويُعد التفاح أيضاً مصدراً جيداً للمركبات الفينولية، وهي نوع آخر من المركبات الكيميائية النباتية. وقد وجدت إحدى الدراسات أن سكان الولايات المتحدة يحصلون على حوالي خُمس إجمالي استهلاكهم من الفينول من التفاح. وتشير الأبحاث إلى أن المركبات الفينولية الموجودة في التفاح ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسرطان، والربو، والسكري، والسمنة.
لكن ليس متعددات الفينول القوية ومضادات الأكسدة وحدها ما دفع بعض العلماء إلى التوصية بالتفاح بدلاً من أنواع أخرى من الفواكه. ففي العديد من الدراسات، يوصي العلماء بتناول التفاح بانتظام نظراً لتوفره على نطاق واسع. وهذا يعني أن تناوله بانتظام يُعد أمراً في متناول الكثير من الناس.
Getty Images
من الواضح أن التفاح قادر على تحسين صحتنا. لكن، هل من المبالغة القول إن تناول تفاحة واحدة يومياً سيغنينا عن زيارة الطبيب؟
لحسن الحظ، بحثت دراسة أُجريت عام 2015 هذا السؤال تحديداً. إذ حلل الباحثون استطلاعاً شمل ما يقرب من 9 آلاف شخص، حيث ذكر المشاركون ما تناولوه خلال 24 ساعة، وقالوا إنه يُلخّص نظامهم الغذائي اليومي المعتاد.
ووجد الباحثون أن آكلي التفاح كانت فرصهم أكبر في تجنب زيارة الطبيب من غير آكلي التفاح، ومع ذلك، لم تكن تلك النتيجة ذات دلالة إحصائية، وذلك عند الأخذ في الاعتبار أن آكلي التفاح غالباً ما يكونون بمستوى أعلى من التعليم، كما أن احتمالية أن يكونوا مدخنين أقل.
ويقول الباحث الرئيسي ماثيو ديفيس، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة في كلية دارتموث جيزيل للطب، في نيو هامبشاير بالولايات المتحدة: "النتيجة الرئيسية، هي أنه لا يوجد ارتباط كبير بين الأشخاص الذين يستهلكون تفاحة واحدة بانتظام يومياً واحتمالية زيارة الطبيب، فهذا أمر معقد".
ويضيف: "بناءً على تحليلاتنا، فإن الأشخاص الذين يستهلكون التفاح يتمتعون بصحة أفضل بشكل عام".
لكن الباحثين وجدوا أيضاً أن الأشخاص الذين تناولوا التفاح يومياً كانوا أقل اعتماداً على الأدوية الموصوفة، وهي نتيجة بقيت ذات دلالة إحصائية مهمة حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين المشاركين الذين تناولوا تفاحة واحدة يومياً، وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
وبناءً على ذلك، يخلص البحث إلى أن المقولة الأكثر ملاءمة قد تكون: "تفاحة واحدة يومياً، تُبقي الصيدلي بعيداً".
ولكن لدى ديفيس بعض المشاكل مع العبارة المتعلقة بتناول تفاحة يومياً، إذ يقول إنه قد يكون هناك سبب آخر لعدم تمكنه هو وزملاؤه من العثور على صلة بين استهلاك التفاح يومياً وزيارة الطبيب.
ويضيف: "هناك افتراض مسبق يقول إنك لا تزور الطبيب إلا عندما تمرض، لكن الناس يزورون الطبيب أيضاً لإجراء فحوصات سنوية وتدابير وقائية أخرى". ولهذا السبب، حلّل ديفيس أيضاً البيانات المتعلقة باحتمالية صرف الأدوية الموصوفة.
ويتابع ديفيس بالقول: "هذا يعني أن التفاح يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة".
Getty Images
لكن ديفيس يؤكد أن التفاح وحده لا يكفي في النهاية للحيلولة دون زيارة الطبيب، وأن الأهم هو اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام. ويضيف: "هذا هو القصد من المثل الشعبي المشهور".
وتتفق الباحثة كولسون في أن العبارة المتعلقة بتناول التفاح يومياً تدلل على تناول الأطعمة النباتية بانتظام. ويُعد التفاح مثالاً جيداً على مثل هذه الأطعمة، فهو يتوفر للناس بسهولة، وبأسعار معقولة، ومدة صلاحيته طويلة.
وتقول: "قبل وجود الثلاجات، كان بالإمكان تخزين التفاح في القبو، فيدوم لفترة طويلة، كما أنه لا يجذب العفن".
وتوصلت دراسات أخرى إلى فوائد صحية تتعلق بتناول التفاح يومياً، ولكن فقط بين الأشخاص الذين يستهلكون أكثر من تفاحة واحدة يومياً.
وفي دراسة نُشرت عام 2020، قسّم الباحثون 40 مشاركاً، جميعهم يعانون من ارتفاع طفيف في مستويات الكوليسترول، إلى مجموعتين. تناول أفراد إحدى المجموعتين تفاحتين يومياً، فيما تناولت المجموعة الأخرى مشروب تفاح ذا سعرات حرارية مماثلة. واستمرت التجربة ثمانية أسابيع، وباستثناء منتجات التفاح، لم يُجرِ المشاركون أي تغييرات أخرى على أنظمتهم الغذائية.
ووجد الباحثون أن آكلي التفاح سجّلوا انخفاضاً ملحوظاً سريرياً في مستوى الكوليسترول في نهاية الدراسة. ومع ذلك، فإن إحدى نقاط ضعف هذه الدراسة كانت صغر حجمها؛ إذ إن 40 مشاركاً يمثلون عينة صغيرة نسبياً لا يمكن استخلاص أي استنتاجات مهمة منها.
وتوصلت دراسة أخرى أُجريت على 40 امرأة يعانين من زيادة الوزن، إلى أن تناول ثلاث تفاحات يومياً حفز فقدان الوزن لديهن، وبنتيجة إحصائية ذات دلالة مهمة، وحسّن أيضاً مستويات الغلوكوز في الدم، لكن دون دلالة إحصائية مهمة.
أما بالنسبة لأفضل طريقة لتناول التفاح في سبيل الحصول على الفائدة القصوى، فتنصح الباحثة غوتسو بعدم تقشير التفاح.
وتقول: "علينا أن نأكل قشر التفاح، لأنه يحتوي على معظم المركبات متعددة الفينول الموجودة في التفاح".
وتضيف: "كما أن الأصناف القديمة أفضل من الأصناف الجديدة من التفاح".
وفي عام 2021، نشرت غوتسو وزملاؤها ورقة بحثية تدرس القيمة الغذائية لصنف من التفاح يُدعى "بوم بروسيا"، وهو صنف قديم من شمال إيطاليا، ووجدت أنه أغنى بمتعددات الفينول من أصناف التفاح الحديثة.
وتقول غوتسو: "حين يختار المزارعون أصنافاً جديدة، فإنهم يبحثون عن سمات أخرى، بما في ذلك الحجم والطعم ومتانة الأشجار".
وتضيف: "وحين يختارون هذه السمات، بدلاً من محتوى الأصناف من المركبات متعددة الفينول، يصبح ذلك الصنف الذي يختارونه أقل جودة من وجهة نظر صحية".
وتشير غوتسو إلى أن بعض المركبات متعددة الفينول يمكن أن تنتج طعماً مرّاً، وأن الأصناف الأكثر حلاوة من التفاح ربما تحتوي على نسبة أقل من هذه المركبات.
أما بالنسبة للون، فتقول غوتسو إنه لا يُهم كثيراً. فالمركبات متعددة الفينول التي تُسبب احمرار أو اخضرار قشرة التفاح مفيدة لنا.
وفي النهاية، صحيح أن تناول تفاحة يومياً قد لا يعني تقليل زياراتك للطبيب، إلا أنه قد يؤثر على صحتك بشكل عام أو اعتمادك على الأدوية المزمنة. ولكن، كما هو الحال دائماً، فإن الصورة الأكبر أكثر تعقيداً.
وتقول غوتسو إن تناول تفاحة يومياً أمر رائع، ولكن فقط إذا كان ذلك ضمن نظام غذائي غني بأطعمة نباتية أخرى متنوعة، لأنها تُعد عاملاً مهمّاً في الصحة الجيدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ 13 ساعات
- أخبار ليبيا
علماء يحلون لغزا عمره 30 عاما قد يكون مفتاح الوقاية من مرضين يصعب علاجهما
فبعد أكثر من 30 عاما من البحث المضني، تمكن فريق دولي بقيادة علماء من جامعة فلوريدا وكلية ترينيتي في دبلن من تحديد الجين المسؤول عن امتصاص مركب 'الكيوسين' في الخلايا البشرية، وهو عنصر غذائي حيوي يشبه الفيتامينات ويؤثر على وظائف حيوية تتراوح بين صحة الدماغ والوقاية من الأورام السرطانية. ويعمل هذا المركب الغامض كـ'معدل دقيق' لآلية قراءة الشفرة الوراثية في خلايا الجسم، حيث يقوم بضبط عمل جزيئات الحمض النووي الناقل التي تلعب دورا محوريا في تصنيع البروتينات. واللافت أن الجسم البشري لا يستطيع إنتاج هذا المركب بنفسه، بل يعتمد كليا على مصدرين رئيسيين للحصول عليه: الأطعمة التي نتناولها (خاصة منتجات الألبان والبطاطا)، والبكتيريا النافعة التي تعيش في أمعائنا. ويعد 'الكيوسين' مفتاحا دقيقا لقراءة الشفرة الجينية، حيث يعدل جزيئات 'الحمض النووي الناقل' (tRNA) المسؤولة عن بناء البروتينات. وتوضح دي كريسي-لاغارد: 'إنه مثل ضابط إيقاع يتحكم في طريقة ترجمة الجينات… إنه مركب صغير مجهول، لكن تأثيره هائل'. ويأتي هذا الكشف العلمي ليملأ فراغا كبيرا في فهمنا للعلاقة المعقدة بين التغذية والصحة والجينات. فمعرفة الجين المحدد، المسمى SLC35F2، الذي يسمح بدخول 'الكيوسين' إلى الخلايا البشرية، يفتح الباب على مصراعيه أمام تطوير علاجات جديدة تستهدف تحسين الوظائف الإدراكية، ومقاومة الأورام، وتنظيم العمليات الأيضية في الجسم. ويقود هذا الاكتشاف إلى إدراك حقيقة مذهلة: أن هناك عالما كاملا من العناصر الغذائية المجهولة التي قد تلعب أدوارا حاسمة في صحتنا، دون أن نكون على دراية كافية بها. فقد ظل 'الكيوسين'، رغم أهميته البالغة، لعقود عنصرا مغفلا في بحوث التغذية والطب، إلى أن سلطت هذه الدراسة الضوء على دوره المحوري في صحتنا. وتمكن الفريق البحثي من تحقيق هذا الإنجاز عبر تعاون دولي غير مسبوق، جمع خبراء من الولايات المتحدة وأيرلندا، مستخدمين أحدث التقنيات في مجال البيولوجيا الجزيئية. وأشار البروفيسور فينسينت كيلي من جامعة ترينيتي: 'لطالما عرفنا أن الكيوسين يؤثر على الدماغ والسرطان وحتى الاستجابة للتوتر، لكننا لم نكن نعرف كيف ينتقل من الأمعاء إلى مليارات الخلايا… والآن لدينا الإجابة'. ويعد هذا الكشف بداية لعصر جديد من الأبحاث التي ستستكشف كيف يمكن تسخير هذه المعرفة لتحسين صحة الإنسان. فمع فهم الآليات الدقيقة التي تتحكم في امتصاص وتوزيع هذا المركب الحيوي في الجسم، يصبح بمقدور الباحثين تطوير استراتيجيات علاجية أكثر دقة تستهدف هذه الآليات لتعزيز الصحة ومقاومة الأمراض. المصدر: scitechdaily


الوسط
منذ 18 ساعات
- الوسط
هل تناول تفاحة في اليوم مفيد حقّاً لصحتك؟
Getty Images دائماً ما يُقال إن تناول تفاحة يومياً يُغنيك عن زيارة الطبيب، فهل لهذه الفاكهة البسيطة كل هذا التأثير الإيجابي حقّاً على صحتنا؟ يحب العالم التفاح. إذ يُنتج سنوياً ما يقارب 100 مليون طن منه. ولطالما عُرفت هذه الفاكهة، التي تتوفر بألوان ونكهات متنوعة، بإسهامها في الحفاظ على صحتنا. تعود أصول العبارة الإنجليزية الشهيرة: "تفاحة واحدة يومياً، تُبقي الطبيب بعيداً"، إلى مثل ويلزي أطول قليلاً كُتب عام 1866: "تناول تفاحة قبل الذهاب إلى السرير وستحرم الطبيب من كسب قوت يومه". ولكن هل ثمة حقيقة جوهرية وراء هذه الفكرة الراسخة لدى الناس؟ وهل التفاح صحيٌّ بشكلٍ خاص مقارنةً بالفواكه الأخرى؟ لنلقي أولاً نظرة على العناصر الغذائية التي يحتويها التفاح. فهو مصدر غني بالمركبات الكيميائية النباتية، بما في ذلك الفلافانول. وقد رُبطت هذه المركبات بالعديد من الفوائد الصحية، مثل الحفاظ على وزن صحي وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. يحتوي التفاح أيضاً على العديد من المركبات متعددة الفينول، بما في ذلك مركّبات الأنثوسيانين، التي تُكسب قشور التفاح لونها الأحمر، وترتبط بتحسين صحة القلب. ومن بين متعددات الفينول الأخرى الموجودة في التفاح، الفلوريدزين، الذي يُساعد في ضبط مستوى السكر في الدم. يحتوي التفاح كذلك على الكثير من الألياف، وخاصةً البكتين، ما يقلل من كمية البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة (LDL) في الدم، وهي الشكل غير الصحي من الكوليسترول. كما يُقلل البكتين من كمية السكر والدهون التي نمتصها من الطعام، ما يُساعد على استقرار مستويات السكر في الدم. ويبدو أن هذه العناصر الغذائية الموجودة في التفاح تُقدم فوائد صحية. فقد أشارت مراجعة لخمس دراسات أُجريت عام 2017 إلى أن تناول التفاح يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 18 في المئة. ووجدت مراجعة أخرى أُجريت عام 2022، وحللت 18 دراسة، أن تناول المزيد من التفاح، أو الأطعمة المشتقة منه مثل عصير التفاح، يُمكن أن يُخفض مستوى الكوليسترول، إذا واظب الشخص على ذلك لأكثر من أسبوع. Getty Images ويمكن أن يُقلل اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 40 في المئة، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى المركبات النشطة بيولوجياً، وهي المواد الكيميائية النباتية، الموجودة بكثرة في التفاح. بل إن بعض الدراسات ربطت بين تناول التفاح وانخفاض خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. كما أن تناول التفاح بانتظام يرتبط بفوائد صحية متنوعة، ومن المعلوم أنه غني بالمركبات الصحية. ولكن هل التفاح تحديداً أكثر فعالية من غيره من الأطعمة النباتية في "تجنيبنا زيارة الطبيب"؟ تقول جانيت كولسون، أستاذة التغذية وعلوم الطعام في جامعة ولاية تينيسي الوسطى في الولايات المتحدة: "لا يحتوي التفاح على الكثير من فيتامين ج، وليس فيه حديد أو كالسيوم، ولكنه يحتوي على العديد من المكونات الأخرى التي تعزز الصحة وتقوم بأشياء رائعة للجسم". وتقول فلافيا غوتسو، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء النباتية بجامعة فيرونا في إيطاليا، إن التفاح يحتوي على مركبات شائعة في الفواكه والخضروات الأخرى، بما في ذلك متعددات الفينول المفيدة. ومتعددات الفينول هي جزيئات قوية مضادة للأكسدة، تساعد على موازنة نسبة مضادات الأكسدة إلى الجذور الحرة في أجسامنا. والجذور الحرة هي جزيئات أكسجين شديدة التفاعل، وقد تُلحق الضرر بالخلايا. وبالسيطرة على الجذور الحرة، نقلل من خطر الإصابة بأمراض متعددة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب التي قد تنتج عن الالتهابات طويلة الأمد. ويقول بعض الباحثين إن التفاح هو "الثاني من بين جميع الفواكه من حيثُ القوة المضادة للأكسدة". ويحتوي التفاح أيضاً على الفلوريدزين، وهو مركب قلّما تجده في الفواكه الأخرى. وكما هو الحال مع البكتين، فإن الفلوريدزين يُقلل على ما يبدو من كمية السكر التي نمتصها من الطعام. ويُعد التفاح أيضاً مصدراً جيداً للمركبات الفينولية، وهي نوع آخر من المركبات الكيميائية النباتية. وقد وجدت إحدى الدراسات أن سكان الولايات المتحدة يحصلون على حوالي خُمس إجمالي استهلاكهم من الفينول من التفاح. وتشير الأبحاث إلى أن المركبات الفينولية الموجودة في التفاح ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، والسرطان، والربو، والسكري، والسمنة. لكن ليس متعددات الفينول القوية ومضادات الأكسدة وحدها ما دفع بعض العلماء إلى التوصية بالتفاح بدلاً من أنواع أخرى من الفواكه. ففي العديد من الدراسات، يوصي العلماء بتناول التفاح بانتظام نظراً لتوفره على نطاق واسع. وهذا يعني أن تناوله بانتظام يُعد أمراً في متناول الكثير من الناس. Getty Images من الواضح أن التفاح قادر على تحسين صحتنا. لكن، هل من المبالغة القول إن تناول تفاحة واحدة يومياً سيغنينا عن زيارة الطبيب؟ لحسن الحظ، بحثت دراسة أُجريت عام 2015 هذا السؤال تحديداً. إذ حلل الباحثون استطلاعاً شمل ما يقرب من 9 آلاف شخص، حيث ذكر المشاركون ما تناولوه خلال 24 ساعة، وقالوا إنه يُلخّص نظامهم الغذائي اليومي المعتاد. ووجد الباحثون أن آكلي التفاح كانت فرصهم أكبر في تجنب زيارة الطبيب من غير آكلي التفاح، ومع ذلك، لم تكن تلك النتيجة ذات دلالة إحصائية، وذلك عند الأخذ في الاعتبار أن آكلي التفاح غالباً ما يكونون بمستوى أعلى من التعليم، كما أن احتمالية أن يكونوا مدخنين أقل. ويقول الباحث الرئيسي ماثيو ديفيس، الأستاذ المساعد في علم الأوبئة في كلية دارتموث جيزيل للطب، في نيو هامبشاير بالولايات المتحدة: "النتيجة الرئيسية، هي أنه لا يوجد ارتباط كبير بين الأشخاص الذين يستهلكون تفاحة واحدة بانتظام يومياً واحتمالية زيارة الطبيب، فهذا أمر معقد". ويضيف: "بناءً على تحليلاتنا، فإن الأشخاص الذين يستهلكون التفاح يتمتعون بصحة أفضل بشكل عام". لكن الباحثين وجدوا أيضاً أن الأشخاص الذين تناولوا التفاح يومياً كانوا أقل اعتماداً على الأدوية الموصوفة، وهي نتيجة بقيت ذات دلالة إحصائية مهمة حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين المشاركين الذين تناولوا تفاحة واحدة يومياً، وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وبناءً على ذلك، يخلص البحث إلى أن المقولة الأكثر ملاءمة قد تكون: "تفاحة واحدة يومياً، تُبقي الصيدلي بعيداً". ولكن لدى ديفيس بعض المشاكل مع العبارة المتعلقة بتناول تفاحة يومياً، إذ يقول إنه قد يكون هناك سبب آخر لعدم تمكنه هو وزملاؤه من العثور على صلة بين استهلاك التفاح يومياً وزيارة الطبيب. ويضيف: "هناك افتراض مسبق يقول إنك لا تزور الطبيب إلا عندما تمرض، لكن الناس يزورون الطبيب أيضاً لإجراء فحوصات سنوية وتدابير وقائية أخرى". ولهذا السبب، حلّل ديفيس أيضاً البيانات المتعلقة باحتمالية صرف الأدوية الموصوفة. ويتابع ديفيس بالقول: "هذا يعني أن التفاح يقلل من احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة". Getty Images لكن ديفيس يؤكد أن التفاح وحده لا يكفي في النهاية للحيلولة دون زيارة الطبيب، وأن الأهم هو اتباع نظام غذائي صحي بشكل عام. ويضيف: "هذا هو القصد من المثل الشعبي المشهور". وتتفق الباحثة كولسون في أن العبارة المتعلقة بتناول التفاح يومياً تدلل على تناول الأطعمة النباتية بانتظام. ويُعد التفاح مثالاً جيداً على مثل هذه الأطعمة، فهو يتوفر للناس بسهولة، وبأسعار معقولة، ومدة صلاحيته طويلة. وتقول: "قبل وجود الثلاجات، كان بالإمكان تخزين التفاح في القبو، فيدوم لفترة طويلة، كما أنه لا يجذب العفن". وتوصلت دراسات أخرى إلى فوائد صحية تتعلق بتناول التفاح يومياً، ولكن فقط بين الأشخاص الذين يستهلكون أكثر من تفاحة واحدة يومياً. وفي دراسة نُشرت عام 2020، قسّم الباحثون 40 مشاركاً، جميعهم يعانون من ارتفاع طفيف في مستويات الكوليسترول، إلى مجموعتين. تناول أفراد إحدى المجموعتين تفاحتين يومياً، فيما تناولت المجموعة الأخرى مشروب تفاح ذا سعرات حرارية مماثلة. واستمرت التجربة ثمانية أسابيع، وباستثناء منتجات التفاح، لم يُجرِ المشاركون أي تغييرات أخرى على أنظمتهم الغذائية. ووجد الباحثون أن آكلي التفاح سجّلوا انخفاضاً ملحوظاً سريرياً في مستوى الكوليسترول في نهاية الدراسة. ومع ذلك، فإن إحدى نقاط ضعف هذه الدراسة كانت صغر حجمها؛ إذ إن 40 مشاركاً يمثلون عينة صغيرة نسبياً لا يمكن استخلاص أي استنتاجات مهمة منها. وتوصلت دراسة أخرى أُجريت على 40 امرأة يعانين من زيادة الوزن، إلى أن تناول ثلاث تفاحات يومياً حفز فقدان الوزن لديهن، وبنتيجة إحصائية ذات دلالة مهمة، وحسّن أيضاً مستويات الغلوكوز في الدم، لكن دون دلالة إحصائية مهمة. أما بالنسبة لأفضل طريقة لتناول التفاح في سبيل الحصول على الفائدة القصوى، فتنصح الباحثة غوتسو بعدم تقشير التفاح. وتقول: "علينا أن نأكل قشر التفاح، لأنه يحتوي على معظم المركبات متعددة الفينول الموجودة في التفاح". وتضيف: "كما أن الأصناف القديمة أفضل من الأصناف الجديدة من التفاح". وفي عام 2021، نشرت غوتسو وزملاؤها ورقة بحثية تدرس القيمة الغذائية لصنف من التفاح يُدعى "بوم بروسيا"، وهو صنف قديم من شمال إيطاليا، ووجدت أنه أغنى بمتعددات الفينول من أصناف التفاح الحديثة. وتقول غوتسو: "حين يختار المزارعون أصنافاً جديدة، فإنهم يبحثون عن سمات أخرى، بما في ذلك الحجم والطعم ومتانة الأشجار". وتضيف: "وحين يختارون هذه السمات، بدلاً من محتوى الأصناف من المركبات متعددة الفينول، يصبح ذلك الصنف الذي يختارونه أقل جودة من وجهة نظر صحية". وتشير غوتسو إلى أن بعض المركبات متعددة الفينول يمكن أن تنتج طعماً مرّاً، وأن الأصناف الأكثر حلاوة من التفاح ربما تحتوي على نسبة أقل من هذه المركبات. أما بالنسبة للون، فتقول غوتسو إنه لا يُهم كثيراً. فالمركبات متعددة الفينول التي تُسبب احمرار أو اخضرار قشرة التفاح مفيدة لنا. وفي النهاية، صحيح أن تناول تفاحة يومياً قد لا يعني تقليل زياراتك للطبيب، إلا أنه قد يؤثر على صحتك بشكل عام أو اعتمادك على الأدوية المزمنة. ولكن، كما هو الحال دائماً، فإن الصورة الأكبر أكثر تعقيداً. وتقول غوتسو إن تناول تفاحة يومياً أمر رائع، ولكن فقط إذا كان ذلك ضمن نظام غذائي غني بأطعمة نباتية أخرى متنوعة، لأنها تُعد عاملاً مهمّاً في الصحة الجيدة.


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
كيف تحافظ على صحة قلبك؟
Getty Images يؤدي قلبك دوراً ضرورياً لصالح جميع وظائف الجسم لتعمل بشكل صحيح وتستمر الحياة القلب السليم هو أساس عمل الجسم بكفاءة، إذ يضخ الدم ويوصل الأكسجين والعناصر الغذائية الأساسية إلى مختلف أنحاء الجسم. وتُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة حول العالم، حيث تودي بحياة قرابة 18 مليون شخص سنوياً، بحسب منظمة الصحة العالمية. ومن بين كل خمس وفيات بأمراض القلب، أربع حالات يعود سببها إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية. ويؤكد أطباء القلب أن الحفاظ على صحة القلب أمر يمكن تحقيقه من خلال ممارسات يومية، ويُقاس ذلك لدى البالغين بمعدل نبض يتراوح بين 60 و100 ضربة في الدقيقة أثناء الراحة. ويقول الدكتور إيفان ليفين، طبيب القلب من الولايات المتحدة: "يمكننا تقليل الأضرار التي تصيب القلب في وقت مبكر من الحياة عبر نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة، والامتناع عن التدخين". لكن، هل الأمر بهذه البساطة؟ هل يعني القلب السليم بالضرورة أن يُقلّل خطر الإصابة بنوبة قلبية؟ بدايةً، ما هي النوبة القلبية؟ Getty Images إذا كنت تشكّ في إصابتك بنوبة قلبية، فاتصل بخدمة الطوارئ على الفور النوبة القلبية تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى القلب فجأة. وعندما ينقطع تدفق الدم الذي يحمل الأكسجين إلى القلب، قد تتضرر عضلة القلب أو تبدأ بالموت. بدون علاج فوري، قد تتعرض عضلات القلب لأضرار لا يمكن معالجتها. وإذا تلف جزء كبير من القلب بهذا الشكل، قد يتوقف القلب عن النبض، وهو ما يعرف بالسكتة القلبية، مما يؤدي إلى الوفاة. نصف الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية تحدث خلال الساعات الثلاث إلى الأربع - الأولى بعد ظهور الأعراض، لذلك من الضروري التعامل مع أعراض النوبة القلبية كحالة طارئة تستدعي العلاج الفوري. ويُعد مرض الشريان التاجي السبب الأكثر شيوعاً للنوبات القلبية، حيث تتراكم مادة دهنية تُسمى "اللويحات" على جدران الشرايين، مما يجعلها ضيقة جداً، ويؤدي إلى إعاقة تدفق الدم بسهولة. يُصاب حوالي 805 آلاف شخص في الولايات المتحدة بنوبة قلبية كل عام، منهم 605 آلاف لأول مرة، و200 ألف شخص سبق وأن أصيبوا بها من قبل. ويعني ذلك أن شخصاً واحداً يُعاني من نوبة قلبية كل 40 ثانية تقريباً، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة. كيف أعرف أنني أعاني من نوبة قلبية؟ Getty Images يمكن أن ينتشر ألم النوبة القلبية من الصدر إلى الذراعين يُمكن أن تحدث النوبة القلبية مصحوبة بمجموعة من الأعراض، أكثرها شيوعاً ألمٌ في الصدر، ولكن مع ضغط شديد وضيق في الصدر، وليس مجرد ألم حاد. وقد تشعر بعض النساء بآلام في الصدر، بالإضافة إلى ألم في الرقبة والذراعين. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، طبيبة القلب من كاليفورنيا، إن النوبة القلبية قد تُشخّص في البداية على أنها عسر هضم. ولكن، على عكس عسر الهضم، غالباً ما تُسبب النوبة القلبية ألماً في أجزاء أخرى من الجسم، مثل الذراع الأيسر والفك والظهر والمعدة. ومن الأعراض الأخرى للنوبة القلبية الدوخة أو اختلال في التوازن، التعرق المفرط، ضيق التنفس، وصوت صفير عند التنفس. وعلى الرغم من أن بعض النوبات القلبية تحدث فجأة، إلّا أنه قد تظهر أحياناً علامات تحذيرية قبل ساعات أو حتى أيام من حدوثها. قد يكون ألم الصدر الذي لا يزول مع الراحة بمثابة إنذار. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان: "بعد ثلاث ساعات، قد تبدأ عضلة القلب المتضررة بالموت إذا لم يُستعَدْ تدفقُ الدم، لذا أنصح بمضغ قرص أسبرين حتى وصول المسعفين". ويؤكد أطباء القلب على ضرورة الحصول على العلاج فوراً إذا كنت تشكّ في إصابتك بنوبة قلبية. ويقول طبيب القلب الأمريكي الدكتور إيفان ليفين: "يجب أن تعرف من أنت وعوامل الخطر لديك؛ العمر، والوزن، وعادات التدخين وتناول المشروبات الكحولية، بالإضافة إلى تاريخ عائلتك. إذا كانت كل هذه العوامل تؤثر عليك وتشعر بضغط في الصدر، فاطلب المساعدة الطبية الطارئة". كيف تقي نفسك من النوبة القلبية؟ Getty Images إن نمط الحياة الصحي هو مفتاح الوقاية من النوبات القلبية هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقليل خطر الإصابة بنوبة قلبية، وأبرزها خفض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول من خلال اتّباع النظام الغذائي وممارسة الرياضة. والكوليسترول مادة موجودة في الدم ضرورية لبناء خلايا صحية. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات بعض أنواعه يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويؤكد أطباء القلب على أهمية الحفاظ على نمط حياة صحي كإجراء يومي لحماية القلب. واتّباع نظام غذائي متوازن يتضمن خفض الدهون وزيادة الألياف، مع تقنين الملح إلى أقل من 6 غرامات يومياً، يُعد خطوة مهمة للحفاظ على ضغط دم طبيعي. ويُوصَى بتقليل استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة وتلك التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة، لما لها من تأثير سلبي في رفع الكوليسترول الضار، وتشمل هذه الأطعمة: فطائر اللحم، المخبوزات السكرية، منتجات المعجنات، اللحوم المصنعة، الزبدة، والمنتجات التي تحتوي على زيت النخيل. في المقابل، من المهم أن يحتوي النظام الغذائي على الدهون غير المشبعة، فهي ترفع الكوليسترول الجيد وتساعد في تنظيف الشرايين من التراكمات. وتوجد هذه الدهون المفيدة في: الأسماك الدهنية، والأفوكادو، والمكسرات، والزيوت النباتية. وتقول الدكتورة أيلين بارسيغيان، إن "حمية البحر الأبيض المتوسط ممتازة، وقد ثبت علمياً أنها تقلل من أمراض القلب والأوعية الدموية". ويُعتبر الجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام من أكثر الطرق فعالية للحفاظ على صحة القلب. كما أن الحفاظ على وزن صحي يقلل من فرص الإصابة بارتفاع ضغط الدم. وينصح طبيب القلب الدكتور إيفان ليفين بممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، خمسة أيام في الأسبوع. لكن نصيحته الأهم لنمط حياة صحي هي: "لا تدخن أبداً، ولا تستخدم السجائر الإلكترونية". ووجدت دراسة أُجريت على 24,927 شخصاً أن الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية والسجائر التقليدية معاً يواجهون نفس مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بمن يدخنون السجائر التقليدية فقط، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية. في حين أن من يستخدمون السجائر الإلكترونية فقط، كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب بنسبة تتراوح بين 30 في المئة إلى 60 في المئة. وتشير جمعية القلب الأمريكية إلى أن واحداً من كل خمسة مرضى أُصيبوا سابقاً بنوبة قلبية، قد يُعاد إدخاله إلى المستشفى نتيجة نوبة قلبية أخرى خلال فترة خمس سنوات. لكن وصف أدوية مثل "الستاتين" و"الإيزيتيميب" بعد النوبة القلبية الأولى، اللذين يعملان على خفض الكوليسترول في الدم، يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بنوبة ثانية، وفقاً لدراسات من كلية إمبريال لندن وجامعة لوند في السويد. وتوضح الدكتورة بارسيغيان في ختام حديثها، أن هناك أدلة متراكمة منذ سنوات تؤكد العلاقة المطردة بين انخفاض مستوى الكوليسترول الضار وانخفاض فرصة الإصابة بمشاكل في القلب والأوعية الدموية. ارتفاع النوبات القلبية بين الشباب Getty Images يشعر أطباء القلب بالقلق من أن نمط حياة الشباب يساهم في ارتفاع حالات الإصابة بالنوبات القلبية رغم أن خطر الإصابة بنوبة قلبية يزداد عادةً مع التقدم في العمر، إلّا أن بيانات المركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة تُظهر تزايداً في الحالات بين الشباب الأصغر سناً. ففي عام 2019، تعرض نحو 0.3 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً لنوبة قلبية، بينما ارتفعت النسبة إلى 0.5 في المئة بحلول عام 2023. ويُفسّر الدكتور إيفان ليفين هذا الارتفاع إلى تغيّرات في أنماط الحياة، أبرزها الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة وقلّة ممارسة النشاط البدني لدى هذه الفئة العمرية. ويقول: "نحن جميعاً بحاجة إلى التحرك أكثر. ليس بالضرورة الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، ولكن على الأقل ممارسة أي نوع من النشاط. ما يقلقني هو أن أنماط الحياة الخاملة والسلبية أصبحت أكثر شيوعاً منذ وباء كورونا، خاصة بين من يعملون من المنزل". ورغم أن التدخين معروف بدوره في الإصابة بتصلب الشرايين (تراكم الدهون داخل الشرايين)، إلا أن أطباء القلب، ومنهم الدكتور ليفين، يعبّرون عن قلقهم المتزايد من التأثيرات غير المعروفة للسجائر الإلكترونية على صحة الشباب. وتضيف الدكتورة أيلين بارسيغيان: "العوامل الوراثية، مثل فرط كوليسترول الدم العائلي، تسهم أيضاً في زيادة احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية المبكرة. كما أن العوامل البيئية مثل التوتر المزمن وقلة النوم تُعد اليوم من الأسباب المتزايدة التي لا ينبغي تجاهلها".