logo
العملات الرقمية في مرمى العاصفة

العملات الرقمية في مرمى العاصفة

تشهد الأسواق المالية واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخها، حيث واصلت العملات الرقمية هبوطها العنيف خلال تعاملات مارس 2025، في ظل موجة ذعر عالمية ناتجة عن التوترات الاقتصادية، واضطرابات الأسواق التقليدية، والمخاوف المتزايدة من ركود عالمي محتمل، وقد أدى هذا التراجع الحاد إلى انخفاض البيتكوين إلى أكثر من 15 % خلال الفترة، في وقت تتزايد فيه الشكوك حول مستقبل العملات الرقمية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. ورغم بعض بوادر التفاؤل، فإن الأسواق لا تزال تتفاعل بقوة مع الأخبار السلبية؛ ما يدفع بأسعار العملات الرقمية إلى المزيد من التقلبات العنيفة.
2009: ولادة البيتكوين وبداية الثورة المالية
بدأت ثورة العملات الرقمية مع إطلاق البيتكوين بالعام 2009 على يد شخصية غامضة تُعرف باسم ساتوشي ناكاموتو، حيث قُدم كعملة لا مركزية تهدف إلى تحرير النظام المالي من سيطرة البنوك المركزية. لم يكن أحد يتوقع أن هذه العملة، التي كانت تُباع مقابل أقل من دولار واحد في البداية، ستصبح لاحقًا أكبر أصل رقمي في العالم.
2017: الصعود الكبير والانفجار الإعلامي
شهد العام 2017 قفزة هائلة في سعر البيتكوين، حيث تجاوز حاجز 20,000 دولار لأول مرة، ما جذب اهتمامًا عالميًّا واسعًا، إلا أن هذه الطفرة تلاها انهيار حاد في 2018، حيث فقد البيتكوين أكثر من 80 % من قيمته بسبب المخاوف التنظيمية والتقلبات الحادة في السوق.
2021 - 2022: القمة والانهيار مجددا
في نوفمبر 2021، حققت البيتكوين أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 69,000 دولار، مدعومة بموجة من الاستثمارات المؤسسية والاعتراف المتزايد بالأصول الرقمية. لكن سرعان ما تعرضت السوق لضغوط هائلة بسبب تشديد السياسات النقدية من قبل البنوك المركزية؛ ما أدى إلى سقوط البيتكوين إلى مستويات دون 20,000 دولار في 2022.
2024 - 2025: قمم جديدة وتحديات متزايدة
مع بداية 2024، استعادت البيتكوين زخمها مدفوعًا بتزايد التبني المؤسسي، حيث تجاوزت حاجز 100,000 دولار لأول مرة. لكن التقلبات الاقتصادية والسياسات النقدية الصارمة أدّت إلى عودة الأسواق الرقمية إلى مرحلة اضطراب جديدة في 2025، حيث تكافح العملات الرقمية للحفاظ على مكاسبها وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية.
إعلان ترامب عن الاحتياطي الاستراتيجي للعملات المشفرة.. خطوة جريئة أم مقامرة؟
في خطوة غير مسبوقة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إنشاء احتياطي استراتيجي للعملات المشفرة، في محاولة لدعم هذا القطاع الذي يعاني تذبذبات حادة. في البداية، قوبل القرار بتفاؤل واضح، حيث ارتفعت العملات الرقمية بشكل طفيف على أمل أن تؤدي هذه الخطوة إلى استقرار الأسعار وتعزيز الاعتراف الحكومي بالأصول الرقمية. لكن سرعان ما انهارت الأسواق مجددًا بعد أن أدرك المستثمرون أن هذا الإجراء قد لا يكون كافيًا لمواجهة التحديات الاقتصادية الضخمة التي تعصف بالسوق.
كيف تتفاعل البنوك المركزية مع العملات الرقمية؟
مع النمو السريع للعملات الرقمية، وجدت البنوك المركزية نفسها في موقف معقد، حيث انقسمت السياسات بين القبول والحظر والمنافسة.
الصين: حظر صارم وهيمنة 'اليوان الرقمي'
تُعد الصين واحدة من أشد الدول رفضًا للعملات المشفرة، حيث فرضت حظرًا شاملًا على التعدين والتداول منذ 2021، واستبدلت ذلك بتطوير اليوان الرقمي، وهي عملة رقمية مدعومة من الحكومة تسعى لمنافسة العملات المشفرة الخاصة.
الولايات المتحدة وأوروبا: الحذر والتنظيم
على الرغم من وجود استثمارات ضخمة في العملات الرقمية داخل الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أن البنوك المركزية لم تتبناها بالكامل، بل اتجهت إلى تشديد اللوائح وتطوير عملات رقمية وطنية مثل الدولار الرقمي واليورو الرقمي.
السلفادور: البيتكوين كعملة رسمية
في خطوة ثورية، أصبحت السلفادور أول دولة في العالم تعتمد البيتكوين كعملة قانونية في 2021، على أمل تعزيز اقتصادها الرقمي وجذب الاستثمارات. ورغم المخاطر، تواصل الحكومة تعزيز خططها في هذا الاتجاه.
أداء البيتكوين والأسهم المرتبطة في ظل الانهيار الحالي
مع تصاعد المخاوف الاقتصادية، فقد البيتكوين من قيمته السوقية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، متراجعًا إلى 80,000 دولار، وسط موجة بيع مكثفة من المستثمرين القلقين بشأن مستقبل السوق.
سهم ينهار بأكثر من 20 % Coinbase (COIN)
لم يقتصر التأثير السلبي على العملات الرقمية فقط، بل امتد إلى الأسهم المرتبطة بها، حيث سجل سهم Coinbase (COIN) انخفاضًا بأكثر من 20 %، متأثرًا بانخفاض أحجام التداول وتراجع ثقة المستثمرين في السوق.
تباين في الآراء.. هل هذه نهاية العملات الرقمية أم فرصة تاريخية؟
الرأي المتشائم: المزيد من التراجع قادم
يرى بعض المحللين أن الأسواق الرقمية لم تصل بعد إلى القاع، متوقعين مزيدًا من التراجعات في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة، وزيادة التدخلات التنظيمية من الحكومات والانضباطات المالية.
الرأي المتفائل: فرصة شراء ذهبية قبل الصعود
على الجانب الآخر، يعتقد المتفائلون أن الأسعار الحالية تمثل فرصة نادرة للشراء قبل انتعاش الأسواق مجددًا، مدعومين بتاريخ العملات الرقمية الذي يظهر أنها تمر بدورات من الصعود والهبوط قبل تحقيق قمم جديدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف يؤثر قرار ترامب الجمركي على الهواتف الذكية في البحرين ودول الخليج؟
كيف يؤثر قرار ترامب الجمركي على الهواتف الذكية في البحرين ودول الخليج؟

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

كيف يؤثر قرار ترامب الجمركي على الهواتف الذكية في البحرين ودول الخليج؟

في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن، الجمعة، عبر منصة Truth Social، عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25 % على أجهزة 'أبل' و 'سامسونج' إذا لم تُصنع داخل الولايات المتحدة، ابتداء من نهاية يونيو. هذه الخطوة تهدف، بحسب ترامب، إلى 'إعادة الوظائف إلى الداخل الأميركي' و 'تشجيع التصنيع المحلي'، لكنها تحمل في طيّاتها تداعيات عالمية أوسع، خصوصا على أسعار الهواتف الذكية في العالم، ومن ضمنه الوطن العربي. تأثير مباشر على الأسعار عالميا الشركتان العملاقتان، 'أبل' و 'سامسونج'، تعتمدان بشكل كبير على خطوط إنتاج في دول آسيوية مثل الصين، فيتنام، والهند، حيث تتوفر اليد العاملة والتجهيزات بتكلفة أقل. وفرض رسوم بهذا الحجم على منتجاتهما التي تدخل السوق الأميركية سيزيد التكاليف بشكل كبير؛ ما سيدفع الشركتين إلى خيارين لا ثالث لهما: إما نقل التصنيع إلى الداخل الأميركي، وهي عملية طويلة ومكلفة، أو تحميل التكلفة للمستهلك النهائي عبر رفع الأسعار. وبما أن السوق الأميركية تمثل حصة ضخمة من أرباح الشركتين، فإن التأثير على الأسعار لن يكون محليًا فحسب، بل سيمتد إلى الأسواق العالمية؛ بسبب إعادة هيكلة التسعير للحفاظ على هامش الربح. وهذا يعني أن الأسعار قد ترتفع حتى في دول لا تشملها هذه الرسوم، بما فيها دول الخليج ومناطق أخرى في الوطن العربي. كيف تتأثر دول الخليج العربي، والبحرين خصوصا؟ دول الخليج تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد الهواتف الذكية، ومعظمها من 'أبل' و 'سامسونج'، وارتفاع أسعار الهواتف الجديدة بسبب الرسوم سيؤدي إلى: - ارتفاع أسعار أجهزة 'آيفون' و 'جالاكسي' في الأسواق الخليجية، خصوصًا الطرازات الرائدة مثل 'iPhone Pro' و 'Galaxy S Ultra'. - انخفاض القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من المستخدمين؛ ما يدفعهم إما لتأجيل الشراء أو الاتجاه نحو الهواتف المتوسطة والاقتصادية. - زيادة الإقبال على بدائل من شركات صينية مثل 'شاومي'، 'أوبو'، و 'ريلمي'؛ ما قد يؤدي إلى تغيّر تركيبة السوق الخليجية والبحرينية، وتراجع هيمنة 'أبل' و 'سامسونج' على المدى المتوسط. القرار يأتي في وقت ما تزال فيه سلاسل التوريد العالمية هشة بعد جائحة كورونا وحرب أوكرانيا؛ ما يعمّق حالة عدم اليقين في الأسواق التقنية، كما أن إعادة توجيه خطوط الإنتاج ستأخذ وقتا طويلا، وقد ينعكس ذلك على توافر الأجهزة الجديدة ومواعيد إطلاقها، وبالتالي على مبيعات المنطقة العربية التي غالبًا ما تستقبل الأجهزة بعد أسابيع من صدورها العالمي. إذا استمرت هذه السياسات الحمائية الأميركية، فإننا أمام مرحلة إعادة رسم خريطة التصنيع العالمي في مجال التكنولوجيا، الأمر الذي سيكون له أثر مباشر على وتيرة الابتكار، وتكلفة التقنية، وانتشارها في الأسواق الناشئة مثل الوطن العربي. وفي هذا السياق، على المستوردين والموزعين العرب أن يراقبوا من كثب هذه التطورات، ويتجهوا إلى تنويع العلامات التجارية، وربما التفكير في دعم صناعة تقنية محلية أو إقليمية على المدى البعيد؛ للتقليل من الارتباط بالقرارات الخارجية.

'بوينغ': تسوية بـ 1.1 مليار دولار لتفادي 'قضية تحطم طائرتين'
'بوينغ': تسوية بـ 1.1 مليار دولار لتفادي 'قضية تحطم طائرتين'

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

'بوينغ': تسوية بـ 1.1 مليار دولار لتفادي 'قضية تحطم طائرتين'

توصلت وزارة العدل الأميركية إلى اتفاق مع شركة بوينغ، يسمح للشركة بتفادي الملاحقة الجنائية بشأن مزاعم مرتبطة بتحطم طائرتين من طراز '737 ماكس'، وفقًا لوثائق قضائية. وقالت الوزارة إنه بموجب الاتفاق، الذي لم يتم الانتهاء منه بعد، ستدفع شركة صناعة الطائرات الأميركية أو تستثمر أكثر من 1.1 مليار دولار، بما في ذلك مبلغ إضافي قيمته 444.5 مليون دولار لأسر ضحايا الحادث. وكان الحادثان اللذان وقعا في أكتوبر 2018 ومارس 2019، قد أسفرا عن مقتل 346 شخصًا. وقالت وزارة العدل الأميركية، إن بعض أسر الضحايا تؤيد التسوية، لكن تعهدت أسر أخرى بمعارضتها عبر الإجراءات القانونية. يُشار إلى أنه وقت وقوع الحادث، تجنبت شركة بوينغ الملاحقة القضائية عبر التعهد بتطبيق برنامج 'الامتثال والأخلاقيات'، ودفعت أيضًا غرامة قيمتها 243.6 مليون دولار بالإضافة إلى 500 مليون دولار لأسر الضحايا.

بزنس الهيدروجين الأخضر
بزنس الهيدروجين الأخضر

الوطن

timeمنذ 4 ساعات

  • الوطن

بزنس الهيدروجين الأخضر

تشغل دول الخليج العربي مكانة متقدمة ضمن قائمة الدول المنتجة والمصدرة للهدروجين عالمياً، وسط رهانات على اتّساع حجم تجارة الهيدروجين مع زيادة الإنتاج واتّساع نطاق استعمالاته في قطاعات الصناعة والنقل وغيرها، وتسجل هذه التجارة زيادة سنوية وصلت لـ 71% في العام 2024 مقارنة بالعام 2023، مع إجمالي صفقات بـ 300 مليون دولار سنويا بحسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" (IRENA). وشهدنا في الآونة الأخيرة زيادة في النماذج الناجحة على التقدم نحو جعل الخليج مركزاً لتجارة وإنتاج الهيدروجين، فقد وقّعت عُمان مؤخراً اتفاقيات اقتصادية مع هولندا في مجال الهيدروجين المُسال وتطوير البنية الأساسية لنقل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون عبر خطوط الأنابيب، لإنشاء أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم يربط عُمان وهولندا وألمانيا، كما وقّعت المملكة العربية السعودية وألمانيا مذكرة تفاهم "الجسر السعودي ـ الألماني للهيدروجين الأخضر"، فضلاً عن أن دولة الإمارات تستحوذ على 25% من سوق الهيدروجين العالمي في عام 2030 وهي تمتلك أول محطة في الشرق الأوسط لإنتاج الهيدروجين الأخضر. وتضع مملكة البحرين خطوات ثابتة نحو التحول إلى لاعب رئيسي في سوق الهيدروجين، فتطوير هذه الصناعة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بخطة الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، كما يتوافق هذا المسار مع استراتيجيات الطاقة المتجددة التي تهدف إلى توفير احتياجات الكهرباء من مصادر نظيفة. ومع الاستثمارات الكافية ستتمكن البحرين من التحول إلى مصدر عالمي للطاقة النظيفة، مع ما تملكه من موقع استراتيجي بين الأسواق الكبرى، وخبرة طويلة في صناعة الطاقة، وبيئة أعمال جاذبة للاستثمار الأجنبي، وكوادر بشرية مؤهلة في القطاع النفطي والصناعي، وهذا التحوّل لن يحقق فقط الأهداف البيئية، بل سيوفر آلاف الوظائف الجديدة، ويجذب استثمارات نوعية لتعزيز التنوع الاقتصادي. دراسة لشركة "ديلويت" توقعت أن تتمكن منطقة الشرق الأوسط وتحديداً دول الخليج العربي من تصدير نصف إنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وعلى الرغم من أن دول شمال إفريقيا وأستراليا الأقوى والأوسع إنتاجاً، لكن دول الخليج ستكون في موضع الصدارة بحلول عام 2050 بحسب الدراسة. ودول الخليج قادرة على تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات في هذا المجال، فالمنطقة الخليجية لديها ارتباط قوي مع الاقتصادات المتقدمة في أوروبا، وتوفر شبكة الموانئ والبنية التحتية لخطوط الأنابيب للمنطقة إمكان الوصول إلى الأسواق سريعة النمو في آسيا وإفريقيا. في الواقع، يكتسب الهيدروجين زخماً متزايداً في دول مجلس التعاون الخليجي، خاصةً وأنها تسعى إلى وضع استراتيجيات وطنية تهدف إلى تطوير سوق الهيدروجين في المنطقة وتأهيل نفسها لتصدير الهيدروجين في المستقبل، إذ تتمتع المنطقة بالعديد من المزايا التنافسية التي تمكّنها من أداء دور رئيس حتى في اقتصاد الهيدروجين الأخضر العالمي، فلديها مقومات تجعلها سبّاقة في مجال إنتاج الهيدروجين، علاوةً على تمتعها بدرجة سطوع شمسي عالمي مرتفع، وتشهد العديد من المواقع في جميع أنحاء المنطقة ظروف رياح قوية ومتّسقة لإنتاج كهرباء متجددة موثوقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store