في عيد الاستقلال... الأردن يقدم نموذجاً بتطور منظومة الحماية الاجتماعية
وعلى مدى العقود الماضية، ارتبطت منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن برؤية هاشمية حملت هم الفئات الأقل حظا، وكرست نهجا يقوم على التمكين والمساواة وصون الكرامة الإنسانية، فقد كان البعد الاجتماعي في قلب المشروع الوطني الأردني منذ البدايات، إذ أولى الهاشميون، أهمية خاصة لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتكريس قيم العدالة والتكافل.
ومنذ تأسيس وزارة الشؤون الاجتماعية في الخمسينيات ، شهد قطاع الحماية الاجتماعية تطورا كبيرا، انتقل من التركيز على الرعاية المؤسسية إلى تبني سياسات شمولية تواكب مفاهيم حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة.
وتواصلت مسيرة التطوير برعاية ملكية سامية، إذ أكد المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، مرارا، أهمية صون كرامة الإنسان وتكافؤ الفرص، فيما يواصل جلالة الملك عبد الله الثاني هذا النهج، عبر دعم السياسات الاجتماعية وتعزيز شبكات الأمان.
وتجسيدا لهذا النهج، أكدت وزارة التنمية الاجتماعية وفق بيان صحفي، أن الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2025–2033)، جاءت بمحاورها الأربعة؛ كرامة وتمكين وفرصة وصمود، بتوجيهات ملكية سامية، لتعكس رؤى الدولة في تكامل الأدوار بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، ولتصبح مرجعية وطنية تعزز منظومة الحماية الاجتماعية، وتسعى للوصول إلى مجتمع أردني يعيش بكرامة، ممكن ومزدهر، وأكثر منعة.
وبينت أن التحول الرقمي جاء ليكمل مسيرة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، مشكلا نقلة نوعية، حيث أسهم في أتمتة الإجراءات وعزز من تدفق المعلومات بين الجهات المعنية، ما انعكس إيجابا على كفاءة التنسيق وسرعة الاستجابة لاحتياجات المواطنين، و أتاح هذا التحول بناء منظومة أكثر تكاملا ومرونة، مما يسهم بتحسين الأداء المؤسسي والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة.
وذكرت الوزارة أنه على صعيد التمكين الاقتصادي للفئات الأكثر حاجة عملت على تعزيز مهارات المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية القادرين على العمل، من خلال برامج تدريب مهني فعالة لتمكينهم من الانخراط في سوق العمل ضمن سياسة التمكين الاقتصادي التي ينتهجها، إلى جانب تبني سياسات جديدة تتلاءم مع الظروف الصعبة للأسر الفقيرة، مع الاهتمام بتوعية الأسر المتلقية للمساعدات بجدوى البحث عن تدريب نوعي متخصص يؤهل أفرادها للحصول على عمل يرفع مستوى الأسرة المعيشي ويساعدها على التحول من الاعتماد على المساعدات إلى الإنتاج.
بدوره، قال رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان النيابية النائب معتز أبو رمان ، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن مناسبة الاستقلال تمثل محطة تاريخية نستحضر فيها مسيرة البناء الوطني التي جعلت من الإنسان الأردني محورا للتنمية، موضحا أن مجلس النواب اضطلع، عبر سنواته المتعاقبة، بدور محوري في ترسيخ منظومة الحماية الاجتماعية من خلال دوره التشريعي والرقابي، و أن هذه المنظومة شكلت قاعدة صلبة لتحقيق العدالة الاجتماعية، وحماية الفئات الأكثر حاجة، وتعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار إلى أن اللجنة عملت في الدورة الحالية لمجلس النواب، على مواصلة هذا الدور من خلال حزمة من الإنجازات التشريعية والرقابية، حيث تم تعديل قانون العمل بما يحقق التوازن بين أطراف الإنتاج ويوفر بيئة عمل آمنة ومنصفة، إلى جانب المضي في تحديث قانون الضمان الاجتماعي لضمان استدامة الصناديق وشمول المزيد من العاملين، خاصة في القطاع غير المنظم، كما تابعت اللجنة عن كثب برامج التشغيل الوطني، وأولت اهتماما خاصا لمحاربة البطالة وتوفير فرص العمل، مع تأكيد أهمية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمكين الشباب والمرأة، وتحقيق العدالة في توزيع مكتسبات التنمية،بالإضافة إلى الاهتمام بالتشريعات الخاصة بالحماية من العنف الأسري، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومتابعة حسن تطبيقها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وأوضح أبو رمان في هذا السياق، أن اللجنة رفضت أي تعديلات تمس أمن واستقرار العاملين، مثل تلك التي تتيح تسريح العمال بحجة الظروف الاقتصادية، ونجحت في رفع إجازة الأمومة إلى 90 يوما مع منع فصل المرأة الحامل، كما عملت على ترسيخ مبدأ المساواة في الأجور بين الجنسين، وتوسيع نطاق الإجازات المرضية، وأطلقت اللجنة منصة "اليوم الوظيفي الوطني" كأداة ربط مباشر بين الباحثين عن عمل والفرص المتاحة في السوق، إلى جانب دعم ريادة الأعمال وتشجيع الابتكار.
وذكر أن هذه الجهود تبنى على إرث تشريعي وطني مشرف أسسته المجالس النيابية السابقة، والتي أقرت قوانين بارزة عززت من مكانة الأردن في مجال الحماية الاجتماعية، وأرست قواعد الإنصاف وتكافؤ الفرص في المجتمع الأردني، مؤكدا أن الاستقلال الحقيقي يتجلى في كرامة المواطن، وفي تمكينه من العيش الكريم في ظل سيادة القانون وعدالة التنمية، وأن لجنة العمل ستواصل دورها في تطوير المنظومة الاجتماعية، بما يحقق تطلعات الأردنيين ويعكس رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في بناء الأردن الحديث المتقدم.
وفي سياق التطوير المتواصل لمنظومة الحماية الاجتماعية في الأردن، وبعد إقرار نظام مهننة العمل الاجتماعي العام الماضي بهدف تنظيم المهنة والارتقاء بجودة الخدمات،برزت أهمية دور الجهات المختصة في الإسهام بتحقيق الأثر الميداني لهذا النظام، حيث أكدت رئيسة جمعية الأخصائيين الاجتماعيين، الدكتورة لبنى عكروش، أن مهننة العمل الاجتماعي تسهم بتطوير منظومة الحماية الاجتماعية من خلال تمكين الكوادر المتخصصة وتوحيد المعايير المهنية.
وأشارت إلى أن الجمعية تسعى إلى تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين عبر رفع جودة الخدمات المقدمة وبناء القدرات المهنية، بما يعزز فاعلية الاستجابة لاحتياجات الفئات المستفيدة، مشددة على أهمية الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني محليا وإقليميا ودوليا، وتطوير قاعدة بيانات للأخصائيين، إلى جانب إعداد برنامج دكتوراه في الخدمة الاجتماعية، وتنظيم المؤتمرات والبرامج التدريبية لرفع كفاءة العاملين وتعزيز فاعلية منظومة الحماية الاجتماعية.
وعلى صعيد الاهتمام بقضايا الأسرة ضمن جهود تطوير منظومة الحماية الاجتماعية وتعزيز شمولها، ذكرت مديرة الاتصال والإعلام في المجلس الوطني لشؤون الأسرة خديجة العلاوين ، أن المجلس وعلى مدار 24 عاما، وبتوجيهات من جلالة الملكة رانيا العبد الله، رئيسة مجلس أمنائه، نفذ العديد من البرامج والمبادرات والمشروعات الهادفة إلى تحسين نوعية حياة الأسرة الأردنية وأفرادها، من أطفال وشباب ونساء وكبار سن.
وأكدت أن المجلس يتبنى نهجا مؤسسيا متجذرا، يقوم على التنسيق مع الجهات الوطنية والدولية والقطاع الخاص، لبناء أسرة واعية ومجتمع متماسك.
ولفتت العلاوين إلى أن المجلس يولي اهتماما كبيرا بقضايا الطفولة، انطلاقا من قناعة راسخة بأن الطفولة المبكرة ليست مرحلة عابرة، بل تشكل الأساس الذي تبنى عليه جميع مراحل الحياة، موضحة أن المجلس شكل الفريق الوطني لتنمية الطفولة المبكرة عام 2018 لتطوير منظومة شمولية تستند إلى مبادئ الرعاية والتعلم المبكر والصحة النفسية، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي.
وأضافت أن الاهتمام بالطفولة المبكرة يعد استثمارا طويل الأمد في بناء مجتمع قوي ومزدهر، وأن من أبرز الإنجازات في هذا المجال إقرار قانون حقوق الطفل الأردني رقم (17) لسنة 2022، الذي يعد نقطة تحول جوهرية في مسار الحماية والتنمية.
وفيما يتعلق بكبار السن، ذكرت العلاوين أن هذه الفئة تحظى باهتمام وطني على جميع المستويات، وبينت أن المجلس، وبتوجيهات من جلالة الملكة، أولى اهتماما كبيرا بالارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، موضحة أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المحدثة لكبار السن (2025–2030) نهاية عام 2024، ويعمل المجلس حاليا على إعداد خطتها التنفيذية،كما أن المجلس اهتم بحماية حقوق كبار السن، حيث قام عام 2020 في ظل أزمة كورونا ، بإقتراح إنشاء صندوق لدعم كبار السن، ما أسفر عن إقرار نظام رعاية المسنين رقم (97) لسنة 2021 وتعليماته لعام 2022، وفتح حساب خاص لتقديم خدمات صحية واجتماعية ورعاية منزلية عبر وزارة التنمية الاجتماعية.
ومع احتفال المملكة بذكرى الاستقلال التاسعة والسبعين، يواصل الأردن تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، بما يحفظ كرامة الإنسان الأردني، ويترجم رؤية الدولة الأردنية في العدالة والمساواة، في ظل قيادة هاشمية حكيمة، وضعت الإنسان في صميم أولوياتها.
--(بترا)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 7 دقائق
- أخبارنا
خلدون ذيب النعيي : تحقيق السلام والأمان بتفعيل خدمة العلم
أخبارنا : لا يمكن فصل الارتياح الشعبي الواسع الذي لاقى اعلان سمو ولي العهد الامير الحسين تفعيل برنامج خدمة العلم بعيداً عن الاحساس الكبير الذي يشعر به الجميع بما يحاك للوطن من شرور على يد اركان حكومة التطرف الاسرائيلي وهو الاحساس الذي لم يغب عن البال الأردني الرسمي منه والشعبي منذ شروعهم بحرب الابادة ضد اطفال ونساء غزة ، فخطط التهجير من الضفة الغربية ومشروع ما يسمى ممر داوود من خلال دعم الحركات الانفصالية في الجنوب السوري لن تنتهي عند التصريح الاخير لنتنياهو واحلامه التوراتية ، فقدرنا كأردنيين ان يحضننا وطن يمتلك الواجهة الاطول مع عدو اخر ما يفكر به السلام والقانون الدولي وأي مخطط له سواء ضمن ارض فلسطين التاريخية او الجبهات الاخرى فصداها السلبي يصل للأردن بطريقة او بأخرى . يحسب للأردنيين انه على الرغم من توقيع اتفاقية السلام قبل ما يزيد عن 30 عام والتي حكمت توقيعها الظروف الاقليمية كان تفاؤلهم بالاتفاقية وقتها مشوباً بالحذر بالنظر لتاريخ الطرف الاخر في عدم احترام الاتفاقات وهو الامر الذي اكدته الوقائع والحوادث بعد ذلك من خلال دوام التملص والتأويل لها بما يناسب مصالحه ، ومن هنا كان توقع الأسوأ من شريك السلام المفترض وعدم التعويل الا على الاجراءات المباشرة التي تواجه عدم احترامه للاتفاقية الثنائية حول السلام ، فكان تهديد الملك الراحل الحسين بن طلال رحمه الله بأن معاهدة السلام بكفة وحياة خالد مشعل بكفة على اثر محاولة اغتيال الاخير في عمان مع نهاية ايلول 1997م ، وايضاَ كان قرار جلالة الملك عبدالله الثاني بإنهاء ملحقي الباقورة والغمر في اتفاقية السلام في تشرين الاول 2018م تأكيداً في هذا الاتجاه مع السلوك الاسرائيلي السلبي على كافة المحاور . يعي الاردنيون ان المخاطر الحالية تتجاوز في صيغتها واثرها ما داومت عليه دولة الاحتلال بالتنكيل والقتل والاستيطان والاعتداء على المقدسات ضمن فلسطين ، فقد تطاولت هذه المخاطر بالمجاهرة بتهديد وطنهم بالتهجير والتوسع من قبل زعيم عصابة التطرف واعضائها ، ويضاف الى ذلك الجبهة الاخرى لهذه الشرور التي تم افتعالها اسرائيلياً والتي لا تقل بأهميتها الاستراتيجية عن الجبهة التقليدية في الغرب واعني هنا الجبهة الشمالية ، فقيام كيان انفصالي على حدودنا الشمالية سيكون بمثابة تحكم مباشر بأمننا المائي فضلاً عن وجود فاصل مع الامتداد البشري العربي الاقرب والمتجانس بالنظر ان المسافة بين عمان ودمشق اقرب من المسافة مع عدد من المدن الاردنية . برامج خدمة العلم الجديدة سيكون عمادها التدريب العسكري العصري والخدمة الوطنية التي تناسب المخاطر الآنية ، نعي جيداً ان عدونا يتقاطر الغرب كله لدعمه وفتح مصانع سلاحه ومخازنها تحت تصرفه ولكن نعي ايضاً ونؤمن ان العقيدة القتالية والايمان بعدالة القضية وحفظ الحقوق هي الفيصل هنا وهذه العقيدة لا تصنع بل توجد بالفطرة والولاء الصادق ، فبوجودها طلب احد جنودنا ان يقصف موقعه في معارك الكرامة المجيدة خدمة لما يؤمن به ويعتقد ، وفي عدمها سمعنا عن تربيط جنود العدو بالسلاسل في الاليات خلال هذه الحرب ورأيناً وسمعنا أيضاً بكائهم في غزة الحالية رغم حجم القتل الكبير للنساء والاطفال . ــ الدستور


أخبارنا
منذ 7 دقائق
- أخبارنا
د. يوسف البشتاوي : خدمة العلم.. خطوة نحو المستقبل يقودها الأمير الحسين
أخبارنا : أثار إعلان ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني عن عودة برنامج خدمة العلم ، موجة من الفرح والترحيب في الأوساط الأردنية، باعتباره قراراً استراتيجياً يترجم رؤية ملكية سامية. هذا الترحيب الشعبي لم يأتِ من فراغ، بل هو تعبير عن إدراك عميق لأهمية هذا البرنامج في بناء جيل جديد من الشباب الواعي والمنضبط، القادر على المساهمة الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة. إن إعادة خدمة العلم في صيغتها الجديدة ليست مجرد استنساخ لقرار سابق، بل هي انطلاقة نحو المستقبل؛ فالبرنامج، كما أوضح الناطق باسم الحكومة ومدير الإعلام العسكري، يأتي ضمن رؤية وطنية شاملة تهدف إلى الاستثمار في طاقات الشباب الأردني. إنه المشروع الذي يركز على صقل الشخصية، وغرس قيم الانتماء والمسؤولية، وتزويد الشباب بالمهارات والمعارف التي تؤهلهم لسوق العمل. وهذا ما يميزه عن مجرد التدريب العسكري. تكمن أهمية هذا القرار في كونه يمثل ركيزة أساسية ضمن مشروع النهضة الوطنية الشاملة. فالشباب، وهم عماد المستقبل، بحاجة إلى إطار يوجه طاقاتهم ويوظفها بشكل إيجابي. إن برنامج خدمة العلم يوفر هذا الإطار، حيث يمزج بين التدريب العسكري الذي يعزز الانضباط والالتزام، والمسار المعرفي الذي يثري الشباب بالمعرفة في مجالات حيوية مثل الاقتصاد والثقافة والمجتمع. هذا المزيج المتكامل يضمن إعداد جيل مسلح بالوعي والمهارة، قادر على مواجهة التحديات والمساهمة في بناء وطنه. علاوة على ذلك، يحمل القرار بُعداً أمنياً مهماً، خاصة في ظل الظروف والتحديات الإقليمية الراهنة. إن وجود شباب مدرب ومؤهل عسكرياً يعزز من قدرة المجتمع على مواجهة الأزمات والطوارئ، ويساهم في دعم المنظومة الدفاعية الشاملة. كما أنه يجدد الدور التنموي والاجتماعي للقوات المسلحة الأردنية، التي ليست مجرد مؤسسة عسكرية، بل شريك أساسي في التنمية الوطنية الشاملة. قرار إعادة خدمة العلم هو خطوة حكيمة في الاتجاه الصحيح. إنه يعكس إدراكاً عميقاً لأهمية الشباب ودورهم المحوري في بناء المستقبل. وهو ليس عودة إلى الماضي، بل هو انطلاقة واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقاً، يضمن بقاء الأردن قوياً ومستعداً لمواجهة أي خطر. إن هذه التجربة الوطنية ستكون فرصة ثمينة للشباب الأردني لاكتشاف ذاته، وتعزيز ثقته بنفسه، والمساهمة في صون مكتسبات الوطن والعمل على تقدمه وازدهاره. أسعدنا سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بإعادة خدمة العلم.. جعل الله كل أيامه مليئة بالسعادة ومراكمة الإنجازات في وطن الهاشميين.


أخبارنا
منذ 7 دقائق
- أخبارنا
م. هاشم نايل المجالي : الأمة بين الوحدة والاختلاف
أخبارنا : لقد أمرَ اللهُ تبارك وتعالى هذه الأمّة بالاجتماع والائتلاف، ووحدة الكلمة، ورصّ الصفوف، ونبذ التنازع والتفرّق والاختلاف، وترك الشقاق، بقول الله سبحانه وتعالى: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). لقد ابتُلِيَت الأمّة في زماننا هذا بداء الشرّ الكبير من الدول الكبرى ذات المطامع بثرواتها، وبداء العنصرية، وتكاتفت علينا من كلّ حدبٍ وصوب، وسيطرت على بعض الدول بمواقف سلبيّة شيطانية لتعزّز تفريق الأمّة، بل تدعم التفرقة بالمال والسلاح، لترضي دولاً بيننا وبينها خصومٌ وعداء. فكثرت المهاترات والتناحرات حتى على أمور بسيطة أو مسائل اختلافية اجتهادية. لقد نجحت تلك الدول الكبرى بأساليبها الشيطانية وقدراتها العسكرية في تفريق قلوبنا وشقّ صفوفنا، ووصلت إلى أعماقنا ودواخلنا، وزرعت فيها الضغائن والأحقاد والكراهية. فأصبحنا نختلف على أتفه الأمور، تجتمع الدول الطامعة علينا ونحن نختلف، وتتكالب تلك الدول ضدّنا ونحن نزداد تشتّتًا واختلافًا، وتزيد الهجمات علينا من كلّ حدب وصوب، فانكشفت ظهورنا لهم، ونُظهر خلافاتنا أمامهم، فيزيدون في ضربنا وقتل شعوبنا بكل أساليبهم الشيطانية. وأصبحت في كل دولة جماعة ترى أن عدوّها اللدود جماعة أخرى من نفس بلدهم، فيكون القتال بينهم وتسفك الدماء، ويفرح الأعداء بهذا التنازع والشقاق الذي يقع فيما بيننا. نجد الأعداء يُحرّضون جموعهم الموالية إليهم ليصنعوا التفرقة بين صفوف شعبنا، ويزايدون على المواقف دون أن تتوفّر لديهم أيّ قدرات أو إمكانيات يواجهون بها الأعداء، قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ). فإن حصل النزاع فيما بين الدول العربية والاختلاف، فمصيرنا سيكون كما قال: ( فَتَفْشَلُوا)، وليس الفشل وحده فقط، وإنّما أيضًا ( وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )، أي تضعف قوّتكم وتتلاشى هيبتكم، ونصبح لقمة سائغة للأعداء. ولننظر إلى تاريخ الأمّة الإسلامية يوم أن كانت أمّة عزيزة منتصرة، عندما كانت أمّة واحدة مجتمعة حول كلمة واحدة وموقف واحد، كان الأعداء يخشونها. ولما تفرّقت وتنازعت صارت في ذيل الأمم وآخر الركب، وحصل ما حصل من مآسٍ ونكبات. ظهر رئيس وزراء إسرائيل يهدّد ويتوعّد ويُبيّن مطامعه بضمّ أراضينا إليهم دون حياء أو استحياء، ولم يحسب حسابًا لمن لقّنهم يومًا ما درسًا لن ينسوه طول عمرهم، ولا يعرف أنّ القوّة والمتانة في وحدة صفّ الشعب الواحد خلف قيادته الهاشمية الحكيمة. ولتعلم علم اليقين أنّ الافتتان والانقسام الداخلي فيما بيننا ليس في مصلحتنا أبدًا، وإنّما في مصلحة أعدائنا. فعلينا أن نبتعد عن الاختلاف وحبّ الجدال والمهاترات والمزايدات، حيث لا نجني من وراء ذلك إلّا قسوة القلوب ووحشة الصدور. بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا).