logo
غارات أميركية تستهدف صنعاء وواشنطن خسرت منذ مارس 7 مسيّرات

غارات أميركية تستهدف صنعاء وواشنطن خسرت منذ مارس 7 مسيّرات

العربي الجديد٠٥-٠٥-٢٠٢٥

شنّ الطيران الأميركي، ليل الاثنين – الثلاثاء، سلسلة من الغارات على العاصمة اليمنية صنعاء، في وقت أعلن فيه مسؤول أميركي عن الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة جراء العدوان على
اليمن
منذ مارس/ آذار. واستهدف الطيران الأميركي صنعاء بغارات متفرقة، فيما استهدف بغارتين مديرية بني حشيش، شرقي صنعاء، بالتزامن مع غارات أخرى على محافظة ذمار.
في غضون ذلك، أعلن مسؤول أميركي أنّ الولايات المتّحدة خسرت في اليمن منذ مارس/ آذار، حين بدأت العدوان معلنة استهدافها جماعة أنصار الله (
الحوثيين
)، سبع طائرات مسيّرة من طراز "إم-كيو 9 ريبر"، التي يبلغ سعر الواحدة منها 30 مليون دولار تقريباً. ومسيّرات "إم كيو-9" يمكن استخدامها في عمليات الاستطلاع، وهو حيّز رئيسي من الجهود الأميركية لتحديد واستهداف مواقع الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون لمهاجمة السفن، إضافة إلى توجيه ضربات.
وقال المسؤول طالباً عدم نشر اسمه، وفق ما أوردته وكالة فرانس برس، إنّه "منذ منتصف مارس فقدنا سبع طائرات من طراز إم كيو-9"، من دون أن يوضح ما إذا كانت هذه الطائرات قد أسقطت بنيران الحوثيين أم فقدت لأسباب أخرى. وخسرت القوات الأميركية مسيّرتها السابعة في 22 إبريل/ نيسان، وفق المصدر نفسه. وأعلن الحوثيون، أمس الاثنين، استهداف حاملة الطائرات الأميركية "ترومان" والقطع البحرية التابعة لها، وقصف هدف حيوي إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
من السجن إلى المقبرة: المهاجرون الأفارقة ضحايا الحرب على اليمن
في المقابل، واصل الطيران الأميركي شن غاراته على عدد من المحافظات اليمنية، حيث شن، الأحد، غارة على مديرية بلاد الروس، جنوبي صنعاء، كما شن أربع غارات على منطقة براش، شرقي جبل نقم، شرقي صنعاء، كما استهدف محافظة عمران، حيث شن ثلاث غارات على مديرية حرف سفيان بالمحافظة الواقعة شمالي صنعاء. واستهدف الطيران الأميركي محافظة صعدة، المعقل الرئيس لزعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، حيث شنّ غارة على منطقة المهاذر في مديرية سحار بمحافظة صعدة، شمالي اليمن.
ومنذ منتصف الشهر الماضي، يواصل الجيش الأميركي استهداف مدن ومواقع في اليمن، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، بينهم نساء وأطفال، وتدمير مبانٍ سكنية وانقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق، فيما توعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن إيران ستتحمل مسؤولية كل طلقة نار يطلقها الحوثيون في اليمن. وتشنّ جماعة الحوثيين منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 هجمات بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر والزوارق البحرية على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، كما تستهدف مواقع إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة رداً على حرب الإبادة المستمرة في غزة.
(العربي الجديد، فرانس برس)

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العلاقات السورية الأميركية... قرن من التقلّبات
العلاقات السورية الأميركية... قرن من التقلّبات

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

العلاقات السورية الأميركية... قرن من التقلّبات

شكّل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سورية لـ"منح الشعب السوري فرصةً جديدة" حدثاً تاريخياً بالنسبة إلى السوريين، لأنه أزاح عن كاهلهم حملاً ثقيلاً وخانقاً، تسبّب به نظام الأسد البائد، على خلفية تورّطه في رعاية الإرهاب وتعامله الوحشي مع غالبية السوريين. جاء لقاء الرئيس ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع ليكلّل هذا الحدث التاريخي باعتراف أميركي بشرعية النظام في سورية الجديدة، والبدء بتطبيع العلاقات الأميركية السورية، التي شهدت مراحل متقلبة طوال العقود الماضية، إذ شابها التوتّر والقطيعة في معظم الأحيان، فيما عرفت فترات قصيرة من التطبيع في أحيان أخرى. البدايات تعود العلاقات الأميركية السورية إلى بدايات تشكّل الدولة السورية الحديثة نفسها، وتمتدّ جذورها إلى عهد السلطنة العثمانية حين كان للولايات المتحدة تمثيل دبلوماسي في دمشق، ثم لعبت واشنطن دوراً مؤثراً في تحديد مصير الدولة السورية بعد الخلاص من العثمانيين، فقد أعلن الملك فيصل (الأول) استقلال سورية في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1918، في ظل عدم رضا الفرنسيين والبريطانيين، وحاول السوريون الاستنجاد بالرئيس الأميركي في ذلك الوقت وودرو ولسون من أجل حماية استقلالهم، مستندين إلى المبادئ التي طرحها عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحول تعدّد النماذج الديمقراطية، وتواصل الملك فيصل مع ولسون، الذي كان متعاطفاً مع السوريين، إذ أرسل مذكّرة شخصية إلى فيصل أكّد فيها اهتمامه العميق "بكل المسألة العربية"، وإيلاءها "الاهتمام الشديد والتفكير العميق"، لكن الظروف في ذلك الوقت لم تسمح باستقلال سورية، خاصة بعد تدهور الوضع الصحي للرئيس ولسون ثم وفاته، الأمر الذي أخضعها للانتداب الفرنسي. وعندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء، أيّدها كثيرون من السياسيين السوريين، وخاصة الرئيس شكري القوتلي، الذي أعلن الحرب على المحور عام 1945 باسم سورية ولبنان، وكان ذلك سبباً في دخولها مؤتمر سان فرنسيسكو عام 1945، والمشاركة في تأسيس هيئة الأمم المتحدة. وقد أيّدت الولايات المتحدة مطالبة السوريين بخروج القوات البريطانية والفرنسية من سورية. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقف الرئيس الأميركي وقتذاك هاري ترومان ضد طموحات الفرنسيين الرامية إلى استمرار الانتداب الفرنسي على سورية، والذي أقرّته عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، الأمر الذي مكّنها، بمساعدة الولايات المتحدة، من تحقيق استقلالها والمشاركة في تأسيس الأمم المتحدة عام 1945. وبدأت العلاقات السورية الأميركية رسمياً مع تعيين أول مفوّض سوري في واشنطن في 30 يناير/ كانون الثاني عام 1945. لم يستمر حكم رجل واشنطن، حسني الزعيم، طويلاً، إذ بعد أقل من خمسة أشهر من انقلابه، أطاحه سامي الحناوي في 14 أغسطس 1949، بعد الاستقلال بعد الاستقلال، رفض الرئيس شكري القوتلي "اتفاقية التابلاين" التي كانت تسمح بمرور النفط السعودي عبر الأراضي السورية إلى البحر المتوسط، الذي تملكه شركة أرامكو الأميركية، كما رفض تقسيم فلسطين وقرار الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل الذي أصدرته الأمم المتحدة. وكانت الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس هاري ترومان، تنظر إلى سورية ضمن استراتيجيتها في المنطقة، بوصفها تمثل قلب الشرق الأوسط، ولها أهميّتها الجيوسياسية. ثم خيّم التوتر والاضطراب على العلاقات الأميركية السورية في تلك الفترة التي اشتدت فيها الحرب الباردة، وامتدّ فيها الصراع على النفوذ والنفط بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى الشرق الأوسط ليشمل سورية. لذلك دعمت الولايات المتحدة، عبر ذراعها الاستخباراتي (سي آي إيه)، انقلاب حسني الزعيم عام 1949 ضد الرئيس المنتخب شكري القوتلي، ونجحت في تنصيبه رئيساً لسورية. وقد لبّى الزعيم طلبات الولايات المتحدة، إذ عقد اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، وقضى على الحياة البرلمانية الديمقراطية، وصادق على امتياز شركة أرامكو بشروط الشركة، وقَبِل بتلقي المساعدات الأميركية التي رفضها شكري القوتلي. كذلك سعى إلى التوصل إلى اتفاقية مع الولايات المتحدة، وأكّد استعداده لقبول السلام مع إسرائيل، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سورية، والتفاوض لإجراء اتفاقية دفاع مشترك مع تركيا. لم يستمر حكم رجل واشنطن، حسني الزعيم، طويلاً، إذ بعد أقل من خمسة أشهر من انقلابه، أطاحه سامي الحناوي في 14 أغسطس/ آب 1949، وسلّم السلطة إلى المدنيين، وأرجع قطعات الجيش إلى ثكناتها، ليشرف بنفسه على سياسة الحكومة، واتخذ مواقف مناوئة للولايات المتحدة، التي سعت إلى التخلّص منه، ونجحت في إطاحته بواسطة الانقلاب الذي قام به أديب الشيشكلي في 19 ديسمبر / كانون الأول 1949. توتّرت العلاقات الأميركية السورية عندما شكل معروف الدواليبي في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1951 حكومة أعلنت أنها ستتبنى الحياد، وستشتري السلاح من الدول الشيوعية لكسر الاحتكار الغربي. كما رفضت المساعدات الأميركية المشروطة بتوطين مليون فلسطيني في سورية، ورفضت كذلك تقديم تنازلات في مسألة اللاجئين وإسرائيل، الأمر الذي أغضب الولايات المتحدة التي وصفت رئيس الحكومة بأنه أكبر زعيم عربي معادٍ لأميركا. وعليه دفعت أديب الشيشكلي لتنفيذ انقلابه الثاني على الحكومة المدنية برئاسة عدوها الشيخ معروف الدواليبي في 31 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1951. لكن الشيشكلي سرعان ما ابتعد عن الولايات المتحدة ودول الغرب بعد تسلمه الحكم دستورياً، واشترط على الغرب أن يقوم التعاون مع سورية على أسس عادلة ومتكافئة، واعتبر أن المساعدات الأميركية المقدمة لسورية غير كافية، ورفض مشروع الدفاع الشرق أوسطي. عندما أعيد انتخاب شكري القوتلي للرئاسة في 1955، سعى إلى التقارب مع مصر عبد الناصر، حليفة الاتحاد السوفييتي. ثم فشلت بعد ذلك محاولة أميركية أخرى لإطاحة القوتلي في 1957، والتي أدّت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين سورية والولايات المتحدة. وفي يناير/ كانون الثاني عام 1957، أعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور عن مشروعه الذي سمّي بمشروع أيزنهاور، واتهم فيه الاتحاد السوفييتي برغبته في السيطرة على العالم من خلال نشره الشيوعية، وبات محور اهتمامه يتركز في الشرق الأوسط لهذا الغرض، ورأى وزير خارجيته جون فوستر دالاس أن الولايات المتحدة تنظر إلى الدول المتخلفة على أنها غير قادرة على المجابهة أمام الدول الكبرى، وأنها لا بد من أن تقع في شرك الشيوعية السوفييتية، لذلك على الولايات المتحدة أن تتدخل لتضمن استقلال هذه الدول، وعلى هذا الأساس خول الكونغرس الرئيس أيزنهاور إقامة نظام دفاعي من خلال بعض الدول الشرق أوسطية بقيادة الولايات المتحدة، لوقف المد السوفييتي الذي يتهددها. وتكفلت مصر بالقضاء على المد الشيوعي في سورية والعراق، وهذا أفسح المجال لها لتلقي المساعدات الأميركية. وكانت استراتيجية الولايات المتحدة حيال سورية في تلك الفترة تهدف إلى إيقاف المد الشيوعي فيها. منذ انقلاب حافظ الأسد في 1970، بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية تشهد فتوراً وتوتراً، لكن المفاجأة كانت في 15 يونيو 1974 بعد قيام الوحدة في فبراير/ شباط عام 1958، قدّمت الولايات المتحدة إلى سورية مساعدات بـ 20 مليون دولار، إضافة إلى 20 مليون دولار أخرى مساعدات عسكرية، ثم ساهمت في انقلاب الانفصال بالاعتماد على ضبّاط من حزب البعث كانت تربط بعضهم علاقات معها. وساد بعد سقوط الوحدة نظام اتسم بمعاداته للسياسة الأميركية، لذلك عملت الولايات المتحدة وإسرائيل على إسقاطه، فكان عصيان جاسم علوان في حلب عام 1962. كما أن عدم رضى الولايات المتحدة عن حكم ناظم القدسي يفسّر تمهيدها لانقلاب حزب البعث في 8 مارس/ آذار 1963. وعلى أثره، عقد نظام البعث اتفاقيتين مع الشركات الأميركية النفطية، إضافة إلى أن السفير الأميركي في بيروت، أرمان ماير، اعتبر، بعد انقلابي البعث في سورية والعراق، أن "من حق حكومتي أن تؤيد حزب البعث الحاكم في سورية والعراق، لما أظهره من شجاعةٍ في مكافحة الشيوعية". منذ انقلاب حافظ الأسد في 1970، بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية تشهد فتوراً وتوتراً، لكن المفاجأة كانت في 15 يونيو/ حزيران 1974، عندما زار الرئيس ريتشارد نيكسون مع زوجته بات، ووزير خارجيته هنري كيسنجر، دمشق. وكانت غاية الزيارة إحياء العلاقة مع سورية، بعد قطيعة دامت منذ حرب 1967. ثم ساد التوتر بعدها، إذ أدرجت الولايات المتحدة سورية على قائمة الدول الراعية للإرهاب في 1979 بسبب دعمها فصائل فلسطينية تعتبرها واشنطن إرهابية. وترتب على هذه الخطوة فرض أولى العقوبات على سورية، تضمّنت حظر بيع الأسلحة والتقنيات المتقدّمة، وفرض قيود مالية وتجارية محدّدة، إلى جانب حظر المساعدات الأميركية. ولم ترفع هذه العقوبات على الرغم من مشاركة قوات سورية في التحالف الدولي ضد العراق في حرب الخليج الأولى عام 1991 من أجل تحرير الكويت. ثم بدأ تعاون هشّ بين البلدين في عهد الرئيس الأميركي بيل كلينتون (1993 - 2001)، عندما حاول كلينتون دفع عملية السلام بين العرب والإسرائيليين إلى أمام من خلال اتفاقات إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل (أوسلو)، حيث نجح كلينتون في إشراك كل من سورية ولبنان والأردن في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن محاولاته العديدة خلال فترته الرئاسية الثانية فشلت في التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسورية. وكان أحد أسباب الفشل رفض حافظ الأسد التسوية التي طرحها كلينتون في عام 2000. أما بعد هجمات 11 سبتمبر (2001)، فقد شهدت السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تغيراً كبيراً. إذ على الرغم من تعاون نظام الأسد الابن مع الولايات المتحدة في المجال الاستخباراتي، خلال فترة رئاسة جورج بوش الابن، إلا أنها شهدت مواجهة أميركية سورية حادّة، حيث ربط الرئيس بوش سورية بمحور الشر المعادي للولايات المتحدة، وعمل خلال ثماني سنوات على عزلها وممارسة كل أنواع الضغوط عليها بهدف تغيير سلوك الحكم السوري. وبلغ التدهور في العلاقات الأميركية السورية الحضيض عشية الغزو الأميركي للعراق في مارس/ آذار 2003، الذي عارضه النظام السوري إلى جانب إيران. واتهمت الولايات المتحدة النظام بفتح الحدود السورية أمام المقاتلين الأجانب الراغبين في محاربة قوات التحالف داخل العراق. ثم أقرّ الكونغرس في 2003 قانون "محاسبة سورية"، الذي فرض عقوبات إضافية على خلفية اتهامها بدعم المقاومة العراقية وامتلاك أسلحة دمار شامل. وفي عام 2004 فرضت وزارة الخزانة قيوداً على التحويلات المالية والبنوك السورية. وفي إثر ذلك، أصدر الرئيس الأميركي بوش الابن في 11 مايو/ أيار 2004 الأمر التنفيذي 13338، معلناً حالة طوارئ وطنية في العلاقات مع سورية، لتنفيذ هذا القانون وفرض عقوبات إضافية بموجب قانون السلطات الاقتصادية الطارئة الدولية، وشكلت هذه الخطوة نقطة انطلاق لبرنامج عقوبات أميركي أشمل على سورية اعتباراً من 2004، حيث تتالت الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرؤساء الأميركيون لمعاقبة النظام السوري على سلوكه وانتهاكاته. ثم زاد توتر العلاقات الأميركية السورية حدّة بعد توجيه أصابع الاتهام للنظام بالوقوف وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق (كان نائباً في حينه)، رفيق الحريري، ودعمه حزب الله في حرب تموز (2006). عند وصول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض قرر الانفتاح على سورية، على الرغم من إدراكه عمق التدهور الحاصل في العلاقات معها، وصعوبة تجاوز كل الاتهامات الموجَّهة إلى النظام السوري من إدارة بوش الابن، وخاصة اتهامها برعاية الإرهاب والتخريب على الوجود الأميركي في العراق. اتسمت علاقات الولايات المتحدة مع سورية بتركيزها على الشق الجيوسياسي لهذه العلاقات، الأمر الذي يُساعد في فهم أهميتها على الرغم من عمليات الشد والجذب التي تعرّضت لها بعد الثورة شكّل اندلاع الثورة السورية منتصف مارس/ آذار 2011 محطة فارقة في تاريخ سورية، وأفضى التعامل الوحشي لنظام الأسد مع المحتجين السلميين إلى فرض الولايات المتحدة وأوروبا عقوباتٍ واسعة وخانقة على سورية، شملت حظر التعامل مع البنك المركزي السوري، وعقوبات على النفط السوري والصادرات. كما صدرت أوامر رئاسية تنفيذية لمعاقبة نظام الأسد، وأقر الكونغرس الأميركي "قانون قيصر" الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020، الذي ينصّ على فرض أشد العقوبات باستهدافه كل من يتعامل مع النظام اقتصادياً أو عسكرياً، والشركات السورية والدولية التي تدعم حرب النظام أو تساعد في إعادة الإعمار، إلى جانب عقوبات على كل من روسيا وإيران. ثم صدر قانون الكبتاغون 1 الذي صدّق عليه الرئيس الأميركي جو بايدن في نهاية 2022، وبموجبه فرضت الولايات المتحدة عقوبات على كيانات وأشخاص من نظام الأسد أو مرتبطين به، على خلفية تورُّطهم في تجارة المخدرات، وأعقبه قانون الكبتاغون 2 الذي وقّع عليه بايدن في 24 إبريل/ نيسان 2024. خاتمة اتسمت علاقات الولايات المتحدة مع سورية بتركيزها على الشق الجيوسياسي لهذه العلاقات، الأمر الذي يُساعد في فهم أهميتها على الرغم من عمليات الشد والجذب التي تعرّضت لها بتكرار، وكثرة التوترات والإشكاليات التي مرّت بها هذه العلاقة دون المس جدياً بثوابتها ومرتكزاتها الأساسية. وترافق العامل الجيوسياسي في علاقات واشنطن بدمشق بعوامل أخرى، منها ما هو اقتصادي أو عسكري أو أمني، بالتوازي أحياناً مع عوامل أخرى، خاصة أن سورية ليست دولة منتجة للنفط مثل دول الخليج، كما أنها وفق المنظور الأميركي لا تضاهي في أهميتها الاستراتيجية والأمنية دولاً مثل إسرائيل أو تركيا أو مصر، ومع ذلك تحظى بأهمية جيوسياسية ضمن تعريف واشنطن لأهدافها ومصالحها القومية في المنطقة. وارتبطت العلاقات بين البلدين في اقتناع واشنطن تاريخياً بأهمية سورية الإقليمية وبالدور السوري الذي لا يمكن تجاهله في إطار أي مفاوضات في الشرق الأوسط قد تفضي إلى عقد اتفاقيات سلام في المنطقة، طبعاً وفق المفهوم الأميركي للسلام وللأمن الإقليمي. وقد يفسر هذا الاقتناع إصرار واشنطن دوماً على الانفتاح التكتيكي أو المرحلي على سورية كلما بادرت الإدارات الأميركية المتتالية بإحياء عملية تفاوضية جديدة، رغم العلاقات الفاترة عامة والمتوتّرة أحياناً، واستمرار الخلافات الجوهرية والواقعية بين الدولتين حول قضايا عديدة، عالقة ومزمنة. بعد إعلان الرئيس ترامب في 13 الشهر الجاري (مايو/ أيار) الرياض إزالةَ العقوبات المفروضة على سورية، فإن صفحة جديدة تُفتح في العلاقات الأميركية السورية، حيث يشكّل الإعلان فرصة حقيقية أمام السلطات الجديدة في سورية من أجل القطع نهائياً مع عهد الاستبداد الأسدي والسياسات التي كان يتبعها، ويتطلّب ذلك بناء علاقات متوازنة من دون الارتماء في أحضان أنظمة أخرى. والأهم الالتفات نحو الداخل، والقطع مع ممارسات الاستئثار بالسلطة، والبدء بحوار وطني حقيقي، يشمل الفعاليات المدنيّة في مختلف أنحاء سورية، بما يعني اتخاذ حلول سياسية، عبر إطلاق الحياة السياسية الحزبية التعددية، وإشراك كل مكونات المجتمع السوري في مختلف مفاصل السلطة وتوسيع دائرة التمثيل، والبدء ببرامج تنمويّة في مختلف مناطق سورية، بغية تحسين الأوضاع المعيشية للناس وإشراكهم في مستقبل بلدهم.

يثقل أميركا بالديون... قانون ضرائب ترامب مرّ في مجلس النواب بفارق صوت واحد
يثقل أميركا بالديون... قانون ضرائب ترامب مرّ في مجلس النواب بفارق صوت واحد

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

يثقل أميركا بالديون... قانون ضرائب ترامب مرّ في مجلس النواب بفارق صوت واحد

بفارق صوت واحد، أقرّ مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، اليوم الخميس، مشروع قانون ضرائب وإنفاق شامل سينفذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 السياسية ويثقل كاهل البلاد بديون تقدر بتريليونات الدولارات. وقال مكتب الموازنة في الكونغرس، وهو مكتب غير حزبي، إنّ مشروع القانون سيحقق الكثير من تعهدات ترامب الانتخابية الشعبوية وسيمنح إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات وقروض السيارات وسيزيد الإنفاق على الجيش وحرس الحدود وسيرفع ديون الحكومة الفيدرالية البالغة 36.2 تريليون دولار بنحو 3.8 تريليونات دولار على مدى العقد المقبل. وكتب ترامب على منصته تروث سوشال: "يمكن القول إن هذا هو أهم تشريع يوقع في تاريخ بلادنا!"، وأضاف: "لقد حان الوقت الآن لأصدقائنا في مجلس الشيوخ لأن ينصرفوا إلى العمل ويرسلوا هذا القانون إلى مكتبي في أقرب وقت ممكن"، بعدما أقر المجلس مشروع القانون بموافقة 215 صوتاً مقابل 214 بعد أن صوت كل الديمقراطيين وجمهوريان في المجلس ضده وصوت جمهوري ثالث بأنه "حاضر"، أي لا مع مشروع القانون ولا ضده، على أن يُحال مشروع القانون على مجلس الشيوخ ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ومن المرجح أن تجرى عليه تغييرات خلال مناقشات تستمر أسابيع. ويُمدد مشروع القانون الذي يتألف من 1100 صفحة التخفيضات الضريبية للشركات والأفراد التي أُقرت في 2017 خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ويلغي العديد من حوافز الطاقة الخضراء التي أقرها الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، ويشدد شروط الانضمام إلى برامج الصحة والغذاء للفقراء. ويمول كذلك حملة ترامب على الهجرة بإضافة عشرات الآلاف من حرس الحدود ويتيح إمكانية ترحيل ما يصل إلى مليون شخص سنوياً. وأُقر مشروع القانون على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن الدين الأميركي الذي وصل إلى 124% من الناتج المحلي الإجمالي، ما دفع وكالة موديز إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وبات ينبغي الآن طرح النصّ على مجلس الشيوخ حيث سبق للأعضاء الجمهوريين أن أعلنوا نيّتهم إجراء تعديلات كبيرة عليه. ومن المتوقع أن تتواصل السجالات البرلمانية بشأن مشروع القانون هذا الذي يكتسي أهمية خاصة للرئيس الأميركي. وكان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون يدفع لاعتماد هذا القانون في أقرب مهلة، في ظل سعيه لتقديم نصر تشريعي للرئيس. واعتمد مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون صباح الخميس مع 215 صوتاً مؤيداً و214 معارضاً، اثنان منها لجمهوريين. وقبل بدء التصويت، قال رئيس مجلس النواب الذي واجه معارضة شديدة لهذه المبادرة في معسكره إن "هذا القانون الكبير والجميل هو أهمّ تشريع يعتمده حزب في تاريخه". وبالنسبة إلى ترامب، يقضي الرهان الرئيسي بتمديد التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرّت في ولايته الرئاسية الأولى والتي تنتهي صلاحيتها في نهاية العام. وبحسب عدد من الخبراء المستقلين، من شأن هذه التخفيضات أن تزيد عجز الدولة الفدرالية من ألفي مليار إلى أربعة آلاف مليار في العقد المقبل. وينصّ مشروع القانون أيضاً على إلغاء ضرائب مفروضة على الإكراميات، وهو ما تعهّد به ترامب خلال حملته الانتخابية في بلد يعوّل الكثير من العمّال على هذه العطيّات مصدرَ دخل أساسياً. اقتصاد دولي التحديثات الحية لماذا يضخّم ترامب أرقام الدعم الخليجي وتكاليف القبة الذهبية؟ وبغية تعويض ازدياد العجز بجزء منه، ينوي الجمهوريون الاقتطاع من بعض النفقات العامة، مثل التأمين الصحي "ميدك إيد" (Medicaid) الذي يعتمد عليه أكثر من 70 مليون أميركي من ذوي الدخل المحدود. وبحسب تحليل أجراه مكتب الموازنة في الكونغرس (CBO)، فإن التخفيضات المخطط لها حالياً لهذا البرنامج العام تهدد بحرمان أكثر من 7.6 ملايين شخص من التأمين الصحي بحلول عام 2034. ومن المتوقع أيضاً أن يتأثر بشدة من هذه الاقتطاعات برنامج المساعدات الغذائية العامة الأكبر، "سناب" (Snap). ويتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن يؤدي مشروع القانون إلى زيادة الدخل لدى أغنى 10% من الأسر، فيما ستشهد أفقر 10% من الأسر انخفاضاً في مداخيلها. ويدعو مشروع القانون أيضاً إلى إلغاء العديد من الحوافز الضريبية للطاقة المتجددة، التي اعتُمِدَت في عهد جو بايدن. ديمقراطيون وجمهوريون في مجلس النواب يعارضون المشروع وعارض الديمقراطيون النص جملة وتفصيلاً. إذ قال زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جفريز بعد التصويت إنّ "عملية الاحتيال الضريبي للحزب الجمهوري تعمل على حرمان ملايين الأشخاص الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية من أجل منح التخفيضات الضريبية للأثرياء". ويخشى بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين المعتدلين أيضاً من أن تشكل التخفيضات المفرطة في البرامج العامة المحببة لدى الناخبين خطراً انتخابياً كبيراً، قبل عام ونصف عام من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس. لكنّ النواب المحافظين للغاية المؤيدين لخفض الدين العام، هم الذين بدوا منزعجين من الأرقام الضخمة التي تضمنها "القانون الكبير والجميل" وهددوا بالتصويت ضده. ولم يكن هؤلاء وحدهم الذين أثار مشروع الموازنة قلقهم، فقد وصل العائد لفترة عشر سنوات على سندات الخزانة الأميركية الأربعاء إلى أعلى مستوى له منذ فبراير/ شباط، وسط مخاوف المستثمرين من نمو العجز الفدرالي بشكل كبير. وبعد الحصول على بعض التنازلات، قرر النواب المترددون في نهاية المطاف دعم النص. اقتصاد دولي التحديثات الحية فقاعة الديون تهدد أميركا... دول عظمى اندثرت بسبب استهتارها المالي وكان ترامب قد بذل جهوداً شخصية لإقناعهم، إذ ذهب إلى مبنى الكابيتول للقائهم واستقبل بعضهم الأربعاء في البيت الأبيض. ويبدو أن الرئيس ترامب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون قد نجحاً أخيراً في تحقيق رهانهما، قبل اختبار مجلس الشيوخ. ومن المفترض أن يعود النص إلى مجلس النواب بصيغة جديدة تماماً. وفي سوق الأسهم، فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على تباين بعد أن أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تخفيض ضرائب سارية المفعول، إذ هبط المؤشر داو جونز الصناعي 0.23% إلى 41763.68 نقطة، ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.06% إلى 5841.26 نقطة. غير أن المؤشر ناسداك المجمع ارتفع 0.08% إلى 18888.048 نقطة. (فرانس برس، رويترز)

صفقات سعودية مع كل من أميركا والصين... سياسة التوازنات
صفقات سعودية مع كل من أميركا والصين... سياسة التوازنات

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

صفقات سعودية مع كل من أميركا والصين... سياسة التوازنات

في ظل توقيع السعودية والصين في 13 مايو/أيار الحالي 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 3.7 مليارات دولار، تبرز دلالات اقتصادية استراتيجية تتجاوز الأرقام، خاصة مع تزامن هذه الاتفاقيات مع أخرى ضخمة مع الولايات المتحدة ، وصلت قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات، ما يسلط الضوء على سياسة "موازنة" تتبعها المملكة في علاقاتها مع قطبي المنافسة العالمية، واشنطن وبكين. وتركز الاتفاقيات السعودية-الصينية الأخيرة بشكل أساسي على قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والمياه، مع مشاريع إنشاء مدينة ذكية للأمن الغذائي في المملكة، وتطوير تقنيات الزراعة الرأسية والاستزراع البحري، بالإضافة إلى تعزيز صادرات المنتجات الزراعية السعودية إلى السوق الصينية، وذلك ضمن إطار رؤية 2030 السعودية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، بحسب ما أوردته مصادر صينية بينها صحيفة "ساوث تشاينا". الصين الشريك التجاري الأكبر وبينما لا تزال أميركا الشريك التجاري الأكبر للسعودية، إذ تمثل 18% من حجم التجارة الخارجية للمملكة، ما يعكس عمق التشابك الاقتصادي بين الرياض وبكين، وفقا لما أورده تقدير نشره "ميدل إيست بريفنج"، تؤكد تقديرات "ساوث تشاينا" الصينية أن العلاقات السعودية-الأميركية شهدت دفعة غير مسبوقة مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة بعد الإعلان عن التزامات استثمارية سعودية في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار على مدى أربع سنوات. طاقة التحديثات الحية السعودية تستعد لزيادة استخدام النفط لتوليد الكهرباء خلال الصيف ويعزو تحليل هذه المفارقة السعودية من منظور غربي إلى أن السعودية باتت تتقن لعبة التوازن بين القوى الكبرى، حيث تستثمر المملكة علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة لتعزيز مكانتها الدولية، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية وتنافس القوتين على النفوذ في الخليج، وفقا لما أورده تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ". وحسب التقرير ذاته، فإن المملكة تملك مقومات الموازنة بين واشنطن وبكين، بفضل ثقلها الاقتصادي ومواردها النفطية وسياستها الخارجية البراغماتية، بالإضافة إلى رؤية 2030 التي تركز على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات من الشرق والغرب على حد سواء، ما يجعل السعودية أبرز الرابحين من تنافس القوى الكبرى على نفوذ منطقة الخليج. خطة استراتيجية وفي هذا الإطار، يشير أستاذ الاقتصاد في جامعة نيس الفرنسية، آلان صفا، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية أخيرا، والتي تمتد على مدى عدة سنوات، تعتبر جزءا من خطة استراتيجية طويلة الأمد، لا يمكن تقييمها بمعايير قصيرة المدى، إذ إن هكذا التزامات ليست مجرد تعهدات لمرة واحدة، بل تدخل ضمن سياسة استثمارية مدروسة، تتوزع على عقد من الزمن، ما يتيح للسعودية فرصة تنفيذها بفعالية وبما يتوافق مع إمكاناتها المالية الكبيرة. ويرى صفا أن المملكة، باعتبارها أحد أكبر مصدري النفط في العالم، تمتلك القوة المالية اللازمة لتلبية متطلبات الشراكات مع الولايات المتحدة والصين معا، لافتا إلى أن الهدف من هذه الصفقات ليس تأمين احتياجات السوق المحلية فقط، بل دعم المشاريع التنموية الكبرى التي تعيد تشكيل مستقبل المملكة وفق رؤية 2030 أيضا. ويشير صفا إلى أن السؤال المركزي في هذا الإطار هو: ما هي التوجهات المستقبلية للسعودية، وما الذي تطمح إليه في ظل موقعها الجغرافي والاقتصادي؟ ويجيب بأن المملكة، بوصفها قوة نفطية محورية، تمتلك اليوم علاقات متينة مع الولايات المتحدة الأميركية، سواء عبر التعاون العسكري أو البنية التحتية أو الاستثمار المشترك، كما أنها شريك اقتصادي استراتيجي للصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم، ما يعني أن السعودية اختارت نهجا متوازنا في التعامل مع القوى العظمى، وهو ما ساعد في تعزيز دورها لاعباً مركزياً في منطقة الشرق الأوسط. تعظيم المكاسب الاقتصادية تؤكد البيانات الرسمية وآراء الخبراء الغربيين أن السعودية تمارس توازنا مدروسا بين الصين والولايات المتحدة، مستفيدة من تنافسهما لتعظيم مكاسبها الاقتصادية، دون أن تغامر بعلاقتها الاستراتيجية مع أي طرف. ففي يوم 13 مايو/أيار الجاري تزامن بيانين، أميركي وسعودي، قدما تطبيقا عمليا للعبة التوازن التي تديرها الرياض، الأول صدر عن الإدارة الأميركية عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المملكة، حيث وصف البيت الأبيض الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بأنها "تاريخية" وتمثل "حقبة ذهبية" في العلاقات بين البلدين، وذلك بعد إعلان اعتزام السعودية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، تشمل صفقات دفاعية كبرى وتعاونا في مجالات الطاقة، التكنولوجيا، البنية التحتية، والصناعات العسكرية. وعلى التوازي أصدرت وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية بيانا عن إبرام 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم مع الصين بقيمة 3.7 مليارات دولار تشمل تصدير منتجات الألبان والاستزراع المائي إلى السوق الصينية، وتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا الزراعية، وتشييد مدينة ذكية للأمن الغذائي داخل المملكة، وذلك ضمن إطار رؤية السعودية 2030، والتكامل مع مبادرة الحزام والطريق الصينية. أسواق التحديثات الحية سابك السعودية تدرس طرح أسهمها في وحدة الغاز للاكتتاب العام وإزاء ذلك، يرى رئيس قسم الجغرافيا السياسية في مركز "Energy Aspects" ريتشارد برونز، أن استراتيجية التنويع السعودية لا تقتصر على الصين، بل تشمل استمرار الاستثمارات في الأسواق الأميركية والأوروبية، بهدف تأمين أسواق لصادرات النفط السعودي، مشددا على أن "بكين أصبحت أكبر زبون للنفط السعودي، إلا أن الرياض لا تزال ترى أن علاقتها الأمنية مع الولايات المتحدة أساسية"، وفقا لما أورده تقدير نشرته وكالة الأناضول في نسختها الإنكليزية. ونقل التقرير ذاته عن المتخصص في سوق النفط بالشرق الأوسط لدى شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" الاستشارية ومقرها لندن، بالاش جين، أن ضعف النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط - إلى جانب الوجود الصيني المتنامي - قد تكون له تداعيات استراتيجية طويلة المدى على المصالح الجيوسياسية الأميركية ونفوذها العالمي"، ولذا فإن زيارة ترامب الأخيرة إلى السعودية ليست "دبلوماسية رمزية" فحسب، بل حيوية أيضا من الناحية الاستراتيجية للمصالح الاقتصادية الأميركية، خاصة في مجال الطاقة". وفي الإطار ذاته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة زايد وزميل المجلس الأطلسي، جوناثان فولتون، أن تعاظم الدور الصيني في الخليج يسلط الضوء على تراجع نسبي في القيادة الأميركية بالمنطقة، لكنه يشير إلى أن بكين لا تزال تواجه حدودا في قدرتها على منافسة واشنطن في الملفات الأمنية، إذ تبقى الأخيرة "الضامن الرئيسي للأمن في الخليج، فيما تركز الصين على النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي"، لذا فإن لعبة التوازن السعودية في علاقاتها الاقتصادية مع بكين وواشنطن تبقى قائمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store