logo
إيران في مهب التصعيد.. بين رسائل ترامب و"التحالف الصاعد"

إيران في مهب التصعيد.. بين رسائل ترامب و"التحالف الصاعد"

وفي مقابل التصعيد الأميركي، تذهب إيران إلى تعزيز أوراقها شرقًا. الصين وروسيا تتحولان إلى رافعة سياسية ودبلوماسية تسعى طهران من خلالها إلى كسر طوق العزلة، ومواجهة التهديدات الأوروبية المتزايدة بإعادة تفعيل "آلية الزناد" وإعادة فرض العقوبات الدولية.
فهل تنجح طهران في الإفلات من كماشة العقوبات والحصار؟ أم أن البلاد تقف على أعتاب مواجهة جديدة قد تكون الأخطر منذ سنوات؟
الضربة الأميركية "أوجعت".. ولكن التخصيب مستمر؟
في حوار لافت مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية، كشف عباس عراقجي ، كبير المفاوضين الإيرانيين، أن الضربات الجوية الأميركية عطّلت عمليًا كل أنشطة التخصيب في المنشآت المستهدفة. إلا أنه شدد في المقابل على أن بلاده لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، بل وستتحمل "الثمن" مهما كان باهظًا.
هذه اللهجة المزدوجة تعكس محاولة طهران إرسال رسالة مزدوجة: اعتراف بالضرر لامتصاص الصدمة، وتأكيد على الاستمرارية لتثبيت حقها السيادي، وفقًا لتحليل الدكتور عماد أبشناس، رئيس تحرير صحيفة إيران ديبلوماتيك خلال حديثه الى برنامج الظهيرة على سكاي نيوز عربية.
لكن أبشناس أضاف ما هو أبعد من التصريحات الرسمية، حين تحدث عن دخول إيران مرحلة "الغموض النووي"، مشيرًا إلى أن الضربة الأميركية أدخلت الملف النووي الإيراني في منطقة رمادية متعمدة، بحيث لا يمكن للمراقبين أو المفتشين أو حتى أجهزة الاستخبارات الجزم بحجم الأضرار أو استمرارية البرنامج من عدمها.
ويؤكد أن أبواب المنشآت دُمرت، لكن ليس هناك ما يثبت تدمير أنظمتها الداخلية أو البنى التحتية للتخصيب. وهنا يكمن جوهر الاستراتيجية الإيرانية: التشويش على العدو، وحرمانه من معلومات دقيقة تتيح له بناء موقف سياسي أو عسكري محسوم.
تحرك استراتيجي نحو بكين وموسكو
في خضم هذه التطورات، تسارع طهران إلى ترتيب مشاورات عاجلة مع روسيا والصين. وزارة الخارجية الإيرانية أعلنت عقد اجتماع ثلاثي في طهران لمناقشة تطورات الملف النووي، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الأوروبية بإعادة فرض العقوبات الأممية.
ويقرأ أبشناس في هذا التحرك "رسالة واضحة إلى الغرب": إيران لم تعد بمفردها في الساحة، وتحظى بغطاء استراتيجي من قوتين تملكان مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن، ولديهما القدرة على تعطيل أي مساعٍ أوروبية لتفعيل العقوبات.
وأشار إلى أن موسكو وبكين قادرتان، من الناحية الإجرائية، على عرقلة تشكيل اللجان الخاصة بالعقوبات داخل مجلس الأمن، مستخدمين حق النقض (الفيتو)، كما هو حاصل اليوم مع ملف كوريا الشمالية.
لكن الضمانات الروسية والصينية – بحسب أبشناس – تبقى أقرب إلى "حصانة سياسية" منها إلى "دعم عسكري مباشر"، وهو ما يؤكده الباحث السياسي إيهاب عباس من واشنطن.
واشنطن تحذّر من الغموض
الرد الأميركي لم يتأخر كثيرًا. الرئيس ترامب ألمح إلى أن الضربات لن تكون الأخيرة، مؤكدًا أن استخدام القوة "مطروح على الطاولة في أي لحظة".
ويذهب الكاتب والبحث السياسي إيهاب عباس إلى أن التصعيد الأميركي الأخير لم يكن عشوائيًا، بل استند إلى معلومات استخباراتية تُفيد بأن البرنامج النووي الإيراني كان يحقق تقدمًا حاسمًا في الآونة الأخيرة. لكنه حذر في المقابل من أن التسرع الأميركي في إعلان نجاح العملية قد يؤدي إلى تبعات عكسية.
ويرى عباس أن دخول إيران في مرحلة الغموض النووي سيصعّب على واشنطن وإسرائيل معرفة واقع البرنامج النووي، وهو ما سيدفعهما إلى تصعيد "الحرب الاستخباراتية" في المرحلة المقبلة. وبهذا، فإن المعركة لم تعد فقط جوية أو سياسية، بل انتقلت إلى مربع جمع المعلومات والسيطرة على تدفقها.
أوروبا في المنتصف
مع تعقد المشهد، تسعى أوروبا إلى لعب دور "الوسيط المحايد"، لكن ذلك لا يبدو كافيًا في نظر إيران. فبحسب أبشناس، تحاول طهران إعادة تعريف المشهد التفاوضي، بتحويل أوروبا من مجرد مراقب إلى طرف مباشر في المحادثات، بينما تسعى لإقصاء واشنطن مؤقتًا أو تقليص نفوذها على الطاولة.
لكن هذا الطموح الإيراني يصطدم – حسب إيهاب عباس – بواقع السياسة الأوروبية المتماهية مع الموقف الأميركي في العمق. فحتى لو أرادت فرنسا أو ألمانيا الانفتاح على إيران، فإن غياب الغطاء الأميركي يجعل أي اتفاق محتمل هشًا وفاقدًا للشرعية الدولية.
ويشير عباس إلى أن الأوروبيين قد يحاولون إقناع إيران بتقديم تنازلات "اقتصادية واستثمارية" مقابل تجميد بعض جوانب البرنامج النووي، وربما التفاوض على اتفاق جديد، لكن دون ضمانات بأنهم قادرون على تنفيذ هذه الالتزامات في غياب الدعم الأميركي.
في جانب آخر من التحليل، يرى عباس أن الضربة الأخيرة كانت بمثابة "الصفعة الأمنية" الكبرى لإيران، بعد سلسلة اختراقات إسرائيلية داخلية، أبرزها عملية اغتيال إسماعيل هنية داخل إيران – بحسب الرواية المتداولة. وهو ما أدى إلى شن طهران حملة اعتقالات وتفكيك خلايا وصفتها بـ"الجواسيس المتعاونين مع الموساد"، في ما يشبه حالة "الاستنفار الداخلي".
لكن بقدر ما كانت هذه الضربة موجعة، فإنها أدت أيضًا إلى يقظة أمنية جديدة، ما سيجعل الاختراقات المقبلة أكثر صعوبة – كما يرى عباس. غير أن فشل إيران في منع أي هجوم أو اغتيال جديد سيكون المعيار الحقيقي لنجاح منظومتها الأمنية الجديدة.
من زاوية أيديولوجية، يشير عباس إلى أن جوهر الأزمة يتجاوز البرنامج النووي بحد ذاته. فإسرائيل، كما يرى، ترى في إيران تهديدًا وجوديًا نابعًا من العقيدة السياسية والثقافية، لا من قدرات إيران التقنية فحسب. وإيران، من جهتها، لا تتوقف عن ترديد شعارات "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، ما يغذي النزاع المستمر ويصعّب أي تسوية دائمة. إنها دائرة مفرغة من الكراهية المتبادلة والعداء العقائدي، وفق تعبيره، تضمن أن المواجهة – حتى لو هدأت – لن تختفي.
في المحصلة، تجد إيران نفسها على مفترق طرق شديد التعقيد. فهي من جهة، تحاول امتصاص الضربة الأميركية وتستثمر في حالة "الغموض النووي" لتثبيت أوراقها التفاوضية. ومن جهة أخرى، تعوّل على دعم روسيا والصين كخط دفاع دبلوماسي في مواجهة آلية الزناد الأوروبية.
لكن واشنطن، بقيادة ترامب، لا تبدو مستعدة لقبول الغموض كبديل عن الحسم، وتلوّح بقوة أن الضربات المقبلة قد تكون أشد وأوسع. في هذا السياق، ستلعب الأيام القليلة المقبلة، وخصوصًا اجتماع الجمعة المرتقب مع الأوروبيين، دورًا محوريًا في تحديد وجهة الأزمة: إلى مفاوضات جديدة؟ أم إلى جولة أخرى من النار والبارود؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هجوم أوكراني خلال زيارة بوتين إلى سان بطرسبرغ
هجوم أوكراني خلال زيارة بوتين إلى سان بطرسبرغ

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

هجوم أوكراني خلال زيارة بوتين إلى سان بطرسبرغ

وجهت روسيا اتهاماً صريحاً أمس الأحد إلى الجانب الأوكراني ومن خلفه الغرب برفض الحل الدبلوماسي، وفي حين كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور مدينة سان بطرسبرغ بمناسبة احتفالات البحرية، وجهت كييف ضربات مكثفة على المدينة، وقد أعلن الكرملين عن إلغاء الاحتفالات. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا تفضل السبل السياسية والدبلوماسية لحل النزاع في أوكرانيا، لكن كييف والغرب يرفضان هذا المسار. وأضاف قوله «مسارنا المفضل هو الوسائل السياسية والدبلوماسية». وأكد أن موسكو تواصل عمليتها العسكرية في أوكرانيا لأن «كل مقترحات الحوار قوبلت بالرفض، سواء من أوكرانيا أو من الدول الغربية». على جانب آخر أعلنت روسيا، إلغاء عرض كبير للبحرية كان من المقرّر إقامته بمناسبة يوم الأسطول التي حلت أمس الأحد، مشيرة إلى «أسباب أمنية». ونقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث بيسكوف قوله إنّ «الأمر يتعلّق بالوضع العام، والأسباب الأمنية لها أهمية قصوى»، . من جانبه، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة عبر مقطع فيديو ب«جرأة» و«بطولة» عناصر البحرية الروس المشاركين في العملية العسكرية في أوكرانيا. وفي وقت لاحق أمس الأحد، خاطب بوتين في مؤتمر عبر الفيديو أفراد الجيش المشاركين في مناورات بحرية واسعة النطاق أُطلق عليها اسم «عاصفة تموز/يوليو». وقال «نحن نحتفل بالعيد في أجواء من العمل». وبحسب الرئيس الروسي، فإنّ هذه المناورات تشمل أكثر من 150 سفينة وأكثر من 15 ألف جندي. وأشار بوتين إلى أنّ «مهمّتنا الرئيسية هي ضمان أمن روسيا وحماية سيادة الوطن ومصالحه الوطنية بحزم. وللبحرية الروسية دور كبير في ذلك»، وفقاً للمكتب الإعلامي في الكرملين. على صعيد التصدي للهجمات الأوكرانية قالت وزارة الدفاع الروسية أمس الأحد إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت قنبلتين موجهتين، وثلاث قذائف من أنظمة فامبير لإطلاق الصواريخ المتعددة تشيكية الصنع، و291 مسيرة ثابتة الجناحين. وأضافت أن طائرات حربية روسية ومسيرة قصفت منشآت إنتاج مسيرات ومراكز تحكم داخل أوكرانيا. وكانت الهجمات الأوكرانية قد تسببت في عطل كهربائي في السكك الحديدية في فولغوغراد، وقالت إدارة المنطقة في جنوب روسيا إن أوكرانيا شنت هجوماً على المنطقة باستخدام مسيرات وأضافت أن الحطام المتساقط من المسيرات المدمرة أدى إلى تعطل إمدادات الكهرباء للسكك الحديدية وحركة القطارات في جزء من فولغوغراد. وأعلنت هيئة الطيران المدني الروسية (روسافياتسيا) تعليق الرحلات الجوية بعد منتصف الليل بفترة وجيزة في مطار مدينة فولغوغراد. على الصعيد الأوروبي، أعرب كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن الاستمرار في دعم أوكرانيا. الرئيس الفرنسي في اتصاله مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأحد قال «لقد جددت دعم فرنسا: سنواصل تكثيف المساعدات لأوكرانيا وزيادة الضغط على روسيا التي يتعين عليها الموافقة في نهاية المطاف على وقف لإطلاق النار من شأنه أن يمهد الطريق لمحادثات من أجل سلام راسخ ودائم، بمشاركة الأوروبيين». واعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أن كييف «يمكنها الاعتماد على دعمنا للمضي قدماً في مسارها الأوروبي».(وكالات)

إسرائيل تكشف «عملية تجسس» وتهدد مجدداً باستهداف خامنئي
إسرائيل تكشف «عملية تجسس» وتهدد مجدداً باستهداف خامنئي

البيان

timeمنذ 5 ساعات

  • البيان

إسرائيل تكشف «عملية تجسس» وتهدد مجدداً باستهداف خامنئي

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن كاتس قوله: «إن يدنا الطويلة ستصل إلى طهران مجدداً وحتى بقوة أكبر، وهذه المرة ستصل إليك شخصياً، إذا واصلت تهديد إسرائيل... لا تهدد كي لا تصاب بأذى». ووفق لائحة الاتهام، التي نشرها الموقع العبري، قدم العميل الإيراني معلومات عسكرية خطيرة خلال الحرب الإيرانية والإسرائيلية وقبلها، وكشف لطهران عن جواسيس يعملون لصالح إسرائيل في إيران.

روسيا تختتم مناورات بحرية واسعة النطاق
روسيا تختتم مناورات بحرية واسعة النطاق

البيان

timeمنذ 6 ساعات

  • البيان

روسيا تختتم مناورات بحرية واسعة النطاق

وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلغاء العرض، بعد تقارير أولية عن إلغائه صدرت في مستهل الشهر الجاري. وأضاف أنه تم صد الهجوم. ووصل بوتين إلى مقر البحرية في المدينة على متن زورق سريع للدوريات البحرية، حيث تابع المناورات البحرية واسعة النطاق والتي شارك فيها أكثر من 150 سفينة حربية وسفن دعم، و120 طائرة ومروحية، وأكثر من 15 ألف جندي. وجرت التدريبات في وقت واحد في بحر البلطيق والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ وبحر قزوين، وهدفت، وفقاً للحكومة الروسية، إلى الاستعداد للتصدي لهجوم بحري واسع النطاق. وقال إنه سيتم تحويل لواءي مشاة بحرية إلى فرق بحلول نهاية العام، على أن تتبعها ثلاث فرق أخرى في وقت لاحق. وأضاف: «هذا سيُعزز بشكل كبير القدرة الهجومية للبحرية الروسية وكفاءتها القتالية». وبحسب المعلومات الرسمية، شارك في المناورات التي استمرت خمسة أيام، وانتهت بالتزامن مع يوم البحرية الروسي، أمس، أكثر من 150 سفينة. وجرت التدريبات في وقت واحد في بحر البلطيق والمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الهادئ وبحر قزوين، وهدفت، وفقاً للحكومة الروسية، إلى الاستعداد للتصدي لهجوم بحري واسع النطاق. وقال تريغوبوف: إن القوات الروسية تقوم، بمحاولات لاختراق مواقع القوات الأوكرانية وتطويق المدينة، خصوصاً من الجهة الشرقية، مضيفاً أن المعركة الدفاعية لا تزال مستمرة في المنطقة القريبة من كوستيانتينيفكا. وتعد مدينة بوكروفسك بؤرة اشتعال مستمرة على جبهات القتال في شرقي أوكرانيا منذ عدة أشهر. وتقع المدينة في الجهة الغربية من إقليم دونيتسك الواقع شرقي أوكرانيا، عند محور نقل استراتيجي بالغ الأهمية. وأعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان، إسقاط 78 من أصل 83 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية خلال الليل قبل الفائت. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن قوات الدفاع الجوي التابعة لها، دمرت 99 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق الليلة قبل الماضية. وقالت إدارة منطقة فولغوغراد في جنوب روسيا إن أوكرانيا نفذت هجوماً على المنطقة باستخدام الطائرات المسيرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store