
توسع التأييد اللبناني لقرار «حصرية السلاح»
وفي هذا السياق، دعا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة إلى تحييد لبنان عما تحاول أن تلزمه به إيران.
وأشاد، بعد زيارته رئيس الحكومة نواف سلام، بالموقف الذي اتخذه الرئيس جوزيف عون حول حصرية السلاح، معلناً تأييده لهذا المسعى، ودعمه سلام في هذه المواقف التي اتخذها بشأن تأكيد حصرية السلاح، والتقدم باتجاه عودة الدولة لكي تصبح صاحبة القرار.
وإذ أكد السنيورة استنكاره ورفضه لزيارة رئيس الأركان الإسرائيلي إلى المواقع المحتلة في جنوب لبنان، توقف عند زيارة لاريجاني قائلاً: «إننا نريد من إيران أن تكون فعلياً صديقاً للبنان، وأن تحترم لبنان وسيادته، وألا تتدخل في شؤونه الداخلية، بينما يجري تحميل لبنان استمرار إيران في تحميله ما لا يستطيع أن يتحمله».
وأضاف: «لذلك نتمنى على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تسعى كل جهدها لأجل تحييد لبنان عما تحاول أن تلزم به لبنان من أمور لا يستطيع أن يتحملها، وليس من مصلحة أحد أن يتحملها لبنان».
ووصف السنيورة قرارات الحكومة الأخيرة بشأن حصرية السلاح وإقرار الورقة الأميركية بأنها «مهمة وشجاعة»، مشيداً بمواقف عون وسلام أمام لاريجاني، معتبراً أنها «من الأشياء المهمة التي اتخذها لبنان، والتي ينبغي أن يُصَرّ على الاستمرار في التأكيد على أهمية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وقواها الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الدولة أن تستعيد سلطتها الكاملة وقرارها الحر على جميع أمورها».
أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني يرحب بمناصرين لـ«حزب الله» استقبلوه على طريق مطار بيروت الأربعاء (أ.ب)
على الجانب الشعبي، أعلن «تجمع العشائر العربية» في بيان عن «تأييده الكامل لشخص رئيس الحكومة نواف سلام بوصفه رجل دولة، وحرصه الثابت على المصلحة الوطنية العليا»، واستنكر «الحملات الإعلامية الصفراء التي يتعرض لها، والتي لا تخدم إلا مشاريع الفتنة والإرباك».
وأعلنت العشائر وقوفها «إلى جانب الحكومة في خطها الوطني»، وأكدت دعمها الكامل «لما تقوم به لجهة بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد القوى المسلحة الشرعية، باعتبار ذلك الركيزة الأساس لحماية السيادة، وصون الاستقرار».
وبعد جولته الرسمية، التقى لاريجاني في بيروت الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الذي «جدد الشكر لإيران على دعمها المتواصل للبنان ومقاومته ضدّ العدو الإسرائيلي، ووقوفها إلى جانب وحدة لبنان وسيادته واستقلاله»، وفق بيان العلاقات الإعلامية في «حزب الله».
ولفت عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية النائب علي المقداد إلى أنّ «سلاح (حزب الله) باقٍ، وهو شأن داخلي لبناني». وقال: «عندما تخرج إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية، وتوقف الاعتداءات، ويعود الأسرى، ويبدأ الإعمار، عندئذ نبحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية».
ووصف المقداد زيارة لاريجاني بأنها «ناجحة»، وكشف أنّه «جاء ليسأل عن سبب عدم البدء بإعادة الإعمار في الجنوب والضاحية، وعودة النازحين إلى منازلهم».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
"الحزب" يكابر والشيعة يضرسون
في متابعة ردّ "حزب الله" على قرار الحكومة تحديد جدول زمني لحصر السلاح، يمكن تسجيل جملة من الملاحظات اللافتة. أولًا، لم يُقدم "الحزب" حتى اللحظة على أيّ تحرّك عسكري أو أمني داخلي، على الرغم من التهديدات التي سبقت الجلسة الحكومية بإعادة تكرار مشهد 7 أيار 2008. هذا الامتناع يعود إلى تغيّر الظروف الداخلية والإقليمية، إذ لم يعد "الحزب" يمتلك القوة والهيمنة والدور المحلي والإقليمي الذي كان يتمتع به آنذاك. كما أنه يفتقر اليوم إلى تحالفات عابرة للطوائف تمنحه الغطاء السياسي لمثل هذه الخطوات. يضاف إلى ذلك أنّ الرئيس نبيه بري، لا يبدو مستعدًا للدخول كشريك سياسي وميداني في أي تحرّك أمني، وهو ما ظهر جليًا في رفض حركة أمل مسيرات الدراجات النارية ودعوتها مناصريها إلى عدم النزول إلى الشارع. ثانيًا، يسعى "الحزب" بوضوح إلى تحييد رئيس الجمهورية جوزاف عون، وحصر المواجهة بالرئيس نوّاف سلام وتحميله وحده مسؤولية اتخاذ هذا القرار. فخطاباته وتصريحات مسؤوليه تتقصّد الإيحاء بوجود تناقض بين موقفي الرئيسين، واتهام سلام بالانقلاب على مواقف عون. لكن هذه المناورة تسقط أمام الحقائق البسيطة: الجلسة انعقدت برئاسة عون، وكان بوسعه رفعها، لكنه لم يفعل. كما أنّ وزراءه صوّتوا لصالح القرار. من الواضح أنّ "حزب الله"، عبر هذا الفصل المصطنع بين الرئيسين، يسعى إلى التلاعب بالمشهد السياسي وتصويره كأنه صراع مع جزء محدود من السلطة، أي مواجهة سياسية كلاسيكية بينه ورئيس الحكومة، وفي ذلك محاولة متعمّدة لتشويه الحقيقة. الحقيقة هي أنّ "الحزب" يقف اليوم في مواجهة مباشرة مع الشرعية اللبنانية، وليس مع طرف سياسي، ما يجعل من سلاحه ومواقفه خارجين عن إطار الشرعية والقانون. ثالثًا، يصف "حزب الله" قرار الحكومة بأنّه انقلاب على اتفاق الطائف، مدّعيًا أنّ وثيقة الوفاق الوطني تمنح "المقاومة"، وبالتالي سلاحه، غطاءً شرعيًا. غير أنّ المفارقة اللافتة أنّ كلمة "مقاومة" لا ترد في أيّ من بنود الوثيقة. ما يجعل هذه الرواية أقرب إلى إعادة تأويل انتقائية تخدم مصالحه. وإذا سلّمنا جدلًا بصحة ما يدّعيه "الحزب"، يبرز سؤال مشروع: لماذا كان من أشدّ المعارضين لاتفاق الطائف، إذا كان هذا الاتفاق ـ وفق روايته ـ يُشرعن قضيته الأقدس؟ وكيف نُفسّر أنّ قوى سبقت "حزب الله" في العمل المقاوم، كـ "الحزب الشيوعي" اللبناني وحركة "أمل"، سلّمت سلاحها استنادًا إلى نفس الاتفاق، بينما احتفظ هو بسلاحه؟ أن يعمل "حزب الله" على التذاكي وتشويه الحقيقة، لا يغيّر من جوهر الواقع شيئًا. فالحقيقة تبقى حقيقة، والتزييف مصيره السقوط مهما طال عمره. واليوم، يبدو أنّ ساعة الحقيقة قد دقّت، إيذانًا بانهيار كل التشوّهات التي راكمها ونشرها نظام الأسد، و"حزب الله"، ومنظومة الفساد والسلاح. "حزب الله"، وبإيعاز إيراني بات علنيًا، ماضٍ في المكابرة والإنكار، يواصل الغرق في وهم شراء الوقت وإمكانية تبدّل الظروف لصالحه. لكن كل يوم يمرّ من دون الإقرار بالواقع يزيد من حجم الخسائر البشرية والدمار، وتتضخم معه الفاتورة السياسية. هكذا فعل حين أغلق الباب أمام أي مبادرة لفكّ جبهة لبنان عن جبهة غزة، وهذه المرة قد تكون النهاية أكثر مأسوية. الإيراني يصرخ بالشعارات من طهران، فيما شيعة لبنان يُساقون من مجزرة إلى مجزرة. ليت "حزب الله" يدرك أنّ البطولة ليست انتحارًا جماعيًّا. حمى الله الشيعة من هذا الجنون.


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب
عُيّن السيد علي أردشير لاريجاني أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وبدأ عمله بزيارة العراق الذي يعرفه جيداً، فقد ولد في النجف في عام 1957، والتحق بالثورة الإيرانية، وأصبح له ولإخوته الأشقاء مناصب مختلفة في أعلى الهرم السياسي، إلا أن علي لاريجاني بعد أن قضى 12 عاماً كرئيس لمجلس النواب الإيراني، وفي أثناء عمله ذاك مرَّر كما يقول مناوئو صفقة 2015 بين الدول الخمس، وبين إيران، حول المشروع النووي الإيراني، ومن وقتها فقد علي لاريجاني المكانة التي كانت له، واعتبر من المشكوك في ولائهم للثورة، وبالتالي حرم من الترشيح لانتخابات 2021 لرئاسة الجمهورية، ولم يستطع أيضاً أن يرشّح نفسه للبرلمان من جديد، فأصبح في السنوات الأربع الماضية في الظل. القرار بعودته من جديد كأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، إشارة إلى أن هناك تغييراً في سياسة إيران تجاه المنطقة، ولكن هل هذا التغيير إيجابي، أم أنه مسايرة للتغيرات التي حدثت بعد حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل؟ وأيضاً خروج سوريا مما عرف بمحور المقاومة، وخسارة فادحة في غزة لـ«حماس»، كذلك تضاؤل «حزب الله» في لبنان! الرأي العام اللبناني، وكثير من السياسيين، لم يكونوا متحمسين لحضور السيد لاريجاني إلى بيروت، وحتى زيارته إلى العراق ما يتمخض منها غير اتفاق حدودي لا أكثر. في لبنان سبق زيارة السيد لاريجاني عدد من التصريحات النارية لعدد من السياسيين الإيرانيين، حول أهمية بقاء السلاح في يد «حزب الله»! في وقت لاحق بدأت تسريبات تقول بأن تلك التصريحات هي مجرد نصائح تقدمها الجمهورية الإسلامية إلى لبنان، والمعروف أن «حزب الله» ما زال تحت الهيمنة الإيرانية. لاريجاني رجل الصفقات ربما قدم إلى بغداد وبيروت لجس النبض، ومعرفة اتجاه الريح في العاصمتين، وربما إشارة أيضاً إلى التغيير في بوصلة طهران، تجاه الصراع الواسع في الشرق الأوسط، ربما أصبحت طهران بعد حربها المباشرة مع إسرائيل، تعيد حساباتها، وإعادة السيد علي لاريجاني الذي يتكلم العربية بطلاقة، ربما من أجل بناء علاقات جديدة تحفظ لطهران احترامها، إلا أن البعض يرى أن أي جهود تبذلها طهران اليوم، هي في الوقت الضائع، فقد انتهت حرب في غزة بكارثة بعد أن أصبحت قاعاً صفصفاً، وبعد أن قُتل وجُوّع مئات الآلاف من الفلسطينيين، كما أن خسارة «حزب الله» أمام إسرائيل في حرب 2023 واضحة لقيادة «حزب الله»، وأيضاً للقيادة الإيرانية في طهران. ما بقي من أذرع إيرانية في المنطقة هو الحوثي البعيد جغرافياً، وتأثيره هامشي. فزيارة السيد لاريجاني إلى بيروت، التي استقبلت بكثير من الجفاء في الإعلام اللبناني، ولدى كثير من القوى السياسية اللبنانية، هي محاولة لرأب الصدع، فهل يقوم لاريجاني بإقناع «حزب الله» بالتخلي تدريجياً عن سلاحه والاندماج في المشروع اللبناني الجديد، أم أنه سوف يشجع «حزب الله» على الاحتفاظ بسلاحه، ومن ثم المغامرة في صراع مع الدولة؟! قبول الدولة اللبنانية استقبال لاريجاني قد يفهم منه أنه قد قدم للتهدئة، وهذه أخبار سارة، فرجل الصفقات ربما يستطيع أن يركب صفقة جديدة في منطقة سياسية صعبة. لا بد أنه يعرف، وأيضاً من أرسله، أن قرار توحيد السلاح في لبنان وحصره في الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية، هو قرار نهائي لا رجعة عنه، وهو قرار لبناني، مؤيد من قوى عالمية، وعربية من أجل استقرار لبنان. كان من المناسب أن يقدم ملف للسيد لاريجاني فيه بعض الصور للمهجرين اللبنانيين في شوارع بيروت قادمين من الجنوب بعشرات الآلاف، وكان أيضاً من المناسب أن يحمل هذا الملف صور المغادرين عجلاً من الضاحية الجنوبية، بعد كل تهديد إسرائيلي بضرب بعض المباني هناك، ربما هذه الصور تذكر السيد علي لاريجاني بأن الواقع يختلف عن الشعارات، وهو واقع ربما يستطيع أن يفهمه السيد علي لاريجاني! المشروع العابر للحدود الذي روج له في العقود الأربعة الأخيرة، وصل إلى نهايته وحتمية دروس التاريخ، وتطور الشعوب، تقرر أن الحكم بالآيديولوجيا لم يعد له مكان في التطور الإنساني، تحكم الشعوب بالسوسيولوجيا، أي أن يقدم لها العمل والأمل والأمن، إذا فقدت هذه الثلاثية، فإن أي كلام وشعارات لا يمكن أن تعوض الأمل والأمن والعمل. حسناً تفعل إيران بالنظر إلى الداخل الإيراني؛ لأنه مرتبك على أقل تقدير، ومفردات هذا الارتباك يعرفها كثير من الإيرانيين، وخاصة من هم في السلطة، وربما عليهم أن يتفرغوا لإيجاد حلول لها.


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
مأزق الفلسطينيين بين إسرائيلين الكبرى والصغرى!
لا يمكن فصل كلام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن اعتقاده أنه في "مهمة تاريخية وروحية من أجل الشعب اليهودي، مرتبطة بإسرائيل الكبرى"، عن الخيارات التي تنتهجها إسرائيل في حرب الإبادة الوحشية التي تشنّها منذ قرابة عامين في غزة، والتي تهدف إلى جعل القطاع منطقة غير صالحة للعيش للفلسطينيين، وطاردة لهم، مع سعيها إلى تقويض خيار الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967، تحت شعار لا "حماستان" ولا "فتحستان" لا في غزة ولا في الضفة، ما يفضي إلى إخراج الفلسطينيين من المعادلات السياسية في ما تعتبره "إسرائيل الصغرى". ففي الجانب الأول، تعمل حكومة نتنياهو على تمرير أجندتها في المنطقة من خلال فرض مناطق واسعة منزوعة السلاح، تصل في لبنان إلى حدود نهر الأولي، جنوب بيروت (وليس فقط الليطاني)، في حين تصل إلى حدود محافظة دمشق، ما يشمل محافظات الجنوب (القنيطرة ودرعا والسويداء)، إضافة إلى محاولاتها التدخل في تلك الدول، تحت ذريعة حماية الأقليات (طائفية أو اثنية). من البديهي أن هذا المسار من شأنه جعل إسرائيل تتموضع بصفتها الدولة الإقليمية المهيمنة في منطقة المشرق العربي، وهذا هو المعنى المتعين لـ"إسرائيل الكبرى"، التي تحدث عنها نتنياهو، والذي يظن أنه بمثابة مبعوث رباني من أجل تحقيقها، علماً أن "إسرائيل الكبرى" في العقيدة الصهيونية، تشمل فلسطين، من النهر إلى البحر، مع الأردن وأجزاء من سوريا ولبنان والعراق ومصر. أما في الجانب الثاني، فإن حكومة نتنياهو باتت تفصح عن موقفها في شأن اعتزامها إعادة احتلال قطاع غزة، أو إبقاء السيطرة الإسرائيلية الأمنية والإدارية عليه، ما يفسر تمسكها بفكرة أن لا انسحاب كاملاً من قطاع غزة في المداولات التفاوضية، مع سعيها إلى فصل قطاع غزة نهائياً عن الضفة، وعن أي شكل للكيانية السياسية الفلسطينية. ويأتي في هذا الإطار، أيضاً، إصرار إسرائيل على الاستمرار في البطش بالفلسطينيين، وتجويعهم، لدفع أكبر عدد منهم إلى مغادرة القطاع بشتى السبل، بالوسائل العسكرية المباشرة، كما بالوسائل القسرية غير المباشرة، ومن ضمنها التجويع. وكما شهدنا، فإن حكومة نتنياهو باتت تطرح علناً خمسة مبادئ أساسية تلخص ما تريده من حربها في غزة وهي: نزع سلاح "حماس"، واستعادة الأسرى الإسرائيليين (أحياء أو جثامين)، وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية على القطاع، وإقامة إدارة مدنية بديلة لا تضم "حماس" ولا السلطة الفلسطينية، مع ضمان استمرار الأمن عبر وجود عسكري إسرائيلي دائم. في مقابل ذلك، أي في مقابل محاولة إسرائيل فرض جبروتها في دول المشرق العربي، وسعيها لاحتلال قطاع غزة، وتقطيع أوصاله، وفصله عن الضفة، وتحويله إلى منطقة غير صالحة لعيش الفلسطينيين، وطاردة لهم، لا يبدو أن الحركة الوطنية الفلسطينية لديها من الخيارات، أو الخطط، التي من شأنها تفويت الأهداف الإسرائيلية، أو التقليل من مخاطرها على الفلسطينيين، وحقوقهم الوطنية المشروعة. ثمة حتى الآن حالة ضياع لحركة "حماس"، أو فجوة كبيرة، بين قدراتها وطموحاتها، وبين شعاراتها وإمكاناتها، بين أوهامها وواقعها، وبالتحديد، بين ما كانت تطرحه لدى قيامها بعملية "طوفان الأقصى" (أواخر 2023) من مطالب وأهداف وطموحات، وبين ما تطرحه اليوم الذي بات يقتصر على البعد الإنساني، وعلى وقف إسرائيل الحرب وانسحاب جيشها مع بعض المناطق في غزة. على صعيد القيادة الفلسطينية الرسمية، وهي قيادة المنظمة والسلطة و"فتح"، فإن شكل استجابتها، أو ردة فعلها، على النكبة الفلسطينية الجديدة تتمثل فقط باتجاهين، إعلان التوجه نحو تنظيم انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني، وهي قفزة غير متوقعة، في هذه الظروف، في الهواء، خصوصاً بعد الغاء انتخابات المجلس التشريعي (2021)، علماً أن من المشكوك فيه إنفاذ هذه العملية، مع الأخذ في الاعتبار "تكلس" المنظمة، وشيخوختها، وحال التهميش التي تعيشها منذ إقامة السلطة. أما الاتجاه الآخر، فيتمثل بإمكان الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية، من طرف واحد، لمواكبة جملة الاعترافات الدولية الجديدة بدولة فلسطين، في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة (أيلول/سبتمبر المقبل). المشكلة أن الاتجاهين المذكورين، على أهميتهما، لا يوجد في واقع الكيانات السياسية الفلسطينية، ما يسندهما، أو ما يسمح بالاستثمار فيهما، في ظل ضعفها وتراجع أهليتها وانحسار شعبيتها، وفي ظل الخلافات الفلسطينية، خصوصاً في ظروف الفلسطينيين الصعبة في الداخل وفي الخارج، إذ إن نجاح أي خطوة أو مبادرة فلسطينية يتطلب مراجعة جدية ونقدية شاملة لبنى عمل الحركة الوطنية الفلسطينية وخطاباتها وأشكالها، فهذا أحوج ما تكون إليه، لتجديد حياتها، وتفعيل قدراتها.