logo
محمد بركة: رواية "مهنة سرية" تحفل بالمتناقضات لكنني لم أتعمدها

محمد بركة: رواية "مهنة سرية" تحفل بالمتناقضات لكنني لم أتعمدها

الوفد٠٦-٠٤-٢٠٢٥

لم أشوه أم كلثوم بل كشفت عن جوانب إنسانية مسكوت عنها
أخشى الذهنية المتطرفة لدى الناس وافتقارهم لثقافة التسامح
تعرضت للشرق والغرب في محاولة للفهم واكتشاف المشتركات والاختلافات
لم أشوه أم كلثوم بل كشفت عن جوانب إنسانية مسكوت عنها
الدين والجنس والسياسة هي جوهر الحياة وأتعجب من حظرها
لست بطلا ثوريا وردود الأفعال المجتمعية جزء من حساباتي لكني لا أخضع لها
لم أنفعل بالقضية الفلسطينية وهذه أسبابي
أمتع القارئ ولكن بشروطي الخاصة
كل أبطالي يتمردون على المؤلف ويصنعون مصيرهم
كلما اقتربت الكتابة عن الجنس من شكل القصيدة أصبحت أكثر جمالا
انتشار الرواية مرتبط بالرغبة الشديدة في البوح
المثقف الحقيقي ليس بارعًا في الإدارة
أنا ابن القصة القصيرة وأدين لها في أسلوبي الروائي
ما بين الرواية والقصة القصيرة يتردد إبداعه ويتنوع، يتخذ من البساطة أسلوبا ومن المتعة المغلفة بالعمق مبدءًا، له وجهة نظر مختلفة، قد تصدمك أحيانا، لكنك مع بعض التفكير قد توافقه الرأي، اعتاد بكتاباته المختلفة عن السائد أن يثير الرأي العام، لكنه في الوقت ذاته يعرف كيف يواجه الهجوم عليه دون صدام، ليخرج بعد كل رواية بعدد مضاف إلى جمهور قرائه..
لم يجرؤ روائي قبله على فض قدسية أم كلثوم، لكنه استطاع بحرفية ومهنية يحسد عليهما أن يقدم الحقائق في رداء فني مثير، وأن يقتحم عرين "الست"، من خلال روايته "حانة الست"؛ ليكشف لنا وجهًا آخر لأم كلثوم الإنسانة بكل ما يعتري تلك الإنسانة من مميزات ونواقص، وقابل عاصفة هوجاء من النقد وصلت حد المقاضاة.. لكنه لم يلتفت، وأكمل طريق الإبداع المغاير، فكانت روايته الأحدث "مهنة سرية"، والتي تتطرق لنقاط أخرى تتسم بالجرأة في الفكرة واختلافها، فلم يتناول عمل روائي عربي تلك الزاوية من قبل، ليثبت لنا أن "جرابه" الإبداعي لا يخلو من الألعاب السردية، والأفكار المبتكرة، التي تجذب اهتمام القارئ وقد تسلب لُبه.
ومحمد بركة هو كاتب وروائي وقاص مصري، مواليد مدينة دمياط، يعمل كاتبا صحفيا بمؤسسة "الأهرام" الصحفية ويقيم في القاهرة، حاصل على "ليسانس آداب وتربية" من جامعة المنصورة، قسم لغة إنجليزية، كما حصل على " دبلومة خاصة " في الأدب الإنجليزي من جامعة عين شمس.
فاز بجائزة "أخبار الأدب" المصرية للقصة القصيرة عام 1994 وكان أصغر المتسابقين سنا في حفل توزيع الجوائز الذي حضره أديب نوبل نجيب محفوظ وخرجت الصحيفة التي كان يرأسها، آنذاك، الأديب جمال الغيطاني بمانشيت لافت هو "عشرون كاتبا هديتنا إلى مصر".
صدر عمله الأول بعنوان "كوميديا الانسجام"، عام 1999، وهو مجموعة قصصية.
يصنفه النقاد ضمن أصوات التجديد في السرد الروائي العربي وغالبا ما تثير نصوصه نقاشا واسع النطاق وتحظى باهتمام نقدي وإعلامي.
من أبرز أعماله الروائية "حانة الست"، " أشباح بروكسل"،"مهنة سرية".
تُرجمت روايته "الفضيحة الإيطالية" إلى الإنجليزية ويعد الباحث الهندى "ماهتاب عالم" رسالة دكتوراه حول أعماله تحت عنوان "تجليات العلاقة بين الشرق والغرب والأنا والآخر في روايات محمد بركة" بمركز الدراسات العربية والأفريقية بجامعة "جواهر لال نهرو" في العاصمة الهندية دلهى.
حول روايته الجديدة "مهنة سرية"، ومشروعه الإبداعي عامة، ورأيه حول العديد من القضايا الثقافية والإشكاليات السياسية، كان لنا هذا الحوار مع الروائي والكاتب محمد بركة..
** تحفل روايتك الأحدث "مهنة سرية" بالمتناقضات، كعادة كتاباتك، فأبو البطل إمام مسجد، والبطل أصبح يعمل في البغاء، وأمه كانت تخون أباه، والبطل تعرض للإغواء الجنسي منذ كان طفلا.. في رأيك هل يعد الإغراق في الشيء جاذبا لضده؟
- ملاحظتك دقيقة تماما وأشكرك عليها، لكن صدقيني لم أتعمد ذلك، بل وفوجئت بها حين اجتمعت تلك العلاقات والروابط مرة واحدة على هذا النحو.
فبطل "مهنة سرية" لا أعرف ما الذي يحدد مصيره أو يشكل هويته، ربما كان هناك دور ما محدود لأفكارى كمؤلف، لكن المؤكد أنه تمرد وتحالف مع قوى غيبية واختار مصيره واستقل بقراره.
كل أبطالي يفعلون ذلك، يتمردون على المؤلف ويصنعون مصيرهم، هم أبنائي وأنا أب ديمقراطي أسعد بتمردهم.
**تتخذ في روايتك "مهنة سرية" أسلوبا سرديا مختلفا، فالراوي هنا هو السارد المباشر "ضمير المتكلم"، لكن سرده يأتي إجابة لأسئلة تطرحها عليه النساء..
كيف تختار أسلوبك السردي ونوع الراوي، هل تفرضها عليك طبيعة كل رواية أم أن الأمر يحتاج لتفكير عميق، ولماذا لجأت في تلك الرواية لهذا النوع من السرد؟
_ هذا السؤال يقتحم بذكاء كيمياء الكتابة، فهناك ثابت ومتغير في اختيار الأسلوب، فأنا أجنح رغما عني للغة الشاعرية والمجاز، ولكنني أفعل ذلك بوعي كامل حتى لا أغرق في المجاز فيتحول النص لحلية فنية ولغوية أو تأملات فلسفية أو كتابة حالمة، فأنا ألاحظ أن كثيرا من الأدباء في متون السرد العربية يريدون أن يبدوا وكأنهم فلاسفة، بالحق أو بالباطل، فالكاتب منهم يريد أن يصرخ في وجه القارئ ويقول له: انظر كم أنا عميق وفيلسوف، بشكل مفتعل، وهو ما أعتبره عدم نضج ومراهقة أدبية.
أما عن طبيعة السرد في تلك الرواية، فأنا منجذب بشكل عام لضمير المتكلم أو ضمير الأنا، أن أكون في مواجهة مباشرة مع القارئ، أن يتخذ السرد شكلا قريبا من الاعترافات الحميمة ذات النبرة الخافتة.
** في روايتيك «الفضيحة الإيطالية»، و«أشباح بروكسل»، نراك مهتمًا بصراع الهوية بين الشرق والغرب، فكيف ترى أسباب وتداعيات ذلك الصراع، الذي كنت دوما تترك باب الانتصار فيه مواربا للقارئ ليضع من يراه مناسبا كمنتصر؟
- لديّ مفهوم عام للإبداع، أنه ليس من وظيفة الإبداع الإجابة عن أسئلة، فأنا دائما ما أفضل أن يترك النص مساحة لخيال القارئ أو أن يضع القارئ النهاية بنفسه ويكون متفاعلا ومشاركا، كما أحب ما يسمى بالنهايات المفتوحة، وهو ما أراه متسقا مع الوجود نفسه فوجودنا على هذه الأرض وجود ذو نهاية مفتوحة، وهذا ما يجعلني أميل للنهايات المفتوحة التي هي سمة عامة في أعمالي كلها.
أما فيما يتعلق بالصراع بين الشرق والغرب في أعمالي، فأنا لم أتعامل مع الشرق والغرب أو مصر وإيطاليا بمنطق مباراة بين الأهلي والزمالك، فالمسألة ليست مسألة صراع، فصراع الهوية سؤال قديم لأجيال شائعة وتعرضي للشرق والغرب في إطار محاولتي للفهم واستكشاف المناطق المشتركة والاختلاف بمنطق إنسانى يؤمن بالتعايش والتعدد وليس بمنطق الصراع أبدا، وهو ما يبدو جليا في أحداث رواياتي، ففي رواية "الفضيحة الإيطالية"، نجد "ماريا" تلك الفتاة الإيطالية وهي البطلة ترى في الواقع المصري نقاطا إيجابية قد لا يراها البطل نفسه، وهو مصري شديد الغضب تجاه واقعه، فالأمر ليس تشكيكا وليس استعلاء بل مقارنة للتقريب وليس العكس.
** المسكوت عنه وخاصة ما يتعلق فيه بالدين والجنس، هو شغل شاغل لبركة، نراه في مجموعتيك القصصيتين «كوميديا الانسجام» و«3 مخبرين وعاشق»، كما في روايتيك "مهنة سرية"، "عرش على الماء"...
هل ترى أن من إحدى أهم مهام الكاتب أن ينبش فيما لا يستطيع الآخرون الحديث عنه، وما الذي عانيته جراء ما كتبت؟
- أتعجب كثيرا من كون هذه الثلاثة تعد أمورا محظورا التعرض لها؛ لأنها جوهر الحياة، ليس فقط بالمعنى المباشر للكلمة، فالدين ليس مجرد عبادات وأحكام بل تصورات وعادات تنتظم ذهن الإنسان في منطقة مضطربة وتعاني من الانفصام مثل منطقة الشرق الأوسط أو العالم العربي وهناك مسافة كبيرة بين ما يقولون وما يفعلون، كذلك السياسة، فهي ليست بالنسبة لي حاكما يحكم ويعتلي سدة الحكم ونؤيده أو نعارضه فالسياسة تمثل أشياء كثيرة، فأسعار السلع البسيطة هي نوع من أنواع السياسة مثلا، إذن فالسياسة بمعناها العريض تنتظم كل أشكال الحياة، أيضا فالجنس ليس مجرد شهوة عابرة بين جسدين، بل هو أرواح تتلاقى وحوار إنسانى بين ذكر وأنثى فهو ليس فترة يقضيها اثنان في الفراش بل هو أشياء أكثر شمولية تتعلق بعلاقة الشخص بروحه وجسده، علاقة الفرد بالآخر فتحقق الذات الأنثوية والذكورية، وأيضا مناطق ما هو مضيء ومظلم ورمادي تحت عنوان عريض المرأة والرجل.
وقد كان لحضور الجنس بالشكل الإنساني والثقافي العام في أعمالي سبب في جلب العديد من المشاكل والعديد من الاتهامات المجانية من نحو أننى لا أراعي قيم المجتمع رغم أننى أرى أن الكتابة عن الجنس كلما اقتربت من شكل القصيدة أصبحت أكثر جمالا، أفعل ذلك من منطلق جمالي فني بحت وليس تخوفا من الإدانة الاجتماعية، فطريقة التناول مهمة جدا في هذا وأي مشهد له أسباب وتفسيرات في الرواية وهدف محدد وليس الجنس لمجرد الجنس، فالعالم تجاوز فكرة تناول الجنس لمجرد الجنس، رغم أننى ليس لدي محاذير أخلاقية في محاسبة الآخر، فالاستغراق في وصف مشاهد جنسية بحتة ربما في عقود سابقة كان نوعا من التمرد على تقاليد اجتماعية ربما تكون لها وظيفة ما قد تأتي تعبيرا عن تجربة الكاتب، أما الآن في ظل ثورة الإنترنت ومحركات البحث فنحن نعود لأصل الأشياء وأصل الكتابه وهو أنك تصف مشهدا معينا لوظيفة فنية وجمالية، ورغم ذلك فلابد أن يتعامل الكاتب مع الجنس بحساسية ويكون تعامله معه تعامل سيدة البيت مع الملح، فالامتناع عنه تماما أو اتخاذ موقف مسبق منه شيء سييء والإفراط فيه شيء سييء، لكن لنا أن نعترف بأنه بعد قرون من التطرف في منع الجنس والكتابة والحديث عنه قد حدث بعد ذلك تطرف في الكتابة عنه وأصبح كل كاتب يريد أن يبرهن على أنه جريء ومتمرد فيغرق في تناول الجنس.
والحقيقه أنه في ثقافتنا العربية قد تعامل الأدب العربي مع الجنس بمراهقة شديدة، وقد مررنا بمرحلتين غير ناضجتين الأولى أنه يفتقر للمنطق، فتارة نتعامل معه باعتباره شيئا مخيفا لابد من منعه وتارة أخرى نتعامل معه بإسراف شديد لكي يؤكد الكاتب أنه متمرد وجريء فهناك كاتبات يفتقرن للموهبة ويرين أن بطاقة الاعتماد هي الكتابة في الجنس بجرأة.
أما عن تناولي لفكرة الدين في رواية "عرش على الماء" التي تقدم نموذجا لداعية شهير يستخدم مكانته وثقة الناس فيه لتحقيق مآرب سياسية وجنسية، فقد تم اتهامي نتيجة ذلك التناول بأنني أشوه صورة رجل الدين.
** في رواية "عرش على الماء"، البطل مشهور الوحش، شخصية تحمل تناقضات كثيرة، فهو يتخفى في رداء الدين ولكنه في الواقع يخضع لشهواته..
إلام يرمز مشهور الوحش، هل يمكن اعتباره رمزا لسلطة دينية كاذبة حكمت في فترة سابقة بعد ثورة يناير؟ وسبق أن قلت عن تلك الرواية إنها الأكثر عذوبة وتعذيبا..
ما بين العذوبة والتعذيب مسافات كثيرة، فكيف لرواية أن تجمع نقيضين؟
- مشهور الوحش يرمز لكل جريمة ارتكبت في حق المصريين والعرب والمسلمين، فقد حوّلتْ تلك الشخصية الدين من وردة لشوكة ولأاداة سياسية ووسيلة للتكسب والنفوذ ولمؤامرة على مصر من خلال التعاون مع رموز أخرى، فالرواية هي محاولة اجتهدت للوصول لجذور التطرف الديني من خلالها. هذا الفهم الخاطئ لشيء نبيل يسمى الدين وعلاقة خاصة بين الخالق والمخلوق كيف تحولت بمصر لأزمة كبيرة. حاولت من خلال شخصية مشهور الوحش أن أصل للجذور الأولى لفهم فكرة التطرف، فأنا لا يخيفني وجود جماعة متطرفة بل يخيفني أكثر تلك الذهنية السلفية المتطرفة لدى الناس وافتقار المصريين لثقافة التسامح والرغبة الشديدة في إدانه الآخر، إنها شهوة الإدانة والتجريح ورفض الناس لأي شيء مختلف فأصبحت المنتقبة تنظر شذرا لمن لا تغطي شعرها والملتحي ينظر شذرا لحليق الذقن وأصبحنا نعيش في حالة من الادانة الشديدة وعدم قبول الآخر والاختلاف معه. هكذا حاولت في الرواية أن أصل لجذور التطرف، وأستعرض من خلال السرد والمجاز لحالة شعرية.
فعندما تلمس العذوبة نقطة غائرة في روحي أشعر بنوع من النشوة، التعذيب يكمن في أن الرواية مرهقة لأنني أمام شخصية مركبة، ففضلا عن التناقض الصارخ بين مكانتها الدينية وأفعالها الشخصية فلدي لحظات من الشعور بالذنب، كما توجد أيضا ثنائية الشعور بالدنس والشفافية، فالبطل متعلق بشهوات الأرض لكن هناك لحظات شفافية يشعر بها فيصبح هناك صراع نفسي داخله.
** لعنوان رواية: "عرش على الماء"، دلالتان، إحداهما ترجع لذلك التناص مع القرآن الكريم، حيث الصفة الإلهية، فقد كان عرش الرحمن على الماء، وهو ما يحمل رمزا دينيا واضحا، والدلالة الأخرى ذلك الوهن الذي يصيب العرش، فرغم أنه سلطة "عرش"، الا أنه مهدد بالغرق، فهو في حقيقته زائل ولن يدوم كثيرا..
فسر لي دلالة العنوان..
- إن شخصية البطل مركبة وتحمل تناقضات، جزء من تناقضها أنه مصاب بجنون العظمة فتصور نفسه أن لديه عرشا على الماء وقال صراحة في أحد الابتهالات يا الله لولا خجلي لطلبت منك عرشا على الماء. فقد بلغ جنون العظمة حد أنه يريد أن يكون له عرش موازٍ لعرش الله، كما يرد العنوان على لسان الابن الذي يريد أن يجري بحثا على مفردة العرش على الماء، إذن فعنوان الرواية يتردد بشكل مباشر داخل تفاصيلها.
** للمرأة في كتاباتك نصيب وافر، لكننا لا نراها أبدا بطلة مباشرة، فالبطل دوما رجل والمرأة تأتي في الخلفية، رغم أهمية دورها فيما سيق إليه البطل، فلماذا؟
- باستثناء رواية "حانة الست"، ليس لدي نص بطلته أنثى أو الراوي السارد أنثى، وأعتقد أنه سوف يحدث مستقبلا باستثناء رواية "حانة الست"، فالبطلة الساردة هي أم كلثوم، وكثيرون قالوا عنها إنني استبطنت روح المرأة من خلال أم كلثوم بشكل عام، ربما لم أخرج من أصل الذكورية أو ضمير المذكر السارد للأحداث في أعمالي، إلا أنني أرى أن المرأة هي الأكثر ذكاء وحكمة، فالرجل عندي ساذج وواضح لكن المرأة عندي أكثر نضجا من الرجل.
**في روايتك "حانة الست"، كيف استطعت أن تخدش قدسية الست أم كلثوم، وتدلف إلى مناطق مسكوت عنها في شخصيتها وغير مسموح لأحد بالحديث عنها أو حتى الإشارة إليها، ألم تخش من نقد لاذع أو هجوم مجتمعي؟ وكيف واتتك تلك الفكرة؟
- واتتني الفكرة عندما قرأت بالصدفة البحتة كتاب "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد" لمحمود عوض، فهو كتاب مكثف للغاية، ورغم ذلك فقد أيقظ وعيا كبيرا بداخلي بأن هناك أم كلثوم أخرى لم نتعرف عليها على المستوى الإنساني، فكان الكتاب بمثابة الشرارة لأنني انطلقت في عملية بحث شاملة عنوانها الوجه الإنساني المسكوت عنه لأم كلثوم، واكتشفت أننا أمام روايتين: رواية رسمية تصل للناس كلها وتضع أم كلثوم في حالة من القداسة، ورواية أخرى وحقائق تواطأ الجميع على نسيانها، مصادرها الأولى هي أم كلثوم نفسها، فاستفزني الأمر وتبلورت فكرة الرواية بأن تكون أم كلثوم هي الراوي ومن تتحدث وتقول لنا أنصتوا لي جيدا فسوف أتلو عليكم قصتي المحجوبة، فكان التحدي أن الحقائق المسكوت عنها في حياة أم كلثوم عندما نقيسها بحجم الكتابة هي مواقف عابرة كل منها لا يتجاوز عدة أسطر، فكيف تبني عملا روائيا كاملا على الأسطر القصيرة؟ من هنا جاءت القماشة السردية الحقيقية وهي روح ومشاعر وانفعالات أم كلثوم، التي أشعر أن روحها تلبستني تماما وشعرت بالحزن والقهر والمرارة التي مرت بها أم كلثوم في مراحل مختلفة من حياتها وكيف تحولت جميعها في مواقف ومراحل أخرى إلى ديكتاتورية وتسلط وأنانية شديدة ورغبة بالانفراد بالمجد، بل كيف تحولت أم كلثوم لآلة تسعى للوصول لذروة المجد.
** هل تعرضت لهجوم جراء تلك الرواية؟
- نعم، تعرضت لهجوم غير مسبوق، لدرجة أن البعض طالب بمصادرة الرواية، بل وهدد بتقديم بلاغ للنائب العام بتهمة تشويه رمز مصري، كانت هناك حالة من الغضب الشديد والاتهامات التي وصلت لحد جنوني، وقد لاحظت أن هؤلاء لم يقرأوا الرواية ولكن سمعوا بها وطالبتهم بقراءتها حتى يعرفوا أنني لا أشوه أم كلثوم بل أكشف عن جوانب إنسانية مسكوت عنها، ونحن جميعا نعرف ونتفق أن أم كلثوم حالة استثنائية من العبقرية، فلو كانت أم كلثوم قديسة أو ملاكا لصارت عبقريتها شيئا عاديا، ولكن لكي ندرك حجم عبقريتها لابد أن ندرك أنها مرت بلحظات إنسانية شديدة القسوة واستطاعت أن تتخطاها وتصبح تلك الأسطورة.
في النهاية ما حدث أن "حانة الست" فتحت الطريق أمام كتابات كثيرة جاءت بعدها، وأزعم أن "حانة الست" تقود طيارا عريضا في الثقافة العربية عنوانه البحث عن المسكوت عنه أو الحقائق المنسية في تاريخ أم كلثوم، فقد نجحت "حانة الست" في أن تؤكد أن أم كلثوم لم نعرفها جيدا وبعيدة المنال، فهناك العديد من الإصدارات التي تدفقت بعد "حانة الست"، سواء اتخذت شكلا إبداعيا مباشرا أو اتخذت شكل بحث تاريخي يتناول سيرتها أو فيما يتعلق بعلاقتها بالموسيقى والغناء وغيرهما، هكذا أعتبر أنني تلقيت الضربة الأولى وصددتها عن الآخرين من بعدي.
** من "عرش على الماء"، إلى "حانة الست"، إلى "مهنة سرية"، "أشباح بروكسل"...
كيف يختار محمد بركة عناوين أعماله؟ وكيف يحملها كل تلك الدلالات والمعاني؟
العناوين نوعان؛ هناك نوع أعتبره رزقا يفرض نفسه، حدث معي في "أشباح بروكسل" و"الفضيحة الإيطالية" لكنه في "مهنة سرية" رغم أننى تمردت عليه ووضعت عناوين أخرى، إلا أنني في آخر لحظة عدت للعنوان الأول، فهناك عناوين أخرى تسبب عذابا، فلا يكون هناك عنوان يفرض نفسه فتكون محددات الاختيار لدي هي الاختلاف، أي أن يكون العنوان ليس تقليديا، فيجب أن يكون العنوان مختلفا ولا يسير على خطى الآخرين، فأنا أنتبه لعدم إنتاج عناوين الآخرين قد أكون وقعت في غرامها، بل أحرص على أن يكون العنوان بصمة أسلوبي السردي.
** تعتاد تغليف المسكوت عنه بوصف غير خادش لكنه كاشف في الوقت ذاته، فهل يمكننا أن نقول إن بركة رغم امتلاكه ناصية التعبير الجرئ، فهو يغلفه بنوع من الوقار، خشية تعرضه للانتقاد المجتمعي مثلا، أو أن هناك سببا آخر؟
- أنا لا أدعي بطولات زائفة، ففي السنوات الأخيرة أصبحت ردود الأفعال المجتمعية جزءا من حساباتي وأحاول ألا أخضع لها تماما ولكني لا أتعامل أيضا وكأني في جزيرة معزولة لا أريد أن أخضع لمجتمع متخلف موافق وفي الوقت نفسه لا أريد أن أكتب وكأنني أعيش في أوروبا مثلا، فالفكرة هنا كيف تعبر عن أفكارك بمنتهى الدقة وفي نفس الوقت تتجنب الدخول في معارك لا طائل منها ولها، أنا لست بطلا ثوريا يستعد لدخول السجن سواء على المستوى الديني أو السياسي فأنا أريد أن تتاح لي فرصة الكتابة دون مشاكل.
** كتبت الرواية والقصة القصيرة، لماذا لم تكتب المسرح؟ وأنا لديّ معلومة أنك كنت بصدد كتابة "حانة الست" كمسرحية ثم عدلت عنها، لماذا، هل لأن المسرح أقل رواجا من الرواية؟
- في الواقع أنا ملتبس بفكرة الأنا النرجسية التي تميز أبناء برج الحمل، فكان السرد الروائي هو الشكل الأنسب لأعبر عما يعتري هذه الأنا من الإحباط أو الرغبة في تأمل العالم بما يناسب تلك الحالات، لذا كنت بحاجة للبوح، في الوقت ذاته فأنا أحب المسرح، وجزء من تربيتي الأدبية كانت من خلال مسرح توفيق الحكيم، وعبر النصوص المسرحية التي درستها لشكسبير وكتاب عصر النهضة، لكن ربما كتبت المسرح مستقبلا.
**هل في رأيك يجب أن يخضع الكاتب لذائقة القارئ ومتطلبات سوق النشر؟
- لا ننكر أن سوق النشر ومتطلبات القارئ شيء شديد الأهمية والحساسية، بمعنى أنه لا يجوز لاي مبدع أن يخضع لذائقة القارئ، ولكن في نفس الوقت يجب ألا يتعالى عليها، فهناك شيئان أرفضهما وأرى أنهما سبب مباشر في انحطاط الأدب العربي؛ الخضوع الكامل للقارئ، وكأن الكاتب في خدمته، وهو ما يفسر كثيرا من الركاكة والانحطاط في الكتابة، الأمر الثاني أن يتصور المؤلف أنه كلما استبعد القارئ كان عميقا وشجاعا يستبعده وكأنه روح شفافة تتخلص من دنس الواقع، فالقارئ أو المتلقي ياتي لديّ دوما رقم 2 بعد رغبتي في البوح بكلمة صادقة حقيقية صدرت من روحي وقلبي ومعجونة بوجداني، ولكن كيف أعبر عن تلك الكلمة الصادقة، هنا تأتي اللغة والأسلوب والصياغة، فأنا دائما لا أتعالى على القارئ، فأنا لا أصرخ في البرية ولا أطلق عاصفة هوجاء في صحراء بعيدة، فحينما أكتب يكون هناك في ذهني من سيتلقى ما أكتب وأراعي ذلك بشكل أو بآخر، ولكنني لا أجعل مخاطبة القارئ تتحول لأن أكتب كتابة تتسق تماما مع رغبة القارئ حتى في التسلية أو قتل الوقت، فالنص الأدبي ليس أداة للتسلية أو تمضية الوقت، وفي نفس الوقت ليس شيئا مقدسا علويا يخاطب الملائكة والفراغ، أنا أكتب لإمتاعي أنا، فالمتعة شرط أساسي في العملية الإبداعية، أن أستمتع كمؤلف بما كتبته، وأحقق المتعة ذاتها للمتلقي، وهنا أنا أراهن على القارئ السوي الذي لديه الحد الأدنى من الثقافة والوعي وليس القارئ الذي اعتاد مثلا قراءة أدب الرعب فقط، فهذا المتلقي لن يستمتع بما أكتبه، إذن فالمتعة أساس في عملية الكتابة بالنسبة لي، وعلى ذكر المتعة، فأنا أريد أن أصرخ مثلما كانت أم كلثوم تصرخ عندما تعجب بأدائها فتقول الله يا ثومة، فأنا أريد أن أقول الله يا محمد، وهو ما يدفعني للبحث عن لغة وأسلوب وفكرة وعبارة تطربني، وتطرب القارئ أيضا، فأنا ألزم نفسي ككاتب بما كنت أبحث عنه كقارئ، أبحث عن المتعة، عن لغة مدهشة ومختلفة، وعما يثير خيالي، فالمتعة تنبع من اللغة المدهشة ومن إثارة الخيال، فأنا أبحث عما يمتع القارئ، ولكنني أمتعه بشروطي.
** عبر كتابه المهم "زمن الرواية"، دشن الدكتور جابر عصفور رحمه الله لمقولة "نحن في زمن الرواية"، ففي رأيك لماذا وصلت الرواية لتلك المكانة على حساب الفنون الأدبية الأخرى؟، وهل الأمر مرهون بذائقة القارئ أم يرجع لتوجيه الناشرين لأغراض تجارية؟
- أضعف حلقة هنا هم الناشرون، فصحيح هناك تركيز على نشر الرواية ولكن ذلك يأتي تاليا لأشياء أخرى فانفجار الرواية في الثقافة العربية وراءه أسباب موضوعية تتعلق في رأيي بالرغبة الشديدة في البوح وتحويل أي شيء لقصة وحكاية، من هنا جاء انفجار الرواية بالأساس لأن جميع أشكال السرد والمعرفة تحولت إلى قص روائي، فمثلا كان لدينا فن اسمه سيرة ذاتية، وبدلا من كتابة سيرة، تحول الأمر للرواية، وبدلا من البحث في طبقات التاريخ كمؤرخ يسارع الأخير بجعل ذلك رواية، إذن فقد تحول التاريخ والسير الشعبية والذاتية والمسرحيات لروايات، فصارت الرواية كثقب أسود يلتهم كل أشكال الكتابة الأخرى، فالتاريخ السياسي تاريخ الزعماء والمشاهير حتى بعض الفنون مثل الفوتوغرافيا أو غيرها أصبح البحث فيها يتم بنمط روائي وكثيرا ما يحصل أحد الصحافيين على وثائق مهمة في أمر ما وبدلا من أن ينجز بحثا تاريخيا يتحول لكتابة رواية، مما أدى لوقوع الثقافة العربية في لحظة معينة أسيرة للبوح والحكي نتيجة متغيرات كثيرة، كذلك الرغبة في كسر القيود والانطلاق، وهناك أيضا سبب آخر لانفجار الرواية، وهو أن جيل التسعينيات وما قبله وقع أسيرا لجملة حق يراد بها باطل، وهي الهموم الفردية اليومية الذاتية، فاستهلك هذا الجيل نفسه في كتابات شديدة الذاتية ولا تقدم عالما، فهو منغلق على ذاته وكتاباته منغلقة على ذاتها فتبدو ركيكة، والكتابة الذاتية ليست مدانة بشكل عام، فأنا مع الكتابة الذاتية التي تمنح القارئ شيئا من دمها وروحها، بصدق ترى القارئ وتلمسه، لكنني ضد ذاتية أشباه المثقفين الأدعياء.
** رغم أنك مهموم ضمنيا بالقضايا الكبري التي تغلفها بين سطور أفكار أعمالك، إلا أنك لم تتطرق للقضية الفلسطينية ولو في مشهد عابر، لماذا؟، وهل تعتبر الكاتب والمثقف عموما ذا رسالة وموقف، - أم أن الأمر فني بحت دون ضرورة لحمل رسائل، تأسيا بنظرية الكتابة للمتعة فقط؟
لم أتطرق للقضية الفلسطينية لأنني لم أنفعل بها، فهناك فارق بين إحساسك بعدالة ونبل شيء وبين الانفعال به، فأنا مثلا منفعل بعدالة قضية الهنود الحمر، ولكن فيما يخص القضية الفلسطينية فقد رأيت أن المتاجرين بها أكثر من أصحابها، وربما لأنني وجدت أن من يفترض أنهم أهل القضية هم من يسيئون لها أكثر من أعدائها، فلسطين قضية كبرى وقصة كبرى في ثقافتنا ووعينا ولكننا بحاجة في هذا الأمر للتفكير بوعي، فأنا أتصور أن الأذى الأكبر للقضية الفلسطينية الفلسطينيه جاء من أناس فلسطينيين أكثر من أعدائهم.
** كيف يرى محمد بركة حال الثقافة في مصر، وهل تحتاج لأن يتولى المناصب المثقفون مثلا وليس موظفين لا يعلمون عن حال الثقافة شيئا؟
- لا أتصور أن المثقف الحقيقي بارع في الإدارة، بل أتصور أن للإدارة أهلها، فمشكلة الثقافة المصرية ليست في أنه ينبغي أن يكون قائد المؤسسة الثقافية مثقفا بالمعنى المباشر للكلمة، ولكن يجب أن يكون شخصا يتحلى بالحرفية والرغبة في النجاح وهز هذا المستنقع الآسن، ولديه رؤية، ويستعين بالمثقفين ورؤاهم ويمكنه الاستماع لهم، ولكن ليس بالضرورة أن يكون هو مثقفا وليس ايضا شخصا بليدا يتعامل مع الشأن الثقافي كأنه يتعامل مع سوق للخضار.
** ما بين الرواية والقصص القصيرة يتردد أدبك، فإلى أيهما يهفو قلبك، وهل حاولت طرق الشعر، رغم أن لغتك تقترب من الشاعرية؟
- أنا ابن القصة القصيرة، وأدين لها في كتاباتي الروائية بأنها جعلتني أعشق الاختصار والتكثيف والبعد عن الاستطراد، وكأنني أكتب قصة قصيرة، فأنا أفكر في النص الروائي بعقلية القاص.
** تقول ذلك رغم أن عدد رواياتك أكثر من قصصك؟
- هذا من حيث المبدأ ولكن من حيث التطبيق العملي حدثت فجوة بيني وبين القصة القصيرة وجدت نفسي أكثر في المحيط الروائي وأعتبر أنني خنت القصة القصيرة، فمشاريعي المقبلة كلها ستكون روايات.
** دائما ما يفضل بركة أن يقدم نفسه كروائي وكاتب وليس كصحفي، هل ترى أن عملك بالصحافة يعد نقطة خصم وليس إضافة لك ككاتب؟
أشرف بعملي الصحفي كثيرا، خاصة أنه ارتبط بمؤسسة هي في قلبي، ولكن من حيث التطبيق العملي فقد أهدرت وقتا طويلا في بلاط صاحبة الجلالة، فالصحافة استحوذت على جهدي ووقتي في فترة مهمة، لكن هذا لا يمنعني من الاعتراف بأن الصحافة أفادتني في الكتابة الروائية، مثلا في اختيار الموضوع، فنحن كصحفيين مسكونون بهوس التحقيق الصحفي الذي يذهب لمنطقة غير مطروقة، فتعلمت في كتاباتي الروائية أن أطرق أفكارا مبتكرة، فمثلا في رواية "مهنة سرية" طرقت منطقة جديدة في السرد العربي وكذلك في رواية "حانة الست"، فأنا أفضل أن أذهب في رواياتي لمنطقة جديدة، لكن الإنجاز ليس فقط في الذهاب لفكرة جديدة، بل كيف تتناول وتعالج تلك الفكرة، وهذا كله استفدت فيه من عملي الصحفي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«العريش».. قصص المقاومة ترسم هوية «أرض الفيروز»
«العريش».. قصص المقاومة ترسم هوية «أرض الفيروز»

بوابة ماسبيرو

timeمنذ 8 ساعات

  • بوابة ماسبيرو

«العريش».. قصص المقاومة ترسم هوية «أرض الفيروز»

ملتقى أدبى أوصى بتدريب أبناء المنطقة لجمع التراث السيناوى شومان يفوز فى مسابقة الغطس.. وشوشة لا يتوقف عن ضبط المصطلح إبراهيم داوود يطلق النكات ويتذكر حكاياته مع «الفاجومى» وخيرى شلبى متحف التراث السيناوى.. كنوز الثقافة الشعبية تنتظر قرارًا من الوزير كنتُ أسحبُ حقيبة سفرى الصغيرة ذات العجلات، متأملا كلاب السكك التى نشطت مبكرا، وبدأت روتينها اليومى مع النباح والمعارك التى لا طائل من ورائها، من دون أن تُفزع المارة أمام بوابة القصر الذى يحمل لافتة 'مبنى وزارة التربية والتعليم'، خلف ضريح سعد زغلول وسط القاهرة، حيث كنت أتأمل نمط العمارة القديم وأقارنه بقصور منطقة التجمع و'القاهرة الجديدة'، كنتُ أسحب حقيبة سفرى الصغيرة إلى 'شارع المبتديان' محاولا الوصول إلى المقهى المواجه لمبنى 'عمارات العرايس' فى الموعد الصباحى المحدد، حيث ينتظر أتوبيس 'الهيئة العامة لقصور الثقافة' نخبةً من الأدباء والمثقفين المصريين، من أجيال وأعمار وتوجهات مختلفة، للمشاركة فى أعمال ملتقى أدبى يقام فى 'مدينة العريش'، خلال الفترة من 6 إلى 8 مايو الجارى، تحت عنوان 'الثقافة والهوية الوطنية'، وقد كان الكاتب الكبير المصرى سيد الوكيل هو شخصية الملتقى فى دورة هذا العام. على المقهى كان واحد من أجمل من عرفت شاعرا وإنسانا يجلس متأملا المارة، إنه ذلك الرجل الوسيم الذى حين تقول له 'صباح الخير يا عمنا الغالى' يرد عليك بحضن دافئ وسن ضاحك قائلا: 'الله كريم'.. إنه الشاعر الكبير إبراهيم داوود، الكاتب فى جريدة الأهرام ورئيس تحرير مجلة 'إبداع' فتعرف على الفور أنك سوف تمضى ثلاثة أيام فى جنة الحكايات، وأنك ستكون محظوظا بالصحبة فى هذه الرحلة. انطلق الميكروباص ـ الذى يقوده أحد أمهر سائقى الهيئة 'على' ـ بعدما أطلق إبراهيم داوود واحدةً من قفشاته الصباحية الرائقة، وطوال الطريق كان الشعور أننا فى مهمّةٍ وطنية، حيث لم يتوقف الناقد الدكتور محمد سليم شوشة عن محاولته ضبط المصطلح، بحضور الكاتبة الصديقة القاصة صفاء عبد المنعم، والناقدة الدكتورة نانسى إبراهيم من جامعة قناة السويس، والصديق الشاعر عيد عبد الحليم، رئيس تحرير 'مجلة أدب ونقد'، الصادرة عن حزب التجمع، وبحضور الشاعرة جيهان عمر، وكاتبنا الكبير سيد الوكيل، وبعد نصف ساعة من السير فى شوارع القاهرة وبالتحديد فى منطقة العبور على طريق الإسماعيلية، كان القاص الدكتور شريف صالح ينتظرنا مُبتسما هو الآخر. طبعا، لابد أن أعترف ـ بداية ـ أننى أصلا من عشاق العريش، فقد كانت مقر أولى رحلاتى الجامعية وأول مصيف فى حياتى، يوليو من العام 1990، وكلنا يعرف أن الرحلة إلى سيناء الآن وتقديم نشاط ثقافى هناك ـ لايزال أمرا محفوفا بالمتاعب، لأنه يمثل تحديا أمنيا وثقافيا كبيرا، خصوصا خلال سنوات الحرب على الإرهاب التى عرفتها المنطقة فى مرحلة سابقة، وبعد سنوات من خسارة المئات من الشهداء الأبرياء من أبناء الوطن، سواء كانوا من أبناء الجيش أو الشرطة أو الشعب، وعلى بعد حجر من حرب إسرائيلية بشعة على غزة الفلسطينية الباسلة، الأمر الذى رسم خريطة للمقاومة على أرض الفيروز. لقد اعتقد المثقفون دائما ـ وأنا أولهم ـ أن الثقافة والشعر والغناء والموسيقى والمسرح وكل أشكال الفنون هى رأس الحربة الفعلى فى الصراع مع التيارات الدينية المتشددة، وأن انسحاب الدولة من معركة الوعى الثقافى العام لا يعنى إلا أن نترك الساحة خالية لذلك التيار الإسلامى الفاسد، الذى تأسس بمعرفة الاستعمار البريطانى، وظل يتخبط سياسيا إلى أن قادته ضلالاته إلى شن حرب ضد مؤسسات الدولة التى يُريد أن يحكم شعبها. فى الطريق إلى العريش كنا متحمسين لزيارة البلد التى تحارب الإرهاب نيابة عن بقية ربوع الوطن، الأمر الذى جعلنا نتحمل وعثاء السفر وعذاب الطريق، ونتجاهل ما سمعناه من حكايات عن تعقيدات إجراءات التفتيش فى 'أنفاق تحيا مصر'، فى الطريق كنا نحلم بزيارة 'متحف للتراث السيناوى' لكننا وجدنا متحفا أعد على عجل بعد اضطرارهم لنقل آثار متحف كان مقاما فى منطقة عمليات وهم فى انتظار قرار من وزير الثقافة، كما حلمنا بوجود أكثر من دار عرض سينمائى وأكثر من مسرح، فوجدناهما فى قصر ثقافة العريش، وحلمنا بالاستماع إلى شعراء البدو وفرحنا لأن واحدة من ليالى الملتقى كانت مخصصة لهم. حقل ألغام فى الطريق الذى استغرق نحو ست ساعات سوف تتأمل القاهرة التى تركتها وراء ظهرك، وعليك أن تتأقلم مع إجراءات التفتيش والنزول والصعود، وحين تجاوزنا الأنفاق بنجاح كانت قد تمت قراءة خطاب وزارة الثقافة ـ الذى يحمله السائق ـ أكثر من سبع مرات. وصلنا العريش بينما كانت أشعة الشمس قد صارت هشة وبرتقالية اللون، صعدنا إلى غرف الفندق الجديد لكى نرى البحر من الأدوار العليا، بسرعة استبدلنا ملابسنا وتناولنا الغداء، ثم انطلقنا إلى الشارع فى الطريق إلى حفل افتتاح الملتقى على مسرح قصر ثقافة العريش الذى يتمتع بفرقة فنون استعراضية على أعلى مستوى، كانت أبرز فقرات الحفل الافتتاحى. فى كلمته نيابة عن رئيس الهيئة قال رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية فى الهيئة العامة لقصور الثقافة الشاعر مسعود شومان فى افتتاح الملتقى إن ثقافة المناطق الحدودية -خصوصا ثقافة المعابر- لها سمات جمالية وفنية وتعبيرية خاصة، وإن دراسة الثقافة الشعبية لمكان ما تنطوى فى الوقت نفسه ـ على محاولة عميقة لفهم هويته، أما الجلسة الافتتاحية فجاءت بعنوان "الهوية المصرية: إشكالية المفهوم وتحديات المستقبل"، وقدم فيها الباحث الدكتور شريف صالح ورقته التى تعتمد على رؤيته للتاريخ المصرى المتأثرة بمرحلة مصر القديمة، ثم جلسة "تشكلات الهوية فى عصر الذكاء الاصطناعي" وتحدث فيها الدكتور محمد سليم شوشة عن الدور الجوهرى الذى تلعبه اللغة فى تطوير برامج الذكاء الاصطناعى الحالية، والتى اتكأت على اللغة لتصنع ثورة الذكاء الاصطناعى الكبير أو الفائق، محذرا من هذا العقل الاصطناعى الفائق والتوليدى، يقول شوشة: 'أصبح هذا العقل الآلى فاعلا لأول مرة فى التاريخ، يملك دماغا محاكيا لدماغ البشر عبر شبكة عصبية مشابهة للشبكات العصبية التى فى مخ الإنسان، وهذه الشبكة العصبية لها منظومتها البنائية التى تأسست عليها، فى هذه المرحلة الجديدة من امتلاك الآلة لعقل شبه حقيقى، والأكثر دقة أن أقول حقيقيا؛ لأنه محاكاة متطابقة لعقل الإنسان أصبحت فاعلة ومنتجة بشكل حقيقى، ويجب أن ندرك أن قولنا شبه حقيقى إنما يرجع فقط لكونها اصطناعية، أى أنها حتى الآن ليست من لحم ودم، لكنها فى الحقيقة تؤدى -حتى الآن- غالبية وظائف العقل البشرى وبخاصة فى تعامله مع اللغة. فى هذه المرحلة وصل هذا العقل الاصطناعى الفائق والتوليدى إلى حدود عميقة من الفهم وتكوين معنى، والأهم أنه يؤدى ما يعرف بالتعلم العميق (deep learning) والقابلية للتطور ذاتيا'. فى اليوم التالى أقيمت جلسة "الأدب وتشكيل الهوية الوطنية – الأدب السيناوى نموذجًا"، بمشاركة الباحث الدكتور حمدى سليمان الذى توقف لقراءة أعمال عدد من أدباء سيناء، وقال: 'المتابع للمنتج الأدبى فى شمال سيناء يستطيع ملاحظة أن معظم أدباء سيناء حريصون فيما يقدمون من إبداعات، على تعزيز قيم وثوابت الهوية المصرية الأصيلة، التى تدعم وترسخ وحدة وتلاحم واستقرار الوطن، وتحافظ على ثقافته الوسطية، مع الاهتمام بإبراز التنوع الثرى الذى تتمتع به البيئات الثقافية المختلفة فى مصر'. فى اليوم الثانى كانت الجلسة الأولى بعنوان "محور الشعر الفصيح"، وقدم فيها الشاعر عيد عبد الحليم قراءته للمشهد الشعرى فى سيناء، مختصا اثنين من شعراء سيناء بالاهتمام، وهما الشاعر حسونة فتحى صاحب ديوان 'قصائد فرت من الحرب'، والذى أهدانى نسخة منه العام الماضى، حين تشاركنا القراءة الشعرية فى واحد من مؤتمرات بيت الشعر بالأقصر، ومن أجواء الديوان التى تتجلى فيها لحظات المعاناة ومفردات الحياة تحت القصف: 'تدربتُ كثيرًا على قراءةِ الحزنِ فى عَيْنَيْ أمي فقد كانتِ البلادُ أيضًا ديارَ حربٍ، لنمارسَ لعبتَنا إذن أصمُتُ.. وتصمُتينَ دون أن أُصَرِّحَ بما أعلمُ فنَهلَك أو بما تحمله أفكاركِ فيحترقُ وجهَ البلاد' توقفت قراءة عيد أيضا عند تجربة الشاعر سالم الشبانة الذى يقول فى ديوانه 'أصابع العازف الأعمي' ليكشف جانبا من الحياة القاسية التى عاشها: 'صحراء تصحو على الحربِ، خطوتى حقل ألغامٍ بدو جاهزون للأماثيل، علبة التبغ لن تصنع نبيا، ولا القلق قادرٌ أن ينجينا رجلٌ غامض يجمع زهورا سوداءَ، وينتظرُ ألاعيب الحياة ساهيا' الجلسة المسائية كانت لحسن الحظ مخصصة لـ "محور الشعر البدوي"، بمشاركة الباحث مسعد بدر، والتى أدارها الباحث مسعود شومان وغنى فيها عبد الكريم الشعراوى أحد شعراء البادية، واختتم الملتقى مساء الخميس بإعلان التوصيات ومنها: 'رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيونى، مع الإشادة بالدور الوطنى لأبناء سيناء على مر العصور، والتوصية بضرورة زيادة الفعاليات والأنشطة الثقافية بما فيها مهرجانات المسرح والفنون الشعبية والموسيقى العربية على أرض شمال سيناء، بالإضافة إلى إقامة معرض كتاب يشمل إصدارات جميع هيئات وزارة الثقافة، مع إقامة منفذ دائم لبيع إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب فى مدينة العريش، وضرورة إقامة برامج تدريبية لباحثين وباحثات من أبناء شمال سيناء لتأهيلهم لجمع التراث السيناوى. عن البحر و 'اللصيمة' بالتوازى مع جلسات الملتقى، حددنا صباح اليوم الأخير لننزل البحر، وقد كنا خلال الأيام الثلاثة حريصين على الفرار إلى المقاهى القريبة لنسمع أدباء ومثقفى العريش وشمال سيناء وهم يتكلمون ويحلمون، وكان الشاعران مسعود شومان وإبراهيم داوود خيرَ دليل إلى هذه المقاهى، حيث كان الحديث يدور عن آلام عاشها الناس فى سنواتٍ سابقة، وقتها كانت إجراءات الحرب سببا فى تخريب حياة بعض الناس، وهو أمر يبدو بديهيا فى 'ميدان المعركة'، إلا أنه يبقى بشعا ومُضنيا لأهالى المنطقة من المدنيين، ويبقى قصة تستحق أن تُروى وأن تعرفها الأجيال المقبلة، لكى تتعلم قيمة أن تساعد قدر الإمكان فى دعم ونشر كل قصص المعاناة فى الحرب. الإيقاع الصاخب للمقاهى فى العريش وليد المساحات الواسعة دائما، ما يضطر الناس إلى رفع أصواتهم واستخدام مكبرات الصوت، لكن الحديث الهامس يكون من نصيب الكلام عن الأوضاع الاقتصادية خلال فترة الحرب، التى دارت بين عامى (2018 ـ 2023)، يُقال لك إنه فى هذه الفترة الحرجة كنت تسمع عن أسر مستورة اضطرت إلى التسول لكى يطعموا صغارهم، فــى فترة 'حظر الـتجول' لــم تكن بعض السلع الأساسية ـ حتى ـ متوافرة فى الأسواق، لكن الآن كل شىء اختلف، يتنفس الكل بحرية وهم يقولون لك: 'كل ما نريده أصبح الآن سهلا ومتاحا'، وإن كان انتشار القوات والمدرعات حول المبانى الحكومية يبدو أمرا ضروريا ولا يخلو منه شارع فى العريش، بينما الشوارع التجارية حيث محلات العطارة وزيت الزيتون والآيس كريم والملابس غارقةٌ فى الزحام إلى منتصف الليل، كأيّ مدينة مصرية. حكاية الأديب عبدالله السلايمة، تجسِّد معنى الصمود، فعبدالله كاتب القصة ابن القبيلة العرايشية كبر فجأة وتهدم، وحين رأيته لم أكد أتبينه، فقد فوجئت أنه فَقَد خلال شهور قليلة جزءا من حاسة السمع بعدما فقد كثيرا من وزنه، عرفتُ من وجهه وأصابعه أنه أصيب بمرض البهاق، وبعد قليل اعتذر بصوت واهن مستأذنا فى الانصراف، لأنه سيجرى 'عملية قسطرة' خلال ساعات، فى أحد المستشفيات العامة، انصرف فجأة ولم أعرف السبب فى كل ما جرى له، إلى أن عرفت أنه فَقَدَ محل سكنه، الذى كان فى قلب منطقة اشتباكات بين الشرطة والإرهاب، من دون أن يُصيبه الدور ـ بعد ـ فى سكنٍ حكومى ملائم. طبعا، لم تكن القبضة الأمنية الصارمة أمرا يسيرا فى حياة الناس أبدا، بل إنك وقتها كنتَ تسمع الشكوى من انقطاع الكهرباء والمياه لمسافات زمنية طويلة عن مناطق كبيرة فى العريش، خصوصا خلال المرحلة المعروفة بالخطة الأمنية الشاملة العام 2018، والتى انطوت بالتأكيد على 'إجراءات استثنائية' فى مناطق مكافحة النشاط الإرهابى لمحاصرة العناصر الإرهابية ومنع تسربهم إلى الداخل، وهى 'الإجراءات' التى طالما وجهت وزارة الداخلية الشكر إلى أهالى هذه المناطق لتفهمهم طبيعة هذه 'الإجراءات'. فى اليوم الأخير، تناولنا إفطارا سريعا واتجهنا إلى البحر، الذى كان صافيا وهادئا كما فى الأساطير، كان مسعود شومان المشغول دائما بالفولكلور يحدثنا عن أكلة عرايشية خالصة اسمها 'اللّصيمة' التى تتكون من بدنجان وبطيخ نيئ وخبز، حين وصلنا إلى الشاطئ كان الشباب من أبناء العريش يشوون شيئا على الفحم، اتضح أنه 'اللصيمة' بعينها، وحينما انتهوا جاءوا لنا بعلبة منه، فكانت مفاجأة 'لصيمة' جدا، فقد تذوقت طعمها المملح ولم أبح برأيى لأحد. فى البحر، اكتفى سيد الوكيل بالمشى على الشاطئ بينما جلست صفاء عبدالمنعم تتأمل البحر، وتمشت جيهان عمر كأنها تبحث عن شىء ما، وفى حين تسابق 'شومان وشوشة وشريف صالح' فى مسابقة للغطس وفاز شومان مرتين، بينما حكى إبراهيم داوود وهو يقاوم الموج عن علاقته باثنين من رموز الجيل الماضى، وقال إنهما تركا فى شخصيته آثارا لا تنسى، هما: الأديب والروائى الكبير الراحل خيرى شلبى والشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم 'الفاجومي'، وبمناسبة الحديث عن جائزة البوكر المصرية، تذكر البعض ونحن نحاول أن نسبح فى مياه العريش الصافية أديبا مصريا من أبناء الجنوب هدد وزارة الثقافة فى حقبة الثمانينيات فى حال لم يفز بإحدى جوائز الدولة. فى البحر وقفت جيهان عمر على الشاطئ وبدت من بعيد كأنها تلقى شيئا فى الماء ثم تعود لتحصل عليه لتلقى به من جديد، تحتفظ جيهان بوجه طفولى ساعد صوتها الرقيق فى تأكيده، خصوصا وهى تلقى قصيدة من شعرها، ورغم أنها صوت نسائى مميز فى جيل التسعينيات إلا أنها لا تعتبر نفسها واحدة من هذا الجيل، كما أنها خالفت نهج الشعراء وأصدرت العام الماضى مجموعة قصصية بعنوان 'قبل أن يرتد إليك طرفك'، أحب كتابة جيهان وبورتريهاتها التى تلتقطها بتلك الكاميرا العتيقة التى تحملها معها دائما، وأصبحت أتفاءل بوجودها فى أى مكان، منذ ساعدتنى بقدراتها السحرية ـ قبل أن أعرفها ـ على الخروج من مأزق مالى تعرضتُ له فى فرنسا العام 2015، عبر واحدة من صديقاتها (شاعرة إنجليزية). بعد ثلاثة أيام من الحديث عن أشكال المقاومة فى العريش عدتُ إلى القاهرة ظهر الجمعة، لأجدنى أجر حقيبتى الصغيرة وقد امتلأت بالكتب والحكايات والأحلام فى 'شارع التسعين' بالتجمع فى ظهيرة قائظة، فى انتظار سيارة تقلنى إلى البيت، مررت أمام قصور وعمارات زجاجية حديثة، لكنها كانت جميعا شحيحة الظل، فالمبانى الزجاجية الحديثة ـ للأسف ـ لا تجود لا هى ولا الأشجار الهزيلة التى تقف أمامها على المارة فى الشارع بأىّ ظل.

"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة
"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة

فيتو

timeمنذ 11 ساعات

  • فيتو

"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة

يطلق المجلس الأعلى للثقافة ندوة "دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" التي تنظمها لجنة الفلسفة بالمجلس برئاسة د. مصطفى النشار، وذلك الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥م؛ في تمام الثانية عشرة ظهرًا بقاعة المؤتمرات. ويدير الندوة مصطفى النشار- أستاذ الفلسفة.. ويشارك بها كل من: -د. أمل مبروك – أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس – عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع. - د.حسين علي حسن – أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بكلية الآداب جامعة عين شمس – عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع. - د. فاطمة إسماعيل – أستاذ فلسفة العلوم بكلية البنات للآداب والعلوم والتربية بجامعة عين شمس - عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع. - ومصطفى عبد الله – الكاتب الكبير والناقد الصحفي ورئيس تحرير جريدة أخبار الأدب الأسبق – عضو لجنة الدراسات الأدبية والنقدية. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة
"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة

مصرس

timeمنذ 11 ساعات

  • مصرس

"دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة

يطلق المجلس الأعلى للثقافة ندوة "دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" التي تنظمها لجنة الفلسفة بالمجلس برئاسة د. مصطفى النشار، وذلك الثلاثاء 27 مايو 2025م؛ في تمام الثانية عشرة ظهرًا بقاعة المؤتمرات. ويدير الندوة مصطفى النشار- أستاذ الفلسفة.. ويشارك بها كل من:-د. أمل مبروك – أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب جامعة عين شمس – عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع. - د.حسين علي حسن – أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بكلية الآداب جامعة عين شمس – عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع.- د. فاطمة إسماعيل – أستاذ فلسفة العلوم بكلية البنات للآداب والعلوم والتربية بجامعة عين شمس - عضو لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع.- ومصطفى عبد الله – الكاتب الكبير والناقد الصحفي ورئيس تحرير جريدة أخبار الأدب الأسبق – عضو لجنة الدراسات الأدبية والنقدية. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store