
عندما يؤثر القادَّة
تبدأ قصصُنا منذ نعومة أظفارنا، ومنذ تلك اللحظة الأولى التي نتنفس فيها الحياة. هي حياةٌ نقود فيها المشاعر والأحاسيس، ونسير فيها بالأحداث، ونوجّه فيها القلب والذات، وكلّ جزءٍ فينا يتأثر بتقلبات الحياة. فمن شبّ على «خصالٍ إداريةٍ مثلى» في بيئةٍ متميزةٍ تُشجّع على الإبداع والعطاء، وتعزّز التعايش المجتمعي والتواصل مع الآخرين، فقد استطاع أن يكون مؤثراً في مجتمعه، قادراً على جذب الانتباه، وصناعة الأثر المتبادل.
ما دفعني لتسليط الضوء على هذه المعاني، هو ذلك الحدث الأبرز والأجمل، الذي صاحبه أجمل الأثر في الفترة الأخيرة؛ الحضورُ الفخم لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المُعظَّم، حفظه الله ورعاه، إلى مدينة شباب 2030، برفقة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، وسمو الشيخ خالدبن حمد آل خليفة، النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، رئيس الهيئة العامة للرياضة، رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية. لقد كان لهذا الحضور المؤثر أصداء إيجابية جميلة في نفوس الشباب الذين استثمروا هذه الفرصة، لالتقاط أجمل الصور مع جلالته ونجليه، في أجواء «عفوية» بسيطة، تعبّر عن سِمَة أصيلة من سمات «القادة» الذين يتركون أثرهم فيمن حولهم، بأسلوبهم المتفرّد، وقدرتهم على التأثير العميق.
إن هذه الزيارة العفوية التي قام بها جلالة الملك المُعظم، حفظه الله ورعاه، أرست – بلا شك – قيم المواطنة، وحب الوطن والقيادة، وعززت روح الانتماء، بأسلوبٍ بسيطٍ يحمل في طيّاته تقديراً بالغاً للشباب ولكافة المبادرات الشبابية، التي باتت اليوم تمتزج بخبرات الكبار الناضجة، لتُثمر مشروعاً وطنياً واعداً، يُسهم في نهضة الوطن ورفعته. وما أحوجَنا اليوم إلى مثل هذه الروح الجميلة، حين يشارك القائد شعبه لحظات الفرح، مع أولئك الذين بذلوا جهدهم وضحّوا بأوقاتهم من أجل الوطن، ومع نغمات الشباب وتوقهم إلى العطاء. إنها لحظة تقدير وتأسيس لمسار وطني جميل، يقوم على المحبة المتبادلة، وبثّ روح الفرح والتفاؤل. كل هذه البشائر والملامح وجدتها منعكسة في العديد من الصور التي التقطها الشباب مع جلالة الملك، حفظه الله ورعاه، بعفويةٍ صادقةٍ، وامتزاجٍ جميلٍ للمشاعر بحب الوطن والقيادة والعطاء.
ومن هنا تتجلّى تأثيرات القيادة الناضجة، التي تتجسّد أيضاً في أسلوب سمو الشيخ ناصربن حمد آل خليفة، الذي يمتاز بطابعٍ شبابيٍّ متفرّد، يمزج بين الأحاسيس والعفوية، والقدرة على التأثير والاستجابة للمجتمع ومختلف المواقف. في إحدى الاحتفالات الرسمية البهيجة، التي رعاها سموه لتكريم أبناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، وقف بعفويته على خشبة المسرح، وهو يستمع إلى كلمات الطالب الصغير مقدِّم الحفل، ثم ختمها بصورة «سيلفي» مع الطالب والجمهور، وطلب من الحاضرين الانتباه إلى موقع الكاميرا. عفويةٌ امتزجت بجبر الخواطر، وبالاقتراب من القلوب، وبالتأثير العاطفي مع جميع الحاضرين. مشهدٌ آخر لا يُنسى، حين تكرّرت صور «السيلفي» العفوية مع جلالة الملك المعظم ومع الشباب في مدينة الشباب، ومع لقاءات أخرى، تعبّر عن حبٍ صادق لإسعاد المجتمع.
القيادة اليوم لم تَعُد مجرّد «مناصب» يجلس أصحابها على كراسي الأوامر والنواهي، والغوص في التدقيق الممل، والرقابة اللصيقة، والبيروقراطية المرهقة، بل أصبحت القيادة «منهج حياة متبادلاً»، وأسلوباً راقياً لصون البيئة النفسية لكل فردٍ في المجتمع. القيادة المعاصرة تعني الاحترام والتأثير المتبادل، والقدرة على اكتشاف المواهب، واحترام خصوصيات الآخرين، وتقدير الخبرات الناضجة التي تحمل أثراً إيجابياً كبيراً في بيئة العمل والمجتمع، عبر الارتقاء والتطوير المستمر.
يقول نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «علّمتني الحياة أن الإرث الحقيقي لأي قائد في أي مؤسسة هو صناعة الرجال، وترسيخ ثقافة الإخلاص، وبناء روح الفريق، وغرس بذور التجديد والابتكار. نفتش عن قادة يُحرّكون الجبال، ويقودون التغيير، ويصنعون المستقبل؛ همّتهم في السماء، وطموحاتهم تُعانق النجوم. علّمتني الحياة أن القائد الحقيقي يصنع قادة، والمؤسسة الحقيقية هي التي تصنع ثقافة تتيح لأفرادها النمو. ليس قائداً من يختزل المؤسسة في نفسه! إن المؤسسات نوعان: مؤسسات القائد الواحد الأوحد، ومؤسسات الفريق الواحد المُتعاضد. الأولى مؤقتة، والثانية دائمة». ومن هنا، يتضح التأثير القيادي لمن يترك بصمات خالدة في مجتمعه، فهو يعمل من منطلق الحب والإحساس، ويحرص على توفير فرص حقيقية للتطوير والتغيير والارتقاء، ويشجع على الإبداع، ويتعامل بثقة، ويكسر أحياناً كثيرة قواعد البروتوكول لأجل تعزيز ثقافة التقدير. وقد عبّر عن هذا المعنى الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله – حين قال: «لا أنسى، ما حييت، وداع البحرين المؤثر. كسر الأمير الشيخ عيسى – رحمه الله – كل قواعد البروتوكول. أقام مأدبة كبرى تكريمًا لي، ولم يسبق لأي سفير أن كُرِّم على هذا النحو. منحني وسام البحرين، ولم يُمنح هذا الوسام لأي سفير من قبل». إن مثل هذه اللفتات الجميلة والمواقف النبيلة، تُحدث أثراً بالغاً في نفوس من تُوجّه إليهم، وفي الوقت ذاته، يكون لها صدى محمود لدى الجميع، الذين يُقدّرون هذه الإشارات الرمزية، ويُسهمون في تعزيز أثرها الإيجابي. القائد النبيل المؤثر هو من يؤمن بالفكرة، ويشجع المبدعين على تنفيذها دون تردد، إذا لمس فيهم النضج والخبرة، ورأى أثرهم المستدام في مجتمعه.ومضة أملجزى الله سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة خير الجزاء، على قربه من الشباب، وتشجيعه للمبادرات الوطنية، ورعايته للإبداع والابتكار، واحتضانه للمتميزين. ومن خلفه، لا شك، فريق متميز يُنفّذ الأفكار بلا تردد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ يوم واحد
- البلاد البحرينية
استمرار فعاليات موسم ناصر بن حمد لرياضات الموروث البحري بإقامة مسابقة الهير
تتواصل نهاية هذا الأسبوع فعاليات النسخة الثامنة من موسم ناصر بن حمد لرياضات الموروث البحري، الذي انطلق الشهر الماضي وسط أجواء حماسية بمسابقة السباحة في المياه المفتوحة، حيث يستعد عشاق التراث البحري لخوض غمار واحدة من أعرق وأجمل المنافسات التقليدية، وهي مسابقة الهير (استخراج المحار بالمعدات الحديثة)، المقررة إقامتها في منطقة هير شتية البحرية بمشاركة عشرات من الغواصين الهواة والمحترفين. وتمثل هذه المسابقة محطة بارزة في جدول فعاليات الموسم، إذ تقام على شوطين، يحملان اسم سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية. وتستقطب المسابقة كل عام نخبة من الغواصين الذين يسعون لإظهار مهاراتهم في رياضة الغوص واستخراج اللؤلؤ التي كانت مهنة الآباء والأجداد وارتبطت بتاريخ البحرين العريق. وفي هذا السياق، أكد السيد أحمد راشد الهاجري رئيس تنظيم المسابقة، أن هذه الفعالية تحمل قيمة تراثية وثقافية عالية، مشيرًا إلى أن البحرين كانت على مر القرون مركزًا عالميًا لتجارة اللؤلؤ الطبيعي، وأن الغوص على اللؤلؤ شكل ركيزة أساسية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لأبناء المملكة. وقال: "إن مسابقة استخراج المحار ليست مجرد سباق في عمق البحر، بل هي رحلة إلى ذاكرة البحرين البحرية العريقة نسعى من خلالها إلى إحياء إرث الأجداد، وتعريف الأجيال الجديدة بقيمة اللؤلؤ الذي كان مصدر فخر ورزق لأهل البحرين". وأضاف: "كما نحرص على أن يشعر المشاركون والجمهور بروح الأصالة التي تميز هذه الحرفة، ونأمل أن تسهم المسابقة في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على الموروث البحري". وتعتمد المسابقة على مهارات الغواصين في النزول إلى أعماق البحر وجمع المحار، ليتم لاحقًا فرزه واستخراج اللآلئ إن وجدت. وتعد منطقة هير شتية في المياه الإقليمية لمملكة البحرين من أشهر مواقع الغوص التقليدي لما تتميز به من بيئة بحرية غنية. ويواصل موسم ناصر بن حمد لرياضات الموروث البحري، الذي أصبح علامة بارزة في الأجندة الرياضية والثقافية للمملكة، تقديم سلسلة من المنافسات التي تجمع بين الرياضة والتراث، بما في ذلك سباقات التجديف الشعبي ومسابقة صيد الأسماك (الحداق)، ومسابقة كتم النفس، ومسابقة السباحة في المياه المفتوحة للصغار، بالإضافة إلى مسابقة جديدة تحمل اسم النهام، بما يؤكد أن البحرين ما زالت وفية لجذورها البحرية العميقة، وفي الوقت نفسه منفتحة على تجديد هذا الموروث بأسلوب يواكب العصر ويحافظ على الأصالة.


البلاد البحرينية
منذ 2 أيام
- البلاد البحرينية
مجلة "أوراق سينمائية" تطلق عددها الجديد "صيف 2025"
أعلن نادي البحرين للسينما عن صدور العدد الجديد "صيف 2025" من مجلته الفصلية "أوراق سينمائية"، بنسخة متجددة ومنصة رقمية عصرية، تحت إشراف وتحرير الزميل الكاتب أسامة محمد الماجد. يعد هذا الإصدار إضافة نوعية للمشهد الثقافي والسينمائي، ويقدم محتوى غنيًا ومتنوعًا يلبي شغف المهتمين بالسينما والفنون البصرية. يتضمن العدد فصولًا ثرية تُسافر بالقارئ في عوالم النقد والتحليل والحوارات المتعمقة: فصل "أفلام": رؤى نقدية وتحليلات فنية "قاسم حداد.. هزيع الباب الأخير.. تحطيم النظرة التقليدية للسينما الواقعية" بقلم أسامة الماجد: قراءة نقدية متعمقة للفيلم الوثائقي الذي أخرجه الفنان خالد الرويعي عن قامة الشعر البحريني قاسم حداد، مسلطًا الضوء على رؤية الفيلم في كسر النمطية السائدة. The red virgin "الحرية التي تلتهم أبنائها.. والخلاص الذي ينحر أحلامهم" بقلم سعاد عوض الله: تحليل شيق لفيلم المخرج الإسباني باولا أوتيز. مراجعة للجزء الأول من مراجعة مطولة بعنوان "الجزيرة" للكاتب والشاعر السعودي عدنان المناوس: نظرة فاحصة على الفيلم الكوري "الجزيرة"، وهي مقتطف من كتابه "كيم كي دوك.. مخرج العنف المنبوذ". فصل "رؤية": "معركة الأدب والسينما": قضية الفن الأزلية يتناول الكاتب أسامة الماجد في مقاله الهام "معركة الأدب والسينما.. قضية باقية في موقع الصدارة في كل المجتمعات" قضية تحويل الأعمال الأدبية إلى أعمال سينمائية، ويستعرض وجهات نظر الأدباء المختلفة تجاه هذه العملية. منارة الإسكندرية.. في مديح السينما القصيرة يقدم الفنان محمد حداد قراءة آسرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، الذي أقيم في الفترة من 27 أبريل إلى 2 مايو الماضي، بعنوان "الإسكندرية.. منارة للحب أيضًا.. في مديح مهرجان الإسكندرية السينمائي للفيلم القصير". فصل "حوار" يتضمن العدد حوارًا مطولًا أجراه الكاتب أسامة الماجد مع عمار زينل، نائب رئيس نادي البحرين للسينما، يسلط الضوء على أبرز محطات النادي وإنجازاته، بالإضافة إلى خططه المستقبلية الطموحة.


البلاد البحرينية
منذ 4 أيام
- البلاد البحرينية
"روقان" جديد السورية نسرين طافش
أطلقت الفنانة السورية نسرين طافش أغنيتها الجديدة "روقان" عبر قناتها على يوتيوب، لتُعلن من خلالها عودتها إلى الساحة الغنائية بعد غياب دام سنوات. الأغنية تحمل طابعاً صيفياً خفيفاً، بإيقاعات مبهجة ونغمة مرحة تنشر طاقة إيجابية، ما أثار تفاعلاً واسعاً من جمهورها على مواقع التواصل. شاركت طافش مقطعاً من الكليب عبر إنستغرام، مرفقاً بجزء من كلمات الأغنية، لتنهال التعليقات التي عبّرت عن إعجاب الجمهور بالأجواء المفرحة، إذ كتب أحد المتابعين: "دخيل هالصوت، كلها بهجة وفرح"، بينما قال آخر: "قلبي كان محتاج يسمع هيك أغنية، الله يسعدك على هالروقان". وتصدرت "روقان" مؤشرات البحث في عدد من الدول العربية، ما يعكس صدى الأغنية الخفيف وسهولة انتشاره. وتُعد هذه الأغنية أول عمل غنائي لطافش منذ ألبومها "الحلوة" الصادر في 2019، الذي شكّل انطلاقة بارزة لها في عالم الغناء، وها هي تعود مجدداً بإطلالة موسيقية تُعزّز حضورها الفني.