
الكشف عن السر الحقيقي لفرحة المغاربة بالساعة الجديدة؟
جمال أزضوض
مع عودة المغرب إلى الساعة القانونية (غرينتش) على غرار كل سنة تزامنا مع اقتراب شهر رمضان، يعبّر المواطنون عن ارتياح يصفونه بـ'الكبير' لهذا القرار. وظل المغرب لسنوات يتبنى سياسة تغيير التوقيت بشكل موسمي، قبل أن يقرّر الاحتفاظ بالساعة الإضافية على طول السنة باستثناء شهر رمضان، وهو الوضع الذي يواصل، كل سنة، إثارة جدل واسع بين المغاربة، الذين يعتبرون الساعة الإضافية غير متناغمة مع إيقاع حياتهم اليومية.
الرافضون للساعة الإضافية المفروضة على المغاربة يستشهدون بدراسات علمية وطبية عدة تؤكد أن التوقيت القانوني يتماشى بشكل أفضل مع التوازن البيولوجي والنفسي، مما يعزز شعور المغاربة بأن العودة إلى التوقيت الشتوي قرار يخدم صحتهم وراحتهم.
يضاف إلى ذلك ارتباط هذا التوقيت القانوني ارتباطا وثيقا بالعادات الدينية والاجتماعية للمجتمع المغربي، مثل أوقات الصلاة وتنظيم اليوم بين الليل والنهار، وهو ما جعل رفض الساعة الإضافية موقفا شعبيا واسعا.
وفي ظل غياب سياسة تواصلية حكومية واضحة لتبرير الساعة الإضافية، يرى المواطنون أنها لا تقدم فائدة ملموسة على المستوى الشخصي، بعيدا عن الحجج الاقتصادية أو الدولية التي تروج لها السلطات الحكومية بين الحين والآخر.
ويرى خبراء الصحة وعلم النفس الاجتماعي أن هذا الشعور بالارتياح الذي ساد خلال اليومين الأخيرين بين فئة واسعة من المغاربة، يعكس رغبة عميقة في استعادة الانسجام الطبيعي مع الزمن، الذي طالما ارتبط في الوعي المغربي بحركة الشمس والقمر كمعيار أساسي للحياة اليومية.
ويرى محسن بنزاكور، أستاذ جامعي مختص في علم النفس الاجتماعي، أن ارتياح المغاربة للعودة إلى الساعة العادية 'يعود إلى توافقها مع الجانب الإيكولوجي وخطوط العرض والطول التي ينتمي إليها المغرب (غرينتش)'.
وذكّر بنزاكور، بأن المغرب 'هو البلد الوحيد عالميا الذي يغير توقيته في رمضان فقط ليعود إلى الساعة الإضافية بقية السنة'، معتبرا أن هذا الأمر يثير أسئلة اجتماعية ونفسية حول جدوى هذا النظام للمواطن العادي، الذي لا يجد إجابة مقنعة عن فائدة هذا التغيير على مستواه الشخصي، بعيدا عن الجوانب الاقتصادية أو الدولية، يشعر بالارتياح للعودة إلى التوقيت القانوني خلال هذا الشهر.
وأبرز أن الدراسات العلمية 'تثبت وجود تناغم بين الساعة القانونية والصحة البدنية والنفسية للإنسان'، مشيرا إلى أمثلة مثل 'تأثير تغيير الساعة على إنتاج الحليب وجودته عند الأبقار في فرنسا بسبب الاستيقاظ المبكر'.
إقرأ ايضاً
هذه المعطيات التي يطلع عليها المواطن، تبرر، حسب بنزاكور، شعوره بالارتياح عند العودة إلى التوقيت القانوني، 'خاصة في ظل غياب سياسة تواصلية حكومية تقنع المجتمع بضرورة الساعة الإضافية'، مما يعزز رفضها شعبيا.
وأوضح المتحدث، في السياق ذاته، أن المجتمع المغربي، بطبيعته المتدينة، يجد راحة نفسية في توافق التوقيت مع أوقات الصلاة، 'حيث يشعر الناس بأن الصلاة تؤدى في وقتها وبوجود متسع من الوقت'. ويرى أن طول الليل أو النهار يصبح مصدر استمتاع للمواطن العادي عندما يتماشى مع إيقاع الحياة الطبيعي وأوقات الصلاة.
وخلص أستاذ علم النفس الاجتماعي إلى أن جوهر الإشكالية يكمن في العلاقة الطبيعية للإنسان مع الشمس والقمر، التي ترسخت في عقلية الإنسان، بما في ذلك المغاربة، كمعيار للزمن، 'بحيث أصبحت الساعة الآلية (في اليد أو الهاتف) ليست المعيار الحقيقي للزمن بالنسبة إليهم، وأن تغييرها دون إقناع أو إثبات علمي يولد اضطرابا نفسيا واجتماعيا'، وهو ما يشرح التفسيرات الشعبية لرفض الساعة الإضافية والارتياح للتوقيت القانوني.
من جانبه، أكد الدكتور الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أن 'المغاربة يشعرون بالارتياح للعودة إلى الساعة القانونية لأنها الأنسب لجسم الإنسان'، مشيرا إلى أن الدراسات الطبية تثبت أن التوقيت الشتوي يحترم العلاقة الطبيعية بين الإنسان والضوء، حيث خلق الله الشمس للنشاط والظلام للراحة.
وأوضح حمضي، أن التوقيت الصيفي يعاكس هذا الإيقاع، حيث يذهب الإنسان للعمل في الظلام ويعود وهو متعب رغم بقاء النهار، بينما التوقيت الشتوي ينسجم مع الحياة البيولوجية ويقلل من الإرهاق، مشيرا إلى أن 'الدراسات أظهرت أن تغيير التوقيت، سواء من الشتوي إلى الصيفي أو العكس، يسبب مشكلات صحية واجتماعية، لكن الانتقال إلى التوقيت الصيفي يشكل إشكالية أكبر'.
وشدّد الباحث في السياسات والنظم الصحية على أن التوقيت الشتوي 'هو الأمثل للصحة'، مستندا إلى أدلة علمية، مما يبرر شعور المغاربة بالراحة والرفض الشعبي للساعة الإضافية التي لا تتماشى مع احتياجاتهم الطبيعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أريفينو.نت
٢٦-٠٢-٢٠٢٥
- أريفينو.نت
الكشف عن السر الحقيقي لفرحة المغاربة بالساعة الجديدة؟
جمال أزضوض مع عودة المغرب إلى الساعة القانونية (غرينتش) على غرار كل سنة تزامنا مع اقتراب شهر رمضان، يعبّر المواطنون عن ارتياح يصفونه بـ'الكبير' لهذا القرار. وظل المغرب لسنوات يتبنى سياسة تغيير التوقيت بشكل موسمي، قبل أن يقرّر الاحتفاظ بالساعة الإضافية على طول السنة باستثناء شهر رمضان، وهو الوضع الذي يواصل، كل سنة، إثارة جدل واسع بين المغاربة، الذين يعتبرون الساعة الإضافية غير متناغمة مع إيقاع حياتهم اليومية. الرافضون للساعة الإضافية المفروضة على المغاربة يستشهدون بدراسات علمية وطبية عدة تؤكد أن التوقيت القانوني يتماشى بشكل أفضل مع التوازن البيولوجي والنفسي، مما يعزز شعور المغاربة بأن العودة إلى التوقيت الشتوي قرار يخدم صحتهم وراحتهم. يضاف إلى ذلك ارتباط هذا التوقيت القانوني ارتباطا وثيقا بالعادات الدينية والاجتماعية للمجتمع المغربي، مثل أوقات الصلاة وتنظيم اليوم بين الليل والنهار، وهو ما جعل رفض الساعة الإضافية موقفا شعبيا واسعا. وفي ظل غياب سياسة تواصلية حكومية واضحة لتبرير الساعة الإضافية، يرى المواطنون أنها لا تقدم فائدة ملموسة على المستوى الشخصي، بعيدا عن الحجج الاقتصادية أو الدولية التي تروج لها السلطات الحكومية بين الحين والآخر. ويرى خبراء الصحة وعلم النفس الاجتماعي أن هذا الشعور بالارتياح الذي ساد خلال اليومين الأخيرين بين فئة واسعة من المغاربة، يعكس رغبة عميقة في استعادة الانسجام الطبيعي مع الزمن، الذي طالما ارتبط في الوعي المغربي بحركة الشمس والقمر كمعيار أساسي للحياة اليومية. ويرى محسن بنزاكور، أستاذ جامعي مختص في علم النفس الاجتماعي، أن ارتياح المغاربة للعودة إلى الساعة العادية 'يعود إلى توافقها مع الجانب الإيكولوجي وخطوط العرض والطول التي ينتمي إليها المغرب (غرينتش)'. وذكّر بنزاكور، بأن المغرب 'هو البلد الوحيد عالميا الذي يغير توقيته في رمضان فقط ليعود إلى الساعة الإضافية بقية السنة'، معتبرا أن هذا الأمر يثير أسئلة اجتماعية ونفسية حول جدوى هذا النظام للمواطن العادي، الذي لا يجد إجابة مقنعة عن فائدة هذا التغيير على مستواه الشخصي، بعيدا عن الجوانب الاقتصادية أو الدولية، يشعر بالارتياح للعودة إلى التوقيت القانوني خلال هذا الشهر. وأبرز أن الدراسات العلمية 'تثبت وجود تناغم بين الساعة القانونية والصحة البدنية والنفسية للإنسان'، مشيرا إلى أمثلة مثل 'تأثير تغيير الساعة على إنتاج الحليب وجودته عند الأبقار في فرنسا بسبب الاستيقاظ المبكر'. إقرأ ايضاً هذه المعطيات التي يطلع عليها المواطن، تبرر، حسب بنزاكور، شعوره بالارتياح عند العودة إلى التوقيت القانوني، 'خاصة في ظل غياب سياسة تواصلية حكومية تقنع المجتمع بضرورة الساعة الإضافية'، مما يعزز رفضها شعبيا. وأوضح المتحدث، في السياق ذاته، أن المجتمع المغربي، بطبيعته المتدينة، يجد راحة نفسية في توافق التوقيت مع أوقات الصلاة، 'حيث يشعر الناس بأن الصلاة تؤدى في وقتها وبوجود متسع من الوقت'. ويرى أن طول الليل أو النهار يصبح مصدر استمتاع للمواطن العادي عندما يتماشى مع إيقاع الحياة الطبيعي وأوقات الصلاة. وخلص أستاذ علم النفس الاجتماعي إلى أن جوهر الإشكالية يكمن في العلاقة الطبيعية للإنسان مع الشمس والقمر، التي ترسخت في عقلية الإنسان، بما في ذلك المغاربة، كمعيار للزمن، 'بحيث أصبحت الساعة الآلية (في اليد أو الهاتف) ليست المعيار الحقيقي للزمن بالنسبة إليهم، وأن تغييرها دون إقناع أو إثبات علمي يولد اضطرابا نفسيا واجتماعيا'، وهو ما يشرح التفسيرات الشعبية لرفض الساعة الإضافية والارتياح للتوقيت القانوني. من جانبه، أكد الدكتور الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أن 'المغاربة يشعرون بالارتياح للعودة إلى الساعة القانونية لأنها الأنسب لجسم الإنسان'، مشيرا إلى أن الدراسات الطبية تثبت أن التوقيت الشتوي يحترم العلاقة الطبيعية بين الإنسان والضوء، حيث خلق الله الشمس للنشاط والظلام للراحة. وأوضح حمضي، أن التوقيت الصيفي يعاكس هذا الإيقاع، حيث يذهب الإنسان للعمل في الظلام ويعود وهو متعب رغم بقاء النهار، بينما التوقيت الشتوي ينسجم مع الحياة البيولوجية ويقلل من الإرهاق، مشيرا إلى أن 'الدراسات أظهرت أن تغيير التوقيت، سواء من الشتوي إلى الصيفي أو العكس، يسبب مشكلات صحية واجتماعية، لكن الانتقال إلى التوقيت الصيفي يشكل إشكالية أكبر'. وشدّد الباحث في السياسات والنظم الصحية على أن التوقيت الشتوي 'هو الأمثل للصحة'، مستندا إلى أدلة علمية، مما يبرر شعور المغاربة بالراحة والرفض الشعبي للساعة الإضافية التي لا تتماشى مع احتياجاتهم الطبيعية.


كواليس اليوم
١٠-٠١-٢٠٢٥
- كواليس اليوم
فلسفة الصغر: السيكودراما الكبرى لرئيس بلدية من الطراز الفاسد !
بقلم : عبد القادر العفسي ' هذا المقال ساخر، ندعوكم إلى رحلة عبر زوايا غريبة للعقل البشري ، حيث يمتزج العبث بالمنطق و الهزل بالواقع في محاولة لاكتشاف الحقيقة الهاربة بين السطور ، لا يسعى هذا النص لأن يكون مرآة لأي شخص أو حدث ، بل هو مجرد انعكاس عشوائي لخيالات عابرة و هواجس ليلية ! و أي تطابق مع الواقع ليس إلا صدفة عبثية تُعبر عن عبثية الوجود نفسه ! ' . في كتاباته عن 'إرادة القوة'، لم يتوقع 'نيتشه' أن يُلهم رئيس بلدية منسيًا في بقعة نائية ! غير أن هذا الأخير يعاني من أزمة وجودية مزمنة مرتبطة بحجم 'ما لا يُذكر'، أثبت أن فلسفة القوة يمكن أن تتحول إلى كوميديا ساخرة حين تُختزل في محاولة تعويضية عبثية لإثبات الذات، ليس في ميادين العظمة، بل في مقالب الفساد ومسرحيات السوء ،رئيس البلدية هذا العزيز الذي يتربع على عرش الفساد بحرفية منقطعة النظير،كائن ليس ككل الكائنات، أو بالأحرى، كائن يعاني من عقدة أبدية لا تراه عينه ولا يتجاوزها عقله ! نعم، نتحدث هنا عن ذاك الموضوع الذي لا يُقال في العلن: 'عقدة الصغر'، لكن لا تستعجلوا ! فالعقدة ليست فقط بيولوجية، إنها فلسفية وسيكولوجية وسياسية بامتياز !. في علم النفس التفكيكي (لا أدري إن كان هذا العلم موجوداً، ولكن لا بأس أن ندّعيه لأغراض السخرية)، يُقال إن الإنسان الذي يشعر بالنقص في جانب معين يسعى للتعويض عنه في جوانب أخرى ، وهكذا وُلد رئيس البلدية في تلك البقعة المنسية من حكاياتنا ، مشروع قائد يُخفي خلف ابتسامته البلاستيكية عالماً من القهر الداخلي، كانت أحلامه الكبيرة بصيانة المدينة وصيانة نفسه متقاطعة دائماً مع أزماته النفسية غير المحلولة ، فإذا لم يكن قادراً على تطويل شيء واحد في حياته، قرر أن يطيل من فترة ولايته، بمعنى آخر :لماذا يسعى رفع شعار ترميم الطرقات ؟ لأن الطريق نحو نفسه مليء بالحفر! ولماذا يبني الحدائق السوداء؟ فالزهور في داخله ذابلة أكثر سوادا!. بالتالي ، في قلب كل أزمة سياسية تختبئ أزمة نفسية، ولكن في حالة رئيس البلدية هذا يبدو أن الأزمة أكثر تحديدًا، وأكثر عريًا (معنوياً بالطبع)، 'صغر' حجم المنطقة التي لا تطل عليها الشمس ، لم يكن مجرد معلومة بيولوجية بل تحول إلى استعارة فلسفية تحدد كل أفعاله، حيث أصبح هاجسه الأوحد إثبات أنه كبير بما يكفي رغم كل شيء ، ولكن كيف يمكن لكائن يعرف تمام المعرفة حدود حجمه الفيزيائي أن يحيا حياة قائمة على تضخيم ذاته؟ هنا تكمن المأساة الساخرة ! عوضاً عن مواجهة عقدته بشجاعة، اختار طريق السلطة – ذاك المسرح الذي يسمح لأوهام العظمة بأن تحجب عن المرء مرآة الحقيقة !. تنبني المطارحة للفلسفة الوجودية في أنّ الإنسان يُعرّف من خلال أفعاله، لكن ماذا لو كانت كل أفعاله مجرد رد فعل على شعور دائم بالنقص؟ الرئيس هنا قرر أن يعوض عن صغره بأكبر أشكال البذخ السياسي: مشاريع عشوائية بأسماء رنانة، طلبات السند لا تكتمل، وجسور التخادم مع الفساد بتركيبة ممزوجة بالوقاحة و الدناءة ! تأملوا، مثلاً، تلك المنضدة و اللوحة الاشهارية على مكتبه الذي قرر وضع اسمه بشكل كبير بكرسي ضخم ، لماذا ؟ لأنه لا يستطيع منح اسمه لشيء أصغر! كان يعرف أن اللافتة التي تحمل اسمه ستكون شاهدة على وجوده، ولو كان ذلك الوجود محض تضليل !. يبدو أن المشكلة الأساسية لم تكن فقط في سوء الإدارة، بل في شعور دائم بالتهديد، كلما انتقده أحدهم: كان يراه هجوماً شخصياً على 'ذكورته السياسية' ولذلك، بدلاً من الرد بعقلانية، كان يطلق مشروعاً وهمياً جديداً ويُحيط نفسه بحاشية من المنافقين بتاريخ زاخر من تراكمات نفسية سوداء عميقة ، فَهم هؤلاء اللعبة سريعاً: امدحه حتى يصبح صوتك موسيقى في أذنيه، ولا تذكر كلمة 'صغر' بأي سياق كان ! . إذا تسللنا إلى عوالم الميتافيزيقا وقمنا باستنزال روحاني و استدعينا روح 'فرويد' فسنجده يهز رأسه مبتسمًا وهو يكتب: 'لقد وجدت عقدة 'أوديب' مكانها في السياسة لأنها تخفي الدستور الخفي ! في اللاوعي السياسي! لرئيس البلدية هذا الذي تخضعونه لعملية جراحية ' مدينته التي تم تعينه بها ! كلها انعكاسًا لرغبته الدفينة في التعويض، أراد أن تكون الشوارع الطويلة صورة لإطالة مجازية لما هو قصير، وأن تصبح أعمدة الإنارة الشاهقة رموزًا لما كان يتمناه يومًا ، لكن ككل مسرحية عبثية، فإن المحاولة تفشل دائمًا: الشوارع الطويلة مليئة بالحفر، والأعمدة تنحني تحت ثقل الإهمال، والمباني التي تخالف كل القوانين تُكمل مهمتها في تمثيل المأساة: الفراغ في الداخل و الصمود !. في علم النفس السياسي (علم اخترعناه للتو كما يبدو)، يُقال إن القادة الذين يأتون إلى السلطة مدفوعين بعقد شخصية ينتهون بإلحاق تلك العقد بمجتمعاتهم وهكذا، أصبحت مدينة رئيس البلدية مرآة عاكسة لعالمه الداخلي: فساد ممتد كطرقها المتهالكة، ونقص ينعكس في كل زواياها الضيقة، وعجز يتجلى في وعوده الكاذبة التي لا تنتهي ، والمثير للسخرية أن رئيس البلدية هذا في قرار نفسه، يعلم تماماً أن المشكلة ليست في حجم مدينته أو حجم مشاريعه الوهمية ، بل في حجمه هو! ولذلك، كان شعاره الداخلي غير المعلن: ' إذا لم أستطع أن أكبر، فلأجعل كل شيء حولي يبدو صغيرًا بما يكفي ليشعرني بالعظمة '. وفي كل مرة يهمس حيث يسميها هو خطاب ، الناس يهمسون في سرهم: 'هذا الكائن الذي لا يستطيع إدارة حتى مظلة صغيرة، كيف يدير مدينة بأكملها؟ بالفعل ، مدينة هذا الرئيس العزيز باتت مرآة لعقده النفسية، شوارع ضيقة أكثر ، أبنية قصيرة و أخرى طويلة حسب الدفع المسبق ! وأعمدة إنارة تبدو وكأنها مجرد ديكور لمسرحية كوميدية! حتى الأشجار، تلك الكائنات التي تعكس الطبيعة، بدت وكأنها تئن تحت وطأة الصراخ و البكاء ، لكن إذا كان ثمة شيء يدعو للدهشة، فهو قدرته على البقاء! كيف استطاع كائن بهذا الكم من القصور إدارة مدينة بهذا الكم من المشاكل ؟ ربما لأن النظام السياسي ذاته مبني على عقد نفسية مشابهة !. هناك فكرة قديمة تقول : 'إن الإنسان يصنع العالم وفقًا لصورته' وإذا كانت هذه الصورة مشوهة أو مجزأة، فإن العالم الذي يبنيه سيكون انعكاسًا لذلك التشوه، وهكذا صنع رئيس البلدية مدينته : تصورها صغيرة من حجم حاشيته المارقة ،المرتزقة ،متعاطي الممنوعات …على الرغم من أحلامها الكبيرة، وجعلها انعكاسًا حرفيًا لعقدته ، فحتى عندما حاول أن يثبت عكس ذلك، كانت محاولاته أشبه بمحاولة فرد أرجله القصيرة على أريكة طويلة: 'الكل يرى الجهد، والكل يضحك على النتيجة ' ؟ في نهاية المطاف، يمكننا القول إن رئيس البلدية هذا ليس إلا انعكاساً للمجتمع الذي أنتجه، إنه نتاج نظام سياسي فاسد يسمح للصغار في كل شيء بأن يعتلوا المناصب الكبيرة، بينما يراقب المسك بتلابيب القرار من بعيد وهم يكتفون بالضحك والتهكم ! لكن بدلاً من ذلك، اختار هذا الرئيس أن يجعلنا جميعًا أسرى لعقدة صغيرة بحجمها، كبيرة بآثارها ، ربما لو واجه عقدته بشجاعة لأصبحت المدينة أكثر اتساعاً وأكثر رحابة ! وهكذا، تستمر الدراما الساخرة: رئيس صغير في كل شيء ! في مدينة أصغر، يحاول إثبات عظمة ليست إلا وهماً في ذهنه، ومأساة في الواقع .


تليكسبريس
٠٧-١٢-٢٠٢٤
- تليكسبريس
أكاديميون وإعلاميون يبرزون في ملتقى دولي بأسا دور الإعلام في الترافع عن قضية الوحدة الترابية
أبرز أكاديميون وإعلاميون وباحثون خلال الملتقى الدولي للواحات بمناطق المغرب الصحراوي في نسخته التاسعة التي انطلقت أشغالها اليوم الجمعة بأسا إقليم أسا الزاك، دور الإعلام في الترافع عن مغربية الصحراء، والتصدي لتضليل وأكاذيب الإعلام المعادي لقضية الوحدة الترابية. وسلط المشاركون خلال الجلسة الأولى لهذا الملتقى الذي ينظمه على مدى ثلاثة أيام، مركز الشباب الصحراوي للإبداع الاجتماعي تحت شعار 'التراث والإعلام رافعة أساسية للتنمية بالأقاليم الجنوبية الصحراوية وضرورة للترافع عن مغربية الصحراء'، الضوء على مستجدات قضية الوحدة الترابية ودينامية دعم سيادة المغرب على صحرائه من قبل دول كبرى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا. وفي هذا السياق، قارب مدير الأبحاث والبيداغوجية بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، محسن بن زاكور، موضوع قضية الوحدة الترابية من زاوية إعلامية، مشددا على ضرورة أن يواكب الإعلام مستجدات هذه القضية. وتوقف السيد بن زاكور عند دور الإعلام ووظيفة وسائل التواصل الاجتماعي انطلاقا من مقاربة تنبني على الحق والحقيقة، مشيرا إلى أن المغرب هو صاحب حق وأنه في موقع قوة مما يقتضي تغيير استراتيجية التعامل مع أعداء الوحدة الترابية لاسيما من خلال دعم سيادة المغرب على صحرائه. وأضاف أن افتتاح قنصليات لعدد من الدول بالأقاليم الجنوبية للمملكة، دليل آخر على أن هناك أمن وسلام يتعين على الإعلام مواكبته. وأكد أن قضية الوحدة الترابية أصبحت تحتاج الى مقاربات إعلامية مختلفة، مشددا على ضرورة تعزيز دور الإعلام المغربي لتكثيف جهود نشر المعلومات الدقيقة حول قضية الوحدة الترابية بهدف بناء صورة الحق والحقيقة التي تخدم مصلحة بلدنا ووحدته. من جهته، تطرق وليد كبير، وهو إعلامي وناشط سياسي جزائري، لخلفيات وأهداف 'بروباغندا' الإعلام الجزائري حول مسألة الصحراء المغربية، مستعرضا مراحل هذه البروباغندا التضليلية والتي حددها في أربعة مراحل. ويتعلق الأمر بالفترة الممتدة من 1975 الى 1980، والتي ساهم خلالها النظام الجزائري في تحريك آلة دعائية دولية مكثفة ضد المغرب، ثم فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي التي انخرط فيها هذا الإعلام في نشر أخبار زائفة، ثم الفترة من 2000 إلى 2010 المتعلقة بالإعلام الرقمي عبر إنشاء مواقع إلكترونية للترويج للبروباغندا المتحيزة لصالح +البوليساريو+ ، والمرحلة الرابعة من 2010 إلى غاية الآن، التي شهدت تزايد الدعم الدولي لقضية الوحدة الترابية. وأعرب السيد كبير عن أسفه لكون النظام الجزائري يخصص ميزانية سنوية خاصة بالإنفاق الإعلامي على البروباغندا ضد المغرب من أجل الترويج لقضية وهمية يريد من خلالها تعطيل الحل السياسي الواقعي لملف الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن هذه الميزانية يتعين أن توجه إلى التنمية، عكس المغرب الذي واجه هذه البروباغندا بالتنمية في الصحراء والاستثمار في الفرد بالأقاليم الجنوبية. بدوره توقف منصف اليازغي، أستاذ جامعي، عند وظائف الإعلام المتمثلة بالخصوص، في الإخبار والتثقيف والتغطية، متسائلا عن مدى التزام الإعلام المغربي بتحقيق هذه الوظائف بعلاقة مع قضية الوحدة الترابية. وتطرق إلى الوضعية الراهنة للمشهد السمعي البصري بالمغرب، مشيرا إلى أن المغرب يتوفر على قنوات وإذاعات عمومية مركزية وجهوية وأيضا قنوات وإذاعات خاصة، مشددا على دور هذه القنوات والإذاعات لتكون جدار الصد الأول لأعداء الوحدة الترابية. وكان رئيس مركز الشباب الصحراوي للإبداع الاجتماعي، بوجمعة بوتوميت، أكد في الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، أن هذا اللقاء هو مناسبة لإثراء النقاش واقتراح خطط عمل مستقبلية والتوصل لرؤية منسجمة بخصوص موضوع التراث والإعلام كرافعة أساسية للتنمية بالأقاليم الجنوبية وضرورة الترافع عن مغربية الصحراء، داعيا إلى تضافر الجهود للنهوض من أجل جعل الإعلام قاطرة حقيقية للتنمية والترافع المثمر دفاعا عن قضايا الوطن بما فيها مسألة الدفاع عن قضية الوحدة الترابية. وتم بالمناسبة، توقيع اتفاقية شراكة تهم البحث العلمي والبيئة والموارد الطبيعية والتنمية المستدامة بالمجالات الصحراوية عموما وبالجماعة الترابية لأسا خصوصا، والتي وقعها كل من السيد بوتوميت، ورئيس المجلس الجماعي لأسا، محمود عبا، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدارالبيضاء، محمد محي الدين.