
دار الطالبة بالجابرية: مشروع تنموي بعمق اجتماعي… وغياب برلماني يكشف أزمة التمثيلية في إقليم سيدي بنور
صوت العذالة – نور الدين عمار
في خطوة نوعية تعكس التزام الدولة بتعزيز تكافؤ الفرص التعليمية في العالم القروي، أعطى عامل إقليم سيدي بنور، السيد منير هواري، الانطلاقة الرسمية لأشغال بناء 'دار الطالبة' بالجماعة الترابية الجابرية، ضمن مشاريع المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. المبادرة، التي تحظى بإشادة مجتمعية متزايدة، وضعت هذه المرة الفتاة القروية في صلب الاهتمام، في منطقة طالما عانت من الهدر المدرسي والحرمان من الحق في التعليم بسبب البعد الجغرافي والهشاشة الاقتصادية.
المشروع، الذي رُصد له غلاف مالي يفوق 3.2 ملايين درهم بتمويل كامل من المبادرة الوطنية، سيُنجز على مدى 8 أشهر من طرف شركة CAP TP SARL، ويهدف إلى توفير الإيواء، الإطعام، والتأطير التربوي لفتيات الجماعة والضواحي. وقد ساهمت الجماعة الترابية للجابرية بتوفير الوعاء العقاري، بينما ستُشرف المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني على تسييره، في نموذج يُجسد التنسيق العملي بين الفاعلين المؤسساتيين محلياً.
لكن، خلف مشهد التدشين الرسمي والمشاركة الوازنة للسلطات المحلية ورؤساء الجماعات الترابية، برز غياب مثير للاستغراب: غيابٌ تام لنواب الإقليم في البرلمان. غيابٌ لم يمر دون تساؤلات، بل أعاد إلى الواجهة نقاشاً طالما طُرح حول فاعلية التمثيلية البرلمانية وجدواها في دعم قضايا التنمية بالعالم القروي.
ففي وقت يتطلب فيه مشروع بهذه الحمولة الاجتماعية تعبئة شاملة لكل الفاعلين، وفي مقدمتهم النواب البرلمانيون، كمحركين للترافع التشريعي والرقابي، غاب ممثلو الأمة عن المشهد تماماً. الأمر الذي فسره بعض المتتبعين المحليين بكونه ليس مجرد صدفة عابرة، بل مؤشراً على خلل بنيوي في علاقة المنتخبين المحليين بالواقع الترابي، بل وأحياناً نوعاً من الانفصال عن نبض المجتمع الذي يُفترض أنهم صوتُه تحت قبة البرلمان.
هل أصبح العالم القروي خارج أجندة المنتخبين؟ وهل تحوّلت الملفات التنموية إلى مناسبات انتخابية ظرفية تُستحضر فقط حين الاقتراع؟ أسئلة مشروعة تتكرر كلما نُفذ مشروع تنموي بهذا الحجم دون أي أثر يُذكر لمن انتخبهم المواطنون للدفاع عن مصالحهم.
الواقع أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مدعومة بشركائها المؤسساتيين، تُثبت مرة بعد أخرى أنها الرافعة الحقيقية لتنمية مستدامة خارج حسابات السياسة الضيقة، في حين يُسجل غياب شبه مزمن لبرلمانيي الإقليم عن المحطات المفصلية في مسار التنمية المجالية.
قد تكون دار الطالبة بالجابرية بداية جديدة لدعم تعليم الفتاة القروية، لكنها أيضاً تكشف بوضوح عمق الأزمة التمثيلية التي يعيشها الإقليم. أزمة لا تُختزل في الغياب عن حفل تدشين، بل تتجسد في غياب رؤية سياسية ملتزمة ترافع من داخل المؤسسات التشريعية لصالح قضايا الهامش.
وتستمر عجلة التنمية في الدوران، يقودها من اختاروا العمل الميداني والمبادرة، بينما يظل البعض الآخر حبيس صور موسمية لم تعد تقنع أحداً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
حملات صارمة ضد الذبيحة السرية بجهة الدار البيضاء-سطات.. إتلاف لحوم فاسدة بالدروة
تشهد جهة الدار البيضاء سطات حملات أمنية وصحية مكثفة تستهدف اللحوم الفاسدة ومظاهر الذبيحة السرية، بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، في خطوة تهدف إلى حماية صحة المواطنين من شبكات التهريب والتوزيع العشوائي للحوم غير الخاضعة للمراقبة. وقد برزت مدينة الدروة، التابعة لإقليم برشيد، كمسرح لواحدة من أكبر العمليات خلال هذه الفترة، بعد أن تمكنت عناصر المركز الترابي للدرك الملكي، بإشراف مباشر من قائد سرية برشيد، من إحباط محاولة تهريب كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة عبر شاحنتين قادمتين من منطقة جمعة رياح. العملية نُفذت، حسب ما توصلت به "الجريدة 24"، خلال نقطة تفتيش روتينية عند مدخل المدينة، وأسفرت عن توقيف الشاحنتين المحملتين بلحوم تفتقر لأدنى الشروط الصحية، ولا تتوفر على الوثائق القانونية الخاصة بالنقل والتخزين، في خرق واضح للقوانين المنظمة لسلسلة السلامة الغذائية. وقد تمت معاينة الشحنتين من طرف لجنة مختلطة تابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، التي أكدت فساد اللحوم وعدم صلاحيتها للاستهلاك، ليتم حجزها ونقلها تحت المراقبة إلى نقطة إتلاف خاصة. نجاح هذه العملية أعاد إلى الواجهة المخاوف المتزايدة من تنامي أنشطة تهريب اللحوم الفاسدة والذبيحة السرية، في ظل تزايد الطلب على اللحوم الحمراء مع حلول مناسبة عيد الأضحى، وما يرافقها من انفلاتات في الأسواق، خاصة في المناطق القروية وشبه الحضرية التي تعاني من ضعف الرقابة. وفي سياق متصل، دخل الفريق الحركي بمجلس النواب على خط هذه الظواهر، موجهاً سؤالاً كتابياً إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، حذر فيه من 'العودة المقلقة للذبيحة السرية'، مشيراً إلى أن عدداً من المناطق تعرف تنامي هذه الممارسات مع اقتراب العيد، رغم القرار الملكي الداعي إلى تعليق شعيرة الذبح هذه السنة تخفيفاً عن المواطنين، نتيجة الجفاف وتراجع أعداد القطيع الوطني. واعتبر الفريق البرلماني أن هذه الممارسات تمثل تهديداً مباشراً للسلامة الصحية للمواطنين، داعياً إلى تدخل عاجل من طرف السلطات الترابية والأمنية لوقف ما سماه "الذبح في الخفاء". ورغم أن القرار الملكي شكل مبادرة اجتماعية وأخلاقية لتخفيف العبء المالي عن الأسر المغربية، إلا أن الأسواق شهدت خلال الأيام الأخيرة نشاطاً تجارياً غير مسبوق في بيع اللحوم ومشتقاتها، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، خاصة بالنسبة لـ"الدوارة" التي تجاوزت في بعض المدن الكبرى عتبة 500 درهم، بينما قفز سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء إلى أكثر من 90 درهماً، في ظل غياب آليات واضحة للمراقبة أو ضبط الأسعار. المفارقة أن عدداً من المواطنين قرروا الحفاظ على طقوس العيد ولو بشكل رمزي، عبر اقتناء مكونات مثل الكبد والكرشة والرئة والقلب، في محاولة للحفاظ على جو المناسبة الدينية والاجتماعية، ولو خارج سياق الذبح التقليدي للأضاحي. غير أن هذا التوجه لم يمنع من بروز ممارسات غير قانونية تسعى لاستغلال الظرفية لتحقيق أرباح على حساب صحة وسلامة المستهلك المغربي، ما يجعل من الحملات الحالية ضرورة ملحة، لا مجرد إجراء ظرفي عابر.


الجريدة 24
منذ 4 ساعات
- الجريدة 24
بعد جدل دعم المواشي.. التويزي: لا مجال للتسييس والمهمة الاستطلاعية هدفها كشف الحقائق
لا يزال ملف دعم استيراد المواشي المعروف إعلاميًا بـ"قضية الفراقشية" يثير الجدل السياسي، وسط توتر متصاعد بين فرق الأغلبية والمعارضة، وتضارب التصريحات الرسمية بشأن الكلفة الحقيقية لهذا الدعم. وأكد أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، اليوم السبت خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثلاثين للمجلس الوطني لحزب "البام" المنعقدة بسلا، أن الفريق كان له السبق في المطالبة بتشكيل مهمة استطلاعية برلمانية للتحقيق في هذا الملف. وأوضح التويزي أن الغاية من هذه المبادرة هي الوصول إلى الحقائق وتحميل المسؤولية لكل طرف معني، بعيدًا عن أي محاولات لتسييس الموضوع، مشددًا على أن بناء الوطن يتم عبر التعاون بين جميع الفاعلين وليس من خلال الشعارات. ويشهد البرلمان المغربي انقسامًا حادًا بعد انسحاب نواب المعارضة من اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية احتجاجًا على ما وصفوه بـ"تجاوزات صريحة للأعراف البرلمانية المتوازنة"، معتبرين أن الأغلبية تحاول فرض منطق الهيمنة العدديّة في تشكيل المهمة الاستطلاعية على حساب روح التوافق والتعددية التي ينص عليها النظام الداخلي لمجلس النواب. وخلال الاجتماع الأخير الذي ترأسه عبد العزيز لشهب عن حزب الاستقلال، صوت 17 نائبًا يمثلون الأغلبية وحدها لصالح تشكيل المهمة الاستطلاعية، ما اعتبرته المعارضة "محاولة لفرض أمر واقع"، وزاد من تأجيج التوتر السياسي تحت قبة البرلمان. وفي سياق موازٍ، تسبب تضارب الأرقام الرسمية بشأن كلفة الدعم في تعميق الأزمة. ففيما صرّح وزير التجهيز والماء نزار بركة بأن كلفة دعم استيراد المواشي بلغت 13 مليار درهم، نفى رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي صحة هذا الرقم، مؤكدًا أن الكلفة لم تتجاوز 300 مليون درهم. وتدخلت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لاحقًا لتوضيح أن الكلفة الإجمالية بلغت 437 مليون درهم موزعة بين عامي 2023 و2024، في محاولة لتهدئة الجدل وطمأنة الرأي العام. وتأتي هذه التطورات في وقت يطالب فيه نواب المعارضة بتوضيحات إضافية حول معايير صرف هذا الدعم، ومدى احترامه لأسس الشفافية وتكافؤ الفرص. وتبقى الأنظار موجهة نحو نتائج هذه المهمة الاستطلاعية المنتظرة، وسط تساؤلات حول قدرة الفرق البرلمانية على تجاوز خلافاتها والعمل على ضمان الشفافية والعدالة في تدبير الأموال العمومية.


عبّر
منذ 4 ساعات
- عبّر
فيديو يوثق لفضيحة 'تسول صحفيين' تهز اجتماع البام بسلا: دعوات عاجلة لفتح تحقيق في فوضى الإعلام الإلكتروني
أثار فيديو متداول عقب أشغال المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، المنعقد يومه السبت 31 ماي 2025 بمدينة سلا، صدمة كبيرة في الأوساط الإعلامية والسياسية، بعدما ظهر فيه شاب وفتاة يقدمان نفسيهما كصحفيين وهما يتوسلان أحد منتخبي الحزب للحصول على مال بطريقة مهينة، في مشهد وصفه المتابعون بـ'الفضيحة الأخلاقية والمهنية'. الفيديو، الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر فتاة تتحدث إلى أحد قيادات الحزب وتطلب منه بعض المال، بينما كان مرافقها الذكر يخطف ورقة نقدية لا تتجاوز قيمتها 200 درهم من يد المنتخب بطريقة وصفت بـ'المخزية'. الواقعة، التي التقطتها عدسات هاتف محمول، أساءت، وفق المعلقين، للمشهد الصحفي المغربي برمّته، وللقيم الأخلاقية التي يفترض أن يتحلى بها ممارسو مهنة الإعلام. كما فجّرت 'فضيحة الصحفيين' موجة استياء واسعة في الأوساط الصحفية، حيث طالب عدد من المهنيين والناشطين المجلس الوطني للصحافة ووزارة الاتصال بفتح تحقيق عاجل، ليس فقط في تصرف الثنائي الظاهر في الفيديو، بل أيضًا في هوية الموقع الإلكتروني الذي يمثلانه، وشهاداتهم المهنية، والجهات التي تمنحهم الاعتمادات الصحفية. علما أن هذه الحادثة ليست سوى 'رأس جبل الجليد'، في ظل 'الفوضى العارمة التي تعيشها بعض المواقع الإلكترونية'، التي تفتح أبوابها لأشخاص دون تكوين أو خلفية مهنية، وتستغل الميكروفون كوسيلة ابتزاز سياسي أو اقتصادي. بسبب صحفيين.. أزمة ثقة في الجسم ككل ويرى مهنيين أن تكرار مثل هذه السلوكيات يفقد الصحافة المغربية مصداقيتها أمام الرأي العام، خصوصًا في ظل استسهال الحصول على بطائق الصحافة دون رقابة حقيقية، ما جعل البعض يعتبرونها 'مهنة من لا مهنة له'. ويُحمّل المهنيين جزءًا من المسؤولية لبعض السياسيين الذين يساهمون في تشجيع هذه الظواهر، من خلال منح المال لأشخاص لا علاقة لهم بالعمل الصحفي، مقابل 'تلميع الصورة' أو ضمان التغطية، حتى لو كانت على حساب أخلاقيات المهنة. متى تتدخل الجهات الوصية لوقف المهزلة؟ تؤكد هذه الفضيحة الحاجة الملحة إلى إعادة ضبط المشهد الإعلامي المغربي، خاصة في شقه الإلكتروني، ووضع حد لـ'سيبة الميكروفونات'، عبر إلزام المواقع بشروط واضحة لتوظيف الصحفيين، مع تفعيل آليات المراقبة والمساءلة. فهل يتحرك المجلس الوطني للصحافة ووزارة الاتصال لفتح تحقيق رسمي في هذه الواقعة؟ أم سيبقى الصمت سيد الموقف، رغم التدهور الملموس في صورة الإعلام المغربي؟