
قمة مجموعة السبع.. قنبلة دخان غطّت التراجع والخلافات
بات واضحاً أن إدارة الرئيس الأمريكي الحالية تتخذ مساراً مختلفاً وبكثير من الأحيان متناقضاً مع مسار وتوجهات الأوروبيين، ومن بين مواضيع الخلاف الأبرز: الموقف من روسيا، والدفع نحو إنهاء الحرب الأوكرانية، وفرض الرسوم الجمركية العالية، والسيطرة على كندا وغرينلاند، وأخيراً الحرب الإيرانية- «الإسرائيلية».
لعل أول موقف يعكس حجم الهوّة بالجانب الاستراتيجي الأوسع، هو حديث الرئيس ترامب عشيّة بدء اجتماعات القمة، أنه كان من الخطأ استبعاد روسيا من المجموعة في 2014، حينما كانت تسمى مجموعة الثمانية الكبار، مع ما يترتب على هذا الموقف العام من تباينات في المسائل الأخرى الفرعية... ورغم عدم تطرق الحاضرين للقضايا الخلافية مباشرةً، وتجنّبها، إلا أنها معروفة بطبيعة الحال، وأفضت في نهاية المطاف لانتهاء الاجتماعات دون صدور بيان ختامي رسمي مشترك، وتمّ التذرع برحيل ترامب المفاجئ قبل يوم واحد كسبب حال دون ذلك، بينما يرى آخرون أن هذا الرحيل المفاجئ كان مناورة أمريكية لهذا الهدف دون إعلان الخلافات.. وقد صدرت عدة بيانات منفردة، وملخص مشترك.
حصيلة القمة
دعم أوكرانيا بمساعدات مالية عسكرية بقيمة ملياري دولار، وقروض بقيمة 2.3 مليار دولار، ومساعدات أمنية بقيمة 57.4 مليون دولار، دون وضوح في كيفية ومواعيد تقديم هذه المساعدات، كما تم الإعلان فرض عقوبات جديدة على روسيا، وهو ما ردت عليه موسكو بأنها غير مؤثرة.
وحول «إسرائيل»، دعا المجتمعون لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، وخفض تصعيد في المنطقة وسط الحرب الجارية مع إيران، مؤكدين وقوفهم و«تضامنهم» مع إسرائيل و«حقها في الدفاع عن النفس»، مؤكدين عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، وهو أمر لم تسعَ إليه إيران قبل الحرب على أيّ حال.
وتم الحديث حول مسائل الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود وغيرها من المسائل، إلا أن أهم ما في القمّة، فيما يبدو، هو الإعلان عن «تحالف إنتاج المعادن الأساسية» بقيادة كندا، يهدف لتأمين سلاسل التوريد من المعادن الأساسية والنادرة للصناعات المتقدمة والثقيلة وأهمها الدفاع.
الإعلان السابق– خاصة وأنه بقيادة كندا– ربما يكون محاولة لتخفيف حدة ورغبة ترامب بضمّها كـ «ولاية جديدة» للولايات المتحدة، ومن جهة أخرى محاولة استمالة من القادة الأوروبيين عموماً للولايات المتحدة، حيث أن السبب الرئيسي لحديث ترامب وتوجهه لكندا وغرينلاند هو بالضبط ثرواتهما من المعادن النادرة، وأنهما نقطة انطلاق من الناحية الجغرافية للقطب الشمالي، للهدف نفسه. لكن من المهم الإشارة أن توجّهاً من هذا النوع يأتي متأخراً، إذا لا يملك الغرب البنية التحتية اللازمة لإنتاج وتنقية المعادن النادرة بالكمية المطلوبة، ولا يمكن الآن منافسة الصين ضمن آجال زمنية قصيرة، ما يجعل هذا الإعلان، أشبه بإعلان نوايا لن يؤثر على الواقع الحالي.
ولم يكن للقمة وزن وصدى حقيقي هذه المرة، حيث أديرت بشكل محدد يخفف من إظهار حجم الخلافات والمشاكل بين الدول الأعضاء، وتغطية هذا الأمر بدخان خروج ترامب المفاجئ... لتكون الإشارة الواضحة، هي تراجع وزن هذه المجموعة، وتصدْعها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 33 دقائق
- سعورس
حرب إسرائيل وإيران.. مأزق الحسابات الخاطئة
إذ يبدو أنه على الرغم من تفوّق إسرائيل العسكري، المدعوم بمساعدات أميركية سنوية تصل إلى 3.8 مليارات دولار، إلا أن تل أبيب تواجه استنزافًا ربما لم يكن في حساباتها. وفي هذا السياق يشير تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، إلى أن منظومة "القبة الحديدية" أطلقت أكثر من 12 ألف صاروخ اعتراضي منذ بدء التصعيد، بتكلفة تقدّر بحوالي 50 ألف دولار للصاروخ الواحد، أي ما يزيد على 600 مليون دولار إجمالًا. وفي المقابل، تعتمد إيران على صواريخ من صناعتها المحلية، وعلى طائرات مسيّرة منخفضة التكلفة، مثل "شاهد-136"، التي لا تتجاوز كلفتها 40 ألف دولار، مما يشكّل ضغطًا واضحًا على الدفاعات الإسرائيلية. ومع ذلك تبيّن تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) أن إيران استهلكت حوالي 40 % من ترسانتها الباليستية في الأسبوع الأول. وهذا الاستنزاف المتبادل سيجعل الحرب الطويلة منهكة ومكلفة بشكل لا يُحتمل لكلا الطرفين. على المستوى السياسي والعسكري، تعتمد إسرائيل بشكل كبير على الدعم الغربي، لكن هذا الدعم يواجه تحديّات تحت وطأة الضغط الأخلاقي للرأي العام العالمي الناجم عن آثار حرب إسرائيل الوحشيّة على غزّة. ويُظهر استطلاع أجرته Economist/YouGov في يونيو 2025، أن 62% من الأوروبيين و49% من الأميركيين يرون إسرائيل منتهكة لحقوق الإنسان. أمّا في إيران ، فالوضع مُستفحل من جرّاء آثار العقوبات الاقتصادية والحرب، حيث بلغ التضخم 43.3% في يونيو 2025 وفقًا لصندوق النقد الدولي، مع تراجع صادرات النفط إلى أقل من 900 ألف برميل يوميًا، حسب رويترز، وهذا سيولّد مزيدًا من الضغط الشعبي. كما أن طهران تواجه عقبات لوجستية بسبب تدمير منشآت تصنيعها، مما سيُضعف قدرتها على مواصلة الحرب. إقليميًا، تثير هذه الحرب المخاوف من امتداد الصراع إلى الممرات البحرية وتأثيراته المحتملة، وقد تسبّب التصعيد بوضعه الحالي في ارتفاع أسعار النفط بنسبة 11%، ليستقر عند 78 دولارًا للبرميل في النصف الثاني من يونيو 2025، مع تحذيرات من ارتفاعه إلى أكثر من 100 دولار إذا ما أُغلق مضيق هرمز، زد على ذلك تكاليف الشحن والتأمين التي ارتفعت بنسبة 15%. من جهة أخرى يأتي العناد والمكابرة سدًّا أمام الحلول والتسويات، فإسرائيل، بقيادة نتنياهو، ترى في الحرب فرصة لإعادة تشكيل قواعد الاشتباك والتموضع الاستراتيجي في المنطقة، لكن مؤشرات الثقة بالحكومة انخفضت بنسبة 60%، وفقًا لاستطلاعات إسرائيلية. وفي إيران ، تأتي الكرامة الوطنية حائلًا دون التسوية على الرغم من الضغط الشعبي والاقتصادي والضربات الإسرائيلية المتواصلة. وهكذا تتراءى هذه الحرب منذ بدايتها محكومة بمأزق الحسابات الخاطئة لكلا الطرفين. فإسرائيل، التي راهنت على ضربة استباقية لشلّ إيران ، تجد نفسها في استنزاف عسكري واقتصادي، وإيران ، التي لا مناص لها من ردع إسرائيل، تواجه أزمات غياب الحلفاء مع أزمات داخلية متعدّدة ونقصًا في الإمدادات. أما أرض فلسطين التي شهدت أكثر من 100 حرب كبرى عبر تاريخها، فلن تكون هذه الحرب سوى رقم آخر في سجلّ من لا يعتبرون من التاريخ. * قال ومضى: لا عجب فكلُّ حرب تلتهب.. وقودها ثياب جلّاب الحطب.

سعورس
منذ 33 دقائق
- سعورس
طوكيو وسول تحتفلان بمرور60 عاما على العلاقات
يتولى الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي ميونج، السلطة في لحظة حساسة. فبينما يسعى إلى إعادة رسم سياسة خارجية متوازنة، تبدو العلاقات مع طوكيو واحدة من أبرز الملفات التي يتعين عليه التعامل معها بعناية. وعلى الرغم من تعهده بنهج براجماتي، فإن خلفيته الليبرالية وانتقاداته المستمرة للماضي الإمبريالي لليابان تشكلان تحديًا لمسار التقارب. وعلى الرغم من التزام لي العلني بالبراغماتية، يواجه ضغطًا شعبيًا متزايدًا مع اقتراب ذكرى التحرر من الاستعمار في 15 أغسطس، وهي مناسبة غالبًا ما تشهد خطابات حادة تعيد فتح ملفات الماضي. ويأمل البعض أن تبادر طوكيو بخطوة تصالحية، عبر بيان رسمي يعبر عن الندم، لتثبيت التقارب الهش. منظور طوكيو في المقابل، يبدي رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا رغبة حقيقية في تعزيز العلاقات، معترفًا بالعدوان الياباني التاريخي، ومظهرًا تعاطفًا أكبر مع الضحايا الآسيويين مقارنةً بسابقيه. ولقاؤه الأول مع لي، الذي جرى على هامش قمة مجموعة السبع، كان إيجابيًا من حيث الشكل، لكنه لم يبدد تمامًا مخاوف طوكيو من عودة سياسات المواجهة التي طبعت الحكومات الكورية الليبرالية السابقة. وقد تناولت المحادثات ملفات الأمن الإقليمي، وعلى رأسها التهديدات النووية من كوريا الشمالية ، إلى جانب التعاون الاقتصادي في مواجهة التحديات الدولية. وأكد إيشيبا، في خطاب ألقاه خلال حفل رسمي في طوكيو ، أن مستقبل العلاقات «واعد»، داعيًا إلى العمل المشترك لمواجهة الأزمات الديموغرافية والانكماش الاقتصادي. إلا أن اليابان ، وعلى الرغم من استعدادها النسبي للحوار، لا تزال مترددة في تقديم اعتذارات جديدة أو إعادة فتح الملفات التاريخية، مشيرة إلى أن معاهدة 1965، التي قدمت بموجبها طوكيو مساعدات مالية بقيمة 500 مليون دولار، قد سوت جميع المطالب المتعلقة بالحرب. التحدي الأمريكي المشترك وبعيدًا عن الجدل التاريخي، يواجه البلدان تحديًا مشتركًا في السياسات التجارية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث أثارت الرسوم الجمركية المقترحة على واردات السيارات قلقًا كبيرًا لدى سيول وطوكيو ، نظرًا لاعتماد اقتصادهما على التصدير. ودعت صحيفة «هانكيوريه» الكورية الجنوبية إلى تعاون فوري لمواجهة تلك السياسات، بينما شددت صحيفة «يوميوري» اليابانية على أهمية توحيد المواقف لمجابهة التهديدات المشتركة، سواء الأمنية في المنطقة أو الاقتصادية على المستوى العالمي. أبرز نقاط التباين والقلق في العلاقات: • الإرث الاستعماري: لا تزال ملفات مثل العمل القسري و«نساء المتعة» تشكل جراحًا مفتوحة في الذاكرة الكورية، وتعرقل التطبيع الكامل. • تغير القيادة السياسية: انتقال السلطة في سيول إلى رئيس ليبرالي يثير قلقًا في طوكيو من العودة إلى خطابات المواجهة. • مواقف اليابان من الاعتذارات: طوكيو ترى أن معاهدة 1965 أنهت الملف، بينما تصر سيول على خطوات جديدة أكثر وضوحًا. • التحديات الإقليمية المشتركة: الملف النووي الكوري الشمالي وتنامي النفوذ الصيني يفرضان ضرورة التنسيق. • الرسوم الأمريكية: السياسات التجارية لترمب تشكل ضغطًا على البلدين، وتدفع باتجاه تنسيق اقتصادي وثيق. • الرأي العام الداخلي: الحساسية التاريخية لدى الشعبين تحد من قدرة الحكومات على اتخاذ قرارات تصالحية جريئة.

سعورس
منذ 33 دقائق
- سعورس
شريان الطاقة على حافة الخطر
والقرار لا يزال في انتظار المصادقة النهائية من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ، والذي يُتوقع أن يصدر موقفه الرسمي خلال الساعات القادمة، بحسب ما نقلته قناة «برس تي في» الرسمية. الضربات الأمريكية وقال اللواء إيميل كوساري، القيادي في الحرس الثوري الإيراني ، إن «الرد الإيراني الكبير سيأتي في اللحظة التي تراها طهران مناسبة»، مشيرًا إلى أن طهران لا تعتبر نفسها ملزمة بضبط النفس بعد الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشأة فوردو النووية وموقعين آخرين، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. تهديد مباشر ويمثّل مضيق هرمز نقطة اختناق بحرية بالغة الحساسية، إذ لا يتجاوز عرضه 20 ميلا في أضيق مناطقه، بينما تقلص الممرات الملاحية الفعلية فيه إلى أقل من ميلين في كل اتجاه، ما يجعله شديد الهشاشة أمام أي عمليات استهداف، سواء بالصواريخ الساحلية أو الألغام أو القوارب السريعة. وفي حال تنفيذ قرار الإغلاق فعليًا، فإن تأثيره المباشر سيُترجم في تعطيل شحنات نفطية تقدر بمليار دولار يوميًا، ما ينذر بارتفاع حاد في أسعار النفط على مستوى العالم، ويهدد الأمن الاقتصادي لعدد من الدول. خلفية التصعيد والتصعيد في مضيق هرمز يأتي بعد ساعات من غارات أمريكية كثيفة استهدفت منشآت نووية محصنة تحت الأرض في إيران ، في عملية وُصفت بأنها الأكبر منذ بدء النزاع النووي، وأعقبت هجمات إسرائيلية واسعة على البنية التحتية العسكرية الإيرانية. وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية تدميرًا شبه كامل للجبال التي كانت تحمي منشأة فوردو، ما يمثل تحولًا كبيرًا في سياسة الردع الأمريكية. وتُعد هذه أول مرة تُستخدم فيها قنابل خارقة للتحصينات في هجوم مباشر، وسط تحذيرات أممية من «خطورة النهج الأمريكي»، وفق ما صرّح به وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. سوابق التهديد الملاحي ولا تعد هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها إيران ورقة الملاحة كورقة ضغط؛ ففي أبريل 2024، احتجزت طهران سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل، متهمة إياها بخرق القوانين البحرية، وفي العام 2023 احتجزت ناقلة نفط كانت متجهة للولايات المتحدة ، في حين سبق لها احتجاز ناقلتين يونانيتين في مايو 2022 ردًا على مصادرة شحنات نفط إيرانية. تبعات القرار ومن المرجح أن يتحمل الاقتصاد الآسيوي العبء الأكبر من أي إغلاق محتمل للمضيق، في ظل اعتماد الصين والهند بشكل مباشر على نفط الخليج. ومن المفارقات أن خطوة الإغلاق، رغم تهديدها للخصوم، قد ترتد سلبًا على الاقتصاد الإيراني نفسه، خصوصًا في ظل العقوبات وتراجع صادرات النفط الرسمية. وتخشى الأسواق العالمية من أن يقود إغلاق المضيق إلى صدام عسكري واسع، يعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة، ويغلق فعليًا واحدًا من أهم شرايين الطاقة العالمية. وبينما تواصل الولايات المتحدة حشد موقف دولي داعم لعملياتها، تجد طهران نفسها في مواجهة خيارين أحلاهما مُر: التصعيد بمخاطر اقتصادية باهظة، أو التراجع في معادلة بدأت تتغير عسكريًا.