logo
رئيس الجمهورية «يحمي» استقلالية مصرف لبنان المركزي وصلاحياته

رئيس الجمهورية «يحمي» استقلالية مصرف لبنان المركزي وصلاحياته

الشرق الأوسط٠٩-٠٥-٢٠٢٥

تعدّت الزيارة المفاجئة لرئيس الجمهورية جوزف عون إلى المقر الرئيسي للسلطة النقدية في بيروت (أول شارع الحمرا الشهير) الإطار الرمزي، بوصفها الثانية تاريخياً بعد زيارة مماثلة للرئيس الراحل فؤاد شهاب (1958- 1964)، لتحمل في توقيتها وأبعادها رسائل سياسية وقانونية تؤكد أولويات الاستقلالية المؤسسية للبنك المركزي، ودور الحاكمية المحوري في صناعة القرارات النقدية ومشاريع القوانين ذات الصلة وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
وبدا واضحاً في حرص رئيس الجمهورية على تهنئة الحاكم كريم سعيد في مكتبه بعد مضي 40 يوماً على تعيينه بالتصويت في مجلس الوزراء رغم معارضة رئيس الحكومة نوّاف سلام وفريق من الوزراء، واستتباعه بالاجتماع حصراً مع هيئة الحاكمية التي تضمه ونوابه الأربعة، التأكيد على احترام هرمية اتخاذ القرارات في سلطة النقد، ومحض التأييد الضمني لمضمون المطالعة المطولة (حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة كاملة منها)، بعنوان «استقلالية مصرف لبنان وضرورة المحافظة على تجانس التشريع المصرفي»، التي أدلى بها الحاكم كريم سعيد في مجلس النواب خلال اجتماع لجنة المال والموازنة، الثلاثاء، بمشاركة حشد نيابي كبير من خارج اللجنة.
الرئيس جوزيف عون يجول في مقر المصرف المركزي برفقة حاكم مصرف لبنان كريم سعيد (الرئاسة اللبنانية)
وشكّل مشروع القانون الخاص بإصلاح أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها، والمحال من قِبل الحكومة إلى مجلس النواب، حافزاً قوياً لانتفاضة حاكم البنك المركزي الذي عدّ المشروع، في دراسته القانونية، «غير دستوري»، وتمسّ مواده باستقلالية البنك المركزي وهرمية إدارته وصلاحياته الإدارية والتنفيذية، ولا سيما لجهة محاولة توسيع صلاحيات وضم رئيس لجنة الرقابة إلى الهيئة المصرفية المعنية بتنفيذ المندرجات، وبالتالي تعريض «القطاع المصرفي برمته للفوضى والاهتزاز» في حال نقل الصلاحيات إلى أي سلطة أخرى. في حين أن هذه الاستقلالية مُنحت «عمداً» للمجلس المركزي وللحاكم خصوصاً «لتجنب أي تدخل سياسي أو خارجي».
الرئيس عون زار مصرف لبنان والتقى الحاكم سعيد ونواب الحاكم الأربعة:- دعا الى العمل بشفافية مهنيا وتقنياً بعيدا عن التدخلات السياسية والحزبية والطائفية- الاستقرار الأمني أساسي لكن الاستقرار المالي يجلب الاستثمارات ويحقق انتعاشا في الحركة الاقتصادية- نعمل على وضع لبنان على سكة... pic.twitter.com/G8K7nCswDf
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) May 8, 2025
ويؤكد سعيد، في دراسته المتضمنة القرائن القانونية لاستقلالية المؤسسة ومكامن الفجوات في مشروع القانون المحال، على «الصفة الإلزامية لاستشارة البنك المركزي في أي عملية تتوخى تحديثاً أو تطويراً للنظام المصرفي كونه المسؤول الأول والأخير عن وضع محددات سلامة السياسة النقدية والمالية للبلاد»؛ ما يفرض تلقائياً على الحاكم وبالتعاون مع كبار مسؤولي المؤسسة البنك المركزي، تولي مهمة إعداد المسودة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، وتصبح لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من قِبل صندوق النقد الدولي، ورئاسة الحكومة والوزارات المعنية، إلى جانب عدد من المستشارين الماليين الدوليين ذوي الخبرة في إدارة الأزمات المصرفية «النظامية» حول العالم.
وفي استباق لصياغة خطة «الفجوة» وتوزيع الحكومة التي يفترض أن تنكب الحكومة على إعدادها، تسعى الحاكمية إلى إرساء مقاربة موحّدة، منسجمة ومرنة، ينبغي أن تحظى بدعم الأطراف المعنية كافة وموافقتهم في نهاية المطاف، بما في ذلك الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف التجارية، مع إعطاء الأولوية لسداد الودائع لصغار المودعين وإعادة رسملة المصارف تدريجياً، بما يمكّنها من استعادة دورها الائتماني والمساهمة الفعالة في دعم نمو الاقتصاد الوطني. مع التنويه بأن الخطة النهائية ستتطلب حكماً، تقديم تنازلات وتضحيات اقتصادية من جميع الأطراف دون استثناء، استهدافاً لتحقيق تعافٍ تدريجي ومستدام للاقتصاد الوطني، يستند إلى قطاع مصرفي أكثر قوة، ومصرف مركزي مستقل، وآلية مرضية لسداد الودائع عبر الزمن، بشكل عادل، وضمن حدود الإمكانات المعقولة.
وأكد رئيس الجمهورية في زيارته «ضرورة قيام مصرف لبنان، ووفقاً لأنظمته ومسؤولياته المحددة، خصوصاً في قانون النقد والتسليف، بدوره كاملاً لإعادة الثقة في الداخل والخارج بالنظام المصرفي اللبناني، وحماية العملة الوطنية والعمل بشفافية بعيداً من التدخلات السياسية والمساهمة في إنجاح مسيرة النهوض الاقتصادي في البلاد».
ولم يكن عابراً في سياق الجولة، ترؤس عون اجتماعاً ضم إلى جانب سعيد، نوابه الأربعة، وسيم منصوري (النائب الأول)، وبشير يقظان (النائب الثاني)، سليم شاهين (النائب الثالث)، وألكسندر موراديان (النائب الرابع). حيث عرضوا للظروف التي رافقت عملهم في مصرف لبنان، وتعاونهم مع الحاكم الجديد. في حين ترجح المعلومات المتقاطعة لدى «الشرق الأوسط» من مصادر حكومية ومصرفية، موافقة مجلس الوزراء قريباً على التجديد للنواب الأربعة الذين تنتهي ولاياتهم القانونية في العاشر من الشهر المقبل.
وبرز في السياق مخاطبة رئيس الجمهورية لهيئة الحاكمية، بالقول: «كلي ثقة أن العمل في مصرف لبنان بعد تسلم الحاكم سعيد مهامه ووجودكم نواباً للحاكم، سيكون عملاً مثمراً لأنكم ستكونون حتماً فريق عمل واحداً متماسكاً ومتضامناً، وبقدر ما تستندون إلى ضميركم وتطبيق القوانين يكون عملكم ناجحاً وتساهمون أيضاً في محاربة الفساد الذي يشكل 90 في المائة من الأزمة التي يعانيها لبنان على الصعد كافة».
كذلك، نوّه عون بالجهود التي بذلها منصوري خلال توليه الحاكمية بالوكالة وبما حققه من إنجازات في المصرف للمحافظة على الاستقرار المالي في البلاد على رغم الظروف الصعبة والفراغ في سدة الرئاسة، دعا سعيد ونوابه إلى أن يكونوا أوفياء للقسم الذي رددوه عند تعيينهم، والذي «يحملكم مسؤولية كبيرة. فكونوا على مستوى هذه المسؤولية واعملوا يداً واحدة، وأنا ورئيس الحكومة إلى جانبكم لتذليل كل العقبات التي يمكن أن تواجه عملكم».
وفي تحديد صريح للمهام المنشودة، أكد عون للحاكم ونوابه أن مسؤوليتهم كبيرة ودورهم أساسي في «إعادة ثقة اللبنانيين والعالم بالنظام المصرفي اللبناني، وفي حماية العملة الوطنية، والعمل من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين وعدم التأثر بالتدخلات السياسية والحزبية والطائفية، لا سيما أن أنظار العالم متجهة إلى عملكم الذي يجب أن يبقى في إطاريه المهني والتقني بعيداً عن السياسة وزواريبها».
كما نوّه بأنه «لا يمكن للاقتصاد أن يستعيد دوره وتوازنه ما لم تعود الثقة بالنظام المصرفي اللبناني. صحيح أن الاستقرار الأمني في البلاد أساسي، لكن الصحيح أيضاً أن الاستقرار المالي هو الذي يجلب الاستثمارات ويحقق انتعاشاً في الحركة الاقتصادية، ولعل القوانين الإصلاحية التي أقرها مجلس النواب مؤخراً، ومشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة خير دليل على عزمنا على توفير كل المعايير القانونية التي تساعد في مسيرة النهوض التي ينظر إليها العالم بكثير من التفاؤل والأمل، لا سيما وأن دولاً شقيقة وصديقة أعربت عن رغبتها في تقديم المساعدات للبنان وتشجيع رجال الأعمال على الاستثمار فيه بعد إقرار هذه الإصلاحات التي عدَّها حاجة لبنانية ملحة قبل أن تكون مطلباً خارجياً».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الداخلية السورية: ثلث الشعب مطلوبون للنظام السابق
الداخلية السورية: ثلث الشعب مطلوبون للنظام السابق

عكاظ

timeمنذ 15 دقائق

  • عكاظ

الداخلية السورية: ثلث الشعب مطلوبون للنظام السابق

/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} متحدث الداخلية السورية. سجون الأسد. كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا اليوم (السبت) عن استحداث وتأسيس عدد من الإدارات الجديدة في إطار إعادة هيكلة شاملة للوزارة، والتوجه نحو تكريس مبادئ الشفافية والمشاركة المجتمعية، موضحاً خلال مؤتمر صحفي في دمشق أن ثلث الشعب السوري كان مطلوباً لاستخبارات نظام الأسد. وأفصح البابا عن استحداث إدارة لمكافحة الإرهاب مهمتها متابعة أي خطر إرهابي بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات وتوحيد جهازي الأمن العام والشرطة، تحت إدارة مركزية واحدة تسمى قيادة الأمن الداخلي، بالإضافة إلى استحداث إدارة أخرى لحرس الحدود لتأمين وحماية الحدود من أنشطة التهريب، إضافة إلى تأسيس إدارة خاصة للسجون والإصلاح بهدف تكريس العمل وفق مبادئ حقوق الإنسان، وإدارة لمكافحة الاتجار بالبشر. وأشار إلى أنه تم استحداث إدارات منفصلة لكل من الاتصالات والشبكات المعلوماتية والأمن السيبراني وأمن الاتصالات، مبيناً أن حزمة من القوانين سيتم إصدارها بالتنسيق بين وزارتي الدفاع والداخلية للحد من ظاهرة السلاح المنفلت ووقف انتشاره. ولفت إلى أنه تم تغيير اسم الأمن الجنائي لما له من ذكرى سلبية في ذاكرة السوريين إلى اسم إدارة المباحث الجنائية، موضحاً أن أكثر من ثمانية ملايين شخص، أي ما يقارب نحو ثلث الشعب السوري، كانوا مطلوبين من قبل أجهزة المخابرات والأمن التابعة للحكم السابق. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية: عدد المطلوبين تقريباً من النظام السابق لأسباب سياسية تجاوز ثمانية ملايين مطلوب، مضيفاً: لدى ثلث الشعب السوري قيود مطلوبون بسببها أمنياً عند مخابرات وأجهزة النظام السابق. أخبار ذات صلة وأكد البابا أن المطلوبين الأمنيين لا يزالون يشكلون تهديداً، متوعداً بتنفيذ حملات يومية بمختلف المحافظات لإلقاء القبض عليهم. وكانت السلطات السورية منذ 7 ديسمبر الماضي قد أطلقت آلاف المعتقلين من السجون خصوصاً سجن صيدنايا سيئ الصيت، وتمكنت من الوصول إلى العديد من المقابر الجماعية لمساجين قضوا تحت التعذيب، وأطلقت آلية لحصر أعداد المفقودين خلال الحرب ومعرفة مصيرهم. وتبذل السلطات السورية جهوداً كبيرة لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه خصوصاً تنظيم داعش الإرهابي، عبر تنفيذ عدد من الحملات وملاحقة الجيوب في عدد من المدن.

نائب وزير «الموارد البشرية» يطلع على سير أعمال فرع الوزارة وتجارية حائل
نائب وزير «الموارد البشرية» يطلع على سير أعمال فرع الوزارة وتجارية حائل

الرياض

timeمنذ 22 دقائق

  • الرياض

نائب وزير «الموارد البشرية» يطلع على سير أعمال فرع الوزارة وتجارية حائل

زار نائب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للعمل د. عبدالله بن ناصر أبوثنين فرع الوزارة بمنطقة حائل يرافقه وكيل الوزارة للتوطين حاتم البلاع، ووكيل الوزارة المساعد للرقابة وتطوير بيئة العمل فيصل المعيذر. واطلع خلال الزيارة على الجهود المبذولة في فرع الوزارة وسير الأعمال المقدمة للعملاء، واستعرض مدير عام فرع الوزارة بالمنطقة فريح العياد أبرز منجزات الفرع التي تحققت خلال العام وجهود إدارات فرع الوزارة بالمنطقة. والتقى كذلك مديري الإدارات ومراقبي العمل بالمنطقة، ونوقشت أبرز المقترحات التي تدعم سير العمل وتسهم في رفع جودة الخدمات المقدمة، ثم كرّم عدد من المتميزين من فرع الوزارة بالمنطقة نظير الجهود المبذولة لتطوير أداء الأعمال. كما زار فرع صندوق تنمية الموارد البشرية بالمنطقة، واطلع على أبرز الجهود المقدمة وإحصائيات الخدمات المقدمة بالمنطقة. والتقى كذلك خلال الزيارة رجال الأعمال من القطاع الخاص بمنطقة حائل، في غرفة حائل، وأشاد بدعم القطاع الخاص في تعزيز التنمية، ودعم إستراتيجية سوق العمل، ثم قُدم عرضا عن دور الوزارة في تحسين سوق العمل من خلال البرامج والمشاريع والمبادرات التي تنفذها الوزارة، ثم جرى حوار مفتوح طُرحت خلاله أبرز التحديات والمقترحات والفرص المستقبلية لدعم القطاع الخاص.

بالحارث: إدراج الخدمات الاستشارية في الاتفاقيات الإطارية يخفض كلفة العقودالشورى.. مطالب بضبط ممارسات الإنفاق وعقود الاستشارات
بالحارث: إدراج الخدمات الاستشارية في الاتفاقيات الإطارية يخفض كلفة العقودالشورى.. مطالب بضبط ممارسات الإنفاق وعقود الاستشارات

الرياض

timeمنذ 22 دقائق

  • الرياض

بالحارث: إدراج الخدمات الاستشارية في الاتفاقيات الإطارية يخفض كلفة العقودالشورى.. مطالب بضبط ممارسات الإنفاق وعقود الاستشارات

تجددت المطالبات تحت قبة مجلس الشورى بضبط بنود الاستشارات في القطاعات الحكومية وفرض الرقابة على بعض ممارسات الإنفاق التشغيلية، والتنبيه على تفاوت الأسعار في العقود الاستشارية وتباين جودة المخرجات، وتكرار الدراسات في موضوعات متشابهة لدى جهات ذات طبيعة عمل متماثلة، مثل الجامعات، والتجمعات الصحية، والهيئات، والإمانات، وأشار د. حمد حسين بالحارث في مداخلته على التقرير السنوي لهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية للعام المالي 45 - 1446، إلى ما تشهده الجهات الحكومية من توسع متزايد في التعاقد على الخدمات الاستشارية ذات الطابع الإداري، والتي تشمل على سبيل المثال إعداد الاستراتيجيات في مجالات التحول الرقمي، والأمن السيبراني، وإدارة البيانات، وتطوير الهياكل التنظيمية، وعمليات الحوكمة وغيرها، ويأتي هذا التوسع استجابةً لمتطلبات التطوير المؤسسي وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة، التي تركز على تعزيز كفاءة القطاع العام، ورفع فاعلية الخدمات الحكومية، والاعتماد على أدوات التخطيط والتنفيذ المؤسسي. وأضاف بالحارث بقوله: على صعيد المشتريات الحكومية، أوضحت هيئة كفاءة الإنفاق في تقريرها أنها عقدت شراكات مع القطاعين العام والخاص للتوسع في الشراء الاستراتيجي، حيث تجاوزت قيمة الاتفاقيات الإطارية الموقعة في عام التقرير أكثر من 20 مليار ريال، وقد أسهم ذلك في خفض تكلفة العقود بنسبة تقارب 15 %، وتسريع إجراءات الشراء بنحو 80 يومًا، إلى جانب خفض تكلفة الوحدة بنسبة 29 %. عدة تحديات وتابع د. حمد حسين بالحارث: ورغم هذه الجهود المشكورة، لم يتم حتى الآن إدراج الخدمات الاستشارية ضمن منظومة الاتفاقيات الإطارية في السوق الإلكتروني الموحد، حيث اقتصرت معظم الاتفاقيات على خدمات ذات طابع رأسمالي أو تشغيلي، مثل صيانة الأجهزة الطبية، وتوريد التراخيص التقنية، واستئجار المركبات، وخدمات الاتصالات والتدريب، لافتاً إلى أن التقديرات تشير إلى أن حجم سوق الاستشارات في المملكة بلغ نحو 12 مليار ريال العام المنصرم، مع مواصلة ارتفاع الطلب القوي في القطاع العام، مؤكداً على أن غياب وجود اتفاقية إطارية مركزية تغطي هذا النوع من الخدمات أدى إلى عدة تحديات، أبرزها تفاوت الأسعار في العقود الاستشارية، وتباين جودة المخرجات، وتكرار الدراسات في موضوعات متشابهة لدى جهات ذات طبيعة عمل متماثلة، مثل الجامعات، والتجمعات الصحية، والهيئات، والأمانات، كما غاب التنسيق والتكامل في تنفيذ هذه الدراسات، مما نتج عنه هدر في الموارد، وغياب أدلة استرشاديه يمكن الاستفادة منها لاحقًا لجهات حكومية أخرى. أكثر فعالية وتُظهر التجارب الدولية حسب عضو المجلس د. بالحارث نجاح الاتفاقيات الإطارية المركزية في تنظيم سوق الخدمات الاستشارية، ورفع كفاءة الإنفاق، وضمان جودة الخدمات، وذلك من خلال اعتماد التأهيل المسبق للموردين، وتحديد شروط وأسعار مرجعية موحدة، وتفعيل التعاقد السريع عبر منصات إلكترونية حكومية، مشيراً إلى ما تتمتع به المملكة من بنية تحتية رقمية متقدمة، وعلى رأسها منصة «اعتماد» عبر السوق الإلكتروني الموحد، التي تتيح تطبيق الاتفاقيات الإطارية بكفاءة عالية وتعزز من الشفافية وسرعة الإجراءات، لكل يرى د. بالحارث أن إدراج الخدمات الاستشارية المتكررة ضمن هذه المنظومة سيمكن الجهات من خفض تكلفة العقود وتنفيذ مبادراتها بشكل أكثر فاعلية، ويسرّع وتيرة التحول المؤسسي، ويدعم تحقيق مستهدفات المملكة في تعزيز المحتوى المحلي، مقترحاً على اللجنة المالية والاقتصادية في الشورى التوصية على تقريرها بشأن تقرير هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية تنص «على الهيئة إدراج الخدمات الاستشارية ضمن قائمة الســـلع والخدمـــات في منظومة الاتفاقيات الإطارية، لتعزيز التنافسية في الاسعار، ورفع المواصفات الفنية، وتحقيق كفاءة أعلى في الإنفاق الحكومي». عريشي تدعو لوضع آليات تتابع المشروعات بعد التشغيل لصالح كفاءة الإنفاق غير واضحة من ناحيته، قال الدكتور صالح الشمراني: إن بنود الاستشارات ما زالت مفتوحة وغير واضحة في كثير من التقارير وتحتاج ضبط، وذكرت الدكتورة عائشة عريشي أن من أبرز مهام هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية دراسة تفاصيل الإنفاق والممارسات التشغيلية، وهذه المهمة تتطلب التأكيد على أهمية تشديد الرقابة على الممارسات التشغيلية وذلك بما يضمن تحقيق استدامة المشروعات على مستوى القطاعات، كما أن رسالة الهيئة تنص على تحقيق كفاءة الإنفاق الحكومي والارتقاء بجودة المشروعات من التخطيط إلى التشغيل، واستفساري عن ما بعد التشغيل حيث إن الأمر يتطلب الحد من الممارسات التي تتعارض مع كفاءة التشغيل في الجهات الحكومية، ومنها على سبيل المثال ترك الإنارة والتكييف بكافة المرفقات بما في ذلك الشاغرة دون مراعاة للهدر، وكذلك إهمال الصيانة الدورية للمرافق والأجهزة حتى تتم الحاجة للصيانة العلاجية والتي تكلف في بعض المشروعات ما يقارب نصف تكلفة التشغيل، هذه الممارسات تتطلب من الهيئة التنسيق مع جهات الاختصاص لوضع آليات ملزمة للجهات لمتابعة المشروعات بعد التشغيل، والتوسع في استخدام أحدث الأجهزة التي تضمن كفاءة الإنفاق بحيث تتوقف تلقائيا عند تأخر الاستخدام. تطوير الآليات يذكر أن الشورى أقر التوصيات التي قدمتها اللجنة المالية والاقتصادية خلال جلسته العادية الثامنة والعشرين من أعمال السنة الأولى للدورة التاسعة التي عقدت برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي، وطالب هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية عند تنفيذ برامجها مع الجهات الحكومية مراعاة تحقيق الأثر المالي والمحافظة على جودة الخدمات المقدمة من تلك الجهات، واتخذ المجلس قراره بعد أن استمع إلى تقرير قدمه نائب رئيس اللجنة المالية والاقتصادية الدكتور فهد التخيفي بشأن ما تضمنه التقرير السنوي لهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية للعام المالي 45 - 1446، ودعا المجلس الهيئة -بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة- إلى تطوير آليات إشراف الجهات الحكومية على تخطيط وإدارة المشروعات وعقود الخدمات على مستوى القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وأكد بأن على الهيئة -بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة- تطوير الآليات اللازمة لدعم برنامج ركائز استدامة كفاءة الإنفاق، كما طالب المجلس الهيئة بـوضع معايير مرجعية؛ لضبط بنود التكاليف المدرجة بميزانيات الجهات الحكومية؛ وتحديد ومعالجة مصادر الهدر ذات الأثر المالي المرتفع في ميزانيات تلك الجهات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store