
الاقتصاد البرتقالي في دول مجلس التعاون الخليجي (1- 4)
عبيدلي العبيدلي
رؤية مستقبلية للصناعات الإبداعية والابتكار الرقمي والتنويع الاقتصادي
ساهمت مجموعة متكاملة من العوامل في التأثير الكبير الذي مارسه الاقتصاد البرتقالي (الاقتصاد الإبداعي) في المشهد الاقتصادي العالمي، ومن بينه الاقتصاد الخليجي. وبفضل تلك العوامل، اكتسب الاقتصاد البرتقالي أهمية عالمية، من بين الأبرز بينها:
المساهمة الاقتصادية
: وفقا لأرقام اليونسكو، تساهم الصناعات الإبداعية بنسبة 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتوفر وطائف مجزية لما يقارب من 30 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
التكامل التكنولوجي
: أدى التحول الرقمي إلى تضخيم إمكانية الوصول إلى المحتوى الإبداعي وتحقيق الدخل منه على سبيل المثال، خدمات البث، و ( NFTs) 'Non-Nungible Tokens'، والفن الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
التأثير الثقافي والقوة الناعمة
: تستفيد الدول من الصناعات الإبداعية لتعزيز الدبلوماسية الثقافية ووجود العلامة التجارية العالمية (على سبيل المثال، "Hallyu Wave" في كوريا الجنوبية.
خلق فرص العمل وتطوير وريادة الأعمال
: تولد الصناعات الإبداعية فرص عمل كبيرة، خاصة للشباب والمستقلين. يقدر البنك الدولي أن القطاع سيوفر 10 ملايين وظيفة بحلول العام 2030.
نمو الاستثمار
: يمول أصحاب رؤوس الأموال والشراكات بين القطاعين العام والخاص بشكل متزايد الشركات الناشئة الإبداعية، حيث تصل الاستثمارات في الألعاب والأفلام والأزياء والصناعات الإعلامية إلى مليارات الدولارات سنويا.
العمليات التي دفعت الاقتصاد البرتقالي إلى موقعه العالمي الحالي
أدى العديد من التحولات الهيكلية، مثل ظهور المنصات الرقمية والتأثير المتزايد لمنظمة الذكاء الاصطناعي، إلى صعود الاقتصاد البرتقالي، ومن أبرز تلك التحولات:
الرقمنة وتكامل الذكاء الاصطناعي
: أدت منصات مثل TikTok و YouTube و Spotify إلى تعطيل الوسائط التقليدية، مما أتاح الوصول العالمي بأقل قدر من الحواجز.
نماذج التجارة الإلكترونية وتحقيق الدخل
: يسمح ظهور المنصات الرقمية مثل Etsy و Patreon و OnlyFans للمبدعين بتحقيق الدخل من المحتوى مباشرة.
التجارة الدولية في السلع والخدمات الإبداعية
: وفقا لأرقام الأونكتاد، بلغت التجارة العالمية في السلع الإبداعية 1.6 تريليون دولار في العام 2022، مما يعكس الطلب المتزايد على المحتوى الرقمي والمنتجات الثقافية.
الدعم الحكومي
: يمارس الدعم الحكومي والمؤسسي دورًا حاسمًا في نجاح الاقتصاد البرتقالي. إذ تدعم دول مثل المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وكولومبيا بنشاط الاقتصاد الإبداعي من خلال الحوافز الضريبية والتمويل المباشر، وتطوير البنية التحتية. يعزز هذا الدعم قطاعا إبداعيا مزدهرا ويجب أن يوجه صانعي القرار في صنع السياسات.
العولمة الثقافية
: يعزز ظهور الأحداث العالمية مثل مهرجان كان السينمائي و"آرت بازل" التبادلات الثقافية عبر الحدود، مما يعزز الصناعات الإبداعية.
احتمالات مستقبلية توفر بيئة مناسبة تمكن الاقتصاد البرتقالي من التفوق على القطاعات الأخرى
يعتمد مستقبل الاقتصاد البرتقالي على المدى القصير والمتوسط والطويل على قدرته على التكيف والتكامل مع التقنيات الناشئة.
على المدى القصير (2025-2030):
زيادة استهلاك المحتوى الرقمي.
توسيع تجارب الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) في الألعاب والسياحة والترفيه.
نمو في تحقيق الدخل من منشئي المحتوى عبر المنصات اللامركزية والرموز غير القابلة للاستبدال.
متوسط الأجل (2030-2040):
تأثير أكبر للإبداع الناتج عن الذكاء الاصطناعي (على سبيل المثال، موسيقى الذكاء الاصطناعي وكتابة الأفلام).
صعود الاقتصادات الرقمية الغامرة في metaverse، حيث تصبح الأصول الافتراضية سلعا تجارية رئيسية.
التوسع في ريادة الأعمال الإبداعية، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا.
على المدى الطويل (ما بعد عام 2040):
التكامل الكامل للقطاع الإبداعي مع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا العصبية للمحتوى المخصص للغاية.
الهيمنة المحتملة على الاقتصادات التقليدية (على سبيل المثال، الاقتصاد الأبيض - الرعاية الصحية، الاقتصاد الأزرق - الموارد البحرية) إذا استمر الابتكار بشكل كبير.
التحول نحو السيادة الثقافية، حيث تستثمر الدول بكثافة في البنية التحتية الإبداعية لتعزيز التأثير العالمي.
في حين أن الاقتصاد البرتقالي يستعد لنمو ملحوظ، إلا أنه قد لا يتجاوز الاقتصادات التقليدية في مساهمات الناتج المحلي الإجمالي المطلقة. ومع ذلك، من المحتمل أن تعيد تشكيل هياكلها من خلال الابتكار الرقمي والتأثير الثقافي. يجب أن تثير هذه القدرة على إعادة تشكيل الاقتصادات التقليدية اهتمام الجمهور حول مستقبل الاقتصاد البرتقالي.
العناصر الاستراتيجية للاقتصاد البرتقالي مقارنة بالقطاعات الأخرى
ا
لإمكانات الابتكارية
: يزدهر الاقتصاد البرتقالي بفضل إعادة الاختراع المستمر. على عكس الصناعات التقليدية التي تعتمد على البنية التحتية المادية، فبنية الاقتصاد البرتقالي تجعل منصاته قابلة للتطوير وقابلة للتكيف بلا حدود لها.
الهوية الثقافية والقوة الناعمة
: تستخدم بعض البلدان الصادرات الإبداعية كأدوات دبلوماسية. على سبيل المثال:
تساهم صناعة الترفيه في كوريا الجنوبية بأكثر من 12 مليار دولار سنويا.
تهيمن هوليوود على رواية القصص العالمية بشباك التذاكر السنوي الذي يتجاوز 40 مليار دولار.
تأثير التجارة الدولية
: تؤثر السلع الإبداعية (الأزياء والتصميم والإعلام) والخدمات (الترفيه والإعلان) بشكل مباشر على اتجاهات المستهلكين والسياحة. تجذب عواصم الموضة (باريس وميلانو ونيويورك) الملايين سنويا، مما يغذي الاقتصادات المحلية.
حلول الاقتصاد البرتقالي لمشكلات البطالة وأزمات التضخم
خلق فرص العمل: يتأثر اقتصاد الوظائف المؤقتة بشكل كبير بالقطاعات الإبداعية. يعمل العمل الحر في وسائل الإعلام والتصميم والفنون الرقمية على استيعاب العمال النازحين من الوظائف التقليدية، ومعالجة مخاوف البطالة والتضخم.
حواجز الدخول المنخفضة: على عكس القطاعات الصناعية التي تتطلب استثمارات رأسمالية ضخمة، يتيح الاقتصاد البرتقالي تحقيق الدخل الفوري عبر منصات مثل Upwork و Fiverr و YouTube.
تدفقات الدخل المتنوعة: يحقق العمال المبدعون دخلا من خلال الإتاوات والترخيص والمبيعات الرقمية، مما يقلل من الضعف المالي.
المتطلبات الأساسية للنمو الاستراتيجي للاقتصاد البرتقالي
لتحقيق أقصى قدر من إمكاناته، يحتاج الاقتصاد البرتقالي إلى:
تطوير البنية التحتية: تعد الاستثمارات في الإنترنت عالي السرعة والجيل الخامس والمنصات الرقمية أمرا بالغ الأهمية.
الأطر القانونية والتنظيمية: يجب إنشاء حماية حقوق الطبع والنشر ونماذج الأجور العادلة (على سبيل المثال، للمحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي).
التعليم وتنمية المهارات: يجب على الحكومات دمج التدريب على الصناعة الإبداعية في المناهج الدراسية.
التمويل والاستثمار: المزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل الشركات الناشئة الإبداعية.
المسار المرتقب للاقتصاد البرتقالي
المستقبل القريب (2025-2035): التوسع في الإبداع الناتج عن الذكاء الاصطناعي، وملكية المحتوى المستند إلى blockchain (NFTs)، ورواية القصص الغامرة.
المستقبل البعيد (ما بعد عام 2040): يمكن أن تندمج الصناعات الإبداعية مع واجهات الدماغ والحاسوب، مما يتيح إنشاء الفكر المباشر إلى المحتوى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
الاقتصاد البرتقالي 4.0: نهج شامل للتنمية الصناعية الإبداعية المستقبلية (5- 6)
عبيدلي العبيدلي ** تتمثل السمة المميزة للاقتصاد البرتقالي "4.0" في التكامل العميق للتقنيات التخريبية (Disruption)، مثل الذكاء الاصطناعي، وblockchain، والواقع الافتراضي / المعزز - في الصناعات الإبداعية. في جميع أنحاء العالم، يتبنى المبدعون والشركات الإبداعية هذه التقنيات للابتكار في إنتاج المحتوى وتوزيعه وتحقيق الدخل. وفيما يلي المجالات الرئيسة للتكامل التكنولوجي وتأثيرها على القطاعات الإبداعية: الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي : يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل العمليات الإبداعية بطرق متعددة. يمكن أن ينتج الذكاء الاصطناعي التوليدي، الموسيقى والفن، وحتى أفكار السيناريو. على سبيل المثال، تقوم الخوارزميات الآن بإنشاء موسيقى خلفية أو تساعد في تصميم مستوى ألعاب الفيديو. في التصميم والموضة، تولد أدوات الذكاء الاصطناعي أنماطا جديدة أو تعمل على تحسين الأنماط (ما يسمى بالإبداع المعزز حيث يعمل المصممون البشريون مع اقتراحات الذكاء الاصطناعي). في وسائل الإعلام، تساعد التحليلات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي الاستوديوهات على فهم تفضيلات الجمهور، وحتى تقليل عمر الممثلين المعدين رقميا، أو إنشاء تأثيرات بصرية بواقعية أعلى. كما يسمح التوليف الصوتي الذكاء الاصطناعي باستعادة الأصوات. أو توطين المحتوى عن طريق تقليد أصوات الممثلين بلغات مختلفة. على الجانب الآخر، يمكن أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدا تنافسيا لبعض الوظائف الإبداعية: على سبيل المثال، يثير مولد فن الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول الدور المستقبلي للرسامين، أو كتاب أخبار الذكاء الاصطناعي الذين يؤثرون على الصحفيين. يتصارع الاقتصاد الإبداعي مع هذه الفرص والتحديات - الموازنة بين الذكاء الاصطناعي كأداة للمبدعين (لتعزيز الإنتاجية) مقابل الذكاء الاصطناعي كبديل محتمل لبعض المهام الإبداعية. والأهم من ذلك، أن أدوار جديدة آخذة في الظهور، مثل "المهندسون السريعون" الذين يصوغون مدخلات لنماذج فن الذكاء الاصطناعي، ومتخصصي البيانات الذين يضمنون أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تعكس سياقات ثقافية متنوعة. يتمثل التأثير الصافي لـ الذكاء الاصطناعي في Orange Economy 4.0 في زيادة الكفاءة وأشكال المحتوى الجديدة، ولكن أيضا الحاجة إلى تكييف وإعادة مهارات القوى العاملة الإبداعية. Blockchain و NFTs : تقدم تقنية Blockchain طرقا جديدة لإدارة الملكية الفكرية وتحقيق الدخل من المحتوى الإبداعي. كان أحد الاستخدامات البارزة هو الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) - شهادات ملكية رقمية فريدة للأعمال الفنية، أو الموسيقى، أو مقاطع الفيديو، أو العناصر داخل اللعبة. وفي الفترة 2021-2022، خلقت NFTs طفرة في أسواق الفن الرقمي، مما سمح للفنانين ببيع الأعمال مباشرة إلى الجماهير، وكسب الإتاوات على إعادة البيع عبر العقود الذكية. استكشف الموسيقيون وصانعو الأفلام تقنيات NFTs المبدعة والمتقدمة، كوسيلة للتمويل الجماعي للمشاريع أو بيع المقتنيات (مثل ألبومات الإصدار المحدود أو مشاهد الأفلام المختارة). بالإضافة إلى NFTs، تقدم blockchain حلولا لتتبع المصدر ومنع القرصنة. على سبيل المثال، تستخدم أسواق الأزياء والفنون الفاخرة blockchain للتحقق من أصالة المنتجات وتتبع أصولها. وكما لاحظت الأونكتاد (UNCTAD)، فإن "تكنولوجيا Blockchain توفر طرقا جديدة لتتبع أصالة المنتجات" في سلاسل التوريد الإبداعية. هذا يمكن أن يحمي الحرفيين والمصممين من النسخ المزيفة الرخيصة. في قطاع الحرف اليدوية، حيث يمكن للتصنيع بمساعدة الذكاء الاصطناعي الآن تكرار التصاميم المصنوعة يدويا بدقة مزعجة، فإن الشهادة القائمة على blockchain لمنشأ المنتج (ربما مرتبطة بمؤشر جغرافي أو ملف تعريف فنان) يمكن أن تحافظ على قيمة السلع الإبداعية الأصيلة. يتم أيضا اختبار Blockchain لتوزيع حقوق الملكية - مما يضمن حصول الملحنين والكتاب والمساهمين الآخرين تلقائيا على حصتهم عند تشغيل أغنية أو بيع كتاب، دون عمليات وسيطة مرهقة. في حين أن جنون فن التشفير قد هدأ من ذروته، يستمر ابتكار blockchain الأساسي في دفع نماذج أعمال جديدة في الاقتصاد الإبداعي. كما أنه يثير أسئلة قانونية وبيئية (على سبيل المثال الاستخدام العالي للطاقة لبعض شبكات blockchain، على الرغم من تحسن ذلك مع البروتوكولات الأحدث). الواقع الافتراضي ( VR ) والواقع المعزز ( AR ) : تعمل التقنيات الغامرة على توسيع حدود المحتوى الإبداعي والخبرات. يوفر الواقع الافتراضي بيئات رقمية بالكامل - وقد أدى ذلك إلى ظهور أفلام الواقع الافتراضي والرسوم المتحركة والمتاحف والمعارض الافتراضية وألعاب الفيديو VR التي توفر وجودا في عوالم خيالية. يتم إعادة تصور فن سرد القصص للواقع الافتراضي: على سبيل المثال، يستكشف صانعو الأفلام تجارب سردية بزاوية 360 درجة، وأقام فنانو الأداء حفلات موسيقية في أماكن افتراضية حيث يحضر المعجبون عبر الصور الرمزية. من ناحية أخرى، يقوم الواقع المعزز بتراكب العناصر الرقمية على العالم الحقيقي (غالبا من خلال الهواتف الذكية أو نظارات الواقع المعزز). يستخدم الفنانون المرئيون والمعلنون الواقع المعزز لإنشاء حملات تفاعلية لفن الشارع أو التسويق (على سبيل المثال، قد يؤدي توجيه هاتفك إلى لوحة جدارية إلى تشغيل رسوم متحركة أو تراكب معلومات). في الموضة، يسمح الواقع المعزز "التجارب الافتراضية" للملابس أو المكياج، ويمزج بين الإبداع وتكنولوجيا البيع بالتجزئة. ;lh تستخدم المتاحف والمواقع التراثية الواقع المعزز لإثراء الجولات - تخيل الآثار القديمة التي تنبض بالحياة مع إعادة بناء الواقع المعزز أثناء مشاهدتها على جهاز. وتعد الألعاب ساحة رئيسة للواقع المعزز (شاهد نجاح Pokémon Go الذي يمزج بين الحقيقي والافتراضي). معا، تؤدي تقنيات الواقع الافتراضي / الواقع المعزز إلى ظهور مفهوم "Metaverse" - عوالم افتراضية ثابتة بشكل أساسي حيث يتواصل الناس ويعملون ويلعبون. وتعتبر الصناعات الإبداعية جوهر تطوير metaverse: يصمم المهندسون المعماريون مساحات افتراضية، ويخلق الفنانون أزياء وعناصر افتراضية، ويؤدي الموسيقيون في النوادي الافتراضية. هذا يفتح تدفقات إيرادات جديدة للمبدعين (بيع سلع افتراضية أو تذاكر) ويتطلب مهارات جديدة (النمذجة ثلاثية الأبعاد، التصميم التجريبي). في إطار Orange Economy 4.0، يدفع الواقع الافتراضي / الواقع المعزز مظروف كيفية استهلاكنا للثقافة - مما يجعلها أكثر غامرة وتشاركية - مع طرح تحديات تصميم المحتوى أيضا (على سبيل المثال، ضمان الراحة في سرد القصص في الواقع الافتراضي، أو النزاهة الفنية عند المزج بين الحقيقي والرقمي). تقنيات الصناعة 4.0 الأخرى : بصرف النظر عن الثلاثة الكبار المذكورة أعلاه، تؤثر العديد من التقنيات الأخرى على الإبداع fields. 3D الطباعة (التصنيع الإضافي) تتيح النماذج الأولية السريعة في التصميم والأزياء - يمكن للمصممين "طباعة" المجوهرات والنماذج الأولية للأثاث وحتى الملابس الراقية، مما يسمح بدورات ابتكار وتخصيصات أسرع. في عملية الإنتاج الإعلامي، تلعب الروبوتات والأتمتة دورا متزايدا (على سبيل المثال، أصبحت الطائرات بدون طيار وكاميرات الأذرع الروبوتية شائعة الآن في مجموعات الأفلام والتصوير الفوتوغرافي، وتؤدي حركات دقيقة). يشير تقرير الأونكتاد للصناعة الإبداعية 4.0 إلى أن الروبوتات بمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكنها حتى تكرار القطع الأثرية المصنوعة يدويا بشكل مثالي تقريبا . وهو تطور مثير ومثير للقلق للحرفيين. تضيف أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) أبعادا تفاعلية إلى المنتجات (الآلات الموسيقية الذكية التي تتصل بالتطبيقات، وفن التثبيت التفاعلي الذي يستجيب لحركة الجمهور عبر أجهزة الاستشعار). تكمن الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة في الكثير من التوزيع الرقمي الإبداعي - من خدمات البث التي تحلل بيانات المستخدم للتوصية بالمحتوى، إلى المنصات السحابية التعاونية حيث يمكن للفرق الإبداعية المنتشرة في جميع أنحاء العالم إنتاج فيلم أو لعبة بشكل مشترك في الوقت الفعلي. تساهم كل هذه الاتجاهات التقنية فيما نسميه الاقتصاد البرتقالي4.0: قطاع إبداعي مليء بالتكنولوجيا ويعتمد على البيانات ويبتكر باستمرار . لا يخلو تكامل التكنولوجيا من التحديات في الصناعات الإبداعية. يتطلب ذلك تحسينات كبيرة في المهارات وإعادة المهارات - يجب أن يتعلم المحترفون المبدعون الأدوات الرقمية، وعلى العكس من ذلك، يحتاج مطورو التكنولوجيا إلى فهم العمليات الإبداعية. كما أنه يخلق خطر حدوث فجوات رقمية: يمكن لأولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا والمهارات المتقدمة أن يقفزوا إلى الأمام، بينما قد يتخلف آخرون (خاصة في المناطق ذات الدخل المنخفض) عن الركب. على سبيل المثال، سيكافح موسيقي في بلد يعاني من ضعف الاتصال بالإنترنت أو ليس لديه إمكانية الوصول إلى التوزيع الرقمي للاستفادة من أدوات البث المباشر وأدوات الذكاء الاصطناعي. هذا هو السبب في أن منظمات مثل البنك الدولي تؤكد على تدريب المبدعين على المهارات الرقمية وتحسين الوصول إلى التكنولوجيا كجزء من تنمية الاقتصاد الإبداعي. عند تسخيرها بشكل صحيح، يمكن للتكنولوجيا التخريبية أن تضخم بشكل كبير مدى وصول وكفاءة القطاعات الإبداعية - مما يمكن استوديو صغير أو منشئ مستقل من الحصول على جمهور عالمي وأتمتة المهام الدنيوية - مما يسمح بمزيد من التركيز على الشرارة الإبداعية التي تحرك الاقتصاد البرتقالي. ** خبير إعلامي


جريدة الرؤية
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
تحولات سوق العمل في عصر الذكاء الاصطناعي
مرتضى بن حسن بن علي في ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة، يشهد سوق العمل العالمي تحولات جذرية تُهدد الوظائف التقليدية بينما تفتح آفاقًا عديدة لفرص جديدة تتمتع بمهارات مختلفة. وفي عُمان والدول العربية؛ حيث لا تزال الغالبية العظمى من المواطنين يعملون في الوظائف التقليدية التي هي مهددة بالانقراض، تبرز تحديات كبيرة تتطلب استجابة استباقية من الحكومات لخلق فرص عمل جديدة تحتاج إلى مهارات مختلفة وتدريب واعادة تدريب جميع الموظفين الحاليين والمتوقع دخولهم لسوق العمل على المهارات الجديدة المطلوبة في سوق العمل المتبدل. وعكس ذلك فان عمليات تسريح الموظفين سوف تأخذ منحنيات جديدة وتقفز البطالة إلى معدلات هائلة جدًا. الوظائف التقليدية المهددة بالاختفاء الوظائف الإدارية والكتابية، وهي الوظائف التي يشغلها اعداد كبيرة من المواطنين-مثل كتَبة البيانات وموظفي البنوك التقليديين، وموظفي الحسابات البسيطة وموظفو مراكز الاتصال التقليدية "Call Centre"، بسبب التحول إلى الخدمات الإلكترونية والرقمية والذكاء الاصطناعي. وظائف التصنيع اليدوي: مع انتشار الروبوتات والآلات الذكية، ستتراجع الحاجة إلى العمالة غير الماهرة التقليدية وعمال المخازن التقليدية وعمال البناء وتنظيف الشوارع وغيرها من الوظائف المماثلة ويحل محلها الروبرتات اللوجستية. الوظائف الزراعية التقليدية: بسبب تقنيات الزراعة الذكية والزراعة الحيوية والآلات الحصادة الذاتية. وظائف البيع بالتجزئة: مع نمو التجارة الإلكترونية، ستتراجع الحاجة إلى البائعين في المتاجر التقليدية، ومع انتشار وسائل الدفع الذاتي، ستختفي وظائف موظفي استلام المبالغ "الكاشير". وظائف الوساطة: مثل سماسرة العقارات، بسبب انتشار المنصات الرقمية التي تربط المستهلكين مباشرة بالخدمات. وظائف النقل التقليدية، مثل سائقي السيارات الخاصة وسيارات الأجرة والشاحنات، بسبب تطور السيارات ذاتية القيادة. وظائف تعبئة الوقود بسبب انتشار السيارات الكهربائية. أما الوظائف التي سوف تزيد الحاجة إليها فهي كما يلي: 1. وظائف التكنولوجيا المتقدمة: مثل مطورو الذكاء الاصطناعي، وخبراء البيانات الضخمة، ومهندسو إنترنت الأشياء (IoT). 2. وظائف الطاقة المتجددة: مثل فنيو الطاقة الشمسية، والطاقات الأخرى ومهندسو كفاءة الطاقة. 3-الوظائف الصحية التخصصية: أخصائيو الطب الجيني، وفنيو الروبوتات الجراحية، ومقدمو الرعاية عن بُعد (Telemedicine). 4. وظائف الاقتصاد الرقمي: مثل المسوِّقون الرقميون، ومصممو الواقع الافتراضي (VR/AR). 5: - خبراء إدارة النفايات، ومهندسو المدن الذكية. أما استراتيجيات مواجهة البطالة المتوقعة ودور الحكومات فيمكن رصدها كالآتي: 1. إصلاح النظامين التعليمي والتدريبي، وايجاد جيل جديد من المعلمين، من خلال تحديث المناهج لدمج المهارات الرقمية (البرمجة، تحليل البيانات)، وتعزيز التعليم المهني والتقني عبر شراكات مع القطاع الخاص. 2. تشجيع ريادة الأعمال، عبر تمويل المشاريع الناشئة في مجالات التكنولوجيا، وإنشاء حاضنات أعمال. 3-الاستثمار في البنية الأساسية الرقمية، من خلال القضاء على البيروقراطية وتقليل اعداد موظفي الحكومة، تلك الاعداد التي تكلف الحكومات مبالغ هائلة، إلى جانب توسيع نطاق الإنترنت عالي السرعة، وتحويل الخدمات الحكومية إلى منصات رقمية، وكذلك إعادة تأهيل جميع الموظفين الحاليين بصورة شاملة ومكثفة. علاوة على إطلاق برامج تدريبية مكثفة (Upskilling) في المهارات الجديدة مثل الأمن السيبراني. 5. تشريعات مرنة: مثل سن قوانين تدعم العمل عن بُعد كما فعلت الإمارات عن طريق مبادرة "مليون مبرمج عربي"؛ حيث ربطت بين التعليم التقني واحتياجات سوق العمل المتبدلة عبر تدريب الشباب على مهارات البرمجة؛ مما خلق فرص العمل عن بُعد مع شركات عالمية، من دون الحاجة إلى السفر خارج اوطانهم، وتشجيع العمل الحر. 6. حماية الفئات الأكثر تأثرًا: من خلال تأسيس شبكات أمان اجتماعي، وإعانات تدريبية للعاطلين خلال المرحلة الانتقالية. 7- إعادة تشكيل القطاع الخاص؛ حيث إن معظم أنشطته في صيغته الحالية خدمية، ولذا يجب تحويله إلى قطاع إنتاجي. 8- تشجيع الاستثمارات الاجنبية وايجاد بيئة جاذبة للاستثمار وقوانين عمل مرنة وصديقة لجذب الاستثمارات. دراسة حالة مستقبل الوظائف المصرفية تشهد الصناعة المصرفية تحولًا جذريًّا مع اتجاه البنوك العالمية لإغلاق الفروع التي تكلفها الكثير من النفقات. وعلى سبيل المثال، تم إغلاق 2454 فرعًا في الولايات المتحدة خلال عام 2023 فقط. وسوف يتم اغلاق الفروع في عُمان وفي المنطقة العربية تدريجيًا، وسوف تتسارع عملية الاغلاق مع تقدم التكنولوجيا. ومن أسباب الإغلاق: تفضيل العملاء للخدمات الرقمية؛ حيث إن 74% من الشباب العربي يستخدمون التطبيقات المصرفية (استنادًا لتقرير البنك الدولي 2023). وكذلك من أجل تقليل التكاليف؛ حيث ستُوفِّر البنوك الكثير من نفقات التشغيل عبر التحول الرقمي. أما التأثير على تسريح الموظفين العاملين في البنوك، فمن المتوقع فُقدان 20% من وظائف البنوك التقليدية بحلول 2030، لكن ستظهر فرص في مجالات مثل التكنولوجيا المالية (FinTech) والأمن السيبراني. وفيما يتعلق بالحلول المقترحة، نقترح إعادة تدريب موظفي البنوك على مهارات التكنولوجيا المالية. أما التحديات، فيمكن رصدها كما يلي: 1. الفجوة بين التعليم وسوق العمل الذي هو الاخر سوق مشوه؛ حيث إن 52% من خريجي الجامعات العربية يعملون في مجالات لا تتعلق بتخصصاتهم (اليونسكو، 2023). 2. العمالة الوافدة؛ إذ تحتاج الدول الخليجية إلى سياسات فعّالة لاستبدال العمالة المستوردة بالكفاءات المحلية. 3- الفجوة بين الجنسين؛ حيث تُشكِّل النساء 32% فقط من خريجي تخصصات STEM، (تجميع التخصصات الاكاديمية في العلوم والتقانة والهندسة والرياضيات) في العالم العربي (البنك الدولي، 2022). 4. الثقافة المجتمعية، فلا يزال العمل الحكومي يُمثل "الوظيفة المثالية"، ما يتطلب تغييرًا ثقافيًّا لتشجيع المهن التقنية. ورغم التحديات، فإنَّ الفرص أكبر من التهديدات إذا تم التعامل مع التحولات بذكاء. ونجاح دول مثل الإمارات والسعودية في تبني الذكاء الاصطناعي (مثل "مشروع نيوم") يُظهر أن المنطقة قادرة على المنافسة. ويتطلب الأمر: تعاونًا ثلاثيًّا بين الحكومات (لوضع السياسات)، والقطاع الخاص (للاستثمار)، والأفراد (للتأهيل المستمر). وكذلك وضع رؤية طويلة المدى تُدمج التكنولوجيا مع الاحتياجات المحلية، كالاستثمار في الزراعة الذكية لتعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب الموازنة بين الابتكار وحماية الفئات الهشة لضمان انتقال عادل إلى اقتصاد المستقبل. وتؤكد التحولات الجارية ان التغيير أمر حتمي، ولكن الاستفادة من الفرص المصاحبة تتطلب رؤية واضحة وتخطيطا استراتيجيا بعيد المدى. وبناء مستقبل سوق العمل العُماني والعربي يعتمد على التعاون المشترك بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، وتبني الابتكار مع الاحتفاظ على العدالة الاجتماعية وضمان انتقال سلس للفئات الضعيفة، والتخطيط المسبق لتكيف التعليم والتدريب، والتوظيف مع متطلبات الثورة التكنولوجية الكاسحة. إنه زمن التحول الكبير، ولن ينجو إلّا من يستعد له مبكرًا ويستثمر في الإنسان قبل الحجر. إنَّ سلطنة عُمان أمام فرصة تاريخية لتوليد وظائف جديدة مرتبطة بالرقمنة والطاقة المتجددة والابتكار، لكن بشرط تطوير التعليم الفني والمهني، وتدريب الشباب العُماني على المهارات الرقمية والريادية المتقدمة، فإن أخفقنا فلن نلوم إلّا أنفسنا أمام التحديات التي ستقف امامنا بالمرصاد. ********* مصادر البيانات: - البنك الدولي (2023)، اليونسكو (2023)، تقارير مؤسسة النقد العربي السعودي (2023).


جريدة الرؤية
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
تقرير دولي: عُمان تمضي بخطى واثقة نحو التحول الاقتصادي الشامل وفق "رؤية 2040"
◄ اليوسف: القطاعات الواعدة تُشكِّل الركيزة الأساسية لمرحلة "النهضة 2.0" وتحقيق التحول الاقتصادي الشامل الفروجية: سلطنة عُمان تشهد تحولًا كبيرًا نحو بيئة أعمال أكثر جذبًا ◄ الهند واليابان وكوريا الجنوبية تشكل رافدًا مهمًّا للاستثمارات الخضراء والتقنيات المتطورة ◄ 1.4 مليار ريال استثمارات الصين في عُمان لندن- العُمانية أكد تقرير مجموعة أكسفورد للأعمال أن سلطنة عُمان تسير بخطى واثقة نحو تحقيق تحول اقتصادي شامل، مستندة إلى رؤية "عُمان 2040" التي تُعدّ خارطة طريق وطنيّة طموحة لتعزيز التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وتعظيم القيمة المحلية المضافة، إلى جانب ترسيخ الحوكمة وتعزيز الاستدامة. وقال معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار- في حديثه للمجموعة- إن أولويات سلطنة عُمان الاستثمارية تستند إلى محاور عدة؛ تشمل: تحديث بيئة الأعمال، وتنمية رأس المال البشري، وتوفير فرص العمل، والترويج للمقومات الاقتصادية، مع التوجه نحو التحول الرقمي، والسعي لتحقيق الحياد الصفري في الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050. وأشار معاليه إلى أن هذه الطموحات تُترجم على أرض الواقع من خلال استراتيجيات طموحة فتحت آفاقًا واسعة أمام قطاعات واعدة مثل التصنيع، والخدمات اللوجستية، والتعدين، والسياحة، والزراعة، ومصايد الأسماك، والطاقة المتجددة، والتي تشكل مجتمعة الركيزة الأساسية لمرحلة "النهضة 2.0"، وهي مرحلة التحول الشامل في المشهد الاقتصادي العُماني. ولفت معاليه إلى أهمية الموقع الاستراتيجي لسلطنة عُمان الذي يجعل منها بوابة تجارية بين آسيا وأفريقيا، مدعمة ببنية أساسية متقدّمة من موانئ متطورة ذات كفاءة عالية وطرق سريعة ومناطق صناعية وحرة مؤهلة ذات مزايا وحوافز عالمية، إلى جانب تقليص أوقات الشحن بنسبة تصل إلى 40 بالمائة مقارنة بالأسواق المنافسة، وهو ما وضع سلطنة عُمان في صدارة دول مجلس التعاون من حيث سرعة الامتثال لإجراءات الاستيراد والتصدير، وفقًا لتقارير البنك الدولي. وأكد معاليه على أن الابتكار يمثل المحرك الرئيس لتطور القطاعات الاقتصادية، مشيرًا إلى مشروعات الهيدروجين الأخضر في الدقم، والتصنيع عالي التقنية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات اللوجستية، وتقنيات الزراعة الدقيقة في نجد، إلى جانب الاستفادة المتزايدة من المنصات الرقمية في السياحة، وكلها تمثل ملامح التحول الجديد. من جانبها، أكدت سعادة ابتسام بنت أحمد الفروجية وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار على أن سلطنة عُمان تشهد تحولًا كبيرًا نحو بيئة أعمال أكثر جذبًا، مشيرة إلى أنها احتلت المرتبة الرابعة عالميًّا في قائمة الدول الأكثر جذبًا للاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2023، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين العالميين بالاقتصاد العُماني. وأضافت سعادتُها أن جهود سلطنة عُمان تتركز على تعزيز التكامل الإقليمي ضمن منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتهيئة إطار استثماري مُوحَّد يوازن بين التعاون والمنافسة، مشيرة إلى أهمية تسهيل الموافقات على المشروعات، وتوحيد اللوائح، وتعزيز التكامل الرقمي، لا سيما في التجارة الإلكترونية وأنظمة الدفع عبر الحدود. وحول الأسواق الخارجية ذات الأولوية، أوضحت سعادتُها أن سلطنة عُمان تستقطبُ نوعين من المُستثمرين: الباحثين عن استقرار طويل الأمد، والجُدُد المُهتمين بالابتكار والتقنيات المتقدمة، مع التركيز على الشراكات مع دول مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية، التي تشكل رافدًا مهمًّا للاستثمارات في الطاقة الخضراء والتقنيات المتطورة، مشيرة إلى أن حجم استثمار الصين في سلطنة عُمان بلغ خلال 2023 نحو 1.4 مليار ريال عُماني، موزعًا على مشروعات البنية الأساسية والقطاعات الاقتصادية الحيوية، فيما تستمر أوروبا قيامها بدور محوري، خاصة مع التوسع في مشروعات الطاقة الخضراء، مثل مشروع "آمنة للهيدروجين الأخضر" بالشراكة مع الدنمارك، والذي تبلغ قيمته نحو 6 مليارات دولار أمريكي. وركز التقرير على نجاح سلطنة عُمان في تسجيل نمو بنسبة 19.3 بالمائة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين الربع الأول من عامي 2023 و2024، في وقت تُظهر فيه الاستراتيجية الصناعية العُمانية 2040 أهدافًا طموحة تتمثل في مضاعفة إسهام قطاع التصنيع إلى 10.8 مليار ريال عُماني، واستقطاب استثمارات سنوية تتجاوز 1.9 مليار ريال عُماني. وأشار التقرير إلى أن التقدم في مؤشرات التصنيف الائتماني، مثل رفع تصنيف سلطنة عُمان من قبل وكالة ستاندرد آند بورز في سبتمبر 2024، يعكس استقرار الاقتصاد العُماني وتحسُّن مناخ الاستثمار، وهو ما يعزز ثقة الأسواق والمؤسسات المالية الدولية. من جانب آخر، بَرَزَ قطاع النقل والخدمات اللوجستية أحد المحركات الرئيسة لعملية التنويع الاقتصادي، مستفيدًا من الموقع الجغرافي الفريد لسلطنة عُمان عند تقاطع طرق التجارة العالمية، إلى جانب مشروعات استراتيجية مثل مدينة خزائن الاقتصادية، ومشروع "سكة حديد عُمان-الاتحاد"، وخطط التوسع في الربط الجوي والبحري. وأسهم هذا القطاع بما يعادل 6.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، بقيمة بلغت نحو 1.7 مليار ريال عُماني، مع توقعات بوصول إسهامه إلى 13.8 مليار ريال بحلول عام 2040، وتوفير نحو 300 ألف وظيفة جديدة. وسجّل قطاع الخدمات اللوجستية إنجازات ملموسة، منها إصدار قانون بحري جديد يعزّز تنافسية سلطنة عُمان عالميًّا، إلى جانب تبني تقنيات متقدمة مثل "نظام مجتمع الموانئ" الذي خفض وقت معالجة الشحنات من 48 ساعة إلى ساعتين فقط، مما أسهم في تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف. وبيّن التقرير أن قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء في سلطنة عُمان يسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 100 بالمائة بحلول عام 2040، مستفيدًا من التقنيات المتقدّمة والاستثمارات الاستراتيجيّة لتحسين استغلال نحو 1.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، في إطار جهود شاملة لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات. ويُعد هذا القطاع من أولويات الاقتصاد الوطني؛ إذ سجل حضورًا قويًّا في مجالات الزراعة المتكاملة وتربية المواشي والصيد، وبلغ عدد العاملين فيه أكثر من 139 ألف شخص حتى أغسطس 2024، بينما سجَّلت سلطنة عُمان نسب اكتفاء مرتفعة في عدد من المنتجات مثل الأسماك 162 بالمائة، والحليب الطازج 97 بالمائة، والبيض 92 بالمائة، مع سعي متواصل لرفع نسب الاكتفاء في منتجات أخرى مثل الفواكه والخضروات واللحوم. وأضاف التقرير أن القطاع الصناعي شهد نموًّا ملحوظًا، إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي له في عام 2023 نحو 3.8 مليار ريال عُماني، بمعدل نموّ سنوي 16.7 بالمائة في الربع الثاني من العام نفسه، كما جذبت سلطنة عُمان استثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت 2.2 مليار ريال عُماني، بنموّ بلغ 37.3 بالمائة في بداية عام 2024، ما يعكس ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال العُمانية وتُشكّل العمالة الوافدة في القطاع الصناعي ما يقارب 192 ألف عامل، ما يدل على اتساع نشاطه وتنوع مجالاته. ويعتمد قطاع التصنيع على بنية أساسية قويّة تشمل 11 مدينة صناعية، وأربع مناطق حرة، ومتنزهين تكنولوجييْن، ومنطقة اقتصادية خاصة، تحتضن شركات عالمية ومؤسسات صغيرة ومتوسطة، وبلغ إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي عام 2022 حوالي 4.6 مليار ريال عُماني، وتم تصدير سلع مصنّعة غير نفطية بقيمة 7.5 مليار ريال عُماني إلى أكثر من 140 دولة، ما يؤكد على حضور المنتجات العُمانية عالميًّا، خاصّة في مجالات المعادن والبلاستيك والمطاط. ويسعى القطاع إلى تحقيق الحياد الكربوني عبر التوجه نحو صناعات مستدامة، مثل تصنيع مواد البناء والأغذية والمشروبات، مستفيدًا من الموارد الطبيعية المحلية والشراكات بين القطاعين العام والخاص. أما قطاع التعدين، فقد سجّل ناتجًا محليًّا بنحو 229.3 مليون ريال عُماني في عام 2023، مدعومًا بإيرادات ارتفعت بنسبة 11 بالمائة في العام السابق، مع بلوغ مبيعات الخامات المعدنية ما يقارب 97.3 مليون ريال عُماني، وإنتاج تجاوز 63 مليون طن. وقد نمت صادرات المنتجات المعدنية بنسبة 71 بالمائة لتصل إلى 71.5 مليون ريال عُماني، بفضل التشريعات الجاذبة وتحسين البنية الأساسية. وتسعى سلطنة عُمان إلى التحول إلى مركز عالمي لإنتاج المعادن، من خلال تطوير مشروعات متقدمة مثل مصنع ثاني أكسيد التيتانيوم ومصنع عجلات الألمنيوم في صحار، إلى جانب فتح 110 مربعات تعدين جديدة. كما توفر شركة تنمية معادن عُمان فرصًا استثمارية واعدة، من خلال شراكاتها مع شركات محلية لتطوير مشروعات مستدامة تستغل ثروات البلاد من النحاس، والذهب، والحجر الجيري، والجبس، والدولوميت. فيما يشهد قطاع السياحة في سلطنة عُمان نموًّا متسارعًا، مستفيدًا من تنوعه الطبيعي الغني وتراثه الثقافي العريق، إلى جانب الاهتمام المتزايد بالسياحة البيئية والمغامرات والسياحة المجتمعية، وحقق الربع الأول من عام 2024 نموًّا بنسبة 12 بالمائة مقارنة بعام 2023، ما يعكس الاتجاه الإيجابي نحو بلوغ الهدف الوطني باستقطاب 11 مليون زائر سنويًّا بحلول عام 2040. وفي ظل مساعيها لتعزيز مكانتها في السوق السياحي العالمي، تعمل سلطنة عُمان على تسهيل متطلبات التأشيرة لأكثر من 100 دولة، وتكثف حملاتها الترويجية والفعاليات السنوية، إلى جانب شراكات استراتيجية مع دول الجوار مثل السعودية لتنسيق الجهود التسويقية واستثمار نقاط القوة المشتركة. كما تُركِّز على السياحة المتخصصة مثل المغامرات، والطهو؛ حيث حقق مركز فنون الطهو العُماني تفاعلًا لافتًا، وجذب أطباقه المبتكرة اهتمام الزوار من أوروبا، مما يعكس الجاذبية المتزايدة للمطبخ العُماني عالميًّا، وتُولي الحكومة أهمية للتنمية المحلية من خلال إشراك المجتمعات في المبادرات السياحية، ودعم المشروعات الصغيرة التي تدمج البُعد الثقافي بالحفاظ على البيئة، مع خطط لفتح 25 موقعًا تراثيًّا للاستثمار بحلول 2025، من ضمنها حصن بهلا. وفي موازاة النمو السياحي، تمضي سلطنة عُمان في تنفيذ مشروعات طموحة للتحول الحضري، تُعيد تشكيل المشهد السكني والترفيهي بما يتماشى مع مبادئ الاستدامة والابتكار عبر الاستراتيجية الوطنية للعقار القائمة على الحوكمة، وكفاءة السوق، والتحفيز الاستثماري، والتحول الرقمي، وتنمية القدرات، وتشمل هذه الخطط إطلاق 18 مبادرة ترتكز على 16 أولوية و32 مؤشرًا رئيسًا، إلى جانب استراتيجية وطنية للتخطيط العمراني 2040 تهدف إلى تطوير بنية حضرية متكاملة تلبّي احتياجات النمو السكاني وتحافظ على جودة الحياة. فيما تمضي سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو التحول من الاعتماد التقليدي على النفط والغاز إلى تبني مستقبل طاقي مستدام يقوم على مصادر نظيفة ومتجدّدة، حسب ما أشار إليه التقرير وهي تستفيد من موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية. وبينما لا يزال النفط يشكل دعامة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث بلغ إسهام الأنشطة النفطية في الناتج المحلي الإجمالي 7.2 مليار ريال عُماني (نحو 18.7 مليار دولار أمريكي) في الربع الثاني من عام 2024، فإن رؤية سلطنة عُمان للطاقة تستشرف آفاقًا جديدة تقوم على الابتكار والاستثمار في المستقبل الأخضر. وتبرُز الطاقة المتجدّدة والهيدروجين الأخضر محاور استراتيجية جديدة؛ إذ تمتلك سلطنة عُمان مقومات طبيعية استثنائية، منها وفرة الموارد الشمسية والرياح، ومساحة شاسعة تقارب 50 ألف كيلومتر مربع قابلة للتطوير، ما يضعها في موقع مثالي لتكون منتجًا عالميًّا للهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية. وضمن خططها الطموحة، تستهدف سلطنة عُمان إنتاج مليون طن سنويًّا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، لترتفع إلى 3.8 مليون طن في عام 2040، ثم 8.5 مليون طن في عام 2050، وهو رقم يفوق الطلب الأوروبي الحالي ويعادل نحو 80 بالمائة من صادرات سلطنة عُمان من الغاز الطبيعي المسال من حيث الطاقة، وتُشرف على هذا التوجه شركة "هايدروم"، المملوكة بالكامل لشركة تنمية طاقة عُمان، بالتعاون مع تحالف"Hy-Fly"، في نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص. وأشارت مجموعة أكسفورد للأعمال إلى أن سلطنة عُمان تسير بخطى ثابتة نحو الريادة في مجال التحول الرقمي على مستوى المنطقة، مدفوعة برؤية طموحة واستثمارات استراتيجية تعزز مكانتها؛ باعتبارها مركزًا تقنيًّا ناشئًا، وقد تبنّت نهجًا شموليًّا لتطوير البنية الأساسية الرقمية، مع التركيز على تقنيات الجيل الخامس، والحوسبة السّحابية، ومراكز البيانات، ما يسهم في تمكين الاقتصاد القائم على المعرفة وتوفير فرص أعمال جديدة تعتمد على التكنولوجيا. ويقوم الاقتصاد الرقمي بدور محوريٍّ في رؤية "عُمان 2040"؛ حيث تستهدف سلطنة عُمان زيادة إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، مدعومة بشبكة رقمية متينة تعزز الإنتاجية وتدعم تنويع مصادر الدخل، وتشير المؤشرات الرقمية إلى تقدم ملحوظ في انتشار خدمات النطاق العريض المتنقل والثابت، وتغطية شبكات الجيلين الرابع والخامس، إضافة إلى ارتفاع ترتيب سلطنة عُمان في مؤشرات الجاهزية للذكاء الاصطناعي. كما إن البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي يسعى إلى صياغة إطار استراتيجي لاعتماد التقنيات المتقدمة، عبر متابعة المؤشرات الدولية وتنظيم حلقات عمل تهدف إلى رفع مستوى الجاهزية الرقمية. وفي مجال الأمن السيبراني، تعمل سلطنة عُمان على تأسيس قطاع متخصّص يعزّز الابتكار ويضمن سلامة المنظومة الرقميّة، مع تركيز خاص على تنمية الكفاءات الوطنية. وتُعطي سلطنة عُمان اهتمامًا خاصًا لقطاع التكنولوجيا المالية؛ إذ تسعى إلى ترسيخ موقعها باعتبارها مركزًا إقليميًّا للتمويل الرقمي، فضلًا عن دعم التجارة الإلكترونية لتوسيع الفرص أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من الوصول إلى أدوات التمويل والنمو. كما يدخل قطاع الفضاء ضمن أولويات التحول الرقمي من خلال تطوير السياسات الداعمة لتقنيات الفضاء وتطبيقاتها. ومن خلال هذا التوجه الاستراتيجي، تضع سلطنة عُمان الأسس اللازمة لبناء اقتصاد رقمي مرن ومتنوع، يواكب التطورات العالمية ويستند إلى الابتكار والمعرفة، ليُسهم بفعالية في مستقبل التنمية المستدامة بسلطنة عُمان. وأكّدت مجموعة أكسفورد للأعمال- في ختام تقريرها- أن سلطنة عُمان تمضي قُدمًا نحو بناء اقتصاد تنافسي مستدام، يقوده الابتكار، ويستند إلى موقع استراتيجي، وبيئة استثمارية مرنة، ورؤية واضحة تستند إلى خطط قابلة للقياس، وهو ما يجعلها وجهة واعدة للمستثمرين في مختلف القطاعات خلال السنوات المقبلة.