logo
معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

معرفة الأعداء في النظام التربوي الإسلامي

إن الأعداء الخارجيون هم التهديدات التي تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي؛ كالحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الممارسات الاستعمارية المفروضة على المجتمعات الإسلامية.
يُعدّ الاهتمام بالتربية المقاومة في ظلّ الظروف الراهنة التي تواجه فيها المجتمعات الإسلامية تهديدات معقدة من أعداء داخليين وخارجيين، كاستراتيجية أساسية في السياسات التربوية الإسلامية أمرا ضروريا وحيويا. وهذا النوع من التربية مهم ليس فقط في مواجهة التهديدات الخارجية، بل أيضًا في سياق التهديدات الداخلية والأخلاقية.
ولذلك تلعب "معرفة الأعداء" كمبدأ أساسي وجوهري في النظام التربوي الإسلامي دورا محوريا في بناء الفرد والمجتمع المقاومين.
يتم تقسيم معرفة العدو في التربية الإسلامية المقاومة عموما إلى فئتين: العدو الخارجي والعدو الداخلي. والأعداء الخارجيون هم تهديدات تنشأ من خارج المجتمع الإسلامي، تُفرض عليه علانيةً عبر الحروب العسكرية، الحرب المعرفية، الاستعمار الاقتصادي، وغيرها من الأساليب الاستعمارية. وعادةً ما تتسلل هذه التهديدات إلى المجتمعات الإسلامية بشكل مباشر وملموس، على شكل ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية.
أما الأعداء الداخليون فهم تهديدات خفية ومعقدة، تنبع من داخل النفس البشرية والمجتمع. وتتجلى هذه التهديدات عادةً في الشهوات، المعاصي، الضعف الأخلاقي، الكفر، والنفاق. ومن المنظور الإسلامي، فإن العدو الداخلي، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي يصرف الفرد عن المسار الإلهي والروحي، ويُمهد الطريق لهيمنة العدو الخارجي. وقد أكدت التعاليم التربوية الإسلامية مرارًا وتكرارًا على أهمية إدراك العدو الداخلي ومواجهته، حيث عرّفت جهاد النفس بأنه " الجهاد الأكبر"، وجهاد العدو الخارجي بأنه " الجهاد الأصغر".
يدعو الإسلام الحنيف، كاستراتيجية في التربية الفردية والاجتماعية، إلإنسان إلى إدراك عدوه الداخلي، واتخاذ خطوات في طريق تطوير الذات. وهذا الصراع الداخلي، كما ورد في القرآن والحديث، يتطلب من الفرد السعي الدائم ل تهذيب النفس ومقاومة الفتن وتحقيق السلام الداخلي. وفي أعلى مستويات التطور الروحي، يصل الفرد إلى درجة من الثقة بالنفس تقاوم جميع التهديدات الداخلية والخارجية.
تم التأكيد في النظام التربوي الإسلامي، ولمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية بفعالية، قبول الولاية و البراءة من أعداء الله كمبدأ أساسي. فقبول الولاية لا يُحقق تماسك الفرد مع النهج الإلهي فحسب، بل يُعزز أيضًا، من خلال بناء رابطة قوية مع الولي والقائد الحق، صمود الفرد في وجه التهديدات والفتن الداخلية والخارجية.
وفي هذا الصدد، فإن مراعاة مبدأي التولي (الصداقة وطاعة الولاية) والتبري (البراءة من أعداء الله) في آن واحد يُهيئ الفرد لمواجهة التحديات والمخاطر، ويمنحه القوة على مقاومة الفتن والمشاكل. وهذا واضحٌ أيضًا في قول الإمام علي (عليه السلام): " مَنْ نَامَ عَنْ نُصْرَةِ وَلِيِّهِ انْتَبَهَ بِوَطْأَةِ عَدُوِّهِ".
يُظهر هذا الحديث جليًا أن إهمالَ نصرةِ وليِّ اللهِ والقائدِ واتباعِه لا يُضلُّ الإنسانَ عن جادةِ الحقِّ فحسب، بل يُعرِّضُه أيضًا لتهديداتِ الأعداءِ الخارجيين.
إن من أهمِّ الركائز الأساسية في التربية المقاومة، هو " تعليم العدو" و"تعليم العداء".
و" تعليم العدو" يعني الوعي بأساليب وتكتيكات وأدوات التهديدات الخارجية.و في عالمنا المعاصر، تتطور وتتغير أدوات العدو، لا سيما في شكل الحرب المعرفية والإدراكية عبر وسائل الإعلام والتقنيات الحديثة، بسرعة. ولمواجهة هذه التهديدات بفعالية، من الضروري أن يدرك المسلم هذه الأدوات ويطور قدرته على مواجهتها. هذا الوعي، كدرع دفاعي، يُمكّن الفرد من مقاومة هجمات العدو الثقافية والإعلامية، والدفاع عن هويته واستقلاله.
كما أن " تربية العداء" تعني تربية أناس ذوي إيمان راسخ، وبصيرة دينية، وإرادة صلبة، قادرين على مواجهة أي تهديد داخلي وخارجي. وفي هذا الإطار، يجب أن تُهيئ التعاليم الدينية والأخلاقية الفرد للدفاع عن المبادئ والقيم الإسلامية. ةيجب أن يستند هذا التعليم إلى القرآن الكريم، السنة النبوية، وسير أهل البيت (عليهم السلام)، ونماذج حياة الأنبياء والعلماء والشهداء، ليتمكن الفرد من مواصلة السير على درب تقوية الإيمان، تزكية النفس، ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين.
وهذا ما يُؤكد عليه بوضوح في رواية الإمام الصادق (عليه السلام):
« عَلِّموا صِبيانَكُم مِن عِلمنا ما يَنفَعُهُم اللّهُ بهِ؛ لا تَغلِبُ علَيهم المُرْجِئَةُ بِرَأيِها".
لا تؤكد هذه الرواية على ضرورة تعليم الأجيال القادمة مبادئ الدين فحسب، بل تُحذر أيضًا من هيمنة أي فكر أو نظرية منحرفة عليهم. وفي هذا السياق، يجب أن يكون التعاليم الدينية والأخلاقية شاملة ودقيقة، بحيث يقطع الطريق على العداوات الداخلية والخارجية بتربية أجيال مقاومة.
وأخيرا، تُعدّ معرفة الأعداء في التربية الإسلامية المقاومة أداة فعّالة لمواجهة التهديدات المعقدة في العصر الحالي. ولا يقتصر هذا المفهوم في السياسات التربوية الإسلامية على تحديد الأعداء الخارجيين والداخليين ومواجهتهم، بل يُشدد أيضًا على بناء فرد مقاوم وواع قادر على مواجهة الفتن والتحديات بفهم دقيق للتهديدات، وإيمان راسخ، وبصيرة دينية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الوثائقي القصير.. السيّد محسن
الوثائقي القصير.. السيّد محسن

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • اذاعة طهران العربية

الوثائقي القصير.. السيّد محسن

كما يتضمن هذا الوثائقي مشاهد خاصّة للشهيد السيد فؤاد شكر مع الإمام الخامنئي - حفظه الله - أثناء مختلف المراحل الجهاديّة، بالإضافة إلى مقتطفات من كلام الأمينين العامين لحزب الله، الشهيد السيد حسن نصر الله، والشيخ نعيم قاسم، بحق الشهيد القائد.

وزارة المالية: إطلاق تمويل رواتب المتقاعدين لشهر آب
وزارة المالية: إطلاق تمويل رواتب المتقاعدين لشهر آب

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 6 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

وزارة المالية: إطلاق تمويل رواتب المتقاعدين لشهر آب

التعليقات طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ... الموضوع : انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ... الموضوع : الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ... الموضوع : صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ... الموضوع : حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت. ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ... الموضوع : صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005 ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح

"إلى العالمية بقدم واحدة".. شفق نيوز ترصد حلمًا لم يُهزم في غزة (صور)
"إلى العالمية بقدم واحدة".. شفق نيوز ترصد حلمًا لم يُهزم في غزة (صور)

شفق نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • شفق نيوز

"إلى العالمية بقدم واحدة".. شفق نيوز ترصد حلمًا لم يُهزم في غزة (صور)

شفق نيوز – غزة في زقاق داخل غزة، يجلس الفتى عبيدة عبد الله عطوان، البالغ من العمر خمسة عشر عاماً، محاطاً بنظرات حزينة من أهله وجيرانه، لم يكن يتصور أن يوماً عادياً في حياته سيتحوّل إلى نقطة فاصلة تغيّر مسار طفولته، بعد أن فقد ساقه ويده في غارة إسرائيلية استهدفت شقته السكنية من دون سابق إنذار. عبيدة، الذي كان يعيش حياته بشكل طبيعي، يروي تلك اللحظات لوكالة شفق نيوز قائلاً: 'كنت جالساً في البيت بشكل طبيعي، وفجأة وقع القصف، لم أشعر بشيء، وعندما فتحت عيني في المستشفى وجدت الناس من حولي، ولم أكن أعلم ما الذي جرى، وبعد أيام بدأت أستوعب أن ساقي ويدي قد بُترتا، بينما أصيبت شقيقتي بجروح طفيفة من شظية في ظهرها'. لم تكن صدمة الإصابة الجسدية وحدها ما أثقل قلب عبيدة، بل وقع الخبر النفسي حين علم بما فقده. يضيف: 'في البداية حاولت عائلتي أن تخفي عني الحقيقة، لكنني شعرت أنني لا أستطيع تحريك أصابع قدمي، وعندما علمت أنني فقدت ساقي ويدي، انهرت بالبكاء ولم أتوقف عن الصراخ من شدة الحزن'. حلم لم ينكسر قبل الحرب، كان حلم عبيدة أن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً، كان يقضي ساعات طويلة في التدريبات، يحلم باليوم الذي يحمل فيه قميص أحد الأندية الكبيرة، ورغم ما أصابه، فإن الحلم لم يمت داخله. يتابع حديثه: 'كنت أحلم أن أصبح لاعب كرة مشهور، اليوم، إذا ركبت أطرافاً صناعية وسافرت لتلقي العلاج المناسب، سأعود لتحقيق حلمي، وسألعب كرة القدم كما كنت، وربما أفضل'. ولم تقتصر مأساة القصف على عبيدة وحده، بل تركت أثراً بالغاً على عائلته التي وجدت نفسها أمام تحديات جديدة للتأقلم مع وضع ابنها. بهذا الصدد، يقول إبراهيم مروان عطوان، خال عبيدة، لوكالة شفق نيوز، إن "الحادث شكّل صدمة كبيرة لنا جميعاً، فقد كان عبيدة ينجز مهام حياته بنفسه، لكنه الآن أصبح بحاجة إلى المساعدة'. ويضيف: 'عندما تلقينا الخبر، اعتقدنا أنها إصابة خفيفة، ولم نتوقع بتر أطرافه، فقدان عبيدة لأطرافه سيؤثر على حياته ومستقبله بالتأكيد، وأهم شيء بالنسبة له الآن هو السفر وتركيب أطراف صناعية لكي تتحسن حياته ويستعيد قدرته على القيام بوظائفه اليومية بشكل طبيعي'. بعد إصابته، حصل عبيدة على تحويلة طبية من المستشفى الأوروبي، كما وُعد من مستشفى الصليب الأحمر بتركيب طرف صناعي يساعده على استعادة جزء من حياته الطبيعية، لكن خمسة أشهر مرّت، ولم يصل أي خبر أو طرف صناعي حتى الآن. وكلما مرّ عبيدة على الحيّ الذي كان شاهداً على طفولته وضحكاته، يعود قلبه إلى الوراء. يستدرك قائلاً: 'عندما أرى المكان الذي دُمّر فيه حلمي، أتذكر الأيام الجميلة التي كنت ألعب فيها كرة القدم، وأقول يا الله، أين ذهبت تلك اللحظات؟'. ورغم الألم، يرفض عبيدة الاستسلام، طفولة بترتها الحرب، لكن الأمل ما زال يرفرف في قلبه، يحلم بيومٍ يحمل فيه الكرة من جديد، ويعود إلى الملعب ليكتب فصلاً جديداً من حياته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store