
مفاوضات غزة وأوكرانيا.. رهانات خاسرة
بصرف النظر عما ستؤول إليه المفاوضات الراهنة والخاصة بملفي غزة والمفاوضات الأوكرانية- الروسية، فإن ثمة مؤشرات على أن الإدارة الأميركية لا تملك مقاربة حقيقية، وأن التحرك الأميركي يعتمد دبلوماسية تقليدية، وليست دبلوماسية واقعية تعتمد مبدأ الصفقة والتكلفة والعائد، والتي من المفترض أن تتحرك من خلالها الإدارة الأميركية وعناصرها التي جاءت للبيت الأبيض مع الرئيس الأميركي ترامب ولديهم تصور بتغيير إطار الدبلوماسية الأميركية العتيقة وأسلوبها البيرقراطي.
ومع ذلك وبعد مرور عدة أشهر من عمر ولاية ترامب، لم يتم تغيير أي رؤية أو مقاربة للتعامل مع الصراعات في العالم، واتجهت هذه الإدارة إلى العمل على جزئيات مرحلية في الأزمتين غزة/ أوكرانيا لتعقد مسارات التوصل لحلول أو وقف المواجهات الراهنة في ظل ما يجري من صراع ممتد تتواجد فيه أطراف عدة، وارتباطه بالسياق التي يجري فيه الصراع بدرجة أو بأخرى.
وفي ظل تنامي المواجهات، واتجاه كل طرف إلى القيام بإجراءات انفرادية حقيقية للتعامل بالنسبة لإسرائيل في غزة، وروسيا في أوكرانيا ما أدى إلى الدوران في حلقة مفرغة، ولهذا لم تستطع الإدارة الأميركية حتى الآن تفكيك أبعاد الصراع أو تجاوزه بصورة أو بأخرى في الفترة الراهنة.
ولكن الإشكالية الراهنة بالنسبة للإدارة الأميركية أنها عجزت حتى الآن في إقرار الحل أو فرضه على الأطراف المعنية لأسباب عدة، وهو ما يؤكد أن الإدارة الأميركية في حاجة إلى استراتيجية حقيقية وليس مجرد إجراء اتصالات حول مفاوضات قد تطول.
وبرغم بعض الرهانات بأن الرئيس الأميركي ترامب قد يتدخل ويحسم الأمر، وهو أمر مستبعد خاصة، وأنه سيطرح تساؤلات حول ما هو دور الولايات المتحدة فيما هو قادم من تطورات من بينها: هل ستشارك بقوة أمنية ضمن قوات دولية في غزة لتنفذ الإدارة الأميركية مشروعها المعلن في غزة؟ وهل يمكن أن تذهب الولايات المتحدة لإقرار ترتيبات أمنية في أوكرانيا بعد فصل القوات على الأرض؟ وكيف سيتم في ظل ما يجري من مواقف قد يشارك فيها أيضاً قوات أوروبية من حلف «الناتو» أو خارجه؟ هذه التساؤلات قد يفتح الباب أمام أخرى أكبر تتعلق بالدور الاستراتيجي والأمني للولايات المتحدة، أي عكس ما يدعو الرئيس ترامب الذي يريد وقف الصراعات الراهنة وفقاً لمقاربة قد تبدو حالمة في عالم جديد يتشكل على أسس ومقومات مختلفة ربما سيكون في مرحلة انتقالية، وفي اتجاه عالم متعدد الأقطاب سيكون له تأثيره الأكبر على السياسات الأميركية في العالم في الوقت الراهن والمنتظر.
لا تزال الإدارة الأميركية تتلمس خطواتها الحقيقية، وفي ظل خيارات صعبة ومعقدة لا تتماشى مع الطرح الخاص بالرئيس الأميركي ترامب، والذي يضطر للعودة إلى فكر الدبلوماسية الأميركية العتيقة لاعتبارات متعلقة بحدود الصراعات في العالم.
وإبرام الصفقات التجارية لا يمكن أن يكون صالحاً في الدخول في مفاوضات حول مستقبل الدول، وحياة شعوبها في ظل خطاب إعلامي وسياسي غير واقعي، وهو ما اتضح في جملة تصريحات الرئيس ترامب بشأن شراء غزة، وامتلاك الجذر وإدارة الممرات وغيرها من التصريحات التي تكشف عن عدم إلمام بالكثير من وقائع الأمور وخبرات الدول، وبقواعد القانون الدولي وغيرها من الثوابت والمعطيات التي تتعامل بها الأمم.
الإدارة الأميركية لن تكون قادرة على فرض الحلول من أعلى، سواء في ملف غزة، وكذلك المفاوضات مع إيران إضافة إلى ما يجري في تفاصيل المفاوضات الخاصة بالأزمة الروسية الأوكرانية التي دخلت منعطفاً مهماً للتوصل إلى حالة الهدنة المقترحة. الإدارة الأميركية الراهنة ليس لديها حلول سحرية، أو إمكانيات خلاقة للتعامل أو الحسم، وما يجري من محاولات أميركية يفهم في سياق البحث عن دور مركزي وموجه بناء على توجيهات الرئيس ترامب والداعية فعلياً إلى العمل وفق مقاربة متعجلة، وفقاً لتصوراته التي لم تتفهم هيكلية ومفصلية الصراعات في العالم عامة، وفي أزمتي غزة وأوكرانيا خاصة، وهو ما يتطلب مراجعة الإدارة الأميركية لنهج الحلول المقترحة.
الأمر يستوجب إدراك أن تفكيك عناصر الأزمات تباعاً سيؤدي إلى إمكانية التوصل لحلول، مع مراعاة أن أي تسوية/ حل لن يكون سهلاً، بل سيمضي في إطار من الخيارات الصعبة التي ستواجه إدارة ترامب في حال تمسكها بآليات التفاوض الحالي ما قد يعوق التوصل إلى حلول حقيقية متماسكة يمكن الارتكان عليها في أي تسوية، وهو ما ينطبق على الترتيبات المقبلة في غزة والتفاهمات الأمنية المقترحة في أوكرانيا، والتي قد تشارك فيها دول «الناتو»، وهو ما يجب تفهم أبعاده من قبل الإدارة الأميركية التي ستدرك أنها لا تملك عصا سحرية في فرض الحل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 13 دقائق
- الشرق الأوسط
تلفزيون: ترمب يتوعد ماسك بـ«عواقب وخيمة» إذا موَّل مرشحين ديمقراطيين
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مقابلةٍ أجرتها معه قناة «إن بي سي نيوز»، اليوم السبت، إنه ستكون هناك «عواقب وخيمة» إذا موَّل الملياردير إيلون ماسك مرشحي الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات ضد الجمهوريين الذين يصوّتون لصالح قانون ترمب الشامل لتخفيض الضرائب. ورفض ترمب، وفقاً لوكالة «رويترز»، الإفصاح عن هذه العواقب، في المقابلة، وأضاف أنه لم يجر مناقشات بشأن التحقيق مع ماسك. وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن علاقته بالرئيس التنفيذي لشركتيْ «تسلا» و«سبيس إكس» قد انتهت، أجاب ترمب: «أفترض ذلك، نعم». وانهار التحالف السياسي، الخميس، مع سِجال ناري هدّد خلاله الرئيس الأميركي بتجريد الملياردير من عقود ضخمة مبرمة مع الحكومة، بعدما وجّه ماسك انتقادات لمشروع قانون الميزانية الضخم، الذي يسعى ترمب إلى إقراره في الكونغرس. وقال ترمب، في تصريحات نقلها التلفزيون من المكتب البيضاوي: «خاب أملي كثيراً»، بعدما انتقد مُساعده السابق وأحد كبار مانحيه مشروع قانون الإنفاق المطروح أمام الكونغرس. ويصف الرئيس الأميركي المشروع بأنه «كبير وجميل»، في حين يقول ماسك إنه «يثير الاشمئزاز».


عكاظ
منذ 16 دقائق
- عكاظ
بعد 5 محاولات من اغتياله.. من هو أسعد أبو شريعة الذي قتلته إسرائيل؟
أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل قائد «حركة المجاهدين» أسعد أبو شريعة، في عملية مشتركة مع «الشاباك»، بعد تعرضه إلى أكثر من 5 محاولات اغتيال. وبحسب بيان لحماس، فقد قتل الأمين العام لـ«حركة المجاهدين» أبو شريعة مع أخيه والعشرات من عائلتيهما بعد اغتيالهما من قبل القوات الإسرائيلية في قصف استهدف حي الصبرة في قطاع غزة، السبت. وقبل حرب غزة وهجوم 7 أكتوبر، قُتل 5 أشقاء لأبو شريعة، بينما قتل في حرب غزة أكثر من 150 فردا من عائلته منهم زوجته وأبناؤه وإخوانه وأخواته وأبناؤهم وأعمامه وأبناؤهم، بحسب حماس. وحاولت إسرائيل سابقا استهداف أبو شريعة، إذ تعرض إلى أكثر من 5 محاولات اغتيال، كان أبرزها عام 2008، حين أصيب بجروح بالغة في قصف جوي. وبرر الجيش الإسرائيلي عملية استهداف أبو شريعة أنها جاءت انتقاما لإقدامه على قتل عائلة «بيباس» الإسرائيلية، ولكونه أحد المشاركين الرئيسيين في هجوم 7 أكتوبر، حيث أقدم على اختطاف العديد من الرهائن. وحمّل البيان الإسرائيلي، أبو شريعة، المسؤولية عن عمليات تجنيد مقاتلين فلسطينيين نفّذوا هجمات فردية أو جماعية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى التخطيط لمحاولة تنفيذ عملية في الداخل المحتل عام 1948. وخلال الحرب، شاركت «كتائب المجاهدين» تحت قيادته في تفعيل العمليّات ضد إسرائيل، والقتال ضد قوات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ووفق حماس، فقد خاض أسعد أبو شريعة على مدار ربع قرن العديد من المعارك ضد إسرائيل. أخبار ذات صلة ولد أبو شريعة في حي الصبرة، حيث اغتيل في فبراير عام 1977 لعائلة لاجئة من مدينة بئر السبع عام 1948، والتي تبعد عن قطاع غزة نحو 70 كيلومترًا. ووفق معلومات، حصل أبو شريعة على البكالوريوس في القانون من جامعة الأزهر في غزة، وعمل في القضاء والنيابة في القطاع عدة سنوات، قبل أن ينخرط في المجالين السياسي والعسكري. ومع انتفاضة الأقصى عام 2000، أسس أبو شريعة مع شقيقه الأكبر عمر أبو شريعة وشخصيات أخرى، كتيبة عسكرية حملت اسم «المجاهدين»، قبل أن تصبح لاحقا «كتائب المجاهدين». وبعد مقتل شقيقه عمر عام 2007، تولى أسعد قيادة التنظيم، الذي بات يُعرف باسم «حركة المجاهدين الفلسطينية» وذراعها العسكرية «كتائب المجاهدين»، وأعاد بناء التنظيم وتوسيعه ليشمل مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل. وخلال قيادته للتنظيم قام بتأسيس وحدة عُرفت باسم «وحدة داهم»، حيث قام بالتنسيق مع أحد الأسرى من الداخل الفلسطيني، وهو شحادة أبو القيعان، بتجنيده في صفوف الجيش الإسرائيلي، والذي عمل على جمع معلومات استخباراتية، وتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية. وانبثقت «حركة المجاهدين» من حركة فتح، وكان جناحها العسكري يعرف سابقا باسم «لواء جهاد العمارين»، قبل أن يقرر الأخوان أبو شريعة تأسيس تنظيم مستقبل وهو «حركة المجاهدين»، التي أصبحت ذراعها العسكرية عضوا في الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.


الشرق الأوسط
منذ 34 دقائق
- الشرق الأوسط
تراشق روسي ــ أوكراني حول تبادل الأسرى
تبادلت روسيا وأوكرانيا، أمس، اتهامات بتعطيل عملية تبادل أسرى من المقرر إجراؤها نهاية هذا الأسبوع، عقب ضربات روسية واسعة النطاق، طالت خاركيف خصوصاً، ثاني كبرى المدن الأوكرانية. وقال كبير المفاوضين الروس، فلاديمير ميدينسكي، على منصات التواصل الاجتماعي: «أرجأ الجانب الأوكراني بشكل غير متوقع، ولفترة غير محددة، تسلّم الجثث وتبادل أسرى الحرب». لكن «الهيئة الأوكرانية لتنسيق معاملة أسرى الحرب» قالت، في بيان، إنه لم يكن هناك موعد محدد لإعادة الجثث، وإن روسيا لا تلتزم المعايير المتفق عليها لتبادل أسرى الحرب. وفي واشنطن، يراهن مشرِّعون جمهوريون، يطالبون بتشديد الضغوط على روسيا، على نفاد صبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في ظل غياب أفق تسوية سلمية لحرب أوكرانيا.