
ما الفرق بين الخطأ والخطيئة وكيف نتجاوزهما؟.. علي جمعة يجيب
الفرق بين الخطأ والخطيئة
وقال عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن الشرع الشريف فرَّق بين الخطأ والخطيئة بحسب توفُّر القصد وعدمه؛ فإذا لم يتوفر القصد فهو خطأ، وإذا توفر القصد فهي خطيئة.
وأوضح أن الخطأ معفوٌّ عنه، ولا يترتّب عليه إثمٌ في الغالب، أما الخطيئة فيترتّب عليها إثم، وتحتاج إلى طلب الغفران. وقد رتّب الشرع الشريف برنامجًا متكاملًا لمحاصرة تداعيات الخطأ والخطيئة، من أجل تجاوزهما، والبدء من جديد، ولتستمر الحياة بعيدًا عن آثارهما السلبية.
ونذكر ذلك في حقائق تبين المقصود:
الحقيقة الأولى: أن تأصيل الفرق بين الخطأ والخطيئة يظهر في الحديث الذي وضعه الإمام البخاري أول حديث في صحيحه، باعتباره مفتاحًا من مفاتيح فهم الشرع الشريف، قال رسول الله ﷺ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى...» والنية في اللغة: القصد المؤكد.
وهذا الحديث جعل الإنسان يراعي ربه الذي يعلم ظاهره وباطنه، وعمله ونيّته.
ويؤكّد هذا الفرق قول النبي ﷺ: «إِنَّ الله تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ». ومن هنا، فقد يكون هناك أجرٌ عند بذل الجهد مع الوقوع في الخطأ، كقوله ﷺ: «من اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ». فهو لم يقصد الإساءة أو الأذية، بل أراد الصلاح، وإن لم يُوَفَّق إليه.
وفي المقابل، فإن المتعمِّدَ للأذية مأزور، كما في حال إخوة يوسف -عليه السلام- بعد جريمتهم، إذ حكى الله عنهم: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ)، فقد اعترفوا بجريمتهم، والخطأ هنا يشمل الذنب سواء وقع خطأً أو خطيئة.
الحقيقة الثانية : قوله ﷺ : «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ». وكلمة "خطّاء" صيغة مبالغة من اسم الفاعل "خاطئ"، وتدل على الوقوع المتكرر في الخطأ أو الخطيئة.
ومن هنا، علَّمنا رسول الله ﷺ الإقلاع عن كلٍّ منهما، فكان وهو المعصوم يقول: «إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ».
الحقيقة الثالثة : أن الوقوع في الخطأ قد يترتّب عليه ضررٌ يستوجب التعويض والغرامة من جهة، ويستلزم تربية النفس وضبطها من جهة ثانية، ويقتضي الاعتذار وتطييب خاطر المتضرر من جهة ثالثة.
وأحسن مثال لذلك هو القتل الخطأ، الذي يقع على سبيل الحادثة، لا العمد ولا شبه العمد.
وقد رتّب الله سبحانه وتعالى عليه الدية، وهي غرامة مالية تُدفع لأهل القتيل، ورتّب عليه أيضًا صيام شهرين متتابعين ككفارة، وذلك من أعظم صور تهذيب النفس، وإشاعة ثقافة تعظيم النفس البشرية، والحذر من الاستهانة بحرمتها.
وفيه أيضًا معنى الاعتذار العملي لأهل القتيل؛ إذ إنّ حبس النفس عن مألوف طعامها وشرابها يؤكّد عدم العمد، ويعبّر عن الحزن على النتيجة التي ترتّبت على ذلك الفعل. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيماً * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).
الحقيقة الرابعة: أن رسول الله ﷺ أرشدنا إلى برنامجٍ متكامل في التعامل مع الخطأ والخطيئة، يبدأ بالتوبة والاستغفار، والتي تشمل: الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العود، وقد يحتاج ذلك إلى كفارة، أو غرامة، أو رد الحقوق إلى أصحابها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

صدى البلد
منذ 4 ساعات
- صدى البلد
عقوبات رادعة.. اتصالات النواب: فرحة عارمة بين المواطنين بعد القبض على البلوجرز
أكد النائب أحمد بدوي رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، أن وزارة الداخلية تقوم بمجهود كبير؛ من أجل مواجهة الجرائم الإلكترونية، موضحًا أن ما يحدث عبر تطبيق تيك توك؛ هو بسبب نشر فيديوهات تهدد القيم والأخلاق المجتمعية، وأن مثل هذه الأشياء تعتبر من الجرائم الإلكترونية. عقوبات رادعة وأضاف رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب، أن العقوبة في مثل هذه الجرائم، تكون رادعة، وأن الأيام الأخيرة نلاحظ ما يتم لمواجهة هذه الأشياء التي تهدد المجتمع. وأوضح خلال مداخلة هاتفية، ببرنامج 'كبش'، تقديم الإعلامي حسن محفوظ، أن الفترة الفترة الأخيرة انتشرت فيها فيديوهات غير مقبولة، وأنه بعد القبض على مجموعة من مروجي الفيديوهات الخارجة «البلوجرز»؛ تسبب في فرحة كبيرة بين المواطنين. وطالب بتواجد ممثل قانوني لكل التطبيقات التي تبث في مصر، فـ الـ"فيس بوك" و"اليوتيوب" و"التيك توك"، يجب أن يكون لهم ممثلين في مصر؛ لوضع الضوابط، ويكون هناك منعا لانتشار الفيديوهات الخارجة. وأوضح أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، طالب أيضًا بوجود ممثل قانوني لجميع تطبيقات التواصل الاجتماعي في مصر، وأن هذا الأمر قد يتم.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
في الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ... تنكيس علم لبنان في قصر بعبدا رئيس الجمهوريّة: سنواصل الضغط لتقديم كلّ المسؤولين عن الجريمة إلى العدالة أيّاً كانت مراكزهم وانتماءاتهم
أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في الذكرى الخامسة لجريمة تفجير مرفأ بيروت، "ان الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب. فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع من دون تمييز." وقال الرئيس عون : "في هذا اليوم الأليم، الرابع من آب، نستذكر معاً الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، تلك الجريمة الكبرى التي هزت ضمير الأمة والعالم وأودت بحياة أكثر من مئتي شهيد، وجرحت آلاف الأبرياء، ودمرت أحياءً كاملة من عاصمتنا الحبيبة. إننا، وبعد مرور خمس سنوات على هذه الفاجعة، نقف أمام أرواح الشهداء وأمام الجرحى وعائلاتهم، وأمام كل اللبنانيين، لنؤكد أن العدالة لن تموت، وأن الحساب آت لا محالة. لقد عاهدت الشعب اللبناني منذ توليت مسؤولياتي الدستورية على أن تكون محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى أولوية قصوى، وأن لا يفلت من العقاب كل من تسبب بإهماله أو تقصيره أو فساده في هذه الكارثة الإنسانية". أضاف "إن الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب. فالعدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع دون تمييز. إننا نعمل بكل الوسائل المتاحة لضمان استكمال التحقيقات بشفافية ونزاهة، وسنواصل الضغط على كل الجهات المختصة لتقديم كل المسؤولين إلى العدالة، أياً كانت مراكزهم أو انتماءاتهم. أقول لعائلات الشهداء والجرحى: إن دماء أحبائكم لن تذهب سدى، وآلامكم لن تبقى بلا جواب. العدالة اتية، والحساب آت، وهذا وعد قطعته على نفسي أمام الله والوطن". وختم الرئيس عون "وفي هذا اليوم الحزين، نتذكر أيضاً التضامن الرائع الذي أظهره شعبنا العظيم، والروح الوطنية التي تجلت في أحلك الساعات حين هبّ الكثيرون يداً بيد لإسعاف المصابين ورفع الانقاض والعناية بالذين صارت بيوتهم ركاماً، ومن ثمّ رفع اثار هذه الكارثة الكبرى. ان هذه الروح التضامنية نفسها ستقودنا إلى تحقيق العدالة وإعادة بناء وطننا على أسس العدل والشفافية والمساءلة". ولمناسبة الذكرى الخامسة لتفجير مرفأ بيروت، تمّ تنكيس العلم اللبناني فوق القصر الجمهوري في بعبدا، حدادا على أرواح الضحايا، والتزامًا بمذكرة إعلان الحداد الرسمي في لبنان.


الشرق الجزائرية
منذ 5 ساعات
- الشرق الجزائرية
عبد الساتر: لن نهادن ولن نتراجع ولن نتوقف عن المطالبة بتحقيق العدالة
ترأس رئيس أساقفة بيروت المطران بولس عبد الساتر قداسا لراحة أنفس شهداء وضحايا وجرحى إنفجار 4 آب، وعلى نيّة شفاء من لا يزالون على سرير الألم، وذلك في الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، وبرعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في كنيسة مار يوسف في بيروت، بمشاركة بطريرك السريان الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، ممثل بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك متروبوليت جبيل وتوابعهما المطران جورج بقعوني، ممثل بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك الأب رافي ولفيف من المطارنة والكهنة والرهبان. وألقى عبد الساتر عظة قال فيها: «(…) إن دماء الأبرياء تصرخ نحو الله طالبة العدل لها وهو يسمعها. فلا تظنوا أنه سيغفل عنكم ولو اختبئتم في أعماق الأرض أو احتميتم بزعيم فاسد أو اشتريتم ضمير قاض مرتشٍ». أضاف: «لا زلتم ومنذ خمس سنوات تناورون وتكذبون وتعطّلون متذرعين بحصاناتكم ومحتمين خلف أسوارٍ من أتباعكم. قولوا لي، (…) أتظنون حقًا أنكم لن تُحاسبوا على الشر الذي اقترفته أيديكم؟». وأعلن عبد الساتر: «نحن هنا وسنبقى هنا ولو لسنوات بعد. لن نُهادن ولن نتراجع ولن نتوقف عن المطالبة بتحقيق العدالة. ستروننا واقفين أمامكم أينما كنتم حاملين صور أحبائنا لتروا وجوه من تسببتم بموتهم وبجراحاتهم. ستروننا واقفين في قصر العدل حاملين صور أحبائنا حتى لا يتأخر أي قاضٍ عن القيام بواجبه في هذه القضية». وقال: «مع شكرنا لكل المسؤولين الذين عملوا ويعملون بصدق من أجل معرفة حقيقة إنفجار بيروت الجريمة ومَن وراءَها ومحاكمتهم، نطلب منهم إكرامًا للذين ماتوا ولحزن أهلهم وتعزية للجرحى وتشجيعًا لذويهم، أن يستمروا في العمل ويمنعوا التدخلات السياسية والحزبية في القضاء حتى يصدر القرار الظني وثم الحكم فترتاح القلوب وتطمئن على مستقبل البلاد والعباد»». وأكد ان «الشعب كلّه يريد الحقيقة الكاملة حول انفجار المرفأ ويريد أن يعرف أسماء كلّ المسببين لهذه الإبادة أأفرادا كانوا أو جماعات أو دول(…)»، الشعب اللبناني يريد أن يُستخدم القرار الظني والحكم من أجل تحقيق العدالة وإحقاق الحق فقط (…)».