
"إسرائيل لا تستطيع تدمير المعرفة النووية التي راكمتها إيران"
في جولة الصحف اليوم، نعرض مقالات من صحف عالمية حول الهجوم الإسرائيلي على إيران.
تناولت صحيفة ذا تايمز البريطانية الحدث الأخير في تقرير تناول أسباب الهجوم الإسرائيلي على إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنشأتين النوويتين الرئيسيتين في إيران تقعان منذ سنوات في أعماق كبيرة تحت الجبال، ما يجعل تدميرهما مهمة شبه مستحيلة بالنسبة للجيش الإسرائيلي.
ورغم ذلك، لم تتراجع إسرائيل عن محاولة توجيه ضربات متكررة، في إطار حملة تهدف إلى منع طهران من تطوير قنبلة نووية.
ورأت الصحيفة أن هذه الضربات أثارت تساؤلات بين الخبراء: هل ستحقق هدفها فعلاً؟ أم أنها ستؤدي فقط إلى إبطاء البرنامج النووي الإيراني بشكل مؤقت؟
ولفت التقرير إلى أن الهجوم جاء بعد يوم واحد فقط من إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لم تلتزم بتعهداتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.
واستندت ذا تايمز إلى تقييم وكالات استخبارات غربية وتقديرات إيرانية تشير إلى أن إيران لم تصنع حتى الآن قنبلة نووية، لكنها تملك المعرفة التقنية اللازمة للقيام بذلك.
كما ذكّرت بأن طهران تؤكد باستمرار أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، لكنها لم تستبعد قدرتها على تطوير سلاح نووي في حال تعرضت منشآتها لهجوم.
ونقلت الصحيفة عن كيليسي دافنبورت، مديرة منع الانتشار النووي في "منظمة الحد من الأسلحة"، قولها إن "إيران قد تنسحب من معاهدة منع الانتشار وتتخذ قراراً بتصنيع أسلحة نووية".
وأضافت: "إسرائيل لا تستطيع تدمير المعرفة التي راكمتها إيران في مجال التطوير النووي"، مشيرة إلى وجود "مخاطر حقيقية من نقل اليورانيوم المخصّب إلى مواقع سرّية، ما يجعل الضربات الإسرائيلية قادرة على تأخير البرنامج، لكن غير كافية لإيقافه بالكامل".
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة لتتمكن من تدمير المنشأتين النوويتين بشكل كامل.
وفي سياق التحذير من التصعيد، ذكّرت ذا تايمز بأن المواجهات السابقة نجحت في تجنّب حرب إقليمية شاملة بفضل قوة الدفاعات الإسرائيلية، إلا أن خطر اختراق الصواريخ يتزايد مع كل ضربة.
واعتبرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد يراهن على أن أي رد خاطئ من الجانب الإيراني قد يجرّ الولايات المتحدة إلى قلب الصراع، ما قد يدفع دونالد ترامب إلى إعادة النظر في موقفه المعارض لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية.
الغارديان: ارتفاع أسعار النفط والذهب
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً بعد ساعاتٍ على بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، أفادت فيه عن ارتفاعٍ في أسعار الذهب والنفط.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الضربة الإسرائيلية، التي قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنها "افتتاحية"، وتأتي في إطار عمليةٍ عسكريةٍ تحمل اسم "الأسد الصاعد"، أدّت أيضاً إلى انخفاضٍ في أسواق الأسهم التجارية.
وقالت الغارديان إنّ أسعار النفط ارتفعت بشكلٍ حادّ، وقفز ثمن برميل نفط برنت الخام بنسبة عشرة بالمئة، مسجّلاً أعلى مستوى له منذ يناير/كانون الثاني.
وأضافت أنّ الثمن انخفض لاحقاً، لكن نسبة ارتفاعه توقفت عند خمسة فاصل خمسة بالمئة، أي 73.12 دولاراً للبرميل الواحد، وهو في طريقه لتسجيل أعلى نسبة ارتفاعٍ في يومٍ واحد منذ عام 2022، وفق ما ذكرت الغارديان.
وفي ما يخصّ أسعار الذهب، قالت الصحيفة إنّ ثمنه ارتفع بنسبة واحد فاصل خمسة بالمئة، ليبلغ سعر الأونصة 3434 دولاراً، ليقترب بذلك من عتبة الرقم القياسي الذي سجّله في أبريل/نيسان حين بلغ 3500 دولاراً للأونصة.
وسجّل مؤشر فوتسي 100 في لندن انخفاضاً بلغ 50 نقطة، بعد أن أقفل الثلاثاء على تسجيل ارتفاعٍ قياسيٍّ في الأسهم.
وأشارت الغارديان إلى انخفاض سوق الأسهم في آسيا (اليابان 1.3 بالمئة، كوريا الجنوبية 1.1 بالمئة، هونغ كونغ 0.8 بالمئة)، وفي أوروبا أيضاً (في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا بنسبة واحد بالمئة). وقالت إنه من المتوقع انخفاض الأسهم الأمريكية عند افتتاحها اليوم.
وذكرت الصحيفة أنّ هذه التغيّرات أثّرت على قطاع الطيران أيضاً، بعد أن أخلت شركات الطيران المجال الجوي فوق المنطقة التي تشهد توتراً أمنياً.
وأشارت إلى انخفاض أسهم شركة الخطوط الجوية الدولية (IAG) المالكة للخطوط الجوية البريطانية، وكذلك أسهم شركة الطيران الاقتصادي "إيزي جِت" بنسبة أربعة بالمئة.
أمّا بالنسبة للعملات، فقد ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة صفر فاصل خمسة بالمئة، وانخفض مؤشر اليورو بنسبة صفر فاصل أربعة بالمئة، ومؤشر الجنيه الإسترليني بنسبة صفر فاصل خمسة بالمئة.
ونقلت الغارديان عن ديرين ناثان، رئيس أبحاث الأسهم في شركة الخدمات المالية "هارغريفز لانسداون"، قلقه من احتمال تعطل حركة الشحن في مضيق هرمز في الخليج العربي، "وهو طريقٌ رئيسيٌّ لحوالي عشرين بالمئة من تدفّقات النفط العالمية، ولنسبةٍ أعلى من نقليات الغاز الطبيعي المسال".
وقال يوشن ستانزل، كبير محللي السوق في شركة "CMC Markets"، للغارديان إنّ المستثمرين يواجهون الآن احتمال نشوب حربين وصراعٍ تجاريٍّ مستمرٍّ، ما يدفعهم إلى إعادة تقييم المخاطر.
وأضاف ستانزل قائلاً إنّ أسعار الذهب "تتّجه نحو مستوياتٍ قياسية، والأسهم تحت ضغط، والدولار يرتفع مرةً أخرى". وأشار إلى أنّ أحداث الساعات القليلة الماضية "أثارت موجةً واسعةً من عزوف المستثمرين عن المخاطرة".
لوموند: 30 عاماً من العداء بين نتنياهو وإيران
كتبت صحيفة لوموند الفرنسية عن ما وصفته بأنه "هوس" نتنياهو، منذ ظهوره على الساحة السياسية في إسرائيل في بداية التسعينيات.
وقالت الصحيفة إنّ "التهديد الوجودي" لإسرائيل، بحسب نتنياهو، لا يأتي من العرب أو من الفلسطينيين، بل من إيران. وإنّ هذا ما دأب نتنياهو على تأكيده، وهو نتيجة قناعاته الأيديولوجية، وحساباته الاستراتيجية، وتاريخه الشخصي، وفق ما نشرت لوموند.
وذكرت الصحيفة أنّ رئيس الموساد من عام 2002 إلى عام 2010، مئير داغان، رأى في السابق أنّ مهاجمة إيران قد تسبّب ضرراً استراتيجياً لأمن إسرائيل، وتسرّع وتيرة امتلاك إيران، "التي تشعر باستمرارٍ بتهديد"، قنبلةً نووية.
وقالت لوموند إنّ هذه الرؤية البراغماتية للجمهورية الإسلامية لا تهمّ نتنياهو، الذي يرى، في عالمٍ يتّسم بصراع الحضارات بين "الأنظمة الإسلامية المتطرفة" و"الحضارة المسيحية اليهودية التي تمثّل إسرائيل رأس حربتها"، أنّ إيران هي العدو المثالي، بحسب الصحيفة الفرنسية.
وتابعت الصحيفة بالإشارة إلى أنّ نتنياهو "يدّعي تجسيد معسكر الخير في مواجهة الجمهورية الإسلامية".
وأضافت لوموند أنّ نتنياهو "يتولّى بحكم الأمر الواقع زمام القيادة الإقليمية، فارضاً طموحاته الحربية على الأنظمة السنية في بلاد الشام والخليج، المعرّضة بشدةٍ لأعمالٍ انتقاميةٍ محتملةٍ من جيرانها الشيعة".
وذكّرت الصحيفة بمواقفه منذ ترؤسه الحكومة للمرة الأولى عام 1996، في خطابٍ ألقاه أمام الكونغرس، حين قال إنّ امتلاك إيران أسلحةً نووية "قد يُنذر بعواقب كارثية، ليس فقط على بلدي، وليس فقط على الشرق الأوسط، بل على البشرية جمعاء".
وفي 1992، حين كان عضواً شابا في الكنيست، وزعم أن إيران ستحصل على القنبلة النووية خلال ثلاث أو خمس سنوات.
وفي مقال كتبه نتنياهو في صحيفة يديعوت أحرونوت عام 1993، راهن على عام 1999.
وقالت لوموند "لا يهمّ إن فقد (نتنياهو) مصداقيته لدى العديد من المراقبين بتصريحاته الكاذبة". وأضافت أنّه يقوم بتجاهل أو احتقار خصومه السياسيين، "لكنه يُغوي مؤيديه".
وذكّرت لوموند بولاية نتنياهو الأولى في رئاسة الوزراء وضفتها بأنها كانت "مزدهرة" مع عمليات اغتيال لعلماء إيرانيين، كان آخرها محسن فخري زاده عام 2020.
وقالت لوموند إن إدارة بايدن رفضت في السابق تزويد إسرائيل بقنابل تستطيع وحدها إلحاق الضرر بالمنشآت الإيرانية في أعماق الأرض. ورفضت تزويده بالطائرات المسؤولة عن تزويد طائرات حربية بالوقود لتنفيذ خطة ضرب 400 موقعاً في إيان وخارجها لشلّ قدراتها وقدرات حلفائها العسكرية ومنعها من اردّ.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن 18 شهراً من الحرب في غزة ولبنان فرضت هذه المعادلة، فلم يعد نتنياهو يخشى رداً كبيراً (من حلفاء إيران).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
إيران ترد بهجمات صاروخية على إسرائيل، ونتنياهو يحث الإيرانيين على الوقوف في وجه النظام
Update: Date: 14 June 2025 Title: وسائل إعلام إسرائيلية: إيران أطلقت 3 دفعات صاروخية على إسرائيل خلال 15 دقيقة Content: Update: Date: 14 June 2025 Title: الجيش الإسرائيلي: دمرنا مبنى لإنتاج اليورانيوم المعدني وبنية تحتية لتحويل اليورانيوم المخضب ومختبرات في أصفهان Content: تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع X. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع X وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر "موافقة وإكمال" نهاية X مشاركة المحتوى غير متاح Update: Date: 14 June 2025 Title: الإسعاف الإسرائيلي: قتيل وثلاثة جرحى خطيرة في ريشون لتسيون Content: Update: Date: 14 June 2025 Title: الجبهة الداخلية الاسرائيلية: الدفعة الأخيرة من الصواريخ الإيرانية استهدفت مناطق واسعة من البلاد Content: Update: Date: 14 June 2025 Title: رئيسة المفوضية الأوروبية: نؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي Content: قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنها تحدثت مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بشأن الوضع الراهن. وأضافت على منصة إكس: "أكدتُ على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية شعبها. وفي الوقت نفسه، فإن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي أمر حيوي"، مضيفةً أنها حثت جميع الأطراف على "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس" وخفض التصعيد. صدر الصورة، Reuters Update: Date: 14 June 2025 Title: الأمين العام للأمم المتحدة: "حان وقت وقف التصعيد" Content: دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إيران وإسرائيل إلى وقف "التصعيد". وقال غوتيريش في منشور على منصة إكس: "قصف إسرائيلي لمواقع نووية إيرانية. ضربات صاروخية إيرانية على تل أبيب. كفى تصعيداً. حان وقت التوقف. يجب أن يسود السلام والدبلوماسية". صدر الصورة، Reuters Update: Date: 14 June 2025 Title: الإسعاف الإسرائيلي: 14 إصابة في أعقاب سقوط صاروخ قرب بيوت خاصة في القطاع الساحلي Content: Update: Date: 14 June 2025 Title: أبرز ما حدث وما صُرِّح به: Content: صدر الصورة، Reuters صدر الصورة، Reuters Update: Date: 14 June 2025 Title: الجيش الإسرائيلي: إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ من إيران باتجاه إسرائيل Content: تحتوي هذه الصفحة على محتوى من موقع X. موافقتكم مطلوبة قبل عرض أي مواد لأنها قد تتضمن ملفات ارتباط (كوكيز) وغيرها من الأدوات التقنية. قد تفضلون الاطلاع على سياسة ملفات الارتباط الخاصة بموقع X وسياسة الخصوصية قبل الموافقة. لعرض المحتوى، اختر "موافقة وإكمال" نهاية X مشاركة المحتوى غير متاح Update: Date: 14 June 2025 Title: نتنياهو: "حربنا ليست ضد الشعب بل القيادة الإيرانية" Content: صدر الصورة، Reuters في خطابه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حرب إسرائيل ليست ضد الشعب الإيراني، بل ضد القيادة الإيرانية. وعدّد الأهداف الإيرانية التي استهدفتها إسرائيل، بما في ذلك مواقع عسكرية ونووية، مضيفاً: "المزيد قادم. النظام لا يعرف ما الذي أصابه أو ما الذي سيصيبه. لم يكن النظام الإيراني قط أضعف مما هو عليه الآن". وخاطب الشعب الإيراني قائلاً: "هذه فرصتكم للوقوف وإسماع صوتكم". وشدد على أن هدف إسرائيل هو تحييد "التهديد النووي والصاروخي" الإيراني. قال نتنياهو: "مع تحقيقنا لهدفنا، سنمهد الطريق لكم لتحقيق حريتكم. لقد حان الوقت للشعب الإيراني أن يتحد حول علمه وتراثه التاريخي بالدفاع عن حريته من نظام شرير وقمعي". Update: Date: 14 June 2025 Title: مندوب إيران لدى الأمم المتحدة: مقتل 78 شخصاً وإصابة 320 آخرين في الضربات الإسرائيلية Content: قال أمير إيرفاني، مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، إن الغارات الإسرائيلية على إيران أسفرت عن مقتل 78 شخصاً، بينهم كبار القادة العسكريين، وإصابة أكثر من 320 آخرين. وقال إيرفاني لمجلس الأمن: "حتى الآن، استشهد 78 شخصاً، بينهم كبار المسؤولين العسكريين، وأصيب أكثر من 320 آخرين. الغالبية العظمى منهم مدنيون، بمن فيهم نساء وأطفال". Update: Date: 14 June 2025 Title: المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: إسرائيل تتحرك "لمنع تدميرها" Content: صدر الصورة، Reuters تحدث المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، أمام مجلس الأمن الدولي، وتناول العملية العسكرية التي تشنها بلاده ضد إيران. وأكد دانون أن هدف إسرائيل هو "منع تدميرها" من خلال تفكيك البرنامج النووي الإيراني. وأضاف "نعرف أعداءنا. نعرف أيديولوجيتهم. وعندما يُصنّع نظام صواريخ باليستية، ويُخصّب اليورانيوم إلى درجة قريبة من درجة صنع الأسلحة، ويُعلن صراحةً عن نيته تدميرنا، فإننا نصدقهم". وأضاف أن إسرائيل اضطرت إلى ذلك بسبب تخصيب إيران لليورانيوم وتوظيفها لعلماء نوويين. وتابع: "لقد تحركنا لضمان حياة شعبنا. تحركنا حتى لا يستيقظ الأطفال اليهود في القدس على صوت صفارات الإنذار الناجمة عن إطلاق نووي". وفي وقت سابق، وصف السفير الإيراني الضربات الإسرائيلية بأنها "بربرية وإجرامية". Update: Date: 14 June 2025 Title: ماذا حدث حتى الآن؟ Content: صدر الصورة، Reuters لمن انضم إلينا للتو، إليكم ملخصًا لما حدث خلال الساعات القليلة الماضية: صدر الصورة، Reuters


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
هل ما يحدث بين إسرائيل وإيران "حرب" فعلاً؟ ومتى نطلق هذه التسمية؟
في صباح الجمعة 13 يونيو/حزيران، استيقظ العالم على أنباء "ضربة استباقية" إسرائيلية استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل العمق الإيراني، في عملية غير مسبوقة وُصفت بأنها الأقوى منذ سنوات. الرد الإيراني جاء عبر مئات الطائرات المسيّرة ثم الصواريخ، وسط ترقب عالمي وقلق من انفجار الأوضاع. لكن في خضم هذه الأحداث المتسارعة، تكرر سؤال بسيط ومُربك على ألسنة كثيرين عبر وسائل التواصل: هل بدأت الحرب؟ متى تُسمى المواجهة "حرباً"؟ رغم شدة الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، فإن توصيف ما يجري بـ"الحرب" ليس مجرد مسألة لغوية، بل قانونية وسياسية أيضاً. بحسب الدكتور مجيد بودن، رئيس جمعية المحامين بالقانون الدولي بباريس، فإن القانون الدولي، وخاصة اتفاقيات لاهاي وجنيف، يُعرّف الحرب بأنها: "نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر، تُستخدم فيه القوات المسلحة على نطاق واسع، ويهدف إلى تحقيق أهداف سياسية أو عسكرية واضحة، ويؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة." لكن إعلان الحرب رسمياً، يتطلب غالباً تصريحاً علنياً من إحدى الدول، وتعبئة عامة للجيوش والقوات، إضافة إلى نزاع طويل الأمد يتجاوز مجرد الردود المحدودة وحتى الآن، لم تُعلن إيران أو إسرائيل دخولهما رسمياً في "حرب". يشرح بودن لبي بي سي عربي أن الحرب تبدأ عادة بإعلان رسمي، يتبعه إنذار، ثم تدخل في مواجهة عسكرية واضحة، تنتهي بهدنة، ثم معاهدة سلام تُحدد شروطها وأطرافها. الغرض من هذا التسلسل هو منع الفوضى، وحماية المدنيين من أن يكونوا ضحايا لحرب مباغتة، دون إطار قانوني. "إعلان الحرب يحمل بُعداً حضارياً. هدفه أن تتيح الدولة المعتدية للطرف الآخر، ولو شكلياً، فرصة لحماية المدنيين والأطفال والبنية التحتية." رغم أن الحرب بطبيعتها عنيفة ومميتة، فإن القانون الدولي حاول تقييدها بقواعد تُعطي للطرفين حداً أدنى من حماية المدنيين في خضم العنف، ويُشرع استخدام القوة فقط ضمن إطار متكافئ. "الحرب ليست قتلأ فقط ... إنها قتل مشرّع" يوضح بودن الفرق الجوهري بين القتل في الحياة العادية، والقتل في الحرب: "في الحياة اليومية، من يقتل يُحاكم كمجرم. لكن في الحرب، يكون قتل العدو مشرّعاً بين الطرفين. لا تُعد جريمة قتل، بل هي جزء من الصراع المسلح المشروع قانوناً." لكن حتى هذا "القتل المشرّع" له حدود. إذ يشير بودن إلى أن الحرب المشروعة يجب أن تراعي مبادئ التناسب، وعدم استهداف المدنيين أو تدمير البنية التحتية. فإذا حدث ذلك، تُعد أفعالاً خارج قانون الحرب، وقد ترقى إلى جرائم حرب. المسؤولية القانونية: من يبدأ الحرب يتحمل التبعات ما أن تُصنَّف المواجهة كحرب، حتى تبدأ المسؤوليات الدولية بالتحرك. ويوضح بودن أن الدولة التي تقوم بشن الحرب تُحمَّل مسؤولية انتهاك سيادة دولة أخرى، حتى لو ادّعت الدفاع عن نفسها. يقول: "إسرائيل – إذا ثبت أنها هي التي بدأت القتال – تكون بذلك قد خالفت القانون الدولي، لأنها انتهكت سيادة إيران. ومثل هذا الانتهاك يحمّلها تبعات أمام المجتمع الدولي." وتشمل هذه التبعات ثلاثة مستويات: 1. الكف عن الحرب: أي إيقاف العمليات العسكرية فوراً. 2. الإصلاح والتعويض: إصلاح الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وإعادة الممتلكات إن وُجدت. 3. دفع التعويضات البشرية والمادية: ويشمل ذلك تعويض المتضررين من المدنيين، وأسر الضحايا، وحتى الدول المجاورة في حال تأثرت. ويشدد بودن على أن التعويض عن الخسائر البشرية لا يُقاس بالمال، لكنه واجب رمزي في القانون: "لا يوجد شيء يُعوّض الحياة. لكن هناك طريقة قانونية لمحاولة تعويض الخسارة المادية، والأثر النفسي، وفرص الحياة التي ضاعت على من قُتل أو أصيب." الحرب ليست حربًا فقط عندما تُعلن ربما تكون إسرائيل – وفق حديث بودن – قد بدأت حرباً دون أن تسميها كذلك، كما حدث في تاريخ النزاعات الدولية. يشير إلى أمثلة سابقة مثل: - حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، التي لم يُطلق عليها اسم "حرب" رسمياً من الطرفين، رغم خسائرها الكبيرة. - اجتياح العراق للكويت عام 1990، الذي بدأ بعملية عسكرية قصيرة، لكنه تطور إلى حرب إقليمية. - هجمات 11 سبتمبر التي فتحت الباب لحربين متتاليتين في أفغانستان ثم العراق، رغم أنها لم تكن مواجهة تقليدية. يقول بودن: "الحرب تبدأ أحياناً بصاروخ واحد، لكن تسميتها تتأخر. ومع ذلك، القانون لا ينتظر البيان الرسمي. ما دام هناك قتال واسع النطاق، وسقوط ضحايا، وتبادل للضربات... فنحن أمام حرب." هل يجب أن يكون الطرفان متكافئين حتى تُعتبر حرباً؟ قد يعتقد البعض أن الحرب لا تُحتسب إلا إذا كان هناك تكافؤ في القوة بين الطرفين. لكن الدكتور ماركو روتشيني، أستاذ القانون الدولي في جامعة ويستمنستر يوضح أن القانون الدولي لا يشترط توازن القوى لاعتبار ما يحدث "حرباً"، بل على العكس، يُحمّل الطرف الأقوى مسؤولية إضافية. "القانون لا يطلب التكافؤ في القوة، لكنه يُلزم الطرف الأقوى بعدم إساءة استخدام قوته. الحرب تحدث عندما تُستخدم القوة المسلحة بين الدول، سواء كانت موازين القوة متكافئة أم لا." ويتابع أن القانون يحمي الطرف الأضعف، ويأخذ في الحسبان هذا الاختلال عند دراسة الانتهاكات أو فرض التعويضات. كيف يمكن وقف التصعيد؟ إذا وصلت الحرب إلى نقطة اللاعودة، كيف يمكن وقفها؟ يوضح روتشيني أن هناك مسارات قانونية ودبلوماسية يمكن للدول اللجوء إليها. ومن بين هذه الطرق: 1. اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، لمقاضاة الدولة المعتدية. 2. طلب جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي. 3. التصعيد في الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا فشل مجلس الأمن في التحرك. 4. طلب تدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا تعلقت المزاعم بتهديد نووي. "إذا كانت إسرائيل تزعم أن إيران تجهز لضربة نووية، فعليها تقديم أدلة واضحة. وفي المقابل، يجب على إيران أن تفتح المجال لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتأكيد أن برنامجها النووي سلمي." ويضيف: "الطرفان يستخدمان السردية النووية كتبرير لسلوكهما. إيران تقول إنها تطور طاقة مدنية، بينما تتهم إسرائيل بمحاولة منعها من الاستقلال الطاقي. في المقابل، إسرائيل تزعم أن إيران تستعد لتطوير سلاح نووي، دون تقديم دليل علني قاطع." ما بين الدبلوماسية والتصعيد: الملف النووي في قلب النزاع الحديث عن الملف النووي ليس جديداً. فالاتفاق النووي بين إيران والقوى الغربية كان على وشك الإنفاذ قبل أشهر، قبل أن تتعثر المفاوضات مجدداً، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عهد الرئيس دونالد ترامب. اليوم، عاد الملف النووي إلى قلب الأزمة. فمن جهة، تسعى إيران لتأكيد حقها في تطوير الطاقة النووية لأغراض مدنية. ومن جهة أخرى، تتعامل إسرائيل مع أي تقدم نووي إيراني كتهديد وجودي. ويحذر بودن من أن "الذرائع النووية" قد تُستخدم لتبرير حرب وقائية لا تستند إلى أدلة قانونية كافية.


BBC عربية
منذ 14 ساعات
- BBC عربية
أبرز المحطات التي مرت بها العلاقات الخليجية الإيرانية منذ الثمانينيات وحتى الآن
منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، مرت العلاقات بين إيران ودول الخليج بسلسلة من التحولات بين التصعيد والانفراج. تخللت هذه التحولات محاولات تهدئة لم تغيّر جوهر التوجس المتبادل، حيث ظلت العوامل الطائفية، والطموحات الإقيمية، والتدخلات في الشؤون الداخلية، والبرنامج النووي الإيراني، وأزمة الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى - وهي الجزرالتي ضمتها إيران في عام 1971 وتطالب بها الإمارات- ظلّت العناوين الأبرز لمسار هذه العلاقة المتقلبة. أبرز المحطات التي مرت بها العلاقات بين إيران ودول الخليج تبنت إيران سياسة خارجية ثورية تحت قيادة آية الله الخميني، تهدف إلى تصدير الثورة الإسلامية، مما أثار مخاوف دول الخليج، خاصة السعودية والبحرين من تأثيرها على الأقليات الشيعية فيهما، لذلك عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية في سبتمبر/ أيلول من عام 1980 انحازت معظم دول الخليج، وخاصة السعودية والكويت والإمارات، إلى العراق ماديًا وسياسيًا، خوفًا من تمدد الثورة الإسلامية الإيرانية إلى المنطقة. وقد دعم الخليج العراق بمليارات الدولارات مما زاد من حدة التوتر مع طهران، التي رأت في هذا الدعم تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. وهاجمت إيران ناقلات نفط خليجية، وردت السعودية بإسقاط مقاتلتين إيرانيتين عام 1984. في يوليو/ تموز من عام 1987، أدى اشتباك بين الحجاج الإيرانيين وقوات الأمن السعودية إلى مقتل أكثر من 400 شخص، معظمهم من الإيرانيين، مما تسبب في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حتى عام 1991، واستخدمت إيران الحدث لتأكيد خطابها الثوري ضد ما اعتبرته "أنظمة عميلة للغرب". مع نهاية الحرب العراقية-الإيرانية عام 1988 ووفاة الخميني عام 1989، بدأت إيران، تحت قيادة الرئيس علي أكبر هاشمي رفسنجاني، تبني سياسة خارجية براغماتية تركز على إعادة بناء الاقتصاد وتحسين العلاقات مع دول الجوار، وقد شهدت هذه الفترة تحسناً نسبياً في العلاقات مع دول الخليج، خصوصاً مع قطر وعمان، اللتين اتخذتا مواقف أكثر حيادية تجاه إيران. عندما قام العراق بغزو الكويت عام 1990، أدانت إيران الغزو، في خطوة اعتُبرت مفاجئة بالنظر إلى عدائها السابق للكويت بسبب دعمها للعراق في الحرب ضد إيران، وقد رحبت بعض دول الخليج، وعلى رأسها الكويت وقطر، بالموقف الإيراني، وبدأت قنوات دبلوماسية جديدة بين الطرفين. شهدت سنوات رئاسة علي أكبر هاشمي رفسنجاني محاولات تقارب ملموسة مع دول الخليج، لا سيما مع عمان وقطر حيث سعى رفسنجاني إلى إعادة بناء الاقتصاد الإيراني، وكان يدرك أن الاستقرار الإقليمي ضروري لجذب الاستثمارات، واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران عام 1991 بعد القطيعة الناتجة عن أحداث الحج عام 1987. مع انتخاب محمد خاتمي عام 1997، انطلقت سياسة "الحوار بين الحضارات" التي انعكست إيجاباً على علاقات إيران الإقليمية، وقد زار خاتمي السعودية عام 1999، وهي أول زيارة لرئيس إيراني منذ الثورة، مما أعطى انطباعاً بوجود تحول عميق في السياسة الإيرانية، كما قام أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة إلى طهران عام 2000، وهي الأولى من نوعها لحاكم خليجي منذ الثورة الإسلامية، ووقعت إيران ودول الخليج 42 اتفاقية تعاون بين 1997 و2002 في مجالات اقتصادية وأمنية. أدى انتخاب محمود أحمدي نجاد إلى عودة التصعيد في العلاقات، مع تركيز خطابه على العداء للغرب ودعم الجماعات الموالية لإيران في لبنان والبحرين واليمن، وتجددت مخاوف دول الخليج، خاصة السعودية، من الطموحات الإقليمية لإيران وبرنامجها النووي، وازداد التوتر بعد تصريحات نجاد حول البحرين، اعتبرتها المنامة تدخلاً في شؤونها الداخلية وتهديداً لسيادتها، كما شهدت هذه الفترة تصعيداً بسبب قضية الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى عندما جددت الإمارات مطالبتها بها عام 2008. أدت ثورات ما عٌرف بالربيع العربي إلى تفاقم الانقسامات الطائفية في المنطقة، حيث دعمت إيران الحركات الشيعية في البحرين واليمن، بينما دعمت السعودية والإمارات الحكومات السنية، وقد أثارت التدخلات الإيرانية في اليمن، خاصة دعم جماعة الحوثي، قلق السعودية والإمارات، مما أدى إلى تدخلهما العسكري في اليمن عام 2015. رغم أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى عام 2015 قلّل من المخاوف الغربية، إلا أنه زاد من توجس دول الخليج التي شعرت أنه تجاهل دور إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، وبينما رحبت عمان بالاتفاق، أعربت السعودية والإمارات عن قلقهما، معتبرتين أن رفع العقوبات سيمكن إيران من تمويل حلفائها الإقليميين وتعزيز نفوذها في المنطقة. أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر في يناير/ كانون الثاني من عام 2016، فردت إيران بغضب، وهاجمت حشود غاضبة السفارة السعودية في طهران وأحرقتها مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية رسمياً، وقد مثل هذا الحدث ذروة جديدة في التدهور بين البلدين، كما قطعت البحرين أيضا علاقتها مع طهران، فيما خفضت الإمارات تمثيلها الدبلوماسي لمستوى القائم بالأعمال، واستدعت كل من قطر والكويت سفيريهما، لكن الدوحة أعادت سفيرها إلى طهران. شهدت هذه المرحلة تكثيفاً للمواجهة غير المباشرة، خصوصاً في اليمن، حيث دعمت السعودية حكومة عبد ربه منصور هادي، بينما دعمت إيران الحوثيين، وبلغت التوترات ذروتها في سبتمبر/ أيلول من عام 2019 عندما تعرضت منشآت أرامكو في السعودية لهجوم نسب إلى إيران مما تسبب في توقف نصف إنتاج النفط السعودي مؤقتاً، ورغم نفي طهران أنها كانت وراء الهجوم، إلا أن الحدث اعتُبر "تصعيداً استراتيجياً خطيراً". مع تولي إبراهيم رئيسي الرئاسة في إيران عام 2021، بدأت إيران سياسة بناء الثقة مع دول الخليج، مدعومة بجهود دبلوماسية من قطر وعمان، وقد أعرب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2021 عن رغبته في تحسين العلاقات مع إيران، وهو ما تزامن مع مفاوضات في بغداد بين الرياض وطهران في مسعى لتخفيف التوترات المتصاعدة حيث استضاف العراق 5 جولات حوار غير مباشر، وسط ترحيب من دول مثل الكويت وعمان، وفي أغسطس/ آب من عام 2022 أعادت الكويت والإمارات سفيريهما لطهران. في مارس/ آذار من عام 2023، أُعلن عن اتفاق بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية، وقد مثّل ذلك تحولاً كبيراً في المشهد الإقليمي، لا سيما أن الصين دخلت كوسيط للمرة الأولى، وتبعت ذلك زيارات دبلوماسية متبادلة وتوقيع اتفاقيات اقتصادية. عمل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تقلده المنصب في يوليو/ تموز من عام 2024 على تعزيز التعاون مع دول الخليج وتخفيف حدة التوترات الإقليمية، ومن جانبها ركزت دول الخليج على الانتقال من التنافس الجيوسياسي إلى التعاون الاقتصادي، ويعكس هذا التقارب تحولاً استراتيجياً في المنطقة، مدفوعاً بالضغوط الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا وحرب اليمن والحاجة إلى استقرار إقليمي، ومع ذلك، تظل قضايا مثل الجزر الثلاث، والبرنامج النووي الإيراني، واستمرار دعم طهران للحوثيين في اليمن وحركات مسلحة في العراق ولبنان، بمثابة عوامل تدفع دول الخليج إلى أن تتعامل مع إيران بحذر، لكن الجيران الخليجيين سارعوا إلى إدانة الضربات الجوية التي شنتها إسرائيل على مواقع عسكرية ونووية إيرانية.