
نتنياهو.. وأحلامه التوسعية
في سنوات الصبا، كنا نقرأ عن بروتوكولات حكماء صهيون، وأشهرها «دولتكم يا بني صهيون من الفرات إلى النيل». ونتصور ليس من باب حسن الظن بالمشروع الإسرائيلي، ولكن نظراً لافتقاره للواقعية، أن هذا الكلام مختلق، وأنه لا يوجد ما يؤكد صحة تلك البروتوكولات. وحتى حين حدث عدوان الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967، لم يرد في الخاطر أن نتائج تلك الحرب، مرتبطة بالمشروع الأصل، الذي أشرنا له. والآن لدينا تصريح رسمي، لبنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، يعبّر فيه صراحة عن أطماعه التوسعية، يقول فيه بالحرف الواحد «أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية، فأنا مرتبط برؤية إسرائيل الكبرى» التي تشمل فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر وبلداناً أخرى.
الخريطة التي صاحبت تلك التصريحات، ضمت فلسطين وسوريا، والعراق، بكامل أجزائها، والجزء الشرقي من مصر، حيث يتواصل الشريط، من البحر الأبيض المتوسط، ليضم شبه جزيرة سيناء بأكملها، ومدينة بورسعيد، وأجزاء أخرى تقع في الساحل الشمالي المصري، ويتجه الشريط إلى الجنوب، ليشمل جميع المناطق المشاطئة للبحر الأحمر. والأكثر صلافة، أن أحلامه الخرافية، بل أطماعه، تصل إلى قلب الجزيرة العربية، وتحديداً إلى المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، ومهوى أفئدة المسلمين بالعالم أجمع، لتشمل يثرب، مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم.
يؤكد نتنياهو مجدداً، أن إسرائيل كانت ولا تزال مشروع حرب، يستهدف الأمة العربية بأسرها. وأن هذا المشروع، لم يكن يوماً مرتبطاً به شخصياً، بل هو جزء أصيل في المشروع الصهيوني، منذ وعد بلفور عام 1917، حيث إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ليس سوى الخطوة الأولى على طريق تطبيق وهم البروتوكولات الصهيونية. فهذا الكيان، ضرب من قبل، مصر وسوريا والأردن، واعتدى على العراق وتونس، ومارس الاغتيالات بحق الفلسطينيين المناهضين لسياساته، حتى خارج الأرض العربية. اهتمت إسرائيل، أيضا باغتيال العلماء والباحثين، الذين يمكن أن يسهموا في تحقيق التقدم والنهضة، في الأقطار العربية. وقامت باغتيالهم، حتى وهم خارج حدود الوطن العربي.
هناك حاجة إلى الضغط عالمياً، وعبر مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، لفرض المقاطعة على إسرائيل دولياً. لقد حارب العالم من قبل، نظام الفصل العنصري، في جنوب إفريقيا، وإذا ما قارنا جرائم ذلك النظام، بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، من اغتصاب للأرض وتشريد للشعب الفلسطيني من دياره. ووضعنا ما جرى بالسنتين الأخيرتين، من حرب إبادة على قطاع غزة، وتصويت الكنيست الإسرائيلي، على ضم كافة مناطق الضفة الغربية، والقدس الشرقية، إلى إسرائيل، وما صاحب ذلك من بناء عشرات المستوطنات على أرضها، جاز لنا القول، دون تردد، بأننا أمام نظام مارق يفتقر إلى مقومات الدولة المتحضرة. إن إسرائيل، تمارس التوحش والقتل والتجويع غير المسبوق في التاريخ الإنساني، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لقد طبق العالم، الفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، عدة مرات، بحق حكومات عدة، إذا ما قورنت ممارساتها وأخطاؤها، فإن أي مقارنة، سترجح جرائم إسرائيل، وتمنحها أفضلية، في منصوص تطبيق نصوص هذا الفصل بحقها.
لم تعد القضية التي تواجه العرب الآن، هي الانتصار لحقّ الشعب الفلسطيني المظلوم، وهو حق الشقيق على شقيقه، بل تخطت ذلك بكثير، بعد التصريحات الأخيرة، لرئيس الحكومة الإسرائيلية، التي عبّر فيها عن أوهامه وأحلامه الخطيرة، التي باتت تشكل تحديداً حقيقياً للأمن القومي العربي بأسره، وأمسى العرب، أمام تهديد يستهدف وجودهم ومستقبلهم. والواقع، أن الأمر يمسّ بشكل مباشر، البلدان التي أشارت لها تصريحات وخريطة، نتنياهو، ونعني بها تحديداً سوريا ولبنان والعراق والأردن ومصر، بما يجعل وضع كل القدرات العسكرية العربية، على أهبة الاستعداد، لمواجهة أي اعتداءات محتملة.
نحن أمام قيادة إسرائيلية، يحكمها جنون العظمة، تدعمها تاريخياً، وللأسف حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة. إن تصريحات نتنياهو، تجعل إعادة النظر في مطالبة أمريكا لبعض الأقطار العربية، التجرد من سلاحها، خدمة صريحة للطموحات الخبيثة لنتنياهو، وهو ما لا يمكن أن يقبل به العرب، أمام التوحش وجنون العظمة، والقتل الممنهج الذي تمارسه إسرائيل الآن، بحق أشقائنا في فلسطين وسوريا ولبنان، والقائمة لن تنتهي عند هذا الحد.
لنا، نحن العرب، أيضاً رؤيتنا وأحلامنا، وهي على النقيض تماماً من الرؤية والأحلام التي تحدث عنها نتنياهو، وقد كانت موضوع مناقشتنا في هذا الحديث. أحلامنا هي في وطن حر، ودولة مستقلة وحق تقرير مصير لأشقائنا الفلسطينيين. نطمح في سلام عادل يسود وطننا العربي بأسره، بعيد عن جبروت وغطرسة القوة. والدرس الذي تعلمناه، من تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، أن العهود والمواثيق، تصبح حبراً على ورق وغير ذات جدوى، إن لم تحصّن وتعزّز بمستلزمات الدفاع عنها، من بناء قوة وقدرة على مواجهة الدسائس والمؤامرات. وتعلمنا أيضاً من دروس العدوان الإسرائيلي، على الأقطار العربية، صدق المقولة العربية الشهيرة: أُكِلتُ يوم أُكِل الثورُ الأبيض.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 28 دقائق
- الإمارات اليوم
الإمارات تُنفّذ الإنزال الجوي الـ 76 للمساعدات في غزة
تواصل دولة الإمارات دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث نفّذت، أمس، عملية الإنزال الجوي الـ76 للمساعدات ضمن عملية «طيور الخير» التابعة لعملية «الفارس الشهم 3»، بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، وبمشاركة ألمانيا وفرنسا وهولندا وسنغافورة وإندونيسيا. وحملت الشحنة كميات من المواد الغذائية الأساسية، جرى تجهيزها بدعم من مؤسسات وجهات خيرية إماراتية، لتلبية احتياجات سكان القطاع في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة. وبإتمام هذا الإنزال الجوي، بلغ إجمالي ما أنزلته دولة الإمارات جواً، في إطار العملية، أكثر من 4020 طناً من المساعدات المتنوعة، بما يشمل الغذاء والمستلزمات الضرورية، تأكيداً لالتزامها الثابت بمساندة الأشقاء الفلسطينيين وتعزيز صمودهم. وتعكس هذه المبادرات الدور الريادي للإمارات في ميدان العمل الإغاثي الدولي، من خلال حشد الجهود الإقليمية والدولية، وترسيخ نهج العطاء للتخفيف من معاناة المتضررين في مناطق الأزمات.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
غزة.. خيوط الوساطة تتأرجح بين الحرب والسلام
أبوظبي - سكاي نيوز عربية بالأمس القريب إسرائيل قبلت وحماس رفضت خطة ويتكوف المحدثة.. واليوم حماس قبلت ما رفضته سابقا فيما إسرائيل تراجعت وأبدت اعتراضها على صفقة جزئية بل تريدها شاملة بالإفراج عن كافة الرهائن من الأحياء والأموات.


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
اتفاق سوري إسرائيلي على «التنسيق الأمني» في الجنوب
والتوصل لتفاهمات تدعم الاستقرار في المنطقة، ومراقبة وقف إطلاق النار في محافظة السويداء». وتناول الاجتماع أيضاً إعادة تفعيل اتفاقية فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا الموقعة عام 1974 والتي أنشئت بموجبها منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة في هضبة الجولان. وقال مصدر أمني سوري مطلع على الاجتماع إن الشيباني وديرمر اجتمعا بضع ساعات ومعهما الوفدان المصاحبان لهما. وأضاف قائلاً: إن الشيباني شدد على أن تدخلات إسرائيل الحالية في جنوبي سوريا، بما في ذلك توغلات في محافظتي القنيطرة ودرعا، تهدد بزيادة انعدام الاستقرار في المنطقة. فيما أشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أن هذا البيان هو الأول من نوعه منذ نحو 25 عاماً تنشره وسائل إعلام رسمية حول محادثات مباشرة بين الحكومتين السورية والإسرائيلية.