
الإعلام والتنمية
مما يعزز تحول قطاع الإعلام من التبعية المالية إلى الإنتاجية، نجد أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 1.2 % عام 2022، وتستهدف الرؤية رفعها إلى 2.5 % بحلول 2030. وهذا النمو يُعزى إلى استثمارات تتجاوز 25 مليار ريال في قطاعات المحتوى الرقمي والإعلام التفاعلي، وفق استراتيجية الاستثمار الوطني (2023)..
في مقابلة غنيّة بالرؤى والأفكار، كشف معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري، خلال حواره في برنامج "الليوان" مع الإعلامي عبدالله المديفر، عن توجهات استراتيجية لمستقبل الإعلام السعودي ودوره في التنمية الشاملة، وقد جمعت المقابلة بين التحليل السياسي والخبرة العملية، لترسم صورة واضحة لعلاقة الإعلام برؤية 2030، والتحديات التي تواجه المشهد الإعلامي، وآليات تعزيز دوره كرافد أساسي للتنمية الوطنية.
أكد معالي الوزير أن مشروعات رؤية السعودية وإنجازاتها تُعد "الذراع الإعلامية" الأكثر فاعلية في إقناع الجمهور وإشراكه في مسيرة التحول، فنجاحات الرؤية التي تحققت بوتيرة أسرع من المتوقع، لم تكن لتُترجم إعلاميا دون انسجام بين رسالة الدولة ووعي المواطنين. وهنا يبرز الإعلام كأداة لتعزيز الثقة الشعبية في القيادة، عبر نقل الإنجازات بشفافية تُبعد شبهة "المديح الزائف"، الذي ترفضه الدولة، فالتنمية لا تُبنى بالدعاية، بل بالواقع الذي يفرض نفسه.
وكما نعلم أن إنجازات الرؤية تجاوزت التوقعات، حيث تحققت 65 % من مستهدفات 2030 قبل الموعد المحدد، وفق تقارير الهيئة العامة للإحصاء (2023)، وهذه الإنجازات لم تكن لتُترجم إعلاميا لولا انسجام الرسالة الحكومية مع وعي الجمهور، الذي بلغت نسبة ثقته في الإعلام الوطني 82 %، حسب استطلاع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني (2022)، وهنا، يُظهر الإعلام قوته كأداة لتعزيز الانتماء، فكما قال معاليه: "إنجازاتنا تتحدث عن نفسها".
رفض معالي الوزير مقارنة حرية الإعلام السعودي بنظيره الأوروبي، مشددا على أن "لكل مجتمع ما يناسبه". فالحرية في السعودية ليست فوضى، بل التزامٌ بضوابط تحمي القيم والهوية الوطنية. وهذا النموذج من "الحرية البنّاءة" يعكس فهما عميقا لدور الإعلام في التنمية: إعلامٌ يوازن بين النقد البناء والحفاظ على الاستقرار، ويُسهم في تشكيل وعي جمعي يدعم التحول الاقتصادي والاجتماعي. وهو ما يتطلب من الإعلاميين التحلي بالمسؤولية، والانحياز إلى الموضوعية بدلا من العاطفة أو الشعبوية، كما أشار معاليه.
لفت معالي الوزير في اللقاء إلى أن قطاع الإعلام في السعودية لم يعد تابعا للدعم الحكومي، بل أصبح جزءا من الاقتصاد المعرفي، يُسهم في الناتج المحلي ويستقطب الاستثمارات. وتوقع أن يتضاعف هذا الدور بحلول 2030، مما يعزز مكانة الإعلام كشريك في التنويع الاقتصادي. إلا أن هذا النمو مشروطٌ بجودة المحتوى؛ فالمحتوى الهابط يُواجه برفض الجمهور الواعي، الذي يمتلك "سلطة المقاطعة" كسلاح لمحاربة الانحرافات الإعلامية. هنا، يُعيد الوزير تعريف العلاقة بين الإعلام والجمهور: ليست علاقة تلقٍّ فحسب، بل مشاركةٌ فاعلة في صياغة المشهد الإعلامي.
ومما يعزز تحول قطاع الإعلام من التبعية المالية إلى الإنتاجية، نجد أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 1.2 % عام 2022، وتستهدف الرؤية رفعها إلى 2.5 % بحلول 2030. وهذا النمو يُعزى إلى استثمارات تتجاوز 25 مليار ريال في قطاعات المحتوى الرقمي والإعلام التفاعلي، وفق استراتيجية الاستثمار الوطني (2023). كما أن 60 % من السعوديين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي يوميا، مما يفتح آفاقا لاقتصاد رقمي يُسهم في تنويع مصادر الدخل، خاصة مع ارتفاع نسبة الشباب دون 30 عاما إلى 63 % من السكان، وفق الإحصاء السعودي (2023).
لم يغفل معالي الوزير الحديث عن الظواهر السلبية في الإعلام الرياضي، مثل "المحلل المشجع" الذي يُغذي التعصب بدلا من تثقيف الجمهور. وأكد أن الأنظمة الإعلامية تتصدى لهذه الظاهرة عبر الرصد والتشريعات، لكنه أشار إلى أن الحل الجذري يكمن في وعي الجمهور وتوجيهه. وهذه النقطة تُظهر فهمًا استراتيجيًا لدور الإعلام كمُعلّم اجتماعي، يعمل على ترسيخ قيم التنافس الشريف والهوية الوطنية، حتى في المجالات الترفيهية.
لم تكن المقابلة حوارا سياسيا بحتا، بل كشفت عن جانب إنساني لوزير الإعلام، الذي اعترف بـ"كذبة" قديمة على والده ليمارس مهنة الصحافة، معتبرا أن خدمة الوطن لا ترتبط بمنصب بعينه. كما أبدى قلقه على "موت الصحفي" لا المهنة، في إشارة إلى أهمية تأهيل كوادر إعلامية واعية. واستذكر درسا تعلمه من المصور الصحفي عمران حيدر: أن الإعلام رسالةٌ قبل أن يكون مهنة.
في مجمل حديثه، رسم معالي الوزير خريطة طريق لمستقبل الإعلام السعودي: إعلامٌ يُسهم في التنمية عبر الربط بين الإنجازات والوعي، ويوازن بين الحرية والمسؤولية، ويعتمد على الكفاءات الوطنية. كما أكد أن نجاح الرؤية الاقتصادية مرتبطٌ بوجود إعلام قادر على الابتكار والإقناع، دون إغفال القيم المجتمعية. ففي عصر تتسارع فيه التحولات، يبقى الإعلام السعودي، وفقا لما قال معاليه: "جسرا بين طموحات القيادة ووعي المواطن، وبين المحلية والعالمية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 2 ساعات
- سعورس
60 مليار ريال قيمة صكوك جديدة
وذكر المركز أن هذه المبادرة تعد استمراراً للجهود التي يبذلها تعزيزاً للسوق المحلي، وتفعيلاً لدوره في إدارة التزامات الدين الحكومية والاستحقاقات المستقبلية، ولضمان تكامل جهود المركز المبذولة مع المبادرات الأخرى لتعزيز المالية العامة للدولة على المدى المتوسط والطويل. وبحسب المركز الوطني ، تنقسم إصدارات الصكوك الجديدة إلى 5 شرائح: – الأولى : بحوالي 21.5 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2032. -الثانية: 1.8 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2035. – الثالثة: 14.2 مليار ريال بأجل استحقاق في عام 2036. – الرابعة: 5.9 مليار ريال بأجل استحقاق في عام 2039. – الخامسة: 16.9 مليار ريال بأجل استحقاق في عام 2040.


المدينة
منذ 2 ساعات
- المدينة
إصدار صكوك جديدة بـ60 مليار ريال
أعلن المركز الوطني لإدارة الدَّين، عن اكتمال عمليَّة شراء مبكِّر لجزء من استحقاقات المُصدر القائمة في الأعوام 2025م، 2026م، 2027، 2028، 2029، بقيمة إجماليَّة تقدَّر بحوالى 60.4 مليار ريال، بالإضافة إلى إصدار صكوكٍ جديدةٍ بلغت قيمتها الإجماليَّة حوالى 60.3 مليار ريال.وأوضح المركز في بيان له، أنَّه تم تقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى خمس شرائح.الأولى بقيمة تقدَّر بحوالى 21.5 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2032، والشريحة الثانية بقيمة تقدَّر بحوالى 1.8 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2035.أمَّا الشريحة الثالثة بقيمة 14.2 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2036.والشريحة الرابعة بقيمة 5.9 مليارات ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2039، والشريحة الخامسة بقيمة تقدر بحوالى 16.9 مليار ريال بأجل استحقاق يحل في عام 2040.وبيَّن أنَّ هذه المبادرة تُعدُّ استمرارًا للجهود التي يبذلها تعزيزًا للسوق المحلي، وتفعيلًا لدوره في إدارة التزامات الدَّين الحكومية والاستحقاقات المستقبليَّة، ولضمان تكامل جهود المركز المبذولة مع المبادرات الأخرى لتعزيز المالية العامَّة للدولة على المدى المتوسط والطويل.وأشار إلى أنَّ وزارة المالية (المُصدر) والمركز قاما بتعيين إتش إس بي سي العربيَّة السعوديَّة، وشركة الأهلي الماليَّة، وشركة الراجحي الماليَّة، وشركة الجزيرة للأسواق الماليَّة، وشركة الإنماء للاستثمار، وذلك بشكل مشترك كمديري إصدار أساسيين لهذه العملية.


المدينة
منذ 2 ساعات
- المدينة
هيئة التأمين تلغي تراخيص 28 شركة نهائياً
أسماء الشركات الملغي تراخيصها ألغت هيئة التأمين السعودية تراخيص 28 شركة نهائيا، ضمن إجراءات تصحيحية بدأتها في أبريل الماضي، وفقا لما أعلنته في بيان أمس عبر موقعها الإلكتروني.واستندت الهيئة في قرارات الإلغاء «النهائية» إلى أحكام نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني وقراراته التنفيذية «وفقا للمهام والصلاحيات المناطة بها»، بحسب البيان.وقالت «إن القرارات ستنعكس إيجابا على الاستقرار المالي، حيث تتوافق مع أهداف الهيئة المتمثلة في دعم وتعزيز فاعلية القطاع واستقراره، ورفع ثقة المتعاملين معه بما يُسهم في حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين».وأصدرت الهيئة في وقت سابق من هذا الشهر تقرير سوق التأمين السعودي، الذي أظهر نموا في إجمالي الأقساط المكتتبة مع زيادة ملحوظة في تأمين الحماية والادخار.وبلغت مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 2.59% العام الماضي، وفقا للتقرير، الذي أظهر أيضا بلوغ أرباح قطاع التأمين 3.6 مليار ريال خلال العام ذاته، مقارنة بربح صاف بلغ 3.2 مليار ريال في عام 2023.