
السياحة الفضائية بين الإلهام الإنساني والتحديات الأخلاقية والبيئية
في هذا الوقت أصبحت الاسئلة الأخلاقية حول السياحة الفضائية أسئلة ضرورية وملحة، ذلك أن الذي يجني الفوائد الاقتصادية الضخمة من هذه الفكرة هم حفنة مختارة من الشركات الثرية التي تجني الحصة الأكبر من الأرباح، ووفقاً لمواقع علمية عدة أهمها "ساينس دايركت" ومنصات سفر عالمية منها موقع (Travel Bucketlist)، فإن المخاوف الأخلاقية في هذا المجال تصبح أكثر وضوحاً بسبب عدم قدرة جميع الناس على الوصول العادل إلى هذه المجالات الاقتصادية الجديدة.
وترى صوفيا ريد، وهي واحدة من الكُتاب على منصة السفر المذكورة التي تحدد اختصاصها في وضع أفضل قائمة أمنيات السفر والسياحة في العالم، إنه لا بد من التعامل مع المشهد الأخلاقي لهذه الفكرة في هذا الوقت، مؤكدة أنه مع استمرار تطور السياحة الفضائية فمن الضروري التعامل مع المشهد الأخلاقي بحرص، إذ تتمتع هذه الصناعة بإمكانات هائلة للتقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي وإلهام الإنسان، لكنها تمثل أيضاً تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية والمساءلة القانونية.
عجائب الفضاء في متناول الجميع
وتضيف ريد أنه "من خلال تعزيز الحوار الجاد والنظر في الآثار الأوسع للسياحة الفضائية، يمكننا السعي إلى مستقبل تكون فيه عجائب الفضاء في متناول الجميع بدلاً من قلة مختارة، إذ لا ينبغي أن تقتصر رحلة الفضاء على الاستكشاف وحسب، بل يجب أن تشمل أيضاً تعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه كوكبنا وبعضنا بعضاً، فالتقدم التكنولوجي المحرز في مجال السياحة الفضائية مذهل بكل معنى الكلمة، وقد صممت الشركات صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وأنظمة دعم حياة متطورة وتصاميم متطورة للمركبات الفضائية تجعل السفر إلى الفضاء أكثر أماناً وسهولة".
وتحوي المقالة إشارة واضحة وصريحة إلى صاروخ "فالكون-9" من "سبايس إكس" الذي خفض كلف إطلاق الحمولات إلى المدار بصورة كبيرة، ولذلك فإن هذه الابتكارات لا تمهد الطريق للسياحة الفضائية وحسب، بل تدعم أيضاً البحث العلمي ونشر الأقمار الاصطناعية، وعلى رغم ذلك، وبينما نندهش من هذه التطورات، يجب علينا أيضاً التأمل في الآثار الأخلاقية لتطبيقاتها واحتمال إساءة استخدامها في فضاء غير خاضع للتنظيم حتى هذه اللحظة.
تصاميم متطورة للمركبات الفضائية تجعل السفر إلى الفضاء أكثر أماناً وسهولة (pixabay)
الفرص الاقتصادية وإلهام الإنسانية
من أهم الجوانب الإيجابية لهذه الفكرة أنها تحقق كثيراً من الفرص الاقتصادية وتلهم البشرية، إذ تعد السياحة الفضائية منجماً ذهبياً للفرص الاقتصادية، فهي تبدأ من خلق فرص العمل في هندسة الطيران ولا تنتهي بفتح أسواق جديدة في قطاعي الضيافة والترفيه، ولذلك فمن المتوقع أن تجني هذه الصناعة مليارات الدولارات، مستقطبة الاستثمارات ومنعشة الاقتصادات المحلية، وقد تشهد المناطق القريبة من الموانئ الفضائية طفرة سياحية مما يحفز نمو الفنادق والمطاعم وغيرها من الخدمات المصممة خصيصاً لسائحي الفضاء.
لكن يبقى السؤال من الذي يجني هذه الفوائد الاقتصادية حقاً؟ فإذا وجّهت الحصة الأكبر من الأرباح إلى حفنة مختارة من الشركات الثرية فإن المخاوف الأخلاقية المحيطة بالوصول العادل إلى هذه المجالات الاقتصادية الجديدة تصبح أكثر وضوحاً.
حجة إلهام البشرية
أجمعت هذه المواقع والدراسات على أن أقوى الحجج الداعمة للسياحة الفضائية هي قدرتها على الإلهام، فمشاهدة الأرض من الفضاء تثير تقديراً عميقاً لكوكبنا وتعزز الشعور بالوحدة العالمية، ويمكن للسياحة الفضائية أن تطلق العنان للمبادرات التعليمية وتغذي الاهتمام بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتلهم الأجيال المقبلة من العلماء والمستكشفين، وعلى رغم ذلك تجب موازنة هذا الإلهام مع واقع من سيشارك في هذه الرحلة، وإذا ظل السفر إلى الفضاء حكراً على الأثرياء فإنه يخاطر بأن يصبح رمزاً للحصرية بدلاً من أن يكون تجربة إنسانية عالمية.
جوانب سلبية واضحة
من خلال ورقة بحثية علمية دقيقة، قدّم موقع "ساينس دايركت" (www.sciencedirect.com) جداول وإحصاءات دقيقة حول خطورة الذهاب بفكرة السياحة الفضائية بعيداً من دون الالتفات للسؤال الأخلاقي حولها، ويمكن تلخيص الورقة البحثية التي شارك فيها علماء ومؤلفون عدة وأشرف على تحريرها مايكل كارباخاليس وتوماس مورفي، على أنها نداء للانتباه إلى أخطار الفكرة على البيئة والتلوث، إذ كثيراً ما حلم البشر بالسفر إلى الفضاء، واستجابة للزيادة الأخيرة في رحلات الفضاء التجارية فقد قيّمت هذه الورقة البحثية الآثار البيئية لسفر الإنسان إلى الفضاء في الماضي والحاضر لتسليط الضوء على الأثر البيئي الكبير لهذه الأنشطة، ولذلك فهي تؤكد أن لهذا الأثر البيئي بعداً أخلاقياً، إذ لن يتمكن معظم سكان العالم من المشاركة في مثل هذه الأنشطة، ومع ذلك سيتحملون كلفتها البيئية، وفقاً للورقة العلمية، ومن المفارقات أنه بدلاً من أن يكون مستقبل الفضاء بمثابة صمام أمان لموارد الأرض، فإن قضايا خطرة تثقل كاهل موارد كوكبنا أكثر من السعي وراء الفضاء.
تحليل دقيق
واعتمد تحليل الورقة البحثية التي نشرها موقع "ساينس دايركت" على ما يسميه علماء شاركوا في هذا البحث "هيكل تقييم دورة الحياة"، وهو مصدر علمي موثوق بالنسبة إليهم، فيما استمدت بيانات كتلة مركبات الإطلاق ونوع الوقود وكتلته من مصادر عامة، أما نتائج انبعاثات الاحتراق فحُسبت باستخدام برنامج معروف لديهم يسمى "برنامج تحليل الاحتراق"، ثم جُمعت هذه البيانات مع بيانات أخرى أخذت من قواعد بيانات جردت دورة الحياة وطرق تقييم الأثر، وذلك لتقييم مؤشرات الأثر المتوسطة.
أثر البقاء في الفضاء
بعد ذلك بيّنت الدراسة العلمية أن الأثر الناتج من بقاء البشر في الفضاء من معدل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للشخص الواحد يكون بمعدل يزيد على 1500 كيلوغرام من "مكافئ ثاني أوكسيد الكربون" في الساعة الواحدة للشخص العادي، وهذا أكبر بـ 2000 مرة من معدل انبعاثات الشخص العادي على وجه الأرض، والذي يطلق عليه العلماء مكافئ المواطن العالمي(GCE) ، كما أن تأثير الاحتباس الحراري أكبر بـ 650 مرة من الشخص العادي في الولايات المتحدة.
وفي ما يتعلق بالأنشطة المألوفة فإن هذا يعادل توفير أربعة ميغاوات في الأقل من الكهرباء بصورة مستمرة عبر شبكة الكهرباء الأميركية، أو قيادة أكثر من 60 حافلة تعمل بالديزل في وقت واحد، أو شغل 20 مقعداً على متن طائرة "بوينغ 747" لا تهبط أبداً.
ومن الواضح أن هذه التأثيرات تنتج تساؤلات حول استدامة هذه الأنشطة وحول التبعات الأخلاقية والمعنوية، إذ يقتصر هذا السفر على الأثرياء فقط ويتحمل الجميع كُلفه مع فوائد قليلة يمكن تحقيقها من هذا المسعى للبشرية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خلفية تاريخية
ولمناقشة القضايا الأخلاقية البيئية المتعلقة باستكشاف الفضاء تاريخ طويل، يُقال إنه يعود لصورة القمر الاصطناعي المعروفة باسم "النقطة الزرقاء الباهتة" التي ظهرت عام 1960 وأشارت إليها بحوث علمية عام 2008، ومن جهة ثانية ركز جزء كبير من هذا العمل على درس ما إذا كان الفضاء يشكل بيئة ذات قيمة جوهرية للإنسان، وبالتالي تكون هذه البيئة جديرة بالاعتبار الأخلاقي، مع إمكان استكشاف الفضاء للحد من الآثار البيئية على الأرض والناتجة من التعدين أو استغلال الموارد الفضائية.
وأخيراً شهد مقدار الوقت الذي يقضيه البشر في الفضاء سنوياً تزايداً عاماً، ويوضح أحد الأشكال المرفقة بالدراسة المدة (ساعة/ الشخص) التي قضاها البشر في الفضاء بحسب عام الإطلاق، مقسمة بحسب الوكالات المختلفة، كما يتضح من أحد الجداول أن كل إطلاق لمركبة فضائية يتطلب كميات كبيرة من الوقود، مما يحدث تأثيرات مباشرة كبيرة مرتبطة بالاحتراق، إضافة إلى تأثيرات غير مباشرة على تصنيعها وسلسلة التوريد الأولية، فيما تمثل مركبة الإطلاق نفسها كميات كبيرة من المواد المصنعة، وكلها ذات آثار بيئية سلبية مصاحبة.
وتشمل الآثار الإضافية لكل عملية إطلاق، والتي لم تدرج في هذا التحليل، كميات كبيرة من المياه المستخدمة تقدر بحوالى مليوني ليتر في بعض الحالات، ويُذكر أيضاً أن هذه الورقة التي يقول المعنيون إنها حيادية وموضوعية، قيّمت أيضاً الآثار البيئية، وبخاصة انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن رحلات الفضاء البشرية، وقارنتها بالآثار الناجمة عن المواطن العالمي العادي، ووجدت أن جميع رحلات الفضاء البشرية لها آثار تتراوح ما بين 550 و1300 ضعف التأثير السنوي للمواطن العادي في كل عملية إطلاق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
السياحة الفضائية بين الإلهام الإنساني والتحديات الأخلاقية والبيئية
في هذا الوقت أصبحت الاسئلة الأخلاقية حول السياحة الفضائية أسئلة ضرورية وملحة، ذلك أن الذي يجني الفوائد الاقتصادية الضخمة من هذه الفكرة هم حفنة مختارة من الشركات الثرية التي تجني الحصة الأكبر من الأرباح، ووفقاً لمواقع علمية عدة أهمها "ساينس دايركت" ومنصات سفر عالمية منها موقع (Travel Bucketlist)، فإن المخاوف الأخلاقية في هذا المجال تصبح أكثر وضوحاً بسبب عدم قدرة جميع الناس على الوصول العادل إلى هذه المجالات الاقتصادية الجديدة. وترى صوفيا ريد، وهي واحدة من الكُتاب على منصة السفر المذكورة التي تحدد اختصاصها في وضع أفضل قائمة أمنيات السفر والسياحة في العالم، إنه لا بد من التعامل مع المشهد الأخلاقي لهذه الفكرة في هذا الوقت، مؤكدة أنه مع استمرار تطور السياحة الفضائية فمن الضروري التعامل مع المشهد الأخلاقي بحرص، إذ تتمتع هذه الصناعة بإمكانات هائلة للتقدم التكنولوجي والنمو الاقتصادي وإلهام الإنسان، لكنها تمثل أيضاً تحديات كبيرة تتعلق بالاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية والمساءلة القانونية. عجائب الفضاء في متناول الجميع وتضيف ريد أنه "من خلال تعزيز الحوار الجاد والنظر في الآثار الأوسع للسياحة الفضائية، يمكننا السعي إلى مستقبل تكون فيه عجائب الفضاء في متناول الجميع بدلاً من قلة مختارة، إذ لا ينبغي أن تقتصر رحلة الفضاء على الاستكشاف وحسب، بل يجب أن تشمل أيضاً تعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه كوكبنا وبعضنا بعضاً، فالتقدم التكنولوجي المحرز في مجال السياحة الفضائية مذهل بكل معنى الكلمة، وقد صممت الشركات صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وأنظمة دعم حياة متطورة وتصاميم متطورة للمركبات الفضائية تجعل السفر إلى الفضاء أكثر أماناً وسهولة". وتحوي المقالة إشارة واضحة وصريحة إلى صاروخ "فالكون-9" من "سبايس إكس" الذي خفض كلف إطلاق الحمولات إلى المدار بصورة كبيرة، ولذلك فإن هذه الابتكارات لا تمهد الطريق للسياحة الفضائية وحسب، بل تدعم أيضاً البحث العلمي ونشر الأقمار الاصطناعية، وعلى رغم ذلك، وبينما نندهش من هذه التطورات، يجب علينا أيضاً التأمل في الآثار الأخلاقية لتطبيقاتها واحتمال إساءة استخدامها في فضاء غير خاضع للتنظيم حتى هذه اللحظة. تصاميم متطورة للمركبات الفضائية تجعل السفر إلى الفضاء أكثر أماناً وسهولة (pixabay) الفرص الاقتصادية وإلهام الإنسانية من أهم الجوانب الإيجابية لهذه الفكرة أنها تحقق كثيراً من الفرص الاقتصادية وتلهم البشرية، إذ تعد السياحة الفضائية منجماً ذهبياً للفرص الاقتصادية، فهي تبدأ من خلق فرص العمل في هندسة الطيران ولا تنتهي بفتح أسواق جديدة في قطاعي الضيافة والترفيه، ولذلك فمن المتوقع أن تجني هذه الصناعة مليارات الدولارات، مستقطبة الاستثمارات ومنعشة الاقتصادات المحلية، وقد تشهد المناطق القريبة من الموانئ الفضائية طفرة سياحية مما يحفز نمو الفنادق والمطاعم وغيرها من الخدمات المصممة خصيصاً لسائحي الفضاء. لكن يبقى السؤال من الذي يجني هذه الفوائد الاقتصادية حقاً؟ فإذا وجّهت الحصة الأكبر من الأرباح إلى حفنة مختارة من الشركات الثرية فإن المخاوف الأخلاقية المحيطة بالوصول العادل إلى هذه المجالات الاقتصادية الجديدة تصبح أكثر وضوحاً. حجة إلهام البشرية أجمعت هذه المواقع والدراسات على أن أقوى الحجج الداعمة للسياحة الفضائية هي قدرتها على الإلهام، فمشاهدة الأرض من الفضاء تثير تقديراً عميقاً لكوكبنا وتعزز الشعور بالوحدة العالمية، ويمكن للسياحة الفضائية أن تطلق العنان للمبادرات التعليمية وتغذي الاهتمام بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتلهم الأجيال المقبلة من العلماء والمستكشفين، وعلى رغم ذلك تجب موازنة هذا الإلهام مع واقع من سيشارك في هذه الرحلة، وإذا ظل السفر إلى الفضاء حكراً على الأثرياء فإنه يخاطر بأن يصبح رمزاً للحصرية بدلاً من أن يكون تجربة إنسانية عالمية. جوانب سلبية واضحة من خلال ورقة بحثية علمية دقيقة، قدّم موقع "ساينس دايركت" ( جداول وإحصاءات دقيقة حول خطورة الذهاب بفكرة السياحة الفضائية بعيداً من دون الالتفات للسؤال الأخلاقي حولها، ويمكن تلخيص الورقة البحثية التي شارك فيها علماء ومؤلفون عدة وأشرف على تحريرها مايكل كارباخاليس وتوماس مورفي، على أنها نداء للانتباه إلى أخطار الفكرة على البيئة والتلوث، إذ كثيراً ما حلم البشر بالسفر إلى الفضاء، واستجابة للزيادة الأخيرة في رحلات الفضاء التجارية فقد قيّمت هذه الورقة البحثية الآثار البيئية لسفر الإنسان إلى الفضاء في الماضي والحاضر لتسليط الضوء على الأثر البيئي الكبير لهذه الأنشطة، ولذلك فهي تؤكد أن لهذا الأثر البيئي بعداً أخلاقياً، إذ لن يتمكن معظم سكان العالم من المشاركة في مثل هذه الأنشطة، ومع ذلك سيتحملون كلفتها البيئية، وفقاً للورقة العلمية، ومن المفارقات أنه بدلاً من أن يكون مستقبل الفضاء بمثابة صمام أمان لموارد الأرض، فإن قضايا خطرة تثقل كاهل موارد كوكبنا أكثر من السعي وراء الفضاء. تحليل دقيق واعتمد تحليل الورقة البحثية التي نشرها موقع "ساينس دايركت" على ما يسميه علماء شاركوا في هذا البحث "هيكل تقييم دورة الحياة"، وهو مصدر علمي موثوق بالنسبة إليهم، فيما استمدت بيانات كتلة مركبات الإطلاق ونوع الوقود وكتلته من مصادر عامة، أما نتائج انبعاثات الاحتراق فحُسبت باستخدام برنامج معروف لديهم يسمى "برنامج تحليل الاحتراق"، ثم جُمعت هذه البيانات مع بيانات أخرى أخذت من قواعد بيانات جردت دورة الحياة وطرق تقييم الأثر، وذلك لتقييم مؤشرات الأثر المتوسطة. أثر البقاء في الفضاء بعد ذلك بيّنت الدراسة العلمية أن الأثر الناتج من بقاء البشر في الفضاء من معدل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للشخص الواحد يكون بمعدل يزيد على 1500 كيلوغرام من "مكافئ ثاني أوكسيد الكربون" في الساعة الواحدة للشخص العادي، وهذا أكبر بـ 2000 مرة من معدل انبعاثات الشخص العادي على وجه الأرض، والذي يطلق عليه العلماء مكافئ المواطن العالمي(GCE) ، كما أن تأثير الاحتباس الحراري أكبر بـ 650 مرة من الشخص العادي في الولايات المتحدة. وفي ما يتعلق بالأنشطة المألوفة فإن هذا يعادل توفير أربعة ميغاوات في الأقل من الكهرباء بصورة مستمرة عبر شبكة الكهرباء الأميركية، أو قيادة أكثر من 60 حافلة تعمل بالديزل في وقت واحد، أو شغل 20 مقعداً على متن طائرة "بوينغ 747" لا تهبط أبداً. ومن الواضح أن هذه التأثيرات تنتج تساؤلات حول استدامة هذه الأنشطة وحول التبعات الأخلاقية والمعنوية، إذ يقتصر هذا السفر على الأثرياء فقط ويتحمل الجميع كُلفه مع فوائد قليلة يمكن تحقيقها من هذا المسعى للبشرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) خلفية تاريخية ولمناقشة القضايا الأخلاقية البيئية المتعلقة باستكشاف الفضاء تاريخ طويل، يُقال إنه يعود لصورة القمر الاصطناعي المعروفة باسم "النقطة الزرقاء الباهتة" التي ظهرت عام 1960 وأشارت إليها بحوث علمية عام 2008، ومن جهة ثانية ركز جزء كبير من هذا العمل على درس ما إذا كان الفضاء يشكل بيئة ذات قيمة جوهرية للإنسان، وبالتالي تكون هذه البيئة جديرة بالاعتبار الأخلاقي، مع إمكان استكشاف الفضاء للحد من الآثار البيئية على الأرض والناتجة من التعدين أو استغلال الموارد الفضائية. وأخيراً شهد مقدار الوقت الذي يقضيه البشر في الفضاء سنوياً تزايداً عاماً، ويوضح أحد الأشكال المرفقة بالدراسة المدة (ساعة/ الشخص) التي قضاها البشر في الفضاء بحسب عام الإطلاق، مقسمة بحسب الوكالات المختلفة، كما يتضح من أحد الجداول أن كل إطلاق لمركبة فضائية يتطلب كميات كبيرة من الوقود، مما يحدث تأثيرات مباشرة كبيرة مرتبطة بالاحتراق، إضافة إلى تأثيرات غير مباشرة على تصنيعها وسلسلة التوريد الأولية، فيما تمثل مركبة الإطلاق نفسها كميات كبيرة من المواد المصنعة، وكلها ذات آثار بيئية سلبية مصاحبة. وتشمل الآثار الإضافية لكل عملية إطلاق، والتي لم تدرج في هذا التحليل، كميات كبيرة من المياه المستخدمة تقدر بحوالى مليوني ليتر في بعض الحالات، ويُذكر أيضاً أن هذه الورقة التي يقول المعنيون إنها حيادية وموضوعية، قيّمت أيضاً الآثار البيئية، وبخاصة انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن رحلات الفضاء البشرية، وقارنتها بالآثار الناجمة عن المواطن العالمي العادي، ووجدت أن جميع رحلات الفضاء البشرية لها آثار تتراوح ما بين 550 و1300 ضعف التأثير السنوي للمواطن العادي في كل عملية إطلاق.


Independent عربية
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
تجاذبات العلم والسياسة: "ناسا" بين الطموحات المؤجلة والاتهامات بالتضليل
بعد عقود من الوعود بالعودة إلى سطح القمر، لم تتمكن وكالة الفضاء الحكومية الأميركية (ناسا) من إنجاز رحلة مأهولة بشرياً بعد رحلة "أبولو 11" عام 1969. ولذلك قادت "سبايس إكس" وهي شركة فضاء أميركية خاصة يملكها الملياردير ورجل الأعمال إيلون ماسك، مشاريع الفضاء نحو المريخ. ووعدت "سبيس إكس" الأميركيين بالمشي على سطح الكوكب الأحمر قريباً. وفي هذا السياق عد كثر إصلاحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاسية للوكالة الحكومية، رسالة في الاتجاه الذي يلوم "ناسا" ضمنياً على تشتيت وتضليل الجماهير لعقود من الزمن، من خلال مشاريع وهمية. فترمب قرر تغيير زعامة "ناسا" وإقالة عشرات العلماء، وإلغاء مهام رئيسة عدة أنفقت عليها الوكالة العملاق مليارات الدولارات من دون طائل، إلى جانب تغيير زعامة الوكالة العلمية واستبدالها برجل الأعمال ومستثمر رحلات "سبيس إكس" غاريد إيزاكمان. لذلك تساءل كثر عن دور علماء الفلك في "ناسا"، إذ بات من الصعب على كثير من الناس تصديق بعض الأفكار الجامحة حول غزو الفضاء مرة أخرى. وللإجابة عن هذا السؤال، كان لا بد من تقصي الحقائق، إذ لم يثبت أن "ناسا" ضللت جمهورها طوال هذه الفترة وذلك وفقاً لمتخصصين في هذا المجال وقصص عدة نشرت في مواقع علمية تهتم بالفضاء سنورد أهمها. وتقول هذه القصص والمواقع إن ما جعل كثراً يفكرون في ذلك هو تراجع أداء "ناسا" كثيراً منذ انتهاء فترة التنافس بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي خلال حقبة الفضاء الذهبية في بداية النصف الثاني من القرن الماضي. صرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه يؤيد طموحات المريخ التي تبنتها "سبيس إكس" أكثر من طموحات "ناسا" (بيكسباي) انقسام حاد انقسمت المواقع العلمية والأقلام التي تملك باعاً وخبرة في مجال الفضاء حول دور وتجربة "ناسا" انقساماً يمكن وصفه بـ"الحاد"، إذ دافع بعض المتحيزين لدور الوكالة بضراوة عنها، فيما شكك آخرون بدورها وأبحاثها ونكروا حتى فكرة هبوط الإنسان على القمر. ويرى الكاتب جوي إسبوزيتو في مقالة بعنوان "15 شائعة حققنا فيها حول ناسا" على موقع: أن طبيعة استكشاف "ناسا" للمجهول تثير في النفس سحراً لا مثيل له لدى جمهورها، إذ لا تزال الصور والبيانات المرسلة إلى الأرض من البعثات الاستكشافية تثير اهتمام الجمهور، فيما نشر موقع آخر هو تقريراً بقلم برابهات رانجان ميشر تحت عنوان: "ناسا" تعترف بأن هبوط الإنسان على القمر كان زائفاً، الأميركيون "لم يذهبوا إلى القمر عام 1969". وذلك في 20 يوليو (تموز) 2022، وانتشر التقرير الإخباري على نطاق واسع بعدما نشرته صحف أخرى. وأكد التقرير أن "أي شخص يعمل في مجال الفضاء أو لديه أي معرفة بعلم الصواريخ قد أقر سراً بأن الأمر برمته كان مجرد تمثيلية. فلماذا لا يتحدث أحد عن هذا؟". بدوره نشر موقع USA TODAY فيديو معدلاً لدحض ادعاء خطأ روج له بعض المشككين بدور "ناسا"، الذي زعم صاحبه أن الوكالة استخدمت مونتاجاً رديئاً لتزييف حقائق الفضاء، وقام بتدقيق الحقائق على هذا الفيديو واحد من العاملين بالموقع وهو غابرييل سيتل. تجاوزات وتأخير ما لا يختلف عليه هو حقيقة أن "ناسا" تأخرت كثيراً في تحقيق كثير من وعودها للبشرية وأهمها العودة برحلات مأهولة للقمر وذلك لأسباب وتبريرات عدة لم تعد مقبولة لدى شريحة واسعة من جمهورها. وتشير الصحافية كاترينا سيروهينا إلى أن "ناسا" أقرت عام 2024 بأن كلف بعض مشاريعها تجاوزت الموازنة الأولية بكثير، وواجهت تأخيرات كبيرة، وأنها سعت لمعالجة هذا الأمر من خلال التواصل مع قطاع الفضاء التجاري ومنظمات أخرى لطلب مقترحات في شأن مناهج أكثر فاعلية لتنفيذ بعض برامجها. جاء ذلك في تقرير نشر منتصف الشهر الجاري على موقع "RBC Ukraine" في المملكة المتحدة تحت عنوان: ترمب يريد خفض تمويل "ناسا"... التلسكوبات وبعثات المريخ في خطر. وتقول سيروهينا: كان من المقرر إطلاق تلسكوب رومان بحلول مايو (أيار) 2027، بموازنة إجمالية للمهمة قدرها 4.3 مليار دولار. وقد جمع التلسكوب فعلاً ويخضع للاختبار في مركز "جودارد" لرحلات الفضاء التابع لـ"ناسا"، مما يعني أنه من المحتمل إطلاقه في خريف 2026. فشلت "ناسا" في أهم أهدافها وهي إعادة الرحلات المأهولة إلى القمر (بيكسباي) تلميح أم تصريح؟ في السياق ذاته نشر موقع "Climate Cosmos" مقالة بقلم والتر إيزاكسون وهو كاتب متخصص حاصل على ماجستير علوم أنظمة الفضاء، تحت عنوان: اختيارات ترمب لـ"ناسا". إذ تلمح تلك الاختيارات وفق الموقع إلى أن الرئيس الأميركي يؤيد طموحات المريخ التي تبنتها "سبايس إكس" أكثر من طموحات "ناسا" التي ركزت خلال العقود الخمسة الماضية على إعادة البشر إلى القمر. وفي هذا السياق، تأتي القيادة الجديدة لـ"ناسا" لتفرض رؤيتها في خطوة فاجأت كثيرين. إذ عين الرئيس ترمب مديراً جديداً لـ"ناسا"، مما يشير إلى تحول في التركيز نحو استكشاف المريخ. ومن المتوقع أن يضفي هذا القائد الجديد، بخبرته الواسعة في هندسة الطيران والفضاء وخبرته السابقة في "ناسا"، منظوراً جديداً على الوكالة، ليتماشى هذا التعيين مع رؤية ترمب لتعزيز الوجود الأميركي في الفضاء، لا سيما مع طموحاته للوصول إلى المريخ. عودة البشر إلى القمر وقد أوضح المدير الجديد أن عودة البشر إلى القمر وهي مهمة عجزت عنها "ناسا" لعقود، ليست سوى خطوة أولى له نحو الهدف النهائي المتمثل في الهبوط على المريخ. ويأتي ذلك في سياق محاولة منه للتوفيق بين عجز "ناسا" في تحقيق هذا الهدف وطموحات "سبيس إكس" التي حققت خطوات سريعة في هذا السباق في ظل قيادة إيلون ماسك. ولكن هذه الأجندة الجريئة أثارت وفق إيزاكسون حماساً وتشكيكاً في الأوساط العلمية. ومع اشتداد المنافسة العالمية في استكشاف الفضاء، لا سيما مع التقدم السريع لدول مثل الصين، ينظر إلى هذا التغيير القيادي على أنه لحظة محورية لـ"ناسا". وفي ظل هذا القائد الجديد لـ"ناسا"، هناك دفعة قوية لتنشيط مهمة الوكالة الحكومية العملاق وإلهام الأجيال القادمة من عشاق وعلماء الفضاء. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تأكيد رؤية استكشاف المريخ وضع مدير "ناسا" المعين حديثاً رؤية مقنعة لاستكشاف المريخ، مشدداً على أهميته البالغة. ويؤكد مراقبون كثر أن الخطة الجديدة طموحة، وتهدف إلى إرساء وجود بشري مستدام على المريخ. وأن ذلك يكون بالاستفادة من التقنيات المطورة من خلال برنامج "أرتميس"، الذي يركز على البعثات القمرية كمقدمة لرحلة المريخ، وباستخدام القمر كأرض تدريب لا أكثر. وفي هذا السياق تأمل "ناسا" في العودة إلى المشاركة بفاعلية في مواجهة تحديات استكشاف المريخ وبصورة مباشرة. يذكر أن "ناسا" لم تتمكن خلال الفترة الماضية الممتدة لعقود من الزمن، من إقناع جمهورها برؤيتها الخاصة للهبوط مجدداً فوق القمر، كما أنها أوقفت في 2013 أهم مشاريعها لغزو الفضاء بسبب ما وصفته حينها بطء التقدم في مجال التقنيات والذكاء الاصطناعي إلى جانب خفض موازنتها. ومنذ ذلك الوقت انهمكت "ناسا" في مهام ذات طابع علمي وركزت على مهام جانبية مثل التقاط صور مذهلة للكون بواسطة تلسكوباتها الضخمة، وأشهرها "جيمس ويب". ولذلك تشكل إمكانية تحقيق اكتشافات علمية رائدة على المريخ، مثل أدلة على وجود حياة سابقة ورؤى ثاقبة حول جيولوجيا الكوكب، قوة دافعة كبيرة. ولا تقتصر هذه الرؤية على "ناسا" فحسب، بل تسابق شركات خاصة مثل "سبيس إكس" الزمن نحو تحقيق حلم المريخ، مما يخلق بيئة تنافسية وتعاونية في الوقت نفسه. التعامل مع تحديات التمويل والموازنة يعد تأمين التمويل الكافي أمراً بالغ الأهمية لتحقيق طموحات "ناسا" للمشاركة في مجال استكشاف المريخ. وفي عام 2023، بلغت موازنة "ناسا" نحو 25 مليار دولار، خصص جزء كبير منها حالياً لمهمتي "أرتميس" والمريخ. ويعد دور الابتكارات التكنولوجية في الوصول إلى المريخ حاسماً. لذلك أكد المدير الجديد لوكالة "ناسا" الحاجة إلى مركبات فضائية وموائل متطورة تدعم الحياة البشرية على المريخ. وتشمل مجالات التركيز الرئيسة أنظمة الدفع ودعم الحياة وتقنيات الحماية من الإشعاع. يذكر أن مركبة "بيرسيفيرانس" التابعة لـ"ناسا"، التي هبطت على المريخ في فبراير (شباط) 2021، بدأت بالفعل في اختبار تقنيات بالغة الأهمية للمهام البشرية.

سعورس
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سعورس
المدى البصري
تعد إنجازات المملكة في مجال الفضاء متعددة، فقد أطلقت المملكة العديد من الأقمار الصناعية، مثل: قمر الشارق، الذي يهدف إلى تقديم خدمات الاتصالات والإنترنت، ودأبت على تطوير المركبات الفضائية، مثل: مركبة النجم، التي تهدف إلى استكشاف الفضاء وتطوير التقنيات الفضائية، وأطلقت العديد من البرامج الفضائية، مثل: برنامج الفضاء السعودي، الذي يهدف إلى تعزيز البحث العلمي وتطوير التقنيات الفضائية. وفي إنجاز سعودي عالمي تم إطلاق (فالكون 9) كأول مهمة بحثية سعودية في المدار القطبي، لدراسة وتحليل مايكروبيوم العين في الفضاء، حيث تمثل هذه خطوة كبيرة في استكشاف الفضاء والبحث العلمي. ويكمن الهدف من هذه المهمة في دراسة وتحليل مايكروبيوم العين في بيئة الجاذبية الصغرى، مما قد يساهم في فهم أعمق لتأثير الفضاء على صحة الإنسان، خاصة العيون، ويفتح آفاقًا جديدة للتطبيقات الطبية سواء في الفضاء أو على الأرض. هذا الإنجاز يعكس التزام المملكة بالابتكار العلمي وتعزيز دورها في قطاع الفضاء العالمي. وتعد دراسة المايكروبيوم العيني في الفضاء مجالًا بحثيًا ناشئًا، وتكمن أهمية هذه التجربة في تحليل معدلات نمو المايكروبيوم العيني في الفضاء مقارنة بالبيئة الأرضية، ودراسة التغيرات الجينية والبروتينية التي قد تحدث نتيجة التعرض للجاذبية الصغرى، وتهدف التجربة إلى تقييم قدرة المايكروبات على تكوين الأغشية الحيوية، والتي قد تزيد من خطر العدوى في الفضاء، وكذلك تحليل التغيرات في مقاومة المايكروبات للمضادات الحيوية بعد التعرض للجاذبية الصغرى، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه العملية قد تستغرق فترات أطول لتطورها. ويندرج هذا المسار ضمن الجهود العالمية لدراسة تأثير الفضاء على صحة الإنسان، حيث سبقتها أبحاث مماثلة تناولت تأثير الجاذبية الصغرى على المايكروبيوم المعوي والفموي، وبما أن مايكروبيوم العين لا يزال مجالًا قيد الدراسة، ما يجعل هذه المهمة إضافة نوعية تسد فجوة بحثية مهمة وتسهم في تعزيز الفهم العلمي لتأثير الفضاء على صحة العين.