logo
الأسد الصاعد

الأسد الصاعد

المدنمنذ 5 ساعات

يقفز ترامب بعد الليلة الأولى من الغارات الإسرائيلية على إيران، لينسب لنفسه الفضل في الهجمات التي كان يعارضها علناً، قبلها بيوم واحد. ثمة ما يبرر اتهام الولايات المتحدة بالمشاركة في تضليل طهران، عبر شغلها بالمفاوضات والترويج لخلاف بين البيت الأبيض ونتنياهو، بينما التجهيزات تتم على قدم وساق للعمل العسكري. لكن الحقيقة أيضاً، هي أن واشنطن أعلنت عن سحب أسر دبلوماسييها وموظفيها من السفارات الأميركية في المنطقة. وكانت تلك إشارة واضحة، إلا أن الإيرانيين أفرطوا في تأويلها، وبدلاً من فهمها على وجها المباشر والتحوط بناء على ذلك، فسروها باعتبارها خدعة، غرضها الضغط عليهم في جولة مقبلة من المفاوضات النووية.
البريطانيون الذين لم تعلمهم تل أبيب بالهجمات مسبقاً، كونهم "شريك غير موثوق به"، يبادرون بلا دعوة إلى الإعلان عن استعدادهم للدفاع عن إسرائيل. وفي خضم الحماسة البريطانية، تتناسى لندن أنها فرضت عقوبات على وزيرين في الحكومة الإسرائيلية قبل أيام قليلة. وبالمثل، تؤجل فرنسا المؤتمر الدولي لحل الدولتين، وتؤكد هي الأخرى عن جاهزيتها للتصدي وحماية الدولة اليهودية.
تُنسى غزة، ويتواصل التجويع والمذابح بوتيرة أسرع، وفي الخلفية يتابع العالم حفلات الألعاب النارية القاتلة في سماوات المنطقة. بصوت موحد، تكرر مجموعة السبع تعويذة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". أما الرئيس الأميركي فيرفض بياناً عن المجموعة يدعو الطرفين إلى خفض التصعيد. الأميركيون والأوروبيون يضعون خلافاتهم المتفاقمة جانباً، للتوحد خلف ضرب إيران. ليست الغريزة الاستعمارية القديمة وحدها ما يحرك العواصم الأوروبية، بل حسابات أن كل ضربة لإيران هي ضربة لروسيا في أوكرانيا.
استوعبت تل أبيب جملة دروس منذ السابع من أكتوبر، أولها أنه لم يعد هناك مكان في العقيدة الأمنية الإسرائيلية لاستراتيجيات تبريد الجبهات أو المحافظة على التوازنات الدقيقة. الدرس الثاني والأهم، أن لا حدود لما يمكن أن ترتكبه إسرائيل، بعد أن منحتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون صكاً مفتوحاً للعمل العسكري ضد جيرانها وخصومها القريبين والبعيدين على السواء.
بإيمان مسيحاني، يتصدى نتنياهو لمهمته الإلهية، أي لتحطيم كل أعداء إسرائيل. عملية "الأسد الصاعد" ذات الاسم التوراتي هي الحلقة الأخيرة لتلك المهمة: تضرب إسرائيل والحديد ساخن. خسرت إيران ذراعها الطويلة في لبنان، مع هزيمة حزب الله وتحييد حدود إسرائيل الشمالية خارج الحرب، وقطعت يد إيران في سوريا مع فرار بشار الأسد. وفي جولات القصف المتبادل السابقة بين إسرائيل ولبنان، بدا واضحاً هشاشة طهران الدفاعية. هكذا توفرت الظروف الملائمة للهجوم على إيران، لكن بأي هدف؟
تبدو الأهداف الإسرائيلية ضبابية أوبالأحرى فضفاضة عمداً. تدمير المشروع النووي الإيراني ليس بمقدور إسرائيل وحدها. يمكن للضربات الإسرائيلية أن تعطله أو تؤخر تقدمه، لكن محوه بالكامل يتطلب دخول الولايات المتحدة إلى الحرب. هناك تعويل إسرائيلي على جر ترامب إلى العمل العسكري. تنفي واشنطن نيتها الانخراط في الحرب لكن ليس هناك ما يضمن النوايا الأميركية. لا يتوقف الأمر عند التابوه النووي، إذ يوسع نتنياهو في تصريحاته التلفزيونية من دائرة أهدافه لتشمل ترسانة الصواريخ الباليستية.
ثمة حديث عن إسقاط نظام الملالي أيضاً، ليس على شاكلة العراق لكن ربما وفق النموذج السوري. وهناك أحاديث متكررة عن نية استهداف المرشد الأعلى، أي تصفية النظام بشكل مباشر.
يدرك الجميع أن حشر الإيرانيين في الزاوية قد يدفعهم إلى ردود أفعال عنيفة، تتجاوز إلحاق الأذى بإسرائيل، لتشمل تهديداً لمصادر الطاقة في منطقة الخليج وكذلك الملاحة الدولية. لا يبدو أن هناك نية للوصول إلى تلك الحافة الصفرية حتى الآن. يعرض الأميركيون التوقيع على الاتفاق النووي الذي تم اقتراحه في السابق ورفضته إيران. يصرح المسؤولون الإيرانيون بأن لا مفاوضات تحت القصف، ثم يعودون ليقولوا إن الحرب لا يجب أن توقف الدبلوماسية. ويضيف الإسرائيليون لا وقف لإطلاق النار إلا بشروطهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فوضى العراق قد تتكرر.. هل يُسرع التدخل الأمريكي بسقوط النظام الإيراني؟
فوضى العراق قد تتكرر.. هل يُسرع التدخل الأمريكي بسقوط النظام الإيراني؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 25 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

فوضى العراق قد تتكرر.. هل يُسرع التدخل الأمريكي بسقوط النظام الإيراني؟

تقترب الحرب المفتوحة بين إيران وإسرائيل من الدخول إلى مرحلة لا عودة فيها قبل تحقيق أحد أهدافها الرئيسة، فإما تدمير المشروع النووي الإيراني بالكامل، أو الضغط العسكري المكثف حتى سقوط النظام في طهران. وبدأت المؤشرات على قرب التدخل الأمريكي المباشر إلى جانب إسرائيل في حربها ضد طهران، تأخذ شكلاً صريحاً بين تصريحات واضحة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بأن لا خيار أمام إيران "إلا الاستسلام الكامل"، والنشاط العسكري وتحريك الطائرات وحاملاتها إلى المنطقة. واستدعت تصريحات ترامب عن أن موعد "التخلص" من المرشد الإيراني علي خامنئي، لم يحن بعد، تاريخاً أمريكياً من العمل على إسقاط الأنظمة، والتي لطالما أدانها الرئيس الحالي، بحسب "نيويورك تايمز". وتغيير النظام في العراق، أكثر ما يمكن استدعاؤه، بحسب صحيفة "ديلي ميل" لمقاربته مع الحالة الإيرانية، إذ تبرز عدة مشتركات، واختلافات أيضاً، بين ما جرى في 2003 وما هو متوقع بعد اثنين وعشرين عاماً، وربّما بعد أيام قليلة. ومن التشابه بين أجواء 2003 و2025، أن الأولى جاءت بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك، والثانية بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل، وأشعل حرباً متواصلة حتى الآن على عدة جبهات. وبينما كانت هناك في 2003 ذريعة أمريكية بريطانية بمزاعم امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، تقول إسرائيل في 2025 إن إيران كانت على بعد أسابيع من إنتاج قنبلة نووية قبل هجوم تل أبيب المباغت على طهران في 13 يونيو الماضي. الهدف الأمريكي والبريطاني في ربيع 2003 كان واضحاً، وهو إسقاط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، واليوم بدأت تتقارب التصريحات الصادرة من واشنطن وتل أبيب بإسقاط نظام المرشد بشكل مباشر، مع تصريح ترامب بانهم يعرفون مكانه. اختلاف قد يُعيق السقوط لكن الاختلاف الأوضح بين 2003 واليوم، بحسب الخبير وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، هو في أن أمريكا اليوم ومعها إسرائيل، لا يمكنهما غزو إيران، وأن حربهما ستقتصر على الاستهداف الجوي المكثف بالاعتماد على المعلومات الاستخباراتية والتكنولوجية. ويرى الدكتور خالد شنيكات في تصريح لـ "إرم نيوز" أن غياب القدرة الأمريكية والإسرائيلية على غزو بري لإيران سيعيق سقوط النظام، متوقعاً أن تلجأ واشنطن وتل أبيب لـ "إطالة العملية وتدمير البنى الاقتصادية كافة، لدفع الإيرانيين نحو التململ ثم الحراك ضد النظام". أما الكاتب والمحلل السياسي، رجا طلب، فيرى أن هدف "إسقاط النظام الإيراني" لم يعد مخفياً، كما توقع بأنه قد يحدث في فترة قريبة لن تتجاوز أسابيع، مؤكداً في تصريح لـ "إرم نيوز" أن المنطقة تشهد تحولاً لم تعرفه منذ 1945، أي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. كما يذهب الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة، إلى أن كل المؤشرات تذهب إلى أن الولايات المتحدة باتت تعتبر نفسها "شريكاً" لإسرائيل في حربها، وبذلك أصبحت المواجهة واضحة ومباشرة، وتميل بقوة نحو تل أبيب. ويعتقد علي حمادة في تصريح لـ "إرم نيوز" أن القوة المضاعفة لتل أبيب المسنودة بدعم أمريكي، ستُفضي حتماً إلى "اهتزاز خطير في الحُكم والسلطة في ايران"، إذا لم تفاجئ طهران الجميع وتقبل بالشروط الأمريكية والإسرائيلية، وأهمها تفكيك البرنامج النووي، بالكامل وافتكاكها عن أذرعها الميليشاوية في المنطقة. الفوضى.. الشبه الأكبر بعد غزو العراق، سادت الفوضى ولا تزال مستمرة منذ اثنين وعشرين عاماً، وفي السيناريو "المفترض" لسقوط النظام الإيراني، عبر مواصلة استهدافه أبرز شخصياته وإفراغه من القيادات، أو التمهيد لـ "ثورة شعبية" تستغل حالة الوهن، فإن المصير ذاته قد يتكرر، بحسب محللين. ويرى شنيكات أن "الفوضى والتفكك" هما المصير المؤكد في حالة السقوط المفاجئ للنظام من دون أي ترتيبات. كذلك لا يستبعد رجا طلب نشوب حرب أهلية أو البدء بتقسيم البلاد بعد سقوط النظام الإيراني، لكنه في المقابل يرى أن هناك سيناريو أقل كلفة، وهو أن تقوم ثورة شعبية تأتي بنظام جديد "لا يؤمن بمبدأ تصدير الثورة، ولا التسليح النووي أو المواجهة المفتوحة مع إسرائيل ولا أمريكا التي لن تكون حينها الشيطان الأكبر". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

السفير الإسرائيلي في واشنطن يوضح: لا 'مفاجآت' عسكرية جديدة ضد إيران؟
السفير الإسرائيلي في واشنطن يوضح: لا 'مفاجآت' عسكرية جديدة ضد إيران؟

لبنان اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • لبنان اليوم

السفير الإسرائيلي في واشنطن يوضح: لا 'مفاجآت' عسكرية جديدة ضد إيران؟

أثار السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، جدلاً واسعًا بعد تصريحاتٍ سابقة تحدّث فيها عن 'مفاجآت ليلة الخميس والجمعة'، ما فسّره البعض على أنه تهديد بعمليات عسكرية وشيكة ضد إيران. إلا أنّ لايتر أوضح في منشور نشره على منصة 'إكس' اليوم الأربعاء، أن تصريحاته أُسيء فهمها، مؤكدًا أنها لم تكن 'تهديدًا بعمليات مستقبلية'، بل إشارة إلى التطورات التي حدثت فعليًا خلال العملية الأخيرة. وقال لايتر: 'المفاجآت التي تحدّثت عنها هي تلك التي تحققت بالفعل في بداية العملية. وعندما تهدأ الأمور، ستتضح هذه المفاجآت بشكل أكبر.' كما أشار إلى أن عبارته السابقة — 'عندما تهدأ الأمور، سترون مفاجآت ليلة الخميس والجمعة التي ستجعل عملية أجهزة البيجر (ضد حزب الله في لبنان) تبدو بسيطة' — كانت توصيفًا لواقع ميداني قائم، لا نية لعمل عسكري جديد، وفق قوله. خلفية العملية تجدر الإشارة إلى أن عملية 'أجهزة البيجر' التي نُفذت في لبنان خلال أيلول الماضي، استهدفت بنية الاتصالات التي يستخدمها عناصر حزب الله، وكان لها وقع كبير في الأوساط الإسرائيلية واللبنانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store