
لبنان في مرمى الضغوط الأميركية.. سباق السلاح يشعل البرلمان
الضغوط الأميركية.. رسائل حاسمة وخيارات ضيقة
بدأت فصول الأزمة تتبلور بوضوح بعد تسلم السلطات اللبنانية الرد الأميركي على الورقة التي قدّمتها بيروت بشأن مستقبل السلاح غير الشرعي. ووفق تسريبات دبلوماسية، فإن تركيز واشنطن ينصب على التزام لبنان بمهلة زمنية محددة لسحب سلاح حزب الله، وهو ما أكده الموفد الأميركي توم باراك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت حين شدد على أن "واشنطن لم تعد تملك ترف الانتظار حتى موعد الانتخابات النيابية في مايو المقبل".
الرسالة الأميركية كانت واضحة: إمّا اتخاذ خطوات ملموسة بحصر السلاح بيد الدولة، أو مواجهة تبعات سياسية واقتصادية وربما أمنية لن تُحمد عقباها. وهنا، ترى أوساط مراقبة أن توقيت الضغوط مرتبط أيضًا بإعادة رسم توازنات النفوذ في المنطقة، حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى تضييق الخناق على طهران وأذرعها الإقليمية، ضمن مقاربة استراتيجية أشمل.
لم تتأخر الارتدادات في الظهور على المسرح الداخلي اللبناني، إذ شهد البرلمان جلسة صاخبة دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمساءلة الحكومة عن سياساتها، خاصة في ملف سلاح حزب الله. جلسة تحولت إلى ساحة سجال علني، مع مطالبة نواب كتل سياسية بخطة زمنية واضحة لسحب السلاح غير الشرعي واستعادة هيبة الدولة، بينما دافعت كتل أخرى عن "شرعية المقاومة" وربطت أي نقاش بـ"ضمانات دولية واضحة ضد الاعتداءات الإسرائيلية".
في هذا السياق، برزت تحذيرات من غياب أي خطة إصلاحية شاملة للحكومة، مما يعمق الانقسام حول السلاح، في وقت لم يتوقف فيه التصعيد العسكري على الجبهة الجنوبية.
خطوة مالية مفاجئة: مصرف لبنان يضيّق الخناق على "القرض الحسن"
في ما يبدو أنه أولى الخطوات العملية لتطبيق الضغوط الأميركية داخليًا، أصدر مصرف لبنان قرارًا يمنع المؤسسات المالية المرخصة من التعامل بأي شكل مباشر أو غير مباشر مع مؤسسة "القرض الحسن"، الذراع المالية الأساسية لحزب الله.
الخطوة تأتي في أعقاب تحذيرات أميركية متكررة، آخرها من وزارة الخزانة التي كانت قد فرضت عقوبات على المؤسسة منذ عام 2007، متهمة إياها بأنها "واجهة مالية" يستخدمها الحزب للوصول إلى النظام المالي الدولي. وتشير مصادر لبنانية إلى أن القرار جاء بإيعاز من الجهات الدولية، ويُعد مؤشرًا على بدء لبنان بالاستجابة للورقة الأميركية، وإن بشكل حذر ومدروس.
جبهة الجنوب تشتعل.. وتل أبيب ترسل "رسائل بالنار"
التصعيد لم يبق سياسيًا فحسب، إذ تكثّفت الضربات الجوية الإسرائيلية على البقاع، وأدى قصف عنيف إلى مقتل 12 شخصًا، بينهم خمسة عناصر من حزب الله، في أكبر حصيلة يومية منذ اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي.
الجيش الإسرائيلي أعلن استهداف مواقع تابعة لـ"قوة الرضوان"، أبرز أذرع الحزب الميدانية، مشيرًا إلى ضرب مخازن أسلحة ومعسكرات تدريب. بدوره، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الغارات بأنها "رسالة واضحة" لحزب الله مفادها أن "إعادة بناء القدرات العسكرية ستواجه بردع شامل".
في المقابل، أدان حزب الله ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي"، داعيًا الدولة اللبنانية إلى كسر صمتها والتحرك دولياً لإلزام تل أبيب بوقف الاعتداءات، متهماً الولايات المتحدة بـ"التهرب من مسؤولياتها كضامن لاتفاق وقف النار".
"الأميركيون يضغطون على كل مفاصل الدولة"
اعتبر الكاتب والباحث السياسي رضوان عقيل، في حديثه لبرنامج "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، أن الضغط الأميركي لا يستهدف حزب الله فقط، بل يطال الدولة اللبنانية ككل، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية "لن توفر وسيلة مالية أو سياسية لتجفيف مصادر الحزب وإضعاف بنيته التنظيمية".
عقيل رأى أن مؤسسة "القرض الحسن" تعمل خارج المنظومة الرسمية، وأنه لا يوجد أي مصرف لبناني رسمي يتعامل معها، لكن الورقة الأميركية تطالب صراحة بإغلاقها وتجفيف مواردها، ضمن استراتيجية شاملة تهدف إلى خنق الحزب اقتصاديًا، ما قد يؤدي إلى "شل قدرته على تمويل أنشطته الاجتماعية والطبية والتربوية".
حزب الله يتمسك بالسلاح ويرفع "سقف المطالب"
رغم الضغوط، أظهر حزب الله مرونة نسبية في التعامل مع الورقة الأميركية، إذ لم يمانع مواصلة التفاوض وفق ما نقل النواب في الجلسة البرلمانية، لكنه شدد على حزمة شروط أساسية قبل الدخول في أي نقاش حول سلاحه.
من بين هذه الشروط: وقف الاعتداءات الإسرائيلية، انسحاب تل أبيب من الأراضي المحتلة جنوب لبنان، وتثبيت النقاط الحدودية المتنازع عليها. الحزب يعتبر أن نزع سلاحه دون ضمانات دولية "واقعية" سيُبقي لبنان مكشوفًا أمنيًا، ويطرح تساؤلات حول "من يحمي لبنان في حال تخلي الحزب عن سلاحه؟".
البُعد الإقليمي: من الجنوب إلى السويداء.. التوجس يتزايد
يربط حزب الله تصاعد الضغوط الدولية بما يحدث في الجوار السوري، خصوصاً التطورات الدامية في السويداء. ويرى مراقبون أن "الدروس السورية" ستدفع فئات لبنانية عديدة للتشبث بالسلاح، ليس حبًا بالحرب، بل خوفًا من تكرار سيناريوات الفوضى، لا سيما في المناطق الشيعية والمسيحية التي بدأت تسجّل حالات استنفار مدني، وفق مصادر ميدانية.
كذلك، يُحذر الحزب من أي اتفاق سوري-إسرائيلي محتمل قد يعيد تشكيل ميزان القوى الإقليمي، وهو ما من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على الساحة اللبنانية، ويضاعف المخاوف من أي "تنازلات استراتيجية مجانية".
مع اقتراب نهاية المهلة التي حددتها واشنطن، يجد لبنان نفسه أمام اختبار سيادي معقّد: كيف يمكن استيعاب الضغوط الأميركية دون الانزلاق إلى مواجهة داخلية؟ وهل يُمكن لحزب الله أن يقدّم تنازلات استراتيجية في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية وغموض الضمانات الدولية؟
الإجابات تبدو غائبة حتى اللحظة، لكن المؤكد أن مشهد البرلمان، وقرارات مصرف لبنان، وتصعيد الجنوب، جميعها إشارات إلى أن "المواجهة الكبرى" بشأن سلاح حزب الله دخلت فصلاً جديدًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 17 دقائق
- سكاي نيوز عربية
مسؤول إيراني: معلومات استخباراتية تؤكد استعداد واشنطن للحرب
ونقلت قناة "برس تي في" الإيرانية عن مسؤول إيراني كبير لم تذكر اسمه، أن لدى إيران معلومات استخباراتية تشير إلى أن الولايات المتحدة تستخدم المبادرات الدبلوماسية كغطاء للتحضيرات العسكرية، وأنه يتعين على طهران الاستعداد للصراع بدلا من الانخراط في المحادثات. ووفقا لما ذكرته القناة، الخميس، عن المسؤول السياسي البارز: "تشير معلوماتنا الاستخباراتية إلى أن واشنطن تسعى إلى المحادثات للتحضير للحرب، وليس من أجل السلام". وأضاف: "إذا كان الأمر كذلك، فلا نرى سببا لإضاعة الوقت، ونفضل التركيز على الاستعداد للصراع". ونقلت عن المسؤول قوله إن إيران تعتقد أن "الغرض من المفاوضات هو نزع سلاح إيران لتعويض ضعف إسرائيل في الحرب المقبلة". وأضاف: "أي جولة جديدة من المفاوضات يجب أن تتضمن ضمانات جدية وعملية لضمان ألا تكون العملية مجرد غطاء لخداع أمني". وأوضح المسؤول الإيراني في تصريحاته لـ"برس تي في" شروط أي مفاوضات مستقبلية مع الولايات المتحدة، قائلا إن المناقشات يجب أن تتناول قضايا رئيسية مثل الترسانة النووية الإسرائيلية والتعويض عن الحرب الأخيرة. وقال: "يجب أن نحصل على ضمانات بأن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وسيط لحل النزاع، وليس مشعلا للحرب. تقديم مثل هذه الضمانات أمر صعب جدا، لكننا مستعدون لإعطاء الولايات المتحدة فرصة أخرى والاستماع إلى ما لديها في هذا الشأن ورؤية أفعالها العملية". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، قد قال، الأربعاء، إن البرنامج النووي الإيراني تلقى ضربة لا يمكن إصلاحها بسبب الهجمات الأميركية الشهر الماضي، وأنه ليس في عجلة من أمره لاستئناف المفاوضات مع طهران. وأجرى ويتكوف خمس جولات من المحادثات مع مسؤولين إيرانيين قبل الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد طهران، والتي بدأت بعد انقضاء المهلة التي حددها ترامب بستين يوما للتوصل إلى اتفاق مع طهران. أسفرت الضربات الجوية والهجمات بالطائرات المسيرة الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 12 يوما عن مقتل مئات الإيرانيين، من بينهم مدنيون وعسكريون وعلماء نوويون، كما أسفرت الضربات الصاروخية الانتقامية الإيرانية عن مقتل 27 مدنيا إسرائيليا. وفي 22 من يونيو، انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب بشن ضربات على المواقع النووية الإيرانية في أصفهان ونطنز وفوردو باستخدام قاذفات بعيدة المدى وصواريخ تُطلق من غواصات. وأُعلن عن وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية في 24 من يونيو بين إيران وإسرائيل، بعد أن أطلقت طهران صواريخ على قاعدة العديد في قطر.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
إسرائيل تدرس إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء
أعلنت إسرائيل، الجمعة، أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء بعد اشتباكات في المحافظة ذات الغالبية الدرزية. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان "على خلفية الهجمات الأخيرة التي استهدفت الدروز في السويداء والوضع الإنساني الصعب في هذه المنطقة، أمر وزير الخارجية جدعون ساعر بإيصال مساعدات إنسانية عاجلة إلى السكان الدروز في المنطقة". وأوضحت الوزارة، أن قيمة المساعدات ستكون مليوني شيكل (حوالى 600 ألف دولار) وتشمل حصصا غذائية وإمدادات طبية. وتتعهد إسرائيل بحماية الدروز في المنطقة من أي هجوم، وتدعمها في ذلك دعوات من الأقلية الدرزية الموجودة في إسرائيل. من جانبه، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، أن قوات الأمن السورية تستعد لإعادة الانتشار في مدينة السويداء، لفض الاشتباكات بين قوات العشائر والفصائل المحلية في السويداء. وأكدت وزارة الداخلية السورية أن قوات الأمن في حالة جاهزية طبيعية دون أي تحرك أو انتشار في محافظة السويداء. وفي وقت سابق، أفاد تلفزيون سوريا، الجمعة، بأن أرتالا من قوات الأمن الداخلي تتواجد على أطراف مدينة السويداء، وتستعد للدخول كقوات فض اشتباك بين قوات العشائر والفصائل المحلية. وأشار إلى أن قوى الأمن الداخلي لم تتجه حتى الآن لنقاط الاشتباكات في مدينة السويداء، لافتا إلى اشتباكات عنيفة تدور على تخوم مدينة السويداء بين قوات العشائر والفصائل المحلية. وفي سياق متصل، ذكر تلفزيون سوريا، أن قوات العشائر على بعد نحو 3 كيلو مترات من مدينة السويداء، مشيرا إلى تعزيزات كبيرة لقوات العشائر في قرية المزرعة بريف السويداء.


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
إسرائيل تقول إنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى دروز سوريا
سوريا - أ ف ب أعلنت إسرائيل، الجمعة، أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء بعد الاشتباكات الطائفية التي حصدت الكثير من الأرواح في هذه المحافظة ذات الأغلبية الدرزية. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: «على خلفية الهجمات الأخيرة التي استهدفت الدروز في السويداء والوضع الإنساني الصعب في هذه المنطقة، أمر وزير الخارجية جدعون ساعر بإيصال مساعدات إنسانية عاجلة إلى السكان الدروز في المنطقة». وستكون قيمة المساعدات مليوني شيكل (نحو 600 ألف دولار) وتشمل حصصاً غذائية وإمدادات طبية، على ما أوضحت الوزارة، مشيرة إلى أنها سبق وأرسلت مساعدات إنسانية للدروز في سوريا في آذار/مارس. وشهدت منطقة السويداء هذا الأسبوع اشتباكات دامية، بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية، ما استدعى تدخل قوات حكومية. ودخلت إسرائيل على خط المواجهة فشنت سلسلة غارات، ولاسيما قرب مقرّ الأركان العامة وفي محيط قصر الرئاسة في دمشق، بعدما حضّ وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الحكومة السورية على «ترك» دروز السويداء وشأنهم وسحب قواتها من المدينة.