
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعيد التوازن لعلاقة الدائن والمدين؟
في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده القطاع المالي في المملكة، تبرز مبادرات تقنية محلية ليس فقط كأدوات لتحسين الكفاءة، بل كمحاولات جادة لإعادة صياغة المفاهيم السائدة، وتحديدًا تلك المتعلقة بالعلاقة المعقدة بين الدائن والمدين.
منصة «إبراء»، وهي شركة سعودية ناشئة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنية العميقة في مجال تحصيل الديون، تقدّم نموذجًا مبتكرًا يتجاوز الأتمتة التقليدية. لا تنطلق المنصة من الدين كأولوية، بل من الإنسان نفسه؛ فالمتعثر في السداد ليس هدفًا للملاحقة، بل طرف في علاقة مالية تحتاج إلى إعادة تنظيم وتقدير للظروف المحيطة به.
ما يميز «إبراء» هو أنها تعتمد على فلسفة تحترم السياق والسلوك الفردي، وتترجم هذه الفلسفة في كل تفصيل من تفاصيل المنصة، من طريقة التواصل وتوقيت الرسائل، إلى اللغة المستخدمة في المخاطبات. فالتأخير في السداد – بحسب مقاربة المنصة – لا ينبع بالضرورة من سوء نية، بل غالبًا ما يكون نتيجة لتعقيدات شخصية أو ظرفية.
وتستند المنصة في عملها إلى أنظمة تعلم آلي تحلل البيانات السلوكية إلى جانب البيانات المالية، لفهم طبيعة تفاعل المستخدم: هل يفضّل التواصل في الصباح أم المساء؟ قبل الراتب أم بعده؟ عبر الهاتف أم الرسائل النصية؟ هذه المعلومات تُمكّن «إبراء» من اختيار لحظة التواصل الأنسب، لتكون جزءًا من الحل لا سببًا في تأزيم العلاقة. وقد أدت هذه الاستراتيجية، بحسب بيانات الشركة، إلى تقليص معدلات الشكاوى، وزيادة نسب الاستجابة بشكل ملحوظ.
وعلاوة على استخدام التقنية، تتيح المنصة واجهة استخدام تضع العميل في مركز القرار. فيستطيع الاطلاع على تفاصيل مديونيته، تصحيح بياناته، واختيار الطريقة الأنسب للسداد، سواء دفعة واحدة أو عبر خطة مجدولة أو حتى تأجيل بشروط محددة. هذا التحوّل من "فرض الحل" إلى "اقتراح الخيارات" أسهم في خلق نمط تفاعلي جديد، أكثر مرونة واحترامًا للطرف الآخر.
لكن الجانب التقني ليس وحده ما يُميز «إبراء». فثمة بعد ثقافي واجتماعي بارز في التجربة، لا سيما في بيئة مثل السوق السعودي، حيث لا تزال مسألة الديون محاطة بحساسيات اجتماعية ومخاوف قانونية. وفي هذا السياق، تؤكد «إبراء» على أن التحصيل يمكن أن يكون حوارًا، لا مواجهة، وأن من حق الفرد أن يُعامَل باحترام، حتى وهو يمر بأزمة مالية.
وقد بدأت هذه الفلسفة تنعكس على سياسات بعض الجهات التمويلية، التي باتت تتبنى أدوات أكثر مرونة في إدارة العلاقة مع العملاء، بما يتوافق مع الأنظمة والضوابط المعتمدة في المملكة، دون الإخلال بحقوق الأطراف.
وبينما تتوسع «إبراء» في السوق المحلي، فإنها تُعيد صياغة مفهوم التحصيل ذاته، من مهمة إجرائية إلى ممارسة قائمة على التواصل والتفاهم. ومن علاقة فوقية تقليدية، إلى علاقة متوازنة تراعي مصالح الطرفين، وتعمل ضمن إطار قانوني شفاف لا يُهدر حق الدائن، ولا يُغفل احترام المدين.
تجربة «إبراء» تنسجم بشكل واضح مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى بناء قطاع مالي مبتكر وفعال، لا يكتفي بتقديم المنتجات والخدمات، بل يعيد تصميم تجربة العميل كاملة، ويمنح الأولوية للفهم والتفاعل الإنساني.
وبهذا، تفتح «إبراء» بابًا واسعًا للنقاش حول طبيعة العلاقة بين الإنسان والنظام المالي. علاقة لا تقوم فقط على الأرقام، بل على الفهم والسياق. وهي تجربة لا تهدف فقط إلى تحسين الأداء، بل إلى بناء مناخ من الثقة والتعاون المستدام.
وقد تكون هذه التجربة بداية لتوسيع هذا النموذج في مجالات أخرى، حيث تتقاطع التقنية مع السلوك البشري، وتحتاج إلى حلول أكثر إنسانية وذكاء. فـ«إبراء» ليست مجرد منصة تحصيل، بل جزء من حركة أوسع تعيد تشكيل لغة التمويل، وتجعل من الذكاء الاصطناعي أداة للفهم والمقاربة، لا أداة للضغط والسيطرة.
وسواء انتشر هذا النموذج على نطاق أوسع أم لا، فإن التجربة تفتح أفقًا جديدًا، وتطرح تساؤلات تستحق التأمل، حول كيف يمكن للتقنية أن تُسهم في بناء علاقات مالية أكثر عدالة وإنسانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
منذ ساعة واحدة
- مجلة هي
مدونة أصوات.. مشروع سعودي فريد يحول اللهجات إلى كنز رقمي خالد
في عصرٍ باتت فيه اللغة مادة خام لصناعة المستقبل، تخرج إلينا "مدونة أصوات" كمشروع سعودي طموح لا يكتفي فقط بالحفاظ على الهوية، بل يُعيد تقديمها من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة. أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية هذا المشروع ليكون أول مدونة صوتية لغوية تمثّل المجتمع السعودي بصوته الحقيقي، ولهجاته المتنوعة، وتوثّق اللغة كما تُنطق على الأرض، لا كما تُكتب فقط على الورق. ما هي مدونة أصوات؟ مدونة أصوات ليست مجرد مكتبة تسجيلات للهجات، بل مشروع علمي متكامل يُبنى بمنهجيات دقيقة، ويهدف إلى تفريغ اللغة المنطوقة كتابيًا، مع تحليلها صرفيًا ونحويًا ودلاليًا. تسعى هذه المدونة إلى تمثيل مختلف أطياف المجتمع السعودي، من الأطفال إلى كبار السن، رجالًا ونساءً، من خلال تسجيلات تُستقى من الحياة اليومية، مثل وصف الأطعمة، الحديث عن العادات والتقاليد، أو حتى سرد القصص. ومن خلال هذه المقاطع الحية، تُبنى قاعدة بيانات غنية وموثوقة تُسهم في تقديم صورة دقيقة عن اللغة المحكية في المملكة. مدونة أصوات هي خريطة لغوية تنبض بالحياة في ربوع المملكة خريطة لغوية تنبض بالحياة تتوزع عملية جمع البيانات الصوتية على أكثر من 40 نقطة جغرافية في أنحاء المملكة، في مشروع ضخم يشبه رسم خريطة صوتية حقيقية للمجتمع السعودي. كل نقطة تمثل لهجة، وكل لهجة تمثل ذاكرة، وكل تسجيل يحمل نكهة المكان وروح المتحدث. بهذا التنوع، تتيح المدونة فرصة لا مثيل لها لفهم التباين اللغوي داخل المملكة، وتوثيق اللهجات قبل أن تذوب في موجات العولمة. هنا يتحول الصوت من مجرد أداة تواصل إلى وقود لتقنيات المستقبل. "مدونة أصوات" لا تكتفي بالتوثيق، بل تسعى إلى خدمة مطوري الذكاء الاصطناعي والباحثين في اللغويات الحاسوبية، من خلال تقديم بيانات دقيقة قابلة للقراءة الآلية. هذه البيانات يمكن استخدامها في تطوير تقنيات مثل الإملاء الصوتي، والتعرف على اللهجات، وبناء المعاجم الإلكترونية، وتحليل الفروقات بين الفئات العمرية والمناطق المختلفة، وهو ما يمثل قفزة حقيقية نحو ذكاء اصطناعي يفهم ويتكلم "سعودي" هذا المشروع يستهدف الباحثين والمهتمين باللغة واللهجات، من الأكاديميين وصناع المعاجم، إلى المختصين بالتخطيط والسياسات اللغوية، وصولًا إلى المهندسين والمبرمجين الذين يعملون على تطوير أدوات ذكية تتعامل مع اللغة. فبفضل المعايير العالمية التي تتبعها المدونة مثل (CODA) و(TEI)، بات بالإمكان بناء أدوات دقيقة ومفيدة تنقل اللهجات من البيئات الشفهية إلى منصات التقنية والبحث. مدونة أصوات.. مشروع سعودي فريد يحول اللهجات إلى كتز رقمي خالد الرؤية أعمق من مجرد تسجيل في العمق، تتماشى مدونة أصوات مع رؤية السعودية 2030، وخصوصًا ضمن أهداف برنامج تنمية القدرات البشرية. فهي لا تهدف فقط إلى حفظ اللهجات، بل إلى توظيفها كأداة تعليمية، بحثية، وتقنية في آن واحد. إنها خطوة نحو تعزيز مكانة اللغة العربية عالميًا، وتوسيع استخدامها في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتحقيق توازن بين المحافظة على الأصالة والانطلاق نحو المستقبل. منصة "فلك": البوابة إلى هذا الكنز كل هذه الجهود تُرفع إلى منصة "فلك" للمدونات اللغوية، وهي بوابة مفتوحة للباحثين والمهتمين يمكن من خلالها الوصول إلى المادة الصوتية، دراستها، تحليلها، أو حتى المساهمة بإضافات جديدة. وكأن المنصة تقول: "صوتك له مكان هنا… وله قيمة علمية عظيمة". حين يتحوّل الصوت إلى هوية رقمية "مدونة أصوات" ليست مشروعًا عابرًا، بل وثيقة حيّة تنبض بتفاصيل الحياة اليومية، وتحفظ اللهجات من الضياع، وتمنح الباحثين والمطوّرين نافذة لفهم المجتمع السعودي بعمق لم يكن ممكنًا من قبل. هي مشروع لغوي، ثقافي، تقني، وإنساني في آن واحد، يهمس لنا أن الصوت، إذا ما اعتُني به، يمكن أن يكون أكثر من مجرد كلام… يمكن أن يكون علمًا، وذاكرة، ومستقبلًا. مدونة أصوات.. مشروع سعودي ملهم للحفاظ على الهوية السعودية الأصيلة

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
قائمة أكثر التطبيقات نهماً للبيانات في 2025
كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة Apteco عن قائمة تضم أكثر من 90 تطبيقاً شهيراً على متجر "أبل"، لمعرفة مدى شراهتها في جمع البيانات المرتبطة مباشرة بهوية المستخدمين. وأظهرت الدراسة أن معظم التطبيقات الشائعة تمتص كمّاً هائلاً من المعلومات، ما يجعل فهم أذونات التطبيقات والتحكم بإعدادات الخصوصية ليس ترفاً، بل ضرورة حيوية. "ميتا".. عملاق البيانات بلا منازع تصدر "فيسبوك" و"إنستغرام" و"ثريدز"، جميعها من مظلة شركة ميتا، القائمة باعتبارها أكثر التطبيقات استهلاكاً للبيانات في عام 2025. ويجمع كل من "فيسبوك" و"إنستغرام" 156 نقطة بيانات شخصية لكل مستخدم، فيما يأتي "ثريدز" خلفهما بـ154 نقطة، بحسب تقرير نشره موقع "androidheadlines" واطلعت عليه "العربية Business". هذا التناسق ليس مصادفة، بل استراتيجية مدروسة لجمع معلومات دقيقة تُغذي خوارزميات الاستهداف الإعلاني والتحليل السلوكي، لتتحوّل بياناتك إلى ذهب رقمي يدرّ الأرباح. التطبيقات لا تقتصر على التواصل الاجتماعي فقط ليس التواصل الاجتماعي وحده مَن يتعطّش للبيانات، فقد كشفت الدراسة عن تطبيقات من فئات مختلفة تتنافس على جمع المعلومات: المساعدات الذكية: يتصدرها "أمازون أليكسا" بـ 115 نقطة بيانات، يليه مساعد "غوغل" بـ 56. الترفيه: يجمع "أمازون برايم فيديو" 64 نقطة. العمل والتوظيف: يجمع "لينكد إن" 124 نقطة بيانات. الخدمات المالية: جمع "باي بال" 72 نقطة، وKlarna" 69". في المقابل، برزت بعض التطبيقات مثل "بوكينج" و"ريديت" و"NHS Couch to 5K" بجمع "صفر" بيانات مرتبطة، ما يدل على إمكانية تطوير تطبيقات باحترام أكبر لخصوصية المستخدم. ما الذي تريده هذه التطبيقات منك بالضبط؟ الدراسة صنّفت أنواع البيانات الأكثر جمعاً لتشكّل ما يُشبه "البصمة الرقمية" الخاصة بك: معلومات الاتصال: الاسم، الهاتف، العنوان، تم جمعها 667 مرة. المعرّفات الرقمية: مثل معرفات الحساب والأجهزة، جُمعت 546 مرة. بيانات الاستخدام والسلوك: كل نقرة، تمرير، مدة استخدام، جُمعت 469 مرة. هذه البيانات تُدمج بدقة لإنشاء ملف شخصي غني يُستخدم للإعلانات الموجّهة والتوصيات الذكية، وكل ذلك بهدف تحقيق أرباح من انتباهك واهتماماتك. كيف تحمي نفسك في هذا العالم المترابط؟ معرفة ما يجري خلف الكواليس خطوة أولى نحو استعادة السيطرة على خصوصيتك. إليك بعض النصائح العملية: - احذر مشاركة البيانات الحساسة مثل المعلومات المالية أو الصحية. - راجع أذونات التطبيقات بانتظام وقلّص ما لا حاجة له. - فعّل إعدادات الخصوصية داخل التطبيقات وأنظمة التشغيل. - تخلّص من التطبيقات غير الضرورية لتقليل حجم البيانات المكشوفة. - ابقَ على اطلاع بآخر تطورات الخصوصية وقوانين حماية البيانات.


العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
"FXPro" للعربية: صعود الدولار جراء ضربة إيران لن يدوم
قال كبير محللي الأسواق المالية في شركة FXPro ميشال صليبي، إن الارتفاع الذي شهده الدولار الأميركي في جلسة الجمعة هو ردة فعل طبيعية ومؤقتة على التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، لكنه لا يعكس بالضرورة استعادة الدولار لدوره التقليدي كعملة ملاذ آمن. في مقابلة مع "العربية Business"، أوضح صليبي أن تركيز المستثمرين على المخاطر الجيوسياسية أدى إلى ارتفاع مؤشر الدولار وعوائد سندات الخزانة الأميركية. ولكنه أشار إلى أن ضعف الاقتصاد الأميركي يجعل الذهب والفرنك السويسري والين الياباني خيارات أكثر استقراراً. أكد: "صحيح أن الدولار ارتفع بفعل التوترات في الشرق الأوسط، لكن على المدى الطويل، الأسواق تقيّم ضعف الاقتصاد الأميركي والتضخم الضبابي، ما يجعل الملاذات الأخرى أكثر إقناعًا للمستثمر." أضاف أن طول أمد الحرب قد يكون في صالح استمرار ارتفاع مؤشر الدولار.