logo
العلاقة الخفية بين التوتر والسرطان.. ما الذي يقوله العلم الحديث؟

العلاقة الخفية بين التوتر والسرطان.. ما الذي يقوله العلم الحديث؟

البيان١٥-٠٤-٢٠٢٥

قبل قرابة ألفي عام، قال الطبيبان اليونانيان أبوقراط وجالينوس أن الحزن أو الاكتئاب، الناجم عن زيادة ما وصفاه بـ"العصارة السوداء" داخل الجسم، يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
ومنذ قديم الأزل، يبحث عشرات الأطباء والعلماء عن العلاقة بين السرطان والحالة الذهنية للشخص، لدرجة أن بعضهم وصل حد القول بأن بعض الأشخاص لديهم شخصيات "تميل للإصابة بالسرطان".
ورغم أن معظم الباحثين الآن يرفضون فكرة الشخصيات المعرضة للإصابة بالسرطان، فإنهم مازالوا يبحثون عن العلاقة بين التوتر والعوامل النفسية من ناحية وبين احتمالات الإصابة بمرض السرطان وتطوره داخل الجسم من ناحية أخرى.
وقد ربطت مئات الدراسات الطبية التي شارك فيها عشرات الآلاف من المتطوعين بين السرطان وبين الاكتئاب وتدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعوامل الأخرى المسببة للتوترات العصبية.
وتقول الباحثة جوليان بوار استاذ طب النفس بجامعة كاليفورنيا لوس أنجليس الأمريكية إن الباحثين عكفوا على دراسة هذه الصلة من زوايا مختلفة من خلال إجراء تجارب على الخلايا والحيوان، وقد أفضت هذه الدراسات إلى اكتشاف آليات مهمة لطريقة تأثير التوتر على الأورام السرطانية، وأضافت في مقال بحثي نشرته الدورية العلمية Annual Review of Clinical Psychology المتخصصة في طب النفس أن "العوامل النفسية يمكن أن تؤثر على الجوانب البيولوجية للورم السرطاني، وأن منع الإشارات الكيميائية التي يسببها التوتر داخل الجسم يمكن أن تحسن من فرص العلاج من هذا المرض.
وتؤكد الطبيبة إليزابيث راباسكي من مركز روزيل بارك لعلاج السرطان في نيويورك في تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث العلمية: "لا أحد يدرك مدى جسامة التاثير السلبي لحالة التوتر العادية، إذا كانت مزمنة، على نمو الخلايا السرطانية".
وقد توصلت الباحثة إريكا سلون المتخصصة في مجال السرطان بجامعة موناش بأستراليا أن فئران التجارب المصابة بحالات توتر مزمنة تتزايد لديها الوصلات بين أورام الثدي والنظام الليمفاوي داخل الجسم، مما يزيد من فرص انتشار السرطان. واتضح خلال الدراسة أن العلاج بأدوية "حاصرات مستقبلات بيتا" Beta Blockers، وهي من الأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم وتثبط هرمونات التوتر داخل الجسم مثل "نوربينفرين"، توقف نشاط جزيئات رئيسية في النظام العصبي السيمبثاوي وتمنع انتشار السرطان لدى فئران التجارب.
وتوصلت فرق بحثية أخرى إلى أن التوتر يؤدي إلى تغيرات على مستوى الجزيئات داخل الجهاز المناعي للجسم، مما يعزز نمو الخلايا السرطانية، وأوضحت أن التوتر يؤدي إلى زيادة الالتهابات، وهي رد فعل مناعي ينجم عن الإصابات أو العدوى، وأن الالتهابات بدورها تعزز نمو الأورام السرطانية. ويؤكد الباحثون أن التوتر يعرقل نشاط الخلايا المناعية التي تلعب دورا رئيسيا في مقاومة السرطان. وفي مطلع القرن الحالي، توصلت سوزان لتوجندورف استاذ العلوم السلوكية بجامعة أيوا الأمريكية أن التوتر والاكتئاب يثبطان قدرة الخلايا المناعية على مقاومة السرطان لدى مريضات سرطان المبيض، وتوصل الباحثون أيضا إلى أن غياب الدعم النفسي والاجتماعي للمريضات بهذا النوع من السرطان يؤدي إلى تزايد نمو الاوعية الدموية التي تغذي الأورام السرطانية.
ووجدت الباحثة لتوجندورف وزملاؤها خلال أبحاث على فئران تجارب مصابة بسرطان المبيض أن التوتر يزيد من تكون الاوعية الدموية التي تغذي الأورام مما يساعد على انتشار السرطان في الجسم، ولكنهم توصلوا أيضا إلى أنه من الممكن مقاومة هذه التأثيرات عن طريق أدوية حاصرات مستقبلات بيتا التي تقاوم هرمونات التوتر. واكتشفت فرق بحثية أخرى أن حاصرات مستقبلات بيتا لها تأثير إيجابي على أنواع أخرى من السرطان في القوارض مثل سرطان الدم والبروستاتا. ويؤكد الباحثون أن زيادة معدلات هرمونات التوتر مثل نوربينفرين وكورتيسول يؤدي إلى تنشيط الخلايا السرطانية الكامنة داخل الجسم بحيث تنشطر وتكون أوراما جديدة.
وتشير مثل هذه الدراسات إلى أن التوتر يؤدي إلى تحريك سلسلة من التغيرات البيوكيميائية داخل الجسم مما يساعد في خلق بيئة مواتية لانتشار السرطان، وتوضح الباحثة جنيفر نايت المتخصصة في طب النفس لمرضى السرطان في كلية الطب بجامعة ويسكنسون الأمريكية أن "الإشارات الناجمة عن التوتر والبيئة البيولوجية المحيطة بالتوتر لها تأثير على جميع التفاعلات التي تؤدي إلى انتشار السرطان".
وتوصلت الطبيبة إليزابيث راباسكي أن حاصرات مستقبلات بيتا تساعد في زيادة فعالية وسائل العلاج المناعي للسرطان، وخلال بعض التجارب السريرية، وجد الباحثون أن خلايا سرطان الثدي التي تم استئصالها من مرضى يتلقون العلاج بحاصرات مستقبلات بيتا تحتوي على كمية أقل من المؤشرات الحيوية التي تدل على حدوث انبثاث أي هجرة الخلايا السرطانية داخل الجسم، وزيادة في عدد الخلايا المناعية التي تقاوم السرطان.
ورغم أن الدراسات على حاصرات مستقبلات بيتا تعتبر واعدة، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأدوية يمكنها علاج جميع أنواع السرطان، حيث أن بعض المرضى ظهرت لديهم استجابة سلبية حيال هذه العلاجات لاسيما مرضى الربو وبعض مرضى القلب. وتقول باتريشيا مورينو خبيرة طب النفس في جامعة ميامي الامريكية: "لا يمكننا أن نقول بشكل قاطع أن التوتر يؤدي للإصابة بالسرطان"، ولكن بالنسبة للمصابين بالفعل بهذا المرض الخبيث، فإن كثير من الباحثين يؤكدون وجود أدلة علمية قوية تنصح بضرورة خضوعهم لجلسات علاج من التوتر ضمن برامجهم العلاجية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دواء شهير للسكرى يظهر فاعلية فى تخفيف آلالم التهاب مفاصل الركبة
دواء شهير للسكرى يظهر فاعلية فى تخفيف آلالم التهاب مفاصل الركبة

البوابة

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • البوابة

دواء شهير للسكرى يظهر فاعلية فى تخفيف آلالم التهاب مفاصل الركبة

كشفت دراسة طبية حديثة قام بأجرئها فريق من الباحثين بجامعة موناش عن تأثير أحد الأدوية الشائعة في علاج مرض السكري على الأشخاص الذين يعانون من التهاب مفاصل الركبة وزيادة الوزن أو السمنة وفقا لما نشرتة مجلة ميديكال إكسبريس. دواء شهير للسكرى يظهر فاعلية فى تخفيف آلالم التهاب مفاصل الركبة وأظهرت الدراسة أن الميتفورمين المستخدم عادة لعلاج السكري من النوع الثاني و يمكن أن يساعد في تخفيف آلام الركبة الناتجة عن هشاشة العظام لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة ما قد يؤخر الحاجة إلى عمليات استبدال الركبة. وشملت التجربة 107 مشاركين 73 امرأة و34 رجلا بمتوسط عمر 60 عاما وقد أعطوا 2000 ملغ من الميتفورمين يوميا لمدة 6 أشهر وقورنت هذه المجموعة مع مجموعة أخرى تناولت دواء وهميا. ووجدت الدراسة أن المرضى الذين تناولوا الميتفورمين أبلغوا عن انخفاض في شدة الألم بمقدار 31.3 نقطة على مقياس من 0 إلى 100، مقارنة بـ 18.9 نقطة فقط لدى المجموعة التي تناولت الدواء الوهمي. وأشارت النتائج إلى أن الميتفورمين يمكن أن يكون علاجا فعالا في تخفيف آلام الركبة المصاحبة لهشاشة العظام. وقالت البروفيسورة فلافيا سيكوتيني رئيسة قسم أمراض الروماتيزم في مستشفى ألفريد:إن النتائج تظهر أن الميتفورمين يعد وسيلة فعالة وآمنة من حيث التكلفة لتخفيف آلام الركبة لدى المرضى الذين يعانون من هشاشة العظام وزيادة الوزن. وتعاني العديد من الحالات من محدودية العلاجات المتاحة حيث يتطلب علاج هشاشة العظام تغييرات في نمط الحياة مثل ممارسة الرياضة وفقدان الوزن وهي أمور قد يجدها المرضى صعبة التنفيذ كما أن الأدوية التقليدية مثل المسكنات الموضعية والأدوية الفموية المضادة للالتهابات لا تعتبر دائما فعالة أو مناسبة لجميع المرضى. وأوضحت سيكوتيني أن الميتفورمين يمثل بديلا جيدا عن الخيارات العلاجية المحدودة مشيرة إلى أن استخدامه قد يساهم في تأجيل الحاجة إلى عمليات استبدال الركبة التي تتزايد معدلاتها في المراحل المبكرة من المرض. وأضافت:الميتفورمين معروف بكونه آمنا وفعالا ويمكن للأطباء وصفه للمرضى كجزء من خطة علاجية شاملة تتضمن التحكم في الوزن وزيادة النشاط البدني. وأكد الباحثون أنهم يعملون مع الأطباء والمجتمع الطبي لإدخال الميتفورمين في المسارات العلاجية لعلاج هشاشة العظام في الركبة بهدف تحسين جودة الرعاية وتقليل الحاجة للجراحة المبكرة.

عقار للسكري يقلل ألم التهاب مفاصل الركبة
عقار للسكري يقلل ألم التهاب مفاصل الركبة

صحيفة الخليج

time٢٦-٠٤-٢٠٢٥

  • صحيفة الخليج

عقار للسكري يقلل ألم التهاب مفاصل الركبة

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة موناش الأسترالية عن إمكانية استخدام دواء «الميتفورمين»، المعروف بعلاجه لمرض السكري من النوع الثاني، كوسيلة فعالة لتخفيف آلام الركبة الناتجة عن هشاشة العظام لدى الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، مما يسهم في تأخير الحاجة إلى استبدال الركبة جراحياً. وأظهرت تجربة سريرية استمرت ستة أشهر أن المشاركين الذين تناولوا «الميتفورمين» شعروا بانخفاض ملحوظ في شدة الألم مقارنة بأولئك الذين تناولوا دواءً وهمياً. شملت الدراسة 107 مشاركين (73 امرأة و34 رجلاً) بمتوسط عمر 60 عاماً، ولم يكن أي منهم مصاباً بالسكري. وتلقى المشاركون جرعة يومية تصل إلى 2000 ملغ من «الميتفورمين»، وتم تتبع آلام الركبة لديهم باستخدام مقياس من 0 إلى 100 (حيث تشير الدرجة 100 إلى أسوأ ألم). وسجل المشاركون الذين تناولوا «الميتفورمين» تحسناً بمعدل 31.3 نقطة، مقارنةً بـ 18.9 نقطة فقط في مجموعة الدواء الوهمي. واعتبر الباحثون هذا التحسن واعدا، مشيرين إلى أن النتائج تدعم إمكانية استخدام «الميتفورمين» كخيار علاجي جديد لمرضى هشاشة عظام الركبة الذين يعانون زيادة الوزن. ومع ذلك، شددوا على ضرورة إجراء دراسات سريرية أوسع لتأكيد هذه النتائج.

التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"

سكاي نيوز عربية

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • سكاي نيوز عربية

التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"

تقول الباحثة جوليان بوار أستاذ طب النفس بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس الأميركية إن الباحثين عكفوا على دراسة هذه الصلة من زوايا مختلفة من خلال إجراء تجارب على الخلايا والحيوان، وقد أفضت هذه الدراسات إلى اكتشاف آليات مهمة لطريقة تأثير التوتر على الأورام السرطانية. وأضافت في مقال بحثي نشرته دورية علمية متخصصة في طب النفس أن "العوامل النفسية يمكن أن تؤثر على الجوانب البيولوجية للورم السرطاني، وأن منع الإشارات الكيميائية التي يسببها التوتر داخل الجسم يمكن أن تحسن من فرص العلاج من هذا المرض". وتؤكد الطبيبة إليزابيث راباسكي من مركز روزيل بارك لعلاج السرطان في نيويورك في تصريحات لموقع متخصص في الأبحاث العلمية: "لا أحد يدرك مدى جسامة التأثير السلبي لحالة التوتر العادية، إذا كانت مزمنة، على نمو الخلايا السرطانية". وقد توصلت الباحثة إريكا سلون المتخصصة في مجال السرطان بجامعة موناش بأستراليا أن فئران التجارب المصابة بحالات توتر مزمنة تتزايد لديها الوصلات بين أورام الثدي والنظام الليمفاوي داخل الجسم، مما يزيد من فرص انتشار السرطان. واتضح خلال الدراسة أن العلاج بأدوية "حاصرات مستقبلات بيتا" Beta Blockers، وهي من الأدوية التي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم وتثبط هرمونات التوتر داخل الجسم مثل "نوربينفرين"، توقف نشاط جزيئات رئيسية في النظام العصبي السيمبثاوي وتمنع انتشار السرطان لدى فئران التجارب. التأثير على الجهاز المناعي وتوصلت فرق بحثية أخرى إلى أن التوتر يؤدي إلى تغيرات على مستوى الجزيئات داخل الجهاز المناعي للجسم، مما يعزز نمو الخلايا السرطانية. وأوضحت أن التوتر يؤدي إلى زيادة الالتهابات، وهي رد فعل مناعي ينجم عن الإصابات أو العدوى، وأن الالتهابات بدورها تعزز نمو الأورام السرطانية. ويؤكد الباحثون أن التوتر يعرقل نشاط الخلايا المناعية التي تلعب دورا رئيسيا في مقاومة السرطان. وفي مطلع القرن الحالي، توصلت سوزان لتوجندورف أستاذ العلوم السلوكية بجامعة أيوا الأميركية أن التوتر والاكتئاب يثبطان قدرة الخلايا المناعية على مقاومة السرطان لدى مريضات سرطان المبيض، وتوصل الباحثون أيضا إلى أن غياب الدعم النفسي والاجتماعي للمريضات بهذا النوع من السرطان يؤدي إلى تزايد نمو الاوعية الدموية التي تغذي الأورام السرطانية. "حاصرات مستقبلات بيتا" وتوصلت الطبيبة إليزابيث راباسكي أن حاصرات مستقبلات بيتا تساعد في زيادة فعالية وسائل العلاج المناعي للسرطان ، وخلال بعض التجارب السريرية، وجد الباحثون أن خلايا سرطان الثدي التي تم استئصالها من مرضى يتلقون العلاج بحاصرات مستقبلات بيتا تحتوي على كمية أقل من المؤشرات الحيوية التي تدل على حدوث انبثاث أي هجرة الخلايا السرطانية داخل الجسم، وزيادة في عدد الخلايا المناعية التي تقاوم السرطان. ورغم أن الدراسات على حاصرات مستقبلات بيتا تعتبر واعدة، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأدوية يمكنها علاج جميع أنواع السرطان ، حيث أن بعض المرضى ظهرت لديهم استجابة سلبية حيال هذه العلاجات لاسيما مرضى الربو وبعض مرضى القلب. وتقول باتريشيا مورينو خبيرة طب النفس في جامعة ميامي الأميركية: "لا يمكننا أن نقول بشكل قاطع أن التوتر يؤدي للإصابة بالسرطان"، ولكن بالنسبة للمصابين بالفعل بهذا المرض الخبيث، فإن كثير من الباحثين يؤكدون وجود أدلة علمية قوية تنصح بضرورة خضوعهم لجلسات علاج من التوتر ضمن برامجهم العلاجية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store