logo
نهاية النهاية

نهاية النهاية

جريدة الاياممنذ يوم واحد

من يتابع، وعن وعي لا عن عاطفة، ما وصلت إليه حركة حماس وما يقوله أهالي قطاع غزة عنها وعن قادتها، يدرك تماما أن الحركة قد أنهت نفسها بنفسها، لم يعد لها موطئ قدم في غزة. وهذا أمر ليس بالجديد لكن الحرب قد عجّلت به. منذ أن حكمت «حماس» قطاع غزة، ومارست ما مارسته ضد أبناء شعبها، وهو بالمناسبة شبيه بكل تلك الأسباب التي قالت إنها انقلبت ضدها، وهذا ما عبّر عنه الكثيرون في السرّ والعلن، وثار ضده الشباب في حركة اطلق عليها اسم «الحراك»، في تلك اللحظة كانت بداية النهاية. أما نهاية النهاية، فجاءت بعد سلسلة التصريحات التي اطلقها قادتها من خارج البلاد التي لم تأخذ بالحسبان معاناة الشعب جرّاء الحرب. ربما لن تنتهي «حماس» كفكر وأيديولوجيا، وسيبقى هناك من يؤيدها، وسيذكرها التاريخ، لكنها تماما كما الماركسية، أنهت نفسها بنفسها.
الرقص في العتمة
عندما اقرأ بيانات الفصائل الفلسطينية، وما اكثرها، وما اقل فعلها، لا أجد فيها إلا شعارات رنّانة، فهي تهدد وتحذر وتحمل المسؤولية دائما. فلا التهديد نافع، ولا التحذير نافع، ولا حتى تحميل المسؤولية نافع. الأدهى من ذلك أنها تعتقد أن أحداً ممن تتوعدهم وتحملهم المسؤولية يكترث لها. استمروا بالرقص في العتمة، ففي الحركة بركة، لكن تذكروا أنكم لستم على بال احد.
شطرا الوطن
بينما تدور معركة في الضفة الغربية بين أصحاب الملاحم، ونقابة اللحامين، ووزارة الاقتصاد الوطني حول أسعار اللحوم على أنواعها وما تشتهيه الأنفس منها، تدور معركة الأمعاء الخاوية في غزة. لست ضد معركة اللحوم في الضفة، لأن موضوع الأسعار في كل الأسواق يجب أن يثار وان يتم تحديدها، إلا أن ما يستفزني هو التوقيت. كان بالإمكان تأجيل هذا الأمر، أما المستهلك فبإمكانه العيش دون اكل اللحم لفترة، أصلاً هذا ما يوصي به الأطباء في كثير من الأحيان!
«أبو كلبشة» مرة أخرى
غادرت البلاد قبل 14 شهراً، وما زلت أتلقى رسائل من القرّاء حول قضية «كلبشة» المركبات، كما أشاهد العديد من الفيديوهات التي تتحدث عن الأمر. مشكلة لا تجد لها البلديات أي حلّ، واكثر ما يثر حفيظة المواطنين، ليس المخالفة بحد ذاتها، ولكن تصرفات الموظفين التي تؤدي في جميع الأحوال إلى مشادات كلامية واحتكاك قد يصل حدّ العراك. خلال تنقلي في بلدان مختلفة، وجدت أن جميعها يتبع نظام عدّادات الوقوف. لكن الفرق أن لا «كلبشة» ولا احتكاك بين موظف ومواطن. فالعملية تتم بكل بساطة، عدّاد يضع فيه المواطن النقود أو يدفع عن طريق تطبيق. وفي حال تجاوز المدة، يجد مخالفة على زجاج المركبة، دون استخدام «كلبشة»، ينطلق السائق ويمكنه دفع المخالفة نقداً أو عن طريق التطبيق، وإذا لم يفعل تزداد قيمة المخالفة بعد تحديد تاريخ معين للدفع.
لو كنت مسؤولاً
ورأيت الخطأ أمام عيني لما مررت من أمامه دون تصويبه، ولو نبهني احد إليه لاستجبت وصححت الأمر، ولما بررت الأخطاء وبررت التباطؤ بتصحيحها. فأنا مسؤول، عيني يجب أن تكون ثاقبة وناقدة، وصدري يجب أن يكون متسعاً للملاحظات والانتقادات، ومسؤوليتي أن أعالج الأمور بحكمة ورويّة، على ألا تكون رويّتي هذه «على اقل من مهلي».
الشاطر أنا
أول ما اجيت ع كندا، كنت واقف بالصدفة بعيد حوالي خمسة متر عن الصراف الآلي لاحد البنوك، اجت ست وسألتني 'Are you next?' هزيت راسي مستغرب، كيف next وأنا واقف بعيد! المهم قلتلها 'please go ahead' فهي المسخمة فكرتني «جنتلمان» وشكرتني بحرارة. المهم من كل الموضوع إني فهمت تلقائيا لأني شاطر انه وعلشان الخصوصية لازم الواحد يترك مسافة بينه وبين الشخص اللي قبله لما يكون في حد بستخدم الـ ATM حتى ما يبصبص ع حسابه أو قديش سحب. قلت في عقلي هاي لو في بلادنا صارت، بتلاقي خمسة بدخلوا قدامك مفكرينك اهبل، لأنه ضروري تكون ملزق في اللي ع الماكنة، علشان لو احتاج مساعدة تساعده، وبالمرة ترضي فضولك تعرف شو عنده حسابات دولار ودينار وشيكل!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الهدنة ... مرة أخرى درس الموازين ...!
الهدنة ... مرة أخرى درس الموازين ...!

جريدة الايام

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الايام

الهدنة ... مرة أخرى درس الموازين ...!

حتى ساعة نشر هذا المقال يفترض أن تكون حركة حماس قد سلّمت ردها على مقترح الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف الأخير، والذي وصفته بعض الأوصاف المقربة من حماس في اللحظة الأولى لتسلمه بالاستسلام قبل أن تدرك فداحةَ رفض المقترح وما تتحضر له إسرائيل والظروف المحيطة وحالة أهل غزة التي أصبحت تثير شفقة الكافر كما يقولون. لم يكن المقترح يخرج بهذا الشكل الذي يعكس المصالح الإسرائيلية لو كان الميدان يعطي نتائج مختلفة، فعبر التاريخ كانت الاتفاقيات وشروطها مجرد انعكاس لموازين القوى على الأرض، وما المفاوض سوى ممثل لتلك القوة، هذا ما حدث بين الجنرال ماك آرثر وإمبراطور اليابان الذي وقع على ورقة بيضاء واستسلام كامل بعد أن ضُربت بلاده بقنبلتين نوويتين حتى لا تكمل واشنطن حربها على كل مدن اليابان، وحصل هذا أيضاً عندما وقع الجنرال الفرنسي فيليب بيتان المنتصر في الحرب العالمية الأولى والمنهزم في الثانية، على وثيقة الاستسلام عندما كانت القوات الالمانية تطوي الأراضي الفرنسية بما فيها العاصمة. هذا هو التاريخ لا يسمح للنوايا أن تحدد مساره ولا الخطابات، لأن لديه حساباته الخاصة ومعادلاته الرياضية وأعداداً وخططاً وجيوشاً. فقد جاء مقترح ويتكوف بعد رفض إسرائيل لورقة كانت قد اعترضت عليها تل أبيب التي تشعر بفائض القوة التي تعكسها خطابات المسؤولين فيها، وأبرزهم خطابات نتنياهو المتبجحة وهو يستعرض كيف تمكنت قواته من تحطيم الإقليم، بدءاً من غزة ولبنان وانتهاء بسورية وتهديد ايران. وكان لا بد لهذه القوة أن تترجم نفسها كما كل نتائج حروب التاريخ. طار رون ديرمر وزير الشؤون الإستراتيجية وخازن أسرار نتنياهو إلى واشنطن لصياغة الاتفاق الذي يمكن أن تقبله اسرائيل، وهنا حدث ما يشبه نموذجاً مصغراً لصفقة القرن، أن تقوم اسرائيل بالصياغة وتتكفل واشنطن بالإخراج على هيئة وساطة. فموازين القوى بالنسبة لديرمر لا تسمح لأن تعطي لحماس متسعاً للتنفس، وأن القوة الإسرائيلية لا بد وأن تكون محشوةً في كل بند من بنود المقترح، وتلك طبيعة السياسة. وفي استخدام إسرائيل للغذاء كسلاح وما خلقته من مجاعة قاسية، وتهديدها بعملية كبيرة تم تجنيد 60 ألف جندي للقيام بها تقوم على إقامة معازل وفلترة سكان غزة، من خلال ممرات يمكن أن تفرز عناصر حركة حماس بما أسمتها بعربات جدعون. كل هذا وأكثر كان يصنع مناخات ضاغطة على حماس، وهي المناخات التي تشير لها اسرائيل باعتبارها تقف خلف مرونة الحركة التي لم تسارع برفض مقترح تم اعتبارُه في لحظة ما «استسلاماً»، لكن لموازين القوة كلمتها في علم الصراعات، وهو ما تترجمه اسرائيل المدججة وما لم تفهمه حركة حماس بعد. فالتاريخ لا يحمي من لا يجيدون قراءته، بل يعاقبهم بزيادة الخسارة، لأن هناك لحظة ما يجب التوقف فيها لوقف النزيف وتدارك ما يمكن تداركه، وإلا لكان الامر أشبه بانتحار لا نتيجة تُرجى منه سوى الرغبة في الموت، هروباً من مواجهة الحقائق. لن تقف الحرب بسبب ما تبقى من أسرى. فالظروف هي التي تحدد قيمة الأسرى كسلعة سياسية، أحياناً تصاب اسرائيل بالفزع والشلل لمجرد أسير واحد، وأحياناً ألف أسير لا يساوون شيئاً، هذا يتعلق بحجم تصور المجموعة عن نفسها، وفي هذه الحرب بلغ حجم القلق على إسرائيل حداً لم تبلغه منذ إقامتها، لتعتبر أنها تخوض حرباً وجودية. وفي هكذا حروب تهبط كثيراً أسهم الأسرى، ولو أدركت حماس ذلك مبكراً ربما لكانت الخسارات أقل، لكن التعاطي كان فادحاً مع السياسة بمنطق الرياضيات «الحفظ وليس الفهم» وبمعادلات جاهزة سقطت جميعاً في هذه الحرب. في هذه الحرب سقطت المقولات القديمة عن أن اسرائيل ضعيفة أمام الأسرى، أو أن اسرائيل لا تستطيع خوض حروب طويلة، أو أن اقتصاد اسرائيل لا يحتمل تجنيد الاحتياط من المعامل والمصانع لأشهر أو حتى لأسابيع. فكل حرب تختلف عن غيرها، لأن كل واحدة يحددها شعور الأطراف التي تخوضها بحجم خسارتها وكيف يمكن لها استعادة توازنها النفسي والسياسي. وفي هذه الحرب فقدت اسرائيل واحداً من أبرز مقومات الأمان لديها، وكان واضحاً أنها ستذهب بعيداً في استعادته، وأن الأسرى مجرد عارض على هامش الحدث الكبير وهذا ما حدث. لم تقدر حركة حماس بعد أن الحرب لن تتوقف إلا بإنهاء حكمها وقوتها في غزة، هذا قرار اسرائيلي أميركي وأوروبي وربما عربي أيضاً، يشعر أن الحركة جزء من الإخوان المسلمين بخطابها الذي يعادي النظم ولم يبخل بتوزيع اتهامات الخيانة والتشهير بالنظم العربية بهدف اسقاطها والحلول مكانها، بالإضافة الى أن ما قامت به الحركة أدخل الجميع في أزمة، ومن تدخل بها متضامناً دفع ثمناً كبيراً مثل حزب الله واليمن وحتى ايران البعيدة. تحاول الحركة تعديل المقترح المنحاز، لكن اسرائيل التي تشعر بفائض القوة وتدرك جيداً وضع حماس ستكون في وضع مريح، إما ان ترفض محملةً حماس المسؤولية، وإما أن تقبل باقتراح جزئي بالنهاية يعيد الأسرى ولا يوقف الحرب على كل الجهات. هي تكرار لحدث سابق لا يضع حداً للمجاعة والموت فإلى متى؟ هذا سؤال المليوني مواطن في غزة، يلقونه في وجه حماس التي لم تقرأ معادلات الصراع وتاريخ المعارك، وكما قال أحد قادتها السابقين: من لا يقرأ التاريخ لا يصلح للسياسة.

المفاوضات مقابل الطعام
المفاوضات مقابل الطعام

جريدة الايام

timeمنذ 7 ساعات

  • جريدة الايام

المفاوضات مقابل الطعام

ملاحظتان واجبتان في ظل تعثر مفاوضات التهدئة التي تمتد لأشهر الآن. قبل الخوض بأي شيء فأنا مثل كل الفلسطينيين في غزة وأولئك من غير مناضلي الكيبورد خارجها، ممن يقولون بوقف الحرب بأي ثمن للحفاظ على شعبنا وبقائه. الملاحظة الأولى مدخل فيما الثانية هي جوهر هذا المقال. الملاحظة الأولى تتعلق بإدارة المفاوضات. قلنا على هذه الصفحة إن نتنياهو يستخدم المفاوضات وسيلة لإطالة عمر الحرب كما لتحسين صورة إسرائيل أمام العالم، فبدلاً من أن يقال إن إسرائيل تقاتل يقال إنها تفاوض على إنهاء الحرب، وهو أمر يمكن استخدامه أيضاً لترويض الجبهة الداخلية. وفيما نجح في إطالة عمر الحرب وجعل المفاوضات بوابة أوسع لكسب المزيد من الوقت فإنه لم يتمكن من خداع العالم الذي بات أكثر قلقاً من تجاهل إسرائيل لكل المطالب الأممية بوقف الحرب أو بالتخفيف عن سكان قطاع غزة، من خلال وقف المجاعة والحرمان والسماح بإدخال المساعدات وفق الآليات المتبعة سابقاً، وليس عبر توظيف المساعدات لاستكمال التطهير العرقي وحرب الإبادة. يتعلق بهذا إصرار حماس على التفاوض مع الإدارة الأميركية واعتبار مجرد التفاوض معها بمثابة انتصار واختراق وليس تلاعباً من قبل إدارة رجل الأعمال ترامب (كل شيء سلعة، حتى العلاقة مع الشيطان) بحماس وتوظيفها لخدمة أجندة البيت الأبيض. لاحظوا كيف صارت حماس ترفض الشيء ثم تقبل به فترفضه إسرائيل، ويقوم ويتكوف بجر حماس للقبول بورقة غامضة يقدم لإسرائيل نسخة معدلة عنها تحافظ على تماسك حكومته فترفضها حماس فتبدو أمام العالم الجهة المعطلة. وفي حالات سابقة ربما كان آخرها أيضاً إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي حامل الجنسية الأميركية مقابل لا شيء فقط طمعاً في تعميق العلاقة مع واشنطن على حساب معاناة الناس في غزة، فإن حماس عكست عدم وعي بطبيعة القوى الدولية، فيما كان يجب أن تترك مثل هذه الملفات والعلاقات مع القوى الخارجية لجهة التمثيل الفلسطيني الشرعي، أي القيادة الفلسطينية. وفيما تواجه إسرائيل ضغوطاً دولية شديدة من أجل إنهاء الحرب فإنها تحاول تشتيت الانتباه على رفض الطرف الفلسطيني. إسرائيل تضع ألف عقبة من أجل أن تستمر الحرب ومن أجل أن تواصل الإبادة، لذلك فإن إنهاء الحرب هو انتصار للبقاء الفلسطيني، ولكن للأسف حماس لا ترى في البقاء الفلسطيني انتصاراً بل في بقائها. الملاحظة الثانية: نجح نتنياهو في «بيع» حماس طعم السلام الاقتصادي الذي قاتلت القيادة الفلسطينية بشراسة من أجل رفضه، وأظن أن كل ما تتعرض له السلطة من مضايقات من قبل دولة الاحتلال واقتطاعات من المقاصة سببه رفض الرئيس أبو مازن قبول الطرح الذي ابتدعه نتنياهو السلام مقابل الاقتصاد أو أن أسمى غايات الفلسطينيين هو تحسين شروط معيشتهم وتطوير أدوات حياتهم دون أن يكون لهم مطالب سياسية أو حقوقية، فهم ليسوا أكثر من مجموعة بشرية (يمكن تعريفها أنها فلسطينية) ولكن هذه «الفلسطنة» لا تشير إلى كيانية بل إلى هوية ثقافية وليست سياسية ولا حقوقية، وعليه فإن طموحهم لا يجب أن يتعدى كسب فؤاد إسرائيل من أجل أن تسمح لهم بالمزيد من الطعام والشراب والطرق والسفر وغير ذلك. إن جوهر السلام الاقتصادي قائم على نفي أي مطلب سياسي، وبالتالي ليس فقط نسف السردية الوطنية الفلسطينية حول الحق التاريخي وحول ملكية الأرض وحول طبيعة العلاقة مع الاحتلال بل أيضاً تعزيز نفي الوجود الفلسطيني بشكل كامل وتأكيد السردية المضادة بأن الفلسطينيين وجدوا خطأ في التاريخ، وهو خطأ اعترض مسار التاريخ التوراتي ولكن بدافع إنساني بحت لا بأس من التعامل معهم ضمن مطالب حياتية ضيقة وسلبهم أي توجهات أخرى، بل ومعاقبتهم إن هم فكروا بتبني أي توجهات سياسية. هكذا فإن السلام الاقتصادي ليس إلا نسفاً للحقوق الوطنية. في حالة غزة نجح نتنياهو في تحويل كل النقاش في المفاوضات مع حماس إلى نقاش حول المساعدات. وفيما لا يمكن فهم الكثير من مواقف حماس إن لم يكن أغلبها خاصة لمواطن من غزة عاش الحرب فإن إدارتها لملف المساعدات في غزة والسرقات التي تتم والفروقات التي يلاحظها الناس بين فئات المجتمع حيث يتلقى البعض المساعدات ويحظي بسخاء واضح فيما يحرم الآخرون، وبصرف النظر عن ما يمكن أن يقال حول ذلك فإن من يتحمل المسؤولية الكاملة حول ذلك هي الجهة الحاكمة في غزة، أي حماس، لأنها الجهة المسؤولة عن حياة الناس بوصفها سلطة الأمر الواقع هناك. ما أقوله إن حماس لم تقع في فخ نتنياهو فقط بل إنها تقوم بتزيين الفخ لنفسها أو لعل هذه المساعدات هي مدخلها للحكم ولمواصلة التحكم بحياة الناس. لم يعد الخلاف على مفتاح التبادل بمعنى عدد المنوي الإفراج عنهم، يبدو أن هذا لم يعد هم حماس، بل إن جل النقاش حول المساعدات وإدارتها، حتى الإعمار لم يعد مطروحاً بشكل كبير، وحول المسافة التي ينسحب منها الجيش. أيضاً موضوع انسحاب الجيش من غزة وهو أمر لا بد منه، ولكن ألم تخسر حماس المعركة والقتال، لا يمكن أن تقول إنها صمدت حين يجوب الجيش كل شوارع غزة بدباباته، وعليه فإن الحديث عن الانسحاب من غزة أمر مختلف في نتائج الحرب. ولكن مرة أخرى «حماس» تتعامل وكأن السابع من أكتوبر لم يحدث وأن العالم لم يتغير بعده. ولكن نتنياهو لم يعد يتحدث عن السلام مقابل الاقتصاد بل الأسرى مقابل الطعام. وأيضاً الطعام وفق طريقته التي تتم هندستها من أجل تفريغ قطاع غزة من سكانه. سلام المساعدات هذا عبارة عن تفريغ لكل فكرة الصراع وتحويله من صراع وطني إلى اقتتال حول الطعام وسبل توزيعه وآليات إدارته. كان الأجدر بحماس ألا تخوض في هذا النقاش، وكان الأجدر بها أن تعرف أن غاية أي نقاش حول الحرب هو إنهاؤها وليس البحث في ترتيبات اليوم التالي. مرة أخرى حماس تتخطى المطالب الوطنية ولا تتصرف إلا وفق مصلحة حزبية ضيقة خاصة بأجندتها كتنظيم مسؤول عن غزة فيما السؤال الوطني العام في مكان آخر. لاحظوا كيف أن النقاش كله بات حول غزة، وكيف قادت سياسات حماس إلى فصل النضال في غزة عن مجمل النضال الوطني الفلسطيني. لا أحد يطلب من أهل غزة أن يتحملوا وحدهم وزر القضية الفلسطينية ولكن لا أحد يقبل أن يكون ثمة صراع لأهل غزة منفصل عن النضال الوطني. وماذا كانت النتيجة؟ صراع أهل غزة من أجل المساعدات، وفي أحسن الحالات من أجل انسحاب الجيش إلى شرق شارع صلاح الدين الذي لم يكن موجوداً فيه قبل السابع من أكتوبر. وإذا كانت الأمور تقاس بالخواتيم فهذه هي خواتيم ما جرى. صار هم الناس هو أن تتوقف الحرب، وتدخل المساعدات حتى لو أشرف عليها الشيطان أفضل من أن يسرقها من يدعي الحفاظ عليها من باب «حاميها حراميها»، وأن يخرج الجيش ليس خارج غزة بل أن يعود إلى خطوط وقف إطلاق النار في كانون الثاني. هذا هو حالنا اليوم وهذا ما وصلنا إليه.

لماذا لم توافق حماس على مقترح ويتكوف حتى الآن؟
لماذا لم توافق حماس على مقترح ويتكوف حتى الآن؟

فلسطين أون لاين

timeمنذ 16 ساعات

  • فلسطين أون لاين

لماذا لم توافق حماس على مقترح ويتكوف حتى الآن؟

منذ أسابيع ودوّامة المفاوضات حول تبادل الأسرى ووقف الحرب تدور بسرعات متباينة وتتوقف. فإسرائيل تعلن جهارًا نهارًا أنها تخوض مفاوضات "تحت النار"، وأن الهدف ليس إنهاء الحرب وإنما تحقيق أهداف الحرب. ومن جهتها أبدت حماس مرارًا استعدادها لصفقة شاملة تترك فيها إدارة الحكم في غزة وتنجز تبادل الأسرى، وتنهي الحرب؛ تمهيدًا لإعادة إعمار القطاع. وبدا للكثيرين، حتى في إسرائيل نفسها، أن إطالة أمد الحرب هدف سياسي لاعتبارات حزبية عند نتنياهو واليمين عمومًا. وبعد مداولات مكثفة وصياغات مختلفة كانت أحيانًا تلقى قبول حماس ورفض إسرائيل، وآخرها المقترح الذي عرضه الوسيط بشارة بحبح ولقي قبولًا أميركيًا. وأثار هذا المقترح غضبًا إسرائيليًا شديدًا دفع وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس الموساد، ديدي بارنيع للقاء ويتكوف ومناقشته مطولًا. وكانت النتيجة أن تبنّى ويتكوف مقترح ديرمر الأخير الذي كان الرد الإسرائيلي على مقترح بحبح. وسرعان ما عرض ويتكوف المقترح على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتبنّاه وأعاد إرساله إلى الطرفين. وأبلغ مصدر إسرائيلي رفيع المستوى صحيفة "معاريف" أن " ويتكوف تبنّى موقف ديرمر، وتجاهل بشارة". وأضاف أنه "خلافًا للتقارير، فإن اتفاق ويتكوف الأخير لم يحدد خط الانتشار الجديد لقواتنا، ولا كيفية توزيع المساعدات في إطار وقف إطلاق النار". كما أن مصدرًا آخر أكّد أن المقترح صيغ بالتنسيق الكامل مع إسرائيل عقب اجتماع ويتكوف مع الوزير رون ديرمر في البيت الأبيض يوم الثلاثاء. وهنا بيت القصيد في الموقف الإسرائيلي. فبنيامين نتنياهو يستطيع إبلاغ حليفَيه في اليمين المتطرّف، سموتريتش وبن غفير، أنه – كما كان سابقًا- قادرٌ على إقناع الأميركيين بأن يتبنّوا مواقفه، وها هم قد فعلوا. فلا تغيير في جوهر الموقف الإسرائيلي؛ لأن مقترح ويتكوف الأخير هو في جوهره مقترح إسرائيلي، وهو لا يطالب إسرائيل بإنهاء الحرب ولا يضمن لحماس إنهاء الحرب. ولا يقل أهمية عن ذلك أنه تم تضمينه عبارات وردت في اتفاق التبادل الذي قاد إلى الهدنة السابقة والتي لم تمنع إسرائيل من استئناف الحرب. وإضافة إلى ذلك ليس في المقترح الجديد ما يمسّ أسلوب توزيع المساعدات، والذي يخدم موقف إسرائيل الرامي إلى "تحقيق خطة ترامب" لتهجير أهالي غزة. ودعم رئيس الأركان الجنرال إيال زامير، موقف نتنياهو، حيث سرّبت جهات إسرائيلية موقفًا أدلى به في اجتماع مغلق لهيئة الأركان يربط قطاع غزة بالملفّ الإيراني. ووفقًا لمصدرَين حضرا المناقشات، قال زامير: "إن صفقة الرهائن ليست التزامًا أخلاقيًا فحسب، وليست هدفًا لزيادة الضغط العسكري على حماس فحسب، إنها ستسمح لنا أيضًا بالتركيز على إيران". وبحسب صحيفة "غلوبس" فإن هذا تصريحٌ هام، قد يشير إلى تقييماتٍ على مستوى القيادة العسكرية، وليس فقط على المستوى السياسي، بشأن الحاجة العسكرية للتركيز على الساحة الإيرانية، في ضوء المفاوضات مع طهران، بل وأكثر من ذلك في حال فشلها. وهكذا، وبعد مداولات سياسيّة وأمنية ومن دون قرارات رسمية أبلغ نتنياهو عائلات الأسرى الإسرائيليين أنه وافق على مقترح ويتكوف الأخير. كما أن البيت الأبيض أعلن رسميًا أن " إسرائيل وافقت على اقتراح وقف إطلاق النار، ونحن ننتظر رد حماس". وهكذا بلعبة شبه مكشوفة بين أميركا وإسرائيل جرى استبعاد مقترح بحبح الذي وافقت عليه حماس من دون إبداء أي غضب تجاه رفض إسرائيل العلني له. وبات على حماس أن تثبت، أمام الأميركيين والعالم، جديتها في قبول المقترح بعد أن وافقت عليه إسرائيل. في حين أن البعض يرى أن مقترح ويتكوف الأصلي والذي طالب بإلإفراج عن نصف الأحياء والأموات من الأسرى الإسرائيليين، مقابل هدنة وضمانات أميركية باستمرار المفاوضات لإنهاء الحرب كان أكثر إنصافًا من المقترح الجديد. والواقع أنه في الأيام الأخيرة تزايدت الأنباء عن قبول حماس مقترح ويتكوف، وكانت إسرائيل تكرّر أن ما وافقت عليه حماس ليس ما وافقت عليه إسرائيل. وهذا يعني فعليًا أن أطراف الوساطة كانت تتداول فيما بينها أكثر من صيغة تسمّى مقترح ويتكوف. وعلى هذا الأساس كانت تظهر التناقضات والتراجعات في مواقف كل من إسرائيل وحماس. والآن باتت الصيغة المعروضة واحدة، وهي تقريبًا المقبولة من إسرائيل وحدها، والتي تحاول حماس تعديلها حتى لا تضطر لإعلان رفضها لها. وهذا يفسر شدّة الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع قتلًا وتدميرًا ومحاصرة، ضمن مخطط إجبار حماس على قبول هذه الصيغة، وعدم انتظار سواها. وتناقلت عدة وسائل إعلامية تقارير متضاربة عن موقف حماس لم تتوقف إلا بعدما أعلنت حماس أن "الشائعات حول حدوث تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة غير دقيقة". وقال عضو المكتب السياسي لحماس، باسم نعيم: "الاتفاق الذي وافقت عليه إسرائيل لا يلبّي مطالبنا. قيادة حماس تدرس بمسؤولية ردها على مقترح ويتكوف". وهذا ما دفع البعض للقول بأن حماس سوف تكرر موقفًا سابقًا لها بالمماطلة في الرد أو باستخدام أسلوب: "نعم ولكن". وهذا ما دفع المصادر الإسرائيلية للمسارعة للقول: "حماس لم توافق على المقترح ولم ترد عليه حتى الآن". صمت اليمين المتطرف التزم اليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو الصمت لساعات إزاء الأنباء الأولية عن قرب التوصل لاتفاق بعد أن جرى إبلاغ أميركا بموافقة حكومة نتنياهو على مقترح ويتكوف الأخير. وفي ذلك أكثر من دلالة على اللعبة الدائرة في المفاوضات مع أميركا. فوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، لم يعلق على الأمر إلا بعد أن تزايدت التقديرات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية برفض حماس للمقترح. وكتب في حسابه على موقع إكس: "سيدي رئيس الوزراء، بعد أن رفضت حماس مقترح الصفقة مجددًا، لم يعد هناك أي عذر لأي شخص لمواصلة هذا التلاعب في غزة. لقد فوّتنا ما يكفي من الفرص. حان الوقت للهجوم بكل قوتنا، لتدمير حماس وقتلها وهزيمتها". أما وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش فقد أرسل أكثر من رسالة إلى ديوان رئاسة الحكومة، مُعلنًا رفضه للصفقة. وهذه طريقة أوحت لنتنياهو بأن سموتريتش وبن غفير لا ينويان تصعيد الموقف معه بشأن الصفقة. وربما أن الاعتراض الواضح على الصفقة جاء من الوزير الليكودي عميحاي شيكلي، الذي انتقد الاتفاق الناشئ قائلًا: "يجب أن ندع المقاتلين يُكملون مهمتهم حتى النهاية. على حماس أن ترفع الراية البيضاء وتُلقي سلاحها، وأن تُطلق سراح جميع المختطفين، مقابل إمكانية خروج قادة حماس الباقين على قيد الحياة من غزة". وكان برز خلاف جدي داخل الحكومة الإسرائيلية بين من يؤيدون صفقة جزئية ومن يريدون صفقة شاملة ومن يرفضون من حيث المبدأ إبرام صفقات مع حماس. وأعلن نتنياهو مرارًا أنه مع صفقة جزئية تبقي لإسرائيل خيار مواصلة الحرب إلى حين تحقيق أهدافها، وبينها تهجير سكان غزة. وهذا يعني استعدادًا لهدن محدودة مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى والجثامين. ولكن سموتريتش مثلًا حدد مؤخرًا ما أسماه الخط الأحمر، وقال إنه إنهاء الحرب وانسحاب القوات من غزة. وقال يوم الثلاثاء الفائت: "تتعرض حماس لضغوط هائلة وضيق شديد في الأيام الأخيرة نتيجةً لتغيير نظام توزيع المساعدات وفقدانها السيطرة على سكان القطاع، بالإضافة إلى الضغط العسكري المستمر". وأضاف: "يجب أن نواصل تضييق الخناق عليها وإجبارها على إبرام صفقة استسلام كاملة مع جميع الرهائن دفعةً واحدة. سيكون من الحماقة تخفيف الضغط الآن، وتوقيع صفقة جزئية معها من شأنها أن تمنحها الأكسجين وشريان الحياة وتسمح لها بالتعافي. لن أسمح بحدوث شيء كهذا". إسرائيل ترد بـ"نعم" وحماس بـ"لا" نتنياهو يعرض على حلفائه مقترح ويتكوف الجديد بوصفه لا يتضمن أي إخلال بالمبادئ التي طالما نادى بها، وإن كان هناك أي تراجع فهو طفيف لاستعادة ثقة أميركا بإسرائيل. وضمنت هذه الموافقة على المقترح خروج المسؤولين الأميركيين قريبًا للبدء باتهام حماس بالتشدد ورفض المساومات، وأنها خيبت آمال الكثيرين، ولم تبعد المخاطر عن شعبها. ومن ردود الفعل الأولية لقادة حماس يمكن القول إن التفاؤل الذي طفا على السطح في الأيام الماضية بشأن فرص تحقيق تقدم، تراجع بشكل ملحوظ. ووَفق معلّقين بارزين فإن نقاط الخلاف الجوهرية تتمثل في أنه بعد القبول بالمقترح سيجري التفاوض على كثير من المسائل غير المحسومة. فالاتفاق يتضمن التزامًا بالتفاوض على وقف إطلاق نار دائم أثناء فترة الستين يومًا من وقف النار المؤقت. وخلال تلك الفترة ستقدم حماس تقريرًا صحيًا كاملًا عن وضع الأسرى لديها، ويتم التفاوض على مفتاح التبادل المستقبلي بينهما، وعلى خطوط انسحاب القوات الإسرائيلية والترتيبات الأمنية ومسألة إدارة القطاع في اليوم التالي. وينص الاقتراح أيضًا على أن ترامب سيعمل على ضمان أن تؤدي مفاوضات وقف إطلاق النار الدائم، في حال نجاحها، إلى تسوية دائمة لإنهاء النزاع. وينص الاقتراح على ضرورة توصل الطرفين إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق نار دائم خلال 60 يومًا. وفي حال التوصل إلى اتفاق، سيتم إطلاق سراح الرهائن المتبقين. وإلا، يُمكن تمديد وقف إطلاق النار "بشروط ولمدة زمنية يتفق عليها الطرفان، شريطة أن يُجريا المفاوضات بحسن نية". وفي نظر حماس لم يتضمن المقترح أي ضمانات أميركية جدية بالضغط من أجل وقف الحرب، كما أنه لا يتضمن نصًا صريحًا بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط ما قبل انتهاك الهدنة. كما تجاهل المقترح مطلب حماس بألا يكون بوسع إسرائيل استئناف القتال كما فعلت في مارس/ آذار الفائت. المصدر / الجزيرة نت

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store