
إيران في مهب التصعيد.. بين رسائل ترامب و"التحالف الصاعد"
فهل تنجح طهران في الإفلات من كماشة العقوبات والحصار؟ أم أن البلاد تقف على أعتاب مواجهة جديدة قد تكون الأخطر منذ سنوات؟
الضربة الأميركية "أوجعت".. ولكن التخصيب مستمر؟
في حوار لافت مع قناة "فوكس نيوز" الأميركية، كشف عباس عراقجي ، كبير المفاوضين الإيرانيين، أن الضربات الجوية الأميركية عطّلت عمليًا كل أنشطة التخصيب في المنشآت المستهدفة. إلا أنه شدد في المقابل على أن بلاده لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، بل وستتحمل "الثمن" مهما كان باهظًا.
هذه اللهجة المزدوجة تعكس محاولة طهران إرسال رسالة مزدوجة: اعتراف بالضرر لامتصاص الصدمة، وتأكيد على الاستمرارية لتثبيت حقها السيادي، وفقًا لتحليل الدكتور عماد أبشناس، رئيس تحرير صحيفة إيران ديبلوماتيك خلال حديثه الى برنامج الظهيرة على سكاي نيوز عربية.
لكن أبشناس أضاف ما هو أبعد من التصريحات الرسمية، حين تحدث عن دخول إيران مرحلة "الغموض النووي"، مشيرًا إلى أن الضربة الأميركية أدخلت الملف النووي الإيراني في منطقة رمادية متعمدة، بحيث لا يمكن للمراقبين أو المفتشين أو حتى أجهزة الاستخبارات الجزم بحجم الأضرار أو استمرارية البرنامج من عدمها.
ويؤكد أن أبواب المنشآت دُمرت، لكن ليس هناك ما يثبت تدمير أنظمتها الداخلية أو البنى التحتية للتخصيب. وهنا يكمن جوهر الاستراتيجية الإيرانية: التشويش على العدو، وحرمانه من معلومات دقيقة تتيح له بناء موقف سياسي أو عسكري محسوم.
تحرك استراتيجي نحو بكين وموسكو
في خضم هذه التطورات، تسارع طهران إلى ترتيب مشاورات عاجلة مع روسيا والصين. وزارة الخارجية الإيرانية أعلنت عقد اجتماع ثلاثي في طهران لمناقشة تطورات الملف النووي، خاصة في ظل تصاعد التهديدات الأوروبية بإعادة فرض العقوبات الأممية.
ويقرأ أبشناس في هذا التحرك "رسالة واضحة إلى الغرب": إيران لم تعد بمفردها في الساحة، وتحظى بغطاء استراتيجي من قوتين تملكان مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن، ولديهما القدرة على تعطيل أي مساعٍ أوروبية لتفعيل العقوبات.
وأشار إلى أن موسكو وبكين قادرتان، من الناحية الإجرائية، على عرقلة تشكيل اللجان الخاصة بالعقوبات داخل مجلس الأمن، مستخدمين حق النقض (الفيتو)، كما هو حاصل اليوم مع ملف كوريا الشمالية.
لكن الضمانات الروسية والصينية – بحسب أبشناس – تبقى أقرب إلى "حصانة سياسية" منها إلى "دعم عسكري مباشر"، وهو ما يؤكده الباحث السياسي إيهاب عباس من واشنطن.
واشنطن تحذّر من الغموض
الرد الأميركي لم يتأخر كثيرًا. الرئيس ترامب ألمح إلى أن الضربات لن تكون الأخيرة، مؤكدًا أن استخدام القوة "مطروح على الطاولة في أي لحظة".
ويذهب الكاتب والبحث السياسي إيهاب عباس إلى أن التصعيد الأميركي الأخير لم يكن عشوائيًا، بل استند إلى معلومات استخباراتية تُفيد بأن البرنامج النووي الإيراني كان يحقق تقدمًا حاسمًا في الآونة الأخيرة. لكنه حذر في المقابل من أن التسرع الأميركي في إعلان نجاح العملية قد يؤدي إلى تبعات عكسية.
ويرى عباس أن دخول إيران في مرحلة الغموض النووي سيصعّب على واشنطن وإسرائيل معرفة واقع البرنامج النووي، وهو ما سيدفعهما إلى تصعيد "الحرب الاستخباراتية" في المرحلة المقبلة. وبهذا، فإن المعركة لم تعد فقط جوية أو سياسية، بل انتقلت إلى مربع جمع المعلومات والسيطرة على تدفقها.
أوروبا في المنتصف
مع تعقد المشهد، تسعى أوروبا إلى لعب دور "الوسيط المحايد"، لكن ذلك لا يبدو كافيًا في نظر إيران. فبحسب أبشناس، تحاول طهران إعادة تعريف المشهد التفاوضي، بتحويل أوروبا من مجرد مراقب إلى طرف مباشر في المحادثات، بينما تسعى لإقصاء واشنطن مؤقتًا أو تقليص نفوذها على الطاولة.
لكن هذا الطموح الإيراني يصطدم – حسب إيهاب عباس – بواقع السياسة الأوروبية المتماهية مع الموقف الأميركي في العمق. فحتى لو أرادت فرنسا أو ألمانيا الانفتاح على إيران، فإن غياب الغطاء الأميركي يجعل أي اتفاق محتمل هشًا وفاقدًا للشرعية الدولية.
ويشير عباس إلى أن الأوروبيين قد يحاولون إقناع إيران بتقديم تنازلات "اقتصادية واستثمارية" مقابل تجميد بعض جوانب البرنامج النووي، وربما التفاوض على اتفاق جديد، لكن دون ضمانات بأنهم قادرون على تنفيذ هذه الالتزامات في غياب الدعم الأميركي.
في جانب آخر من التحليل، يرى عباس أن الضربة الأخيرة كانت بمثابة "الصفعة الأمنية" الكبرى لإيران، بعد سلسلة اختراقات إسرائيلية داخلية، أبرزها عملية اغتيال إسماعيل هنية داخل إيران – بحسب الرواية المتداولة. وهو ما أدى إلى شن طهران حملة اعتقالات وتفكيك خلايا وصفتها بـ"الجواسيس المتعاونين مع الموساد"، في ما يشبه حالة "الاستنفار الداخلي".
لكن بقدر ما كانت هذه الضربة موجعة، فإنها أدت أيضًا إلى يقظة أمنية جديدة، ما سيجعل الاختراقات المقبلة أكثر صعوبة – كما يرى عباس. غير أن فشل إيران في منع أي هجوم أو اغتيال جديد سيكون المعيار الحقيقي لنجاح منظومتها الأمنية الجديدة.
من زاوية أيديولوجية، يشير عباس إلى أن جوهر الأزمة يتجاوز البرنامج النووي بحد ذاته. فإسرائيل، كما يرى، ترى في إيران تهديدًا وجوديًا نابعًا من العقيدة السياسية والثقافية، لا من قدرات إيران التقنية فحسب. وإيران، من جهتها، لا تتوقف عن ترديد شعارات "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، ما يغذي النزاع المستمر ويصعّب أي تسوية دائمة. إنها دائرة مفرغة من الكراهية المتبادلة والعداء العقائدي، وفق تعبيره، تضمن أن المواجهة – حتى لو هدأت – لن تختفي.
في المحصلة، تجد إيران نفسها على مفترق طرق شديد التعقيد. فهي من جهة، تحاول امتصاص الضربة الأميركية وتستثمر في حالة "الغموض النووي" لتثبيت أوراقها التفاوضية. ومن جهة أخرى، تعوّل على دعم روسيا والصين كخط دفاع دبلوماسي في مواجهة آلية الزناد الأوروبية.
لكن واشنطن، بقيادة ترامب، لا تبدو مستعدة لقبول الغموض كبديل عن الحسم، وتلوّح بقوة أن الضربات المقبلة قد تكون أشد وأوسع. في هذا السياق، ستلعب الأيام القليلة المقبلة، وخصوصًا اجتماع الجمعة المرتقب مع الأوروبيين، دورًا محوريًا في تحديد وجهة الأزمة: إلى مفاوضات جديدة؟ أم إلى جولة أخرى من النار والبارود؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
محادثات إسطنبول: هل تكسر أوروبا الجمود النووي مع إيران؟
الاجتماع، الذي عُدّ الأول منذ التصعيد العسكري الأخير، جاء وسط ضغوط غربية متجددة لإعادة إيران إلى طاولة التفاوض بجدية، وفي وقت لا تزال فيه طهران تُلوّح بمواقفها المبدئية حيال العقوبات وآلية الزناد، وتواجه اتهامات بعدم الشفافية بشأن برنامجها النووي. فهل تمثل هذه الجولة بداية مسار دبلوماسي جديد يمكن أن يكسر الجمود؟ أم أن إيران، كما يرى الأوروبيون، تناور لكسب الوقت وتفادي العقوبات دون تقديم تنازلات جوهرية؟ الرؤية الإيرانية: العودة للدبلوماسية دون إملاءات خلال حديثه إلى برنامج " التاسعة" على سكاي نيوز عربية، اعتبر أحمد مهدي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قم، أن هذه الجولة تمثل "منطلقًا جديدًا" لا بد أن يُبنى على منطق الدبلوماسية الصريحة، وليس على التهديدات والضغوط العسكرية. وأكد أن طهران "تريد التوصل إلى اتفاق"، لأن العقوبات أثّرت بعمق في اقتصاد البلاد، معتبرًا أن الإصرار الأوروبي على استخدام آلية الزناد يمثل امتدادًا للرؤية الأميركية وليس تعبيرًا عن حياد أوروبي. وقال مهدي إن الأوروبيين "ينبغي أن يتخلوا عن سياسة الإملاءات الأميركية" وأن يتخذوا موقفًا مستقلًا، منتقدًا بشدة المواقف التي تلمّح إلى إعطاء مهلة زمنية محددة لإيران وإلا فالعقوبات ستعود، معتبراً ذلك ابتزازًا دبلوماسيًا لا يخدم أي مسار تفاوضي. كما أكد أن إيران ملتزمة بما أسماه "الخط الاستراتيجي" في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ، مستندًا إلى أكثر من 14 تقريرًا من الو كالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أن إيران "لم تنحرف" عن التزاماتها، وأن الادعاءات الغربية بشأن سوء النوايا "لا تستند إلى أي دليل حقيقي". سياق ما بعد الحرب: أوراق جديدة ومناخ متغير يرى مهدي أن مرحلة ما بعد الحرب غيّرت المشهد تمامًا، مشيرًا إلى أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة دمّرت جزءًا كبيرًا من المنشآت النووية الإيرانية. واعتبر أن الأسئلة الغربية حول مصير اليورانيوم المخصب أو أجهزة الطرد المركزي"تجاهلت عمداً التقارير والتفتيشات الدولية التي سبقت الحرب"، متهمًا واشنطن بأنها تسعى الآن للتفاوض على برنامج "قُصف ودُمّر بالفعل". ورأى أن على الترويكا الأوروبية أن تلتزم بوعودها السابقة، متذكراً تعهدات قادة أوروبيين مثل ماكرون وميركل وبوريس جونسون بإنشاء قنوات بديلة لتبادل مالي مع إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، وهي وعود لم تُنفذ، مما زاد من أزمة الثقة بين طهران والغرب. في المقابل، جاءت المقاربة الأوروبية شديدة التحفظ والحذر، حيث اعتبر رامي خليفة العلي، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة باريس، أن الأوروبيين لا يلمسون إرادة حقيقية من إيران للوصول إلى اتفاق، رغم حرصهم على البقاء في موقع "الوسيط النزيه" بين طهران وواشنطن. وأشار العلي إلى عدة عوامل تثير الشكوك الأوروبية، أبرزها: 1. غياب الشفافية: إذ لا تزال إيران ترفض التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 2. المخزون النووي المقلق: حيث بلغت كمية اليورانيوم المخصب نحو 400 كغم، وبعضها بنسبة 60%، وهو ما يقترب من النسبة المطلوبة لصناعة قنبلة نووية. 3. أجهزة الطرد المركزي المتقدمة: إيران طورت نماذج حتى الجيل الثامن، مما يشير إلى تسارع تقني يثير الريبة. 4. الخطاب المزدوج: حيث تقول طهران شيئًا في المفاوضات، وتمارس سياسة مغايرة في الداخل والإقليم. كما اتهم العلي طهران باستخدام أسلوب الابتزاز السياسي عبر التهديد بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال أعيد فرض العقوبات، ورفضها النقاش حول ملفات حساسة كبرنامجها الصاروخي أو دعم الميليشيات المسلحة، والتي تُصنف في أوروبا كمنظمات إرهابية. مفاوضات مهددة بالفشل: من الميدان إلى الطاولة.. والعكس وارد من جهة أخرى، أوضح العلي أن الأوروبيين يشعرون بقلق بالغ من احتمال عودة المواجهة العسكرية سواء من الجانب الإسرائيلي أو الأميركي، وهو ما تحاول المفاوضات الحالية تفاديه. إلا أن غياب المؤشرات الإيجابية من الطرف الإيراني قد يؤدي إلى نتيجة معاكسة، لا سيما أن بعض الأطراف داخل الغرب ترى أن طهران تشتري الوقت بهدف تعزيز مكاسبها التقنية على الأرض. وأشار إلى أن الأوروبيين يدركون أن القرار النهائي إيرانيًا هو سياسي، فامتلاك الإمكانيات التقنية لوحده لا يعني بالضرورة السعي لامتلاك سلاح نووي، لكن غياب جهة رقابية مستقلة وشفافة يمنع تأكيد حسن النوايا الإيرانية. وبحسب العلي، فإن الجانب الأوروبي لا يرفض بالمطلق رفع العقوبات، بل يرى أن ذلك يجب أن يتم ضمن "سلة متكاملة" تشمل البرنامج النووي ، الصواريخ الباليستية ، ودور إيران في المنطقة. ودون ذلك، فإن أي اتفاق جزئي يبقى هشًا، وعرضة للانهيار في أول مواجهة ميدانية أو سياسية. مستقبل المفاوضات.. خيارات محدودة ومسارات متضادة في ضوء المواقف المتضاربة، فإن مستقبل هذه المفاوضات يبدو مهددًا على مستويين: أوروبيًا، فإن فشل المحادثات يعني العودة إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية الزناد، ما يعني إعادة فرض العقوبات تلقائيًا، الأمر الذي يزيد من عزلة إيران ويُصعّب فرص التهدئة. أميركيًا وإسرائيليًا، فإن تعثّر الحوار قد يُفسر بأنه دليل على وجود "نية خفية" لدى إيران، ما يفتح الباب مجددًا أمام الخيارات العسكرية، خاصة أن الحرب الأخيرة أظهرت تصاعدًا غير مسبوق في مستوى الاشتباك المباشر بين إسرائيل وإيران. رغم النبرة الدبلوماسية الظاهرة على تصريحات طهران و الترويكا الأوروبية ، فإن الواقع على الأرض لا يعكس ثقة متبادلة. إيران تتمسك بمواقفها، وتتهم الأوروبيين بالتبعية لواشنطن، فيما ترى أوروبا أن طهران تحاول المناورة وكسب الوقت في ظل غياب الشفافية. أما الضامن الوحيد، فهو غياب البديل الآمن عن التفاوض، مما قد يدفع الجانبين مجددًا إلى البحث عن تسوية، وإن جاءت متأخرة. ويبقى السؤال الأهم مطروحًا: هل تنجح جولة إسطنبول في فتح نافذة جديدة قبل أن يُغلق باب الدبلوماسية تمامًا؟


الإمارات اليوم
منذ 6 ساعات
- الإمارات اليوم
عقوبات النفط الأميركية «غير فعّالة» في ردع خصومها
في يونيو الماضي، وبينما كانت القنابل تتساقط على طهران، حدث أمر مثير للدهشة! لقد ارتفعت صادرات إيران من النفط الخام ارتفاعاً حاداً لفترة وجيزة، ولم يثنِ القصف إيران عن شحن النفط، ولم يثنِ عملاءها في الصين عن الاستمرار في شراء النفط، متحدية العقوبات. وفي حين أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يكن يرغب على الأرجح في أن تقصف إسرائيل منشآت الطاقة، إلا أن سبب نجاح إيران كان بسيطاً: لم تعد العقوبات فعّالة. على الأقل، ليس كما كان مقصوداً منها في الأصل. وتُعتبر العقوبات أدوات قسرية تُلحق الضرر الاقتصادي بالدولة حتى تُغير سلوكها. أما عملياً، فتقاوم الدول العقوبات، وتتحمل تكاليفها، بينما تبحث عن سبل للالتفاف عليها. فبدلاً من تغيير سلوك الدولة، تُغير العقوبات الأسواق وتُعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية، معيدة توجيه النفط إلى قنوات مبنية على الجغرافيا السياسية بدلاً من المنطق التجاري. والآن يقترب عصر عقوبات النفط كأداة قسرية من نهايته. وبينما لايزال كثيرون في واشنطن يميلون إلى مضاعفة العقوبات كأداة للانفصال عن الصين، فإن السياسة الأميركية ستكون أكثر فاعلية بالتحول إلى أدوات أخرى أقل إرباكاً. وتُظهر حالتا إيران وروسيا، صعود العقوبات النفطية وهبوطها كأداة للحكم الاقتصادي. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، تسببت العقوبات المعاد فرضها في انخفاض صادرات إيران النفطية، حيث لجأ عملاؤها التقليديون في أوروبا الغربية وشرق آسيا إلى مصادر بديلة. وانخفضت صادرات إيران إلى نحو (الصفر) في عام 2020 خلال الجائحة. ومع ذلك، بمجرد انتهاء القيود المتعلقة بالجائحة، ارتفعت مشتريات الصين من النفط الخام الإيراني بشكل كبير، حيث وصلت أخيراً إلى نحو مليوني برميل يومياً، ما أعاد إجمالي صادرات إيران إلى ما يقارب مستويات ما قبل العقوبات. وتعتمد الصين على إيران في نحو 14.6% من إجمالي وارداتها من النفط الخام. وبدل أن تختفي، أُعيد تشكيل سوق النفط الإيرانية بما يتماشى مع الواقع الجديد الذي خلقته العقوبات. فبينما لايزال العملاء التقليديون يحجمون عن التعامل مع النفط الإيراني، أصبح أكثر جاذبية للمشترين غير المتأثرين بالعقوبات، وتحديداً المصافي الصينية الأصغر حجماً، المعروفة باسم «أباريق الشاي»، والتي تلبي الطلب المحلي وتتعامل عبر قنوات مالية لا تتعامل بالدولار. ولا ترغب بكين في تطوير علاقتها أكثر مع طهران، كما حجبت بيانات الجمارك التجارية للحفاظ على السرية. وعلى عكس العقوبات المفروضة على إيران، استهدفت عقوبات واشنطن لعام 2022 على النفط الروسي موارد البلاد المالية بدل تدفقها الفعلي. وكانت تدابير مثل تحديد سقف سعر مجموعة السبع تهدف إلى الحد من قدرة روسيا على تحقيق الإيرادات دون إزالة الصادرات الروسية من السوق، وهو أمر رأى القادة الغربيون أنه سيؤثر سلباً في الأسعار. لكن استهداف الإيرادات الروسية لم يفلح كما هو مأمول، فرغم الضغوط، صمدت الموارد المالية الروسية، على الرغم من أن موسكو، كغيرها من المنتجين، تكافح مع انخفاض الأسعار. وبعد إبعادها عن أوروبا، السوق الطبيعية لمنتجاتها، تُصدّر روسيا الآن نفطها الخام عبر طرق ملتوية إلى آسيا، حيث يشهد طلباً كبيراً عليه من قبل مصافي التكرير. وتتيح العقوبات ثغرات تجارية جذابة للهند، حيث تشتري مصافي التكرير هناك النفط الروسي بخصم كبير، ثم تعيد تصدير المنتجات إلى أوروبا، محققة أرباحاً طائلة. وكما هي الحال مع إيران، تستفيد بكين من تقييد الطاقة الروسية بسوقها المحلية الضخمة، محتفظة بمصدر مفيد للضغط المُحتمل في علاقتها مع موسكو. وفي الحالتين، لم تُغير العقوبات سلوك الدول، فقد تحدت إيران الضغوط الأميركية بشأن برنامجها النووي، بينما لم تتراجع روسيا بشأن أوكرانيا، بل إن الجهود المبذولة لعزل كلا البلدين عن سوق النفط العالمية جعلتهما يعتمدان على الطلب الصيني، ووفرت لبكين بدورها مصادر للنفط الخام ومنتجات أخرى. وكانت هناك آثار جانبية سلبية أخرى. فبينما أضعفت العقوبات الاقتصادين الروسي والإيراني بشكل طفيف، فقد عززت، في المجمل، السياسات المعادية للولايات المتحدة في كل منهما. وعلاوة على ذلك، تتناقص عوائد العقوبات. ومع تراجع تأثر طهران وموسكو بالاقتصاد العالمي، تقل خسائرهما من فرض المزيد من العقوبات. وبينما تواصل الولايات المتحدة تطبيق تدابير جديدة تستند إلى فهم معمق لشبكات النفط غير المشروعة، فإنها لا تستطيع وقف تدفق النفط تماماً. عن «فورين بوليسي» . الصين تعتمد على إيران في نحو 14.6% من إجمالي وارداتها من النفط الخام. . العقوبات تتيح ثغرات تجارية جذابة للهند، حيث تشتري مصافي التكرير النفط الروسي بخصم كبير ثم تعيد تصدير المنتجات إلى أوروبا.


الإمارات اليوم
منذ 6 ساعات
- الإمارات اليوم
«الكرملين» يستبعد لقاء بوتين وزيلينسكي خلال 30 يوماً
استبعد «الكرملين»، أمس، عقد لقاء بين الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين خلال 30 يوماً، بعدما اقترحت كييف عقد قمة بينهما قبل نهاية أغسطس. وقال المتحدث باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، للصحافيين: «يمكن، بل يجب، أن ينهي اجتماع رفيع المستوى عملية التسوية بشكل حاسم. لكن هل من الممكن إنجاز عملية على هذه الدرجة من التعقيد خلال 30 يوماً؟ من الواضح أن ذلك غير مرجح».