logo
ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟

ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟

الوسط٠٦-٠٥-٢٠٢٥

Getty Images
كانت تلك الجزيرة التي تضم أول منارة على الساحل الغربي للولايات المتحدة - بُنيت في منتصف القرن التاسع عشر لتوجيه السفن عبر مياه المحيط الهادئ، كما كانت حصناً دفاعياً مزوّداً بمئات المدافع لحماية كاليفورنيا من أي هجوم بحري.
كذلك، لم تخلُ من اللمسة البيئية، إذ كانت محمية طبيعية للبجع، الذي اشتُق اسمها منه.
لكن شهرة "ألكاتراز" ترسّخت خلال السنوات التي تحوّلت فيها هذه الصخرة المطلة على خليج سان فرانسيسكو شمالي كاليفورنيا إلى سجن فيدرالي شديد الحراسة، احتُجز فيه بعض من أخطر رجال العصابات في الولايات المتحدة.
بين عامي 1934 و1963، أصبح السجن، المعروف أيضاً باسم "ذا روك" أو "الصخرة"، المكان الذي يُرسَل إليه المجرمون الذين يُعدّون خطرين للغاية على السجون التقليدية في البر الرئيسي.
أشهر محاولات الهروب وقعت عام 1962، حين اختفى ثلاثة سجناء ولم يُعثر على أثر لهم. ومع ذلك، ما تزال الأساطير التي تحيط بجدران السجن تتغذّى على الروايات الشفهية وأفلام هوليوود.
واليوم، أمر الرئيس دونالد ترامب بإعادة فتح السجن الأكثر شهرة في البلاد وتوسيعه ليُستخدم في احتجاز "أكثر المجرمين شراسةً وعنفاً في أمريكا".
ورغم شهرته العالمية، إليكم خمس حقائق قد لا تعرفونها عن "ألكاتراز".
Getty Images
أصبح سجن ألكاتراز وجهة سياحية.
سجن نموذجي؟
في جزيرة صخرية قاحلة تقع في شمال المحيط الهادئ، أُنشئت أولى التحصينات في "ألكاتراز" حوالي عام 1850، واستُخدمت حينها كسجن عسكري.
كانت السلطات تعتقد أن العزلة الجغرافية وحدها كفيلة بمنع أي محاولة للهروب، نظراً لشدة التيارات المائية المحيطة وانخفاض درجات حرارة المياه.
وبحلول عام 1912، أصبح في الجزيرة أكبر مبنى خرساني مُسلّح في العالم.
لكن في عام 1933، بدأت "ألكاتراز" في ترسيخ سمعتها كمرفق احتجاز من نوع خاص؛ إذ وصفتها مصلحة السجون الفيدرالية بأنها "سجن السجون".
ففي الواقع، كان الوجهة النهائية لمن لا يُمكن ضبطهم في أي سجن أمريكي آخر؛ المجرمون الأكثر تمرداً وخطورة.
Getty Images
كان الهروب من ألكاتراز صعباً للغاية.
كما كان "ألكاتراز" نموذجاً تجريبياً لما عُرف لاحقاً بنظام الحراسة (ثلاثة بواحد)، حيث يُخصص حارس واحد لكل ثلاثة سجناء، وهو نظام طُبّق لاحقاً في سجون فيدرالية أخرى.
أول مدير للسجن كان جيمس جونستون، الذي لم يكن يرى في السجن وسيلة لإعادة التأهيل أو دمج النزلاء في المجتمع، بل مكانٌ للانضباط الصارم.
وبموجب سياساته، خُصّصت زنزانة فردية لكل سجين: فبعيداً عن كونه ترفاً، كان يعتقد أن الحبس الانفرادي وسيلة لمنع المؤامرات والدسائس.
أما القاعدة الأشد قسوة، بحسب شهادات نزلاء السجن، فكانت قاعدة الصمت الصارم؛ إذ لم يكن يُسمح للسجناء بالتحدث إلا خلال فترات الاستراحة في عطلات نهاية الأسبوع. أما مَن خالف القواعد، فكان مصيره "الحفرة"؛ وهي غرفة تحت الأرض قد يُحتجز فيها السجين لأسابيع كاملة.
أعداد قليلة، لكن أسماء كبيرة
Getty Images
كان السجناء في زنزانات فردية في ألكاتراز.
بحسب مصلحة السجون الفيدرالية "بي أو بي- BOP"، لم يتجاوز عدد نزلاء "ألكاتراز" في أي وقتٍ طاقته الاستيعابية القصوى.
فقد كان يؤوي في المتوسط ما بين 260 و275 سجيناً فقط، أي أقل من 1 في المئة من إجمالي السجناء الفيدراليين. لكن رغم قلّة الأعداد، كانت الأسماء خلف القضبان لامعة؛ إذ ضمّ السجن شخصيات بارزة من عالم الجريمة المنظمة، خصوصاً خلال فترة الكساد الكبير.
أشهرهم دون منازع كان ألفونس "آل" كابوني، زعيم العصابات الشهير والمهرّب المعروف، والذي كان يقود إحدى أخطر المنظمات الإجرامية انطلاقاً من شيكاغو.
نُقل كابوني إلى "ألكاتراز" بعد أن فشلت سلطات سجن أتلانتا في منعه من إدارة نشاطاته الإجرامية من داخل الزنزانة. قضى أكثر من أربع سنوات في "ذا روك"، قبل أن يُنقل إلى منشأة أخرى عقب إصابته بمرض الزهري.
ومن بين الأسماء التي تجاوز صيتها جدران السجن، روبرت ستراود، المدان بجريمة قتل، والذي اشتهر بلقب "مراقب طيور ألكاتراز".
كان مولعاً بالطيور واحتفظ بعدد منها خلال فترة سجنه السابقة في كانساس، لكن وجود الحيوانات الأليفة كان محظوراً في "ألكاتراز"، ما جعله يواصل شغفه بعلم الطيور من خلال الكتب فقط.
Getty Images
كان "آل" كابوني أحد أشهر نزلاء سجن ألكاتراز.
كان ألفين كاربوفيتز، المعروف بلقبه "كريبي كاربِس"، يُعد "العدو العام رقم 1" على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو أيضاً السجين الذي قضى أطول مدة في "ألكاتراز"، حيث أمضى فيه 25 عاماً وشهراً واحداً.
ومن بين الأسماء التي مرّت بهذه الزنازين أيضاً، رجل العصابات جورج "ماشين غن" كيلي بارنز، ورافاييل كانسيل ميرندا، عضو الحزب القومي البورتوريكي، الذي كان أحد منفّذي الهجوم المسلّح على مبنى الكابيتول في واشنطن خلال خمسينيات القرن العشرين.
محاولات هروب... محبطة
عند تصميم "ألكاتراز"، حرص المهندسون على جعله سجناً لا يُخترق؛ مزوّداً بأسلاك شائكة، وأسوار مكهربة، وأبراج مراقبة يقف فيها حرّاس مسلحون على مدار الساعة.
ومع ذلك، لم يمنع ذلك العشرات من محاولة الهرب. تشير السجلات الرسمية إلى وقوع 14 محاولة فرار خلال نحو ثلاثة عقود، شارك فيها 36 سجيناً. ووفقاً لمصلحة السجون الفيدرالية، أُعيد القبض على 23 منهم، فيما قُتل ستة خلال محاولات الهروب، وغرق اثنان آخران.
لكن خمسة من السجناء لم يُعثر عليهم أبداً؛ وصنّفتهم السلطات على أنهم "مفقودون"، رغم أن بعض الروايات غير الرسمية ترجّح نجاحهم بالفرار.
وقعت أول محاولة هروب عام 1936، بعد عامين فقط من تحويل "ذا روك" إلى سجن فيدرالي، وكانت محاولة يائسة وبسيطة؛ إذ حاول سجين يُدعى جو باورز تسلق جدار السجن، لكنه قُتل برصاص الحراس عندما تجاهل أوامرهم بالتوقف.
أما المحاولات الأكثر تعقيداً، فجاءت بعد نحو عقد من الزمن.
في عام 1945، كاد جون جايلز أن ينجح في الفرار، بعدما سرق زياً عسكرياً وزوّر وثائق مكّنته من الصعود على متن سفينة عسكرية وصلت إلى البر الرئيسي. غير أن السلطات لاحظت اختلافاً في تفاصيل زيه، مما أدى إلى كشفه وإعادة اعتقاله.
وفي عام 1946، شهد السجن أكثر محاولات الهروب عنفاً، عُرفت لاحقاً باسم "معركة ألكاتراز". ستة سجناء تمكنوا من الاستيلاء على أسلحة نارية، وقتلوا اثنين من الحراس وأصابوا 18 آخرين، لكن خطتهم فشلت في النهاية ولم يتمكنوا من الهرب.
Getty Images
خلال معركة ألكاتراز، حُبس سبعة حراس في هذه الزنزانة على يد سجناء أحدثوا شغباً.
وقعت آخر محاولتين للهروب في عام 1962، وكانتا بمثابة الختم الأخير على مصير "ألكاتراز" كسجن.
في المحاولة الأولى، نجح السجناء فرانك موريس والأخوان كلارنس وجون أنجلين في الفرار دون أن يتركوا أثراً يُذكر، باستثناء بعض المتعلقات الشخصية التي عُثر عليها في جزيرة "أنجل آيلاند" القريبة. وقد سُجلوا في التقارير الرسمية كمفقودين يُفترض أنهم غرقوا.
وفي المحاولة الثانية، تمكّن جون سكوت ودارل باركر من كسر القضبان والهرب عبر مطبخ في الطابق السفلي، إلا أن السلطات اعترضتهما في مياه الجزيرة وأعادت القبض عليهما.
صناعة هوليوودية
ساهمت السينما الأمريكية بشكل كبير في ترسيخ صورة "ألكاتراز" في الوعي الجمعي، وإن لم تكن دائماً دقيقة أو وفية للحقائق التي وثّقها المؤرخون وصنّاع الأفلام الوثائقية.
فبحسب متحدث باسم مصلحة السجون الفيدرالية : "ألكاتراز لم يكن السجن الملعون في الولايات المتحدة كما تصوّره كثير من الكتب والأفلام. بل إن بعض السجناء اعتبروا ظروف العيش فيه، مثل الزنازين الفردية، أفضل من تلك الموجودة في سجون فيدرالية أخرى".
واحدة من أكثر الأعمال شهرة كانت فيلم "الهروب من ألكاتراز" الذي صدر عام 1979، وقام ببطولته كلينت إيستوود. يروي الفيلم محاولة الهروب التي قام بها فرانك موريس والأخوان أنجلين، ويُلمح إلى نجاحهم في الوصول إلى اليابسة، رغم عدم وجود دليل قاطع حتى اليوم على ذلك.
أما شهرة روبرت ستراود، المعروف بـ"مراقب الطيور"، فقد تعززت من خلال كتابٍ تناول سيرته، تحوّل لاحقاً إلى فيلم عام 1972 من بطولة بيرت لانكستر.
ومن الأعمال اللافتة أيضاً فيلم "جريمة من الدرجة الأولى"، الذي صوّر السجين هنري تيودور يونغ كيتيمٍ وحيداً دخل السجن بسبب جريمة بسيطة. غير أن السجلات المعاصرة تشير إلى أن يونغ كان يمتلك سجلاً إجرامياً حافلاً، وأضاف إليه لاحقاً جريمة قتل داخل السجن.
وفي السنوات الأخيرة، عاد "ألكاتراز" إلى الشاشة من جديد، فكان الموقع الرئيسي لأحداث فيلم "ذا روك" عام 1996، من بطولة نيكولاس كيج وشون كونري. كما استُلهم اسمه في لعبة فيديو، وظهر كذلك في المسلسل التلفزيوني "ألكاتراز" الذي عُرض عام 2012، لكنه لم يُجدَّد بعد موسمه الأول.
Getty Images
بيرت لانكستر، الذي لعب دور روبرت ستراود في فيلم "رجل الطيور في ألكاتراز".
لماذا أُغلق السجن؟
إلى جانب محاولات الهروب المتكررة، كانت تكلفة تشغيل "ألكاتراز" أحد الأسباب الرئيسية وراء إغلاقه رسمياً عام 1963. فقد قدّرت وزارة العدل الأمريكية حينها أن صيانة منشآته المتآكلة بفعل ملوحة البحر تتطلب استثماراً يفوق خمسة ملايين دولار، في حين كانت تكلفة احتجاز السجين الواحد تقترب من عشرة دولارات يومياً، وهي ميزانية تفوق بكثير تكلفة النزلاء في السجون الأخرى.
لكن إغلاق السجن لم يُبقِ الجزيرة مهجورة لفترة طويلة. ففي عام 1969، استولى عليها نشطاء من السكان الأصليين، تجمعوا تحت اسم "أبناء جميع القبائل"، وأطلقوا مشروعاً لتحويل الجزيرة إلى مدرسة ومركز ثقافي. وقد استندوا في مطالبتهم إلى حقوق تاريخية في الجزيرة، التي كانت في القرن التاسع عشر مكاناً لحبس زعماء القبائل الذين تمرّدوا على الحكومة الأمريكية.
إلا أن المشروع لم يصمد طويلًا بسبب عدة تحديات، من بينها صعوبات التمويل، والتكاليف الباهظة لنقل الإمدادات إلى الجزيرة، فضلاً عن خلافات داخلية بين النشطاء، واندلاع حريق كبير دمّر أجزاء من المنشآت المتبقية، ما دفع الرئيس الأمريكي آنذاك، ريتشارد نيكسون، إلى إصدار أمر بإخلاء الجزيرة في عام 1971.
اليوم، أصبحت "ألكاتراز" من أبرز المعالم السياحية في سان فرانسيسكو، ويزورها سنويًاً نحو 1.3 مليون سائح. كما تُعد نقطة الانطلاق لسباق "الهروب من ألكاتراز" الثلاثي الشهير، الذي يشارك فيه مئات الرياضيين لإثبات أن الفرار من الجزيرة إلى اليابسة ليس مستحيلاً، بشرط توفر التدريب والمعدات المناسبة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟
ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟

الوسط

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • الوسط

ماذا نعرف عن سجن ألكاتراز الذي أمر ترامب بإعادة فتحه؟

Getty Images كانت تلك الجزيرة التي تضم أول منارة على الساحل الغربي للولايات المتحدة - بُنيت في منتصف القرن التاسع عشر لتوجيه السفن عبر مياه المحيط الهادئ، كما كانت حصناً دفاعياً مزوّداً بمئات المدافع لحماية كاليفورنيا من أي هجوم بحري. كذلك، لم تخلُ من اللمسة البيئية، إذ كانت محمية طبيعية للبجع، الذي اشتُق اسمها منه. لكن شهرة "ألكاتراز" ترسّخت خلال السنوات التي تحوّلت فيها هذه الصخرة المطلة على خليج سان فرانسيسكو شمالي كاليفورنيا إلى سجن فيدرالي شديد الحراسة، احتُجز فيه بعض من أخطر رجال العصابات في الولايات المتحدة. بين عامي 1934 و1963، أصبح السجن، المعروف أيضاً باسم "ذا روك" أو "الصخرة"، المكان الذي يُرسَل إليه المجرمون الذين يُعدّون خطرين للغاية على السجون التقليدية في البر الرئيسي. أشهر محاولات الهروب وقعت عام 1962، حين اختفى ثلاثة سجناء ولم يُعثر على أثر لهم. ومع ذلك، ما تزال الأساطير التي تحيط بجدران السجن تتغذّى على الروايات الشفهية وأفلام هوليوود. واليوم، أمر الرئيس دونالد ترامب بإعادة فتح السجن الأكثر شهرة في البلاد وتوسيعه ليُستخدم في احتجاز "أكثر المجرمين شراسةً وعنفاً في أمريكا". ورغم شهرته العالمية، إليكم خمس حقائق قد لا تعرفونها عن "ألكاتراز". Getty Images أصبح سجن ألكاتراز وجهة سياحية. سجن نموذجي؟ في جزيرة صخرية قاحلة تقع في شمال المحيط الهادئ، أُنشئت أولى التحصينات في "ألكاتراز" حوالي عام 1850، واستُخدمت حينها كسجن عسكري. كانت السلطات تعتقد أن العزلة الجغرافية وحدها كفيلة بمنع أي محاولة للهروب، نظراً لشدة التيارات المائية المحيطة وانخفاض درجات حرارة المياه. وبحلول عام 1912، أصبح في الجزيرة أكبر مبنى خرساني مُسلّح في العالم. لكن في عام 1933، بدأت "ألكاتراز" في ترسيخ سمعتها كمرفق احتجاز من نوع خاص؛ إذ وصفتها مصلحة السجون الفيدرالية بأنها "سجن السجون". ففي الواقع، كان الوجهة النهائية لمن لا يُمكن ضبطهم في أي سجن أمريكي آخر؛ المجرمون الأكثر تمرداً وخطورة. Getty Images كان الهروب من ألكاتراز صعباً للغاية. كما كان "ألكاتراز" نموذجاً تجريبياً لما عُرف لاحقاً بنظام الحراسة (ثلاثة بواحد)، حيث يُخصص حارس واحد لكل ثلاثة سجناء، وهو نظام طُبّق لاحقاً في سجون فيدرالية أخرى. أول مدير للسجن كان جيمس جونستون، الذي لم يكن يرى في السجن وسيلة لإعادة التأهيل أو دمج النزلاء في المجتمع، بل مكانٌ للانضباط الصارم. وبموجب سياساته، خُصّصت زنزانة فردية لكل سجين: فبعيداً عن كونه ترفاً، كان يعتقد أن الحبس الانفرادي وسيلة لمنع المؤامرات والدسائس. أما القاعدة الأشد قسوة، بحسب شهادات نزلاء السجن، فكانت قاعدة الصمت الصارم؛ إذ لم يكن يُسمح للسجناء بالتحدث إلا خلال فترات الاستراحة في عطلات نهاية الأسبوع. أما مَن خالف القواعد، فكان مصيره "الحفرة"؛ وهي غرفة تحت الأرض قد يُحتجز فيها السجين لأسابيع كاملة. أعداد قليلة، لكن أسماء كبيرة Getty Images كان السجناء في زنزانات فردية في ألكاتراز. بحسب مصلحة السجون الفيدرالية "بي أو بي- BOP"، لم يتجاوز عدد نزلاء "ألكاتراز" في أي وقتٍ طاقته الاستيعابية القصوى. فقد كان يؤوي في المتوسط ما بين 260 و275 سجيناً فقط، أي أقل من 1 في المئة من إجمالي السجناء الفيدراليين. لكن رغم قلّة الأعداد، كانت الأسماء خلف القضبان لامعة؛ إذ ضمّ السجن شخصيات بارزة من عالم الجريمة المنظمة، خصوصاً خلال فترة الكساد الكبير. أشهرهم دون منازع كان ألفونس "آل" كابوني، زعيم العصابات الشهير والمهرّب المعروف، والذي كان يقود إحدى أخطر المنظمات الإجرامية انطلاقاً من شيكاغو. نُقل كابوني إلى "ألكاتراز" بعد أن فشلت سلطات سجن أتلانتا في منعه من إدارة نشاطاته الإجرامية من داخل الزنزانة. قضى أكثر من أربع سنوات في "ذا روك"، قبل أن يُنقل إلى منشأة أخرى عقب إصابته بمرض الزهري. ومن بين الأسماء التي تجاوز صيتها جدران السجن، روبرت ستراود، المدان بجريمة قتل، والذي اشتهر بلقب "مراقب طيور ألكاتراز". كان مولعاً بالطيور واحتفظ بعدد منها خلال فترة سجنه السابقة في كانساس، لكن وجود الحيوانات الأليفة كان محظوراً في "ألكاتراز"، ما جعله يواصل شغفه بعلم الطيور من خلال الكتب فقط. Getty Images كان "آل" كابوني أحد أشهر نزلاء سجن ألكاتراز. كان ألفين كاربوفيتز، المعروف بلقبه "كريبي كاربِس"، يُعد "العدو العام رقم 1" على قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو أيضاً السجين الذي قضى أطول مدة في "ألكاتراز"، حيث أمضى فيه 25 عاماً وشهراً واحداً. ومن بين الأسماء التي مرّت بهذه الزنازين أيضاً، رجل العصابات جورج "ماشين غن" كيلي بارنز، ورافاييل كانسيل ميرندا، عضو الحزب القومي البورتوريكي، الذي كان أحد منفّذي الهجوم المسلّح على مبنى الكابيتول في واشنطن خلال خمسينيات القرن العشرين. محاولات هروب... محبطة عند تصميم "ألكاتراز"، حرص المهندسون على جعله سجناً لا يُخترق؛ مزوّداً بأسلاك شائكة، وأسوار مكهربة، وأبراج مراقبة يقف فيها حرّاس مسلحون على مدار الساعة. ومع ذلك، لم يمنع ذلك العشرات من محاولة الهرب. تشير السجلات الرسمية إلى وقوع 14 محاولة فرار خلال نحو ثلاثة عقود، شارك فيها 36 سجيناً. ووفقاً لمصلحة السجون الفيدرالية، أُعيد القبض على 23 منهم، فيما قُتل ستة خلال محاولات الهروب، وغرق اثنان آخران. لكن خمسة من السجناء لم يُعثر عليهم أبداً؛ وصنّفتهم السلطات على أنهم "مفقودون"، رغم أن بعض الروايات غير الرسمية ترجّح نجاحهم بالفرار. وقعت أول محاولة هروب عام 1936، بعد عامين فقط من تحويل "ذا روك" إلى سجن فيدرالي، وكانت محاولة يائسة وبسيطة؛ إذ حاول سجين يُدعى جو باورز تسلق جدار السجن، لكنه قُتل برصاص الحراس عندما تجاهل أوامرهم بالتوقف. أما المحاولات الأكثر تعقيداً، فجاءت بعد نحو عقد من الزمن. في عام 1945، كاد جون جايلز أن ينجح في الفرار، بعدما سرق زياً عسكرياً وزوّر وثائق مكّنته من الصعود على متن سفينة عسكرية وصلت إلى البر الرئيسي. غير أن السلطات لاحظت اختلافاً في تفاصيل زيه، مما أدى إلى كشفه وإعادة اعتقاله. وفي عام 1946، شهد السجن أكثر محاولات الهروب عنفاً، عُرفت لاحقاً باسم "معركة ألكاتراز". ستة سجناء تمكنوا من الاستيلاء على أسلحة نارية، وقتلوا اثنين من الحراس وأصابوا 18 آخرين، لكن خطتهم فشلت في النهاية ولم يتمكنوا من الهرب. Getty Images خلال معركة ألكاتراز، حُبس سبعة حراس في هذه الزنزانة على يد سجناء أحدثوا شغباً. وقعت آخر محاولتين للهروب في عام 1962، وكانتا بمثابة الختم الأخير على مصير "ألكاتراز" كسجن. في المحاولة الأولى، نجح السجناء فرانك موريس والأخوان كلارنس وجون أنجلين في الفرار دون أن يتركوا أثراً يُذكر، باستثناء بعض المتعلقات الشخصية التي عُثر عليها في جزيرة "أنجل آيلاند" القريبة. وقد سُجلوا في التقارير الرسمية كمفقودين يُفترض أنهم غرقوا. وفي المحاولة الثانية، تمكّن جون سكوت ودارل باركر من كسر القضبان والهرب عبر مطبخ في الطابق السفلي، إلا أن السلطات اعترضتهما في مياه الجزيرة وأعادت القبض عليهما. صناعة هوليوودية ساهمت السينما الأمريكية بشكل كبير في ترسيخ صورة "ألكاتراز" في الوعي الجمعي، وإن لم تكن دائماً دقيقة أو وفية للحقائق التي وثّقها المؤرخون وصنّاع الأفلام الوثائقية. فبحسب متحدث باسم مصلحة السجون الفيدرالية : "ألكاتراز لم يكن السجن الملعون في الولايات المتحدة كما تصوّره كثير من الكتب والأفلام. بل إن بعض السجناء اعتبروا ظروف العيش فيه، مثل الزنازين الفردية، أفضل من تلك الموجودة في سجون فيدرالية أخرى". واحدة من أكثر الأعمال شهرة كانت فيلم "الهروب من ألكاتراز" الذي صدر عام 1979، وقام ببطولته كلينت إيستوود. يروي الفيلم محاولة الهروب التي قام بها فرانك موريس والأخوان أنجلين، ويُلمح إلى نجاحهم في الوصول إلى اليابسة، رغم عدم وجود دليل قاطع حتى اليوم على ذلك. أما شهرة روبرت ستراود، المعروف بـ"مراقب الطيور"، فقد تعززت من خلال كتابٍ تناول سيرته، تحوّل لاحقاً إلى فيلم عام 1972 من بطولة بيرت لانكستر. ومن الأعمال اللافتة أيضاً فيلم "جريمة من الدرجة الأولى"، الذي صوّر السجين هنري تيودور يونغ كيتيمٍ وحيداً دخل السجن بسبب جريمة بسيطة. غير أن السجلات المعاصرة تشير إلى أن يونغ كان يمتلك سجلاً إجرامياً حافلاً، وأضاف إليه لاحقاً جريمة قتل داخل السجن. وفي السنوات الأخيرة، عاد "ألكاتراز" إلى الشاشة من جديد، فكان الموقع الرئيسي لأحداث فيلم "ذا روك" عام 1996، من بطولة نيكولاس كيج وشون كونري. كما استُلهم اسمه في لعبة فيديو، وظهر كذلك في المسلسل التلفزيوني "ألكاتراز" الذي عُرض عام 2012، لكنه لم يُجدَّد بعد موسمه الأول. Getty Images بيرت لانكستر، الذي لعب دور روبرت ستراود في فيلم "رجل الطيور في ألكاتراز". لماذا أُغلق السجن؟ إلى جانب محاولات الهروب المتكررة، كانت تكلفة تشغيل "ألكاتراز" أحد الأسباب الرئيسية وراء إغلاقه رسمياً عام 1963. فقد قدّرت وزارة العدل الأمريكية حينها أن صيانة منشآته المتآكلة بفعل ملوحة البحر تتطلب استثماراً يفوق خمسة ملايين دولار، في حين كانت تكلفة احتجاز السجين الواحد تقترب من عشرة دولارات يومياً، وهي ميزانية تفوق بكثير تكلفة النزلاء في السجون الأخرى. لكن إغلاق السجن لم يُبقِ الجزيرة مهجورة لفترة طويلة. ففي عام 1969، استولى عليها نشطاء من السكان الأصليين، تجمعوا تحت اسم "أبناء جميع القبائل"، وأطلقوا مشروعاً لتحويل الجزيرة إلى مدرسة ومركز ثقافي. وقد استندوا في مطالبتهم إلى حقوق تاريخية في الجزيرة، التي كانت في القرن التاسع عشر مكاناً لحبس زعماء القبائل الذين تمرّدوا على الحكومة الأمريكية. إلا أن المشروع لم يصمد طويلًا بسبب عدة تحديات، من بينها صعوبات التمويل، والتكاليف الباهظة لنقل الإمدادات إلى الجزيرة، فضلاً عن خلافات داخلية بين النشطاء، واندلاع حريق كبير دمّر أجزاء من المنشآت المتبقية، ما دفع الرئيس الأمريكي آنذاك، ريتشارد نيكسون، إلى إصدار أمر بإخلاء الجزيرة في عام 1971. اليوم، أصبحت "ألكاتراز" من أبرز المعالم السياحية في سان فرانسيسكو، ويزورها سنويًاً نحو 1.3 مليون سائح. كما تُعد نقطة الانطلاق لسباق "الهروب من ألكاتراز" الثلاثي الشهير، الذي يشارك فيه مئات الرياضيين لإثبات أن الفرار من الجزيرة إلى اليابسة ليس مستحيلاً، بشرط توفر التدريب والمعدات المناسبة.

ترامب يعيد «ألكاتراز» للحياة.. الصخرة تعود بمواجهة انفجار الجريمة
ترامب يعيد «ألكاتراز» للحياة.. الصخرة تعود بمواجهة انفجار الجريمة

عين ليبيا

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • عين ليبيا

ترامب يعيد «ألكاتراز» للحياة.. الصخرة تعود بمواجهة انفجار الجريمة

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عزمه إعادة فتح سجن 'ألكاتراز' الشهير في ولاية كاليفورنيا، ضمن خطة جديدة لمواجهة ما وصفه بـ'تصاعد الجريمة والعنف' في الولايات المتحدة. وقال ترامب، عبر منشور على منصته 'تروث سوشيال'، إنه أصدر توجيهات للحكومة الفيدرالية، تشمل مكتب السجون ووزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي، لإعادة بناء وتوسيع منشآت السجن، بهدف تحويله إلى مركز مخصص لاحتجاز 'أخطر المجرمين وأكثرهم عنفًا'. وأضاف الرئيس الأميركي: 'عانت أميركا طويلًا من المجرمين العنيفين وحثالة المجتمع… عندما كنا أمة أكثر جدية، لم نتردد في عزلهم لحماية الأبرياء. هذا ما ينبغي أن نعود إليه'. ووصف ترامب هذه الخطوة بأنها 'رمز للقانون والنظام والعدالة'، مؤكدًا أن إعادة تشغيل السجن ستحمل 'رسالة قوية بأن الجريمة لن تُسامَح بعد الآن'. ويقع سجن 'ألكاتراز'، المعروف باسم 'الصخرة'، على جزيرة نائية في خليج سان فرانسيسكو، وكان يُعد من أكثر السجون حراسة في البلاد قبل إغلاقه عام 1963 بسبب ارتفاع تكاليف تشغيله وتدهور بنيته التحتية. واستضاف السجن عددًا من أشهر المجرمين في التاريخ الأميركي، أبرزهم زعيم العصابات آل كابوني. كما شهد محاولات هروب عديدة، حيث حاول 36 سجينًا الفرار عبر 14 عملية، إلا أن معظمها باء بالفشل. ويُعد 'ألكاتراز' أحد أبرز الرموز في الثقافة الشعبية الأميركية، وظهر في أعمال سينمائية بارزة، منها فيلم 'ذا روك' من بطولة شون كونري ونيكولاس كيج.

نهلة العربي توقع «جاري البحث» بدار الفرجاني بالقاهرة
نهلة العربي توقع «جاري البحث» بدار الفرجاني بالقاهرة

الوسط

time٢٣-١٠-٢٠٢٤

  • الوسط

نهلة العربي توقع «جاري البحث» بدار الفرجاني بالقاهرة

نظمت دار الفرجاني بالقاهرة اليوم الخميس حفل توقيع رواية «جاري البحث» للروائية والكاتبة الصحفية الليبية نهلة العربي بمقرها بمنشية البكري. تتناول رواية «جاري البحث» وهي الجزء الثالث من ثلاثية روائية بوليسية حكاية شاب ليبي تحصل على الجنسية المصرية يعاني من عقدة نفسية تجعله في حالة بحث دائم عن الحب كتعويض لأحداث مؤلمة حدثت في طفولته، وللمرأة التي يبحث عنها مواصفات خاصة، إن لم يجدها يبدأ في تفسير تصرفاتها وفق المعايير الخاصة به، وعندما يشعر بأنها ليست المرأة المناسبة يتخلص منها بالقتل، يقتل لأنه يعتقد أنه يقدم عملاً جليلاً للبشرية بمحو الشخصيات التي تبدو في نظره لا تستحق الحياة، مجرد خلل إنساني لا يريد أن يقع فيه الرجال الآخرون. - - - قالت دار الفرجاني عن الرواية: «هذه الرواية المثيرة، نجد أنفسنا في أعماق حياة رجل مضطرب ومدخن شره، يعيش في دوامة لا تنتهي من القلق والخوف. بعد ارتكابه جريمة مروعة، تتعقد حياته بشكل لا يمكن تصوره، حيث يصبح مسكونا بأشباح ماضيه علاقاته المتشابكة والمعقدة مع الآخرين تضعه في مواقف متوترة، مليئة بالخيانة والمؤامرات، وتبدأ الأمور بالتفاقم عندما يدخل في علاقة مع شخصية جديدة يلتقيها في مكان غير متوقع، حيث تفتح هذه العلاقة أبوابًا للمواجهات وصراعات نفسية حادة. ومع مرور الوقت. يكتشف أن هناك من يتلاعب به، يسعى لاستغلاله ويكشف أسراره. في لحظة مفصلية، يقرر البطل الهروب، ليدخل في عالم جديد مليء بالغموض والمخاطر». وأضافت الدار في تعريفها بالرواية أن «في هذا العمل الأدبي، تتشابك الخيوط بين الحاضر والماضي، بين الواقع والخيال لتقدم لنا قصة مشوقة مليئة بالألغاز. تتوالى الأحداث بشكل غير متوقع، تاركة القارئ في حالة من الترقب الدائم، متسائلاً عن مصير البطل وعن الحقيقة الكامنة وراء كل تصرفاته. جاري البحث هي رحلة نفسية مثيرة تأخذك إلى أعماق النفس البشرية، لتكتشف ما يخفيه الظلام في قلوب البشر». نبذة عن المؤلفة نهلة صالح العربي صحفية وكاتبة ليبية من مواليد العام 1982 بمدينة طرابلس. درست الأدب الإنجليزي العام 2006 وتعمل في مجال الصحافة، وكانت البداية من جريدة «أويا»، ثم عملت في مجال تصميم أغلفة الكتب، وأول أعمالها في مجال التصميم غلاف رواية «كاشان» للكاتب أحمد البخاري. صدر للكاتبة نهلة العربي رواية «الساحر» عن دار الرواد 2012، ورواية «أثر الغائبين» عن دار السراج 2023، ورواية «الهروب» عن مكتبة الكون في العام 2024. من حفل توقيع رواية «جاري البحث» للروائية والكاتبة الصحفية الليبية نهلة العربي بمقردار الفرجاني بالقاهرة. (بوابة الوسط)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store