logo
حين يتحدث الرؤساء الأميركيون عن تغيير الأنظمة يجب الحذر من أمانيهم

حين يتحدث الرؤساء الأميركيون عن تغيير الأنظمة يجب الحذر من أمانيهم

Independent عربيةمنذ 15 ساعات

تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ذات مرة بأنه "عبقري متزن". لم يكن في تصريحه أي شيء من الصحة بتاتاً. فهو في الحقيقة، سواء في الوقت الحالي أو منذ الأزل على الأرجح، شديد التقلب، وهي صفة يمجدها أتباعه المهووسون بوصفها شكلاً غامضاً من القيادة الغريزية التي يجب على جميع أنصار حركة "ماغا" الوثوق بها بلا نقاش، كما لو كان المسيح في زمننا هذا أو [زعيم جماعة دينية متطرفة] تشارلز مانسون برتقالي اللون [في إشارة إلى لون شعر ترمب]، وهذا هو الاحتمال الأرجح.
من المؤكد أننا لم ننسَ ما فعله قبل أيام قليلة، من محاولة علنية لاستفزاز آية الله خامنئي، الزعيم الأعلى في الحكم الديني في إيران، وهو ملّا يبلغ من العمر 86 سنة، لديه قناعات قاسية وراسخة من العصور الوسطى. أعلن ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي "نعلم بالضبط أين يختبئ من يُسمى 'المرشد الأعلى'. إنه هدف سهل لكنه بأمان في ذلك المكان- لن نصفيه (نقتله!)، أقله ليس في الوقت الحالي".
قد يعطي التصريح الانطباع بأن الرجل قضى حياته بأسرها في عالم عصابات تجار العقارات في نيويورك، أليس كذلك؟
ثم في عطلة نهاية الأسبوع، بعدما نسف بعض الجبال (يقول الخبراء إن الإيرانيين الدهاة مارسوا الخداع فأخرجوا اليورانيوم المخصب الثمين قبل أن تسقط عليه القنابل الخارقة للتحصينات)، سمح ترمب لأقرب معاونيه أن يخبروا العالم بأن الموضوع بأسره يتعلق بالقنابل النووية، وليس بالوحش المسن الذي يحكم البلاد- خامنئي، وليس ترمب.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن الأمثلة على ذلك ما قاله جي دي فانس، الذي أشيع أنه مرتاب في شأن التدخل، إن إدارة ترمب "كانت واضحة تماماً بأننا لا نريد تغيير النظام". كما أن ماركو روبيو، وهو أقرب سراً إلى نمط المحافظين الجدد أمثال جورج بوش الابن ومن ثم أقرب إلى فكرة التخلص من "النظام"، حاول أيضاً إرضاء رئيسه من خلال خطاب يُفترض أنه موحد في شأن عملية 'مطرقة منتصف الليل'، فقال "لم يكن هجوماً على إيران، ولا هجوماً على الشعب الإيراني. لم تكن محاولة لقلب النظام".
وماذا عن الآن؟ اختلف الموضوع قليلاً.
أعاد ترمب إحياء الفكرة بأسلوب الوعيد اللعوب الذي يشتهر به، فنشر على منصة "تروث سوشال": "ليس من الصواب سياسياً استخدام مصطلح تغيير النظام، لكن إن كان النظام الإيراني الحالي عاجزاً عن جعل إيران عظيمة مرة أخرى فلمَ لا يكون هناك تغيير للنظام؟؟؟ 'ميغا' [لنجعل إيران عظيمة مجدداً]".
يقول المدافعون عن ترمب إنه كان يمزح ليس إلا، لكن كيف يمكننا أن نعرف متى يكون الرجل جدياً في كلامه- ما عدا "دائماً وأبداً"؟
ربما يحلم ترمب بأن يثور الشعب الإيراني ويؤسس نظاماً ديمقراطياً تعددياً- ودولة فيها انتخابات حرة ونزيهة، يتقبل فيها الخاسرون خسارتهم بصدر رحب ويشاركون في مراسم انتقال السلطة سلمياً، ولا يحضون أبداً حشداً من الغوغائيين على اقتحام مبنى البرلمان حيث يتم التصديق على إرادة الشعب، ولا يمنعون السلطات النيابية من استخدام الجيش للدفاع عن أنفسها وعن عناصر الشرطة الذين لا تكفي أعدادهم...؟
من غير المرجح أن يُعجب الإيرانيون تحديداً بخطاب كهذا من الأميركيين، والإسرائيليين أيضاً. وإن كانوا يشعرون بارتياب زائد من وكالة الاستخبارات المركزية و"أم أي 5"، فذلك لأنه لديهم أسباب تدعوهم إلى ذلك. في مناسبات عدة سابقة، تدخل "الشيطان الأكبر"، أميركا- وقبله الشيطان الأصغر (بريطانيا)- في الشؤون الإيرانية، ومن هذه التدخلات خلع الشاه مرتين وخلع رئيس وزراء هو الدكتور محمد مصدق الذي بلغ من الجرأة أن سعى إلى انتزاع السيطرة على الثروات النفطية الإيرانية من أيدي شركة النفط "البريطانية".
الانقلابات العديدة التي دبّرها الإمبرياليون – وهو وصف منصف – نجحت، لكن ليس إلى الأبد؛ فقد زُرعت بذور زوالها المحتوم في إيران كما في أماكن أخرى. فترة من الحكم السيئ في عهد الشاه الأخير انتهت بالثورة الإسلامية عام 1979 وما تبعها من تحولات كبرى.
علينا جميعاً القلق عندما يتحدث رئيس أميركي عن تغيير النظام. من باب الإنصاف، ليس ترمب الأول في هذا المجال، ومن النادر أن تنتهي هذه العملية بصورة جيدة، سواء نجحت أم لم تنجح.
تاريخياً، يعتبر الزعيم الذي كان الأميركيون ليحبوا التخلص منه أكثر من أي أحد هو جارهم الشيوعي المشاكس فيديل كاسترو، الذي ظل منذ 1959 حتى وفاته في 2016 (لأسباب طبيعية) موجوداً على ما يمكن اعتباره حاملة طائرات روسية ضخمة تبعد 145 كيلومتراً عن ساحل فلوريدا. درست وكالة الاستخبارات المركزية كل الطرق الممكنة لاغتياله، بما فيها طريقة شهيرة هي استخدام سيغار متفجر. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت هذه الفكرة مستوحاة من زيارة إلى متجر يبيع منتجات المقالب أم لا.
أخفقت محاولة أخرى، أكثر جدية، لكن فاشلة بكل الأحوال، لغزو كوبا والانقلاب على النظام حين حوصر المتمردون الذين دربتهم الولايات المتحدة في حادثة عُرفت باسم كارثة خليج الخنازير. حدث ذلك عام 1961 ولم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التي يحاولون فيها إسقاط فيديل، لكن هذه المؤامرة الفاشلة زادت من شعبيته وأذلت إدارة كينيدي التي ورثت الخطة عن فريق الرئيس آيزنهاور: تغيير النظام كان دائماً مسألة تعني الحزبين على حد سواء.
لاحقاً، وافق كينيدي، ولو ضمناً، على اغتيال الأخوين ديم، اللذين كانا يحكمان فيتنام الجنوبية، ليحلّ محلهما شخص يُدعى نغوين فان تيو، كان أقرب إلى المزاج الأميركي، لكنه لم يكن أكثر ديمقراطية ولا أكثر فاعلية في مقاومة الغزو الشيوعي. وقد كانت الهزيمة الأميركية في فيتنام أكثر إذلالاً بكثير.
أما المسرح الجانبي في تلك الحرب الهندو-صينية فكان كمبوديا، حيث ساعد الأميركيون في إطاحة الأمير البشوش سيهانوك، ليحل مكانه جنرال أكثر موالاة لأميركا، لكنه أُطيح هو الآخر عندما استولى "الخمير الحمر" على السلطة، وامتلأت "حقول القتل" بجثث أكثر من مليون كمبودي.
هذه المغامرات الكارثية لوكالة الاستخبارات الأميركية خلال الحرب الباردة دفعت الكونغرس في السبعينيات إلى إقرار قوانين تحظر مثل هذه العمليات السرية – بما في ذلك "قانون سلطات الحرب"، الذي يهدف إلى منع الرؤساء من تجاوز سلطة الكونغرس في إعلان الحرب. لكن ذلك الإشراف لم يستمر، وتلت ذلك انقلابات محدودة بدعم أميركي في غرينادا (1983) ونيكاراغوا (1984).
أما أكبر كارثة في سجل تغيير الأنظمة فكانت، بطبيعة الحال، العراق. وللإنصاف، على رغم أن الناس قلّما ينصفون الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن وتوني بلير، فإن تعريفهما لتغيير النظام كان أكثر دقة مما يُقال. فقد كان من الممكن أن يعني تغيير النظام مجرد تعديل في السياسات تحت حكم ديكتاتور قائم. ولو أن صدّام حسين تخلّى فعلياً عن أسلحة الدمار الشامل (بدلاً من التظاهر بامتلاكها لإخافة الآخرين)، وسمح بإجراء تفتيش شامل من جانب الأمم المتحدة، ربما كان لا يزال في السلطة حتى الآن – وإن كان ذلك غير مرجّح.
لكن البديل الذي بدا واضحاً بشكل متزايد، أنه سيتم إسقاطه بالقوة. وهو الأمر الكفيل بإنهاء التهديد الخطر على استقرار المنطقة. لكن ذلك لم يحصل، بل ولد أخطاراً جديدة. وكما نعلم جميعاً، لم يتحسن الوضع بالنسبة إلى الغرب عندما ظهر تنظيم "داعش" في العراق بعد صدام، وقلب الشرق الأوسط رأساً على عقب. وكثير من هذا الكلام ينطبق على ليبيا بعد القذافي، وعلى أفغانستان، بعد الغزو.
يبدو ذلك مألوفاً على نحو ممل، أليس كذلك؟ يُسقط الأميركيون نظاماً لا يرضيهم، فلا تؤدي مخططاتهم سوى إلى زيادة الوضع سوءاً، مثلما حدث حين أعادوا انتخاب ترمب العام الماضي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

روسيا تلمح لإمكانية لقاء بوتين وترمب في أكتوبر
روسيا تلمح لإمكانية لقاء بوتين وترمب في أكتوبر

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

روسيا تلمح لإمكانية لقاء بوتين وترمب في أكتوبر

قال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد، إن الذكرى الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة في أكتوبر المقبل، قد تكون توقيتاً مناسباً لعقد الاجتماع المحتمل بين بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترمب، مشدداً على أن روسيا والولايات المتحدة ستواصلان العمل على إزالة الخلافات في العلاقات بينهما. وأضاف أوشاكوف في تصريحات نقلتها وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، إن عقد لقاء بين بوتين وترمب في إسطنبول، بشأن حرب أوكرانيا، لا يتطلب فقط الاتفاق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولكن أيضاً الاتفاق بين الرئيسين الروسي والأميركي. وأكد أوشاكوف أن موسكو وواشنطن ستواصلان العمل على إزالة الخلافات في العلاقات بينهما رغم إلغاء الجانب الأميركي للقاءات كانت مقررة بين الجانبين، وأن هناك اتفاقاً بينهما على "العمل الوثيق على هذا المسار". وأشار إلى أن هذا الاتفاق "لا يزال قائماً"، وأنه تم التوصل إليه خلال الاتصالات الهاتفية الأولى بين ترمب وبوتين، وأضاف: "أعتقد أن العمل سيستمر بلا شك". وقال أوشاكوف إن روسيا تنتظر إشارة من الخارجية الأميركية، "لأنها هي التي أجلت أو أعادت جدولة الاجتماع المتفق عليه". وذكر مساعد الرئيس الروسي أن الولايات المتحدة مستمرة جزئياً في توريد الأسلحة لأوكرانيا. وقال أوشاكوف إن موسكو كانت تتواصل مع إدارة جو بايدن عبر قنوات مختلفة لكن "النبرة كانت مختلفة آنذاك". وتحدث ترمب وبوتين هاتفياً مطلع يونيو الجاري، وقال ترمب حينها إنه أجرى مكالمة هاتفية "جيدة" مع بوتين، استغرقت ساعة وربع، مشيراً إلى أن بوتين أبلغه وبلهجة قوية، أنه سيرد على الهجوم الأوكراني (شبكة العنكبوت) الذي استهدف مطارات في العمق الروسي. وكتب ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "انتهيت للتو من مكالمة هاتفية مع الرئيس فلاديمير بوتين.. ناقشنا الهجوم الذي شنّته أوكرانيا على الطائرات الروسية التي كانت راسية، وكذلك الهجمات المختلفة التي تحدث من كلا الجانبين". وأضاف ترمب أن "المكالمة كانت جيدة، لكنها ليست محادثة ستؤدي إلى سلام فوري"، مشيراً إلى أن "بوتين قال وبلهجة قوية، إنه سيتعين عليه الرد على الهجوم الأخير على المطارات" الروسية. محادثة بين مديري الاستخبارات بدوره، قال مدير الاستخبارات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين في تصريحات الأحد، إنه تحدث إلى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA جون راتكليف، واتفقا على استمرار التواصل بينهما في أي وقت، وفق ما نقلت "رويترز". وتحتدم المنافسة بين جهازي الاستخبارات منذ فترة طويلة، ولجأ كل منهما إلى حملات علنية لتجنيد العملاء في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. وقال ناريشكين لمراسل تلفزيون الكرملين بافل زاروبين إنه أجرى مكالمة هاتفية مع راتكليف واتفقا على استمرار التواصل بينهما لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك. وأضاف ناريشكين للمراسل "أجريت مكالمة هاتفية مع نظيري الأميركي واتفقنا على إمكانية الاتصال ببعضنا البعض في أي وقت ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك". وفقا لوسائل الإعلام الروسية، جرت آخر مكالمة معلنة بين المسؤولين في مارس الماضي.

رئيس المخابرات الخارجية الروسي يعقد محادثات مع مدير «سي آي إيه»
رئيس المخابرات الخارجية الروسي يعقد محادثات مع مدير «سي آي إيه»

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

رئيس المخابرات الخارجية الروسي يعقد محادثات مع مدير «سي آي إيه»

أعلن مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، اليوم الأحد، أنه أجرى محادثات هاتفية مع مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)»، جون راتكليف، بعد أول اتصال بينهما في منتصف مارس (آذار) الماضي. وقال ناريشكين، عبر التلفزيون الرسمي: «تحدثت هاتفياً مع نظيري الأميركي، واتفقنا على اتصالنا معاً في أي وقت لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك»، من دون تقديم تفاصيل عن الاتصال الذي يأتي في ظل التقارب بين موسكو وواشنطن، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وكان ناريشكين، وهو مقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تحدّث مع راتكليف في 11 مارس الماضي، في أول اتصال بينهما بعد عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في بداية العام. وجاء هذان الاتصالان الرسميان بين مدير الاستخبارات الخارجية الروسية ومدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية»، في وقت بدأت فيه واشنطن وموسكو تحسين علاقاتهما الدبلوماسية، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا. والجمعة، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنه منفتح على عقد لقاء مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لكنه أكد ضرورة التحضير للقاء بشكل جيد. وأضاف بوتين، خلال مؤتمر صحافي، أنه يحترم ترمب كثيراً، مشيراً إلى أن روسيا تقدر جهود ترمب لحل الأزمات في أوكرانيا والشرق الأوسط. وأشاد الرئيس الروسي بترمب، ووصفه بأنه «رجل شجاع... ويعمل بصدق» للتوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية، مؤكداً أن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة «تتجه للاستقرار بعد خطوات أولية إيجابية». مع ذلك، لا تزال الخلافات كثيرة بين موسكو وواشنطن، بعد سنوات من التوترات. وعلى سبيل المثال، يواصل الأميركيون تزويد كييف بمعلومات استخبارية أساسية لقواتها بعد أكثر من 3 سنوات على بدء الهجوم الروسي واسع النطاق على أوكرانيا. وفي مارس الماضي، اتفق سيرغي ناريشكين وجون راتكليف على الحفاظ على «اتصالات منتظمة»، وفقاً لبيان صادر عن الجانب الروسي نقلته وكالة «تاس».

هدنة اقتصادية بين أمريكا والصين.. اتفاق مؤقت في زمن التوترات المتصاعدة
هدنة اقتصادية بين أمريكا والصين.. اتفاق مؤقت في زمن التوترات المتصاعدة

الوئام

timeمنذ 2 ساعات

  • الوئام

هدنة اقتصادية بين أمريكا والصين.. اتفاق مؤقت في زمن التوترات المتصاعدة

خاص – الوئام في تصريح مفاجئ أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من البيت الأبيض، أعلن أن واشنطن وقّعت اتفاقًا تجاريًا جديدًا مع الصين، بعد أقل من أسبوعين على إعلان 'تفاهم' تم التوصل إليه في لندن. ورغم أن ترمب لم يقدم تفاصيل محددة، فإن مسؤولًا في البيت الأبيض أوضح لاحقًا أن الاتفاق يندرج ضمن 'إطار لتنفيذ تفاهم جنيف'، مشيرًا إلى المحادثات التي جرت بين الجانبين في مايو، والتي وضعت الأساس لخفض مؤقت في الرسوم الجمركية. من التفاهمات الشفهية إلى الاتفاق المكتوب وفقًا لمصادر مطّلعة، فإن الاتفاق الجديد يُعد توثيقًا رسميًا لما تم الاتفاق عليه سابقًا شفهيًا بين واشنطن وبكين دون توقيع مكتوب. فقبل محادثات لندن، كانت الإدارة الأمريكية تسعى لإبرام 'اتفاق بالمصافحة'، وهو نهج رأى فيه بعض الخبراء تبسيطًا مفرطًا للعلاقة المعقدة بين البلدين. أما الاتفاق الأخير، وفق ما نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، فيعكس إدراك الجانبين لأهمية صياغة التفاهمات بشكل رسمي لتجنّب أي خلافات مستقبلية أو تراجع من أي طرف. محطات الاتفاق الاتفاق الذي أُبرم في جنيف سابقًا شمل تخفيضًا متبادلًا للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، كخطوة أولية نحو اتفاق أوسع، لكنه تعثر لاحقًا بسبب خلافات حول صادرات الصين من المعادن النادرة والقيود الأمريكية على التصدير. وفي وقت سابق من هذا الشهر، عُقدت مفاوضات جديدة في لندن بمشاركة وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، والممثل التجاري جيميسون غرير، إلى جانب نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ. وبعد يومين من المباحثات، أُعلن عن 'تفاهم' بدون تفاصيل، ليأتي إعلان ترمب ويؤكد تحويل هذا التفاهم إلى اتفاق مكتوب. بنود الاتفاق وتأثيراته أعلنت وزارة التجارة الصينية أن الجانبين 'أكدا مزيدًا من التفاصيل' حول الاتفاق، مشيرة إلى أن الصين ستواصل إصدار الموافقات على صادرات المواد الخاضعة للرقابة 'وفقًا للقانون'، وأن واشنطن ستُخفف 'الإجراءات التقييدية' المفروضة على بكين. وفي حال ثبوت هذه البنود على أرض الواقع، فإنها تمهد الطريق نحو استقرار نسبي في العلاقات التجارية، ولو مؤقتًا. خلفية التصعيد يأتي الاتفاق الجديد في سياق جهود إدارة ترمب لتوقيع اتفاقات تجارية متعددة الأطراف قبل حلول 9 يوليو، وهو الموعد الذي حدده ترمب لإعادة فرض رسوم جمركية 'متبادلة' على معظم شركاء أمريكا التجاريين بنسبة تصل إلى 50%. وقد خُفّضت هذه الرسوم مؤقتًا إلى 10% لإتاحة الفرصة أمام المفاوضات، لكن إذا لم تُوقّع اتفاقات نهائية، فستُعاد الرسوم إلى مستوياتها القصوى. شركاء تفاوضيون تُجري الولايات المتحدة حاليًا مفاوضات مكثفة مع كل من الهند، فيتنام، كوريا الجنوبية، اليابان، والاتحاد الأوروبي. وحتى الآن، تبقى المملكة المتحدة الدولة الوحيدة التي توصلت إلى اتفاق مع واشنطن. أما الصين، فقد حصلت على تخفيض مؤقت للرسوم إلى 10%، لكنها ما تزال تواجه رسومًا إضافية بنسبة 20%، بسبب استمرار تصديرها لمواد تدخل في تصنيع مخدر الفنتانيل، بحسب اتهامات إدارة ترمب. ترحيب حذر من مجتمع الأعمال أعرب رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، شون شتاين، عن تفاؤله الحذر قائلًا: 'إذا جلب الاتفاق مزيدًا من اليقين والعدالة في العلاقات التجارية، فسيكون انتصارًا لشعبي البلدين'. لكن البعض يرى أن الاتفاق يفتقر إلى آليات رقابة واضحة، مما يجعله عرضة للانهيار السريع عند أول خلاف حقيقي. رسوم جديدة تلوح في الأفق بالتوازي مع الاتفاق مع بكين، تدرس إدارة ترمب فرض رسوم جمركية على واردات عالمية في قطاعات حساسة تشمل أشباه الموصلات، الإلكترونيات الاستهلاكية، أجزاء الطيران، الأخشاب، النحاس، الصناعات الدوائية، والمعادن النادرة. هذه السياسة التجارية الهجومية تنذر بمزيد من التوترات العالمية، حتى مع محاولة تهدئة الجبهة الصينية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store