
حاربوا النازية معا ثم تحاربوا.. تاريخ موجز للعلاقة بين روسيا والغرب
"العملية تهدف إلى نزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية منها، وحماية السكان الناطقين بالروسية في دونباس من الإبادة الجماعية"
بعد نجاحه في الوصول لرئاسة الإمبراطورية السوفياتية الممتدة، لم يكن جوزيف ستالين معجبا كثيرا بأقرانه السابقين، خصوصا أولئك الذين لم يظهروا له علامات الولاء والخضوع، وآثروا الحفاظ على أفكارهم الخاصة، وأحيانا جهروا بمعارضتهم للزعيم أو التحفظ على قراراته التي لم تكن حكيمة أحيانا، أو غالبا، ولم يؤثروا السلامة.
مع الوقت، عمد ستالين إلى تغييب وإخفاء بعض أصدقاء الأمس، بمن فيهم من عملوا تحت إمرته بدوافع عديدة، مثل الخوف من الخيانة، أو الخوف من تصاعد شعبيتهم، وفي زمن لم يكن فيه الإنسان قد وصل إلى "الفوتوشوب" ولا إلى " الذكاء الاصطناعي"، كان ستالين يرمي بهؤلاء إلى أبعد نقطة في بئر النسيان وأقبية الموت أو في صحاري سيبيريا.
وليس ذلك فحسب، بل كان يخفي آثار معارضيه تماما من الأرشيف السياسي للدولة، ويعدل الصور التي التقطت له معهم، فلم يبق في الصور سواه، بعد أن كانت تلك الصور تعج بالرفاق.
يتكرر هذا السلوك الآن على الحقيقة في الصور التي يلتقطها الزعماء الغربيون احتفالا بذكرى انتصاراتهم السابقة على النازيين في الحرب العالمية الثانية ، يصطف الرئيس الفرنسي بجانب رئيس الحكومة البريطاني يتزعمهم الرئيس الأميركي ويغيب ممثل روسيا، حليف الأمس، الذي تمكن من إلحاق أولى الهزائم الكبيرة بالنازيين، ثم الأغرب، وللسخرية التاريخية، يحضر المستشار الألماني الذي كانت بلاده هي الخصم والعدو اللدود في الحرب الغابرة.
تحالف السنوات الغابرة
يأتي الاحتفال بيوم النصر في الحرب العالمية الثانية هذه السنة في ظروف مختلفة. فقد اشتد عداء الغربيين لروسيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، اليوم الذي قررت فيه اجتياح أوكرانيا، حيث لا تزال الحرب مشتعلة حتى اليوم.
وهذه سيرة الدول كما نعرفها، تحب بعضها هونا، وتكره بعضها هونا، تترك دائما لنفسها مكانا يجري منه الماء إن كان هنالك داع لذلك. لكن في أثناء اشتداد الخصومة أو الوئام، قد يبدو الأمر متطرفا وأن لا سبيل لتغييره يوما ما. يظهر العداء أعمى، وإن لم يكن بذلك السواد، وتصفو المحبة وردية اللون، وإن كان يشوبها الكثير من الود المصطنع.
بعبقرية في روايته 1984 يصف لنا جورج أورويل ذلك، يتحدث عن الدول الثلاث، أوقيانيا (حيث كان يعيش وينستون سميث، الشخصية الرئيسية للرواية) ثم أوراسيا وأخيرا إيستاسيا. يتذكر بطل الرواية كيف أن بلاده كانت تعادي أوراسيا، وتشحن مواطنيها، يصرخون في كل مكان بأن أوراسيا هي العدو الأبدي والأزلي وأن إيستاسيا هي الحليف الذي كان كذلك دائما، وسيظل. ثم ماذا يحدث؟ نفس المشهد، تختلف المواقع، إيستاسيا هي الآن العدو، كانت كذلك وستظل، أما أوراسيا فهي الحليف والحبيب، هكذا عرفها الناس وهكذا ستبقى!
في الحياة الواقعية، كان الغربيون يشعرون بوحدة المصير ووحدة الخطر عندما كانت جيوش هتلر تتوجه نحو موسكو بعد أن أسقط عواصم أوروبية أخرى على رأسها باريس. لذلك كانوا ممتنين جدا لاستبسال السوفيات ولجليد روسيا الذي كان أحد أسباب بداية النهاية لحلم النازيين بالرايخ الثالث. لكنهم اليوم، لا ينظرون للروس، حفدة السوفيات إلا كما نظروا يوما ما للنازيين، ذلك الخطر الداهم الذي يوشك أن يهدد أوروبا كلها.
على كل حال، تقول القصة التي لا يمكن الاختلاف كثيرا على تفاصيلها العامة أنه في يوم 2 مايو/أيار عام 1945عندما تمكن السوفيات من دحر القوات الألمانية، حينها بدأ حلم هتلر يتحول إلى أسوأ كوابيسه وأكثرها قتامة.
5 أيام فقط بعد ذلك؛ أي في اليوم السابع من الشهر نفسه، بمدينة رانس، كان الجنرال الأميركي دوايت أيزنهاور يقود قوات الحلفاء من أجل القضاء على آخر نقاط تواجد الألمان، وفي اليوم التالي، 8 مايو/أيار قرابة الساعة 23:01 قبل منتصف الليل، انتهت المعارك. لا هتلر بعد اليوم، ولا نازيين بعد اللحظة.
وقّعت قيادة القوات الألمانية في عين الساعة والتوقيت وثيقة الاستسلام بحضور ممثلي الدول المنتصرة، فرنسا وبريطانيا، ثم الحصان الأبيض، الولايات المتحدة الأميركية، والحصان الأسود، الاتحاد السوفياتي. انتهت الحرب رسميا في أوروبا، وبقيت فقط في آسيا، مع اليابان، قبل أن تنهيها القنبلة النووية في هيروشيما وناكازاكي لاحقا.
لا يشبه الأمس اليوم، تغيرت المقاعد، فرنسا كانت عدوة لألمانيا، لكنهما الآن حليفان لا ينفكان، بينما روسيا، وريثة الاتحاد السوفياتي البائد، باتت عدوا كبيرا، وخطرا عظيما. قبل سنة من كتابة هذا المقال، وفي ذكرى احتفال الحلفاء، وقف قادة التشكّل الجديد للغرب في مشهد لا يروي القصة التاريخية بالدقة اللازمة. يظهر احتفال المسؤولين الغربيين بهذا اليوم، بصوره الأيقونية كأن الروس لم يشاركوا في أهم حدث عرفه التاريخ الغربي الحديث.
والمفارقة التاريخية، أنه منذ العام 1942، كان الاتحاد السوفياتي يطالب الحلفاء الغربيين بفتح جبهة قتال ضد الألمان في أوروبا بيد أن صوت السوفيات لم يكن كافيا ولا مقنعا. ففي الوقت الذي كانت فيه جيوش ستالين تدفع الهجوم الألماني عن أراضيها، كانت واشنطن تكتفي بإرسال المساعدات العسكرية، وفي الوقت نفسه كانت بريطانيا تكتفي بمواجهة الألمان في بعض الجبهات الثانوية في البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1943، سيقبل تشرشل أخيرا على فتح الجبهة الغربية، بعد ضغط كبير من جوزيف ستالين وفرانكلين روزفلت. في الفترة نفسها كان السوفيات يسطرون الملاحم ضد النازيين مغيرين موازين القوى شيئا فشيئا بعد معارك ستالينغراد وكورسك، صحيح أن غزو نورماندي كان قد خفف الضغط على الجبهة الشرقية لكنه كان أقل أهمية من الجهد الكبير الذي كان يقوم به السوفيات.
نخبك يا غريمي.. لقاء تشرشل وستالين
الكثير من الحرص والقليل من الود الحقيقي ربما، البراغماتي بالتأكيد، هكذا كانت العلاقة بين غرب أوروبا وشرقها.
كان مساء 12 أغسطس/آب 1942 في موسكو باردا، تماما كبرودة الأجواء والعلاقات بين جوزيف ستالين وونستون تشرشل. كل الأجواء ببرودتها وفتورها مناسبة ليحضر فيها الخمر الروسي، كأس، فثانٍ ثم ثالث، لم تكن الزجاجات التي يفتحها ستالين تدوم طويلا.
انتهى اللقاء في الساعة الثالثة صباحا، حينها قال رئيس الوزراء البريطاني إنه فارق ستالين في أفضل الأجواء، وإنه إن كان بإمكانهما تناول وجبة العشاء معا مرة واحدة في الأسبوع، لاختفت جميع المشاكل.
في 1940، قبل سنتين فقط من هذا اللقاء الشاعري الذي لعبت فيه الخمر بالرؤوس، لم يكن هتلر يرى في أوروبا سوى زعيم قوي واحد، هو تشرشل، لكنه بعد أن قرر اجتياح روسيا، أدرك أن فيها زعيمين، ستالين هو الثاني. كان الرجلان يملكان جميع الأسباب الذاتية والموضوعية للقطع بالعداء لبعضهما البعض، لكنهما على اختلافهما العظيم، علما أن الاتفاق هو الذي سينقذ الاثنين معا، وأن أي قرار آخر سيكون أخرق بلا شك، وسيشكل هدية لا أثمن منها لهتلر.
وفي يونيو/حزيران 1941، كان هتلر قد قرر شق الجليد الروسي والتوغل في مقبرة نابليون بونابارت لتنفيذ عملية "بارباروسا"، كانت الخسائر فادحة، الروس يقاتلون وحدهم ضد الألمان، وتشرشل يفكر مستمتعا بنوع من الراحة بينما يشعر ستالين بعزلة قاتلة.
جرب تشرشل شعور العزلة قبل ذلك، ففي الوقت الذي كانت تنهار فيه القوات الفرنسية الحليفة في يونيو/حزيران 1940، شكك الكثيرون في بريطانيا، وفي قدرتها الحقيقية على مقاومة النازيين المتعطشين للتوسع. في تلك اللحظة المفصلية.
كان ستالين مطمئنا لأنه كان يعتقد، أو هكذا أراد، أن هتلر سيلتزم معه بالاتفاق الذي عقداه سويا، ليس هذا فحسب، فقد استفاد السوفيات من ذلك الاتفاق للهجوم على فنلندا في نهاية العام 1939.
لم يلتفت رئيس الوزراء البريطاني إلى الماضي المؤلم، فقد تناسى خيانة ستالين، وتناسى غضبه منه عندما حذره بمعلومات مؤكدة وكتب له شخصيا يخبره بأن النازيين يستعدون لغزو الاتحاد السوفياتي، لم يرغب ستالين حينها في تصديق حليفه المستقبلي البريطاني، وانعزل مبتعدا ومتمسكا بوعد من الفوهرر.
تناسى تشرشل كل ذلك، وكتب في السابع من يوليو/تموز 1941 لستالين رسالة مفادها أن الجميع سعداء لرؤية الجيش الروسي يقاوم الغزو النازي غير المبرر وغير الرحيم، وأن بريطانيا وحلفاءها سيقومون بجميع المجهودات التي تسمح بها الموارد والوقت.
في الرسالة نفسها، أضاف رئيس الوزراء البريطاني أنه يحاول إجبار هتلر على تحويل بعض قوته الجوية نحو الغرب لتقليل الضغط الذي يمارسه شرقا على الاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى ذلك، طلب تشرشل من البحرية البريطانية تحضير عملية في القطب الشمالي حتى يسهم ذلك في تعزيز التواصل بين القوات البحرية البريطانية والسوفياتية.
لم يكن الشك يساور تشرشل بأن ستالين سيجد كل هذه الأمور غير كافية، وهو ما حدث بالفعل، في 18 يوليو/تموز، طلب الزعيم السوفياتي من تشرشل فتح جبهة ثانية. طلبٌ سيتكرر لاحقا مرات ومرات، فقد كان ستالين يدرك أن لا شيء سيخفف من الضغط النازي عليه سوى فتح جبهة في شمال فرنسا وفي شمال القطب الشمالي، ذلك لأن جبهة شمالي فرنسا ستحقق هدفين، أولهما تخفيف الضغط على القوات الروسية، كما أنها ستمنع أي غزو لبريطانيا.
دخلت الحرب العام 1942 دون أن يفتح البريطانيون الجبهة الغربية، لكن أميركا كانت قد دخلت على خط الحرب منذ أقل من عام. كان روزفلت أكثر جدية في دعم الاتحاد السوفياتي من تشرشل، إذ لم يكتف بتقديم الدعم اللوجستي لموسكو، بل بدأ جنوده يشاركون في الحرب في عدد من المناطق، خصوصا في المغرب العربي، حيث شن الأميركيون هجوما بالتعاون مع البريطانيين على المغرب والجزائر.
كان الألمان يرغبون في التوسع في البلدين مستغلين عداء الشعوب هناك للمستعمر الفرنسي، كما شاركت القوات الأميركية في "تحرير" تونس من "الاحتلال" الألماني، وإن كان ستالين كثير التذمر من طول المعركة التي دامت 6 أشهر في بلد صغير مثل تونس.
في 26 يناير/كانون الثاني 1943، وصلت إلى ستالين رسالة من تشرشل تخبره بأن البريطانيين أجروا محادثات مع مستشاريهم العسكريين، وقرروا أن هناك عملية عسكرية سوف تنفذ بالشراكة مع الأميركيين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام نفسه. بعد تلك الرسالة سيقرر تشرشل تأجيل العملية لشهر سبتمبر/أيلول لعدد من الأسباب من بينها الطقس السيئ.
جاء وقع الخبر على ستالين أسوأ من الطقس الذي يخافه تشرشل، لأن الزعيم السوفياتي كان ينتظر أن تُفتح الجبهة الثانية خلال صيف العام 1943، لأنه رغم الهزائم التي تكبدها النازيون، حسب المعلومات المطروحة، فقد كانوا يستعدون لتجديد هجومهم في الصيف الثالث، فجدد ستالين طلبه فتح الجبهة في وقت أسرع مما يطرحه حلفاؤه.
بيد أن روزفلت كانت له أولويات أخرى، كما أنه تأخر في إرسال رجاله. هكذا سيخبر تشرشل الرجل الذي تناول معه عشاء سعيدا ذات يوم، جوزيف ستالين.
ليس هناك من داع للحديث عما حدث بعد ذلك، فتح الغربيون الجبهة الشمالية، وهزم الطقس والسوفيات هتلر، وانتهت الحرب، وانقسم العالم مكتسيا ببرودة الصقيع، لتندلع حرب أخرى باردة بين معسكرين: شرقي يقوده السوفيات، وغربي تتزعمه أميركا ومعها أوروبا.
سيف الحنين للماضي يغذي طموحات بوتين
في أواخر الثمانينيات، انهار جدار برلين ومعه كل الستار الحديدي بطريقة غير متوقعة، وليس هناك إجماع تاريخي حول أسباب السقوط الحقيقية. تخلى الاتحاد السوفياتي عن الدول الفسيفساء التي كانت تجعل منه إمبراطورية عظمى دون حتى أن تطلب مقابلا لذلك، ليتمخض الكيان الضخم عن ولادة 15 دولة جديدة مستقلة.
شكل هذا الانهيار مفاجأة للجميع، يقول وزير الخارجية الأميركي، هنري كيسنجر، إنه لم يحدث في التاريخ أبدا أن ذابت قوة عظمى بهذه الطريقة السريعة، دون أن يكون السبب هزيمة بالأسلحة.
حدث كل ذلك في عهد الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، الذي تلبّس بالعديد من الأفكار المختلفة عن أسلافه من الرؤساء، كما أنه كان تبنى أفكارا طوباوية وحالمة عن نوايا الغرب تجاهه هو وبلاده، بعد أن اختار بكامل قواه، أن يكون عزيز قوم ذل! كل ذلك تحت شعار غير واقعي، باسم المصالح المشتركة للبشرية والحياة على الأرض، وقراءة جيوسياسية متوهمة عن روسيا التي ستصير جزءا من الغرب.
لم يهتم غورباتشوف بإنهاء صفحة الاتحاد السوفياتي بطريقة سليمة، لم يعترف قانونيا بنهاية الحرب الباردة، ولم يضع أي هيكل أمني جديد ولم يضع أية قواعد جديدة للعهد القادم. توجه الرئيس السوفياتي الأخير نحو الغرب، وأهمل حلفاءه الشرقيين تماما لدرجة توديع موسكو لمجلس التعاون الاقتصادي لمنطقة أوروبا الشرقية ومنظمة حلف وارسو.
حمل الرئيس السوفياتي سيفا خشبيا وحارب من أجل روسيا أكثر تغريبا، مواجها مقاومة شديدة من النخب القديمة وأجهزة الأمن والجيش الذين حاولوا الانقلاب في أغسطس/آب 1991. وفي النهاية؛ انهارت الشيوعية كلها، أو جلها، وكان هذا هو "أكبر خطأ تاريخي حدث"، هكذا قال قيصر روسيا الحالي، فلاديمير بوتين.
ظل الحنين مسيطرا على الأجواء، يحتفي الإعلام الروسي حتى الآن بالزمن الذي مضى، بالانتصارات التي سطرها "الأبطال السوفيات" ضد النازيين، أصبح ستالين مع مرور الزمن أكثر بطولة وإلهاما، خصوصا مع الإنتاجات الفنية التي ظهرت في العامين 2014 و2015.
طغى هذا الحنين حتى باتت روسيا الحرب اليوم كأنها عذراء ثانية، وأضحت احتفالات التاسع من مايو/أيار (يحتفل الروس بنهاية الحرب في هذا التاريخ) كأنها طقوس دينية يغلب عليها تقوى الوطن وتقديس أراضيه، هذه القدسية والحنين دفعا بلا شك بوتين لاتخاذ ذلك القرار بغزو أوكرانيا، حينها انقطع الخيط الدقيق الذي كان مرهقا بتاريخ من العداوات بين روسيا والغرب، وأعلنت موسكو بسيف الحنين والبراغماتية السياسية والمصالح الجيوسياسية غزو أوكرانيا التي كانت تابعة لها ذات يوم، في محاولة لم تنجح بعد لتصحيح مسار التاريخ الروسي واستدراك ما أخطأ فيها غورباتشوف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، إنه لا مكان أفضل من الفاتيكان لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفي حين دعا الاتحاد الأوروبي واشنطن إلى فرض عقوبات على روسيا إن لم توافق على وقف إطلاق النار، اتهمت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا. وقال ترامب في تغريدة على منصته الإعلامية "تروث سوشال" إن "الفاتيكان، ممثلا بالبابا، صرّح بأنه سيكون مهتما جدا باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أنه أبلغ بذلك كلا من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب. وأشار إلى أنه أجرى اتصالا جيدا مع بوتين وسيرى كيف ستسير الأمور. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب يحاول إنهاء حرب دموية باهظة الثمن بين أوكرانيا وروسيا، لا يمكن لأي من الجانبين الفوز بها. وكان ترامب أعلن، أمس الاثنين، أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار"، بعد مكالمته مع بوتين الذي لم يوافق بعدُ على وقف الأعمال القتالية بلا شروط، كما تطالب به واشنطن وكييف. الموقف الأوروبي في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد يأمل في أن تتخذ الولايات المتحدة"إجراء قويا" في حال استمرّت روسيا في رفض وقف إطلاق النار بأوكرانيا. وتحدثت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي ببروكسل قائلة إن " الولايات المتحدة توعدت بحصول تبعات إذا لم تقبل روسيا وقفا غير مشروط لإطلاق النار، ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات". وقد تعهّدت واشنطن بـ"إجراء قوي" في حال استمرّت روسيا برفض وقف غير مشروط لإطلاق النار، حسب ما قالت كالاس، مذكّرة بأن أوكرانيا قبلت بهذه الهدنة، وأضافت هذا ما "نريد رؤيته من جانب كلّ الأطراف التي قالت إنها ستتحرّك بناء على مقتضى الحال". ومن جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، اليوم الثلاثاء، إن مشاركة الإدارة الأميركية في جهود تحقيق السلام بأوكرانيا "أمر إيجابي للغاية"، لكن يتعيّن استشارة الأوروبيين وأوكرانيا أيضا. وبدوره، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الرئيس الروسي بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا ، داعيا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو في مجال الطاقة. وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، إن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أكدت مرة أخرى أن روسيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات، مضيفا أن بوتين يتحدث فقط عن وقف إطلاق النار وفقا لشروطه، والتي تشمل تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنازلها عن الأراضي المحتلة، وغيرها من الأمور. وقال بيستوريوس "يبدو أن بوتين لا يزال يلعب على الوقت"، مضيفا أنه ليس من المتوقع التوصل إلى وقف إطلاق النار في ظل ظروف مقبولة للآخرين، مشيرا إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة بطائرات مسيرة تتحدث أيضا بلغة واضحة "لغة أكثر وضوحا من الكلام الفارغ الذي سمعناه حتى الآن". ونتيجة للتطورات الأخيرة، يعتقد بيستوريوس أنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يواصل توسيع دعمه العسكري لأوكرانيا وممارسة مزيد من الضغوط من خلال العقوبات، داعيا إلى توسيع التعاون مع صناعة الأسلحة الأوكرانية. وفيما يتعلّق بالعقوبات، قال بيستوريوس إن "الوسيلة الأكثر فعالية للعقوبات هي قطع تدفق الأموال بشكل أكبر"، مشيرا على وجه التحديد إلى "تدفق الأموال من مبيعات الطاقة"، مؤكدا ضرورة مواصلة العمل على ذلك.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
فورين بوليسي: كيف ستبدو الحرب المحتملة بين روسيا والناتو؟
قالت مجلة فورين بوليسي إن روسيا خططت لغزو أوكرانيا كحملة حاسمة لمدة ثلاثة أيام تطيح خلالها بالحكومة في كييف، ولكن هذا السيناريو لا يزال، بعد أكثر من ثلاث سنوات، حلما روسيا بعيد المنال. وأوضحت المجلة -في مقال بقلم الباحث فابيان هوفمان- أن الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تسارع إلى إعادة تسليح نفسها، استعدادا لمواجهة أي هجوم روسي على أحد أعضائه في غضون سنوات، بل ربما 6 أشهر من انتهاء الحرب في أوكرانيا، حسب مسؤولين دانماركيين. ومع أنه يصعب التوفيق بين الصورتين المرسومتين لروسيا، باعتبارها بلدا فشل في تحقيق طموحاته في أوكرانيا، ثم باعتبارها في نفس الوقت تهديدا وجوديا لحلف الناتو، فإن فهم هذه المفارقة يكمن في إدراك أن حربا بين الناتو وروسيا لن يكون الهدف منها الاستيلاء على أراض واسعة، بل تدمير التحالف ككيان سياسي وعسكري، ولن يتطلب ذلك هزيمة قوات الناتو في معركة مفتوحة والزحف نحو برلين، بل تدمير وحدة الناتو وعزيمته، مع رهان الكرملين على أن التحالف سيتصدع تحت الضغط. تمزيق تماسك الناتو السياسي وعلى عكس الدعاية الروسية العدوانية، تدرك النخب السياسية والعسكرية في موسكو أن روسيا ستخسر على الأرجح حربا تقليدية شاملة مع الناتو، حتى بدون تدخل الولايات المتحدة، وهي لذلك، ستسعى إلى تجنب حرب شاملة والتركيز على كسر إرادة التكتل. ولن يهدف أي هجوم روسي على الناتو في المقام الأول إلى تدمير القدرة الكلية للحلف على شن الحرب، بل سيركز على حملة قصيرة وعالية الكثافة مصممة لتمزيق التماسك السياسي للناتو. قد يبدأ هذا السيناريو بتوغل محدود في أراضي الناتو عند نقطة ضعف متصورة في واحدة أو أكثر من دول البلطيق، وبعد الهجوم الأولي قد تعلن روسيا أن أي محاولة لاستعادة المنطقة المحتلة ستشعل فتيل تصعيد نووي، وهي إستراتيجية يطلق عليها المحللون العسكريون اسم "التحصين العدواني". ومع أن صانعي القرار الروس لا يتوقعون استسلاما في جميع أنحاء الناتو، فقد يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرئيسيين في أوروبا الغربية، عند مواجهة عواقب حقيقية على أراضيهم، سيترددون ويمتنعون عن الدفاع عن شركائهم، علما أن أي تردد في الدفاع عن عضو في الناتو يعني الانهيار الفعلي للتحالف، وهو هدف روسيا الرئيسي وشرط تأكيد هيمنتها الإقليمية، حسب المجلة. غير أن التحرك الروسي يتطلب قوة هجومية سريعة قادرة على اختراق حدود الناتو، كما يتطلب قوات متابعة كافية لاحتلال جزء صغير، ولكنه ذو أهمية إستراتيجية من أراضي الناتو، ثم إلى قوات متحركة تقليدية للسيطرة على الأراضي والاحتفاظ بها. وتشير تقارير استخباراتية حديثة إلى أن روسيا تمكنت من حشد ما يكفي من الرجال ليس فقط لتغطية خسائرها القتالية، بل لتوسيع قواتها، كما يشير مسؤولون غربيون إلى أنها تنتج المزيد من المعدات والذخيرة بما في ذلك الدبابات الحديثة وقذائف المدفعية أكثر مما ترسله إلى الجبهة. وذكر الكاتب بأن روسيا تتمتع بوضع نووي جيد، بمخزون يقدر بحوالي ألفي رأس حربي غير إستراتيجي، إضافة إلى سلاح تقليدي يشمل إنتاج حوالي 1200 صاروخ كروز هجومي بري، و400 صاروخ باليستي قصير ومتوسط المدى، وأكثر من 6000 طائرة مسيرة بعيدة المدى سنويا، وهي تسعى لزيادة هذا الإنتاج. كيف يستعد الناتو؟ ومع أن شن هجوم روسي على أراضي الناتو يظل مستبعدا فإنه يجب على أوروبا الاستعداد للحرب التي يرجح أن روسيا تخطط لها، وهي حرب تختلف اختلافا كبيرا عن الصراع المطول الذي يتكشف الآن في أوكرانيا، حسب الكاتب. وأفضل طريقة لمواجهة حملة روسية قصيرة وعالية الشدة -حسب الكاتب- هي منع أي توغلٍ على الحدود، وهذا يتطلب وضعا دفاعيا أماميا موثوقا، وهو ما لا يزال الناتو يفتقر إليه، لأن تمكين الدفاع الأمامي يعني نقل المزيد من القوات والمعدات إلى خط المواجهة، ولكن الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى أماكن أخرى، ومن المحتمل أن تسحب تشكيلاتها القتالية من أوروبا. ولخلق ردع، يجب على الدول الأوروبية الاستثمار فيما يجعلها قادرة على هجوم مضاد، مع توضيح استعدادها للرد الفوري، بما في ذلك ضد البنية التحتية الحيوية الروسية، مع توضيح أنه لا يسعى إلى التصعيد النووي وأنه لن يرضخ للتهديدات النووية. وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من التهور عدم الاستعداد للحرب لمنع وقوعها في المقام الأول، لأن موسكو إذا واجهت الناتو سوف تستغل نقاط ضعفه وتلعب على نقاط قوتها.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يفرضان عقوبات جديدة على روسيا
فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اليوم الثلاثاء عقوبات جديدة على روسيا، وسط اتهامات غربية لموسكو برفض المبادرات الرامية لإنهاء الصراع في أوكرانيا. فقد اعتمد الاتحاد الأوروبي اليوم الحزمة الـ17 من العقوبات ضد روسيا، في خطوة هي الأوسع منذ بداية حربها مع أوكرانيا أواخر فبراير/شباط 2022. وتستهدف هذه الحزمة بشكل خاص 200 من سفن "أسطول الظل" الروسي لنقل النفط، بالإضافة إلى فرض عقوبات على شركات النفط، بهدف تقليص عائدات روسيا التي تمول حربها على أوكرانيا. كما فرضت الحزمة الجديدة قيودا على أكثر من 45 شركة وفردا يدعمون الجيش الروسي، بما في ذلك شركات من روسيا والصين وبيلاروسيا وإسرائيل، إضافة إلى إدراج 31 كيانا جديدا ضمن قيود تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج. وقالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عبر منصة "إكس" إنه يجري الإعداد لفرض المزيد من العقوبات على روسيا، مضيفة أنه كلما أطالت روسيا أمد الحرب ازداد الرد الأوروبي صرامة. وكانت بروكسل أقرت في فبراير/شباط الماضي الحزمة الـ16 من العقوبات على روسيا، وقد استهدفت أيضا عددا من سفن أسطول الظل الروسي لنقل النفط، بالإضافة إلى حظر على واردات الألمنيوم الروسي إلى الاتحاد الأوروبي. وهدد القادة الأوروبيون روسيا بعقوبات شاملة بسبب ما اعتبروها مماطلة من جانبها في الاستجابة لجهود تسوية الصراع مع أوكرانيا. 100 عقوبة إضافية من جهتها، أعلنت الخارجية البريطانية اليوم الثلاثاء عن 100 عقوبة جديدة ضد روسيا تستهدف "كيانات تدعم الآلة العسكرية الروسية، وصادرات الطاقة، وحرب المعلومات". وقالت الوزارة -في بيان- إن هذه العقوبات تعتبر جزءا من الجهود الدولية الرامية لإحلال سلام دائم في أوكرانيا. وكانت بريطانيا أعلنت أواخر فبراير/شباط الماضي عن فرض أكبر حزمة عقوبات ضد موسكو منذ عام 2022. وشملت تلك الحزمة شخصيات روسية بارزة توصف بأنها موالية للكرملين، والموارد المالية التي تدعم اقتصاد الحرب، وسلاسل إمداد الجيش الروسي. في غضون ذلك، قالت الخارجية الروسية اليوم تعليقا على عقوبات أميركية محتملة إن واشنطن تدرك عدم جدوى الضغط على روسيا. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ولا يزال يأمل في اتفاق ينهي الحرب فإنه كان هدد الشهر الماضي بفرض عقوبات جديدة على موسكو، كما هد بالانسحاب من الوساطة في حال عدم إحراز تقدم. من جانبها، دعت كييف مرارا إلى فرض عقوبات مشددة على روسيا في حال رفضت مقترحات التسوية، ومنها إرساء وقف لإطلاق النار يمهد لمفاوضات سلام.