
مقابر جماعية للأطفال في أيرلندا.. كيف اكتشفت وما الذي حدث؟
ما الذي يحدث الآن؟
تجري أعمال التنقيب، التي بدأت يوم الاثنين ومن المتوقع أن تستمر عامين، في موقع دار "سانت ماري" للأمهات والأطفال، التي كانت تديرها راهبات من دير "بون سيكور" الكاثوليكية، والتي لم تعد موجودة الآن.
ويشرف على التنقيب "مكتب مدير التدخل المعتمد" في أيرلندا، بالتعاون مع خبراء من المملكة المتحدة وكندا وكولومبيا وإسبانيا والولايات المتحدة.
وقال مدير المكتب في توام الذي يقود عملية التنقيب، دانيال ماكسويني، إن الرفات ستُستخرج وتُحلل وتُحدد الهوية إن أمكن، ثم يُعاد دفنها، موضحا أن عملية استخراج الرفات "شديدة التعقيد" نظرا لتداخلها وغياب السجلات الأرشيفية، وصعوبة التمييز بين رفات الذكور والإناث ما لم يُستخرج الحمض النووي.
ما دور "الأمهات والأطفال"؟
أُنشئت دورُ "الأمهات والأطفال" في أنحاء أيرلندا في القرن العشرين لإيواء النساء الحوامل غير المتزوجات اللواتي لم يكن لديهن أي دعم، في مجتمع محافظ للغاية، وكانت غالبية هذه الدور تديرها مؤسسات دينية، وعلى رأسها الكنيسة الكاثوليكية.
في تلك الفترة، كانت النساء ينبذن من المجتمع ويلجأن إلى تلك الدور طلبا للمساعدة، فيتعرضن للإهمال وسوء المعاملة، ويُنتزع منهن أطفالهن لـ"تبنٍّ" لا يمكن تتبعه.
وبين عامي 1925 و1961، استضافت دار سانت ماري آلاف الأمهات غير المتزوجات وأطفالهن، إضافة إلى مئات العائلات مختلفة التكوين وعدد من الأطفال غير المصحوبين.
كيف عُثر على المقابر؟
اكتشفت المؤرخة كاثرين كورليس هذه المقابر قبل نحو عقد.
نشأت كورليس في توام، وكانت تتذكر بشكل غامض "أطفالًا نحيفين ومنعزلين يُقادون إلى الصف الدراسي في وقت لاحق من بقية الأطفال"، كما كتبت في صحيفة ذا أوبزيرفر أواخر الشهر الماضي.
وكتبت: "كان يُطلب منّا ألا نختلط بهم لأنهم يحملون أمراضا. لم يكملوا التعليم، وسرعان ما نُسوا"، وفي عام 2012، تذكرت كورليس هؤلاء الأطفال عندما طُلب منها المساهمة في منشور لجمعية التاريخ المحلية.
فتحدثت المؤرخة إلى كبار السن في المدينة وبدأت في جمع معلومات والبحث في الخرائط والسجلات، واكتشفت أن الأطفال الذين ماتوا في الدار قبل إغلاقها عام 1961 لم يكن لديهم سجلات دفن، رغم أنهم جميعا عُمدوا. لكن الكنيسة أنكرت معرفتها بوفاتهم أو دفنهم.
كما علمت أن صبيين في عام 1970 عثرا على عظام في جزء مكشوف من خزان الصرف الصحي، وتوصلت إلى وجود أدلة كافية على أن الأطفال والرضع دُفنوا في مقبرة جماعية، ووجدت سجلات تؤكد وفاة نحو 796 طفلا في الدار.
وذكرت كورليس، أن راهبات "بون سيكور" استأجرن شركة علاقات عامة لإنكار وجود المقبرة الجماعية، زاعمات أن العظام تعود إلى فترة المجاعة ، لكن وسائل الإعلام الأيرلندية التقطت نتائج بحثها، مما دفع الحكومة الأيرلندية في عام 2015 إلى فتح تحقيق في نحو 18 دارا من دور "الأمهات والأطفال".
وفي عام 2016، كشفت حفريات أولية في توام عن "كميات كبيرة من الرفات البشرية".
كيف مات هؤلاء الأطفال؟
تُظهر شهادات الوفاة الصادرة من الدولة أسبابا متعددة، منها السل، التشنجات، فقر الدم، التهاب السحايا، الحصبة، السعال الديكي، وفي بعض الحالات لم يُسجل سبب الوفاة.
وأول طفل مات كان باتريك ديران، وكان عمره 5 أشهر عندما توفي عام 1925 بسبب التهاب المعدة، في حين كان آخر من مات طفلة تدعى ماري كارتي، وكان عمرها 5 أشهر أيضا، وتوفيت عام 1960 دون تحديد سبب الوفاة.
كانت دار سانت ماري تقع داخل مبنى كبير يُعرف بـ"بيت العمل" بُني في منتصف القرن 19، وقد افتقر إلى التدفئة المركزية والمياه الساخنة والتجهيزات الصحية الملائمة طوال فترة تشغيله تقريبا.
وبحسب تقرير لجنة التحقيق في دور الأمهات والأطفال، تباينت شهادات النزلاء السابقين، فبعضهم وصف تجربته بأنها جيدة، بينما روى آخرون معاناة من قلة الطعام والراحة والدفء، ومنع بعض الأمهات من رؤية أطفالهن.
ماذا قالت الكنيسة؟
في عام 2014، قال رئيس أساقفة توام آنذاك، مايكل نيري إنه "مصدوم وحزين لسماع عدد الأطفال المتوفين، وهذا يُشير إلى حقبة من المعاناة والألم الشديد للأمهات وأطفالهن".
وأضاف: "نظرا لعدم مشاركة الأبرشية في إدارة الدار، لا توجد لدينا مواد عنها في أرشيفنا"، مشيرا إلى أن سجلات الرهبنة سُلمت لمجلس مقاطعة غالواي والسلطات الصحية عام 1961.
وفي يناير/كانون الثاني من نفس العام، أصدرت رهبانية بون سيكور بيان اعتذار وقعته إيلين أونور، جاء فيه: "لم نُطبق قيم المسيحية كما يجب خلال إدارة الدار. نقرّ بأن الأطفال الذين توفوا فيها دُفنوا بطريقة غير محترمة وغير مقبولة، ونحن آسفون بشدة لذلك".
وفي عام 2021، اعترف رئيس الأساقفة الكاثوليكي إيمون مارتن بأن الكنيسة الكاثوليكية كانت جزءا من ثقافة وصمت الناس وأساءت إليهم، وقال: "لهذا، ولكل الألم النفسي الذي ترتب عليه، أقدم اعتذاري الكامل للناجين ولكل من تأثروا شخصيا بهذه الحقيقة".
ماذا قالت الحكومة الأيرلندية؟
في يناير/كانون الثاني 2021، قدم رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن اعتذاره في البرلمان نيابة عن الدولة.
وفي نفس العام، نشرت الحكومة تقريرا من 3 آلاف صفحة استنادا إلى تحقيق بدأ عام 2015، وأسفر عن اعتذارات رسمية وتعهدات بنبش الموقع في توام.
وفي عام 2022، صدر قانون يسمح باستخراج الرفات وتحليلها.
ماذا قال أفراد عائلات النزلاء؟
قالت آنا كورغان، التي يُعتقد أن اثنين من أشقائها دُفنا في توام: إن "هؤلاء الأطفال حُرموا من كل حقوقهم الإنسانية في حياتهم، وكذلك أمهاتهم. وحرمتهم الدولة من الكرامة والاحترام بعد وفاتهم".
ورغم أن العديد من الأطفال الذين وُلدوا في هذه الدور نجوا، لكن نقلوا إلى ملاجئ أخرى أو تم تبنّيهم دون علم أمهاتهم وعائلاتهم، التي لم تعرف مصير أطفالها في كثير من الحالات.
هل حصل هذا في أيرلندا فقط؟
لا، فقد تعرض الأطفال في رعاية الدولة أو المؤسسات الدينية في دول أخرى إلى سوء المعاملة أيضا.
ففي نيوزيلندا، كشف التحقيق الملكي في عام 2024 أن واحدا من كل 3 أطفال أو أفراد في الرعاية تعرض لسوء معاملة بين 1950 و2019، حيث بلغ العدد نحو 200 ألف طفل وشاب وبالغ، وكانت الانتهاكات جسدية وجنسية، واستهدفت خاصة السكان الأصليين من الماوري وجزر المحيط الهادئ.
أما في كندا، فقد خلصت لجنة الحقيقة والمصالحة عام 2015 إلى أن نظام المدارس الداخلية شكّل إبادة ثقافية.
وكان هذا النظام عبارة عن شبكة من المدارس الداخلية للأطفال من السكان الأصليين، فصلوا قسرًا عن أسرهم "لإعادة برمجتهم"، واستمر من 1879 حتى 1997 تحت إدارة الكنيسة الكاثوليكية والأنجليكانية والمشيخية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
١٥-٠٧-٢٠٢٥
- الجزيرة
مقابر جماعية للأطفال في أيرلندا.. كيف اكتشفت وما الذي حدث؟
قاد بحث أجرته مؤرخة محلية الحكومةَ الأيرلندية إلى اكتشاف مقبرة جماعية غير موثّقة تضم رفات نحو 800 رضيع وطفل صغير في دار تراعه الكنيسة ببلدة توام غربي أيرلندا، وقد ظل هؤلاء الأطفال مجهولي الهوية أكثر من 65 عامًا، ولم يُكشف عن وجود هذه المقابر إلا قبل عقد فقط، بفضل جهود مؤرخة محلية. ما الذي يحدث الآن؟ تجري أعمال التنقيب، التي بدأت يوم الاثنين ومن المتوقع أن تستمر عامين، في موقع دار "سانت ماري" للأمهات والأطفال، التي كانت تديرها راهبات من دير "بون سيكور" الكاثوليكية، والتي لم تعد موجودة الآن. ويشرف على التنقيب "مكتب مدير التدخل المعتمد" في أيرلندا، بالتعاون مع خبراء من المملكة المتحدة وكندا وكولومبيا وإسبانيا والولايات المتحدة. وقال مدير المكتب في توام الذي يقود عملية التنقيب، دانيال ماكسويني، إن الرفات ستُستخرج وتُحلل وتُحدد الهوية إن أمكن، ثم يُعاد دفنها، موضحا أن عملية استخراج الرفات "شديدة التعقيد" نظرا لتداخلها وغياب السجلات الأرشيفية، وصعوبة التمييز بين رفات الذكور والإناث ما لم يُستخرج الحمض النووي. ما دور "الأمهات والأطفال"؟ أُنشئت دورُ "الأمهات والأطفال" في أنحاء أيرلندا في القرن العشرين لإيواء النساء الحوامل غير المتزوجات اللواتي لم يكن لديهن أي دعم، في مجتمع محافظ للغاية، وكانت غالبية هذه الدور تديرها مؤسسات دينية، وعلى رأسها الكنيسة الكاثوليكية. في تلك الفترة، كانت النساء ينبذن من المجتمع ويلجأن إلى تلك الدور طلبا للمساعدة، فيتعرضن للإهمال وسوء المعاملة، ويُنتزع منهن أطفالهن لـ"تبنٍّ" لا يمكن تتبعه. وبين عامي 1925 و1961، استضافت دار سانت ماري آلاف الأمهات غير المتزوجات وأطفالهن، إضافة إلى مئات العائلات مختلفة التكوين وعدد من الأطفال غير المصحوبين. كيف عُثر على المقابر؟ اكتشفت المؤرخة كاثرين كورليس هذه المقابر قبل نحو عقد. نشأت كورليس في توام، وكانت تتذكر بشكل غامض "أطفالًا نحيفين ومنعزلين يُقادون إلى الصف الدراسي في وقت لاحق من بقية الأطفال"، كما كتبت في صحيفة ذا أوبزيرفر أواخر الشهر الماضي. وكتبت: "كان يُطلب منّا ألا نختلط بهم لأنهم يحملون أمراضا. لم يكملوا التعليم، وسرعان ما نُسوا"، وفي عام 2012، تذكرت كورليس هؤلاء الأطفال عندما طُلب منها المساهمة في منشور لجمعية التاريخ المحلية. فتحدثت المؤرخة إلى كبار السن في المدينة وبدأت في جمع معلومات والبحث في الخرائط والسجلات، واكتشفت أن الأطفال الذين ماتوا في الدار قبل إغلاقها عام 1961 لم يكن لديهم سجلات دفن، رغم أنهم جميعا عُمدوا. لكن الكنيسة أنكرت معرفتها بوفاتهم أو دفنهم. كما علمت أن صبيين في عام 1970 عثرا على عظام في جزء مكشوف من خزان الصرف الصحي، وتوصلت إلى وجود أدلة كافية على أن الأطفال والرضع دُفنوا في مقبرة جماعية، ووجدت سجلات تؤكد وفاة نحو 796 طفلا في الدار. وذكرت كورليس، أن راهبات "بون سيكور" استأجرن شركة علاقات عامة لإنكار وجود المقبرة الجماعية، زاعمات أن العظام تعود إلى فترة المجاعة ، لكن وسائل الإعلام الأيرلندية التقطت نتائج بحثها، مما دفع الحكومة الأيرلندية في عام 2015 إلى فتح تحقيق في نحو 18 دارا من دور "الأمهات والأطفال". وفي عام 2016، كشفت حفريات أولية في توام عن "كميات كبيرة من الرفات البشرية". كيف مات هؤلاء الأطفال؟ تُظهر شهادات الوفاة الصادرة من الدولة أسبابا متعددة، منها السل، التشنجات، فقر الدم، التهاب السحايا، الحصبة، السعال الديكي، وفي بعض الحالات لم يُسجل سبب الوفاة. وأول طفل مات كان باتريك ديران، وكان عمره 5 أشهر عندما توفي عام 1925 بسبب التهاب المعدة، في حين كان آخر من مات طفلة تدعى ماري كارتي، وكان عمرها 5 أشهر أيضا، وتوفيت عام 1960 دون تحديد سبب الوفاة. كانت دار سانت ماري تقع داخل مبنى كبير يُعرف بـ"بيت العمل" بُني في منتصف القرن 19، وقد افتقر إلى التدفئة المركزية والمياه الساخنة والتجهيزات الصحية الملائمة طوال فترة تشغيله تقريبا. وبحسب تقرير لجنة التحقيق في دور الأمهات والأطفال، تباينت شهادات النزلاء السابقين، فبعضهم وصف تجربته بأنها جيدة، بينما روى آخرون معاناة من قلة الطعام والراحة والدفء، ومنع بعض الأمهات من رؤية أطفالهن. ماذا قالت الكنيسة؟ في عام 2014، قال رئيس أساقفة توام آنذاك، مايكل نيري إنه "مصدوم وحزين لسماع عدد الأطفال المتوفين، وهذا يُشير إلى حقبة من المعاناة والألم الشديد للأمهات وأطفالهن". وأضاف: "نظرا لعدم مشاركة الأبرشية في إدارة الدار، لا توجد لدينا مواد عنها في أرشيفنا"، مشيرا إلى أن سجلات الرهبنة سُلمت لمجلس مقاطعة غالواي والسلطات الصحية عام 1961. وفي يناير/كانون الثاني من نفس العام، أصدرت رهبانية بون سيكور بيان اعتذار وقعته إيلين أونور، جاء فيه: "لم نُطبق قيم المسيحية كما يجب خلال إدارة الدار. نقرّ بأن الأطفال الذين توفوا فيها دُفنوا بطريقة غير محترمة وغير مقبولة، ونحن آسفون بشدة لذلك". وفي عام 2021، اعترف رئيس الأساقفة الكاثوليكي إيمون مارتن بأن الكنيسة الكاثوليكية كانت جزءا من ثقافة وصمت الناس وأساءت إليهم، وقال: "لهذا، ولكل الألم النفسي الذي ترتب عليه، أقدم اعتذاري الكامل للناجين ولكل من تأثروا شخصيا بهذه الحقيقة". ماذا قالت الحكومة الأيرلندية؟ في يناير/كانون الثاني 2021، قدم رئيس الوزراء الأيرلندي ميشيل مارتن اعتذاره في البرلمان نيابة عن الدولة. وفي نفس العام، نشرت الحكومة تقريرا من 3 آلاف صفحة استنادا إلى تحقيق بدأ عام 2015، وأسفر عن اعتذارات رسمية وتعهدات بنبش الموقع في توام. وفي عام 2022، صدر قانون يسمح باستخراج الرفات وتحليلها. ماذا قال أفراد عائلات النزلاء؟ قالت آنا كورغان، التي يُعتقد أن اثنين من أشقائها دُفنا في توام: إن "هؤلاء الأطفال حُرموا من كل حقوقهم الإنسانية في حياتهم، وكذلك أمهاتهم. وحرمتهم الدولة من الكرامة والاحترام بعد وفاتهم". ورغم أن العديد من الأطفال الذين وُلدوا في هذه الدور نجوا، لكن نقلوا إلى ملاجئ أخرى أو تم تبنّيهم دون علم أمهاتهم وعائلاتهم، التي لم تعرف مصير أطفالها في كثير من الحالات. هل حصل هذا في أيرلندا فقط؟ لا، فقد تعرض الأطفال في رعاية الدولة أو المؤسسات الدينية في دول أخرى إلى سوء المعاملة أيضا. ففي نيوزيلندا، كشف التحقيق الملكي في عام 2024 أن واحدا من كل 3 أطفال أو أفراد في الرعاية تعرض لسوء معاملة بين 1950 و2019، حيث بلغ العدد نحو 200 ألف طفل وشاب وبالغ، وكانت الانتهاكات جسدية وجنسية، واستهدفت خاصة السكان الأصليين من الماوري وجزر المحيط الهادئ. أما في كندا، فقد خلصت لجنة الحقيقة والمصالحة عام 2015 إلى أن نظام المدارس الداخلية شكّل إبادة ثقافية. وكان هذا النظام عبارة عن شبكة من المدارس الداخلية للأطفال من السكان الأصليين، فصلوا قسرًا عن أسرهم "لإعادة برمجتهم"، واستمر من 1879 حتى 1997 تحت إدارة الكنيسة الكاثوليكية والأنجليكانية والمشيخية.


الجزيرة
٠٨-٠٧-٢٠٢٥
- الجزيرة
إسبانيا.. ركاب يقفزون من جناح طائرة بعد إنذار خاطئ
أُصيب ما لا يقل عن 18 شخصا في حادثة وقعت بمطار بالما دي مايوركا الإسباني، إثر انطلاق إنذار حريق على متن طائرة من طراز بوينغ 737 تابعة لشركة "رايان إير"، قبيل إقلاعها متجهة إلى مدينة مانشستر البريطانية. ووفق السلطات، فقد وقع الحادث بعد منتصف ليل السبت، عندما دوّى إنذار حريق مفاجئ بينما كانت الطائرة تستعد للإقلاع على المدرج، وهذا أثار حالة من الذعر بين الركاب، ودفع عددا منهم إلى فتح مخارج الطوارئ والقفز من فوق جناحي الطائرة خوفا من وقوع حريق. وتداول مستخدمو مواقع التواصل مقطع فيديو يوثق لحظة الفوضى، ويُظهر الركاب وهم يركضون على جناح الطائرة ويصرخون قبل أن يقفزوا إلى الأرض، بينما سارعت فرق الطوارئ والإسعاف للتدخل في موقع الحادث. ووفقا لمتحدث باسم مركز تنسيق الطوارئ الإقليمي، أُصيب 18 شخصا وتلقوا مساعدة طبية، ونُقل 6 منهم إلى المستشفى. وذكرت الوكالة أن 3 أشخاص نُقلوا إلى عيادة روتجر، والثلاثة الآخرون إلى مستشفى كيرونسالود بالامابلاناس. وصرحت شركة رايان إير في بيان لها: "توقفت رحلة من بالما إلى مانشستر عن الإقلاع بسبب ضوء تحذير خاطئ من الحريق. وتم إنزال الركاب باستخدام الزلاجات القابلة للنفخ وإعادتهم إلى مبنى الركاب. وأثناء النزول، تعرض عدد قليل من الركاب لإصابات طفيفة جدا (التواء في الكاحل، إلخ)، وطلب الطاقم مساعدة طبية فورية. ولتقليل الاضطراب الذي قد يلحق بالركاب، سارعنا إلى ترتيب طائرة بديلة لتشغيل هذه الرحلة، التي غادرت بالما الساعة 7:05 صباحا. نتقدم باعتذارنا الشديد للمسافرين المتضررين عن أي إزعاج قد تسببوا فيه". وحضرت إلى موقع الحادث 4 سيارات إسعاف، بينها وحدتان للإنعاش الأساسي وأخريان متقدمتان، إلى جانب عناصر من رجال الإطفاء في المطار وأفراد من الحرس المدني. ويأتي هذا الحادث بعد أسبوع واحد فقط من حادثة مماثلة على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الأميركية، حين اشتعل أحد محركاتها أثناء الطيران، واضطرت للهبوط في لاس فيغاس وعلى متنها 153 راكبا و6 من أفراد الطاقم.


الجزيرة
٢٧-٠٦-٢٠٢٥
- الجزيرة
دليلك لفهم مميزات وعيوب الموقد الزجاجي المسطح في المطبخ الحديث
الموقد الزجاجي المسطح، المعروف أيضًا باسم "اندكشن كوك توب" أو موقد الحثّ الحراري، هو جهاز حديث يستخدم الطاقة الكهرومغناطيسية لطهي الطعام، ما يوفّر طهيا أسرع وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، ويُعزز مستويات السلامة في المطبخ. يتميز هذا الموقد بسهولة التنظيف ويعتبر خيارا صديقا للبيئة. وبحسب موقع "تيستينغ تيبل" المتخصص في الطهي، فإنه يساعد في الحفاظ على منزل أكثر صحة مقارنة بمواقد الغاز. ويأتي موقد الحث الحراري ضمن تقنية للطهي خالية من الانبعاثات، طُرحت في معرض شيكاغو العالمي عام 1933، وتمخضت عن "هذه المواقد العصرية المثيرة للإعجاب". فبعد أن كانت 3% فقط من منازل الولايات المتحدة -على سبيل المثال- تقتني مواقد الحث الحراري حتى عام 2022، تُشير البيانات إلى أن "ما يقرب من 70% من المشاركين يفكرون في استخدامها في المستقبل"، وفقا لاستطلاع تجارب المستهلكين لعام 2022. كما تُشير بيانات أخرى إلى أن أكثر من 35% من المنازل الأوروبية تستخدم هذه المواقد. ويُقدّر حجم السوق العالمية لمواقد الحث الحراري بـ 27.67 مليار دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.2% بين عامي 2025 و2030. ويُعزى هذا النمو إلى الاتجاه المتزايد نحو المطابخ الأحدث لما توفره من راحة وأمان. كيف يعمل موقد الحث الحراري؟ وفقا لهيئة أبحاث وتطوير الطاقة في ولاية نيويورك، تعمل مواقد الحث الحراري أو أسطح الطهي، عن طريق "حث" تيار كهرومغناطيسي يُولده ملف معدني داخل الموقد، لينتقل مباشرة إلى الأواني والمقالي المعدنية الموضوعة على سطحه، مفجرا الحرارة بداخلها لطهي أو تسخين أي طعام أو سائل تحتويه، دون أن يسخن السطح الزجاجي أسفل الإناء، مما يحسن كفاءة الطهي وسلامة المطبخ. وعادة ما تحتوي مواقد الحث على دوائر تسمى مناطق الطهي، تعمل كقناة لتوليد الحرارة عند وضع الأواني أو المقالي عليها؛ لكنها لا تسخن إلا عندما تُوضع الأواني على سطحها. مزايا طهي موقد الحث الحراري هذه أهم 5 مزايا الطهي بموقد الحث الحراري، مقارنة بالمواقد الكهربائية والغازية التقليدية، وفقا للشيف بيرونيلا: طهي أسرع وأكثر دقة ، بمجرد أن تلامس أواني الطهي سطح الموقد، يعمل الحث الحراري على رفع الحرارة بسرعة تمكنه من غلي قدر من الماء في غضون 2 إلى 3 دقائق، أي أسرع بنسبة 20-40% تقريبا من مواقد الغاز والكهرباء التقليدية"، بحسب وزارة الطاقة الأميركية. تحكم دقيق في درجة الحرارة يمنع احتراق الطعام، فكما يرفع الحث الحراري الحرارة بسرعة، فإنه يخفضها بسرعة أيضا؛ ويساهم التحكم الدقيق في درجة الحرارة وتوزيعها بالتساوي، في الحفاظ على درجة حرارة هادئة دون حرق الطعام أو الحاجة إلى مراقبة شعلة متذبذبة. وينصح الشيف لورينزو بيرونيلا، الفائز بجائزة "أفضل شيف للهواة"، بتوخي الحذر الشديد قبل التأقلم على استعمال موقد حث حراري جديد في تحضير الوجبات، من خلال بعض التجارب مع إعدادات الطاقة "للعثور على درجة الحرارة المثالية". فوائد الصحة والسلامة ، فعدم بدء موقد الحث الحراري في التشغيل أو توقفه عن الاستمرار في التسخين عند إزالة أواني الطهي، تُعد ميزة لمنع تشغيل الموقد أو تركه قيد التشغيل عن طريق الخطأ. ونظرا لأن الحث الحراري يُسخّن أواني الطهي فقط، فإن باقي السطح يبقى باردا نسبيا، "مما يقلل بشكل كبير من فرصة الإصابة بحروق عند لمس الموقد". إضافة إلى أن عدم وجود لهب مكشوف، يعني أن ترك أدوات مثل ملعقة خشبية أو منشفة أطباق على سطح الطهي، لن يُتلفها أو يُعرّضها للحريق. كما تُظهر أبحاث نُشرت أواخر عام 2022، أن "مواقد الغاز تُسرّب ملوثات ضارة، تشمل أول أكسيد الكربون والبنزين، "حتى عند إيقاف تشغيلها"؛ بينما تُساعد مواقد الحث الحراري -مع التهوية- في الحفاظ على جودة الهواء الداخلي في المنزل. كفاءة أكبر وتوفير في الطاقة، ففي مواقد الحث الحراري، تكون أواني الطهي هي مصدر الحرارة، بدلا من اللهب أو الملفات الكهربائية، وهو ما يُحقق كفاءة أكبر واستهلاكاً أقل للطاقة. ويجعل مواقد الحث الحراري "أكثر كفاءة بنسبة تصل إلى 15% من المواقد الكهربائية القياسية، وتتمتع بكفاءة تفوق كفاءة مواقد الغاز بثلاثة أضعاف تقريبا". كما أن عدم إصدار مواقد الحث الحراري للملوثات أو رفع حرارة المطبخ، يوفر من استهلاك الطاقة المستخدمة في تشغيل أنظمة التهوية والتبريد. تنظيف أسهل ، حيث يُعد تنظيف السطح المصنوع من الزجاج والسيراميك لموقد الحث الحراري سهلا للغاية، مقارنة بمهمة إزالة ومسح شبكات موقد الغاز المرهقة. ويُشير الشيف لورينزو إلى أن "الطهي بالحث الحراري، لا يُسخن سوى أواني الطهي، وهو ما يعني أن أي انسكاب أو تناثر على سطح الموقد، باستثناء المنطقة المباشرة من منطقة الطهي المُستخدمة، يمكن مسحه فورا بأمان، مما يساعد على تجنب تفحمه وتراكم الأوساخ التي يصعب تنظيفها. أكثر الأخطاء شيوعا عند الطهي على موقد الحث الحراري هذه بعض الأخطاء التي يجب الحذر منها عند استخدام موقد الحث الحراري، وفقا لطهاة محترفين وخبراء في هذا النوع من المواقد: الطهي باستخدام أواني طهي غير متوافقة مع الموقد بحسب الشيف بيرونيلا، "تحتاج مواقد الحث الحراري إلى نوع محدد من الأواني المصنوعة من "الحديد الزهر، أو الفولاذ المقاوم للصدأ، أو المطلية بالمينا"؛ لتكون قادرة على التقاط الطاقة الكهرومغناطيسية الصادرة من ملف الأسلاك الموجود تحت سطح تسخين. وينصح عند شرائها باختبارها بواسطة مغناطيس، "وكلما كان انجذاب المغناطيس للأواني أقوى، كانت استجابته لموقد الحث الحراري أفضل". اختيار قدر أو مقلاة لا تتناسب مع قطر الموقد وفقا للشيف مايكل هاندال، الأستاذ بمعهد تعليم الطهي، "إذا كانت المقلاة صغيرة جدا بالنسبة لدوائر الموقد، فلن تسخن بشكل صحيح أو لن تسخن على الإطلاق. وإذا كانت المقلاة كبيرة جدا بالنسبة لدوائر الموقد، فلن تسخن الجوانب أو الحواف، ولن ينضج محتواها بالتساوي". ولتجنب هذه المشاكل، توصي إريكا هولاند- تول، مديرة قسم الطهي في مجلة "ذا كوليناري إيدج"، بشراء موقد الحث الحراري ثم شراء أوان ذات قُطر مطابق تماما لدوائر الطهي المحددة على سطحه. عدم فهم أفضل طريقة لتنظيف سطح الطهي فإضافة إلى خطأ عدم مسح أي انسكابات تسقط على سطح الموقد بسرعة، يُعد استخدام الأدوات ومنتجات التنظيف غير المناسبة، كالمقاشط المعدنية، ولوف الاستانلس ستيل، والإسفنجات الخشنة؛ "خطأً فادحا أيضا". بحسب مايكل هاندال. ولتجنب إلحاق الضرر بسطح الطهي، يكفي مسحه بقطعة قماش مبللة أو إسفنجة ناعمة مع كمية قليلة من صابون غسل الصحون بين كل استخدام، للحفاظ عليه نظيفا. كما يُنصح باستخدام مكشطة بلاستيكية لإزالة بقايا الانسكابات برفق، إلى جانب الخل أو مُنظف مُخصص لمواقد الحث الحراري لإزالة البقايا، ثم شطفه بمنشفة لمنع تلف السطح. وفقا للخبراء، لا يُنصح بتحريك المقلاة أو غيرها فوق موقد الحث الحراري، تلافيا لخطر خدش السطح الزجاجي أو إتلافه.