
«أحمدنا - أحمد عبدالحميد عباس» يرحمه الله
تابعوا عكاظ على
نعم.. وقد تأخرت في التعبير والكتابة.. ولكنه الشتات الفكري الذي تسبب فيه سماع الفراق.. أو ربما أنه إنسان غير عادي في جمال الخلق.. بل وقد لا يوجد الكثير من أمثاله في أيامنا هذه.. وقد لا تجد أحداً بين لابتي المدينة يشكو «أحمدنا».. ولو تجرأ أحدٌ أيّاً كان في ذلك لما وجد له صديق في المدينة.
اتصل بي من المدينة المنورة وكنت في جدة ليلة سفري إلى خارج المملكة وذلك قبل وفاته بأيام معدودة وكأنما كانت مكالمة مودع ليسألني: متى تأتينا؟ فأجبته قريباً فعقب: لا تتأخر.
فكان آخر حديث لنا. وبعد أن أديت صلاة الفجر في مدينة ڤيينا بالنمسا، وأكملت ما تيسر من ذكر قبل وبعد الصلاة أمسكت بهاتفي لأتجمد عند رسائل العزاء في جاري وحبيبي في حي الخاتم بالمدينة المنورة ورفيقي في صلاة فجر كل يوم. ذلك الحبيب الذي كنت أتجادل معه في كيفية علاجه الذي لم يقبل كافة رجائي له بأن نرحل سويّاً غرباً كان أم حتى إلى مدينة جدة بحثاً عن علاج أوثق لمرض القلب الذي أحل به.. فيصمت غير راغب في الخروج من المدينة وكأني أسمعه يردد في صمت حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أو بما معناه:
من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل. وتوقفت أنفاسي لحظة بينما تجمد تفكيري، وهطلت دمعة حزن الفراق بينما تقطع صوتي قائلاً لزوجتي «مات» ثم لم أستطع القول بأكثر من «مات أحمد» فعرفت على الفور من عنيت في كلمتي هذه. وواله هي دمعة تأتيني متى أتذكره كل يوم. وبعد شيء من الهدوء قلت لها: لم أعرف إنساناً في أحبتي يتحلى بمثل ابتسامته الصافية وإقباله الخلوق وصدق حاله وصبره الجميل وجيرته الغنّاء وكرمه المتوالي وحلاوة لسانه وعطفه الحنون وعطر شيمته.
وأديت صلاة الغائب عليه بعد فجر اليوم التالي لأراه في منامي في ثياب زاهية بيضاء مسروراً مشرقاً بابتسامته الجميلة المعهودة كأنه يتغنّى فيها بحاله ومآله الحديث.. وحمدت الله في ذلك..
وذهبت في تفكيري ولا أزال أذهب لأتذكر نماذج من علاقته معي بما لا يعلمه الآخرون..
والتي كونها آباؤنا في محبتهم بعضهم الآخر في الله.
لقد عرفت قبله أخاه الوفي والخلوق إبراهيم يرحمه الله الذي ما أن يأتي ذكره معه إلا ويذرف دمعة صامتة.. ثم تزايد تواصلي مع «أحمدنا» إلى أن أسررنا إلى بعضنا الآخر في عديد من المسائل واستعنّى سويّاً بشيء من المشورة سواءً في ما يخصنا أم ما يخص بعض أحبائنا. وعندما أتغيب عن مجلسه لم يكن يسألني عن الغياب بل كان يوبخني كما فعل عند صلاة فجر في المسجد حيث نتجاور في الجلوس بصوت كسر به صمت المسجد: «ليش ما جيت المجلس البارحة؟» أذهلني ووقع في قلبي معنى حبه لي.. فما كان مني إلّا أن ضحكت مقهقهاً ومسروراً ومقدراً مشاعره نحوي فجاوبني بذات الضحكة مع ابتسامة أشرقت على محياه الجميل. ثم سألني: هل وصلك التمر الذي تحبه؟ فأجبته وكيف لا يكون وأنت التمر اللذيذ بجانبي. فهذه كانت عادة الجار يزود جاره بما يحب بين كل يوم وآخر. هذا حالي مع جاري وحبيبي في المدينة «علاقة تمرية في ثناياها وأطرافها وقالبها وقلبها».
نعم.. فإن في الفراق ألماً وذكراً عطراً يغلفه الحب والدعاء المستمر له وغيره من الأحباء في سجدة كل فجر وفي كل يوم وفاءً وحبّاً لما يستحقه «أحمدنا» من صدق مشاعر.
عزاؤنا فيه أننا نثق في أن محبة الله عز وجل له أكبر وأوفى من محبتي ومحبتنا له. أراجع ذكره في نفسي بينما أكتب هذه الكلمات ولا أزال خارج البلاد حين أنّي على ثقة في أن كثيراً من الأوفياء يتعاملون مع ذكره بالدعاء الطيب بأكثر مني.
اللهم ارحم «أحمدنا» فأنت حبه الكبير الذي لا ينقطع. والمحبة تستمر في من عقب.. وهم يكنزون ثروة جميلة من محبة الأوفياء له رسمتها بسمته الجميلة في صدورهم.
اللهم أجزل عطاءك الكريم في الجنات العلى في الفردوس الأعلى واجعله في معية سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واجمعنا به في رفقة النبيين والصديقين والشهداء تحت ظل عرشك الكريم.
أخبار ذات صلة
فؤاد بن محمد عمر توفيق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
ثقافة وفنون المناطق تطلق «رحلة فن»
أطلقت جمعية الثقافة والفنون بالتعاون مع وزارة التعليم، وصندوق دعم الجمعيات بوزارة الثقافة، برنامج "رحلة الفن"، حيث استضافت جمعية الثقافة والفنون بالرياض وجدة والدمام، ورشاً تدريبية فنية نظرية وعملية. وانطلق البرنامج بكلمة ترحيبية من الأستاذ خالد الباز مدير جمعية الثقافة والفنون بالرياض، مرحبا فيها بالمواهب من الطلاب وصقل تجاربهم والاستفادة من مشروع "رحلة فن" الذي يعد ذا أهمية لتنمية قدرات المبدعين من الطلاب، والتي تعطي نظرة على المستقبل القريب، وتجعلنا نتصدر العالم، لما نمتلكه من مواهب رفيعة في كل الجوانب الفنية. بينما رحّب محمد آل صبيح مدير جمعية "فنون جدة" بالجميع، مؤكدا على أهمية البرنامج في بناء وصقل جيل من الطلاب والطالبات المهتمين بالمسارات الفنية واكتشاف مواهبهم وأكد فيه أن الجمعية تعد بيت الخبرة الثقافي الأول بما تملكه من إرث ثقافي وفني امتد لأكثر من خمسين عاما وأضاف أن الجمعية تراهن على بزوغ مواهب مبدعة في شتى المجالات الفنية وأشاد بدور وزارة التعليم ممثل في تعليم جدة وتعاونهم البناء كما شكر وزارة الثقافة وصندوق دعم الجمعية والإدارة العامة في الرياض على تفعيل المبادرات والمشاريع الخلاقة. وفي يومه الأول حضر الطلاب بصحبة أولياء أمورهم في أجواء فنية مبهجة قدم خلالها المدربون فواصل تدريبية في مختلف التخصصات، وكانت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون أطلقت برنامج "رحلة الفن" الذي استهدفت من خلاله 360 طالباً وطالبة في إدارات التعليم بمدن الرياض وجدة والدمام متزامنة في المدن الثلاث، وعلى مدى خمسة أيام في الفترة من اليوم الأحد 18 إلى الخميس 22 مايو الجاري، وتشتمل الورش التدريبية حزمة من المسارات الفنية المتنوعة تتضمن المسرح والسينما والموسيقى والفنون البصرية.


الرياض
منذ 4 ساعات
- الرياض
بدون مقدماتتحققت الأقوى وتبقت الأغلى
عاشت عروس البحر الأحمر جدة مساء الخميس الماضي أفراحاً غير عادية بعد تحقيق كبيرها الاتحاد لقب البطولة الأقوى "دوري روشن للمحترفين" وتتويجه رسمياً باللقب بغض النظر عن نتائج منافسيه والمتبقي من جولات، في دوري يعتبر صعباً ومتعباً لمن عاش تفاصيله، فحتى قبل نهايته بجولتين كان كل شي وارد والبوصلة كانت قابلة للتغيير في أي لحظة. أفراح جميلة عاشتها جدة بين مقر النادي في شارع الصحافة وبين منطقة (مدينة الممشى)، التي اكتظت بأعداد كبيرة من مشجعي الاتحاد شاهدوا فيها مباراة فريقهم أمام الرائد وتتويجه باللقب عبر شاشات ضخمة خصصتها اللجنة التنظيمية للمنطقة الترفيهية لجمهور الاتحاد، ثم انطلقوا وهم في قمة سعادتهم محتفلين بالإنجاز الأصعب. لن أقول هذا الكلام بغية الدخول في مهاترات مع أحد، ولكن عندما تتحدث عن دوري كانت الفرصة متاحة فيه لتتويج فريق من ثلاثة، ثم المنافسة بين فريقين على مقعد بطولة النخبة الآسيوية القادمة، ثم بدء التنافس على المركز الثالث بهدف المشاركة في بطولة السوبر السعودي الموسم المقبل، ومنافسة تسعة أندية على البقاء بنقاط متقاربة ستشعل آخر جولتين، كل ذلك كفيل بأن يكون دورينا هو الأقوى. ناهيك عن التعثرات التي حصلت لفرق المقدمة مثل: الاتحاد والهلال والنصر والأهلي أمام فرق تعتبر أقل منها دعماً وإمكانيات، وتنافس على البقاء في الدوري في ظروف صعبة ومعقدة، كل ذلك كفيل بأن يكون دوري هذا الموسم هو الأقوى على أرض الواقع وليس بالكلام وكثرة الحكي. الاتحاد استحق لقب دوري روشن بجدارة واستحقاق، فالفريق كان يسير بخطى ثابتة وواثقة، بل رسمت إدارة نادي الاتحاد منهجية واضحة بالتركيز على بطولات هذا الموسم بعد اعتذارها عن المشاركة في البطولة الخليجية بهدف التركيز، وتحقق لها ما أراد، فقد حققت اللقب الأقوى وتنتظر اللقب الأغلى بعد عشرة أيام من الآن عندما تواجه فارس الموسم الجاري فريق القادسية على نهائي أغلى البطولات كأس خادم الحرمين الشريفين. وبعيداً عن تفاصيل النهائي المنتظر، فعلى الاتحاديين البدء من الآن في الحفاظ على مكتسبات الموسم الجاري، ومن أهمها الحفاظ على شخصية الفريق البطل، فالاتحاد كان واقفاً على قدميه هذا الموسم واستطاع في مباريات كثيرة أن يعود في الأوقات الصعبة ويرفض الخسارة، بل واستطاع أن يتفوق على جميع منافسيه من الأندية الكبار وتحديداً أندية الشركات، ويقول أنا الأول قولاً وفعلاً. دروس الماضي كفيلة بأن يستفيد منها الاتحاديون، وألا يسمحوا مرة أخرى بالعودة إلى مربع المشاكل والخلافات، وأن يكونوا يداً واحدة من أجل عميدها، فمستهدفاتهم المقبلة بعد تحقيق لقب الدوري هو الاتجاه نحو اللقب الآسيوي، ولن يعوق الفريق عن هذا اللقب سوى العمل عليه والتركيز فيه والبدء من الآن للاستعداد لتحقيقه وهو قادر على ذلك. ألف مبارك للاتحاد، وحظ أوفر للفرق المنافسة التي لم تحقق اللقب، ولكن إنجاز الاتحاد يجعلنا نتفاءل بموسم مقبل ساخن بجميع تفاصيله. نقطة آخر السطر: أتمنى أن يعي الاتحاديون أهمية المرحلة المقبلة وإغلاق ملف الرئاسة مؤقتاً حتى نهاية الموسم، وبعدها لكل حادث حديث، فالفريق المتعوب عليه هذا الموسم يستحق أن "يكوش" على كل البطولات، أيام بسيطة فقط.


عكاظ
منذ 4 ساعات
- عكاظ
«أحمدنا - أحمد عبدالحميد عباس» يرحمه الله
تابعوا عكاظ على نعم.. وقد تأخرت في التعبير والكتابة.. ولكنه الشتات الفكري الذي تسبب فيه سماع الفراق.. أو ربما أنه إنسان غير عادي في جمال الخلق.. بل وقد لا يوجد الكثير من أمثاله في أيامنا هذه.. وقد لا تجد أحداً بين لابتي المدينة يشكو «أحمدنا».. ولو تجرأ أحدٌ أيّاً كان في ذلك لما وجد له صديق في المدينة. اتصل بي من المدينة المنورة وكنت في جدة ليلة سفري إلى خارج المملكة وذلك قبل وفاته بأيام معدودة وكأنما كانت مكالمة مودع ليسألني: متى تأتينا؟ فأجبته قريباً فعقب: لا تتأخر. فكان آخر حديث لنا. وبعد أن أديت صلاة الفجر في مدينة ڤيينا بالنمسا، وأكملت ما تيسر من ذكر قبل وبعد الصلاة أمسكت بهاتفي لأتجمد عند رسائل العزاء في جاري وحبيبي في حي الخاتم بالمدينة المنورة ورفيقي في صلاة فجر كل يوم. ذلك الحبيب الذي كنت أتجادل معه في كيفية علاجه الذي لم يقبل كافة رجائي له بأن نرحل سويّاً غرباً كان أم حتى إلى مدينة جدة بحثاً عن علاج أوثق لمرض القلب الذي أحل به.. فيصمت غير راغب في الخروج من المدينة وكأني أسمعه يردد في صمت حديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أو بما معناه: من استطاع منكم أن يموت في المدينة فليفعل. وتوقفت أنفاسي لحظة بينما تجمد تفكيري، وهطلت دمعة حزن الفراق بينما تقطع صوتي قائلاً لزوجتي «مات» ثم لم أستطع القول بأكثر من «مات أحمد» فعرفت على الفور من عنيت في كلمتي هذه. وواله هي دمعة تأتيني متى أتذكره كل يوم. وبعد شيء من الهدوء قلت لها: لم أعرف إنساناً في أحبتي يتحلى بمثل ابتسامته الصافية وإقباله الخلوق وصدق حاله وصبره الجميل وجيرته الغنّاء وكرمه المتوالي وحلاوة لسانه وعطفه الحنون وعطر شيمته. وأديت صلاة الغائب عليه بعد فجر اليوم التالي لأراه في منامي في ثياب زاهية بيضاء مسروراً مشرقاً بابتسامته الجميلة المعهودة كأنه يتغنّى فيها بحاله ومآله الحديث.. وحمدت الله في ذلك.. وذهبت في تفكيري ولا أزال أذهب لأتذكر نماذج من علاقته معي بما لا يعلمه الآخرون.. والتي كونها آباؤنا في محبتهم بعضهم الآخر في الله. لقد عرفت قبله أخاه الوفي والخلوق إبراهيم يرحمه الله الذي ما أن يأتي ذكره معه إلا ويذرف دمعة صامتة.. ثم تزايد تواصلي مع «أحمدنا» إلى أن أسررنا إلى بعضنا الآخر في عديد من المسائل واستعنّى سويّاً بشيء من المشورة سواءً في ما يخصنا أم ما يخص بعض أحبائنا. وعندما أتغيب عن مجلسه لم يكن يسألني عن الغياب بل كان يوبخني كما فعل عند صلاة فجر في المسجد حيث نتجاور في الجلوس بصوت كسر به صمت المسجد: «ليش ما جيت المجلس البارحة؟» أذهلني ووقع في قلبي معنى حبه لي.. فما كان مني إلّا أن ضحكت مقهقهاً ومسروراً ومقدراً مشاعره نحوي فجاوبني بذات الضحكة مع ابتسامة أشرقت على محياه الجميل. ثم سألني: هل وصلك التمر الذي تحبه؟ فأجبته وكيف لا يكون وأنت التمر اللذيذ بجانبي. فهذه كانت عادة الجار يزود جاره بما يحب بين كل يوم وآخر. هذا حالي مع جاري وحبيبي في المدينة «علاقة تمرية في ثناياها وأطرافها وقالبها وقلبها». نعم.. فإن في الفراق ألماً وذكراً عطراً يغلفه الحب والدعاء المستمر له وغيره من الأحباء في سجدة كل فجر وفي كل يوم وفاءً وحبّاً لما يستحقه «أحمدنا» من صدق مشاعر. عزاؤنا فيه أننا نثق في أن محبة الله عز وجل له أكبر وأوفى من محبتي ومحبتنا له. أراجع ذكره في نفسي بينما أكتب هذه الكلمات ولا أزال خارج البلاد حين أنّي على ثقة في أن كثيراً من الأوفياء يتعاملون مع ذكره بالدعاء الطيب بأكثر مني. اللهم ارحم «أحمدنا» فأنت حبه الكبير الذي لا ينقطع. والمحبة تستمر في من عقب.. وهم يكنزون ثروة جميلة من محبة الأوفياء له رسمتها بسمته الجميلة في صدورهم. اللهم أجزل عطاءك الكريم في الجنات العلى في الفردوس الأعلى واجعله في معية سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، واجمعنا به في رفقة النبيين والصديقين والشهداء تحت ظل عرشك الكريم. أخبار ذات صلة فؤاد بن محمد عمر توفيق.