
بناء الاستقرار الإقليمي من رماد حرب نتنياهو على الاتفاق النووي
احتفل العالم بأسره بإبرام الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميًا باسم: "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، إلا أن نتنياهو وقادة نظام الفصل العنصري النووي الإسرائيلي رأوا- وما زالوا يرون- في السلام والاستقرار "التهديد الوجوديّ" الحقيقيّ، وقد تعهدوا علنًا بتدمير هذا الاتفاق.
واليوم، يعمل بعض مَن تولّوا المسؤولية بعدنا ما في وسعهم للتعامل مع تبعات عدوان وقع وسط مفاوضات نووية جديدة. هذا العدوان ارتكبته قوة مارقة في غرب آسيا تمتلك أسلحة نووية وليست عضوًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، واستهدفت منشآت نووية مؤمّنة لدولة عضوٍ في المعاهدة، وقرنت ذلك بجرائم حرب أخرى من قصف للأحياء المدنية، ومراكز رعاية الأطفال، والعلماء، والقادة العسكريين أثناء إجازاتهم.
والواقع أن جزّار غزة ذهب حتى أبعد من ذلك، حين استهدف قادة الدولة، في انتهاك لموروث إنساني عمره آلاف السنين، وهو ما يكشف بوضوح المسعى العلني والمقصود لإغراق المنطقة في الفوضى وعدم الاستقرار.
وحين تعثرت حملة هذا المعتدي المارق، هُرعت الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي إلى نجدته، فهاجمت ، بتهوّر ، منشآت نووية سلمية، في محاولة يائسة لوقف التقدّم الإيراني في مجال الطاقة النووية السلمية. ويا للمفارقة!، فمعظم هذا التقدّم تم بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بشكل أحادي.
وفي الوقت ذاته، كان المسؤولون الجدد في الدول الأوروبية الثلاث (E3) والاتحاد الأوروبي- الذين حلّوا محل نظرائي السابقين- يتفاخرون بأن "نتنياهو يقوم بالأعمال القذرة نيابةً عنهم"، وراحوا يهددون، بسوء نية مطلق، بتفعيل "آلية فض النزاع" المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وقرار مجلس الأمن رقم 2231.
لقد قاموا بذلك رغم أنهم، قولًا وفعلًا، قد أنهوا عمليًا صفتهم كأطراف في الاتفاق، عندما تبرَّؤُوا من ركنه الأساسي؛ فطالبوا بتفكيك برنامج إيران السلمي لتخصيب اليورانيوم، عندما فشلوا -بصورة فاضحة- في الوفاء حتى بالحد الأدنى من التزاماتهم الاقتصادية والمالية تجاه إيران، وذلك طوال سبعة من الأعوام العشرة الماضية على الأقل.
ففي 20 يوليو/ تموز 2021، قدّمتُ حجة قانونية مفصّلة من 140 صفحة للأمين العام للأمم المتحدة، نشرت لاحقًا كوثيقة للجمعية العامة (A/75/968)، ولمجلس الأمن (S/2021/669)، شرحت فيها عدم أهلية الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث لتفعيل آلية فض النزاع والتي يُطلقون عليها زيفًا "آلية التراجع التلقائيّ" (Snapback)، وهي عبارة لم ترد قط في نص الاتفاق، ولا في قرار مجلس الأمن.
هذه الحجة القانونية التي وثّقتُها دعمتها الآن تصريحات وسلوكيات لاحقة من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الثلاث، أعلنوا فيها بوضوح انسحابهم من وضع "الشركاء في الاتفاق النووي".
لقد دحضت القوات المسلحة الإيرانية، مرة أخرى، وبقدراتها العسكرية المحلية، أسطورة إسرائيل التي لا تقهر، وكشفت هشاشة هذا التغطرُس، فيما أحبط الشعب الإيراني الشجاع والمعتز بكرامته أوهام نتنياهو وزمرته في تفكيك إيران. وأثبتت إيران مجددًا أنه حتى إذا اجتمعت قوتان نوويتان فإنهما لا تستطيعان تركيع دولة ذات حضارة عمرها آلاف السنين.
غير أن الأمر قد بات جليًّا الآن: فوَهْم إسرائيل في الهيمنة الإقليمية و"العدوان حسب الطلب" يقوم على زعزعة استقرار إيران، تليها قوى إقليمية أخرى، لتكون النتيجة هي الفوضى والانقسام والخراب في دول غرب آسيا الإسلامية.
هذا ليس في مصلحة دول المنطقة، ولا في مصلحة أصدقائنا في الصين وروسيا، اللتين تقوم مصالحهما الوطنية على الاستقرار، كما أنه لا يتّسق مع التوجّه الإستراتيجي للولايات المتحدة وأوروبا.
لكنّ نتنياهو ومنافقيه من أنصار "بيبي أولًا" في الغرب أظهروا أنهم قساة لدرجة إغراق العالم في حروب لا تنتهي، لا لشيء إلا ليُطيلوا أعمارهم السياسية الفاسدة وأوهامهم التوسعية المبنية على الفصل العنصري والإبادة الجماعية والعدوان على جيرانهم العرب، مشفعين ذلك بالابتزاز والفضائح المتواصلة والضغط غير المشروع في الغرب.
وعليه فإن المجتمع الدولي مطالب بأن يبادر فورًا إلى معالجة هذا التهديد الجذري للسلام والأمن الإقليمي والعالمي، والذي يهدد كذلك المصالح الوطنية لمعظم الدول، ويقوّض رفاه شعوب المنطقة وخارجها.
لقد شهدت بنفسي، خلال أكثر من أربعة عقود من العمل الدبلوماسي -ومنها السعي الإسرائيلي الموثق لتعطيل مفاوضات تبادل الرهائن الأميركيين في لبنان بأسرى لبنانيين وفلسطينيين في إسرائيل عام 1991- شهدت أن النخبة السياسية الإسرائيلية مستعدة دائمًا للتضحية بكنوز وأرواح وحريات أقرب حلفائها من أجل مكاسب تافهة. كل من يتوهم أن إسرائيل ستمنحه الأمن والمساعدة سيستيقظ يومًا على الحقيقة المرّة: لقد جُعِل خطًا دفاعيًا أوليًا لإسرائيل دون مقابل.
والحقيقة أن مرتكز سياسة نتنياهو هو الفوضى والشقاق وعدم الاستقرار. والتهديد الوجودي الحقيقي -في نظرهم- هو التعاون الإقليمي، سواء تمثّل في إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط (وهو المطلب الذي اعتمدته الجمعية العامة منذ 1974)، أو من خلال صيغة للأمن والتعاون في منطقة مضيق هرمز، كما جاء في الفقرة 8 من قرار مجلس الأمن رقم 598 (الصادر 1987).
وكما قال رئيس وزراء قطر السابق بذكاء، فإن منطقتنا- بل والعالم أجمع، بمن في ذلك أعضاءُ مجلس الأمن الدائمون- لا يمكن أن تزدهر وهي تعيش تحت ظلال مغامرات إقليمية جديدة مدفوعة بأجندات داخلية إسرائيلية.
لقد آن الأوان كي يتخذ مجلس الأمن خطوات عملية لوضع إطار إقليمي للحوار، وبناء الثقة، والتعاون بين دول منطقة هرمز أو غرب آسيا الإسلامية، تحت مظلة مناسبة من الضمانات الدولية من مجلس الأمن وأعضائه الدائمين.
لقد طرحت إيران مبادرات واضحة لتعزيز الأمن الإقليمي، مثل: "مبادرة هرمز للسلام" (HOPE) 2019، و"رابطة حوار غرب آسيا الإسلامي" (MWADA) 2024.
وهذه المبادرات تمثّل دعوات مفتوحة للحوار والتعاون، وكل دولة في المنطقة أو خارجها معنية بشكل مباشر بإفشال مخططات زعزعة الاستقرار الإقليمي.
واليوم، فإن على دول المنطقة التي يشملها نطاق مبادرتَي HOPE وMWADA -بما في ذلك البحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، وعُمان، وقطر، والسعودية، وسوريا، وتركيا، والإمارات، واليمن- وبعد أن شاهدت بنفسها بعض ملامح المستقبل الخطير الذي تخطط له إسرائيل، أن تنهض بمسؤولياتها، وتبادر إلى تقديم مقترحات فردية أو جماعية، سواء لتطوير المبادرات الإيرانية القائمة أو لعرض تصورات بديلة.
وينبغي لهذه الدول أن تتحرّك معًا، وبدون مزيد من التأخير، وتدعو مجلس الأمن إلى إصدار قرار يدعم ترتيبات إقليمية، تقوم أساسًا على رؤية مشتركة تتفق عليها دول المنطقة نفسها.
لقد بيّنت السنوات العشر منذ توقيع الاتفاق النووي أن سياسة الإكراه تضر حتى بمن يبدأ بها. أما الدبلوماسية، من أجل مستقبل قائم على الرؤية المشتركة، والأمل، والمكاسب المتبادلة، فهي كانت، وستظل إلى الأبد، الخيار المعقول الوحيد. والوقت لا يرحم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 دقائق
- الجزيرة
حملة إعلانات تدعو الإسرائيليين إلى عدم التجسس لحساب إيران
دشنت إسرائيل حملة إعلانات وطنية، اليوم الأربعاء، تحث المواطنين على مقاومة إغراءات إيران للتجسس لحسابها، وتحذرهم من أن العواقب أكبر بكثير من أي مكافأة مالية. تأتي هذه الحملة الاستثنائية بعد مرور شهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية ، التي استمرت 12 يوما، والتي شاركت فيها الولايات المتحدة بضرب منشآت نووية إيرانية، وعقب ما يتردد عن تكثيف إيران جهودها من أجل تجنيد إسرائيليين. وحسب وكالة رويترز، تحمل الحملة اسم "أموال سهلة، تكلفة باهظة – لا تساعدوا العدو الإيراني"، وقد أعدها جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) والمديرية الوطنية للدبلوماسية العامة. وستُبث في الإذاعة وعلى مواقع إلكترونية رئيسية ومنصات تواصل اجتماعي. ويظهر في واحد من مقطعين مصورين مدتهما 20 ثانية رجل يتناول الطعام مع عائلته، في حين يظهر رجل آخر في المقطع الثاني يتناول المشروبات مع أصدقائه قبل أن يظهر على الشاشة تعليق يقول "هل تستحق حياتك/عائلتك التدمير مقابل خمسة آلاف شيكل؟". والخمسة آلاف شيكل (1490 دولارا) هي إشارة واضحة للمبلغ الذي تقاضاه إسرائيليون مقابل التعاون مع إيران. ويقول الإعلان إن الأشخاص الذين تقاضوا أموالا من إيران موجودون خلف القضبان الآن، ويحذر من أن أي شخص يساعد طهران سيعاقب بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما. وقالت المديرية الوطنية للدبلوماسية العامة إن الشين بيت والشرطة اكتشفوا أكثر من 25 حالة لإسرائيليين يُعتقد أن إيران جندتهم العام الماضي لمهام استخباراتية، ووُجهت اتهامات أمنية خطيرة لأكثر من 35 شخصا. وأضافت المديرية "للحملة أهمية وطنية كبيرة، خاصة بعد (الحرب مع إيران)، إذ من المتوقع أن تكثف إيران جهودها لتجنيد عملاء وتنفيذ مهام داخل إسرائيل". من جانبها، أعدمت إيران عدة أشخاص الشهر الماضي بعد إدانتهم بالتعاون مع إسرائيل وتسهيل عمليات سرية داخل البلاد.


الجزيرة
منذ 43 دقائق
- الجزيرة
بعد انسحاب الحريديم من الحكومة.. نتنياهو يخسر الأغلبية ولا يفقد السيطرة
في وقت متأخر من ليلة الاثنين 14 يوليو/تموز، أعلن جناحا حزب يهدوت هتوراه -ديغل هتوراه وأغودات إسرائيل- انسحابهما من ائتلاف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وهي الحكومة التي دخلت التاريخ بوصفها حكومة اليمين الكامل. ولم يتأخر حزب "شاس" الشرقي المتدين عن التلويح بالانسحاب، حيث أعلن قادته أنهم بصدد الانسحاب من الحكومة حتى يوم الخميس، والسبب هو عجز حكومة نتنياهو عن تمرير قانون يعفي بشكل مقبول شرائح واسعة من طلاب المدارس الدينية الحريدية من الخدمة العسكرية. وشكّل الجدل والسجالات حول هذا الأمر موضوعا لانقسام سياسي ومجتمعي واسع في إسرائيل على مدى العقدين الأخيرين، غير أن اختيار اللحظة الراهنة للانسحاب من الحكومة، في ظل أطول حرب في تاريخ إسرائيل، وفي حمى المفاوضات لتبادل الأسرى ووقف الحرب، يترك آثارا بعيدة المدى. فمن جهة، وبسبب الخسائر الكبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي بغزة، وحاجة الجيش للمزيد من المجندين، ووجود حكومة تدفع من أجل توسيع الحرب، فإن أغلبية كبيرة من المجتمع الإسرائيلي ترفض المساومات لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية. فمسألة تقاسم أعباء الدفاع باتت قضية مركزية في البرامج السياسية لأغلب الأحزاب السياسية التي يعلن بعضها وجوب سن قانون عادل للخدمة الإلزامية المدنية والعسكرية يسري على كل الشباب. ولكن الأحزاب الحريدية، لأسباب مختلفة، تطالب بأن تكون دراسة التوراة، نوعا من الخدمة العامة، لأنها حافظت على مدى قرون على المبادئ والقيم اليهودية. بل إن بعضهم يرى أن الدراسة الدينية هي التي تحمي إسرائيل حتى في ظل الحروب، أكثر من الفنون والمعدات القتالية. وقد أشار استطلاع نشره مركز دراسات الأمن القومي إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه واحدة من أخطر أزمات القوى البشرية في تاريخه، في ظل الاستنزاف والقتال على جبهات متعددة، خاصة على جبهة غزة. وأشارت نتائج الاستطلاع بشأن التجنيد إلى أن 71 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن إعفاء معظم الحريديم من الخدمة سيلحق ضررا بدوافع الخدمة. وقالت إن 41% من العائلات الإسرائيلية ستوصي أبناءها بعدم الالتحاق بالخدمة العسكرية، إذا سُن قانون يعفي الحريديم من هذه الخدمة، وإن 45% قالوا إنه إذا أُقر مثل هذا القانون، فإنهم سيشجعون أبناءهم على التجنيد في الجيش الإسرائيلي، لكن ليس في المهام القتالية. وهذا يُظهر حجم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي حول إعفاء الحريديم من الخدمة، وهي مسألة ترتبط أيضا بمشاركتهم في الحياة الاقتصادية ومقدار العبء الذي يشكّلونه. وترى جهات اقتصادية إسرائيلية أن تجنيد الحريديم وإشراكهم في الحياة الاقتصادية يوفران للاقتصاد الإسرائيلي ما لا يقل عن 100 مليار شيكل سنويا. وحسب التقديرات السائدة، فإن قرار تجنيد الحريديم يطال ما لا يقل عن 80 ألفا تسري عليهم قواعد التجنيد الإلزامي أو الخدمة الاحتياطية. وكانت الأحزاب الحريدية ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست من الليكود يولي أدلشتاين قد تبادلوا الاتهامات بشأن الاتفاق الذي يدور الحديث عنه منذ شهور، في بيان أدلى به أدلشتاين بعد إعلان الانسحاب من الائتلاف، اتهم ممثلي الكتل الحريدية في الكنيست بانتهاك الاتفاقات التي تم التوصل إليها. ولكن الأحزاب الحريدية شنت هجوما مشتركا على أدلشتاين، ونشرت بيانا جاء فيه "يولي أدلشتاين يلعب لعبة سياسية على حساب الخدمة، مستغلا بسخرية معاناة العائلات، ومُسقطا حكومة اليمين بيديه. على ممثلي الليكود واليمين التنديد به على هذا". وانضم مسؤول كبير في الحزب الحريدي لاحقا إلى الهجوم، مهددا "لن نشارك في أي حكومة مستقبلية يتولى فيها أدلشتاين حقيبة أو لجنة". حكومة أقلية وقد حاول نتنياهو بكل استطاعته منع انسحاب "يهدوت هتوراه" من الائتلاف، لأنه يعلم أن هذه أيضا مقدمة لانسحاب "شاس"، ما يجعل ائتلافه يستند فقط إلى 60 عضو كنيست بعد أن انسحب منه آفي ماعوز، وفي حال انسحاب شاس يغدو الائتلاف 50 عضو كنيست. وهناك من يعتقد أن نتنياهو يراهن على تمديد بقاء حكومته إلى حين عطلة الكنيست الصيفية التي تبدأ في 25 يوليو/تموز. ويخطط نتنياهو للعمل كحكومة أقلية، لإدراكه أن المعارضة غير موحدة ضده، وبالتالي يبدأ في التعامل مع الأحزاب خارج ائتلافه بالقطعة وليس بالجملة. وخلال العطلة يعمل نتنياهو على إطلاق الوعود للأحزاب الحريدية بسن قانون يحقق أهدافهم بعد انتهاء العطلة الصيفية للكنيست. ويحاول نتنياهو خلال العطلة الصيفية ترتيب الوضع حتى داخل الليكود، من أجل تقييد المعارضين لقانون التجنيد المرضي للحريديم. ويستند نتنياهو في توجهاته الحالية إلى إدراكه أن الأمور تتجه نحو انتخابات جديدة، وهو يريد أن يكون من يخطط لها وليس من يُجَر إليها. ويأمل نتنياهو في إجراء الانتخابات خلال الربع الأول من العام 2026، ويعتقد أنه سيكون حينها مستعدا لترؤس اليمين بعد أن يتخلص من بعض الآثار السلبية لحرب غزة واستفاد من ثمار إنجازاته في المحيط. تأثيرات سياسية وأوضح أن ما يجري على الساحة السياسية ويهز أركان الائتلاف يؤثر بشكل ما على قضايا سياسية مهمة، أبرزها مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الجارية في الدوحة. وهناك في إسرائيل حتى من يؤمنون بنظرية المؤامرة ويعتقد بعضهم أن كل أزمة الاتفاق مع الحريديم مدبرة بشكل ما لإفشال مفاوضات الدوحة. لكن آخرين، بينهم مسؤلون كبار، يبدون فقط خشيتهم من أن يؤثر انسحاب الحريديم سلبا على مفاوضات وقف إطلاق النار، إذ إن التطورات الجديدة تشعر نتنياهو بازدياد ضيق هامش المناورة السياسية لديه، وبأنه بات أشد احتياجا لوزيري التطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وحزبيهما، فالوضع الجديد يمنح سموتريتش وبن غفير نفوذا سياسيا أكبر داخل الائتلاف، بما يمتلكان من أعضاء كنيست يبلغ عددهم 13 عضوا. صحيح أنه في كل ما يتعلق بصفقة وقف النار والتبادل هناك تغطية واسعة لنتنياهو من جانب المعارضة، خصوصا "هناك مستقبل" و"أزرق أبيض" وحتى من "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان. لكن نتنياهو اعتبر على الدوام جمهور هذه الأحزاب ليس جمهوره، وبالتالي يصعب عليه الركون إليهم. ومع ذلك هناك خطوات على الأرض يقوم بها الجيش الإسرائيلي، بينها فكرة "المدينة الإنسانية" التي تضمن استمرار الحرب، وقد تقنع سموتريتش وربما بن غفير بالقبول بحجج نتنياهو حول ضرورة الاتفاق الجزئي، ويعد نتنياهو كل المتطرفين في الليكود واليمين بأن لا ينهي الحرب إلا بعد تحقيق الأهداف المعلنة. وهناك من يرى أن نتنياهو نجح في إقناع سموتريتش وبن غفير بمعارضة الاتفاق والبقاء في الحكومة، ونتنياهو يركن أيضا إلى حقيقة أن الأحزاب الحريدية وكذلك أحزاب اليمين ليست في عجلة من أمرها لتفكيك حكومة اليمين، كما أن سموتريتش وبن غفير قد لا يطمحان لتحمّل مسؤولية التسبب بإسقاط حكومة اليمين. مصير الحكومة والمفاوضات وربما لهذه الأسباب يحاول نتنياهو جر المفاوضات وعدم إبرام الصفقة إلا بعد بدء عطلة الكنيست، حيث إن العطلة تمنحه أجواء مريحة أكثر ولمدة لا تقل عن شهرين ومن دون أي تهديد مباشر لبقاء حكومته. وقد رأت "يديعوت" أن نتنياهو يمتلك أغلبية واضحة وحاسمة في الحكومة والمجلس الوزاري المصغر، وهما جهة القرار الحاسمة لصفقة التبادل ووقف النار في حال غياب الكنيست، كما أنه أيضا يمتلك، كما سلف، تأييد قطاعات من المعارضة، فضلا عن تأييد شاس والحريديم للصفقة، وهذا يضعف خصوم الصفقة داخل الحكومة. وكذلك يمتلك نتنياهو ورقة قوية وهي ضرورة التجاوب مع المطالب الأميركية، خصوصا أنها تأتي من الرئيس ترامب. وحسب "يديعوت" مارست واشنطن ضغوطا على نتنياهو، وتمكّنت من إقناعه بالموافقة على أمور لم يكن مستعدا للتنازل عنها سابقا. واعترف وزراء كبار للصحيفة "لقد دفع الأميركيون إلى مزيد من المرونة في موقف إسرائيل، حتى في أمور لم تكن مستعدة للتنازل عنها سابقا، كما تمكّن نتنياهو من إقناع بن غفير وسموتريتش بالاتفاق على أنهما سيعبّران عن معارضتهما، لكنهما لن يستقيلا من الحكومة". وخلصت الصحيفة إلى أن "التزام نتنياهو تجاه الأميركيين أكبر وأقوى من التزامه تجاه سموتريتش وبن غفير، لا سيما أنه في ظل الوضع الراهن، لا يوجد أي تهديد بحل الحكومة، على الأقل في الوقت الراهن". وثمة قناعة متزايدة في إسرائيل بأن البقاء سياسيا هو الهدف الأسمى الأول لنتنياهو، وهذا ما يحركه في أفق متضارب بات يستدعي وقف الحرب، لكنه يقبل باتفاق جزئي على أمل استكمالها في ظروف أفضل. وبانسحاب الحريديم خسر نتنياهو الأغلبية، لكنه لم يفقد السيطرة بعد، لا على الحكم، ولا على الحكومة، فالحريديم ليسوا مبنيين على البقاء في صفوف المعارضة، وهم على الدوام يطمحون للاستفادة من قربهم من سدة الحكم، ولذلك فإن انسحاب يهدوت هتوراه من الائتلاف لم يترافق بإعلان انضمامه للمعارضة، وهذا أيضا حال شاس إذا قرر مجلس حاخاماته الانسحاب من الائتلاف، إنها مجرد أوراق ضغط للحصول من نتنياهو على شروط تعامل أفضل في أي قانون تجنيد جديد. وطبيعي أن هذه الأحزاب لا تنوي التصويت على حجب الثقة عن الحكومة في الأيام القليلة الباقية على بدء الكنيست عطلته الصيفية.


الجزيرة
منذ 44 دقائق
- الجزيرة
احتجاز إيران ناقلة نفط مُهرب في خليج عُمان يثير تفاعلا على المنصات
شبكات يفتح السعر المنخفض لأسعار الوقود في إيران شهية شبكات التهريب لإخراج أكبر قدر من الوقود إلى الدول المجاورة برا وبحرا، مما يسبب خسائر لطهران بـ7 مليارات دولار سنويا. ووصلت كميات الوقود المهربة من إيران إلى 30 مليون لتر في اليوم، وهو ما يعادل ثلث إنتاجها اليومي من المشتقات البترولية، وذلك بحسب تقديرات رسمية. ومن جهتها، تتصدى السلطات لعمليات التهريب المتفشية، بمشاركة بحرية للحرس الثوري للمحافظة على استقرار سوق الوقود لديها، وتجري فحوصا مخبرية، وتُدقق بالوثائق، وتتحقق من حمولة السفن، وتضبط باستمرار عمليات تهريب الوقود. وقال رئيس سلطة القضاء في إقليم هرمزجان إن السلطات احتجزت ناقلة نفط أجنبية في خليج عُمان بتهمة تهريب مليوني لتر من الوقود. فخلال عملية الرصد والمتابعة لحركات تهريب الوقود، احتجزت زوارق إيرانية هذه الناقلة لعدم وجود وثائق قانونية كاملة تتعلق بحمولتها. وقامت الزوارق الإيرانية بسحب الناقلة إلى السواحل القريبة من مضيق هرمز ، واحتجزتها في مكان غير معلن، كما اعتقلت السلطات طاقمها المكون من 17 شخصا، وفتحت ضدهم قضية أمام المدعي العام بمنطقة بندر جاسك، ولا يزال التحقيق القضائي مستمرا. ولم تذكر السلطات الإيرانية اسم ناقلة النفط أو العلم الذي ترفعه، ولا وجهتها المعلنة أو الشركة المالكة لها. وتوالت تعليقات كثيرة على مواقع التواصل حول احتجاز إيران ناقلة نفط في خليج عُمان، رصدت بعضها حلقة (2025/7/16) من برنامج "شبكات". وقال خالد السيد "أرى أن احتجاز الناقلة رسالة مزدوجة: ضبط داخلي واستعراض قوة خارج الحدود". في حين تساءل أمين حاجب قائلا "كيف يتم أصلا تهريب هذه الكميات الضخمة من النفط من إيران؟ هل الدنيا فوضى أم ماذا؟". وعلق جمال سند يقول إن احتجاز إيران ناقلة نفط أجنبية في خليج عُمان بتهمة تهريب الوقود يعكس إستراتيجيتها في فرض سيادة ميدانية على الممرات البحرية الحساسة "ضمن سياسة الرقابة الردعية" وذلك لردع تهريب الوقود وتوجيه رسائل ضد التدخلات الغربية على حدودها البحرية. وجاء في تغريدة أبو سالم "الكلام عن ناقلة نفط وليس مركب صغير.. فكيف سيتم إذا التهريب بدون علم الإيرانيين؟!". يُذكر أن مجتبى قهرماني رئيس سلطة القضاء في إقليم هرمزجان هدد وقال "ما يفعله مهربو الوقود الذين يحاولون نهب الثروة الوطنية بالتنسيق مع أجانب، لن يظل بعيدًا عن طائلة القضاء، وسيُعاقب الجناة من دون هوادة إذا ثبتت جرائمهم".