logo
زيارة ترمب!

زيارة ترمب!

العرب اليوم٠٧-٠٥-٢٠٢٥

الجيل الذي شهد الستينات من القرن الماضي، سوف يتذكَّر فيلم «الزيارة» (1964)، حيث كان من أفلام «فوكس» للقرن العشرين التي لا تُنسى، وتقاسمت بطولته الحسناء إنغريد بيرغمان وأنتوني كوين، وأخرجه بيرنارد ويكي. القصة قامت على زيارة سيدة بالغة الحُسن (كارلا) قريةً أوروبيةً جارَ عليها الزمان، وعرضتْ على أهلها صفقةً قوامها تخليص القرية من كل أمراضها فتكون غنيةً وراضيةً، مقابل قتل أحد رجالها (سيرغي ميللر) الذي أنكر بنوة ابنها منه. في بداية الأمر تردَّدت القرية، وتدريجياً ظهرت علامات القبول، وبات ناسها على استعداد لتصحيح خطأ تاريخي، وأكثر من ذلك كان الخروج الكبير لمنع الرجل الذي بات مجرماً من الهرب. السيدة أعلنت عفوها عن الرجل، وفي الوقت نفسه أدانت القرية التي سكتت عن الجريمة، وباتت على استعداد لانتهاك العدالة مقابل المال. قصة الفيلم كانت مأخوذة عن مسرحية فريدريك دورينمات «زيارة السيدة العجوز» (1956) التي كانت فيها الخطوط الرئيسية في الفيلم، وعمدت إلى استكشاف الجوانب المظلمة في الطبيعة الإنسانية التي تجعل الحياة يُشترى فيها كل شيء بالمال. العمل الفني والأدبي تجاوز النص المسرحي والسيناريو إلى التفسير السياسي الذي أعاد تركيب الأحداث، لكي تجعل الهبوط الأميركي على أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية، و«مشروع مارشال» لبناء القارة بعد دمار الحرب، بمثابة الزيارة التي كشفت كثيراً من الذنوب الأوروبية.
هذه «الزيارة» المسرحية، وتفسيرها السياسي، كثيراً ما ألحَّا على الذهن كلما جاء وقت زيارة رئيس أميركي سواء إلى أوروبا، أو إلى منطقتنا. وزاد هذا الإلحاح خلال قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سواء خلال فترة رئاسته الأولى، وبالتأكيد خلال رئاسته الثانية، والتي سوف يستهلها بزيارة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، ومن الجائز - كما يُشاع - حضور أطراف عربية أخرى مضافة لدول مجلس التعاون الخليجي. أياً ما كان أمر الحاضرين فإن مشهد زيارة الرئيس الأميركي يقرُّ بحالة «السيدة العجوز» في الانتشاء بقوتها ومالها وسلطتها على العالمين؛ أصدقاء وحلفاء، قبل الأعداء والخصوم. لا تغيب عن خلفية الزيارة هذه المرة ممارسات أميركية مثيرة للجدل، من الموقف من القتل الجماعي والتطهير العرقي في حرب غزة الخامسة، مروراً بمطالبة مصر والأردن بقبول لجوء أهل غزة والضفة الغربية، إلى المطالبة بحق المرور المجاني في قناة السويس المصرية مقابل الحرب التي تشنُّها واشنطن على الحوثيين في اليمن. الفارق بين «السيدة العجوز» التي أعطت أوروبا «مشروع مارشال» مقابل «العدالة» وترمب أنه هذه المرة لا يقدم مالاً ولا سلاماً.
ولو أن الدراما والتراجيديا تسريان في مشاهد «الزيارة» فإن المعادلة معها الآن تقطع بأن طالب العدالة يقع على الجانب العربي وليس القادم الأميركي. الشاهد على ما قبل الزيارة تقارب كبير بين الدول العربية الرئيسية؛ وما الجهد المصري - السعودي أمام محكمة العدل الدولية إلا إقامة للحد الأخلاقي والاستراتيجي على دولة لم تحترم أياً منهما لإقامة العدل وتحقيق استقرار إقليمي دائم. الولايات المتحدة في ذلك تحتاج إلى كلام صريح يستمع له ترمب، أن المنطقة تتطلب أمرين: أولهما استمرار النهضة الجارية في دول عربية رئيسية آلت على نفسها أن تكون «أوروبا» العصر الجديد، واستمرار السعي الحادث في دول عربية لبناء نفسها وتنمية أجيالها الجديدة على ثقافة وحضارة تقومان على السلام والتعاون مع الجميع. الولايات المتحدة هنا أمامها فرص كثيرة لا تأتيها بالعجرفة الإمبريالية وإنما بالفلسفة التي يتبناها ترمب، القائمة على الصفقات (Transactionalism)، التي تقوم على تبادل المنافع وفتح الأسواق تحت ظلال السلام والتنمية. وعلى عكس كثير من العلاقات بين الولايات المتحدة مع حلفائها في أوروبا وخصومها في الصين وآسيا، فإن المنطقة لا تحقق فائضاً من العلاقات التجارية والاقتصادية مع الولايات المتحدة التي تحقق عجزاً مع بقية العالم. الشرق الأوسط الجديد، هو صناعة عربية، يعرف جيداً أن للحروب أثماناً باهظة، والتجارب الإقليمية تشهد بأن إحلال السلام هو الطريق الأمثل لتسوية صراعات تاريخية، واستيعاب أقليات مجتهدة في دول وطنية صاعدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»
الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»

العرب اليوم

timeمنذ 5 أيام

  • العرب اليوم

الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»

ذهب عزرا باوند إلى البندقية يكتب الشعر بين قنواتها كما فعل اللورد بايرون من قبل. وأعطت حركة «شعر» فكرة غير دقيقة عن حياته ومكانته، ربما لنقص في الاطلاع على أعماله. في ثلاثينات القرن الماضي، أمسك عزرا باوند بمطرقة خشبية وضرب بها على الطاولة مخاطباً جميع أقرانه: كن حديثاً!. «نحن بحاجة إلى أشكال فنية جديدة»، يصرح أنطون تشيخوف في مسرحيته «النورس»: «الأشكال الجديدة مطلوبة، وإذا لم تكن متوفرة، فقد لا يكون لدينا شيء على الإطلاق». كانت المهمة إبداعية وتدميرية في الوقت نفسه، كما اقترح فريدريك نيتشه. كانت مهمة جعل الأمر حديثاً تعني المضي قدماً، وإيجاد طريق جديد. كان لا بد من تغيير كل شيء. الفلسفة التي تقوم عليها الفنون، والرؤية الأساسية التي تعبر عنها، والعلاقة بين الشكل والمضمون، والفنان والجمهور، والفرد المبدع والمجتمع. وكما أعلن نيتشه، كان لهذه الرحلة في المعرفة الفنية الحديثة مخاطرها العميقة. ينوي راسكولنيكوف، تلميذ دوستويفسكي، في رواية «الجريمة والعقاب»، أن يتحرر من حدود الفكر: «يبدو لي أن أكثر ما يخشاه المرء هو أن يخطو خطوة جديدة أو ينطق بكلمة جديدة». يخطو راسكولنيكوف الخطوة، وينطق بالكلمة، ويرتكب جريمة حديثة، ويجد عقاباً حديثاً. كانت أخطار الطريقة الحديثة ستصبح واضحة حتى بالنسبة لباوند. فقد كان باوند مغترباً في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وخاب أمله لأن الرئيس روزفلت لم يطلب استشارته في المسائل الاقتصادية، والثقافية، والسياسية. انحاز إلى بينيتو موسوليني، الذي كانت له بالفعل بعض الآراء المستقبلية. أنهى باوند الحرب محتجزاً في قفص في بيزا من قبل الجيش الأميركي في انتظار توجيه تهمة الخيانة إليه في الولايات المتحدة. حتى إن هذا كان له منطق معين، إذ اعتبر باوند أن مهمة الفنان هي أن يكون ملهب العصر، وأن يخلق الثقافة من خلال التمرد على الثقافة. وبحلول نهاية حياته، كان باوند مستعداً للاعتراف بأن طموحه في تحويل سياسة الثقافة كان خطأً خطيراً، وهو خطأ يشكك في إنجازه الفني وفي الهدف من «صنع الجديد». مثل كثيرين غيره، ثار باوند ضد الحداثة، لكنه آمن بها. والاسم الذي صار يطلق على ذلك التحول الكبير في أشكال الفنون وروحها، وطبيعتها، الذي حدث في الفترة ما بين سبعينات القرن التاسع عشر، واندلاع الحرب العالمية الثانية. لقد كانت ثورة فنية عميقة حركت أوروبا بأكملها. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى باوند نفسه. لقد كانت أزمة في تاريخ الإنسانية الغربية، ومحاولة عميقة لفهم وإدراك طبيعة الوجود الحديث.

نارين بيوتي وتوم كروز يشعلان مواقع التواصل ..  ما العلاقة بينهما
نارين بيوتي وتوم كروز يشعلان مواقع التواصل ..  ما العلاقة بينهما

السوسنة

timeمنذ 6 أيام

  • السوسنة

نارين بيوتي وتوم كروز يشعلان مواقع التواصل .. ما العلاقة بينهما

السوسنة تصدرت البلوغر السورية الشهيرة نارين بيوتي حديث روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ظهورها اللافت إلى جانب النجم العالمي توم كروز، خلال العرض الخاص لأحدث أجزاء سلسلة "Mission: Impossible – The Final Reckoning"، والذي أُقيم في العاصمة البريطانية لندن. وشاركت نارين متابعيها عبر حسابها الرسمي على "إنستغرام"، مقطع فيديو يوثّق لحظة لقائها بالنجم العالمي، حيث ظهر توم كروز وهو يمد يده لمساعدتها أثناء سيرها، قبل أن يتبادلا الحديث أمام الطائرة الحربية التي تم استخدامها في تصوير عدد من مشاهد الفيلم المثيرة، والتي تعود لفترة الحرب العالمية الثانية. وأرفقت نارين الفيديو بتعليق، جاء فيه: العميلة نارين مع صديقها توم كروز، وظهرت نارين في أثناء حديثها مع نجم المهمات المستحيل، كما دعت زوجها رامي سامو للانضمام لهما لالتقاط صورة.وشاركت اليوتيوبر السورية صوراً عبر "ستوري" "إنستغرام" من تواجدها بعشاء صناع الفيلم، وتفاعل الجمهور مع اللقاء الذي وصفوه بـ"الأسطوري"، إذ كتبت إحداهن "بيلبقلك النجاح، للعالمية إن شاء الله".وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي صور لنارين وكروز معربين عن إعجابهم باللقاء الودي بينهما وبعضهم طالب بعمل فني مستقبلي يجمع الثنائي، إذ كتب البعض توم كروز مو مع أي حدا هيك بيحكي بهذه الطريقة، واضح في كيمياء بينهم"، وعلق آخرون"شكلها راح تكون البطلة العربية القادمة".

حقائق غير شائعة عن مدينة كان الجامعة بين الفخامة والتاريخ
حقائق غير شائعة عن مدينة كان الجامعة بين الفخامة والتاريخ

سرايا الإخبارية

timeمنذ 6 أيام

  • سرايا الإخبارية

حقائق غير شائعة عن مدينة كان الجامعة بين الفخامة والتاريخ

سرايا - كان، جوهرة الريفييرا الفرنسية، مشهورة عالمياً بسحرها وفخامتها، وبالطبع مهرجان كان السينمائي الشهير. ولكن وراء هذا التألق والشهرة، تكمن مدينة غنية بالتاريخ والثقافة وحقائق غريبة قد يجهلها الكثير من الزوار. في هذه المقالة، سنستكشف بعض الحقائق الممتعة عن كان ستأخذك بعيداً عن الأضواء إلى قلب هذه الوجهة الساحلية الشهيرة. منذ بداياتها كقرية صيد متواضعة إلى تحولها لوجهة عالمية شهيرة، تزخر كان بقصص خفية تنتظر الكشف عنها. سواء كنت مفتوناً بالنجوم المشهورين الذين ساروا في شوارعها أو مهتماً بجواهر المدينة التاريخية الأقل شهرةً، فإن هذه الحقائق الممتعة عن كان تقدم منظوراً جديداً لواحدة من أكثر مدن العالم بريقاً. مدينة كان ليست مجرد منتجع سياحي شهير، يقع في أحضان مناظر طبيعية خلابة ومناخ متوسطي لطيف. بل هي مدينةٌ تُعرف بالفخامة والرقي، ومهرجانات الأفلام ونجومها، وفنادقها الأسطورية، ويخوتها الضخمة، وفللها الرائعة. اسم مدينة كان قبل وصول الأغنياء والمشاهير إلى مدينة كان بوقت طويل، استوطنها رجال القبائل الليغورية، وكانت تُعرف باسم كانوا، والذي قد يكون مشتقاً من الكلمة اللاتينية "كانا"، والتي تُعني القصب بالإنجليزية. وهذا منطقي، إذ يُقال إن المدينة كانت محاطةً بشواطئ مليئة بالقصب، حيث ترسو اليوم يخوت وقوارب شراعية خاصة بالطبقة الراقية. لقطة لمدينة كان عند المساء مهرجان كان السينمائي الشهير تأسس مهرجان كان السينمائي الشهير عام 1939. ويُعزى تأسيسه بشكل كبير إلى رغبة الفرنسيين في منافسة مهرجان البندقية السينمائي، المهرجان السينمائي الدولي الوحيد آنذاك. كان من المفترض أن يكون مهرجاناً سينمائياً مجانياً، يُقام في مدينة كان، المعروفة بأشعة شمسها الخلابة ومحيطها الخلاب. إلا أن الدورة الأولى من المهرجان أُلغيت بسبب الحرب العالمية الثانية، ولم يُقم أول مهرجان سينمائي طويل إلا في عام 1946. كان وجهة رياضية في عامي 1997 و2003، اختارتها صحيفة ليكيب "أكثر المدن الرياضية في فرنسا". وهذا ليس بغريب، إذ توفر المدينة فرصاً واسعة لممارسة الأنشطة الرياضية. فإلى جانب طبيعتها الخلابة التي تدعوك للمشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات والجري أو حتى مجرد الاستمتاع بنزهة هادئة، والبحر الأبيض المتوسط، الذي يُعدّ مكاناً مثالياً للسباحين والبحارة، ستجد أيضاً العديد من الملاعب والمجمعات الرياضية المتعددة، وملاعب التنس وكرة السلة. كان وجهة سياحية مميزة كانت كان قرية صيد قبل أن تصبح وجهةً سياحيةً ساحرةً كما نعرفها اليوم، كانت كان قرية صيد هادئة. في الواقع، على مدى قرون، كان سكانها الرئيسيون من الصيادين الذين سكنوا جزيرة سانت مارغريت المجاورة. لم تبدأ المدينة في جذب الانتباه إلا في القرن التاسع عشر، وخاصةً عندما اضطر اللورد بروغام، الأرستقراطي البريطاني، إلى البقاء في كان بسبب الحجر الصحي. وقع في غرام المنطقة، فبنى فيلا ودعا أثرياء أوروبيين آخرين لزيارتها. شكّل هذا بداية تحول كان من قرية متواضعة إلى وجهة فاخرة. هذه واحدة من أكثر حقائق كان إثارةً للدهشة، حيث يربط الكثيرون المدينة بشهرتها وبذخها في العصر الحديث. ومع ذلك، فإن جذورها المتواضعة تمنح كان خلفية تاريخية غنية لا تزال تُسحر زوارها حتى اليوم. شارع لا كروازيت ملتقى الفخامة في كان يُعد شارع لا كروازيت، الممتد على طول البحر الأبيض المتوسط، أحد أشهر شوارع كان. يشتهر هذا الشارع بفنادقه ومتاجره الفاخرة، ومطاعمه الراقية، مما يجعله الوجهة الأمثل لمن يبحثون عن الحياة الراقية. كان في الأصل طريقاً ترابياً شُيّد في القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين أصبح مرادفاً للثراء والفخامة، حيث غالباً ما يستضيف الأثرياء والمشاهير خلال الفعاليات الكبرى مثل مهرجان كان السينمائي. يكشف التجول في شارع لا كروازيت مدى احتفاظ كان بسمعتها كوجهة للنخبة. من دور الأزياء الراقية إلى الفنادق الفخمة المطلة على الشاطئ، يُجسّد شارع لا كروازيت سحراً ساحراً يدفع الزوار للعودة إليه عاماً بعد عام. كان وجهة الأثرياء والمشاهير كان وجهة الأثرياء والمشاهير لو سوكيه أقدم أحياء كان للتعرف إلى تاريخ كان العريق، ننصحك بزيارة لو سوكيه، أقدم أحياء المدينة. تقع هذه المنطقة الساحرة على تلة مطلة على الميناء، وتتميز بشوارعها الضيقة المتعرجة، ومنازلها التاريخية، وكنيسة نوتردام دي إسبيرانس الجميلة. توفر المنطقة إطلالةً خلابةً على كان والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها وجهةً مفضلةً للسياح والسكان المحليين على حد سواء. من أبرز حقائق كان الممتعة كيف حافظت لو سوكيه على سحرها العريق بينما تطورت بقية المدينة إلى وجهة عصرية. استكشاف هذا الجزء من كان أشبه بالعودة إلى الماضي، حيث يتناقض بشكل صارخ مع الفخامة والسحر اللذين يميزان معظم أحياء المدينة. إنه المكان المثالي للتعرف إلى أصول كان وتقدير تاريخها الغني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store