
لبنان بين 'مطرقة منتصف الليل' وسندان حسابات إيران
جاء في 'الراي الكويتية':
فَرَكَ لبنان عينيْه على دويّ «مطرقةِ منتصف الليل» التي أيقظتْ العالمَ فجر أمس، راسمةً بقوةِ «القنابل الخارقة» تَحَوُّلاً هائلاً في المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية مع انخراطِ الولايات المتحدة مباشرةً في الحربِ التي باتت تقف أمام مفترقِ، إما المزيد من الانفلاش والتشظّي بلا أي ضوابط وإما التراجع في ربع الساعة الأخير عن حافةِ الانفجار الشامل.
وفيما كانت المنطقةُ وعواصم القرار منهمكةً في رصْد ارتداداتِ الضربات الجو – مائية التي كتبتْ معها واشنطن ما أكدت أنه «نهاية البرنامج النووي الإيراني» الذي أعلنتْ أنها «محتْ خطره» باستهداف «مثلث» فوردو – ناتانز – أصفهان، بدا لبنان في قلب ساعات عصيبةٍ وهو يتحرّى عن ردّ فعل طهران على تطورٍ عسكري «للتاريخ» كرّس دخول إيران واقعياً في «وضعية البقاء».
ومردّ التقصّي عن كيفية إدارة طهران مرحلة ما بعد الهجوم الذي شنّته الولايات المتحدة بقاذفات الشبح و«كفريق واحد مع إسرائيل»، إلى أنّ لبنان يمكن أن يجد نفسه في قلْب خطرٍ «يحوم شبحُه» فوق رأسه ويُخشى أن يصبح «حقيقةً» بحال أي اندفاعةٍ إيرانية في اتجاه «ثأرٍ» يتجاوز الطابعَ «الرمزي» أو حفْظ ماء الوجه أو «إسماعَ الصوت» ليَجْنح نحو خيارٍ قد يستجرّ انغماساً أميركياً أكبر وربما يَقْتضي تفعيلَ «الأذرع» واستخدام ما بقي من «مَخالب» لها.
من هنا، تَمَحْوَرَ التركيزُ الرسمي في بيروت حول «التذكيرِ» بضرورة تجنيب توريط لبنان أو زجّه في المواجهة الإقليمية الدائرة، في رسالةٍ إلى «حزب الله» من دون تسميته، في الوقت الذي كان «مربط الفرس» في هذا الإطار يتّصل بكيفية تصرُّف إيران وسط تقديراتٍ بأنها قد تتفادى «حرقَ المراحل» وربما تَعمد إلى اختبارِ إعلانِ إسرائيل سابقاً أن ضَرْبَ فوردو سيعني «تحقيق هدف الحرب» وتأكيد واشنطن أن البرنامج النووي انتهى و«حان وقت السلام».
وفي حين لم تستبعد هذه القراءة تركيزَ إيران «الردّ الانتقامي» الذي لا مفرّ منه على إسرائيل مع تحييدِ الولايات المتحدة أو الاكتفاء بضربةٍ محسوبة و«ناعمة» على طريقة ما أعقب اغتيال الجنرال قاسم سليماني، لإبقاء الباب مفتوحاً أمام الحلّ الدبلوماسي وإن الذي بات وكأنه مفروشاً بـ «الجَمر»، فإن الساعاتِ المقبلة بدت محفوفةً بمخاطر غير مسبوقة في الإقليم كما لبنان الذي يقيم فوق الصفيح الساخن والفالق الزلزالي الأخطر الذي حرّكته بقوةٍ القنابلُ الزلزالية الأميركية.
وما عزّز حبْس الأنفاس في العاصمة اللبنانية أن الرئيس دونالد ترامب الذي يَعتمد إستراتيجية «السلام بالقوة» والذي حذّر إيران من «السلام أو المأساة الأكبر»، ومعه إسرائيل، ليسا في وارد التراجع عن دفتر شروط «الاستسلام الكامل» من طهران، والذي إذا صحّ أن البرنامجَ النووي «شُطب منه» بفعل الضربة الثلاثية الأميركية – وذلك بصرف النظر عن مصير مخزون اليورانيوم المخصب وإين خبئ – فإنه يَبقى على «اللائحة» بندا الصواريخ البالستية و«الأذرع» في المنطقة وفي مقدّمها «حزب الله».
وفيما لم تُعْطِ تل أبيب إشاراتٍ إلى قرب وَقْفِ عملياتها التي استمرت بوتيرة عالية في إيران، فقد كان من الصعب استشراف ظروفِ العودة إلى أي مفاوضاتٍ، ولا بطبيعة الحال إمكانات نجاحها، في ضوء تَحَوُّل هدفها إلى أن ترفع طهران «الراية البيضاء» على الطاولة أو في الميدان، ووقوع الجمهورية الإسلامية بين «مطرقة منتصف الليل» و«سندان» أي ردٍّ غير محسوبٍ، وكلاهما يُخشى أن يضعا مصير النظام برمّته على المحك.
وهذا ما يفسّر القلق اللبناني من انزلاقِ الحرب الإسرائيلية – الإيرانية إلى مزيدٍ من الأبعاد «غير التقليدية» بالمعنى العسكري والإستراتيجي واتخاذها طابعاً غير مسبوق في تاريخ الحروب في ضوء السوابق التراكمية التي تَحكمها، تقنياً وجغرافياً، والتي تمنحها بعض «السمات الهوليوودية».
ولم يتأخّر رئيسا الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام في تلقُّف هذه الأبعاد الخطيرة ومحاولة التحوّط لأي إقحامٍ للبنان في البركان المتفجرّ، وسط توقف أوساط سياسية عند ما بدا «جرس إنذار» شكّله إعلان الخارجية الأميركية «اننا أمرْنا بمغادرة عائلات وموظفي الحكومة غير الضروريين من لبنان بسبب الوضع الأمني في المنطقة».
وقد اعتبر عون «أن التصعيد الأخير للمواجهات الإسرائيلية – الإيرانية والتطورات المتسارعة التي ترافقها ولاسيما قصف المنشآت النووية الإيرانية فجراً، من شأنه أن يرفع منسوب الخوف من اتساع رقعة التوتر على نحو يهدد الأمن والاستقرار في أكثر من منطقة ودولة، الأمر الذي يدفع إلى المطالبة بضبط النفس وإطلاق مفاوضات بناءة وجدية لإعادة الاستقرار إلى دول المنطقة وتفادي المزيد من القتل والدمار لاسيما وأن هذا التصعيد يمكن أن يستمر طويلاً».
وناشد الرئيس اللبناني «قادة الدول القادرة التدخل لوضع حد لما يجري قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى «أن لبنان، قيادة وأحزاباً وشعباً، مدرك اليوم، أكثر من أي وقت، أنه دفع غالياً ثمن الحروب التي نشبت على أرضه وفي المنطقة وهو غير راغب في دفع المزيد ولا مصلحة وطنية في ذلك، لاسيما وأن كلفة هذه الحروب كانت وستكون أكبر من قدرته على الاحتمال».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 30 دقائق
- بيروت نيوز
الهجوم الأميركي على إيران.. لم يكن الأمر أبدًا مسألة ما إذا كان سيحدث ذلك بل متى
ذكرت صحيفة 'La Presse' الكندية أن 'من بين المنشآت الايرانية الثلاث التي تعرضت للهجوم وهي نطنز، وأصفهان، وفوردو، يُعتقد أن الأخيرة هي الأكثر أهمية في تطوير الأسلحة النووية الإيرانية. وذكرت وسائل إعلام أميركية نقلا عن مصادر لم تسمها أن قاذفات من طراز 'B-2' أقلعت ليلا من قاعدة في الولايات المتحدة وشاركت في الهجوم. وهذه الطائرات هي الوحيدة القادرة على حمل قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات والتي يمكنها ضرب المنشآت تحت الأرض مثل فوردو. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رسالة إلى الأمة مساء السبت: 'لقد تم تدمير منشآت التخصيب النووي الأساسية في إيران بالكامل'. وتابع قائلاً: 'على إيران، طاغية الشرق الأوسط، أن تُحقّق السلام الآن. وإلا، ستكون الهجمات المستقبلية أشدّ وأسهل بكثير'.' وبحسب الصحيفة، 'في ساعة مبكرة من صباح الأحد، حذّر كبير الدبلوماسيين الإيرانيين من أن الهجمات الأميركية ستكون لها 'عواقب أبدية'. وأُطلقت بعد ذلك موجتان من الصواريخ من إيران. ودوّت صفارات الإنذار في تل أبيب، وسُمع دويّ انفجارات مدوية في القدس. وبهذه الهجمات، تنضم الولايات المتحدة إلى جهود إسرائيل التي تتبادل الضربات مع إيران منذ نحو عشرة أيام على أمل تدمير برنامجها النووي. وأشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بترامب خلال محادثة هاتفية. فبالنسبة له، مع هذا الهجوم على إيران، فإن الولايات المتحدة 'لا مثيل لها'. وقال ترامب بحماس: 'نتنياهو وأنا نعمل كفريق واحد كما لم يعمل أي فريق آخر من قبل، وقد بذلنا جهدا كبيرا للقضاء على هذا التهديد الرهيب لإسرائيل'.' وتابعت الصحيفة، 'يوم الجمعة، أمهل الرئيس الأميركي إيران أسبوعين لوقف مساعيها للحصول على أسلحة نووية، مهددًا بضربات محتملة، لكنه في النهاية قرر المضي قدمًا قبل ذلك. وقال تشارلز فيليب ديفيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيبيك في مونتريال، 'لم يكن الأمر أبدًا مسألة ما إذا كان سيحدث ذلك، بل مسألة متى سيحدث ذلك'. وأضاف: 'كان هناك استثمار ضئيل وثقة ضئيلة في الدبلوماسية ونتائجها المستقبلية. وبشكل عام، نشهد فشلاً ذريعاً للدبلوماسية'. وأضاف: 'لقد انتصر بنيامين نتنياهو وحقق ما أراد منذ لقائه الأخير بدونالد ترامب. أراد تدمير فوردو، لكن دون مساعدة أميركية، لم يكن ذلك ممكنًا. الآن لم يعد وحيدًا في هذه الحرب. قبل 22 حزيران لن يكون كما بعده'.' وبحسب الصحيفة، 'في إيران، لم تُقدّم إدارة الأزمات في محافظة قم أي تفاصيل حول الأضرار التي لحقت بمواقعها النووية. إلا أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أكدت أنها 'لن تُوقف' أنشطتها النووية، واصفةً القصف الأميركي بأنه 'عمل بربري ينتهك القانون الدولي'. وذهب رئيس الجمهورية الإسلامية مسعود بزشكيان إلى أبعد من ذلك الأحد، مهددا إسرائيل برد 'أكثر تدميرا'. وقال سامي عون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيربروك الكندية: 'إيران تتبنى نبرة تحدٍّ'. وأضاف: 'علينا أن نستعد لنقطة تحول. إما أن يرغب الإيرانيون بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع الأميركيين، وهو الخيار الأكثر تفاؤلاً، أو سنواجه تصعيداً سيكون كارثياً'.' وتابعت الصحيفة، 'لا تزال إيران بحاجة إلى القوة النارية الكافية لإلحاق ضرر حقيقي بالقوات الأميركية، إلا أن العقيد السابق في القوات المسلحة الكندية، ميشيل دبليو درابو، يشكك في ذلك. وقال: 'هل يمتلكون فعلاً الأسلحة اللازمة لذلك؟ يبقى أن نرى. سنعرف ذلك في الساعات والأيام المقبلة. ولكن إذا بقي طريق دبلوماسي، فهو بلا شك الطريق الأمثل للجميع'. وأضاف أن الولايات المتحدة ستنتظر هجومًا إيرانيًا مضادًا، إن وقع، قبل أن تشن هجومًا جديدًا. ووفقاً لديفيد، من المؤكد أن الجيش الأميركي سيكون مستعدًا 'للرد'، فقد تم نقل أعداد كبيرة من القوات إلى قواعد عسكرية قريبة في الكويت والبحرين. ورغم أن النظام الإيراني ضعف 'إلى حد كبير، وفقد احترامه وأُهين'، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن سقوطه، كما قال عون'.


بيروت نيوز
منذ 30 دقائق
- بيروت نيوز
المنطقة نحو حرب استنزاف.. لبنان يتأثر إيجاباً
مع الحديث المتزايد عن ضرورة انتهاء الحرب بين إيران وإسـرائيل، كي تبقى ضمن حدودها الحالية، ولا تتوسّع رقعتها ، يتهيّأ لبنان لدخول مرحلة جديدة مختلفة عن مشهده المتقلب في السنوات الأخيرة. فبحسب مصادر مطلعة، فإن البلد الصغير سيكون أمام فرصة لتثبيت بعض التوازنات السياسية، وفتح الباب أمام استقرار نسبي، ولو مؤقت، يستفيد منه الجميع. أحد أبرز معالم هذه المرحلة هو أن إيران، ورغم ما ستخرج به من خسائر، ستبقى قوية نسبياً، وهذا يعني أن 'حزب الله' سيتنفس مجددًا الصعداء ويعيد تموضعه سياسيًا وأمنيًا داخل لبنان، خصوصًا إذا استمر انشغال إسـرائيل بمعالجة تداعيات الحرب وإعادة ترميم اقتصادها وجيشها. ففي هذه الفترة الانتقالية، ستبتعد تل أبيب على الأرجح عن أي مغامرات عسكرية على الجبهات الخارجية، ما يخفف الضغط عن الساحة اللبنانية ويمنح الحزب هامشاً أوسع للحركة. في هذا السياق، من المتوقع أن تندفع البلاد نحو انتخابات نيابية جديدة، ستشكل مخرجًا سياسيًا وفرصة لإعادة إنتاج السلطة في ظل واقع إقليمي جديد. وتفيد المعلومات أن واشنطن، التي تسعى إلى إنهاء الصراعات في المنطقة بعد أن مالت الكفة لصالحها في التوازنات الكبرى، ستدفع باتجاه فرض نوع من الاستقرار، خاصة في دول مثل لبنان تمثل نقطة تقاطع بين مختلف المحاور. هذا الاستقرار، وإن بدا هشًا، إلا أنه قد يمتد لعدة أشهر أو حتى سنوات، في حال لم تطرأ تطورات كبيرة، وخصوصًا إذا تمّ تحييد لبنان عن التجاذب المباشر بين طهران وتل أبيب. فالتعب الإقليمي العام، ورغبة القوى الكبرى في التفرغ لأولويات اقتصادية وأمنية داخلية، قد تخلق هامشًا سياسيًا نادرًا للبنان ليعيد ترتيب أوراقه. يبقى السؤال الأساسي: هل يمكن للطبقة السياسية اللبنانية أن تلتقط هذه الفرصة وتستثمرها في بناء حد أدنى من التوافق، أم أن الخلافات العميقة ستبدّد هذا الهامش مجددًا؟ الأكيد أن ما بعد الحرب سيحمل للبنان نافذة جديدة، قد تكون محدودة، لكنها قابلة للاستثمار إذا توفرت الإرادة.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
المنطقة نحو حرب استنزاف.. لبنان يتأثر إيجاباً
مع الحديث المتزايد عن ضرورة انتهاء الحرب بين إيران وإسـرائيل، كي تبقى ضمن حدودها الحالية، ولا تتوسّع رقعتها ، يتهيّأ لبنان لدخول مرحلة جديدة مختلفة عن مشهده المتقلب في السنوات الأخيرة. فبحسب مصادر مطلعة، فإن البلد الصغير سيكون أمام فرصة لتثبيت بعض التوازنات السياسية، وفتح الباب أمام استقرار نسبي، ولو مؤقت، يستفيد منه الجميع. أحد أبرز معالم هذه المرحلة هو أن إيران، ورغم ما ستخرج به من خسائر، ستبقى قوية نسبياً، وهذا يعني أن " حزب الله" سيتنفس مجددًا الصعداء ويعيد تموضعه سياسيًا وأمنيًا داخل لبنان، خصوصًا إذا استمر انشغال إسـرائيل بمعالجة تداعيات الحرب وإعادة ترميم اقتصادها وجيشها. ففي هذه الفترة الانتقالية، ستبتعد تل أبيب على الأرجح عن أي مغامرات عسكرية على الجبهات الخارجية، ما يخفف الضغط عن الساحة اللبنانية ويمنح الحزب هامشاً أوسع للحركة. في هذا السياق، من المتوقع أن تندفع البلاد نحو انتخابات نيابية جديدة، ستشكل مخرجًا سياسيًا وفرصة لإعادة إنتاج السلطة في ظل واقع إقليمي جديد. وتفيد المعلومات أن واشنطن ، التي تسعى إلى إنهاء الصراعات في المنطقة بعد أن مالت الكفة لصالحها في التوازنات الكبرى، ستدفع باتجاه فرض نوع من الاستقرار، خاصة في دول مثل لبنان تمثل نقطة تقاطع بين مختلف المحاور. هذا الاستقرار، وإن بدا هشًا، إلا أنه قد يمتد لعدة أشهر أو حتى سنوات، في حال لم تطرأ تطورات كبيرة، وخصوصًا إذا تمّ تحييد لبنان عن التجاذب المباشر بين طهران وتل أبيب. فالتعب الإقليمي العام، ورغبة القوى الكبرى في التفرغ لأولويات اقتصادية وأمنية داخلية، قد تخلق هامشًا سياسيًا نادرًا للبنان ليعيد ترتيب أوراقه. يبقى السؤال الأساسي: هل يمكن للطبقة السياسية اللبنانية أن تلتقط هذه الفرصة وتستثمرها في بناء حد أدنى من التوافق، أم أن الخلافات العميقة ستبدّد هذا الهامش مجددًا؟ الأكيد أن ما بعد الحرب سيحمل للبنان نافذة جديدة، قد تكون محدودة، لكنها قابلة للاستثمار إذا توفرت الإرادة.