
ضغوط قبلية تحاصر حفتر.. والجنائية الدولية تؤكد صحة فيديو تعذيب النائب الدرسي
أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية
كريم خان
، خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن اليوم الخميس، تأكد صحة الفيديو المتداول الذي يظهر عضو مجلس النواب الليبيي إبراهيم الدرسي، المغيّب منذ عام في بنغازي، وهو يتعرّض للتعذيب والإهانة داخل أحد السجون السرية. وقال خان، خلال إحاطته، مخاطبا أعضاء مجلس الأمن: "تتذكرون مشاهد ذلك الرجل المقيّد بالسلاسل، بآثار التعذيب على وجهه وصوته المرتجف.. إنه عضو البرلمان إبراهيم الدرسي، الذي أرغم على الاعتراف ضد نفسه لأنه رفع صوته دفاعا عن الليبيين"، مؤكدا أن تحقيقات مكتبه أثبتت صحة الصور والفيديو المتعلقة بالدرسي.
وجاء الإعلان الدولي لينهي رواية طالما حاولت أجهزة أمن حكومة مجلس النواب، الخاضعة لسلطة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ترويجها، وتتعلق بنفي صحة الفيديو وادعائها بأنه "مفبرك بواسطة الذكاء الاصطناعي". وتزامن إعلان خان اليوم مع تصعيد قبيلة الدرسة، التي ينتمي إليها النائب، مطالبها عبر إعلانها، خلال اجتماع للقبيلة مساء الأربعاء، منح قيادة حفتر مهلة أسبوعين للكشف عن مصيره عبر ثلاث خيارات، تسليمه حيّا لأهله أو للقضاء، أو تسليم جثته إن كان ميتا، أو الاعتراف باختفائه رسميا لتبدأ القبيلة تحركا نحو محكمة الجنايات الدولية.
وإن لم يتهم خان حفتر بشكل صريح في حادثة اختفاء الدرسي، لكن تحول خطاب القبيلة، من خلال كلمات شيوخها، من مطالباتها السابقة للحكومة بالكشف عن مصير الدرسي إلى توجه مطالبها بشكل مباشر إلى قيادة حفتر، يعزز مسؤولية الأخير في القضية، ما قد يخلق عزلة محلية ودولية عليه. ومنذ تفجر أزمة الدرسي بتسرب فيديوهاته في الخامس من الشهر الجاري، لزم حفتر الصمت التام، بل ظهر بعد ثلاثة أيام من تسرب الفيديو بشكل مفاجئ في زيارة لموسكو للمشاركة في عيد النصر، واهتمت وسائل إعلام مقربة منه بشكل كبير في إظهار صورته كقائد عسكري بارز حظي باستقبال عسكري رسمي، ثم في لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين.
أخبار
التحديثات الحية
ليبيا: المجلس الرئاسي يعلن تجميد قرارات الحكومة "ذات الطابع العسكري"
وتبدو مظاهر الأزمة التي تحيط بحفتر عديدة، فقد ألغت قياداته احتفال "عملية الكرامة" التي كان مقررا إقامتها الأسبوع الجاري بمناسبة مرور 11 عاما على إطلاقها، خاصة وأنه احتفال بات مرتبطا في الأذهان باختفاء الدرسي عقب خروجه من احتفال الكرامة العام الماضي. ويكشف الصمت المطبق من قيادة حفتر، مقابل النشاط المكثف لممثليه في التواصل مع النائب الليبي، عن ارتباك في إدارة الملف، وسط مخاوف من انهيار تحالفات قبلية ظلت لسنوات حجر الزاوية في سيطرته.
ولا يطاول التصدع قبيلة الدرسي وحدها، فاجتماع أمس الأربعاء ضمّ شيوخ مكون "الحرابي"، الذي يندرج فيها النائب الليبي، ويضم المكون ثلث قبائل شرق البلاد، ما ينذر بكسر حاجز الخوف، الذي طالما هيمن به حفتر على المنطقة لسنوات؛ خاصة في ظل وجود قبائل أخرى تعاني من سياسات الإقصاء، مثل قبيلة البراغثة التي تعيش غضبا مكتوما منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عندما حاصرت آليات ومسلحو لواء طارق بن زياد، الذي يقوده صدام نجل حفتر، منزل وزير الدفاع السابق المهدي البرغثي، وجرى حينها اعتقاله مع عائلته قبل تسليم جثته لاحقا سرا لذويه. وجاء ذلك حنيئذ رغم وعود حفتر لقبيلته بعدم المساس به؛ بل طاولت الاعتقالات شيوخ البراغثة أنفسهم الذين أطلق سراحهم لاحقا بعد تعهدات بعدم فتح قضية ابنهم المهدي.
وفي مناطق وسط البلاد، تعيش قبيلة المغاربة، التي دعمت حفتر في حروبه للسيطرة على منطقة الهلال النفطي سخطا، ففي فيديو متداول نهاية الشهر الماضي، ظهر عميد القبيلة صالح الأطيوش خلال لقاء مع الصديق حفتر، الذي كلفه والده بملف المصالحة الاجتماعية، وهو يطالبه بالإفراج عن أبناء القبيلة المعتقلين في سجون والده، في مشهد يكشف حجم التصدعات القبلية. ويضاعف إعلان خان عن صحة فيديو الدرسي أزمة حفتر، فلا يقتصر على فضح الانتهاكات، بل قد يفتح الباب لمحاسبة دولية قد تطاول قيادات بارزة في قيادة حفتر، ويدفع قبيلة الدرسي إلى خيار اللجوء للمحكمة الجنائية، ما قد يشجع قبائل أخرى على سلوك نفس المسار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
محادثات بين إيران ودول أوروبية في إسطنبول حول الملف النووي
أجرت إيران محادثات مع بريطانيا و فرنسا وألمانيا في تركيا، اليوم الجمعة، غداة تلميح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى قرب التوصل لاتفاق مع طهران في المفاوضات التي تجريها الولايات المتحدة معها بشأن برنامجها النووي . وقال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الحقوقية والدولية، كاظم غريب أبادي، في تدوينة على منصة إكس، إنه مع نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، استضافا مباحثات مع مدراء سياسيين لوزرات الخارجية للدول الأوروبية الثلاثة، فرنسا وبريطانيا وألمانيا في إسطنبول. وأضاف غريب أبادي أن الطرفين بحثا "آخر أوضاع المفاوضات غير المباشرة بشأن الملف النووي ورفع العقوبات" بين طهران وواشنطن. وتابع المسؤول الإيراني أن إيران وفرنسا وبريطانيا وألمانيا "عازمة على توظيف الدبلوماسية بشكل أفضل"، قائلا: "سنلتقي لمواصلة المباحثات عند الضرورة". ويأتي هذا الاجتماع بعد تحذير وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من تبعات "لا رجعة فيها" إذا تحركت القوى الأوروبية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، والتي رفعت بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015. وسبق أن أجرت إيران مع الدول الثلاثة ثلاثَ جولات تفاوض منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، لكنّها لم تُفضِ إلى نتائج محددة. وتأتي المباحثات الإيرانية الأوروبية على وقع تهميش الأطراف الأوروبية الثلاثة الشريكة في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، إذ قال عراقجي في وقت سابق من الشهر إن "المفاوضات الرئيسة تعقد مع أميركا"، متحدثاً عن تراجع دور فرنسا وألمانيا وبريطانيا بسبب "سياساتها الخاطئة" مع إيران حول الاتفاق النووي، إلّا أن ثمة مخاوف لدى الجانب الإيراني من قيام هذه الدول أو أحد منها باللجوء إلى تفعيل آلية فضّ النزاع المنصوص عليها في الاتفاق النووي. وتهدّد حالياً الأطراف الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) أنّه إن لم يُبرم اتفاقٌ نوويٌ جديد قبل 18 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، فإنها ستقوم بتفعيل آلية فضّ النزاع المنصوص عليها بالاتفاق النووي والقرار الـ2231 لمجلس الأمن. وتقضي هذه الآلية بتفعيل قرارات أممية صادرة عن المجلس بحق إيران جرى إلغاؤها بموجب الاتفاق النووي، فضلاً عن العقوبات الأممية، لكن طهران ترفض وتؤكد أن هذه الأطراف لا يحق لها القيام بذلك، علماً أنّ صلاحية استخدام آلية فض النزاع ستنتهي تلقائياً في 18 أكتوبر المقبل، وإن لم تقم أطراف الاتفاق النووي باستخدامها فإنها لن تتمكن بعد هذا التاريخ من ذلك. وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الى جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة، أطرافا في الاتفاق الذي يعرف رسمياً باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وأتاح الاتفاق الذي أبرم بعد أعوام من المفاوضات الشاقة، تقييد أنشطة طهران النووية وضمان سلمية برنامجها مقابل رفع عقوبات اقتصادية مفروضة عليها. وفي العام 2018، سحب ترامب خلال ولايته الأولى بلاده بشكل أحادي من اتفاق العام 2015، وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية، بما في ذلك إجراءات ثانوية تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني، ضمن سياسة "ضغوط قصوى" اتبعها في حق طهران. أخبار التحديثات الحية عراقجي: لا نعارض الاستثمار الأميركي في إيران من جهتها، بقيت إيران ملتزمة بكامل بنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأميركي منه، قبل أن تتراجع تدريجا عن التزاماتها الأساسية بموجبه. وتدرس القوى الأوروبية الثلاث ما إذا كانت ستفعّل آلية "العودة السريعة" أو "الزناد"، وهي جزء من اتفاق العام 2015، وتتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق النووي. وتنتهي المهلة المتاحة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر/ تشرين الأول 2025. وحذّر عراقجي من أن خطوة مماثلة قد تؤدي إلى "أزمة انتشار نووي عالمية تمس أوروبا بشكل مباشر"، مؤكدا في الوقت نفسه في مقال نشرته مجلة "لو بوان" الفرنسية، أن إيران "مستعدة لفتح فصل جديد" في علاقاتها مع أوروبا. ويأتي الاجتماع المقرر الجمعة مع القوى الأوروبية بعد أقل من أسبوع من جولة رابعة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة والتي وصفتها طهران بأنها "صعبة ولكن مفيدة"، فيما وصفها مسؤول أميركي بأنها كانت "مشجّعة". ولفت عراقجي إلى أن المحادثات مع الأوروبيين ستكون "على مستوى نواب وزراء الخارجية". "مقترح مكتوب" إلى إيران وخلال زيارته قطر، أمس الخميس، قال ترامب إن الولايات المتحدة "تقترب" من إبرام اتفاق مع إيران، وهو ما من شأنه أن يجنّبها عملاً عسكرياً سبق للرئيس الأميركي أن لمّح إليه في حال فشل التفاوض. وكانت المحادثات بين إيران والولايات المتحدة الأعلى مستوى منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018. وتجرى هذه المباحثات بوساطة من عُمان التي سبق لها أن استضافت محادثات سرّية بين الطرفين، أفضت في نهاية المطاف الى الاتفاق الدولي عام 2015. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، أعاد ترامب اعتماد "الضغوط القصوى" حيال إيران، ولوّح بقصفها في حال عدم التوصل إلى اتفاق معها. وأمس الخميس، أفاد موقع أكسيوس الأميركي بأن إدارة ترامب قدمت لإيران خلال الجولة الرابعة من المحادثات "مقترحاً مكتوباً" بهدف التوصل إلى اتفاق. إلا أن عراقجي نفى ذلك، وقال على هامش زيارة لمعرض طهران الدولي للكتاب: "بشأن المحادثات (النووية) لم نتلق حتى الآن أفكاراً مكتوبة من أميركا". وأضاف "لكننا على استعداد لأن نبني ثقة وأن نكون شفافين بشأن برنامجنا النووي في مقابل رفع العقوبات". تقارير دولية التحديثات الحية خاص | إيران: التناقضات الأميركية تضرّ بالمفاوضات ولدينا خطّان أحمران وقال ترامب إنه قدّم للقيادة الإيرانية "غصن زيتون"، مشيراً إلى أن هذا العرض لن يبقى قائماً إلى الأبد، كما هدّد بتشديد "الضغوط القصوى" إلى حد خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر إذا فشلت المحادثات. ولطالما اتهمت دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران، التي تؤكد حقها في التكنولوجيا النووية وأن برنامجها سلمي حصرا. وحدّد اتفاق 2015 سقف تخصيب اليورانيوم عند 3.67%. إلا أن الجمهورية الإسلامية تقوم حاليا بتخصيب على مستوى 60%، غير البعيد عن نسبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري. وتشدّد طهران على أن حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية "غير قابل للتفاوض"، لكنها تقول إنها مستعدة لقبول قيود موقتة على نسبة التخصيب ومستواه. والأربعاء، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي "إن أهداف إيران في مجال التكنولوجيا النووية شفافة وسلمية تماما"، وأكد بحسب ما نقلت وكالة مهر الإيرانية، أنه "لم تكن لإيران أي أنشطة نووية غير معلنة أو سرية عبر التاريخ. وتتم كافة الأنشطة النووية في البلاد في إطار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت الإشراف المستمر لهذه المؤسسة". (فرانس برس)


العربي الجديد
منذ 3 أيام
- العربي الجديد
في أهمية رفع العقوبات والنهوض بالدولة السورية
قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سورية تاريخي بامتياز. إنّه إعادة تموضع لسورية داخل العالم. وسيتطلب هذا بشأن تلك العقوبات التي بدأت في 1979 بعض الوقت، فهناك ما سيُتخلّص منها بقرار تنفيذي من ترامب، وهناك ما تحتاج قراراً من الكونغرس، وثمّة ما ستتم عبر مجلس الأمن، وتتطلّب إجماعاً دولياً. وسيعني هذا الرفع أن سورية لم تعد بلداً معزولاً بقوّة القرارات الأميركية والدولية. وبالتالي، سيقع على الإدارة في دمشق، وحكومتها، والفاعلين فيها كافّة، التقدّم بسياساتٍ جديدة، تُؤمّن بيئةً آمنة للاستثمار الخارجي، ولأفضل أشكال التواصل مع الرأسمال العالمي، وكذلك تثبيت حالة من الاستقرار الأمني وتوحيد البلاد وإشراك الفاعلين السوريين جميعهم في النهوض بالدولة، وإيقاف سياسات الاستئثار التي رافقت خطوات المرحلة الانتقالية: الحوار الوطني، وتعيين الرئيس من الفصائل في مؤتمر النصر، والإعلان الدستوري، والحكومتان، المؤقّتة والانتقالية. الشرط العام لإقامة علاقات سليمة مع العالم (هناك شروط دولية أميركية وسواها) يبدأ من البوابة الداخلية، من تحقيق مطالب الشعب في الانتقال الديمقراطي، والتشدّد ضدّ الفصائل السلفية أو الجهادية أو أيّ فصائل تَرفض الإقرار بوحدة سورية، وتوحيد السلاح. وهذا يتطلّب سياسةً وطنيةً جامعةً، تنطلق من فتح حوار وطني حقيقي مع السوريين، للوصول إلى الشكل الأفضل، ونقصد الواقعي، للنهوض بالدولة. وبالتالي، المدخل نحو الاستقرار الحقيقي والثقة الخارجية بالإدارة الجديدة يكون عبر إعلان (مجدّداً) عقد مؤتمر وطني عام، والتجهيز له، تشارك فيه شخصيات وطنية معروفة بنزاهتها وفهمها العميق لتمايزات الشعب السوري، من وجوهها كافّة، وليس الدينية والقومية فقط. هل هذا ممكن؟... يبدو أن الإدارة لا تفكّر به، ولا يبدو أن الشعب بقواه السياسية وسواها قادر عليه. إذاً ما الممكن؟... لدينا حالياً هدف أمام الشرع وإدارته هو تشكيل مجلس تشريعي. آليات تشكيله ستكون مراقبةً من الدول التي ضمنت تموضع الرئيس السوري أحمد الشرع وإدارته في إطار البدء بسياسات جديدة، تُراعي مطالب الخارج والداخل، ونقصد السعودية وتركيا وقطر بصورة خاصّة. الابتعاد عن الاستئثار في تشكيل المجلس، بأن يتخلّى الشرع عن حصّة الثلث وأن تختار لجان يُشكّلها الشرع الثلثين الباقيين (وفقاً للإعلان الدستوري)، ليُنتخب المجلس فعلياً من الشعب، ستكون المدخل للمجلس التشريعي، وبإعطائه صلاحيات كاملة لنقاش القضايا السورية، وأن يكون له كامل الصلاحيات الرقابية على مؤسّسات الدولة، وأن تُقرّ القوانين عبره. وهنا، من الضرورة بمكان إعادة النظر في الإعلان الدستوري، وفصل السلطات بالفعل، والاتجاه نحو تبنّي نظام متعدّد، رئاسي وبرلماني. ما لا يجوز توهمه أن البدء برفع العقوبات هو إعطاء شرعية كاملة للسلطة، أو اعتقاد الأخيرة أنها أصبحت مطلقة اليدين بأن تفعل ما تشاء في سورية لا يعني البدء برفع العقوبات (سيأخذ وقتاً) أبداً طيِّ الشروط الأميركية، وكانت 12 شرطاً، ثمّ تحدّدت بشكل جازم مع ترامب في السعودية، وأكّدتها من جديد تصريحات البيت الأبيض في واشنطن، وتتحدّد بطرد المقاتلين الأجانب من أيّ مناصب سيادية في الجيش والأمن خاصّة، وأن تتجه الإدارة نحو التطبيع مع الدولة الصهيونية، وأن يتاح المجال للتحالف الدولي، وأن تتعاون إدارة دمشق بذلك في ملاحقة المجموعات الإرهابية في سورية، ومن دون قيود. وهناك شروط تتعلّق بإعادة تشكيل حكومة وطنية جامعة، وبغضّ النظر عن الدين والقومية. كانت إدارة دمشق الجديدة واعية لحساسية الموقف من الدولة الصهيونية، ورغم تدمير الأخيرة البنية التحتية العسكرية السورية بشكل شبه كامل، والتقدّم بعد خطّ فكّ الاشتباك (1974)، وفرضها ما يشبه منطقةً آمنةً في كامل غرب دمشق وجنوبها، ظلت مواقف الإدارة ليّنةً وهادئةً، وبما لا يتناسب مع هذه الاعتداءات كلّها. موقفها هذا بدأ من 8 ديسمبر/ كانون الأول، ولم يتغيّر مع إعلان أحمد الشرع في الرياض بأنه ليس ضدّ اتفاقات إبراهام، وأكّد تمسّكه باتفاق فكّ الاشتباك، ولكن لم يطرح استعادة الجولان، وهذا يفتح على ضرورة نقاش هذه المسألة في البرلمان المقبل، والنقاش حقّ للسوريين، ليقرّروا مصير مناطق محتلّة من أراضيهم. لن تأتي الاستثمارات بمجرّد البدء برفع العقوبات. وبالتأكيد، ستكون هناك مبالغ مالية من قطر والسعودية، وربّما من الإمارات، لتثبيت السلطة، ولمنع تأزّم المشكلات اليومية لأغلبية المواطنين، ولتمكين الإدارة وحكومتها من وضع الخطط وإعادة تشكيل المؤسّسات وتطويرها، وإيجاد بيئة قانونية وأمنية لتهيئة الوضع السوري لاستقبال الاستثمارات. ما لا يجوز توهمه أن البدء برفع العقوبات هو إعطاء شرعية كاملة للسلطة، أو اعتقاد الأخيرة أنها أصبحت مطلقة اليدين بأن تفعل ما تشاء في سورية. هذا وهم. إن رفع العقوبات جاء بدعمٍ إقليميٍّ واسع، وبقصد تثبيت الاستقرار في المنطقة، وبرضىً صهيوني بقدر ما، وأعلن ذلك وزير خارجية دولة الاحتلال: "نريد علاقات جيّدة مع الحكومة السورية"، وكذلك مقابل تنفيذ مطالب أميركا كاملة، ومنها تشكيل حكومة جامعة جديدة. قدرة الإدارة السورية على تلبية الشروط الخارجية تتطلّب إحداث تغيير أساس في السلطة سورية في أمسّ الحاجة لمتابعة رفع العقوبات، ومن سيطابق الأقوال مع الأفعال هو إدارة الشرع. إذاً هذه الإدارة تحت المراقبة الدولية والإقليمية بصفة خاصّة. وقدرة الإدارة على تلبية الشروط الخارجية تتطلّب إحداث تغيير أساس في السلطة. وقد أشير أعلاه إلى المجلس التشريعي، وإلى ضرورة إحداث تغييرات في الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة جديدة. ولكن هناك قضايا حسّاسة أخرى، وتتعلّق حصراً بالجيش وجهاز الأمن العام، وهناك تصنيف هيئة تحرير الشام، ومنها قادة في الدولة، إرهابيين. تسليم إعادة تشكيل الجيش لضبّاطٍ منشقّين عن النظام السابق، وإبعاد الأجانب منه، وإلغاء الدورة الشرعية للمنتسبين إليه، وفتح المجال للسوريين كافّة للانضمام، شروط أساسية، تنطبق أيضاً على أجهزة الأمن العام والاستخبارات والشرطة كذلك، وهذا سيردم الأساس الذي تستند إليه كلّ من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وفصائل السويداء، وكذلك الفصائل الجهادية والسلفية، وجدير بالملاحظة أن المنحة القطرية السابقة للبدء برفع العقوبات كانت تستثني الجيش والأمن. إيجاد بيئة آمنة للاستثمار، وأمنية مستقرة، يتطلّب استقلال القضاء، وإتاحة أوسع أشكال الحرّيات العامّة، وإطلاق بيانات شفّافة في كلّ ما يتعلّق بالمؤسّسات التي تتشكل حديثاً. هذا أولاً، وثانياً، هناك ضرورة للاستعانة بخبراء ذوي كفاءة ووطنيين بشكل خاص، يُكلَّفون وضع خطّة وطنية لكيفية النهوض بالدولة، في المجالات كافّة، في شكل النظام السياسي وشكل الاقتصاد وقوانين الاستثمار والتعليم والثقافة والقوميات والأديان والعدالة الانتقالية. ربّما يكون وضع هذه الخطّة أكثر عمل أهميةً يقع على إدارة الشرع، وإكمالاً للفكرة أعلاه، تُعدّ مسألة المشاركة السياسية واحدةً من أكثر القضايا أهميةً، وهي ستسمح بتأمين شرعية حقيقية للإدارة ولخطواتها السياسية، فهل تعي جيّداً هذه الإدارة حساسية الوضع السوري بأكمله؟


العربي الجديد
منذ 4 أيام
- العربي الجديد
فرنسا تتهم روسيا بشن هجمات سيبرانية ضدها
اتهمت فرنسا في بيان صدر اليوم الثلاثاء، روسيا بشنّ هجمات سيبرانية على مؤسسات وفعاليات فرنسية، من بينها دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت العام الماضي وانتخابات عام 2017. وذكرت وزارة الخارجية أن فرنسا دانت الهجمات وتعتقد أن وحدة APT28 بالاستخبارات العسكرية الروسية هي المسؤولة عن الهجمات. وأضافت الوزارة أن نحو 12 مؤسسة فرنسية استُهدفت بهذه الهجمات منذ 2021. وذكرت الوزارة بأن هذه المؤسسات كانت عوامل فاعلة في الحياة الفرنسية بما في ذلك في الخدمة العامة والشركات الخاصة ومنظمة رياضية مرتبطة بتنظيم دورتي الألعاب الأولمبية والبارالمبية في 2024. وأوضح البيان أن الاستخبارات العسكرية الروسية استخدمت نفس النهج في 2015 لتخريب قناة "تي في 5 موند" التلفزيونية في محاولة لعرقلة الانتخابات الفرنسية في 2017. تكنولوجيا التحديثات الحية المغرب يتهم "جهات معادية" بالوقوف وراء الهجمات السيبرانية الأخيرة هجمات سيبرانية ضد أوروبا لفت البيان إلى أن الوحدة APT28 تُستَخدَم أيضاً للضغط المستمر على البنى التحتية الأوكرانية في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا . كما استهدفت الوحدة بحسب البيان شركاء أوروبيين عدة في السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الأفراد والكيانات المسؤولة عن الهجمات التي نُفّذت بمساعدة هذه الوحدة. وعلّقت باريس بأن "هذه الأنشطة المزعزعة مهدّدة للاستقرار وغير مقبولة ولا تليق بعضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. علاوة على ذلك، فهي تتعارض مع معايير الأمم المتحدة للسلوك المسؤول للدول في الفضاء الإلكتروني، والتي التزمت بها روسيا". وذكرت أنها عازمة على استخدام جميع الوسائل المتاحة، إلى جانب شركائها، لمواجهة الهجمات السيبرانية الروسية الخبيثة. (أسوشييتد برس)