
"اليونيسف": 28 طفلاً يُقتلون يومياً في غزة بسبب القصف والتجويع الإسرائيليين
اليوم 22:36
وأوضحت المنظمة، في بيان، أنّ أطفال غزة يواجهون الموت "بالقصف، وسوء التغذية، والجوع، ونقص المساعدات والخدمات الحيوية"، مضيفة أن "ما معدله 28 طفلاً يُقتل يومياً، أي بحجم صف دراسي واحد".
وأكدت "اليونيسف" أنّ "أطفال غزة بحاجة إلى الغذاء والماء والدواء والحماية. والأهم من ذلك كله، هم بحاجة إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار".
وفي سياق متصل، أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 1500 شخص استشهدوا في قطاع غزة منذ أيار/مايو الماضي أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، أو عند "نقاط توزيع المساعدات" التي "عسكرتها" "إسرائيل"، أو على طول طرق مرور قوافل الإغاثة التابعة للأمم المتحدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LBCI
منذ 16 ساعات
- LBCI
منظمة الصحة العالمية تكشف: سوء التغذية في غزة يتسبب بـ99 حالة وفاة
كشفت منظمة الصحة العالمية، يوم الخميس، أن عدد الوفيات الناتجة عن سوء التغذية في قطاع غزة منذ مطلع العام الجاري بلغ 99 حالة على الأقل، مشيرة إلى أن الرقم الفعلي قد يكون أعلى من ذلك نظراً لصعوبة الوصول إلى البيانات الدقيقة. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس للصحافيين "منذ بداية العام، توفي 99 شخصا بسبب سوء التغذية بينهم 29 طفلا دون الخامسة. ومن المرجح أن تكون هذه الأرقام أقل من العدد الفعلي". وقال تيدروس لجمعية مراسلي الأمم المتحدة أن سكان غزة "يصلون بشكل محدود إلى الخدمات الأساسية، وواجهوا نزوحا متكررا، ويعانون حاليا من حصار على الإمدادات الغذائية". وحذر من أن "سوء التغذية منتشر على نطاق واسع، ومن أن الوفيات المرتبطة بالجوع تزداد". وأكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنه "في تموز تم تشخيص حوالى 12 ألف طفل دون الخامسة على أنهم يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو أعلى رقم شهري يُسجَّل على الإطلاق". يزداد الغضب الدولي إزاء الوضع الإنساني في غزة وتتكثف الضغوط على إسرائيل، فيما حذرت وكالات الأمم المتحدة من مجاعة في القطاع الفلسطيني المدمر. ودعا المدير العام لمنظمة الصحة إلى زيادة وصول المساعدات إلى غزة بشكل مستدام ومن دون عوائق عبر كل القنوات الممكنة. وكالة فرانس برس


الميادين
منذ 20 ساعات
- الميادين
الصحة العالمية: تموز/يوليو يسجّل أعلى معدل لسوء التغذية الحاد لدى أطفال غزة
أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن قطاع غزة سجّل في تموز/يوليو أعلى معدل شهري على الإطلاق لحالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، منذ بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي التفاصيل، قال غيبريسوس خلال تصريحات من مقر المنظمة في جنيف، إن نحو 12 ألف طفل دون سن الخامسة تم تشخيصهم بسوء تغذية حاد خلال الشهر الماضي فقط، مشيراً إلى أن هذا الرقم هو الأعلى منذ بداية العدوان. اليوم 17:46 اليوم 16:35 كما أوضح غيبريسوس أن 99 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم نتيجة سوء التغذية منذ بداية عام 2025 وحتى 29 تموز/يوليو الفائت، من بينهم 64 بالغاً و35 طفلاً، بينهم 29 طفلاً دون سن الخامسة. وتُظهر إحصاءات المنظمة أن العدد الإجمالي للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في القطاع يبلغ نحو 25 ألف طفل، في ظل تواصل الحصار وانهيار منظومة الغذاء والرعاية. من جهته، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن إن "إجمالي حجم الإمدادات الغذائية لا يزال غير كافٍ على الإطلاق لمنع المزيد من التدهور"، مؤكداً ضرورة تكثيف الإمدادات وضمان تنوع غذائي لتفادي مزيد من الوفيات المرتبطة بالجوع.


الميادين
منذ يوم واحد
- الميادين
فعلها آلهة وملوك وخلفاء... لماذا نتزوج من أقربائنا؟
قد يتمتع بعض أقاربك بصفات استثنائية تجعل عائلتك تنظر إليهم بوصفهم "كنز لا يمكن التفريط به"، فتشرع في رسم خطة مُحكمة لربطك بهم، كأنها تدير وكالة زواج عائلية حصرية. فجأة تجد نفسك تحت ضغط والديك حتى تشعر أن ابنة عمك أو عمتك أو خالك أو خالتك "آخر امرأة على وجه الأرض"، وأن العالم سينتهي إذا لم تقترن بها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. قد تُستخدم العاطفة أيضاً أداة للابتزاز، كأن يُقال لك إن زواجك من "بنت العم" كان "أمنية جدك الأخيرة" قبل أن ينتقل إلى العالم الآخر. هذه الظاهرة، زواج الأقارب، تثير جدلاً ساخناً بين فريقين: الأول يراها وسيلة مُقدّسة للحفاظ على "النَسَب النظيف"، فيما يصفها الفريق الثني بـ "إعادة تدوير الجينات العائلية". كأن العائلة تدير مصنعاً للوراثة! فكيف تحوّل المثل الشعبي "ابن العم أولى" من حكمة الجدات إلى كابوس طلاب الطب؟ ومتى أصبحت شجرة العائلة تشبه "دائرة" مغلقة؟ تعالوا لنغوص معاً في هذا الملف حيث يتقاطع الحب مع الحمض النووي والنتائج أحياناً غير متوقعة! يشكل زواج الأقارب، وتحديداً بين أبناء العمومة، إحدى الممارسات الاجتماعية الأكثر حضوراً وإثارة للجدل في المجتمعات العربية والشرقية. هذا التقليد الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، يجد نفسه اليوم في مواجهة مباشرة مع قيم الحداثة، ومبادئ الحرية الفردية، والمعرفة الطبية المعاصرة. تتراوح نسبة زواج الأقارب في العالم العربي بين 20% و50%، وفق دراسات مختلفة، ما يجعله من أعلى المعدلات عالمياً. هذه الأرقام تطرح تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام بقايا أسطورة اجتماعية تحتاج إلى مراجعة؟ أم أننا بصدد ضرورة اجتماعية لا تزال تخدم وظائف بنيوية محددة؟ أم أن الأمر تحول إلى عبء وراثي يهدد صحة الأجيال القادمة؟ في بعض هذه المجتمعات، لا يُنظر إلى الحب كشرارة، بل كخريطة جينية تُفحَص بعناية قبل أن يُطلق القلب زفيره الأول. زواج الأقارب، في عمقه، لم يكن دائماً نتاج فقر في الخيارات أو ضيق في المساحة، بل آلية دفاعية مُحكمة لحماية "نقاء السلالة". هنا، لا يصبح القريب مجرد شريك محتمل، بل ضمانة رمزية لاستمرارية الذات الجماعية، ودرعاً ضد "الغريب" الذي قد يُهدد التوازن الرمزي: الدين، واللغة، والنسب، والطقوس، وحتى الذاكرة الجمعية. لفهم الجذور العميقة لهذه الممارسة، علينا العودة إلى الميثولوجيا القديمة حيث نجد أمثلة عديدة على زواج الآلهة من أقاربهم. في الميثولوجيا المصرية، تزوج أوزيريس من أخته إيزيس، وأنجبا حورس الذي أصبح رمزاً للملكية الشرعية. وفي الميثولوجيا اليونانية تزوج زيوس من أخته هيرا، بينما في الميثولوجيا الفارسية تزوج أهورا مازدا من ابنته أرماتي. وفي الميثولوجيا الهندوسية، نجد زواج براهما من ابنته ساراسفاتي، وفي الأساطير الجرمانية تزوج نيورد، إله البحار من شقيقته. هذه الأنماط المتكررة عبر الثقافات المختلفة تشير إلى أن زواج الأقارب كان يحمل دلالة رمزية عميقة تتجاوز المنطق الاجتماعي العادي. لم تقتصر هذه الممارسة على عالم الأساطير، بل امتدت لتشمل الواقع المعاش في تلك الحضارات. ففي مصر القديمة، كان زواج الأخوة والأخوات شائعاً بين الفراعنة، مثل توت عنخ آمون وزوجته عنخ إس إن آمون، وحتى زواج بعض الفراعنة من بناتهم كرمسيس الثاني، وذلك بهدف الحفاظ على نقاء السلالة الملكية. وعلى نحو مماثل، تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن بلاد فارس القديمة، خاصة في ظل الإمبراطورية الأخمينية، شهدت قبول وممارسة زواج المحارم في الطبقات الحاكمة. وفي أقصى الغرب، عرفت حضارة الإنكا أيضاً زواج الأخوة والأخوات داخل العائلة المالكة لضمان استمرارية الحكم ونقاء الدم الملكي. مع تطور المجتمعات تحوّل هذا النمط الأسطوري (زواج الإخوة أو زواج الأقارب من منظور رمزي أو ديني) إلى ممارسة اجتماعية أكثر براغماتية لاحقاً في القبائل والعائلات الحاكمة. ففي المجتمع العربي "الجاهلي"، كان الزواج من الأقارب، لا سيما من ابنة العم، أمراً شائعاً ومقدراً. لم يكن هذا التقليد مجرد عرف اجتماعي، بل وسيلة أساسية للحفاظ على تماسك القبيلة وقوة روابطها العائلية. لقد كانت القبائل تعتبر النسب من أهم ركائز هويتها، لذا كان الحفاظ على نقائه أمراً مقدساً. وقد أكد الباحثون في علم الاجتماع والتاريخ أن الزواج الداخلي كان يحمي القبيلة من التشتت ويُعزّز وحدة أفرادها. هكذا حافظت قبيلة قريش، التي تنحدر من فهر بن مالك من قبيلة كنانة، على تقاليد الزواج الداخلي بين أبناء العم. إذ كانت ترى في هذا الزواج وسيلة للحفاظ على "طهارة" النسب وتقوية الروابط الاجتماعية والسياسية داخل القبيلة. وقد ورد ذكر هذا الأمر في مؤلفات المؤرخين العرب مثل الطبري وابن هشام. أما قصة عنترة بن شداد، الشاعر والفارس "الجاهلي"، وحبه لابنة عمه عبلة، فليست مجرّد حكاية عشق فردي، بل انعكاس عميق للقيم القبلية التي حكمت المجتمع العربي القديم. كان حب عنترة لابنة عمه امتحاناً مزدوجاً للعاطفة من جهة، وللجدارة الاجتماعية من جهة أخرى، حيث لم يكن الفوز بقلب عبلة ممكناً إلا عبر إثبات الشجاعة والولاء داخل منظومة القبيلة. وتبقى معلقته الشهيرة شاهداً خالداً على قصة حب اختلطت فيها البطولة بالحرمان، والعاطفة بالفروسية، لتصوغ نموذجاً وجدانياً ما زال حياً في الذاكرة العربية. كذلك حافظت قبائل الغساسنة في بلاد الشام والمناذرة في العراق على تقاليد التزاوج الداخلي، خاصة بين النخب الحاكمة، بهدف ضمان الاستقرار السياسي والحفاظ على نقاء النسب العشائري وتعزيز النفوذ. وتشير المصادر التاريخية، مثل كتاب "تاريخ العرب قبل الإسلام" للمؤرخ جرجي زيدان، إلى أن هذه القبائل اعتمدت سياسة المصاهرة ضمن طبقتها الأرستقراطية لتعزيز وحدتها وتماسكها الداخلي، واستمرار هيمنتها في مواجهة التحديات القبلية والسياسية. بذلك، يمكن القول إن الزواج من الأقارب كان تقليداً اجتماعياً وثقافياً مهماً يعكس القيم القبلية في الحفاظ على النسب والسلطة، وأن هذه الممارسات كانت جزءاً من استراتيجية المجتمعات العربية القديمة للحفاظ على وحدتها وقوتها. في التاريخ الإسلامي المبكر، كان الزواج من الأقارب تقليداً متبعاً لتعزيز الروابط الأسرية وحفظ النسب الشريف. من أبرز الأمثلة على ذلك زواج الإمام علي بن أبي طالب من السيدة فاطمة الزهراء، ابنة النبي محمد، وهو من أبرز نماذج الزواج الداخلي الذي يهدف إلى توثيق الروابط العائلية والحفاظ على الدم النبوي الشريف. لكن زواج الإمام علي من السيدة فاطمة لم يكن مجرد امتداد لعرف اجتماعي، بل حدثاً استثنائياً في جوهره، تجسّد فيه مفهوم "الكفاءة" (التكافؤ) الروحي والنسبي. ذلك أن مكانة فاطمة الرفيعة لم يناسبها إلا منزلة علي، وتشير بعض الروايات إلى أن هذا الزواج تم بإرادة إلهية، ما يعكس أهمية البعد القدسي في تلك العلاقة. استمر هذا التقليد في العصر الأموي كوسيلة لتعزيز الوحدة الأسرية وتقوية السلطة. فقد تزوج الخليفة عبد الملك بن مروان من ابنة عمه عاتكة بنت يزيد، وخلفاؤه من بني أمية حافظوا على الزواج من داخل الأسرة، حيث تزوج الخليفة عمر بن عبد العزيز من ابنة عمّه فاطمة بنت عبد الملك. أما في العصر العباسي، فقد ازدادت أهمية الزواج الداخلي بين أفراد الأسرة الحاكمة، فخلفاء العباسيين كانوا يحافظون على الزواج من داخل الأسرة أو من الأسر القريبة نسبياً. ومن أشهر الأمثلة على ذلك، زواج الخليفة أبو جعفر المنصور من ابنة عمه أم موسى الأرمانية بنت منصور بن عبد الله، وزواج الخليفة هارون الرشيد من زبيدة بنت جعفر، ابنة عمه، والتي أنجبت له الخليفة الأمين. كان الزواج من الأقارب، خاصة في البيوت الحاكمة، أداة سياسية واجتماعية مهمة لضمان استقرار الحكم وتوطيد التحالفات العائلية وتقليل النزاعات، بالإضافة إلى حماية النسب وتأمين استمرار العائلة الحاكمة في مواقع القوة. لم يقتصر شيوع زواج الأقارب على المنطقة العربية أو الحضارات الشرقية القديمة وحدها، بل كان ممارسة راسخة في سياقات تاريخية وثقافية متنوعة حول العالم، مدفوعاً بدوافع مشابهة من الحفاظ على الثروة والسلطة وتعزيز التحالفات. ففي أوروبا، هيمن زواج الأقارب على استراتيجيات الزواج لدى العائلات الملكية والنبيلة لقرون طويلة. كان الهدف الأسمى هو تركيز السلطة والممتلكات والنفوذ السياسي ضمن شبكة محدودة من السلالات، وتوطيد العلاقات الدبلوماسية بين الممالك. وتُعد عائلة هابسبورغ، التي امتد نفوذها ليشمل إمبراطوريات واسعة، مثالاً على الآثار الجانبية لهذه الممارسة. إذ أدت الزيجات المتكررة بين الأقارب إلى زيادة تواتر بعض السمات والأمراض الوراثية، مثل "الفك الهابسبورغي" الشهير، وساهمت في تدهور صحة بعض حكامها كالملك تشارلز الثاني (1630-1685) ملك إسبانيا. وبالمثل، كان زواج الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا (1819 - 1901) من ابن عمها الأول، الأمير ألبرت، وزواج العديد من أبنائهما وأحفادهما من أقارب، سبباً في انتشار مرض الهيموفيليا (الناعور) في العديد من البيوت الملكية الأوروبية. وحتى خارج نطاق العائلات الحاكمة، نجد أمثلة لزواج الأقارب بين شخصيات تاريخية مؤثرة. فالعالم الطبيعي، تشارلز داروين، صاحب نظرية التطور، تزوج من ابنة عمّه، إيما ويدجوود، وكان قلقاً بشأن تأثير هذا الزواج على صحة أبنائهما، خاصة بعد وفاة 3 منهم في سن مبكرة. كما تزوج الكاتب والشاعر الأميركي، إدغار آلان بو، من ابنة عمّه، فيرجينيا. وحتى العالم الفيزيائي، ألبرت أينشتاين، تزوج من ابنة خالته، إلسا لوفنتال. هذه الأمثلة المتنوعة تظهر أن زواج الأقارب لم يكن مجرد تقليد ملكي أو قبلي، بل ممارسة وجدت طريقها إلى مختلف طبقات المجتمع لأسباب متعددة. هذه الأمثلة التاريخية والأسطورية تؤكد أنّ زواج الأقارب يحمل دلالات رمزية عميقة تتجاوز الاعتبارات الاجتماعية العادية. أولاً: مفهوم "الدم الطاهر" أو "النسب الشريف" الذي يجب المحافظة عليه من التلوث بدماء "غريبة". هذا المفهوم يشبه إلى حد كبير فكرة "الدم الإلهي" في الأساطير القديمة. ثانياً: العائلة بوصفها "جنة مفقودة" يجب الحفاظ عليها من خلال عدم السماح للغرباء بدخولها. هذا يذكرنا بأسطورة الجنة المفقودة في معظم الثقافات، حيث يسعى الإنسان للعودة إلى الأصل النقي. ثالثاً: الخوف اللاواعي من "الآخر" والرغبة في البقاء في دائرة الأمان والمألوف. بهذا يمثل زواج الرجل من ابنة عمّه رفضاً رمزياً للمجهول والغريب. رابعاً: مفهوم "العود الأبدي" كما وصفه نيتشه، حيث تسعى العائلة لإعادة إنتاج نفسها باستمرار من دون تغيير أو تطوير، كنوع من الخلود الرمزي. تكشف هذه الأساطير والأمثلة التاريخية عن أن زواج الأقارب لم يكن مجرد ممارسة اجتماعية عملية، بل كان يحمل في طياته رؤية كونية عميقة حول الهوية والانتماء والمقدس. هذه الرؤية تنتقل من عالم الآلهة والأساطير إلى عالم البشر والتاريخ، فتصبح العائلة الممتدة هي الوحدة الاجتماعية المُقدّسة التي يجب الحفاظ على تماسكها ونقائها مهما كلف الأمر. مع تطور العلوم الطبية والوراثية، بدأت تظهر الصورة الأخرى لزواج الأقارب. في هذا الإطار، تشير دراسات علمية إلى أن زواج الأقارب يزيد من احتمالية ظهور الأمراض الوراثية بشكل كبير. هكذا بيّنت نتائج دراسة نشرتها مجلة "The Lancet" عام 2013، أن زواج أبناء العمومة من الدرجة الأولى يزيد من خطر الإصابة بالتشوهات الخَلقية، مثل عيوب القلب والجهاز العصبي، بنسبة تصل إلى الضعف مقارنة بالأزواج غير المرتبطين بصلة قرابة. على سبيل المثال، ارتفع معدل التشوهات من 3% إلى 6% بين الأطفال المولودين لأزواج من أبناء العمومة. كما تشير دراسات أخرى إلى ارتفاع معدلات الإعاقات الذهنية والحسية، وأمراض الدم الوراثية مثل التلاسيميا وفقر الدم المنجلي، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات وفيات الأطفال. في أوروبا كشفت دراسة بريطانية واسعة بعنوان "Born in Bradford" أنّ الأطفال المولودين من زيجات الأقرباء يواجهون نسباً أعلى من المشاكل الصحية مثل اضطرابات النطق والنمو، حتى في غياب أمراض وراثية معروفة. ويدور حالياً نقاش حول تجريم هذه الممارسة كما حدث في النرويج والسويد، مقابل توجه آخر يدعو إلى تعزيز التوعية والفحوصات الوراثية بدلاً من فرض المنع. هذه المعطيات دفعت العديد من الدول إلى إدخال برامج الفحص الطبي قبل الزواج بهدف توعية الأزواج بالمخاطر المحتملة دون منع الزواج قسرياً. تشهد المجتمعات العربية، لا سيما في العقود الأخيرة، ازدياداً ملحوظاً في الوعي بمخاطر زواج الأقارب، وهو ما يتجلى في عدة مؤشرات واضحة. لم يعد هذا الموضوع يقتصر على دائرة النقاشات الطبية المتخصصة، بل أصبح جزءاً من الحوار المجتمعي الأوسع، مدفوعاً بتأثير التعليم المتزايد، خاصة بين النساء اللواتي أصبحن أكثر إدراكاً للتبعات الصحية الوراثية المحتملة لهذه الزيجات، وأكثر استقلالية في اتخاذ قراراتهن. كما ساهمت برامج الفحص الطبي قبل الزواج، التي اعتمدتها العديد من الدول، في تعزيز هذا الوعي من خلال توفير معلومات دقيقة للأزواج المحتملين حول المخاطر الوراثية. علاوة على ذلك، تلعب وسائل الإعلام المختلفة دوراً حيوياً في نشر التوعية، حيث يتم تناول الموضوع بشكل متكرر، مما يساهم في تغيير المفاهيم التقليدية وتعزيز فهم أعمق للآثار طويلة المدى لزواج الأقارب على صحة الأجيال القادمة. -BBC News. (2013, July 4). Bradford cousin marriages 'cause birth defects'. -Histoires Royales. (n.d.). Mâchoire des Habsbourg : caractéristique physique liée à la consanguinité (étude). -Jones, L. (Ed.). (2005). The encyclopedia of religion (2nd ed.). Macmillan Reference USA -Rahman, S., Hill, D., Kennedy, S., Khan, K. S., & McParland, P. (2013). Consanguineous marriages and the risk of congenital anomalies: A cohort study. The Lancet, 382(9901), 830. - إيلياد، ميرسيا. (1991). مظاهر الأسطورة (ترجمة). دمشق: دار كنعان للدراسات. - زيدان، جرجي. (د.ت). تاريخ العرب قبل الإسلام. القاهرة: دار الهلال.