
فى ذكرى الهجرة: إذا استنفرتم فانفروا
كل أسبوع
مع بداية شهر المحرم بعد غد الخميس ـ وفقا للحسابات الفلكية - تحتفل الأمة الإسلامية بذكرى الهجرة النبوية المباركة، التى مهدت وأسست لبناء دولة الإسلام العظيمة التى كانت خيرا وبركة على الإنسانية كلها، إذ أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجور إلى العدل، برسالة الإسلام العالمية التى هى آخر رسالات السماء إلى الأرض، وختام الوحى بما نزل على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أفضل صلاة وأزكى سلام.
وكثيرا ما يتردد فى الاحتفالات بهذه الذكرى العطرة الحديث الصحيح، الذى رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث عائشة، ومن حديث ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا" ومعناه عند أهل العلم: لا هجرة من مكة بعدما فتحها الله على يد نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس المعنى نفي الهجرة بالكلية، بل المراد: لا هجرة بعد الفتح يعني: من مكة إلى المدينة، لأن الله سبحانه جعلها دار إسلام بعد فتحها، فلم يبق هناك حاجة إلى الهجرة منها، بل المسلمون يبقون فيها.
والحديث يؤكد على أن المسلم ينبغي أن يكون دائما في حالة "جهاد" بمعنى السعي الدائم لفعل الخير وتصحيح النية، وأن يكون مستعدا للدفاع عن دينه وأمته إذا استدعى الأمر، وهذا ما نفهمه من قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "وإذا استنفرتم فانفروا" أي إذا طلب منكم رئيس الدولة أو ولي الأمر الخروج للجهاد في سبيل الله، سواء كان للدفاع عن بلاد المسلمين أو لنصرة المظلومين، فانفروا: فإنه يجب عليكم الاستجابة والخروج للجهاد.
وجاء في الحديث الآخر الصحيح: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، فمن كان في بلاد الشرك واستطاع أن يهاجر فعليه أن يهاجر" كما قال الله سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" [النساء: 97].
وجاء فى تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله: إن الآية تدل على وجوب الهجرة، وقال: ذلك مجمع عليه بين أهل العلم أن الهجرة واجبة على كل من كان في بلاد لا يستطيع إظهار دينه، فإنه يلزمه أن يهاجر إلى بلاد يستطيع فيها إظهار دينه، إلا من عجز، كما قال تعالى فى الآية بعدها: "إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً - يعني: بالنفقة - وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا" - يعني: لا يعرفون الطريق حتى يذهبوا. "فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ"، و"عسى" من الله واجبة، والمعنى: فأولئك معفو عنهم، الرجل العاجز والمرأة العاجزة، وهكذا الولدان الصغار.
وفى صحيح البخارى حديث عبدالله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسَانِهِ ويَدِهِ، والمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه"، وهذا الحديث من جوامع كلمه - صلى اللهُ عليه وسلم -، وفيه بيان أن المهاجر الكامل هو من هجر ما نهى اللهُ عنه، وهو الذي جمع إلى هجران وطنه وعشيرته هجران ما حرم اللهُ تعالى عليه.
والحديث يبين - في جلاء - أن الظواهر لا يعبأ اللهُ تعالى بها إذا لم تؤيدها الأعمال الدالة على صدقها، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا دائما إلى هجر ما نهى الله عنه، وأن يجعل العام الهجرى الجديد عام خير وبركة على أمتنا المصرية، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفق ولاة أمورنا إلى ما فيه خير البلاد والعباد.. اللهم آمين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 40 دقائق
- بوابة الأهرام
«الوطنية للصحافة» تنعى محمد عبدالمنعم
فقدت الصحافة المصرية و«الأهرام» الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد عبدالمنعم الذى انتقل، أمس، إلى رحمة الله ــ تعالى ــ عن عمر يناهر 88 عاما، ويعد واحدا من أبرز الصحفيين المتخصصين فى الشئون العسكرية. ونعت الهيئة الوطنية للصحافة، برئاسة عبدالصادق الشوربجى، وأعضاء الهيئة، ببالغ الحزن والأسى، الكاتب الصحفى الكبير الذى تقلد مناصب صحفية رفيعة كان أبرزها رئاسة مجلس إدارة مؤسسة «روز اليوسف»، تاركا إرثا صحفيا كبيرا، من خلال إسهاماته فى تغطية أهم الأحداث السياسية والعسكرية فى تاريخ مصر. وقال الشوربجى: محمد عبدالمنعم كان مثالا لطيبة القلب والنقاء والاجتهاد والمثابرة وبشاشة الوجه، وتتلمذ على يديه مجموعة متميزة من صحفيى مؤسسة روز اليوسف. الفقيد من مواليد 10 ديسمبر 1937 بالقاهرة، والكاتب الراحل قد حصل على ليسانس الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، بجامعة القاهرة عام 1967، وانضم لأسرة تحرير الأهرام عام 1968، حيث عمل محررا للشئون الدولية، ومحررا عسكريا، ثم رئيسا للقسم العسكرى، ومديرا لتحرير الأهرام، كما تم انتدابه للعمل سكرتيرا صحفيا للرئيس الراحل حسنى مبارك لمدة 5 سنوات (1989 ــ 1994)، وتولى بعدها منصب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير روز اليوسف، وحصل الفقيد على العديد من الجوائز والتقديرات الصحفية.


بوابة الأهرام
منذ 41 دقائق
- بوابة الأهرام
بين الأسد الصاعد والوعد الصادق!
الحَرْبٌ مجردة من ملابسها، كحقيقة عارية (فى المعجم)، قتال بين دولتَيْن أو دُوَل، بين فئتَيْن، نِزاع مسلَّح.. فى أتون الحرب (الإيرانية/ الإسرائيلية)، التى أعلن الرئيس ترامب وقفها أمس، ارتدت الحرب ملابس دينية، مسوح الدجال، لتخفى سوءتها، وتتخفي، تتشح بأسماء وصفات دينية لإضفاء قداسة (مستنكرة) وبركات وتبريكات على سفك الدماء وقتل الأبرياء، وقصف المدنيين، وتدمير الحضارة الإنسانية. الأديان بريئة مما يأفكون، وتديين خطاب الحرب والعدوان لا يخيل على الضمائر الحية التى تأنف الحرب وتبغض العدوان.. المراجع الدينية حول العالم تدين الحرب، وتستنكر تديينها، الأديان تدعو إلى السلام، وتحض على السلام، وتصلى من أجل السلام، «طوبى لصانعى السلام، لأنهم أبناء الله يدعون» (مت5: 9) الحرب الإيرانية الإسرائيلية، اتشحت بخطاب دينى فاقع، وتسمت بأسماء دينية منكورة ، لتسويغ العدوان وتبليعه للعامة، الناس على وجوهها هائمون، حائرون يتساءلون فى جنون، ما كل هذا الجنون.. «وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد» (البقرة: 205). معلوم الأسماء الدينية المخاتلة المطلوقة فى غمار الحرب، ظلال للدين والطائفة والهوية، ليست بريئة أو عفوية أو من دون دلالة، مشحونة بالبغضاء، فى تزاوج قبيح بين السياسى (الحربي) والديني.. راجع خطابات الحرب مزودة بمسيرات دينية مفخخة! استحضار المدلول الدينى مخبوء فى مسيرات، ومحمول تحت جناح طائرات، ومحشو فى رؤوس صواريخ فرط صوتية، لن يغير من حقيقة الحرب، لن يسوغ أبدا العدوان، لن يحرف البوصلة الإنسانية عن إدراك مآسى الحرب ومخلفاتها من دماء وأشلاء وهدم وتشريد فى العراء. أسماء تختبئ فى معارك، رسائل مشفرة فى حروب، وثأريات ماضوية تستحضرها ذاكرة مشيخية شريرة فى استخدام سياسى قبيح لما هو سام، الدين يسمو فوق الإحن والمحن والثارات، بردا وسلاما. اسم العملية العدوانية الإسرائيلية على إيران أطلقت عليها المراجع الدينية فى أقبية الحاخامات اسم «الأسد الصاعد» إحياء لرمز الأسد والشمس، الذى كان شعار إيران وعلمها حتى الثورة الخومينية عام 1979م، والاسم مستمد من الكتاب المقدس، سفر العدد (23:24): «هُوَذَا شَعْبٌ يَقُومُ كَلبْوَةٍ وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ». الرد الإيرانى من نفس المعين الديني، يعزف على الوتر الديني، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية «على خامنئي» شبّه عملية «الوعد الصادق» بأنها مثل «عصا موسي»، حيث اعتبر (فى أبيات للشعر من نظمه بالفارسية) ما ترجمته أن الصواريخ والطائرات من دون طيار التى أطلقتها إيران ضد إسرائيل أشبه بالعصا التى ألقاها موسى أمام سحرة فرعون فابتلعت (لقفت) ما سبق أن ألقوة من حبال وعصي. حتى الولايات المتحدة الأمريكية، لم تجد حرجا أن تطلق على طائرتها اسم وصف (طائرة يوم القيامة)، وهو مصطلح يطلق على فئة من الطائرات التى صُنعت لتكون مركز قيادة وطنيا محمولا جوا يستخدم عند نشوب حرب نووية أو كارثة أو نزاع آخر واسع النطاق يهدد البنى التحتية العسكرية والمدنية الرئيسة، وردت إيران بصواريخ «خيبر»، خيبر اسم ذو دلالة دينية من موروثات ماضوية، والصاروخ خيبر، صاروخ تدميرى معروف باسم «خرمشهر»، صاروخ باليستى دقيق التوجيه يعمل بالوقود السائل، ويُعد الجيل الرابع من سلسلة صواريخ خرمشهر الإيرانية. طوّر هذا الصاروخ من قبل منظمة «الجوفضاء» التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، ويتميز بعدم حاجته إلى التوجيه فى المرحلة النهائية من مساره.. عارف طريقه لإحداث دمار واسع. أمراء الحرب وقادتها كعادتهم التى جبلوا عليها من سنوات الحروب الصليبية، يحرفون الكلم الطيب عن مواضعه، الاستخدام الدينى للآيات والأسفار ، والأناجيل، والمزامير، فى أتون الحرب المسعورة يراكم شعورا بالحرب الدينية، الحرب الدينية أو الحرب المقدسة، حرب مسببة أو مبررة من أساسها بسبب الاختلافات الدينية. كثرت النقاشات فى أتون الحرب الإيرانية / الإسرائيلية، وقبلها غزو جيش الاحتلال لغزة، حول مدى غلبة الجوانب الدينية فى أى صراع ضمن حرب معينة. وفقًا لموسوعة الحروب، من بين جميع الصراعات التاريخية المسجلة البالغ عددها 1763 صراعا، كانت الاختلافات الدينية مسببة بشكل رئيسى فقط فى 123، أو 6.98% منها. والكاتب الأمريكى «ماثيو وايت» فى كتابه «الكتاب الكبير العظيم للأشياء المروعة» يلفت النظر إلى الدين باعتباره سببًا رئيسيا فى 11 من أكثر الأعمال الوحشية الدموية حول العالم. يرصد «ماثيو وايت» توافر العناصر الدينية بشكل علنى فى العديد من النزاعات، بما فى ذلك الصراع الإسرائيلى الفلسطيني، والحرب الأهلية السورية، والحروب فى أفغانستان والعراق .. الحروب الدينية ، توصف فى الغرب بشكل مختلف، باعتبارها صراعات أصولية أو تطرفا دينيا، اعتمادًا على تعاطف الواصف ، ومع ذلك، غالبا ما تخلص الدراسات حول هذه الحالات إلى أن العداوات الدينية تسبب الكثير من النزاعات البشرية.


أهل مصر
منذ 44 دقائق
- أهل مصر
باحث بشئون الإسلام السياسي: "الإخوان بيستنوا أي أزمة عشان يشمتوا في المصريين"
قال سامح عيد، الباحث في شئون الإسلام السياسي، إنه يجب على المصريين أن يعرفوا جيدًا أننا كنا في مرحلة صعبة للغاية، حيث كانت هناك جماعة تختطف الدولة المصرية وتحاول منذ قرن من الزمان أن تصل إلى الحكم تحت ادعاء أنه حكم الله وأن الحاكمية لله وأنهم سيحكمون باسمه. أضاف عيد، اليوم، خلال مداخلة هاتفية، ببرنامج "الحياة اليوم"، المُذاع عبر قناة الحياة، أن هذه الجماعة صدرت الشعارات مثل الإسلام هو الحل وتطبيق الشريعة الإسلامية وعند وصولهم إلى الحكم تغيّر كل ذلك وباتت هناك طائفية وشاهدنا اعتداءات كثيرة على أبناء الوطن الواحد بحق الكنائس والإرهاب والفصل بين المصريين، مؤكدًا أن هذه الجماعة ادعت أنها الإسلام. أوضح أن جماعة الإخوان تدعي أن سقوطهم عن الحكم ليس سقوطًا لنظام فاشل كان سيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية، بل إزاحة الإسلام، مؤكدًا أن الإسلام متواجد قبل هذه الجماعة وحتى يومنا هذا، والإخوان لا يمثلون الإسلام، لافتًا إلى أنهم ينتظرون أي أزمة كي يشتموا في المصريين.