logo
ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029

ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029

البوابةمنذ 3 أيام

أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس في خطابه الأول أمام البرلمان الألماني (البوندستاج) في 14 مايو 2025 عن توجه حكومته لتعزيز القدرات العسكرية للجيش الألماني، بهدف أن يصبح "أقوى جيش تقليدي في أوروبا".
هذه الخطوة تبدو منطقية إذا ما استندنا إلى موقع ألمانيا الاقتصادي والديموغرافي كأكبر دولة أوروبية، حيث تمتلك أكبر اقتصاد وعدد سكان، ما يؤهلها لتحمل أعباء عسكرية تتناسب مع مكانتها.
واقع مختلف
لكن التاريخ العسكري لألمانيا، خصوصاً منذ الحرب العالمية الثانية، يوضح واقعاً مختلفاً. فقد ظل الجيش الألماني خلال ثمانين عاماً الماضية أقل تطوراً وقدرة مقارنة بجيوش أوروبا الغربية مثل فرنسا وبريطانيا، اللتين تملكان أسلحة نووية، في حين كانت قدرة ألمانيا محدودة لأسباب تاريخية وأخلاقية ترتبط بشكل وثيق بخلفية "ألمانيا النازية" وجرائم الحرب التي ارتكبتها.
الجذور التاريخية للتحفظ على التسليح الألماني
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حرص الحلفاء الغربيون (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا) والاتحاد السوفيتي على منع إعادة تسليح ألمانيا بشكل مستقل، خشية أن تتحول ألمانيا مرة أخرى إلى قوة عسكرية مهيمنة في أوروبا. لذلك، حين سمحوا لألمانيا الغربية بالانضمام إلى حلف الناتو في 1955، وضعوا قواتها تحت قيادة الحلف وقيوده، بحيث كانت ألمانيا تساهم ضمن إطار دفاعي جماعي وليس كقوة عسكرية مستقلة.
تحفظات القوى الأوروبية على الوحدة الألمانية
مع انهيار جدار برلين عام 1989 وبدء عملية الوحدة الألمانية، أبدت فرنسا وبريطانيا تحفظات كبيرة خشية من هيمنة ألمانية موحدة وقوية، لكن الضغوط الدولية خصوصاً من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بالإضافة إلى التنازلات الاقتصادية التي قدمها المستشار هلموت كول، مهدت الطريق للوحدة الألمانية في 1990، مع تأكيد أن القوة العسكرية الألمانية يجب أن تبقى تحت مراقبة حلف الناتو.
ميرتس يكمل طريق الوحدة العسكرية مع مراعاة التوازنات الدولية
ميرتس، الذي ينتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي نفسه الذي كان ينتمي إليه أديناور وكول، أعلن عن تعزيز الجيش الألماني في سياق مواجهة التهديد الروسي ودعم أوكرانيا. لكنه شدد على ضرورة أن يكون ذلك ضمن إطار الناتو والاتحاد الأوروبي، مع التأكيد على أن "القوة تردع العدوان والضعف يغري العدو".
تدشين اللواء الألماني 45 في ليتوانيا، والذي سيضم حوالي 5 آلاف جندي بحلول 2027، هو تحرك ملموس يدل على استعداد ألمانيا لتحمل المزيد من المسؤولية في الدفاع عن الحلف، خصوصاً في الجبهة الشرقية المجاورة لروسيا، ويمثل رسالة واضحة إلى موسكو بخصوص التحول العسكري الألماني، ورسالة إلى واشنطن تؤكد التزام برلين بدعم حلف الناتو.
التحديات الداخلية والخارجية في تعزيز الجيش
ألمانيا تواجه تحديات متعددة في مشروع إعادة بناء جيشها:
القدرات العسكرية المتراجعة: بعد سنوات من تقليص الإنفاق العسكري وانتهاء الخدمة العسكرية الإلزامية عام 2011، أصبح الجيش الألماني "مهلهلاً" وفق وصف مفتش الجيش في بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022.
الميزانيات: على الرغم من تخصيص صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتعزيز القدرات العسكرية، فإن هناك خلافات داخل الحكومة حول مدى زيادة الإنفاق العسكري، خاصة في ظل الجدل حول رفع حصة الإنفاق إلى 5% من الناتج القومي، والذي سيعني إنفاقاً يصل إلى نحو 200 مليار يورو، وهو رقم يثير الجدل في الداخل الألماني.
النقص في العتاد والذخيرة: تسليم جزء كبير من العتاد لأوكرانيا خلال السنوات الثلاث الماضية أضعف مخزون الجيش، والحصول على معدات متطورة سيستغرق سنوات بسبب محدودية قدرة صناعة الأسلحة.
النقص في الجنود: مع وجود نحو 180 ألف جندي فقط حالياً، تسعى الحكومة لزيادة العدد بحوالي 100 ألف خلال عامين، عبر تجنيد طوعي أولاً، مع جدل حول إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية، التي كانت تمثل سابقاً المصدر الرئيسي لقوات الاحتياط.
تحولات في السياق الأمني والسياسي الدولي
الحرب الروسية على أوكرانيا: فتحت هذه الحرب أعين الألمان والدول الأوروبية على الحاجة لإعادة بناء قدراتها الدفاعية في مواجهة تهديدات روسية واضحة.
ضغط الولايات المتحدة: إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب طالبت دول الناتو بزيادة إنفاقها العسكري، مهددة بسحب الدعم الأمني، مما دفع ألمانيا لتسريع خطط تسليحها.
التنسيق داخل حلف الناتو: دعا ميرتس إلى تنسيق أفضل بين دول الحلف في تصنيع السلاح وتوحيد الذخيرة والأنظمة، لتسريع الإنتاج وتقليل التكاليف.
البعد الزمني والإستراتيجي
يشير المفتش العام للجيش الألماني إلى أن الجيش يجب أن يكون جاهزاً لمواجهة تهديدات روسية محتملة بحلول عام 2029، استناداً إلى تقديرات بزيادة حجم الجيش الروسي وقدرته على شن هجمات على دول الناتو. ويعتبر بروير أن الردع عبر القوة والاستعداد هو أفضل وسيلة لمنع أي اعتداء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولة تحدد فترة زمنية لإعادة تسليح الجيش الألماني
مسؤولة تحدد فترة زمنية لإعادة تسليح الجيش الألماني

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

مسؤولة تحدد فترة زمنية لإعادة تسليح الجيش الألماني

أعلنت المسؤولة عن المشتريات العسكرية في ألمانيا، السبت، أن أمام الجيش الألماني ثلاث سنوات لحيازة المعدات اللازمة التي تمكّنه من التصدي لهجوم محتمل على أراضي دول حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقالت رئيسة المكتب الاتحادي للمشتريات العسكرية أنيت لينيغك-إمدن في حديث لصحيفة "تاغشبيغل" في برلين "يجب حيازة كل ما هو ضروري لنكون على أتم الجهوز للدفاع عن البلاد بحلول عام 2028". وقالت لينيغك إن على الجيش حيازة كل المعدات اللازمة قبل 2029 لأنه "لا يزال يتعين على الجنود التدرب على استخدامها". وأعربت عن ثقتها بتحقيق ذلك بفضل تيسير معاملات شراء المعدات العسكرية والمبلغ المقدر بمئات مليارات اليورو الذي خصصته حكومة فريدريش ميرتس الجديدة للإنفاق الدفاعي. وأضافت أن مكتبها سيرفع مشاريع شراء المعدات العسكرية إلى مجلس النواب، بحلول نهاية العام على أن تعطى "الأولوية للمعدات الثقيلة مثل دبابات سكاي رينجر المضادة للطائرات أو النموذج الذي سيستبدل مركبات النقل المدرعة". كما أُبرمت عقود لإنتاج دبابات قتالية إضافية من طراز "ليوبارد 2". جعل فريدريش ميرتس إعادة تسليح الجيش الألماني، أولوية لائتلافه الحكومي مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ليصبح "أقوى جيش تقليدي في أوروبا". وأهملت ألمانيا، المسالمة إلى حد كبير منذ فظائع النازية، لفترة طويلة قطاع الدفاع لديها واعتمدت على القوة الأميركية داخل حلف شمال الأطلسي. بدأت عملية إعادة التسلح في عهد حكومة أولاف شولتس السابقة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية نهاية فبراير 2022. وعلى الجيش الألماني التعامل مع النقص الخطير في عديده. واعلن وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، الخميس، أن الجيش الألماني بحاجة لما بين 50 إلى 60 ألف جندي إضافي في السنوات المقبلة للاستجابة للزيادة في قدرات الدفاع التي يطلبها الحلف الأطلسي. عام 2024، كان عديد الجيش يزيد على 180 ألف جندي مع هدف تخطي 203 آلاف بحلول عام 2031. في موازاة ذلك، تسعى ألمانيا إلى تسريع إقامة ملاجئ للسكان تحسبا لأي نزاع مسلّح، وفق رئيس المكتب الفدرالي الألماني للحماية المدنية، رالف تيسلر. كانت السلطات باشرت نهاية العام 2024 عملية جرد للأنفاق ومحطات المترو ومرائب السيارات تحت الأرض أو أقبية المباني العامة التي يمكن تحويلها إلى ملاجئ. وقال تيسلر، في تصريح لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ": "سننشئ مليون ملجأ في أسرع وقت ممكن"، لافتا إلى أن خطة بهذا الصدد ستقدّم هذا الصيف.

ضابط أمريكي متقاعد: زيلينسكي يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية
ضابط أمريكي متقاعد: زيلينسكي يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية

سبوتنيك بالعربية

timeمنذ 6 ساعات

  • سبوتنيك بالعربية

ضابط أمريكي متقاعد: زيلينسكي يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية

ضابط أمريكي متقاعد: زيلينسكي يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية ضابط أمريكي متقاعد: زيلينسكي يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية سبوتنيك عربي ذكر المقدم المتقاعد في الجيش الأمريكي، دانيال ديفيس، أنه "لا ينبغي للولايات المتحدة وأوروبا التعامل مع فلاديمير زيلينسكي، ومساعدة أوكرانيا، لأن ذلك لا طائل... 07.06.2025, سبوتنيك عربي 2025-06-07T18:04+0000 2025-06-07T18:04+0000 2025-06-07T18:04+0000 العملية العسكرية الروسية الخاصة روسيا العالم وأضاف ديفيس في قناة "ديب دايف" على يوتيوب، أن "هذا الرجل (فلاديمير زيلينسكي) يهذي ولا يستطيع اتخاذ قرارات عقلانية، ويجب على الجميع في الغرب أن يفهموا أن تقديم دولار آخر، أو يورو آخر، أو طائرة أخرى، أو رصاصة أخرى، يعني سحب كل هذا من احتياطياتهم ورميه في سلة المهملات".ولا تزال أوكرانيا، التي تواجه عجزًا قياسيًا في الميزانية قدره 43.9 مليار دولار أمريكي لعام 2024، تعتمد على مساعدات الشركاء الدوليين لتغطية جزء كبير من احتياجاتها المالية.واشتكى فلاديمير زيلينسكي، من نقص الأموال في أوكرانيا لإنتاج أسلحتها الخاصة، وبطء تدفق المساعدات الغربية. سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي روسيا, العالم

متحديا مخاوف الحكومة.. البرلمان الفرنسي يقر الإعانة «من الطفل الأول»
متحديا مخاوف الحكومة.. البرلمان الفرنسي يقر الإعانة «من الطفل الأول»

العين الإخبارية

timeمنذ 8 ساعات

  • العين الإخبارية

متحديا مخاوف الحكومة.. البرلمان الفرنسي يقر الإعانة «من الطفل الأول»

في خطوة مفاجئة أعادت الجدل حول العدالة الاجتماعية في فرنسا، صوّتت الجمعية الوطنية (البرلمان) لصالح مقترح يمنح العائلات مخصصات مالية ابتداءً من الطفل الأول، متحدية بذلك موقف الحكومة ومخاوفها من الكلفة الباهظة. المقترح الذي دافع عنه الحزب الشيوعي يضع الحكومة أمام معادلة صعبة: كيف نوازن بين الإنفاق الاجتماعي وضبط الميزانية؟. وصوّتت الجمعية الوطنية الفرنسية، الخميس، لصالح مقترح قانون ينص على صرف المخصصات العائلية ابتداءً من الطفل الأول، وذلك خلافاً لرأي الحكومة وجزء من الكتلة الوسطية، الذين استندوا إلى كلفة الإجراء المقدّرة بنحو 3 مليارات يورو. وتم تبني النص بأغلبية 103 أصوات مقابل 17، بدعم من كتل يسارية واليمين المتطرف، وحتى أربعة نواب من حزب الجمهوريين (LR). وجرى طرحه ضمن "النافذة البرلمانية" المخصصة لمبادرات الكتلة الشيوعية، وسيتجه الآن إلى مجلس الشيوخ للنظر فيه، بحسب صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية. وقال النائب الشيوعي إدوارد بينار في افتتاح المناقشات: "تكاليف قدوم الطفل الأول هائلة: السكن، الرعاية، الغذاء، وفقدان جزء من الدخل". وبرّر بينار المقترح بأنه "تكيّف مع الواقع الاجتماعي المعاصر"، خاصة أن "أكثر من ثلث الأسر الفرنسية لديها طفل واحد فقط". ومع ذلك، رفضت الحكومة المقترح بسبب تكلفته المرتفعة، كما أشار بينار نفسه. من جهتها، اعتبرت شارلوت بارمنتييه-لكوك، الوزيرة المكلّفة بالاستقلالية والإعاقة، أن "المسار المالي لنظام الضمان الاجتماعي لا يسمح لنا بتطبيق هذا الإجراء دون إصلاحات جوهرية تشمل خفضاً في النفقات". وأضافت أن الإجراء "لن يكون له أي أثر توزيعي لصالح العائلات الأكثر فقراً"، لأن "صرف هذه المخصصات سيتم امتصاصه تلقائياً من خلال تقليص مخصصات أخرى كدخل التضامن النشط (RSA) أو منحة النشاط". وأيّدها النائب بيير كازنوف (حزب النهضة)، قائلاً إن هذه الخطوة "ستمنح فائض قوة شرائية للفئات الأكثر ثراءً". ورداً على ذلك، قال إدوارد بينار، إن "المستفيدين الأكبر سيكونون الفئات المتوسطة"، مشيراً إلى زيادة محتملة تصل إلى 130 يورو شهرياً لبعض العائلات. ورغم إقراره بأن الفائدة ستكون أقل بكثير بالنسبة للعائلات ذات الدخل المحدود، أكد أن "ذلك لن يؤدي إلى تراجع في القدرة الشرائية". وأضاف: "لهذا السبب نحتاج إلى إصلاح أشمل... ما يحدث الآن هو مجرد وضع قدم في الباب". وفي محاولة لتمهيد طريق التمويل، اعتمد النواب تعديلين قدمهما النائب الاشتراكي جيروم غيدج، يقضيان بإعادة احتساب الأسس التي يتم من خلالها تحديد الإعفاءات من المساهمات الاجتماعية على أرباب العمل، إضافة إلى إعادة النظر في بعض النسب المنخفضة للمساهمات على أنظمة الادخار والتأمين الجماعي في الشركات. aXA6IDgyLjI2LjIzMi4zMSA= جزيرة ام اند امز CH

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store