
تداعيات الحرب سيناريوهات تفاقم التوتر الجيوسياسي في الإقليم
جفرا نيوز -
كريستين حنا نصر
بعد تنفيذ الهجمات الامريكية على أهم المنشآت النووية الايرانية ( فوردو ونطنز وأصفهان )، فإن السؤال المطروح هنا ، هو ما مستقبل البرنامج النووي الإيراني، وبشكل خاص اليورانيوم المخصب لديها؟ يأتي هذا التساؤل المشروع في اطار تضارب التصريحات الصادرة من طرفي النزاع، حيث صرحت ايران بعد الهجمات التي نفذتها الطائرات الامريكية على المواقع الثلاث، بأن ايران سوف تواصل نشاطها في تخصيب اليورانيوم، وأنها أيضاً وقبل الضربة عملت على نقل كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب الى أماكن ومواقع سرية غير معلن عنها، من جانبها أيضاً صرحت اسرائيل بأن الضربات الامريكية كانت ناجحة واسفرت عن تدمير كميات كبيرة تقدر بمئات الكيلوغرامات من اليورانيوم المخصب لدى ايران، واذا تمّ نقلها كما تزعم ايران فإن ذلك يكون على مستوى كميات قليلة.
وهنا أريد القول بأن هناك عدة سيناريوهات متوقعة فيما يخص الرد الايراني المتعلق بالملف النووي والصراعات والتوترات الجديدة القديمة مع امريكا واسرائيل، حيث تدرس ايران الرد من خلال عدة خيارات، أهمها الانسحاب من معاهدة الانتشار النووي (فتح باب التوقيع على معاهدة عدم الانتشار في عام 1968 ودخلت حيز التنفيذ في 5 آذار عام 1970، وفي 11 أيار عام 1995 تم تمديد المعاهدة إلى أجل غير مسمى) ، والذي سوف يزيد هذا الملف تعقيداً، اذ سيكون بمقدور ايران التخلص من قيود المعاهدة وسيكون بامكانها حينها تطوير برنامجها النووي، ومن المتوقع أن تتمكن بعد ذلك من الدخول في مرحلة الحصول على اسلحة نووية وتسليح نفسها برؤوس نووية من عدة دول كما صرح بذلك "دميتري ميدفيديف" والذي يشغل منصب رئيس مجلس الامن الروسي .
ومن السيناريوهات المتوقعة أيضا، وربما الاكثر ضرراً وانعكاساً على المنطقة العربية والخليج، هي ضرب ايران ووكلائها المتواجدين في الشرق الاوسط مثل اليمن والعراق القواعد الامريكية المتواجدة في منطقة الخليج العربي، حيث أقدمت ايران أمس على ضرب قاعدة العديد الامريكية الموجودة في دولة قطر، كذلك امكانية التعرض للقواعد الامريكية الأخرى المتواجدة في سوريا وتحديداً منطقة شرق الفرات، والقواعد أيضاً في كل من الاردن والعراق والبحرين والسعودية، اضافة الى امكانية ضرب القواعد الامريكية المتواجدة في تركيا أيضاً، وبالتالي فاننا هنا سننتقل الى السيناريو الاكثر تعقيداً وخطورة في حال تفاقمت الامور واتجهت نحو الاسوأ، وذلك باحتمالية الانخراط العسكري لبعض الدول في هذا الصراع لتجد المنطقة والعالم نفسها في حالة صراع اقليمي في منطقة الخليج العربي والمشرق العربي ككل.
خاصة أننا فعلاً أمام واقع قد تنفذ فيه ايران قرارها الذي تمّ التصديق عليه من البرلمان الايراني والمتمثل باغلاقها لمضيق هرمز، الواقع بين ايران وعُمان والذي يربط مياه خليج عُمان وبحر العرب ، حيث تمر من خلاله أغلبية الصادرات العالمية من النفط والغاز الى مختلف انحاء العالم، وهذه المخاطر الجيوسياسية التي تهدد هذه الممرات المائية الاستراتيجية، الى جانب امكانية توسع المواجهات واستغلال ايران حلفائها الاقليميين في المنطقة، مثل حركة أنصار الله الحوثي في اليمن، التي بامكانها اغلاق منافذ بحرية استراتيجية اخرى مهمة، مثل مضيق باب المندب وقد يشهد العالم مستقبلا ازمة منع حركة بعض السفن التجارية الدولية من المرور عبره، وبالتالي قد تتفاقم نيران المعارك المشتعلة وتتجه نحو ساحات أخرى قد تطال بعض حقول النفط المتواجدة في الخليج العربي ودول المشرق العربي أيضاً، الامر الذي من شأنه أن يؤدي الى ازدياد تكاليف فاتورة حماية هذه الحقول باعتبارها مصادر طاقة عالمية استراتيجية، وقد تعيق هذه التطورات وبشكل محتمل عملية تصدير النفط وحركة الملاحة في البحر الأحمر ، علماً بأن هناك منفذ آخر لدول الخليج بامكانها استخدامه وهو منفذ الشارقة لتفادي المخاطر المحدقة بمضيق هرمز، كل هذه التطورات والاحتمالات سوف تزيد من ارتفاع كلفة النقل البحري، كذلك زيادة كلفة التأمين البحري، نظراً لصلة ذلك بزيادة نسبة المخاطر الجيوسياسية المتزامنة مع الصراعات المندلعة والتي من شأنها التأثير على الممرات والمنافذ البحرية في المنطقة، وهذا حتماً سيؤثر بلا شك على الاسواق الاستثمارية الدولية اذا ما استمرت المواجهات وتفاقمت حدتها، اذ من غير المستبعد أن تدفع المستثمرين الاجانب نحو اتخاذ قرارهم بالحد أو تجميد استثماراتهم في المنطقة، خاصة ان تزايد واستمرار المواجهات والتطورات العسكرية سوف تلقي بظلالها على كافة القطاعات الاقتصادية الاخرى مثل التجارية، وهو ما سينعكس على ارتفاع اسعار السلع والتأثير السلبي على قطاع السياحة ، وسيكون عامل تقليص للايرادات وتصبح بذلك المنطقة وجهة غير آمنة للسياحة في الشرق العربي ومن ضمنه بلدان الخليج العربي ، واحتمالية اخرى بنقص الطلب على السفر عبر الشركات المحلية للطيران ، وربما تعديل مسار رحلات شركات الطيران العالمية نحو أجواء أخرى اكثر أماناً، وذلك بهدف تفاديها للمناطق المتوترة والملتهبة، وهذا بالمحصلة سوف يؤثر على المردود الاقتصادي المالي للدول المتأثرة اساساً في ميزانها الاقتصادي من هذه الازمات العسكرية المشتعلة للأسف.
وبطبيعة الحال فإن لهذه الحرب بين اسرائيل وايران تأثير كبير على موارد ومصادر الطاقة خاصة الغاز الطبيعي ، اذا أغلقت اسرائيل اثنان من ثلاثة حقول للغاز في البحر الابيض المتوسط، أي تقليص امدادات الغاز الطبيعي للاسواق الدولية، وربما الاتجاه نحو الاعتماد على الفحم وزيت الوقود، وذلك كبديل اضطراري لتشغيل محطات الكهرباء لديها، حيث أن حقل (كاريش) يزود الدول الاوروبية بالغاز الطبيعي بدلاً من امدادات الغاز والطاقة الروسية والتي توقفت بسبب الحرب الروسية الاوكرانية.
وتجدر الاشارة الى أن الاردن تأثر من مسألة عدم تزويده بالغاز الاسرائيلي جراء الحرب الاسرائيلية مع ايران، فمن المعلوم أن الاردن يستورد الغاز الطبيعي من اسرائيل، جراء توقيع الأردن عام 2016م لاتفاقية الغاز مع اسرائيل عبر شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية التي كانت المشغل الرئيس لحقول " تمار" و" لفياثان" الاسرائيلية قبل أن تديرهما شركة شيفرون، حيث تعتمد شركة الكهرباء الاردنية على استيراد حوالي 300 مليون مكعب من الغاز بشكل يومي، وهذه الاتفاقية مدتها خمسة عشر عاماً.
ان كل هذه التطورات الجيوسياسية المتعلقة بالصراعات القائمة في المنطقة ، الى جانب احتمالية تفاقمها بشكل درماتيكي خاصة بعد ضرب القاعدة الامريكية في قطر أمس، تزيد من احتمالية استغلال حلفاء ايران في كل من العراق واليمن القيام بضرب قواعد ومصالح امريكية أخرى في الخليج العربي والشرق العربي ، بما في ذلك تلك المتواجدة في سوريا والاردن، وحتماً عندها سيتفاقم الصراع بين امريكا واسرائيل مع ايران مؤثراً وبشكل سلبي على كامل الشرق الاوسط، والذي فرض على بلدانه خيار الازمة والحرب دون وجود خيار آخر متاح لهم من عدمها، وهذا قد يقود في النهاية الى حرب اقليمية لا يُحمد عقباها، اذا لم يكن هناك استراتيجية فورية للسيطرة على الأمور ومنع انفلاتها باتجاه أكثر خطورة، ولا أعتقد انه ومن الان فصاعداً توجد هناك أي نافذة متكاملة للتفاوض المفضي للسلام الكامل بين ايران وامريكا، خاصة في مجال الملف النووي ، فالامور قد تتطور مجدداً نحو الخيارات العسكرية وعندها لن تكون هناك رجعة للتفاوض، وبشكل من الممكن عنده التاثير المباشر على الوضع الداخلي الامني الهش في ايران، والذي اظهرته اساساً الكثير من المظاهرات والمسيرات المعارضة التي قمعها النظام الايراني في وقت سابق، وهنا قد تسعى المعارضة الداخلية لاستغلال الوضع اذا ما تفاقم وتوسعت الازمة للقيام بما يشبه الثورة أو المظاهرات الواسعة، ايضاً ربما يكون هناك استغلال للمعارضة الايرانية الخارجية والمتمثلة بوريث عرش الشاه في الخارج ( رضا البهلوي) الذي خاطب قبل ايام الشعب الايراني بالانقلاب على حكم المرشد الخامنئي ، حيث صرح البهلوي للشعب الايراني بانهم يجب ان يغتنموا الفرصة الان وسيكون داعم لهم في ذلك، وتوجد احتمالية حدوث سيناريو مستقبلي بنجاح المعارضة الايرانية في سعيها لاسقاط نظام الملالي في ايران، وقبل ايام صرح الرئيس الامريكي ترامب ان النظام الايراني لم يقدم سلام للشعب الايراني وانه على مدى 40 عاماً كان (( يبلطج )) على الشعوب العربية خاصة عن طريق قاسم سليماني في العراق.
ولا شك ان الايام القادمة ستكون محملة بالكثير من بالتطورات متمنية أن تُحسم الأمور، حتى لا تدخل المنطقة في حرب اقليمية ، واتطلع ان تتم السيطرة الفعلية على الواقع المتأزم وان يوقف التصعيد العسكري خاصة ما شهدناه أمس من ضربات صاروخية متبادلة وقصف بين طهران واسرائيل، حيث صرح ترامب انه قد تمّ الاتفاق على وقف اطلاق النار وسيدخل حيز التنفيذ صباح اليوم الثلاثاء، أملاً في السلام بين ايران واسرائيل ، فهل يكون هذا الاتفاق مرحلة عملية لتحقيق السلام، وهل فشل هذا الاتفاق الذي اعقب حرب الايام ( 12) سيكون بوابة لما طرحته من سيناريوهات، خاصة في اطار تصميم ايران على برنامجها النووي الذي كان سببا في اشتعال وتطور الصراع ؟؟، وبالمحصلة فإنني آمل واتطلع أن تدخل منطقتنا في الخليج والشرق العربي ككل حالة سلام ورفاهية بدلاً من سيناريوهات الحرب المحتملة .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان نت
منذ 25 دقائق
- عمان نت
هذه تفاصيل الصفقة الإيرانية الإسرائيلية
مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، الثلاثاء، بعدما أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تكشفت بعض التفاصيل. فقد أوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي فاجأ المقربين منه بهذا الإعلان. وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل بالتحدث علنًا، أن ترمب أعلن عن الاتفاق بشكل مفاجئ بعد تحدثه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين إيرانيين، بوساطة قطرية، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز". كما أشار إلى أن أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لعب دورًا في مناقشات وقف إطلاق النار. تواصل مع الإيرانيين إلى ذلك، أكد المسؤول الأميركي أن نائب ترمب جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذين قادوا جهود التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإيراني حول البرنامج النووي منذ أبريل الماضي، تواصلوا مع الإيرانيين "قنوات مباشرة وغير مباشرة". وأضاف أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار شرط ألا تتعرض لهجمات إيرانية جديدة. كما نسب المسؤول الفضل في تمهيد الطريق لمناقشات وقف إطلاق النار إلى الضربات العسكرية الأميركية التي استهدفت ثلاثة مواقع تخصيب نووي إيرانية، السبت الماضي، ألا وهي أصفهان ونطنز وفوردو. إلا أنه لم يكشف الشروط التي قد تكون إيران وافقت عليها، ومن ضمنها توضيح مواقع تواجد مخزونها من اليورانيوم المخصب. بدوره، عزا ترمب الفضل في إنهاء الحرب بين البلدين إلى تلك الضربات، واصفاً طياري قاذفات بي 2 الذين نفذوا الهجمات بالشجعان، وذلك في منشور لاحق على منصة "تروث سوشيال". وكانت الولايات المتحدة شنت، السبت الماضي، ضربات عبر قاذفات بي 2 على منشأة "فوردو" النووية الإيرانية شديدة التحصين، فضلا عن أصفهان ونطنز. فيما أظهرت صور أقمار صناعية حصول دمار في الموقع، لاسيما عند مداخل المنشأة. لترد طهران، مساء أمس الاثنين، بإطلاق نحو 14 صاروخا على قاعدة العديد الجوية الأميركية في قطر، وقاعدتي عين الأسد والتاجي في العراق، دون وقوع إصابات بشرية. يذكر أن إسرائيل كانت شنت في 13 يونيو الحالي، هجمات على مناطق إيرانية عدة، من ضمنها العاصمة طهران، مستهدفة قواعد عسكرية ومنشآت نووية. كما نفذت عدة اغتيالات طالت قادة عسكريين، وأكثر من 14 عالماً نووياً. في حين أطلقت إيران سلسلة من الهجمات الصاروخية والمسيرات نحو إسرائيل، طالت تل أبيب وحيفا وبئر السبع وغيرها.


جفرا نيوز
منذ 2 ساعات
- جفرا نيوز
الخشمان يكتب: في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟
جفرا نيوز - في مشهد دولي متقلب يتسم بإعادة صياغة غير معلنة لموازين القوة، وانهيار تدريجي للنظام العالمي الذي حكم العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، أطلق النائب الكابتن زهير محمد الخشمان تحذيرًا وطنيًا من الطراز الرفيع، داعيًا إلى مراجعة داخلية شاملة لموقع الأردن في خريطة العالم الجديد، وتقديم مشروع دولة قادر على مراكمة القوة بدل استهلاكها. في مقاله المعنون "في لحظة إعادة ترتيب العالم… هل نعيد ترتيب أنفسنا؟"، لا يكتفي الخشمان بتوصيف التحولات الجارية، بل يضع إصبعه على الجرح السياسي والاقتصادي الداخلي، محذرًا من أن من لا يسارع إلى التغيير بإرادته، سيُجبر على التأقلم مع قواعد لم يصنعها. العالم يكتب تاريخه من جديد… بصمت يرى الخشمان أن ما يجري لا يمكن اعتباره اضطرابًا سياسيًا مؤقتًا، بل هو "تفكيك للنظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، وإعادة تركيب لنظام جديد يُفرض دون إعلان، ويتشكل خارج جدران الأمم المتحدة أو المؤسسات التقليدية". التحول، بحسب المقال، لا يأتي من جبهة واحدة، بل من كل الاتجاهات: من تراجع مركزية القرار في واشنطن، إلى تصاعد دور بكين، مرورًا بحروب بالوكالة وانكشاف هشاشة اقتصادات عظمى، وانتهاءً بتغير جوهري في أدوات النفوذ من الجيوش إلى البيانات، ومن الحدود إلى التشريعات العابرة لها. الأردن… صوت متزن في زمن الصخب وفي خضم هذا التغير، يبرز موقع الأردن كاستثناء في منطقة تعاني من التشظي، حيث يؤكد الخشمان أن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لم يكن في موقع الانفعال أو المسايرة، بل انتهج سياسة متزنة، "هادئة حينًا، حازمة حينًا، لكنها دائمًا واعية." وفي إشادة واضحة بدور الملك، يقول الخشمان: "جلالة الملك، في كل المحافل الدولية، لم يكن فقط من يتحدث باسم الأردن، بل من يمثّل ضمير الإقليم حين يغيب التوازن، وصوت الاعتدال حين ترتفع الضوضاء." التحولات الخارجية تتطلب إعادة ترتيب الداخل لكن هذا الحضور الخارجي، كما يشير الخشمان، لا يمكن الحفاظ عليه دون قاعدة داخلية صلبة. فالمكانة السياسية لا تصمد دون دعم اقتصادي، والقرار المستقل لا يُحمى إلا ببنية وطنية متماسكة، والوزن الإقليمي لا يُحفظ دون جبهة داخلية موحدة. ويقولها بوضوح: المطلوب اليوم ليس مشروع حكومة، بل مشروع دولة، تتحول فيه الحكومة إلى أداة تنفيذ حقيقية، ويكون فيه البرلمان شريكًا رقابيًا وتشريعيًا فعالًا، ويتحول فيه المواطن من متلقٍ سلبي إلى عنصر منتج وشريك في القرار. نهاية مرحلة وبداية أخرى… هل نختار أن نكون؟ وفي لحظة تشبه ما قبل التقسيمات الكبرى في التاريخ، يحذر الخشمان من التباطؤ أو الرضى بإدارة الأزمة. ويتساءل: "هل سنبقى نستهلك طاقتنا في إدارة الملفات القديمة؟ أم سنفتح صفحة جديدة عنوانها: مشروع وطني اقتصادي سيادي عصري، يواكب العالم ويتقدم عليه لا يتخلف عنه؟" إنها لحظة لا تحتمل المجاملة ولا التسويف. ومن لا يشارك في كتابة قواعد العالم الجديد – كما يشير الخشمان – "سيُكتب عليه أن يتعايش مع نتائجه، دون رأي، ولا مكان." ما بين سطور المقال، يظهر جليًا أن الخشمان لا يسعى انتقاد تقليدي، بل إلى بناء أرضية سياسية جديدة، عنوانها أن الأردن يستحق أكثر من إدارة الملفات… يستحق مشروعًا وطنيًا نابعًا من ذاته، يلتف حول قيادته، ويستثمر في قدراته، ويتجاوز انقساماته، ليكون في قلب الحدث العالمي، لا على هامشه. "وبقيادة جلالة الملك، ووعي الدولة، وتكامل حقيقي بين السلطات، وشعب يعرف قدر وطنه… بإمكاننا أن لا نكون ضحية العالم الجديد، بل أحد عناوينه.


جفرا نيوز
منذ 2 ساعات
- جفرا نيوز
أين أخفى الإيرانيون اليورانيوم المخصب؟
جفرا نيوز - إثر الضربة الأمريكية الجوية الثلاثية لمواقع التخصيب الإيرانية في عملية "مطرقة منتصف الليل"، أصبح مصير اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة غامضا، واختفى عن أعين مترصديه. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أعلن أن "مطرقة منتصف الليل"، دمرت تماما برنامج إيران النووي، في حين أكدت تقارير أن النتيجة لم تتعد على الأرجح سوى تأخير البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر فقط. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو شكك في أن تكون إيران استطاعت نقل اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة وكميته تقدر بـ 408 كيلو غرامات قبل الغارة الامريكية عل مواقع التخصيب الثلاثة الرئيسة، مشيرا إلى أن "كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% دُفنت أعماق الأرض" في منشأة أصفهان. بالمقابل رد الإيرانيون بالقول إنه من "السذاجة بمكان" إبقاء اليورانيوم في نفس المكان في تلك المواقع، وأن "اليورانيوم المخصب لم يُمسّ الآن". صحيفة نيويورك تايمز أكدت أن إيران نقلت اليورانيوم المخصب ومعداته من منشآتها النووية في الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أن قرار نقل اليورانيوم اتخذ وسط التهديد المستمر بعمل عسكري أمريكي والضربات الإسرائيلية المتواصلة عليها. علاوة على ذلك، قبل يومين من الهجوم الأمريكي، أظهرت صور الأقمار الصناعية قوافل من الشاحنات والجرافات في منشأة "فوردو"، ما يشير إلى جهود حثيثة لنقل اليورانيوم المخصب إلى مكان آمن. حاليا لا يعرف الأمريكيون على الأرجح مكان اليورانيوم المخصب الذي تم نقله من المنشآت النووية الإيرانية قبل القصف. هذه الكمية من اليورانيوم المخصب بحسب أغلب التقديرات، تكفي لإنتاج ما بين 8-10 رؤوس نووية. من الناحية الفنية، يخزن اليورانيوم المخصب على هيئة غاز "سادس فلوريد اليورانيوم" في أسطوانات فولاذية بجدران مزدوجة وهي مصممة للنقل البري، وتتسع كل أسطوانة لحوالي 10 كيلو غرامات، ما يسمح بنقل 400 كيلو غرام في شاحنتين أو ثلاث. إضافة إلى ذلك، تُشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن الإيرانيين لديهم خبرة في عمليات النقل السريع باستخدام أنفاق متعددة المخارج لتجنب المراقبة. المراقبة في هذه الحالة ليست سهلة، وهي غير فعالة من خلال الأقمار الصناعية بالنسبة للأنفاق العميقة، كما أنها شبه مستحيلة من خلال العناصر البشرية على الأرض في هذه الظروف. أماكن محتملة الي قد تكون إيران نقلت اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي إليها: لدى الحرس الثوري الإيراني منشآت واسعة تحت الأرض بما في ذلك صوامع صواريخ ومراكز قيادة محصنة ضد الغارات الجوية. يمكن أيضا تخزين اليورانيوم المخصب في أنفاق تحت القواعد العسكرية. يمكن أن تلجأ إيران إلى قواعدها العسكرية القريبة من الخليج مثل بندر عباس أو جبال "زاغروس" التي تتميز بتضاريس مناسبة لإخفاء أسطوانات اليورانيوم. الأمريكيون كانوا يشتبهون في أن إيران أخفت مجموعات من أجهزة الطرد المركزي في مناطق صناعية او مستودعات مهجورة. كما تشير تقارير أيضا إلى أن مركز البحث والتطوير النووي في أصفهان توجد به شبكان أنفاق عميقة يمكن أن تستغل في هذا الغرض. قد تستخدم إيران ببساطة ورش عمل صغيرة أو مصانع متفرقة يمكن تشغيل أجهزة الطرد المركزي داخلها. صحيفة فاينانشال تايمز كانت شددت على أن مصير البرنامج النووي الإيراني لا يعتمد فقط على الصواريخ والاستخبارات، ولكن على القرارات السياسية أيضا، فيما كشف مسؤول إسرائيلي أن الولايات المتحدة وإيران إذا ما عادتا إلى المفاوضات بشأن برنامج نووي "سلمي"، فإن رئيس الوزراء نتنياهو قد يطالب بإزالة كل اليورانيوم عالي التخصيب من البلاد. لا تزال إيران كما يبدو ممسكة بالورقة النووية ولم تنزع منها بعد. علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني كان غرد قائلا: "حتى لو تم تدمير المنشآت النووية، فإن اللعبة لم تنته بعد. المواد المخصبة والمعرفة الوطنية والإرادة السياسية كلها لا تزال قائمة".