logo
هناء غابين عبر «القدس العربي»: أعيدوا إليّ غيداء

هناء غابين عبر «القدس العربي»: أعيدوا إليّ غيداء

القدس العربي منذ 2 أيام

رام الله – «القدس العربي»: قبل عامين، وتحديداً في أيار / مايو 2023، غادرت هناء غباين، وهي أم فلسطينية من قطاع غزة، منزلها الواقع في إحدى المناطق الشرقية للقطاع، حاملةً الأمل في حقيبة وحيدة، وطفلًا مريضًا بالسرطان في حضنها، باتجاه الضفة الغربية، علّها تجد في رام الله علاجًا ينقذ حياة ابنها، لكن القدر كان يخبّئ لها ما هو أفظع من المرض، حرب اجتثّت جذورها من أرضها، وتركَتها عالقة بين الفقد والرجاء.
ففي السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، اندلعت الحرب، وأُغلقت المعابر، وانقطعت بها السبل. ومنذ ذلك الحين، لم تستطع هناء العودة إلى غزة. ومع استمرار الحرب، تلقّت الخبر الذي لا تحتمله «عائلتك استُشهدت».
كان ذلك في يوم جمعة، يومٌ تقول عنه هناء، والدموع تخنق صوتها «يوم الجمعة صار يوم القيامة».. أي أنها لن تستطيع رؤية عائلتها من بعد استشهادهم يوم الجمعة الماضي، والملتقى الجنة. وتستذكر في حديث مع «القدس العربي» كلمات ابنتها يسرى، التي كانت دومًا تردد: «ماما، متى بدك ترجعي؟ يوم الجمعة؟». لم تكن تدري أن يوم الجمعة سيكون موعد وداعٍ لا لقاء.
غيداء، ابنة هناء، ابنة الـ12 ربيعًا، هي الناجية الوحيدة من عائلة قضت بالكامل في قصف عنيف استهدف منزلهم في غزة.
أصيبت غيداء بجراح خطيرة، وشُوّه وجهها وساقيها ولا تستطيع المشي، وهي ترقد اليوم على سرير المستشفى في غزة، بلا أم ترعاها، ولا عائلة تحتضن ألمها.
هناء، التي وجدت نفسها لاجئة في رام الله، عاجزة عن العودة أو الوصول إلى طفلتها، تناشد اليوم عبر صحيفة «القدس العربي» كل من له قلب أو قدرة: «أنقذوا غيداء، أمانة يا ماما أمانة طلعوني، كانت بتناجيني وهي مدمّرة، ما ظل إلها حدا غيري، وأنا مش قادرة أوصل إلها».
وتروي هناء، من قلب الصدمة، لحظة معرفتها باستشهاد بناتها: 'كنت رايحة شغلي، عندما هاتفتني زوجة أخي، أول ما قالت لي: (أمك وأخوتك وبناتك وأولاد أخوك وخالاتك ماتوا)، حسيت إنّي فقدت الأرض اللي واقفة عليها. بس لما قالت لي غيداء طيبة، قلت يمكن في أمل، يمكن في شي بعد الخراب».
اليوم، غيداء ليست مصابة بجراح جسدية بليغة فحسب، بل تعاني من انهيار نفسي شديد، بعد أن فقدت كل من كانت تحبهم وتعيش معهم، وجهها وجسدها مصابان بتكسرات بفعل القصف، وألمها أعمق من أن يُوصف. تقول هناء: 'حتى سِتّها اللي كانت دير بالها عليها ماتت، مين بدو يرعاها؟ مين بدو يسمع صوتها؟».
كانت غيداء تحلم أن تصبح طبيبة، كانت تقول لوالدتها دائمًا: 'أنا بدي أطلعك من غزة وأسافر فيكي كل الدنيا'. وكانت تقول: 'أنا ما بدي أتجوز، بدي أظل معك'، وتضحك وهي تخطّط لبناء فيلا كبيرة تعيش فيها مع أمها لتنسى وجع السنين.لكن الحرب سرقت كل شيء، الأمان، البيت، الأحلام، وحتى الوجوه. واليوم، تصرخ هناء: 'يا رب، خلّيلي واحدة، يا رب ما يكونوا كلهم راحوا».تقول هناء وهي تمسح دموعها التي لا تجف: 'إحنا مش طالبين شيء، بس بدنا حدا يسمع، حدا يوصل غيداء لعندي، أو يوصلني إلها، هاي بنتي، أنا أمها، مش قادرة أعيش وأنا بعيدة عنها، مش قادرة أنام وهي بتعاني لوحدها».
تضيف: 'أنا مش صحافية ولا ناشطة، أنا أم، وبنتي بتموت، وصوتي مش واصل لحدا. العالم كله ساكت، والدم كل يوم بنزف».
وسط الركام، وبين الآهات، لا تزال غيداء ترقد، تحلم أن تفيق ذات صباح وتجد أمها بجانبها، تمسك يدها وتعدها أنها لن تتركها أبدًا.
ووسط رام الله، تسير هناء يوميًا بين المؤسسات، تتوسل أن يُسمح لها بالوصول إلى طفلتها، أو أن تُنقل الطفلة إليها. لكن لا معبر يُفتح، ولا جدار يُهدم، ولا صوت يُسمع.
غيداء اليوم، هي قصة نجاة معلقة، وقلب معلّق في غزة، وجسد منهك في رام الله. وهناء، هي الصوت الذي يصرخ في صمت طويل: 'ساعدوني.. بنتي ما إلها غيرها».في كل بيت فقد ابناً أو بنتاً، في كل أم فقدت عائلة، تتكرر حكاية هناء، بصور مختلفة، وبألم واحد: صرخة لا يسمعها العالم.
https://youtube.com/shorts/NpnQaaONMJw?si=oS-nh6WA-yFxpLNV

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عائلة ليلى سويف بعد نقلها للمستشفى: كير ستارمر عليك التدخل فنحن نخسرها
عائلة ليلى سويف بعد نقلها للمستشفى: كير ستارمر عليك التدخل فنحن نخسرها

العربي الجديد

timeمنذ 20 ساعات

  • العربي الجديد

عائلة ليلى سويف بعد نقلها للمستشفى: كير ستارمر عليك التدخل فنحن نخسرها

كشفت عائلة الدكتورة ليلى سويف المضربة عن الطعام، اليوم الجمعة، عن تردٍّ حاد في وضعها الصحي بعد دخولها المستشفى مساء أمس، فيما طالبت ابنتها سناء سيف رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر الصورة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر سياسي ولد عام 1964. جرى تعيينه وزيرا للهجرة في حكومة الظل في 18 سبتمبر/ أيلول 2015، وبعدها وزيرًا مكلفًا بالخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) في حكومة الظل. تولى زعامة حزب العمال عام 2020، وقاده إلى فوز تاريخي في الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو/ تموز 2024، وأصبح رئيسًا للوزراء بعد ريشي سوناك بالتدخل العاجل لإنقاذها وإخراج ابنها ع لاء عبد الفتاح من السجن في مصر. وقالت سناء سيف، خلال مؤتمر صحافي عقد ظهر اليوم الجمعة، أمام مستشفى سانت ثوماس في لندن: "ليلة أمس أخذت والدتي إلى المستشفى، كانت لا تزال بإمكانها الوقوف على قدميها ومستوى السكر في دمها في انخفاض حاد، وأشكر الله لأخذها المستشفى، لأنه بعد وصولنا كل شيء بدأ بالانخفاض من مستوى السكر وضغط الدم والحرارة، وقبل ساعات من الآن اعتقدنا أننا سنخسرها". Statement to the press by Sanaa Seif, St Thomas' Hospital, 2pm BST. "Keir Starmer needs to act now. Not tomorrow, not Monday now. Right now, it's a miracle. It's the last night. It's a miracle that we still have her." — Free Alaa (@FreedomForAlaa) May 30, 2025 وأضافت سناء سيف، وهي تتحدث متأثرة: "بحسب الأطباء، والدتي نجت من الدخول في غيبوبة رغم أن مستوى السكر في الدم وصل 1.1، وكانت واعية إلى حدّ قولها لا أريد الكلوكوز، أريد الاستمرار في إضرابي عن الطعام.. أريد ابني"، وأشارت سيف إلى أن الأطباء اقترحوا تقديم نوع بروتين يبقي الجسد في حالة من إنتاج الكلوكوز "لكن لم يعرفوا إن كان جسدها سيستجيب، إلّا أن الموضوع نجح لبضع ساعات"، ثم قالت إنها تلقت مكالمة من أختها من المستشفى على أن والدتهم تصارع الموت، و"لا يمكنهم القيام بما قاموا به يوم أمس". وتابعت: "نحن نخسرها.. لا يوجد وقت أبداً. كير ستارمر عليه التدخل الآن. ليس غداً، ليس الاثنين.. الآن. إنها معجزة أنْ نجَت الليلة الماضية وما زالت معنا. أنا فخورة جداً بأمي، وأريد من كير ستارمر وعده لنا وثقتنا به.. لا تخذلنا. افعل شيئاً اليوم والآن". وسجلت آخر قراءات لحالة سويف انخفاض مستوى السكر في الدم إلى أقل من 20 ملغم/ديسيلتر، ما ينذر بخطر وشيك على حياتها، وكذلك انخفاض الضغط على نحوٍ مُقلق إلى نحو 46/70، مع انخفاض في درجة حرارة الجسم ودرجة الوعي. بدورها، كشفت منى سويف أن والدتها وصلت إلى مرحلة الخطر، بعد انخفاض معدل السكر في الدم لديها إلى 20، وأن مؤشراتها الحيوية تنهار من لحظة لأخرى. وطالبت منى بضرورة التحرك العاجل والفوري للتدخل في قضية علاء، معلقة: "ربما لم يعد وقت لإنقاذ ليلى سوى ساعات حتى بعد التدخلات الطبية الأخيرة، التي رفعت معدل السكر قليلاً بعد حقنها بهرمون". وكانت سويف قد دخلت إضرابها عن الطعام في التاسع والعشرين من سبتمبر/ أيلول 2024، في اليوم نفسه الذي كان من المفترض أن يخرج فيه علاء من السجن، بعد انقضاء فترة محكوميته المقدرة بخمس سنوات، في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، بتهمة "نشر أخبار كاذبة"، التي نسبت إليه بسبب منشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن أوراق تنفيذ الحكم احتسبت مدة الحبس من تاريخ التصديق على الحكم الصادر عليه في 3 يناير/كانون الثاني 2022، وليس من تاريخ القبض عليه 29 سبتمبر/ أيلول 2019، ومعنى ذلك أن علاء سيظل في الحبس حتى 3 يناير/ كانون الثاني 2027. وفي فبراير/ شباط دخلت ليلى سويف مستشفى سانت توماس بعد تردي وضعها الصحي، لتقرر تحويل إضرابها في حينه إلى إضراب جزئي عن الطعام، لتعود قبل أسبوعَين وتعلن عن خوضها إضراباً كاملاً رغم فقدانها أكثر من 40 كيلوغراماً من وزنها، وتطالب سويف الحكومة المصرية بالإفراج عن نجلها الناشط المعروف علاء عبد الفتاح بعد انقضاء محكوميته في تهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة لمدة 5 سنوات. سناء سيف خلال المؤتمر الصحافي، 30 مايو 2025 (فارس عبد الرحمن) وترفض الحكومة المصرية الاعتراف بالعامين اللذين قضاهما عبد الفتاح في الحبس الاحتياطي، خلافاً للقانون المصري، بحسب ما يقوله محامي الدفاع خالد علي. ويصرّ النائب العام على أن يكون موعد إطلاقه عام 2027، فيما ترفض الحكومة المصرية أيضاً الاعتراف بجنسيته البريطانية، وتمنع أي أحد من القنصلية البريطانية في القاهرة من لقائه في السجن أو التواصل معه. وفي سياق متصل، حثّ السفير البريطاني السابق لدى مصر، جون كاسون، المملكة المتحدة على نصح مواطنيها بعدم السفر إلى مصر رداً على رفض القاهرة إطلاق سراح عبد الفتاح، المواطن البريطاني المصري. وقال كاسون لقناة بي بي سي البريطانية يوم أمس: "تتظاهر مصر بأنها صديقة للمملكة المتحدة وتعتمد على الزوار البريطانيين للحفاظ على اقتصادها. علينا أن نثبت أن ذلك لا يتوافق مع إساءة معاملة مواطنينا وإغلاق سفارتنا"، وأضاف السفير البريطاني السابق لدى مصر، من عام 2014 إلى عام 2018، أن وزارة الخارجية اتبعت "الأساليب الدبلوماسية المعتادة" لتأمين إطلاق سراح عبد الفتاح، لكن هذا "كشف فقط أن مصر تتهرب منّا وتحاول الضغط علينا"، معتبراً أن الدولة في مصر "بوليسية، عنيفة وانتقامية، وهي تسيء معاملة مواطن بريطاني يُدعى علاء عبد الفتاح". قضايا وناس التحديثات الحية مجموعة أممية: علاء عبد الفتاح محتجز تعسفياً ويجب الإفراج عنه فوراً كما خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة، أول أمس الأربعاء، إلى أن عبد الفتاح محتجز تعسفياً في السجن منذ عام 2019، لكن مصر ترفض منح القنصلية البريطانية حق الوصول إليه، فضلاً عن إطلاق سراحه. فيما دعا رئيس الحكومة البريطاني كير ستارمر، الخميس الماضي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى إطلاق سراح عبد الفتاح. وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد"، علّقت ليلى سويف على الاتصال الهاتفي بين ستارمر والسيسي، بالقول إن "البيان الذي أصدره رئيس الوزراء البريطاني أوضح أنّه طالب بالإفراج عن علاء بأسلوب أقوى من السابق، أما ردّ الفعل الرسمي المصري فكان غير واضح، وتحدث البيان الذي أصدره مكتب الرئيس، كما العادة، عن فحوى المكالمة، باستثناء موضوع علاء". وتابعت أستاذة الرياضيات في جامعة القاهرة سابقاً: "ننتظر معرفة أخبار أكثر عن المكالمة الهاتفية من الجانب البريطاني التي تأتينا منها الأخبار، في حين تتجاهلنا الحكومة المصرية ولا تُبلغنا شيئاً". وعبّر عشرات النشطاء المصريين والعرب والبريطانيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تخوفهم من فقدانهم لليلى سويف، ودعوا إلى تكثيف الضغط على الحكومات حتى تحقيق شيء يمنع فقدانها، وسط حالة من الخوف الشديد بين أفراد العائلة. وفي هذا السياق، طالبت الحركة المدنية الديمقراطية، تضم أحزاباً وحركات سياسية، بالإفراج الفوري عن علاء عبد الفتاح، وإنقاذ حياة ليلى سويف التي تدهورت حالتها الصحية إلى حد بالغ الخطورة يهدد حياتها في أي لحظة، وذلك نتيجة إضرابها الطويل عن الطعام من أجل الإفراج عن ابنها، سجين الرأي علاء عبد الفتاح. وقالت الحركة في بيان لها اليوم الجمعة: "أنقذوا هذه الأسرة من مأساة محقّقة ستترك آثارها العميقة على جميع المعنيين بمستقبل هذا الوطن. هذه المأساة التي نشهدها جميعاً ليست هي الوحيدة، إذ تعيش عشرات الآلاف من الأسر المصرية هذه المعاناة التي لا تنتهي أبداً رغم مطالبتنا المستمرة بالإفراج عن كل المحبوسين على ذمة قضايا الرأي". كذلك، حملت حملة "أنقذوا حرية الرأي" السلطات المصرية مسؤولية حياة سويف، خاصة مع تصاعد المناشدات والمطالب بالخاصة بالإفراج عن علاء "تنفيذاً لصحيح القانون"، فيما تواصل الجهات المسؤولة تجاهل هذه المطالب ما يهدّد حياة والدته، وأكدت الحملة تضامنها الكامل مع ليلى سويف، مطالبة بالإفراج الفوري عن نجلها تنفيذاً للقانون وحفاظاً على صحتها. وأعربت مؤسّسة عدالة لحقوق الإنسان عن بالغ قلقها إزاء التدهور الخطير في الحالة الصحية لعالمة الرياضيات المصرية وأستاذة جامعة القاهرة، التي تواصل إضرابها المفتوح عن الطعام منذ أسابيع، للمطالبة بالإفراج عن نجلها عبد الفتاح، وقالت المؤسّسة إنّ "الإصرار على الإنكار والمكابرة من النظام المصري، في مقابل احتجاج سلمي مشروع، لا يعكس استخفافاً صارخاً بالحقوق الأساسية فحسب، بل يضع حياة سيدة فاضلة وعالمة مرموقة على المحك"، وأكّدت المؤسسة أن "أي ضرر يصيب ليلى سويف سيتحمل مسؤوليته النظام المصري سياسياً وأخلاقياً وقانونياً، وأن وفاتها لا قدّر الله ستكون وصمة عار في جبين السلطة، ودليلاً جديداً على إمعانها في سياسة القمع والتنكيل بالمعارضين وأسرهم"، وطالبت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان بـ"الإفراج الفوري عن علاء عبد الفتاح. وتوفير الرعاية الطبية العاجلة للدكتورة ليلى سويف. واحترام الحق في التعبير السلمي والاحتجاج المشروع".

هناء غابين عبر «القدس العربي»: أعيدوا إليّ غيداء
هناء غابين عبر «القدس العربي»: أعيدوا إليّ غيداء

القدس العربي

timeمنذ 2 أيام

  • القدس العربي

هناء غابين عبر «القدس العربي»: أعيدوا إليّ غيداء

رام الله – «القدس العربي»: قبل عامين، وتحديداً في أيار / مايو 2023، غادرت هناء غباين، وهي أم فلسطينية من قطاع غزة، منزلها الواقع في إحدى المناطق الشرقية للقطاع، حاملةً الأمل في حقيبة وحيدة، وطفلًا مريضًا بالسرطان في حضنها، باتجاه الضفة الغربية، علّها تجد في رام الله علاجًا ينقذ حياة ابنها، لكن القدر كان يخبّئ لها ما هو أفظع من المرض، حرب اجتثّت جذورها من أرضها، وتركَتها عالقة بين الفقد والرجاء. ففي السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، اندلعت الحرب، وأُغلقت المعابر، وانقطعت بها السبل. ومنذ ذلك الحين، لم تستطع هناء العودة إلى غزة. ومع استمرار الحرب، تلقّت الخبر الذي لا تحتمله «عائلتك استُشهدت». كان ذلك في يوم جمعة، يومٌ تقول عنه هناء، والدموع تخنق صوتها «يوم الجمعة صار يوم القيامة».. أي أنها لن تستطيع رؤية عائلتها من بعد استشهادهم يوم الجمعة الماضي، والملتقى الجنة. وتستذكر في حديث مع «القدس العربي» كلمات ابنتها يسرى، التي كانت دومًا تردد: «ماما، متى بدك ترجعي؟ يوم الجمعة؟». لم تكن تدري أن يوم الجمعة سيكون موعد وداعٍ لا لقاء. غيداء، ابنة هناء، ابنة الـ12 ربيعًا، هي الناجية الوحيدة من عائلة قضت بالكامل في قصف عنيف استهدف منزلهم في غزة. أصيبت غيداء بجراح خطيرة، وشُوّه وجهها وساقيها ولا تستطيع المشي، وهي ترقد اليوم على سرير المستشفى في غزة، بلا أم ترعاها، ولا عائلة تحتضن ألمها. هناء، التي وجدت نفسها لاجئة في رام الله، عاجزة عن العودة أو الوصول إلى طفلتها، تناشد اليوم عبر صحيفة «القدس العربي» كل من له قلب أو قدرة: «أنقذوا غيداء، أمانة يا ماما أمانة طلعوني، كانت بتناجيني وهي مدمّرة، ما ظل إلها حدا غيري، وأنا مش قادرة أوصل إلها». وتروي هناء، من قلب الصدمة، لحظة معرفتها باستشهاد بناتها: 'كنت رايحة شغلي، عندما هاتفتني زوجة أخي، أول ما قالت لي: (أمك وأخوتك وبناتك وأولاد أخوك وخالاتك ماتوا)، حسيت إنّي فقدت الأرض اللي واقفة عليها. بس لما قالت لي غيداء طيبة، قلت يمكن في أمل، يمكن في شي بعد الخراب». اليوم، غيداء ليست مصابة بجراح جسدية بليغة فحسب، بل تعاني من انهيار نفسي شديد، بعد أن فقدت كل من كانت تحبهم وتعيش معهم، وجهها وجسدها مصابان بتكسرات بفعل القصف، وألمها أعمق من أن يُوصف. تقول هناء: 'حتى سِتّها اللي كانت دير بالها عليها ماتت، مين بدو يرعاها؟ مين بدو يسمع صوتها؟». كانت غيداء تحلم أن تصبح طبيبة، كانت تقول لوالدتها دائمًا: 'أنا بدي أطلعك من غزة وأسافر فيكي كل الدنيا'. وكانت تقول: 'أنا ما بدي أتجوز، بدي أظل معك'، وتضحك وهي تخطّط لبناء فيلا كبيرة تعيش فيها مع أمها لتنسى وجع السنين.لكن الحرب سرقت كل شيء، الأمان، البيت، الأحلام، وحتى الوجوه. واليوم، تصرخ هناء: 'يا رب، خلّيلي واحدة، يا رب ما يكونوا كلهم راحوا».تقول هناء وهي تمسح دموعها التي لا تجف: 'إحنا مش طالبين شيء، بس بدنا حدا يسمع، حدا يوصل غيداء لعندي، أو يوصلني إلها، هاي بنتي، أنا أمها، مش قادرة أعيش وأنا بعيدة عنها، مش قادرة أنام وهي بتعاني لوحدها». تضيف: 'أنا مش صحافية ولا ناشطة، أنا أم، وبنتي بتموت، وصوتي مش واصل لحدا. العالم كله ساكت، والدم كل يوم بنزف». وسط الركام، وبين الآهات، لا تزال غيداء ترقد، تحلم أن تفيق ذات صباح وتجد أمها بجانبها، تمسك يدها وتعدها أنها لن تتركها أبدًا. ووسط رام الله، تسير هناء يوميًا بين المؤسسات، تتوسل أن يُسمح لها بالوصول إلى طفلتها، أو أن تُنقل الطفلة إليها. لكن لا معبر يُفتح، ولا جدار يُهدم، ولا صوت يُسمع. غيداء اليوم، هي قصة نجاة معلقة، وقلب معلّق في غزة، وجسد منهك في رام الله. وهناء، هي الصوت الذي يصرخ في صمت طويل: 'ساعدوني.. بنتي ما إلها غيرها».في كل بيت فقد ابناً أو بنتاً، في كل أم فقدت عائلة، تتكرر حكاية هناء، بصور مختلفة، وبألم واحد: صرخة لا يسمعها العالم.

موجة تفشٍّ جديدة للكوليرا في اليمن
موجة تفشٍّ جديدة للكوليرا في اليمن

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

موجة تفشٍّ جديدة للكوليرا في اليمن

في ظل تدهور القطاعين الصحي والبيئي في اليمن ، يشهد عدد من المحافظات تفشّياً لمرض الكوليرا وسط صعوبة في حصول المرضى على العلاجات اللازمة أُصيب الفتى أحمد إبراهيم (16 عاماً) بأعراض لم يعهدها من قبل، فقررت أسرته نقله إلى المستشفى الجمهوري التعليمي العام في تعز جنوب غرب اليمن، ليتبين أنه مصاب بمرض الكوليرا، ويُضاف اسمه إلى آلاف حالات الإصابة التي تم تسجيلها في اليمن منذ بدء العام الجاري. يقول لـ "العربي الجديد": "عانيت من إسهال مائي حاد، وقيء، ثم أصبت بجفاف شبه تام، مصحوباً بدوار وغثيان، وشعور ببعض التشنجات. توجهت إلى طبيب قريب من منزلنا لكنه لم ينجح في تشخيص مرضي، ولاحظت أن حالتي تزداد سوءاً ليتم إسعافي إلى المستشفى الجمهوري في تعز. شخصت بالإصابة بالكوليرا، وأخبرنا الطبيب أنه في حال تأخر إسعافي، كان من الممكن أن أفقد حياتي نتيجة الجفاف الذي أصابني". تشهد المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وتلك الواقعة تحت سيطرة أنصار الله (الحوثيين)، انتشاراً مقلقاً للمرض، في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وانهيار منظومة الصرف الصحي ، وانتشار القمامة داخل المدن، وطفح مياه الصرف الصحي، واستمرار موجات النزوح الداخلي الناتجة عن الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات. وعلى الرغم من أن الإحصائيات تشير إلى تسجيل أعداد كبيرة جداً من الإصابات، تفيد التقديرات بأن العدد الفعلي أكبر بكثير من المعلن، نتيجة الصعوبات التي يواجهها المرضى في الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية. تقول الطبيبة مروى عبد الحكيم، لـ "العربي الجديد"، إن "هناك موجة تفشٍّ كبيرة لمرض الكوليرا، وقد زادت أعداد الإصابات خلال الأيام الأخيرة بسبب أزمة المياه التي تشهدها تعز، ما جعل السكان يبحثون عن المياه، وغالباً ما يحصلون على مياه ملوثة، خصوصاً في مخيمات النزوح والأحياء الفقيرة. وتعد المياه الملوثة السبب الأبرز للإصابة بالكوليرا، بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي والمجاري في الشوارع والأحياء السكنية". تضيف أن "قلة الوعي الصحي تساهم كثيراً في انتشار المرض، عدا عن صعوبة تشخيصه من المريض وأسرته، إذ لا يمكنهم التفريق بين أعراض الكوليرا وأعراض الإسهال الطبيعي. وفي بعض الأحيان، تتساهل العائلات في كيفية الوقاية من المرض من جراء عدم إدراك خطورته". وتوضح أنه "يجب على الأسر تجنب المياه الملوثة والمكشوفة، ومياه الصرف الصحي، وبعض الأطعمة النيئة كالأسماك، والفاكهة والخضار غير المقشرة، وغيرها". صحة التحديثات الحية الكوليرا في اليمن... 12.942 إصابة في الثلث الأول من 2025 وتأتي موجة انتشار الكوليرا في ظل ضعف كبير في القطاع الصحي في اليمن، خلال فترة الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات، ما أثر على البنية التحتية للمؤسسات الصحية. وقد تعرض الكثير منها للتدمير الكلي أو الجزئي، بالإضافة إلى ضعف الخدمات التي تقدمها المؤسسات الصحية في البلاد. عوامل ساهمت في غياب الإجراءات الوقائية للمؤسسات الصحية في مواجهة انتشار الكوليرا. كما تغيب حملات التلقيح وتنعدم حملات الرش الوقائية. يقول نائب وزير الصحة في الحكومة المعترف بها دولياً، عبدالله دحان، لـ "العربي الجديد"، إنه "خلال 21 أسبوعاً منذ بداية العام الجاري، تم تسجيل 5730 حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد، وحالة وفاة في المحافظات المحررة". يضيف أن المحافظات التي سجلت أكبر عدد من حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد هي لحج والحديدة وتعز. أما عدد المديريات التي تم الإبلاغ فيها عن الإسهال المائي الحاد فيها، فهو 30 مديرية من إجمالي المديريات، أي بنسبة 22.9%. يمنية مصابة بالكوليرا تتلقى العلاج، 21 أغسطس 2024 (خالد زياد/فرانس برس) ويقول دحان إنه منذ الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى 26 مايو/ أيار الجاري، تم تسجيل 152 حالة مؤكدة بالفحص الزراعي، و872 حالة مؤكدة بالفحص السريع. وبلغ إجمالي عدد العينات المرسلة إلى المختبر 630 عينة، ووصلت نسبة النتائج الإيجابية إلى 24.1% أي 128 حالة، كما أن هناك 872 حالة مؤكدة بالفحص السريع من أصل 1538 حالة أي بنسبة 56.6%". يضيف أن المحافظات التي سجلت أكبر عدد من الحالات المؤكدة هي شبوة (42 حالة بنسبة 27.6%)، وعدن (38 حالة بنسبة 25%)، ولحج (34 حالة بنسبة 22.3%)، وتعز (27 حالة بنسبة 17.7%). ومن إجمالي الحالات المؤكدة، هناك حالة وفاة واحدة من مديرية تبن في محافظة أبين. كما يشير دحان إلى أنه "خلال الأسبوع الأخير، تم تسجيل 559 حالة مشتبهاً بإصابتها بالإسهال المائي الحاد، وسجل أكبر عدد من الحالات في محافظات أبين وعدن ولحج". ويوضح دحان أن سبب تفشّي الكوليرا هو ضعف البنية التحتية، وتردي خدمات الصرف الصحي، وانقطاع المياه والكهرباء، لافتاً إلى أنه تم فتح تسعة مراكز استقبال وعلاج في حضرموت، ومأرب، وتعز، وعدن، ولحج، وأبين، وشبوة، والضالع، والحديدة، بالإضافة إلى تنظيم حملة توعية صحية. يضيف: "أطلقنا العام الماضي حملة في 34 مديرية، على أن نعمل بعد عيد الأضحى في الحديدة ولحج". صحة التحديثات الحية 70 وفاة جراء الكوليرا في الخرطوم خلال يومين وتعمل فرق الترصد والاستجابة السريعة، التابعة لوزارة الصحة العامة والسكان في الحكومة المعترف بها دولياً، على رصد الحالات، ويتمثل دورها بعقد اجتماع لفريق القوى والمهام في وزارة الصحة العامة والسكان، مع إشراك وزارة المياه والبيئة، ورصد الحالات والإبلاغ عنها، وجمع وتحليل البيانات، ونشر التقارير والتحليلات لتقديم تقرير يومي للجهات المعنية، وإعداد التقرير الأسبوعي الوبائي لمرض الكوليرا، وتفعيل غرفة العمليات في المحافظات الخاصة بالترصد، ورفع تقرير يومي لحالات الإسهال في المحافظات، ووضع آلية نقل العينات لحالات الكوليرا، ووضع خطة توزيع الفحوصات السريعة للمراكز الصحية وفرق الاستجابة، وقيام فرق الاستجابة بعمل ميداني. إلى ذلك، قالت منظمة الصحة العالمية، في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي، إنه جرى الإبلاغ عن 12.942 إصابة جديدة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن، وعشر وفيات خلال الفترة ما بين الأول من يناير/ كانون الثاني و27 إبريل/ نيسان الماضيين. وأشار التقرير إلى أن عدد الحالات التي تمّ الإبلاغ عنها في اليمن خلال شهر إبريل وحده، وصل إلى 1352، وتضمن حالة وفاة واحدة، بزيادة 6% عن مارس/ آذار الذي شهد 1278 إصابة جديدة من دون تسجيل وفيات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store