logo
حدود صحوة اليابان العسكرية

حدود صحوة اليابان العسكرية

شبكة النبأمنذ 4 أيام

اليابان ليست القوة الوحيدة التي كانت تصالحية ذات يوم والتي تستجيب الآن لنزعة شي جين بينج الرجعية العضلية بعزيمة متجددة لتعزيز دفاعاتها وإحباط محاولات تحويل منطقة الهادي الهندي إلى كتلة تتمحور حول الصين. فقد شرعت أستراليا والهند على ذات المسار. علاوة على ذلك، نشأ اتجاه مماثل نحو العسكرة...
بقلم: براهما تشيلاني
طوكيو ــ لعقود من الزمن، أسست اليابان نفوذها الدولي على القدرة التنافسية الاقتصادية، وليس القوة العسكرية. ولكن بعد أن أصبح ظل الصين المظلم المتطاول يخيم على عتباتها، يبدو أن اليابان بدأت تتخلى الآن عن سياستها الأمنية السلمية التي انتهجتها بعد الحرب ــ والتي حددت للإنفاق الدفاعي سقفا لا يتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي واجتنبت السعي إلى امتلاك القدرات الهجومية ــ لصالح تولي دور مركزي في الحفاظ على الأمن في منطقة الهادي الهندي.
في الشهر الماضي كشفت اليابان عن استراتيجية جريئة جديدة للأمن القومي، والتي تتضمن خطة لمضاعفة الإنفاق الدفاعي في غضون خمس سنوات. هذا الإنفاق ــ الذي يصل في مجموعه إلى 320 مليار دولار ــ سيمول عملية تعزيز القوة العسكرية الأكبر في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية، وسوف يمثل ثالث أكبر ميزانية دفاعية على مستوى العالَـم بعد الولايات المتحدة والصين. الأمر المهم هنا هو أن الاستراتيجية الجديدة تشمل اكتساب قدرات ضربات الردع المضادة مثل صواريخ توماهوك الموجهة التي ستشتريها من الولايات المتحدة، وتطوير أسلحة فرط صوتية من إنتاجها.
بدأت اليابان تُـرسي الأساس لهذا التحول في عهد رئيس الوزراء السابق آبي شينزو، الذي اغتيل في يوليو/تموز الماضي. تحت إشراف آبي، زادت اليابان إنفاقها الدفاعي بنحو 10%، والأمر الأكثر أهمية أنها أعادت (بموافقة البرلمان) تفسير "دستور السلام" الذي فرضته الولايات المتحدة عليها بحيث يسمح للمؤسسة العسكرية بتعبئة القوات في الخارج للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية. سعى آبي أيضا إلى تعديل المادة التاسعة من الدستور، والتي تنبذ "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها" من جانب اليابان، لكن جهوده أُهـدِرَت بسبب احتجاجات شعبية.
لم يواجه رئيس الوزراء فوميو كيشيدا ذات القدر من المقاومة. على العكس من ذلك، تُـظـهِـر استطلاعات الرأي أن غالبية اليابانيين يدعمون تعزيز القوة العسكرية. حدث تحول مماثل لكيشيدا ذاته، الذي كان يُـعَـد بين الحمائم على نطاق واسع عندما كان وزيرا للخارجية ــ وهو الوصف الذي تبناه علنا.
الدافع وراء هذا التحول واضح. في عام 2013، عندما أصبح شي جين بينج رئيسا للصين، وصفت استراتيجية الأمن القومي اليابانية الصين بأنها "شريك استراتيجي". على النقيض من ذلك، تمثل الصين وفقا للاستراتيجية الـمُـحَـدَّثة "التحدي الاستراتيجي غير المسبوق والأعظم الذي تواجهه اليابان في سعيها إلى ضمان سلامها وأمنها". الواقع أن نهج الصين التوسعي المتنامي الذي لا يلين في عهد شي جعل موقف اليابان المسالم غير مقبول.
كان هذا أشد وضوحا من أي وقت مضى في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، الذي تسبب في اشتداد المخاوف من أن تلاحق الصين خيارا عسكريا ضد تايوان، التي تُـعَـد فعليا امتدادا لأرخبيل اليابان. في أغسطس/آب الماضي، سقطت خمسة من الصواريخ التسعة التي أطلقتها الصين أثناء التدريبات العسكرية في المياه حول تايوان في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان. ومن المفهوم أن تنظر اليابان إلى أمن تايوان باعتباره جزءا حيويا من أمنها.
اليابان ليست القوة الوحيدة التي كانت تصالحية ذات يوم والتي تستجيب الآن لنزعة شي جين بينج الرجعية العضلية بعزيمة متجددة لتعزيز دفاعاتها وإحباط محاولات تحويل منطقة الهادي الهندي إلى كتلة تتمحور حول الصين. فقد شرعت أستراليا والهند على ذات المسار.
علاوة على ذلك، نشأ اتجاه مماثل نحو العسكرة بين حلفاء اليابان في الغرب. فقد تعهدت ألمانيا، وهي دولة أخرى مسالمة، بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي (وهو ذات المستو الذي يستهدفه كيشيدا) وقبول دور القيادة العسكرية في أوروبا. وقد تجاوزت المملكة المتحدة بالفعل مستوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها تسعى رغم ذلك إلى مضاعفة إنفاقها الدفاعي بحلول عام 2030. كما رفعت الولايات المتحدة للتو إنفاقها العسكري الضخم بالفعل بنسبة 8%. والآن تنضم السويد وفنلندا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتجدد النشاط.
في حين أصبحت إعادة تسليح اليابان مقبولة على نطاق أوسع من أي وقت مضى ــ ولسبب وجيه ــ فمن غير المرجح أن تكون كافية لردع زحف الصين التوسعي. فعلى الرغم من امتلاك الهند ثالث أكبر ميزانية دفاعية على مستوى العالم، فقد عَـلِـقَـت في مواجهة عسكرية مع الصين على حدود الهيمالايا المتنازع عليها منذ عام 2020، عندما باغتتها التعديات السرية من جانب جيش التحرير الشعبي. ولا تزال الاشتباكات تندلع بشكل متقطع، بما في ذلك في الشهر الماضي.
على النقيض من روسيا، التي شنت هجوما مباشرا عنيفا على أوكرانيا، تفضل الصين التكتيكات المتدرجة، مع اقتطاع أجزاء من أراضي بلدان أخرى بالاستعانة بخليط من التسلل والخداع والمفاجأة. من الواضح أن ما يسمى "الحرب الثلاثية" التي يخوضها جيش التحرير الشعبي، والتي تركز على الجوانب النفسية، والرأي العام، والأبعاد القانونية لهذا الصراع، عملت على تمكين الصين من تأمين انتصارات استراتيجية في بحر الصين الجنوبي ــ من الاستيلاء على الحيد البحري جونسون ساوث في عام 1988 إلى احتلال سكاربورو شول في عام 2012 ــ دون أن تضطر إلى إطلاق أي رصاصة تقريبا.
ولأن الصين تتجنب في عموم الأمر الصراع المسلح، فإنها تتحمل أقل قدر من التكاليف الدولية عن أفعالها، حتى في حين تعيد من جانب واحد رسم الخريطة الجيوسياسية لبحر الصين الجنوبي، وتقضم أراضي بوتان الحدودية، قطعة صغيرة من أراضي الرعي في كل مرة. كما تمكنت الحكومة في بكين من تقويض الحكم الذاتي في هونج كونج دون أن تواجه عقوبات غربية ذات وزرن.
لم يُـزِد الإفلات من العقاب على كل هذه الأفعال شي جين بينج إلا جرأة، وهو يسعى الآن إلى تكرار استراتيجية بحر الصين الجنوبي في بحر الصين الشرقي من خلال تصعيد التوغلات البحرية والجوية لتعزيز مطالبة الصين بجزر سينكاكو التي تديرها اليابان. حتى أن الصين حاولت تسيير دوريات شرطية في المياه قبالة سينكاكو.
ظل رد اليابان على استفزازات الصين مقيدا حتى الآن، وهذا أقل ما يُـقال: فلم يُـقـدِم أي وزير دفاع ياباني على إجراء تفتيش جوي لجزر سينكاكو، خشية أن تغضب الصين. لكن اقتناء اليابان صواريخ توماهوك وأسلحة فرط صوتية لا يمثل بالضرورة وسيلة فَـعّـالة لمقاومة الحرب الهجين التي تشنها الصين. ولهذا، يتعين على اليابان أن تعمل على إيجاد وسيلة فَـعّـالة لإحباط جهود الصين السرية الماكرة لتغيير الوضع الراهن في حين تتجنب خطر القتال الصريح.
يجب أن يكون سعي اليابان إلى الاعتماد على الذات بدرجة أكبر موضع ترحيب. فسوف تُـتَـرجَم القدرات الدفاعية المحسنة إلى يابان أكثر ثقة وأمانا ــ ومنطقة الهادي الهندي أكثر استقرارا. ولكن إذا كان لليابان أن تتمكن من "تعطيل وهزيمة" التهديدات، على حد تعبير استراتيجية الأمن القومي، فيجب على قادة اليابان أن يتحركوا بشكل استباقي للتغلب على الصين في ذات اللعبة التي تجيدها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

باستخدام أموال المساعدات.. إدارة ترامب تخطط لترحيل مهاجرين من مناطق نزاعات لبلدانهم
باستخدام أموال المساعدات.. إدارة ترامب تخطط لترحيل مهاجرين من مناطق نزاعات لبلدانهم

ليبانون 24

timeمنذ 29 دقائق

  • ليبانون 24

باستخدام أموال المساعدات.. إدارة ترامب تخطط لترحيل مهاجرين من مناطق نزاعات لبلدانهم

أعدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة لاستخدام ما يصل إلى 250 مليون دولار من أموال المساعدات الخارجية، لتمويل عمليات ترحيل وإعادة أفراد من مناطق تشهد نزاعات نشطة، بما في ذلك نحو 700 ألف مهاجر أوكراني وهايتي فروا إلى الولايات المتحدة هرباً من العنف المستمر والمتصاعد في بلادهم، وفقاً لوثائق داخلية أولية اطلعت عليها صحيفة " واشنطن بوست". وتشير الوثائق إلى أن المقترح، الذي لم يُكشف عنه سابقاً، كان قيد الإعداد قبل إعلان ذي صلة صدر في 5 ايار الجاري عن وزارة الأمن الداخلي ، أفاد بأن المهاجرين الذين يختارون "العودة الطوعية" إلى بلدانهم سيكونون مؤهلين للحصول على منحة مالية بقيمة ألف دولار من الحكومة الأميركية. ورغم أن الإدارات الأميركية السابقة دعمت استخدام أموال دافعي الضرائب لتمويل العودة الطوعية للمهاجرين، فإن المقترح، الذي أُعد في عهد ترمب يُعد "استثنائياً"، نظراً لأنه يشمل أشخاصاً فروا من مناطق خطرة في العالم، ويبدو أنه يستهدف تجاوز المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، والتي تضطلع عادةً بمساعدة المهاجرين في العودة إلى بلدانهم، وفق " واشنطن بوست". ويتزامن هذا المقترح أيضاً مع مسعى الإدارة المثير للجدل لخفض المساعدات الخارجية بشكل حاد، عبر تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وإنهاء 80% من برامجها، بما في ذلك البرامج التي كانت موجهة لأوكرانيا وهايتي ودول أخرى تعاني من اضطرابات. جنسيات عربية وتشير مسودة الوثائق إلى أن الخطة لا تقتصر على الأوكرانيين والهايتيين فحسب، بل تشمل أيضاً أفغاناً وفلسطينيين وليبيين وسودانيين وسوريين ويمنيين، باعتبارهم أهدافاً محتملة لبرنامج الترحيل الطوعي. وأفادت المسودة بأن المكتب التابع للأمم المتحدة والمعني بشؤون الهجرة لا يدعم إعادة الأشخاص إلى أي من تلك الدول. ورغم وصف هذه المسودة بـ"غير النهائية"، ووصف متحدث باسم وزارة الأمن الداخلي لها بأنها "قديمة"، وقعت وزارة الأمن الداخلي اتفاقاً مع وزارة الخارجية الأسبوع الماضي، يتضمن الإجراءات نفسها، بما في ذلك مبلغ الـ250 مليون دولار من المساعدات الخارجية، دون أن يحدد الاتفاق جنسيات بعينها ستُستهدف بالعودة الطوعية.

أين لبنان من سيناريو "تعافي" سوريا؟
أين لبنان من سيناريو "تعافي" سوريا؟

ليبانون ديبايت

timeمنذ 42 دقائق

  • ليبانون ديبايت

أين لبنان من سيناريو "تعافي" سوريا؟

لا يزال لبنان في موقع المراقب للقرارات الأميركية أولاً، والأوروبية ثانياً، برفع العقوبات الإقتصادية عن سوريا، حيث يتلقّف هذه القرارات التي تٌُنبىء بفتح نافذة الدعم الدولي لإعادة إعمار وتعافي سوريا، وذلك في الوقت الذي يبقى فيه ملف تمويل إعادة إعمار ما تهدم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، مشروطاً بمجموعة عناوين سياسية وأمنية ومالية واقتصادية. أكثر من قراءة يحتمل هذا الدعم الدولي للسلطة الجديدة في سوريا، إنما لا يمكن إغفال تحوّل دمشق إلى نقطة اهتمام ورصد ومتابعة من قبل عواصم القرار الغربية، وقبلها كانت العواصم العربية المؤثرة في ملف الدعم والإعمار، خصوصاً وأن هناك في لبنان من يتوجّس أن تسبق السلطة السورية بيروت في التقاط "اللحظة" واستقطاب أي دعم ممكن، وتمويل قد يصل إلى مئات المليارات من الدولارات في مرحلة أولى، في ضوء تقديرات بتكلفة تقدر ب400 مليار دولار، ولن يصل منها إلى لبنان أكثر من واحد بالمئة بحسب توقعات أوساط إقتصادية مطلعة على هذا الملف. إلاّ أن هذه الأوساط تقرّ ل"ليبانون ديبايت"، بأن لبنان قد يكون "المستفيد الأول" من عودة سوريا إلى المجتمع الدولي بعد رفع العقوبات بالكامل عنها مع قرار الإتحاد الأوروبي بالأمس بعد القرار الأميركي منذ أيام، وذلك على مستوى الشركات اللبنانية التي ستقوم بدور بارز وفاعل عند بدء عملية إعادة الإعمار، وخصوصاً الشركات الكبرى التي بدأت تستعد للمساهمة في هذه العملية منذ فترة طويلة. إلاّ أن الإنعكاس المباشر والسريع تحدّده الأوساط الإقتصادية بقطاع الطاقة وبالقطاع التجاري، وما يتصل بحركتي استيراد سلع من الخارج وتصدير الإنتاج اللبناني إلى الدول العربية بالدرجة الأولى، حيث ستعود خطوط النقل البري بدل البحري ما سوف يسهّل ويخفّف من تكلفة حركة التجارة الخارجية. وعلى مستوى الطاقة، فتتحدث الأوساط، عن إعادة إنعاش سيشهدها هذا القطاع في المرحلة المقبلة، موضحةً أن العقوبات الأميركية قد شكّلت السبب الرئيسي الذي منع لبنان من الإستفادة من استيراد الكهرباء والغاز من مصر والأردن عبر الخطّ العربي الذي يمرّ في الأراضي السورية. لكن هذه الفرصة في بعض المجالات الإقتصادية لا تنسحب على المشهد الإقتصادي العام كما تضيف الأوساط، والتي تحذّر من أن يأتي التركيز على تعافي سوريا، على حساب تعافي لبنان وإعادة الإعمار فيه وإنقاذه من الأزمات الراهنة.

ترامب يطلق درعا صاروخية باسم 'القبة الذهبية'
ترامب يطلق درعا صاروخية باسم 'القبة الذهبية'

IM Lebanon

timeمنذ ساعة واحدة

  • IM Lebanon

ترامب يطلق درعا صاروخية باسم 'القبة الذهبية'

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلثاء، أن أميركا ستبني درعا صاروخية باسم 'القبة الذهبية'. وقال إنه من المفترض أن تعمل القبة الذهبية بنهاية فترته الرئاسية. وأوضح ترامب أن 'تكلفة القبة الذهبية تبلغ 175 مليار دولار'، وأنها 'ستكون مصنعة في أميركا بالكامل'. وذكر الرئيس الأميركي أن الهدف من بناء الدرع الصاروخية هو 'مواجهة أي ضربات بعيدة المدى'، و'حماية سماءنا من الصواريخ الباليستية'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store