
أطفال السودان... الوفيات في تزايد والانتهاكات صادمة
مع ما يكابدونه في ظل الحرب والجوع، تأتي الأوبئة والأمراض لتفاقم من معاناة أطفال السودان، إذ حصد سوء التغذية أرواح الآلاف من اليافعين في مدن ومناطق عدة بالبلاد، وبخاصة في ظل توقف المساعدات الإنسانية التي قادت العالقين في الخرطوم والنازحين إلى أوضاع كارثية، فضلاً عن تعرض البنات الصغيرات إلى العنف الجنسي والاغتصاب والزواج المبكر أو القسري.
وترجمة للحال المريعة التي تحيط بهم جراء تداعيات الصراع المسلح، أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان وفاة 45 ألف طفل بسبب سوء التغذية منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، إضافة إلى رصد وفاة طفل أو طفلين كل ساعة بمخيمات زمزم وكلمة في إقليم دارفور وأدري بدولة تشاد التي تستضيف مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين.
جهود حكومية
في السياق ذاته، أوضح وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم أن "معدل سوء التغذية الحاد وسط الأطفال بلغ 15 في المئة بينما يتطلب معدل ستة في المئة دخول المستشفيات لتلقي العلاج".
وأشار إلى أن "زيادة حالات سوء التغذية لا ترتبط بالجوع فقط، بل بأمراض الأطفال وعدم الحصول على المياه النظيفة والتغذية السليمة، إذ يعاني اليافعون في المناطق التي ينتشر فيها سوء التغذية عدم الحصول على التطعيم والغذاء والخدمات الصحية".
وأعلن إبراهيم ترتيبات لوزارة الصحة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة لتنفيذ خطة لمعالجة سوء التغذية بكلفة تبلغ 471 مليون دولار، مؤكداً وجود 2249 مركزاً للتغذية العلاجية والطبية.
أوضاع كارثية
وعن أسباب تفشي سوء التغذية اعتبر المتخصص في طب الأطفال محمد مبروك أن "عدم وجود مستشفيات ومراكز صحية تقدم خدمات رعاية تكاملية تبدأ من النساء الحوامل وتستمر مع الأمومة والطفولة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة أسهم في تزايد الحالات والوفيات، وفي حال استمرار الحرب فإن الأوضاع الإنسانية ستنحدر نحو الكارثة".
ونوه إلى أن "هناك حالات وفاة حدثت للأطفال في مراكز إيواء النزوح البعيدة عن مرافق الرعاية الصحية نتيجة تفشي الأمراض والأوبئة القاتلة، إضافة إلى شح الأدوية المنقذة للحياة".
ودعا مبروك وزارة الصحة السودانية والمنظمات الدولية إلى "الأخذ في الأزمة بالاعتبار وإمداد المناطق المتأثرة بالأدوية والمواد الغذائية للأطفال والحوامل على حد سواء، لا سيما التي تعاني بسبب حصار المجموعات المسلحة".
وبيّن أن "هناك مناطق تعيش أسوأ حالاتها من ناحية تردي الأوضاع الإنسانية من جوع ومرض وموت، إضافة إلى انهيار القطاع الصحي وخروج المستشفيات عن الخدمة بسبب القصف المتبادل بين طرفي الصراع المسلح واستهداف الطواقم الطبية".
ضحايا الفقر
على الصعيد نفسه، قال الأمين العام للمجلس القومي للطفولة في السودان عبدالقادر الأمين أبو إن "نسبة مقدرة من الأطفال تصل إلى 87 في المئة هم تحت خط الفقر لم يجدوا حظهم من العون الإنساني الطوعي في ظروف الحرب من هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة".
وأضاف أن "الأطفال الذين سلمهم الجيش السوداني إلى الصليب الأحمر وعددهم 30 طفلاً، بعد عملية الفحص تبين أن 13 منهم يعانون سوء تغذية وجفافاً شديداً، وتعرضوا لصدمات نفسية وهم بحاجة إلى رعاية طبية، وتم تسليمهم لولاية كسلا ويتلقون العناية الخاصة"، وتعهد "أبو" بمتابعة المجلس المستمرة لملف الأطفال المجهولي الأبوين، وبذل الجهود كافة من أجل توفير الدعم لهذه الشريحة".
استهداف واعتداء
في غضون ذلك، تشهد مناطق النزاع المسلح في السودان تعرض الطفلات للعنف الجنسي والاغتصاب والزواج المبكر أو القسري.
وفي هذا الصدد، أوضحت الباحثة الاجتماعية أماني الحسن أن "العنف الجنسي كان يستخدم كواحد من أسلحة هذه الحرب بأقذر وأسوأ أدوات الاستغلال، إذ تحتضن معسكرات النزوح ودور الإيواء في الولايات الآمنة، مئات قصص ومآسي القهر النفسي والجسدي والجنسي الموجعة تعرضت لها فتيات يافعات أثناء الصراع المسلح".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعربت الحسن عن اعتقادها أن الحاجة إلى حماية الطفلات من العنف الجنسي المتصل بالنزاع المسلح أجبر بعض العائلات إلى تزويج بناتهم ليصبحن ضحايا صاغرات لظروف عيش لم يخترنها.
واعتبرت الباحثة الاجتماعية أن "الزواج في سن الطفولة يضاعف مشكلات المجتمع السوداني لعدم استطاعة اليافعات تحمل أعباء الحياة الزوجية والتكيف مع الأسرة والصراعات التي تنتج بين الفينة والأخرى".
وتابعت، "زواج القاصرات جريمة بكل المقاييس، إنسانية وحقوقية واجتماعية، وأسهمت آثار الحروب في تزايد نسبة زواج اليافعات، وبخاصة في المدن التي تشهد نزاعات وانتقال الأسر من المناطق الحضرية إلى مخيمات النزوح من دون النظر إلى العواقب".
انتهاكات مروعة
وفي إحصائية تكشف حجم الانتهاكات الإنسانية المريعة التي طاولت هذه الشريحة، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" أنه "خلال الحرب المستمرة في السودان منذ عامين ارتفع عدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال بنسبة ألف في المئة"، مناشدة العالم عدم التخلي عن ملايين الأطفال المنكوبين.
وقالت المديرة التنفيذية للوكالة الأممية كاثرين راسل في بيان إن "عامين من الحرب والنزوح حطما حياة ملايين الأطفال في سائر أنحاء السودان".
وسلطت "يونيسيف" في بيانها الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، بما في ذلك تعرض أطفال للقتل والتشويه والاختطاف والتجنيد القسري والعنف الجنسي، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات "ازدادت بنسبة ألف في المئة خلال عامين" وانتشرت في جميع أنحاء البلاد.
وأشارت إلى أن "عدد الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بجروح في السودان ارتفع من 150 حالة مؤكدة في عام 2022 إلى نحو 2776 حالة في عامي 2023 و2024، وكذلك فإن عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات ارتفع من 33 حالة تم التحقق منها في 2022 إلى 181 حالة في العامين الماضيين.
في المقابل تضاعف خلال العامين الماضيين عدد الأطفال المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، إذ ارتفع من 7.8 مليون في بداية 2023 إلى أكثر من 15 مليون طفل اليوم، وفقاً لـ"اليونيسيف".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 9 ساعات
- حضرموت نت
تدشين العمل في مشروع بناء مركز التغذية في عتق بشبوة
دشن أمين عام المجلس المحلي بمحافظة شبوة عبدربه هشلة ناصر اليوم ومعه مدير عام مكتب الصحة والسكان بالمحافظة الدكتور علي الذيب العمل في مشروع بناء مركز التغذية الصحية في عتق مركز المحافظة والذي سيتم تمويله من قبل الحكومة الألمانية عبر بنك التنمية الألماني بتكلفة تبلغ ثمانمائة ألف دولار وسينفذه مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع . وقد عبر أمين عام محلي المحافظة ومدير مكتب الصحة والسكان بالمحافظة عن شكرهما وتقديرهما للحكومة الألمانية على تبنيها لهذا المشروع الهام الذي سيساهم في تحسين وتطوير مستوى الخدمات الصحية المقدمة لأمراض سوء التغذية بين الأطفال بالمحافظة ، مؤكدان على ضرورة الاسراع في تنفيذ المشروع خلال الفترة المحددة لذلك والمقدرة بتسعة أشهر والالتزام بالمواصفات والمقاييس الفنية الخاصة بذلك . شارك في عملية التدشين عدد من القيادات والكوادر الصحية بالمحافظة .


حضرموت نت
منذ 10 ساعات
- حضرموت نت
تدشين العمل في مشروع مركز التغذية في عتق
شبوة – سبأنت دشن أمين عام المجلس المحلي بمحافظة شبوة عبدربه هشلة، اليوم، معه مدير مكتب الصحة والسكان الدكتور علي الذيب، العمل في مشروع بناء مركز التغذية الصحية في عتق، بتمويل الحكومة الألمانية عبر بنك التنمية الألماني بتكلفة 800 الف دولار، وسينفذه مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع. وثمن هشلة الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة الألمانية، وتبنيها هذا المشروع الذي سيساهم في تحسين وتطوير مستوى الخدمات الصحية المقدمة لأمراض سوء التغذية بين الأطفال..مؤكدا ضرورة الاسراع في تنفيذ المشروع خلال الفترة المحددة، وفق المواصفات والمقاييس الفنية الخاصة بذلك.


الوئام
منذ 13 ساعات
- الوئام
دراسة صادمة: مؤشرات الخرف قد تبدأ منذ الطفولة
توصل باحثون من جامعة شيكاغو الأمريكية إلى أن علامات الإصابة بالخرف، بما في ذلك مرض الزهايمر، قد تبدأ في الظهور منذ مرحلة الطفولة، في كشف علمي من شأنه أن يعيد صياغة استراتيجيات الوقاية والعلاج لهذا المرض المعقّد. الدراسة، التي نشرها موقع 'ستدي فايند'، تشير إلى أن العوامل المؤدية للإصابة بالخرف لا تقتصر فقط على الشيخوخة أو العوامل الوراثية، كما كان يُعتقد سابقاً، بل ترتبط أيضاً بنمط الحياة منذ سن مبكرة، بما في ذلك السمنة، قلة النشاط البدني، والتدخين. ويؤكد الباحثون أن الخرف ليس نهاية محتومة للتقدم في السن، إذ يمكن تقليل خطر الإصابة به بنسبة تصل إلى 45% عبر التخفيف من العوامل السلوكية الضارة. وتوصي الدراسة بضرورة البدء بالوقاية من المرض منذ منتصف العمر على الأقل، إن لم يكن قبل ذلك، لتحقيق نتائج أكثر فعالية في الحد من انتشاره، خاصة مع التزايد المستمر في عدد الحالات عالمياً. ويشير العلماء إلى أن الدماغ البشري يمر بثلاث مراحل رئيسية خلال حياة الإنسان: مرحلة النمو المبكر، ثم الاستقرار في منتصف العمر، وأخيراً التراجع المعرفي في سن الشيخوخة، وهو ما يعزز أهمية دعم صحة الدماغ في مراحل الحياة الأولى. ورغم التقدم العلمي في فهم الخرف وأعراضه، لا يزال العالم يفتقر إلى علاج نهائي وفعّال لهذا المرض الذي يصيب الملايين سنوياً، وتُقدّر تكلفة الرعاية الصحية المرتبطة به بنحو 1.3 تريليون دولار سنوياً على مستوى العالم. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 60 مليون شخص يعانون من الخرف حالياً، بينما تُسجل سنوياً قرابة 1.5 مليون حالة وفاة بسبب مضاعفاته، ما يجعل الوقاية المبكرة منه قضية صحية عالمية ملحّة.