logo
إحياء ليبيا شهادات إيداع المضاربة يثير جدلاً اقتصادياً

إحياء ليبيا شهادات إيداع المضاربة يثير جدلاً اقتصادياً

العربي الجديد١٣-٠٥-٢٠٢٥

أصدر
مصرف ليبيا المركزي
في الآونة الأخيرة، تعليمات للمصارف التجارية بشأن طرح شهادات إيداع بصيغة المضاربة المطلقة، في محاولة لإحياء أدوات مالية مستمدة من الشريعة الإسلامية، وسط تباين في آراء الخبراء والمختصين حول الصيغة المعتمدة وجدواها الاقتصادية والشرعية. وجاء في بيان صادر عن إدارة الرقابة على المصارف بالمركزي، أن الشهادات الجديدة مخصصة لاستثمار أرصدة حسابات
الاستثمار
في
المصارف الليبية
، بعوائد سنوية متوقعة تتراوح بين 5% للمودعين و5.5% للمصارف، مع فترات استحقاق تصل إلى 91 و182 و365 يومًا.
فقد رحّب عدد من المحللين بهذه الخطوة، معتبرين أنها تمثل تحركًا نحو تفعيل أدوات
السياسة النقدية
الإسلامية. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي محمد الشيباني، إن إصدار شهادات إيداع بصيغة المضاربة المطلقة هو خطوة في الاتجاه الصحيح نظريًا، تعكس محاولة لإحياء أدوات السياسة النقدية الإسلامية في ليبيا، لكنها تحتاج إلى مزيد من الشفافية والتقييم وربطها بالاقتصاد الحقيقي. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن ربط هذه الشهادات بحسابات الاستثمار في المصارف التجارية قد يوفّر بدائل ادخارية جديدة للمواطنين، بعيدًا عن الأدوات الربوية التقليدية، لكنه شدد على ضرورة أن يكون التنفيذ مصحوبًا بآليات رقابية واضحة تحمي المودعين.
وفي المقابل، أبدى مختصون في التمويل الإسلامي تحفظات جوهرية على صيغة الطرح التي اعتمدها المصرف المركزي. المحلل المالي عادل الكيلاني اعتبر أن تحديد نسبة أرباح ثابتة يتنافى مع جوهر عقد المضاربة، وقال: "حسب الضوابط الشرعية، لا يجوز تحديد عائد ثابت في عقد مضاربة. ما ورد في المنشور يعطي إيحاء بضمان الربح ورأس المال، وهو ما يتعارض مع قاعدة (الغُنم بالغُرم) الأساسية في فقه المعاملات".
وأوضح الكيلاني لـ"العربي الجديد" أن الصيغة المثالية تقتضي توزيع الأرباح بنسبة مئوية بين المصرف والمودع، دون تحديد رقم مسبق للعائد، مشيرًا إلى أن الطرح الحالي أقرب ما يكون إلى أداة دين بفائدة منه إلى عقد مضاربة شرعي.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
عجز وتشوهات هيكلية تهدد الاستقرار المالي في ليبيا
وقال المصرفي معتز هويدي إن شهادات المضاربة المطلقة، بعوائد تصل إلى 5%، تُعد فرصة استثمارية جديدة لأصحاب حسابات الاستثمار، حيث تتيح لهم توظيف أموالهم بطريقة شرعية وآمنة، بعد أن تم اعتمادها وإجازتها رسميًا من الهيئة الشرعية بالبنك المركزي، مما يجعلها خالية تمامًا من أية شبهة ربوية.
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن إطلاق هذا المنتج سيُحدث أثرًا إيجابيًا واضحًا على استقرار سعر الصرف، إذ إن شريحة كبيرة من السيولة النقدية التي كانت تتجه نحو المضاربة في سوق الدولار، ستتحول إلى هذه القناة الاستثمارية الجديدة، ما من شأنه تقليص الضغط على العملة المحلية وتعزيز دور الجهاز المصرفي في استيعاب الفوائض المالية.
وأكد هويدي أن هذه الشهادات لا تمثل فقط خطوة نحو توسيع خيارات الاستثمار الشرعي، بل تُسهم أيضًا في إعادة الثقة في النظام المصرفي، وتشجيع أصحاب المدخرات، سواء في الحسابات البنكية أو حتى تلك المخزنة في المنازل، على توجيه أموالهم إلى قنوات آمنة ومربحة تحفظ قيمتها وتدر عليها عائدًا منتظمًا.
ويأتي هذا الطرح في وقت يعاني فيه القطاع المصرفي الليبي من جمود في الأدوات المالية، وارتفاع في معدلات الاكتناز النقدي، ما دفع المركزي إلى تعديل نسبة السيولة المطلوبة لدى المصارف إلى 35% من إجمالي الودائع، في محاولة لتحريك الدورة المالية، وسط تفاقم ظاهرة تجميد الأموال خارج النظام المصرفي، حيث تجاوزت ودائع تحت الطلب حاجز الـ100 مليار دينار، في حين بلغت العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي قرابة 70 مليار دينار تشمل العملة في طرابلس والمطبوعة في روسيا. (الدولار= 5.5 دنانير).

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاقتصاد الليبي يواجه خطر التفكك بسبب حرب المليشيات
الاقتصاد الليبي يواجه خطر التفكك بسبب حرب المليشيات

العربي الجديد

timeمنذ 20 ساعات

  • العربي الجديد

الاقتصاد الليبي يواجه خطر التفكك بسبب حرب المليشيات

في ظل اشتعال المشهد السياسي الليبي، بمواجهات مسلحة متجددة في العاصمة طرابلس ، وصراعات سياسية على السلطة بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس ومجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، الذي أعلن سعيه لتشكيل حكومة جديدة، تبرز تداعيات عميقة تطاول البنية الاقتصادية الهشة أصلاً، حيث تتشابك خيوط الأزمة بين انقسامات السلطة وتراجع الثقة الدولية وتأرجح المؤشرات المالية بين تحسن شكلي ومخاطر حقيقية تهدد بانهيارات مفاجئة. وفي خضم هذا المشهد المعقد، يحاول الاقتصاد الليبي الصمود أمام عاصفة من التحديات، بدءاً من استمرار الإنتاج النفطي شرياناً وحيداً للحياة، مروراً بمشاريع بنى تحتية متعثرة، ووصولاً إلى منظومة مصرفية تعاني آثار الاختلال الهيكلي والتشظي الأمني. وبدأت ارتدادات الأزمة السياسية على الوضع الاقتصادي في الصعود مع عودة الاحتراب في طرابلس مؤخراً، على الرغم من محاولة المؤسسات الاقتصادية النأي بنفسها عن الصراع، ففي تأكيد من المؤسسة الوطنية للنفط عدم تأثرها بمجريات الأوضاع في البلاد، أعلنت استمرار الإنتاج عند 1.376 مليون برميل يومياً، وكذلك استمرار تصدير الغاز الطبيعي من دون انقطاع. ويبدو أن بيان مؤسسة النفط ينطلق من كون مناجم النفط وموانئ تصديره تقع خارج ساحة القتال في طرابلس. وعلى الرغم من أن الطمأنة التي أرسلتها المؤسسة حيال تأثيرات الوضع الظرفي في طرابلس على عمليات الإنتاج والتشغيل، لكنها تبدو طمأنة ظرفية بالنظر إلى واقع الصراع السياسي الذي احتد في الأيام الأخيرة، بين الحكومة في طرابلس بوضعها المعقد وبين مجلس النواب الذي يوظف الأحداث لإطاحتها. اقتصاد عربي التحديثات الحية التجارة بين تونس وليبيا تنجو من تداعيات أحداث طرابلس اختلالات عميقة وفي جانب مصرف ليبيا المركزي فالصورة أكثر تعقيداً، فمن جهة، تشير بياناته الأخيرة إلى نمو إجمالي الأصول المصرفية بنسبة 5.7% خلال الربع الأول من السنة الحالية، وارتفاع السيولة الفائضة إلى 54.5 مليار دينار. لكن الأكاديمي والخبير المالي، مختار شنشوب، يرى أن هذه المؤشرات الإيجابية التي كشف عنها بيان المصرف المركزي، تخفي وراءها اختلالات عميقة، إذ يرى أن فائض السيولة الذي يرتفع باستمرار يقر المصرف المركزي نفسه، في البيان ذاته، أنه يعكس عجز المصارف التجارية عن توظيف الأموال بسبب غياب البيئة الاستثمارية الآمنة. وعليه فيعتبر شنشوب أن النظام المالي أمام طريقين، إما البحث عن آليات مبتكرة لتحفيز الاستثمار، وإما الاستمرار في تكديس أموال معطلة في خزائن المصارف. ويحدد شنشوب في حديثه لـ"العربي الجديد" عمق تأثير الصراعات السياسية المحتدة على واقع الاقتصاد في الحلقة المفرغة التي يمول فيها النفط المصارف. وفي توضيح أكثر يرى شنشوب أن الفوائض في السيولة التي تكلم عنها بيان المصرف المركزي، هي تجلٍّ واضح على عجز المنظومة المالية عن تحويل المدخرات الى استثمارات تفتح موارد أخرى للخزينة، والاعتماد على النفط بشكل شبه كلي يجعل البلاد أمام خطر حقيقي ومخيف بانهيار سريع اذا وصل التصعيد السياسي إلى حد الانسداد الكلي بين الحكومة التي لا تملك إلا شرعية تصدير النفط عبر المؤسسة الوطنية للنفط، وخصومها السياسيين الذين لا يسيطرون على منابع النفط ومنافذ تصديره. وأبدى 26 نائباً في مجلس النواب، في بيان مشترك الاثنين الماضي بالتزامن مع عزم مجلس النواب تشكيل حكومة موحدة للبلاد، اعتراضه على ذهاب مجلس النواب نحو تشكيل حكومة موحدة للبلاد، وأكدوا تمسكهم بالحكومة الحالية في بنغازي المكلفة من مجلس النواب، محذرين من أن تغيير الحكومة سيؤدي إلى شلل في مشاريع إعادة الإعمار التي يمولها "صندوق التنمية" التابع لبلقاسم حفتر في الشرق. وفي طرابلس تعرقلت أعمال ائتلاف شركات مصرية تنفذ مشروع الطريق الدائري الثالث، أكبر مشروعات الطرقات في العاصمة بتكلفة تزيد عن أربعة مليارات دينار ليبية، إثر اندلاع الاشتباكات في طرابلس، ورغم إعلان ائتلاف هذه الشركات عدم توقفها ورغبتها في استئناف أعمالها قريباً، تبدو عودة عمالها مشوبة بحذر ومخاوف تجدد الاقتتال في ظل هدنة بين طرفي الاقتتال لا تزال هشة. وكان ظل الاقتصاد والمال حاضراً في أسباب الأحداث الدامية الأخيرة في طرابلس، ففي توضيحه لأسباب العملية العسكرية التي شنتها الحكومة، الأسبوع الماضي، على مقرات جهاز دعم الاستقرار، أكبر مليشيات العاصمة طرابلس، قال رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة إن هذا الجهاز "سيطر على ستة مصارف" وتنفذ خلالها عبر شخصيات موالية له، عقد صفقات لصالحه للحصول على أموال طائلة. اقتصاد عربي التحديثات الحية مصرف ليبيا المركزي يطمئن على الاحتياطيات بعد اشتباكات طرابلس انسحاب الشركات والمصرف المركزي نفسه لم يكن بمعزل عن تأثيرات الفوضى الأمنية، فبعد تسرب أخبار عن محاولة اقتحام لمقر المصرف في طرابلس، جرت الأسبوع الماضي، تأكد ذلك بجولة أجراها محافظ المصرف، ناجي عيسى، وفريقه الإداري، داخل المقر، حيث أوضح بيان للمصرف أن مقره لم يتعرض إلا لأضرار طفيفة. ويرى وزير الدولة للشؤون الاقتصادية السابق في حكومة الوحدة الوطنية ورئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الحالي التابع بمجلس النواب، سلامة الغويل، أن تأثيرات الوضع السياسي القائم الآن هو امتداد لما سبقه من غياب أفق الحل، مؤكداً أن الاحتداد السياسي الحالي سيكون له تأثيرات جمة على المستوى قصير ومتوسط الأجل على القطاعات النفطية والمصرفية التي يرى أنها تأثرت إدارتها بعقلية الولاءات والمصالح الشخصية المرتبطة بدوائر السلطة، خاصة في حكومة الوحدة الوطنية. ويلقي الغويل، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، باللائمة على حكومة الوحدة الوطنية، فكونها تملك الشرعية الدولية فلديها القدرة على إدارة أموال الدولة واستثمارها وتوظيف الاعتراف الدولي. لكنه يرى أن الحكومة أخفقت في ذلك، ولم تستثمر حتى "الأموال المجنبة" التي تركها النظام السابق في خزائن الكثير من المؤسسات الاقتصادية المحلية. ويعود الغويل لتأكيد أن مؤسسات الاقتصاد معرضة كلها لخطر الأزمة السياسية المحتدة. وفي مؤشر متصل بخطورة ضياع مكتسب الاستقرار السياسي النسبي السابق على جانب الاستثمارات الأجنبية، تزامنت المواجهات المسلحة في طرابلس مع افتتاح "معرض ليبيا بيلد"، الأسبوع الماضي، بمشاركة 260 شركة دولية ومحلية، إذ انسحبت الشركات الأجنبية ونقلت ممثليها إلى مطار مصراتة، شرق طرابلس، وسفرتهم على الفور، ما يزيد من حالة التشكيك الدولي في البيئة الاستثمارية التي تعتمد على هدنة أمنية مؤقتة، خاصة أن هذه الاختراقات المسلحة المفاجئة تكررت عديد المرات.

مصر... الدولار يتراجع في السوقين الرسمية والموازية واستقرار الذهب
مصر... الدولار يتراجع في السوقين الرسمية والموازية واستقرار الذهب

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

مصر... الدولار يتراجع في السوقين الرسمية والموازية واستقرار الذهب

شهدت الأسواق المصرية، اليوم الثلاثاء، استقرارًا نسبيًا في أسعار الذهب ، في الوقت الذي تراجع فيه سعر الدولار في السوق الرسمية والموازية لأول مرة منذ أسبوعين، تزامنًا مع استمرار بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة لإجراء المراجعة الخامسة من برنامج التسهيل الممدد، ما ألقى بظلاله على سوق الصرف غير الرسمي. كما استقرت أسعار الذهب في السوق المحلية على خلفية تراجع الأوقية عالميًا إلى نحو 3226 دولارًا، بعد موجة ارتفاعات سابقة. وبلغ سعر الذهب عيار 21 الأكثر تداولا، نحو 4545 جنيهًا (نحو 91 دولارا) للغرام، فيما سجل سعر جنيه الذهب 36 ألفاً و340 جنيهًا. ويُعزى هذا الاستقرار إلى التوازن المؤقت بين سعر الأوقية العالمية وسعر صرف الدولار محليًا. وعلى صعيد العملات الأجنبية، تراجع الدولار في البنوك الرسمية لأقل من 50 جنيها، مسجلا 49.99 جنيهًا للشراء و50.09 جنيهًا للبيع، بحسب بيانات البنك المركزي المصري. كما بلغ سعر اليورو 55.84 جنيهًا للشراء و56.54 جنيهًا للبيع، فيما سجل الجنيه الإسترليني 66.38 جنيهًا للشراء و67.13 جنيهًا للبيع. وبالنسبة للعملات العربية، استقر الريال السعودي عند 13.28 جنيهًا للشراء و13.35 جنيهًا للبيع، وسجل الدرهم الإماراتي 13.59 جنيهًا للشراء و13.63 جنيهًا للبيع، بينما بلغ سعر الدينار الكويتي 161.96 جنيهًا للشراء و163.10 جنيهًا للبيع. اقتصاد عربي التحديثات الحية الاتحاد الأوروبي يوافق على مساعدة مصر بـ4 مليارات يورو وفي المقابل، شهدت السوق الموازية تراجعًا طفيفاً في سعر الدولار، حيث انخفض إلى متوسط 50.42 جنيهًا، مقابل متوسط أعلى تجاوز 51 جنيهًا الأسبوع الماضي، مع تفاوت بين 50.07 و50.67 جنيهًا حسب المناطق، وفق موقع "سعر الجنيه الحقيقي". أما الريال السعودي فبلغ متوسطه 13.34 جنيهًا، بينما تراوح سعر الدينار الكويتي بين 162.5 و164.5 جنيهًا، بمتوسط 163.7 جنيهًا. ويأتي هذا التراجع النسبي وسط مؤشرات على مزيد من التدفقات الدولارية المحتملة مع زيارة صندوق النقد، وإجراءات حكومية جديدة لتعزيز الرقابة على السوق الموازية، ما دفع بعض المتعاملين إلى التخلي عن حيازة الدولار تحسبًا لموجة تصحيح محتملة. وفي ظل تذبذب الأسواق العالمية والتقلبات في أسعار السلع والعملات، تبقى الاحتمالات مفتوحة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع قرب اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، والذي قد يحمل تحركات على مستوى أسعار الفائدة، ما ينعكس بدوره على سعر الصرف المحلي وأسعار الذهب. وينصح المراقبون المستثمرين الأفراد بمواصلة متابعة المؤشرات المحلية والعالمية قبل اتخاذ قرارات البيع أو الشراء في أسواق الذهب والعملات. (الدولار= 49.99 جنيها تقريبا)

القمة العربية تكشف عن مصفاة نفط عراقية منسية في الصومال
القمة العربية تكشف عن مصفاة نفط عراقية منسية في الصومال

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

القمة العربية تكشف عن مصفاة نفط عراقية منسية في الصومال

شكّل لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، خلال أعمال القمة العربية التي استضافتها بغداد السبت الماضي، حدثًا اقتصاديًا بارزًا شغل الباحثين وخبراء الاقتصاد، بعد مطالبة الرئيس الصومالي العراق بصيانة مصفاة نفط عراقية قائمة في الصومال، والتي لم تكن الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الغزو الأميركي عام 2003 على علم بوجودها أساسًا. وتأتي هذه المفاجأة امتدادًا لحادثة سابقة تم خلالها الكشف عن مزارع شاي مملوكة للعراق في فيتنام، كانت الدولة العراقية قد استثمرت فيها ضمن جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول الشاي، ولم تكن السلطات في بغداد على علم بهذه المزارع إلى أن كشفت الحكومة الفيتنامية عن تفاصيلها، ما دفع وزارة التجارة العراقية إلى التحرك بالتعاون مع شركات محاماة ومحاسبة بريطانية لاستعادة حقوقها فيها. ومنذ ستينيات القرن الماضي، تمتلك بغداد مجموعة واسعة من الأصول الاستثمارية في دول مختلفة، في مجالات الطاقة والزراعة والصناعات التحويلية. لكن بعد غزو العراق عام 2003، وتفكيك المؤسسات والوزارات، وطرد كوادرها، وما أعقب ذلك من أعمال نهب وسلب، ضاعت تفاصيل كثيرة من تلك الأصول. وعقب الاجتماع صرّح المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي بأن الرئيس الصومالي كشف خلال اللقاء عن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال، وطالب بصيانتها وإعادة تشغيلها. وأضاف العوادي أن الرئيس الصومالي طرح التعاون في مجال الطاقة، وفوجئ رئيس الوزراء بوجود أكبر مصفاة عراقية في الصومال، تم إنشاؤها في سبعينيات القرن الماضي، وهي حالياً متضررة، وطالب بإعادة تأهيلها لتعود إلى العمل مجددًا. وفي هذا السياق، قال مسؤول في وزارة النفط العراقية لـ"العربي الجديد"، إنه لا يعلم ما إذا كانت الحكومة قد قررت اتخاذ خطوات عملية بشأن هذا الاكتشاف، لكنه أكد أن الوزارة ستتواصل مع الجانب الصومالي للاطلاع على أوضاع المصفاة وتقدير تكاليف صيانتها، إلى جانب دراسة الجوانب القانونية والفنية المتعلقة بالعراق، مرجحًا إرسال وفد من الوزارة إلى الصومال قريبًا. من جانبه، كشف الخبير الاقتصادي العراقي والأستاذ بجامعة البصرة نبيل المرسومي عما وصفه بـ"المفاجأة"، بشأن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال. وقال المرسومي في تصريح مكتوب نقلته وسائل الإعلام العراقية، إن المصفاة تأسست عام 1974 من قبل الشركة العامة للمشاريع النفطية العراقية، بطاقة إنتاجية تبلغ نصف مليون طن سنويًا، وذلك على أساس الشراكة بين العراق والصومال بنسبة 50% لكل طرف. وأوضح أن العراق تكفّل بتكاليف تأسيس المشروع بالعملات الأجنبية، فيما كان من المقرر أن تسدد الصومال حصتها خلال ثلاث سنوات من بدء تشغيل المشروع، بفائدة رمزية، مشيراً إلى أن الرئيس الصومالي طلب في قمة بغداد إعادة تأهيل المصفاة المتوقفة حاليًا عن العمل. اقتصاد عربي التحديثات الحية العراق يخصص 40 مليون دولار لإعادة إعمار لبنان وغزة بدوره، قال الخبير النفطي جمال الكناني في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المصفاة من بين المشاريع العراقية الخارجية التي أُقرت عام 1974، وتم الانتهاء من إنشائها وافتتاحها عام 1978، حيث بدأت العمل فعليًا بإدارة مشتركة، وأكد وجود وثائق عراقية تثبت ذلك. وبيّن الكناني أن المصفاة كانت تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ عشرة آلاف برميل يوميًا، وتنتج البنزين، و وقود الطائرات ، وزيت الغاز، والنفط الأبيض، والزيوت بأنواعها. وقد تم إنشاؤها بكلفة ثمانية ملايين دينار عراقي آنذاك، إذ كان الدينار العراقي الواحد يعادل نحو 3.5 دولارات. كما تمت إعارة الصومال عددًا من مهندسي النفط والخبراء العراقيين لمدة عام، لتدريب وتأهيل الكوادر الصومالية على تشغيل المصفاة. وأبدى الكناني تشككه بشأن ما إذا كانت المصفاة لا تزال مملوكة للعراق بالكامل، مرجحًا وجود بند في العقد ينص على انتقال الملكية إلى الدولة المستضيفة بعد فترة زمنية معينة، وهو أمر شائع في مثل هذه الاتفاقيات، وأعرب عن اعتقاده بأن ما يُثار في العراق قد يكون مبالغة، مرجحًا أن تكون المصفاة مشروعًا مشتركًا، أو حتى قد تم إهداؤها للصومال في وقت سابق، كما أشار إلى أن المصفاة خرجت عن الخدمة منذ مدة طويلة بسبب الأوضاع الأمنية والعسكرية في الصومال. وأضاف الكناني أن اتفاقية إنشاء المصفاة نُشرت في مجلة الوقائع العراقية الرسمية في حينها، وكانت الفكرة الأساسية قائمة على تصدير النفط الخام من العراق إلى الصومال، حيث تتم تصفيته في المصفاة المقامة هناك، ثم يُعاد بيع مشتقاته من البنزين والكاز وغيرها إلى الصومال ودول الجوار، بما يمثل استثمارًا اقتصاديًا ذكيًا للعراق، وأكد أن المصفاة تقع على بُعد 12 كيلومترًا من ميناء مقديشو، لكن حجم الضرر الذي لحق بها، وتكاليف الصيانة، ومدى جدوى المشروع اقتصاديًا، كلها عوامل ستحدد القرار العراقي النهائي بشأن إعادة تأهيلها أو تركها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store