هآرتس: هل اغتيال الخامنئي مفيد؟
طرح تسفي برئيل في مقال بصحيفة "هآرتس"، تساؤلاً عن الفائدة من اغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي قائلاً، إن "الحرب ضد إيران هي الحرب الأولى التي لا تخوضها إسرائيل من أجل السيطرة على أراضٍ ذات أهمية استراتيجية، أو من أجل توسيع المجال الحيوي لليهود، أو تحقيق أيديولوجيا توراتية. فالمسافة الكبيرة بين إسرائيل وإيران (نحو ألفَي كيلومتر) والتهديد النووي الإيراني – الذي اعتُبر تهديداً وجودياً – يجعلان (الأرض) عنصراً ضئيلاً في المعادلة الدفاعية التي كانت سابقاً تبرر سيطرة إسرائيل على منطقة أمنية كما كانت عليه الحال في غزة، أو الضفة الغربية، أو لبنان، أو سوريا".
حرب بلا القوات البرية
أيضاً هذه المرة الأولى، بحسب برئيل، التي لا تشارك فيها القوات البرية التقليدية – الدبابات والمدفعية والمشاة – في الحرب. وقال: "إنها حرب تُخاض بالطائرات والصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما يغيّر جذرياً في طبيعة الحسم العسكري المطلوب، وهل تعني الهزيمة تدميراً كاملاً لكل المنشآت النووية ومراكز البحث والدعم اللوجستي والعسكري؟ يبدو كأن تفسير الحسم بات يتمدد مع استمرار الحرب، وكذلك تعريف التهديد الإيراني".
في البداية، اعتبرت إسرائيل أن إيران هي "رأس الأخطبوط" الذي يجب قطعه لشلّ أذرعه المنتشرة على حدودها. وفي الوقت عينه، هي تسعى لإزالة التهديد النووي الإيراني. هذه أيضاً كانت رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي هدد في آذار/مارس، بأن أيّ هجوم من الحوثيين سيُعتبر هجوماً إيرانياً، وستدفع إيران ثمنه. لكن هذا لم يحدث. فبعد أسابيع، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين الولايات المتحدة والحوثيين، ومعه تلاشى التهديد، وترك لإسرائيل التعامل مع إيران بمفردها، بحسب المقال.
تزامناً مع ذلك، قررت إسرائيل شنّ هجوم واسع ضد إيران لتدمير برنامجها النووي، الذي شهد تسارعاً ملحوظاً في الأسابيع الأخيرة. وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك مخزوناً من اليورانيوم المخصّب بنسبة تصل إلى 60%، وهو المستوى ما قبل العسكري، وفي إمكانها خلال فترة قصيرة نسبياً – أقصر مما كان يُعتقد – إنتاج عدة قنابل نووية.
وعلى الرغم من أن مدير الوكالة رافائيل غروسي، أكد أنه لا يملك دليلاً قاطعاً على نية إيران إنتاج أسلحة نووية، فإن تقاريره كانت كافية لدق ناقوس الخطر. ووسط هذا التصعيد، خشيَ الإسرائيليون من أن يمنح ترامب طهران مزيداً من الوقت للتوصل إلى اتفاق نووي جديد. فنجحوا في إقناعه بأن لا مجال للمماطلة.
وأضاف برئيل أن "ترامب الذي أوضح قبل أيام قليلة من بدء الحرب أنه لن يقف مكتوف الأيدي، وأنه ينتظر انتهاء المفاوضات التي كان من المفترض أن تُستأنف يوم الأحد الماضي في سلطنة عُمان، منح إسرائيل الضوء الأخضر لبدء الهجوم، من دون مشاركة أميركية مباشرة". ورأى أن هذا التفريق بين الدعم "من وراء الكواليس" والمشاركة المباشرة "يتيح لأميركا نفيَ مشاركتها، وربما يترك باباً مفتوحاً للتفاوض. لكن إيران لا ترى فرقاً. فقد صرّح وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، بأن بلده يملك أدلة على أن أميركا شريكة كاملة في الحرب، وعلى الرغم من ذلك، فإن إيران لم تستهدف القوات الأميركية حتى الآن - الأمر الذي يشير إلى رغبتها في إبقاء النزاع محصوراً بينها وبين إسرائيل".
جهود دبلوماسية
في موازاة المعركة، لم تتوقف الجهود الدبلوماسية الإيرانية. ومن المتوقع أن يلتقي عراقجي، وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا - الدول التي وقّعت الاتفاق النووي - في محاولة لإنهاء الحرب.
قد تثمر هذه الخطوة نتائج عملية إذا تمكنت هذه الدول من إقناع ترامب بوجود مخرج يقبله، ويسرّع في الدفع قدماً بالاتفاق النووي. وقال برئيل: "صحيح أن ترامب قال إن وقت المفاوضات انتهى، وكان على إيران استغلال الفرصة، لكنه أدلى بتصريحات كثيرة نفاها بعد أيام".
وبرأي برئيل، ففي نهاية المطاف، "حتى لو أمر ترامب القوات الأميركية بقصف منشآت نووية إيرانية، فإن هذا لا يُعتبر نهاية الطريق، بل بدايتها نحو اتفاق جديد قد يشمل: برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وتفكيك الميليشيات، ووقف دعم "الإرهاب." وهي قضايا استثناها ترامب من مفاوضاته السابقة مع إيران، لكنه قد يطالب بإدراجها، إذا نجحت الحملة العسكرية".
هل اغتيال الخامنئي مفيد؟
أضافت إسرائيل هدفاً جديداً للحرب، عبّر عنه وزير الأمن يسرائيل كاتس، الذي قال إن "ديكتاتوراً كالخامنئي لا يمكن أن يستمر في الوجود". واعتبره "هتلر العصر". وكاتس، مثله مثل عدد من الخبراء في الشأن الإيراني، الذين يفرّقون ما بين "الشعب" الإيراني وبين قيادته، وبين الجمهور وبين الجمهورية الإسلامية، بحسب ما جاء في المقال.
وقال برئيل: "من هنا، يأتي الاستنتاج أن اغتيال الخامنئي لا يقضي فقط على (الفكر الشيطاني)، بل يقضي أيضاً على جميع آليات السيطرة والتحكم في النظام (الديكتاتوري) في إيران، وسيمنح الشعب فرصة لانتخاب قيادة جديدة يؤمل أن تكون ليبرالية وديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان، والأهم من ذلك أن تكون قيادة لا تسعى للحرب، ولا لتطوير أسلحة دمار شامل".
لكن التاريخ القريب يثبت أن إسقاط الحكام "الديكتاتوريين" لا يعني بالضرورة نهاية الأيديولوجيا التي حكموا وفقها، بحسب ما اعتبر برئيل الذي أضاف أن "سقوط صدام حسين، والملا عمر، أو القذافي، وعلي عبد الله صالح، لم يجلب الديمقراطية، بل الفوضى والدمار، وأحياناً تهديدات جديدة. حتى إن اغتيال أبو بكر البغدادي، أو حسن نصر الله، أو يحيى السنوار، لم ينهِ تنظيماتهم بالكامل. إن الاعتقاد أن اغتيال (الرأس) يزيل الخطر هو وهم تبسيطي. فلو اغتيل الخامنئي قبل عشر سنوات، هل كانت إسرائيل ستتخلى عن جهود الردع وبناء الجيش؟ هل كانت ستنجو من تهديد إيران النووي؟".
كما أن التمييز بين "الشعب الإيراني" و"النظام" ليس دقيقاً دائماً. ورأى برئيل أن "الشعب الإيراني، مثل كل الشعوب، ليس موحداً. وتوجد داخل النظام نفسه تيارات مختلفة. إن إيران دولة تخضع لنظام ثيوقراطي قاسٍ لا يمكن تغييره ديمقراطياً. ومع أن كثيرين من الإيرانيين يرفضون ولاية الفقيه، ويعانون جرّاء الفقر والبطالة والقمع، إلّا إن هذا الشعب نفسه هو مَن أسقط الشاه في سنة 1979، وأتى بنظام أكثر قسوةً". وتابع أن "استطلاعات الرأي في إيران غير دقيقة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي محدود، ويخضع للمراقبة. لكن الخطاب العام في إيران يشير إلى أن كثيرين من الجمهور الإيراني يكرهون النظام الذي يسيطر عليه رجال الدين، ويتوقون إلى تغييره".
وذكّر بأنه في سنة 2009، "خرج الملايين إلى الشوارع، بعد التزوير الفاضح للانتخابات، لكن اليوم، لا نرى احتجاجات مشابهة على الرغم من الحرب. هذا ليس دليلاً على دعم النظام، بل هو دليل على الخوف، أو الترقب. ينتظر البعض ما ستؤول إليه الحرب، والبعض الآخر يحاول النجاة. إن اغتيال الخامنئي لن يكون نهاية النظام، أو أيديولوجيته".
الأهم من ذلك، بحسب برئيل، هو مَن سيحكم إيران بعده؟ هل سيحافظ الحرس الثوري على تحالفه مع المؤسسة الدينية؟ هل سيجرؤ الشعب على الخروج إلى الشوارع لتغيير النظام؟ أم سيتذكر التاريخ الذي شكّل ذاكرته الجماعية؛ الانقلاب على محمد مصدق بتخطيط أميركي وبريطاني، ودعم الغرب للشاه الديكتاتور، والنتائج التي دفعها الشعب الإيراني لاحقاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 16 دقائق
- ليبانون 24
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي: تم استهداف البنى التحتية الكهربائية في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في إيران
مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي: تم استهداف البنى التحتية الكهربائية في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في إيران Lebanon 24


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
عن تدمير موقع فوردو الإيراني النووي… هذا ما قاله مسؤول إسرائيلي!
قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت إن موقع 'فوردو' النووي الإيراني على عمق 90 مترا تحت جبال قم ومحصن جدا، مما يجعل قدرة إسرائيل على تدميره 'غير مضمونة'. وأوضح غالانت في مقال صحفي أن الموقع المحصن بعناية وبطبقات سميكة من الخرسانة المسلحة وهو ما يجعل مهمة تدميره معقدة، قائلاً: 'سلاح الجو الأمريكي هو الوحيد الذي يمتلك القدرة على تدمير هذه المنشأة'. وفي سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يدرس خيار ضرب المنشأة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، معتبراً أن تعطيلها 'إجراء ضروري'. وأشارت المصادر إلى أن ترامب قد قام بتقييم المخاطر والمكاسب المحتملة لضرب واحدة من أكثر المنشآت النووية حراسةً في إيران، وخلص إلى أن تعطيلها ضروري نظراً لقدرتها على إنتاج أسلحة نووية في وقت قصير. يذكر أن منشأة 'فوردو' لا تزال سليمة حتى الآن، وهي إحدى المنشآت الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران. ومن جانبهم، دعا مسؤولون إسرائيليون واشنطن مراراً إلى الانضمام إلى الهجمات العسكرية التي تشنتها إسرائيل ضد إيران منذ 13 حزيران الجاري.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
"حمامة السلام" الأميركية متأخّرة جداً وهدفها مصلحتها لا راحة شعوب الشرق الأوسط
من بين الأفكار الأساسية التي خاض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملته الرئاسية الثانية بواسطتها، هي أنه لو كان في "البيت الأبيض" بدلاً من الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، بين عامَي 2021 و2025، فلما كانت الحرب الروسية على أوكرانيا اندلعت، ولا حرب غزة، ولما كانت إيران شنّت هجمات صاروخية على إسرائيل في نيسان وتشرين الأول 2024. نظام إيراني جديد؟ ومن بين أبرز الأفكار الأساسية التي يُظهر فيها قوته (ترامب)، هي أنه يمتلك فنّ الصفقات، والقدرة على إنهاء الحروب في غضون 24 ساعة. ولكن ها هو الآن يتعامل مع عدد أكبر من الحروب في العالم، بعد اشتعال الجبهة الإسرائيلية - الإيرانية، في واحدة من أخطر مواجهات العصر الحالي، وفيما يبدو (ترامب) متأخّراً جداً عن إحداث أي خرق أو فارق. وإذا كان التأخير مبرّراً تحت ذرائع أن أميركا تحوّلت الى "حمامة سلام"، وأن الداخل الأميركي لم يَعُد يرغب بالانخراط في حروب جديدة، فهل يمكن لترامب أن يحقّق خرقاً جوهرياً على الصعيد السياسي، يكون من مستوى "استخراج" نظام إيراني جديد من باطن النظام الحالي على الأقلّ؟ وهل يمكن للاتصالات الأوروبية - الإيرانية المستمرة، وللاتصالات الأميركية المباشرة مع عدد من المسؤولين الإيرانيين، أن تكون ممهِّدَة الآن لتحضير انطلاقة جديدة، لنظام إيراني جديد؟ النفط الإيراني كشف مصدر واسع الاطلاع أن "الأميركيين يحاولون تغيير الوضع حالياً. ولكن يبدو أن ترامب يتراجع، لأنه خائف من الحدود التي ترسمها الصين حول مستقبل الملف الإيراني". وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الصين تشتري كل النفط الإيراني تقريباً، وهي لا تريد لأميركا أن تقطع لها هذا المورد، بينما أكثر ما يريده ترامب هو وضع يده على مستقبل ملف الطاقة الإيرانية، تماماً كما فعل الأميركيون في العراق بعد حرب عام 2003". مصالح... وأكد المصدر أن "اللّعبة تدور الآن حول ملفات إيرانية متعددة. ولكن بوجود رئيس مثل ترامب في "البيت الأبيض"، تتحول كل النقاشات والمفاوضات الى حفلة تجارية. فهذا الرجل (ترامب) لا يهتمّ بأمور مثل مستقبل الديموقراطية في إيران، أو فوائد إقامة نظام ليبرالي هناك مثلاً، بقدر ما يركز على ما يمكنه الحصول عليه من أموال، من جراء التفاوض والاتفاق مع الإيرانيين". وختم:"وضعت الولايات المتحدة الأميركية أيديها على المعادن والنفط في العراق سابقاً. وأما حالياً، فلا يهتمّ ترامب سوى بما يمكن أن يناله من النفط والمعادن والثروات الإيرانية أيضاً. فهذه هي أميركا، وهذه هي كل الدول من حيث المبدأ، لا تفكر إلا بمصالحها في النهاية". أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News