ذكريات خبير متقاعد في الجماعات الإسلامية
توقفت منذ "الربيع العربي" عن مقابلة الصحفيين والباحثين والزوار ووسائل الإعلام. الذين كانوا ومنذ عام 1989 يأتون إلى عمان بكثافة كبيرة للكتابة والبحث والتعرف حول الجماعات الإسلامية من كل الاتجاهات وفي كل مكان في العالم.
الشرق عالم السحر والغموض. يبدو أن الجاذبية التاريخية للشرق كعالم مليء بالأسرار والمجالات غير المحدودة للمغامرات والاستطلاع والبحث والمشاهدات مازالت تجتذب كثيرا من الغربيين من الدبلوماسيين والباحثين والصحفيين والسياح؛ كما الحال منذ قرون متطاولة، لكن فئة واسعة من هؤلاء القادمين إلى الشرق يظنون أن الأسرار تتناثر في كل مكان ويمكن التقاطها من كل شخص.
لا يميز كثير من الغربيين القادمين إلى بلادنا بين الناس، لا يلاحظون فرقا بين أبو بكر البغدادي وبين أي عربي يلقاه في عمان أو بغداد، يتصور أن جميع الناس يعرفون بعضهم، ويسأل ببساطة وبداهة أسئلة يصعب إن لم يكن مستحيلا معرفة إجاباتها وأن من يعرفها أو يتتبع طرفا منها محترفون متفرغون لا يتوقع أن يطلعوا أحدا على ما يعرفونه.
صحفيون وباحثون يعملون في الجامعات والصحف ومحطات التلفزة الغربية الكبرى ودبلوماسيون وسياسيون يسألونك (وهذا حدث معي مرات كثيرة) ما هي استثمارات حماس أو القاعدة أو الاخوان المسلمون في الأردن؟ لا تمنع نفسك من الابتسامة الساخرة ويتململ الضيف شاعرا بالإهانة. وكأن استثمارات الجماعات وأموالها مسجلة مثلا في وزارة الصناعة والتجارة أو يمكن لأي أردني أن يعرفها ويدلك عليها مثل ما يعرف مطعم القدس أو عطا علي أو أحد البنوك المحلية. يتخيلون أن هذه الجماعات لها مكاتب وقواعد وأمكنة في البلاد يعرفها الناس، ويمكن أن يسأل الدليل أو المترجم والذي يكون دائما لا يعرف من العربي أو الانجليزي الا ما يفيد في سوبر ماركت أو يساعد في ركوب وسائل المواصلات في مجمع الشمال أو التاكسي، حتى المترجمون المتفرغون في السفارات تبذل جهدا كبيرا حتى تفهّمه الموضوع بالعربي ولم يحدث يوما أني قدرت أفهّم واحد منهم بالعربي الموضوع اللي الضيف يسأل عنه، ومش عارف بعدين شو ممكن وكيف يترجم موضوع لا يفهم منه شي.
مرة قلت لباحثة أستاذة جامعية يمكنك أن تدبري أمورك أفضل من هاي المترجمة. ومرت الأيام وصارت المترجمة زميلة وبعد عشرين سنة لاقت ابني في مناسبة وقالت له ابوك حكى للباحثة اللي كنت اترجم لها أحسن لك بدون مترجمة! لا شيء يُنسى ولا أحد ينسى في الأردن. كتبت مقالة في صحيفة الرأي عام 2003 انتقد بعض الممارسات في مستشفى الجامعة، وفي عام 2018 صار الطبيب المعني بالمقالة (رغم اني لم اذكره بالاسم وكان الحديث عن المستشفى بشكل عام) رئيس الجامعة التي صرت أعمل فيها، وأول شي عمله الانتقام مني!
يسأل الرحالة المغامر وين ممكن أقابل أبو مصعب (قبل ما يقتل) أو أزور مقرات "المجاهدين" ويتوقع إجابة مثلا ثالث شارع على اليمين في شارع السعادة! أيام أسامة بن لادن تدفق مئات الصحفيين والباحثين والدبلوماسيين يسألون عن أسامة بن لادن. طيب ليش جايين الأردن تسألوا عنه؟ ويبدو أنها حالة ألهمت جماعة من "الرياديين والمبدعين" تنظيم جولات ومقابلات في عمان والزرقاء والسلط واربد ومعان ويكون فيه برنامج مرتب ومحدد مثل "المنيو" وأشخاص بعضهم يقدمون للضيف كقادة للجماعات أو خبراء أو باحثين متخصصين في الجماعات أو أقارب للجماعات، وفي فترة طلعت موضة زيارة بيت أبو مصعب الزرقاوي، صار معلم بحثي وصحفي مثل زيارة مدرج عمان (مش روماني إلا بمعنى الروم اللي هم ا لسوريين مش روما اللي اكتسبت التسمية من شخص اسمه روميو) ويسألون أسئلة لا يستطيع أن يجيب عليها غير أسامة بن لادن شخصيا. أصلا لو كت أعرف هاي المعلومات لحصلت في مقابلها على 5 - 25 مليون دولار على الراس.
ونشرت الصحف والمحطات التلفزيونية العربية والعالمية عشرات المواد عن الجماعات اللي تنشط في أفغانستان أو العراق أو نيجيريا أو بوركينا فاسو من مقابلات وزيارات جرت في عمان أو الزرقاء أو حتى فقط في فنادق الخمس نجوم في عمان. وعلى سبيل المثال وهو مثال قابل للتعميم نشرت صحيفة الحياة اللندنية تحقيقات صحفية متسلسلة كل حلقة في صفحة عن جماعات المجاهدين وكأن الصحفي اللي جمع قصصه كلها من الأردن كان يتجول ويعيش في أدغال وجبال ومجاهل وصحارى أفغانستان وأفريقيا وفيتنام. ويمكن لأي أحد الآن استعادة هاي التحقيقات من الانترنت (إلا اذا اختفى موقع صحيفة الحياة من الانترنت) ويقرأ المغامرات والتحقيقات عن المجاهدين.
طلعت موضة أخرى هي التحليل النفسي للجماعات واعضائها. والفكرة جيدة طبعا لكن الباحثين والصحفيين كانوا يقابلوا صحفيين وباحثين مثلهم .. ومع ذلك نشرت تحقيقات وأبحاث وعقدت محاضرات عن علم نفس التطرف والإرهاب وقدم فيها أشخاص لا يميزون بين الارهاب والشاورما عن علم نفس الارهاب والتطرف! قال لي صحفي ساخر حصلت على أموال بسبب النشر عن الجماعات أكثر مما تملك الجماعات نفسها. ما علينا!
مرة قابلتني برلمانية هولندية تشير ملامحها وأفكارها إلى أنها يهودية بحضور السفيرة الهولندية وسألتني لماذا تقتل حماس الأطفال؟ أجبت في مقدورك أن تسألي حماس وبعض قادتهم وموظفيهم يعيشون في عمان ومعروفون بذلك أو صحفيون وباحثون يصفون أنفسه مقربون من حماس في عمان ويمكن الرجوع إليهم ولكن حسب ما أتابع الإعلام فإن إسرائيل قتلت كثيرا من الأطفال الفلسطينيين. تكهرب الجوّ وساد صمت غير مريح. ثم نقلت السفيرة الحديث بذكاء نبيل إلى الاردن والإخوان المسلمين في الأردن (هذا الحكي في عام 2004) قلت الاخوان جماعة تعمل وفق القوانين المنظمة للعمل السياسي والعام ويشاركون في البرلمان ويسعون لتحقيق أهداف ومصالح من خلال العمل السياسي مثلهم مثل أي حزب سياسي او جماعة علنية. قالت البرلمانية وهي تضحك بسخرية هل سأعود إلى هولندا وأقول لهم الاخوان جماعة تعمل وفق القانون؟ من سيصدقني؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب اليوم
منذ 32 دقائق
- العرب اليوم
القبة الذهبية
فيما أظن فإن إسرائيل كانت هى التى بادرت بنظام للدفاع الجوى ضد الصواريخ يأخذ شكل القبة التى تغطى كامل المنطقة الدفاعية من خلال نظام صاروخى أيضا يعترض الصواريخ القادمة قبل أن تصل إلى أهدافها. لم يكن ذلك هو النظام الدفاعى الوحيد وإنما سانده نظام «مقلاع داوود» و«باتريوت» الأمريكى ونظام «سهم أو Arrow»، وتردد السعى من أجل نظام يعتمد على أشعة الليزر. وفى العموم فإن النظام كله كان ناجحا فى التعامل مع صواريخ حماس وحزب الله والحوثيين وإيران؛ ولم يشاهد أى منها ينجح فى تدمير هدف عسكرى أو مدنى داخل إسرائيل. التطورات الجديدة ما بين أسلحة الهجوم والدفاع شحذت الخيال الأمريكى أولا لكى تكون لديها «قبة» دفاعية؛ وثانيا أن يكون اعتراض الصواريخ ليس فقط قادما من أسفل فى مواجهة ما هو مقبل، وإنما أن يأتى من خلفها ومن خلال المنطقة الواقعة خلف كوكب الأرض وفى المجال الفضائي. ما جعل ذلك ملحا أن الحوثيين وحزب الله وإيران استخدمت عددا من الصواريخ «البالستية» أى تلك التى تصعد بعيدا إلى خارج الغلاف الجوى للأرض ثم تعود مرة أخرى إلى داخله. فكرة «القبة الذهبية» باتت أن تقام محطات فضائية تعيش فيها «المسيرات» أى الطائرات بدون طيار، بحيث تطلق صواريخها إلى الصواريخ الهجومية قبل دخولها إلى الكوكب مرة أخري. نظريا حتى الآن فإن الفكرة ممكنة، والفضاء الحالى بات زاخرا بأشكال مختلفة من المحطات والأقمار الصناعية؛ وترجع إلى ثمانينيات القرن الماضى أثناء ولاية الرئيس رونالد ريجان الذى بدأ سباقا للتسلح عرف «بحرب النجوم» خرج عنه سلسلة أفلام ذاعت وقتها ولا تزال ذائعة، واكبها قيام الولايات المتحدة بإنشاء قوة عسكرية ذات سلاح دفاعى خاص بالحرب بين الكواكب والنجوم. القبة الذهبية تسير فى نفس الاتجاه، وتكلفتها الأولية 175 مليار دولار! الجدل فى الحرب بين الدفاع والهجوم قائم منذ ما كان التاريخ قائما والآن نخرج به إلى الفضاء!


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
نتنياهو يعلن استعادة "جثث" اثنين من الأسرى الإسرائيليين
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، استعادة جثتي اثنين من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، في عملية نفذها الجيش وجهاز الشاباك الإسرائيلي الليلة الماضية في خان يونس جنوبي القطاع. وقال نتنياهو إنه تم انتشال جثتي الأسيرين الزوجين جودي وينشتاين وغادي من خان يونس، مدعيا أنهما قتلا خلال هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيراً إلى أنه تم خطف جثثهم على حد قوله. من جهتها، قالت صحيفة "إسرائيل هيوم" إن 56 من الأسرى الإسرائيليين في غزة لا يزال في الأسر، وأوضحت أن 33 منهم قتلى و23 أحياء، وإن هناك خشية كبيرة على حياة 3 منهم. بدروها، أكدت "حركة حماس" مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين. لكن نتنياهو يصر على صفقات جزئية ويتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة، إضافة لعدم جديته في التوصل لآلية لإتمام صفقة التبادل. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة. المصدر: الجزيرة


رؤيا
منذ 3 ساعات
- رؤيا
نتنياهو: قوات الاحتلال تستعيد جثتي محتجزين من غزة وتتعهد بإعادة الجميع
الاحتلال يسترد جثتي محتجزين من غزة ونتنياهو يتعهد بإعادة الجميع أعلن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن عملية خاصة نفذها جهاز الشاباك وقوات الاحتلال في قطاع غزة أسفرت عن استعادة جثتي المحتجزين جودي وينشتاين-حغاي وغادي حغاي، اللذين كانا محتجزين لدى حركة حماس. وأوضح نتنياهو أن المحتجزين، وهما من سكان كيبوتس نير عوز، قُتلا في السابع من أكتوبر وتم نقلهما إلى غزة. وأعرب نتنياهو وزوجته، بالنيابة عن مواطني الاحتلال، عن تعازيهما لعائلتي الضحيتين، مؤكدين أن "القلوب تعتصر ألماً لهذه الخسارة الفادحة". كما قدم شكره وتقديره للمقاتلين والقادة على تنفيذ العملية التي وصفها بالحاسمة والناجحة. وأكد نتنياهو التزام الاحتلال بمواصلة الجهود قائلاً: "لن نرتاح ولن نهدأ حتى نعيد جميع محتجزينا إلى الوطن، الأحياء منهم والذين سقطوا".