
الذكاء الاصطناعي.. هل ينهي عصر "جوجل"؟
على مدار أكثر من عقدين، شكّل "جوجل" بوابة الدخول الرئيسية إلى العالم الرقمي، كل سؤال أو معلومة أو فضول كان غالبًا ما يبدأ من محرك البحث "Google".
لكن الآن.. في 2025، لم يعد السؤال هو "عن ماذا سنبحث؟" بل أصبح "أين سنبحث؟"، ومعه بدأ يتردد التساؤل: هل يعيش جوجل فعلاً أيامه الأخيرة؟!.
تاريخ بدايات البحث إلى الآن
في بدايات الإنترنت كانت محركات البحث تعمل كدليل رقمي، وتعتمد على التطابق الدقيق للكلمات المفتاحية لتقديم النتائج، ولكن عند إطلاق "Google" لخوارزمية "Page Rank" تغيّرت طريقة البحث تمامًا، حيث بدأت ترتيب الصفحات بناءً على الروابط الخلفية (Backlinks) ومدى الصلة بالمحتوى. وبرغم هذا التقدم في عملية البحث فإن نماذج البحث القديمة كانت تواجه صعوبة في فهم السياق، وغالبًا ما كانت تُعطي الأولوية للكلمات المفتاحية على حساب نية المستخدم.
ثم جاء التحول الكبير بفضل محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومع التقدم في تعلم الآلة (ML)، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والشبكات العصبية، لم تعد محركات البحث تعتمد فقط على الكلمات، بل بدأت تفهم المعنى والنية والسياق، ما جعل تجربة البحث أكثر دقة وذكاءً وتمحورًا حول المستخدم.
وضع جوجل الحالي
حتى أبريل/ نيسان 2025، لا يزال "Google" يسيطر على المشهد العالمي للبحث بنسبة 89.66% من سوق محركات البحث، وأقرب منافس له، وهو "Bing"، لا تتجاوز حصته 4%. وهذا التفوق ليس فقط على مستوى السوق العالمية لمحركات البحث، بل إن جوجل يكمن في الوعي الجمعي للمستخدمين، فهو قد أصبح مصطلحاً بحد ذاته يرادف كلمة البحث، فإذا أردت أن تعرف شيئًا "google it"!
إعلان
وتم إدراج مصطلح "Google" كفعل بمعنى 'يبحث على الإنترنت' في قاموس "Oxford English Dictionary (OED)" عام 2006… ورغم كل هذا المجد، أحدثت طفرة الذكاء الاصطناعي تهديدًا لهذا الهيكل العملاق الذي ربما قد بدأ يتصدع.
في أبريل/ نيسان 2025، صرح "إيدي كيو" نائب رئيس الخدمات في "Apple" أن متصفح "Safari"، الذي يستخدم "Google" كمحرك بحث افتراضي، شهد انخفاضاً في حجم البحث لأول مرة منذ إطلاقه
متى بدأ التهديد الحقيقي؟
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، حين أطلقت "Open AI" نموذجها "Chat GPT"، لم يكن واضحاً للجميع أنه سيكون أول تهديد وجودي حقيقي لجوجل. لكن، منذ الأسابيع الأولى بدأت شركات وول ستريت ومحللو وادي السيليكون الحديث بقلق عن احتمالية أن يغير "Chat GPT" قواعد اللعبة؛ حيث لم يعد المستخدمون مضطرين للتنقل بين عشرات الروابط على جوجل ليصلوا إلى مرادهم، بل صار بإمكانهم الحصول على إجابة مباشرة، ودقيقة، وسريعة.. وكل ذلك من خلال محادثة طبيعية.
فنحن الآن أمام أدوات بحث جديدة، تعتمد على نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) مثل "Chat GPT" و"Claude" و"Gemini"، وهذه الأدوات لا تعرض لك روابط فقط، بل تقدم إجابات وتلخيصات وتحليلات بلغة طبيعية ومحاورة تفاعلية.
وبحسب موقع "internetsearchinc"، فإنه من المتوقع أن 30% من عمليات البحث ستتم عبر أدوات ذكاء اصطناعي بحلول نهاية 2025، وذلك بسبب سهولة التفاعل ودقته، بالإضافة إلى أن الاستفسارات على منصات الذكاء الاصطناعي تؤدي إلى أسئلة متابعة، ما يدل على وجود تفاعل عميق من جانب المستخدمين.
كما أن أنظمة البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحقق دقة تصل إلى 90% في فهم استفسارات المستخدمين، ما يقلل من نسبة الفهم الخاطئ. ناهيك عن أن 97% من مستخدمي الهواتف المحمولة يعتمدون الآن على مساعدات صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وذلك قد يُغير عادات البحث على الهاتف أيضًا.
وفي أبريل/ نيسان 2025، صرح "إيدي كيو" نائب رئيس الخدمات في "Apple" أن متصفح "Safari"، الذي يستخدم "Google" كمحرك بحث افتراضي، شهد انخفاضاً في حجم البحث لأول مرة منذ إطلاقه. وأكد أن هذا الانخفاض يعود إلى تزايد اعتماد المستخدمين على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "ChatGPT" و"Perplexity" و"Anthropic".
بل والأكثر تهديدًا لجوجل هو أن "Apple" تدرس رسمياً إدراج هذه الأدوات مباشرة في أجهزتها بدلاً من "Google"، بحسب ما أورده موقع بيزنس إنسايدر. مع العلم أن "Google" تدفع لآبل ما يُقدر بـ 20 مليار دولار سنوياً للحفاظ على مكانتها كمحرك البحث الافتراضي، ما أدى إلى تراجع سهم "Alphabet" (الشركة الأم لجوجل) بأكثر من 7% بعد إعلان "Apple" هذا، ناهيك عن أن ما يقرب من 56% من إيرادات "Alphabet" تأتي من الإعلانات على محرك البحث ومنصات مثل "Gmail" و"Google Maps".
لكن، إذا بدأ المستخدمون يحصلون على أجوبتهم من نماذج الذكاء الاصطناعي مباشرة دون النقر على الروابط، فماذا سيكون مصير نموذج الإعلانات بأكمله؟
كيف تواجه جوجل هذه التحديات القوية؟
تحاول جوجل جاهدة مواجهة هذه التحديات والاستفادة من الذكاء الاصطناعي؛ حيث طورت تجربة بحث جديدة تُعرف بـ "Search Generative Experience (SGE)"، توفّر إجابات ذكية ومُلخّصة تظهر في أعلى نتائج البحث، بدلًا من عرض روابط تقليدية كما كان الحال سابقًا. كما دمجت نموذجها المتطور "Gemini" في تطبيقات مثل "Gmail" لكتابة وتلخيص الرسائل، وفي "Google Docs" لإنشاء المحتوى، وفي أندرويد لتقديم اقتراحات ذكية بالأوامر الصوتية والبصرية.
كذلك طورت أدوات مثل "Google Lens" و"Multisearch"، تسمح للمستخدمين بالبحث باستخدام الصور أو مزيج من النص والصورة، ما يعكس اتجاهاً متزايداً نحو البحث المرئي.
وللحفاظ على سيطرتها الإعلانية، بدأت جوجل في اختبار إدراج إعلانات داخل نتائج الذكاء الاصطناعي نفسها، لتتناسب مع طبيعة البحث الجديدة. كما شددت على خصوصية المستخدم من خلال اعتماد مبادئ 'الذكاء الاصطناعي المسؤول' ونشر سياسات واضحة لحماية البيانات.
وفي خطوة لدعم النظام التقني، أطلقت واجهة "Gemini API" للمطورين، وأتاحت نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها على منصات مثل "Google Cloud" و"Kaggle".
كل هذه التحركات، إلى جانب استثمارات ضخمة في "DeepMind" وفرق البحث الداخلي، تؤكد أن جوجل لن تنوي أن تتخلف بسهولة عن ركب مستقبل البحث، وتسعى بقوة لمواكبة السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي.
وأخيرًا.. نعم، جوجل مهددة، والتهديد ليس من شركة واحدة بل من نموذج معرفي جديد بالكامل. وبالرغم من أنها تتحرك بسرعة فإنها أيضًا تسير في حقل ألغام من المنافسة والمواجهات القانونية والتغييرات في سلوك المستخدم. فهل سنشهد قريباً نهاية الصفحة الزرقاء؟… رُبما!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
مايكروسوفت تتعاون مع المنافسين لتقديم الذكاء الاصطناعي وأداة "غيت هاب" للذكاء الاصطناعي
أقامت " مايكروسوفت" حدثها السنوي للمطورين في مدينة سياتل، وخلال الحدث كشفت عن أحدث ابتكارات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها إلى جانب مفاجأة أخرى. فبعد أن كانت خدمات الذكاء الاصطناعي من "أوبن إيه آي"، قررت الشركة إتاحة نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالمنافسين مباشرة من خوادمها. وذلك وفق ما أعلنه ساتيا ناديلا المدير التنفيذي للشركة ضمن فعاليات الحدث ومع إيلون ماسك عبر محادثة فيديو، إذ أكد أن الشركة تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي من "إكس إيه آي" (xAI) و" ميتا" و"ميسترال" (Mistral) و"بلاك فوريست" (Black Forest)، وجميع هذه الخدمات ستكون مستضافة مباشرة على خوادم "آزور" من "مايكروسوفت" إلى جانب خدمات "أوبن إيه آي". أضاف ناديلا أن تقديم التقنيات الجديدة يعد خطوة غير مسبوقة في عالم الذكاء الاصطناعي، إذ يضمن جودة النماذج والخدمات المقدمة عبر استخدام خوادم "مايكروسوفت"، ويتيح للمطورين استخدام أي نموذج يرغبون فيه بغض النظر عن الشركة المطورة لهذا النموذج، سواء كانت "أوبن إيه آي" أو غيرها. ويعكس هذا الإعلان العلاقة المضطربة التي بدأت "مايكروسوفت" تحظى بها مع " أوبن إيه آي" في المدة الأخيرة بعد سنوات من الاستثمار المباشر في الشركة حصرًا، ولكن يبدو أن "مايكروسوفت" أصبحت مستعدة لتجربة المنافسين والاستفادة من قدراتهم. تضمن المؤتمر أيضًا إعلانًا عن أحدث ابتكارات "مايكروسوفت" في منصتها البرمجية "غيت هاب" (Github)، إذ كشفت الشركة عن نموذج "كوبايلوت غيت هاب" (CoPilot Github)، وهو نموذج ذكاء اصطناعي قادر على كتابة الأكواد البرمجية بالاعتماد على مكتبة "غيت هاب" وعبر مجموعة من الأوامر البسيطة التي يتلقاها من المطور البشري. ويعني ذلك أن النموذج قادر على إصلاح الأكواد البرمجية عبر تلقي مجموعة من الأوامر المباشرة مثل نوعية المشكلة أو العطل الموجود في الكود فضلًا عن إستراتيجية حله، وبالتدريج يقوم بتقديم حلول برمجية تتلاءم مع هذه المدخلات بشكل مباشر. كذلك كشفت "مايكروسوفت" عن خدمة جديدة في مراكزها السحابية تدعى "أزور فاوندري"، وهي تتيح للشركات بناء عملاء ذكاء اصطناعي مخصصين لاستخدامهم، وذلك بالاعتماد على نماذج الذكاء الاصطناعي المتنوعة الموجودة في مراكز "مايكروسوفت" السحابية. وتأمل الشركة أن تكون هذه الخطوات سباقة في الوصول إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي يلائم الاستخدامات والشركات المختلفة في العالم.


الراية
منذ 7 ساعات
- الراية
جوجل تطلق رسميا تطبيق NotebookLM مجانا
جوجل تطلق رسميا تطبيق NotebookLM مجانا واشنطن - قنا : أطلقت شركة جوجل رسميا تطبيقها المنتظر /NotebookLM/ عبر متجري جوجل بلاي وآب ستور قبل ساعات من موعد الإطلاق المقرر بالتزامن مع فعاليات مؤتمر Google I/O 2025. ويمكن تحميل التطبيق الجديد مجانا لأجهزة أندرويد بالإضافة إلى أجهزة آيباد وآيفون، والاستمتاع بكافة المزايا المتاحة عبر نسخة الويب من الخدمة. ويعد هذا أول ظهور لخدمة NotebookLM خارج متصفح الويب، إذ أصبح بإمكان المستخدمين تحميل التطبيق مباشرة في هواتفهم الذكية، والاستفادة من مزاياه التي تشمل توليد ملخصات صوتية لمحتوى المستندات، وهو خيار مثالي لمن لا يملكون وقتا كافيا للقراءة. ويدعم التطبيق تحميل ملفات PDF، ومستندات Google Docs، والعروض التقديمية من Google Slides، وروابط المواقع الإلكترونية، ومقاطع يوتيوب العامة، ويمكنه تلخيص المحتوى، وتوليد الأسئلة، والرد على استفسارات حول الملفات والمصادر الخاصة بالمستخدم، فضلا عن إنشاء بودكاست بالذكاء الاصطناعي. ويمكن للتطبيق العمل في الخلفية، ويدعم التشغيل دون اتصال بالإنترنت، ويبدأ الاستخدام عبر صفحة /ابدأ الآن/ التي تشرح المزايا في ثلاث شرائح تعريفية. بعد ذلك، يتاح للمستخدم رفع المحتوى من مصادر متعددة من خلال زر (+ إنشاء جديد)، ويضم التطبيق ثلاثة تبويبات رئيسية: المصادر، والمحادثة، والاستديو، إذ يمكن طرح الأسئلة في تبويب (المحادثة)، وإضافة المصادر أو إزالتها من تبويب (المصادر)، في حين يمكن إنشاء (بودكاست) صوتي خلال دقائق، دون الحاجة إلى إبقاء التطبيق مفتوحا، اعتمادا على الذكاء الاصطناعي عبر تبويب (الاستديو).


الراية
منذ 7 ساعات
- الراية
جوجل تطلق مزايا ذكاء اصطناعي جديدة لتحسين تجربة المستخدمين ذوي الإعاقات البصرية
جوجل تطلق مزايا ذكاء اصطناعي جديدة لتحسين تجربة المستخدمين ذوي الإعاقات البصرية واشنطن - قنا: أعلنت شركة جوجل طرح مجموعة من المزايا الجديدة المعزّزة بالذكاء الاصطناعي لتسهيل استخدام الأجهزة عبر أنظمة أندرويد ومتصفح كروم، في خطوة تهدف إلى تحسين تجربة المستخدمين ذوي الإعاقات البصرية، وتمكين الجميع من التفاعل مع المحتوى بطريقة أكثر ذكاءً ومرونة. ومن أبرز المزايا تطوير ميزة "TalkBack" حيث تتيح للمستخدمين طرح أسئلة مباشرة والحصول على وصف دقيق للصور أو محتوى الشاشة بالكامل. وأشارت جوجل، إلى أنها قد أدمجت العام الماضي تقنيات/ Gemini في TalkBack / لتوفير أوصاف تلقائية للصور حتى عند غياب النص البديل /Alt Text) ، ومع التحديث الجديد، بات بإمكان المستخدم طرح أسئلة، والحصول على إجابة فورية ، ويمكن أيضًا الاستفسار عن العناصر الظاهرة داخل التطبيقات، كمعرفة نوع قماش منتج معين أو إذا كانت هناك حسومات متاحة. كما أطلقت جوجل أيضًا تحديثًا لميزة /Expressive Captions/ التي توفّر تسميات توضيحية لحظية باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويدعم التحديث الجديد تعرّف طريقة نطق الكلمات وليس فقط معناها، وتمييز أصوات مثل الصفير أو التنحنح بوسوم واضحة للمستخدم، أما في متصفح كروم، أضافت جوجل دعمًا لقراءة ملفات/ PDF/ الممسوحة ضوئيًا، وهي ميزة كانت غائبة سابقًا، وبفضل تقنية تعرّف الحروف ضوئيًا /OCR/، أصبح بالإمكان الآن تمييز النصوص داخل هذه الملفات، مما يسمح بتحديدها، ونسخها، والبحث فيها، واستخدام قارئ الشاشة لقراءتها.